ملفات خاصة

 
 
 

«الفستان الأبيض»…

نوستالجيا الصورة وورطة تكرار الموضوع

رامي عبد الرازق

الجونة السينمائي

الدورة السابعة

   
 
 
 
 
 
 

عادة ما تعتني الأفلام جيدة البناء باللقطة الأولى أو المشهد الأول الذي يمكن أن نتوقف في أي مرحلة أو فصل أو مشهد من الشريط ونجد أنه يرتبط بها عضويا دون افتعال أو مباشرة، هذا المنهج حاول اتباعه فيلم «الفستان الأبيض»، المشارك حاليًا في مسابقة الأفلام الروائية بمهرجان الجونة السينمائي، لكن التحليل يكمن في سؤال: هل نجح في مسعاه؟

يبدأ «الفستان الأبيض» بمشهد لوردة (ياسمين رئيس) بينما تقف لتمارس عملها في أحد المطاعم الشعبية، نراها أمام قلاية البطاطس تضع الشرائح في الزيت المغلي، وبين دخان القلي الساخن تتابع على الإنترنت تصميمات فساتين الزفاف البيضاء بمختلف الأشكال.

 في فيلمها الروائي الأول، تقدم لنا المخرجة والكاتبة جيلان عوف عالم «وردة»، الشابة الجميلة ابنة الطبقة الدنيا، الطبقة الأكبر عددا وانتشارًا في المجتمع المصري، تلك الطبقة التي تواجه خشونة وقسوة الحياة والضغوط الاقتصادية إلى حدود مأسوية. وردة وطبقتها يمثلون البطاطس المقلية في زيت المعاناة الاقتصادية الملعونة. تحمل على كتفيها الصغيرين ميراث عفن من السياقات التي تقدس نظرة الناس والشكل العام والضرورات الفارغة المعنى، تمثلها الأم سلوى محمد علي التي تؤنب ابنتها طوال الوقت على تأخرها في إحضار الفستان الأبيض، في ظل أزمة حضارية واجتماعية طاحنة، ووسط مجتمع استطاع أن يحول بديهيات (الحياة الكريمة) أو الطبيعية (كالحب والزواج) إلى أهداف من الصعب أن تتحقق دون أن يقفز الراغب في تحقيقها عبر حلقات مشتعلة كأنه لاعب في سيرك شعبي رخيص، مع احتمالية أن تطاله النار في كل الأحوال.

تلتزم المخرجة بوحدة الزمان والمكان والموضوع، فالزمان هو يوم وقفة العيد قبل موعد زفاف وردة بيوم، والمكان هو القاهرة؛ النموذج الدنيوي لعاصمة جهنم بكل تفاصيلها التعيسة والمربكة. والموضوع هو رحلة البحث عن الفستان الأبيض التي تخوضها وردة مع وصيفتها الدرامية بسمة – أسماء جلال في قفزة أدائية جيدة تحسب لها سينمائيا.

بالطبع دلالات الأسماء لا تحتاج إلى تفكيك! فالبطلة في ظل معاناة البحث عن الفستان في ليلة العيد، ذروة موسم الزواج في مصر، هي وردة وسط ركام القلق والإحباط، وبسمة بخفة ظلها ولطافتها وحجابها «المودرن» وشعبيتها الطريفة هي الصفيّة وحاملة لواء تخفيف حدة المعاناة على البطلة.

التزمت جيلان كذلك بالمبدأ الكلاسيكي في رؤيتها الواقعية للحكاية، حيث يخلق هذا القدر من الالتزام حالة التراكم الشعوري والنفسي المراد أن يصل الأبطال إليه في رحلتهم؛ إما صعودا نحو المواجهة، أو هبوطًا نحو الفشل، أو الوصول إلى توازن التحقق النسبي.

تحاول جيلان أن يبدو فيلمها «مشغولًا» أي متداخل التفاصيل بشكل يصنع منه نسيجًا مركبًا وزُخرُفًا دراميًا وحواريًا، ومشغول بمعنى الانشغال بالقضايا الاجتماعية التي تعاني منها شريحة وردة وطبقتها المطحونة اقتصاديًا.

يحتوي بناء الفيلم على قدر لا بأس به من التفاصيل التي تدعم خلفية الحكاية، بل ربما تخلق تلك التفاصيل نفسها الحكاية. على سبيل المثال تعكس افتتاحية الفيلم مدى هوس الأم بمسألة نظرة الناس إلى ابنتها وفرح ابنتها بداية من جلبها لمصور لكي يصور الخراف في الشارع، التي يُفتَرَض أن تُذبح يوم العيد، صبيحة الفرح- مرورًا بتندرها على ذهاب العروس لاستلام فستانها من الجمرك ليلة الزفاف رغم أنه «فستان صيني» دون أن تدري بالطبع أنها تتعرض للخديعة من ابنتها التي لم يتمكن عريسها من شراء الفستان. وصولا إلى طلبها أن تضع الابنة بعض المكياج في طريقها للخروج لأن الناس تحب أن ترى العروس ملونة دائما.

ولكن بمجرد خروج وردة وبسمة إلى الشارع أو الشوارع في رحلة البحث وبعد انتهاء الافتتاحية المتقنة على مستوى الشكل والإيقاع تبدأ أزمة الفيلم في الظهور تدريجيًا على سطح محطات الرحلة.

في تجربتها الأولى لا تتمكن جيلان من تأجيج روح المغامرة بشكل يشد حاسة التلقي إلى مذاق جديد أو مختلف، تدخلنا التجربة في حالة ارتداد إلى الثمانينيات، حين ظهرت موجة الواقعية الجديدة في السينما المصرية، وما تلاها من تجارب شكلت ميراث الواقعية الحميمي والأصيل، تدور رحلة وردة ما بين «كومباوند» حيث تعمل خالتها – أم بسمة- في قصر صغير يعكس حجم التفاوت الطبقي الرهيب بين طبقة وردة وهؤلاء الذين يسكنون في كوكب آخر، ممنوع فيه التصوير حتى لا تتعرض فخامته للخدش من قبل من هم خارج البوابات، البوابات التي يقف عليها شباب مثل الورد بمؤهل عالي ونفس دفعة وردة التي درست صحافة، ولكن انتهى بها الحال أمام قلاية البطاطس المشتعلة بزيتها الرخيص.

ومن «الكمبوند» إلى الجاليري الفخم في الزمالك، ومنه إلى كوافير شعبي، إلى منزل أسرة فقدت عائلها – وهو مشهد غير مفهوم وغير منطقي أو مقنع- ومنه إلى زفة شعبية في الشارع تنبثق فجأة من الفراغ وهي زفة لصديقة من أصدقاء وردة، ولا ندري لماذا لم تلجأ لها من البداية كي تستعير منها الفستان، والذي نكتشف أنه ليس أبيض، ولكنه وردي وبالتالي لا يصلح للدخلة لأسباب تتصل بالعادات والمفاهيم الشعبية، وصولًا إلى مؤجرة اكسسوارات السينما التي تمنح البطلة ووصيفتها فستانًا بالفعل، ولكنهما تتعرضان لتجربة تحرش مؤلمة وشديدة الافتعال والركاكة أداءً وتصويرًا وصياغة.

هكذا يريد السيناريو للرحلة أن تبدو من الأعلى إلى الأسفل، وكأننا نهبط إلى قاع الجحيم مع البطلة، وهو بناء جيد بالمناسبة على مستوى الشكل لكن أزمته الحقيقة في محتوى المحطات نفسها وأسلوب التعاطي معها الذي يفتقد إلى قدر كبير من التماسك والروح والتأثير

نحن أمام فيلم يبدو وكأن القضايا التي شغلت جيل الواقعة وما بعده لم تتغير – وهي حقا لم تتغير كثيرًا، ولكن الاعتماد على أسلوب المواجهات الكلامية العنيفة والتي يراد بها خلق جمل انفجارية تعبر عن أزمات الشخصيات وما تمثله من نماذج اجتماعية، جاء نمطيا جدا وهو تنميط انتقل غصبًا إلى الشخصيات نفسها فصارت نمطية، مكررة، تشبه شخصيات أخرى وشوارع أخرى وفساتين أخرى أيضًا.

هذه النمطية هي ما تجعل حجم التأثير الحاصل على الشاشة خافت الأثر نفسيًا وشعوريًا. هذه الشوارع التي تتحرك فيها وردة وبسمة، بمستواها المادي والمجازي، هي شوارع مر منها محمد خان وعاطف الطيب بأفلامهم، ثم مرت خلفهم هالة لطفي وماجي مرجان ومر أحمد عبد الله – الذي عملت جيلان مساعدة مخرج له في بداياتها- كل هؤلاء مروا من نفس الشوارع التي لم تعد تؤدى إلى ذات الذُرى أو التماس القوي مع الواقع المظلل برمادية الكآبة وانطفاء الروح.

تذكرنا رحلة وردة كثيرًا بأفلام اليوم الواحد التي خاض تجربتها خان في يوم حار جدًا، وداود عبد السيد في البحث عن سيد مرزوق، وخيري بشارة في إشارة مرور، وهالة لطفي في الخروج للنهار. ولكن ليست كثافة الزمن هي ما يشل التجربة شعوريًا، ولكن ما يحتويه هذا الزمن المكثف من إشارات خاضعة لمنطق التكرار الباهت، فالرحلة لم تكن دسمة بالقدر الكافي، ولا مغامرة أو جريئة أو مختلفة، حتى في إشارتها العابرة مثل حضور عزاء الرجل الذي سقط في بالوعة صرف مفتوحة، وهو المصير الذي تتنبأ به وردة لنفسها ومن هم في نفس طبقتها وشرحتهاففي سنوات الثمانينيات والتسعينيات كانت حوادث سقوط الأطفال أو الأفراد في بلاعات (آبار) الصرف المفتوحة من أكثر الحوادث انتشار في الشارع المصري، نتيجة حالة تردي البنية التحتية أو سرقة أغطية البالوعات أو تهالك شبكات الصرف. وظهرت بعض الأعمال الفنية التي تتحدث عن مصير أشخاص سقطوا في تلك الآبار، ثم تدريجيًا اختفت الظاهرة واختفت معها الإشارات والدلالات التي كانت تمثلها.

يشعرنا الفستان الأبيض بمحطاته المختلفة أنه لا يزال يدور في تلك السنوات، سنوات «البلّاعات» المفتوحة، وكأنه تأخر في اللحاق بالحقبة التي كان يجب أن يظهر فيها، ثمة انفصال جزئي واضح بين الشخصيات والأحداث وبين الواقع كما نراه ونعيشه في قاهرة 2024، فوردة مثلا تذكرنا ببطلات أفلام خان، إنها فتاة كلاسيكية جدًا، حتى أنها حين تلتقي في الجاليري بشخصية معروفة نجد الشخصية ليست سوى مقدمة برنامج شهير، وليست من المؤثرين الجدد الذين يمثلون نجوم المجتمع المصري في تفاهته الحالية. تبدو بسمة أكثر اتصالا مع الجيل الحالي من وردة، التي لا تملك صفحة على فيس بوك ولا ندري حتى لماذا تريد أن تلتقط صورة مع مقدمة البرنامج الشهير.

حتى عندما تلجأ إلى البحث على الإنترنت، فإنه من بين آلاف الخيارات التي يمكن أن تظهر لها لا تعثر سوى على كوافير (موزمبليه) لتأجير الفساتين، رغم أن هذا غير منطقي تمامًا في ظل وجود معلومات بشكل غير مسبوق على محركات البحث وبشكل مفرط في وفرته.

يبدو الفستان الأبيض فيلم تسعيناتي لطيف أضيفت عليه بعض حواشي التحديثات الاجتماعية الجديدة، في الميكروباص نسمع أغنية «يا بنت السلطان» لعدوية، وحين تلتقي بزوجها المستقبلي لا ندري ماذا يعمل، لكنه يركب سيارة فولكس موديل السبعينيات، وحين يذهبون إلى صاحبة مخزن الملابس يطلبان منها واحدًا من فساتين غادة عبد الرازق من مسلسل زهرة وأزواجها الخمسة، فتقول لهم إن لديها فساتين من مسلسل «عائلة الحاج متولي». كل هذه التفاصيل تردنا إلى ما قبل عقدين على الأقل! وتسبب حالة ارتباك وتشوش لدى المتلقي، خصوصًا من نفس الشرائح التي تنتمي إليها وردة وبسمة.

من انكد مشاهد الفيلم وأكثرها فجاجة على مستوى الدراما والتنفيذ مشهد تعرض وردة وبسمة وصديقتهم الصغيرة إلى التحرش في الشارع وهم يسيرون حاملين الفستان لأن إحداهن أخطأت واخرجت قطعة ملابس داخلية في الشارع فتقاذفها الشباب ووجدوا في هذا دعوة لهتك خصوصية جسد الفتاة.

المشهد كله تنفيذيا كان يحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد التصوير البطيء والحركة العشوائية والجري والقفز وشظايا النار- فارق كبير مثلا بينه وبين مشهد تعرض نيلي كريم لفعل مماثل في فيلم 678 قبل أكثر من عقد كامل- ثم يأتي مشهد صدمة الفتاة روايتها لتفاصيل ما حدث معها وكأننا في برنامج تليفزيوني لا ينقصه سوى أن يقوم المخرج بتظليل وجهها وهي تحكي.

هذا المشهد الذي يأتي في نهاية الساعة الأولى من الفيلم يتبعه مجموعة من المشاهد التي من المفترض أنها تعكس قاع الإحباط الذي وصلت إليه وردة، والذي يدفعها إلى الشجار المفتعل مع بسمة ثم محاولة اقتحام الجاليري من أجل سرقة فستان الفرح على اعتبار أنه مجرد سلف مستحق، لإنها اكتشف أنها إن لم تأخذ حقها في الحياة الطبيعية بالقوة فلن تناله أبدًا.

يخفت نمو الشخصيات بصورة شديدة عقب مشهد التحرش، ترتبك الدراما وتتخبط حركتهم كل في مساره المفتعل، فجأة تقرر الأم أن تعيد خياطة فستان الفرح الخاص بها بالتعاون مع سيدات أسرتها، وهي التي كانت تقدس نظرة الناس وتهتم بالمظاهر الفارغة أمامهم، ولا ندري في أي لحظة تغير هذا الأمر، أو بمعنى أدق اسبابه التحول المنطقية والدرامية، وتحولات أخرى فاترة وغير مفهومة ولا تتسق مع منطق الشخصيات.

أخيرا يمكن أن نقول أنه ربما تملك جيلان عوف الكثير من المقومات الدرامية الجيدة التي تجعلها قادرة على بناء حكاية لطيفة، لكنها تحتاج إلى أكثر من مجرد المعرفة بالأصول، تحتاج إلى التحرر من أصداء التجارب التي تربى عليها خيالها، وتحتاج إلى فصاحة بصرية تخصها، لا ينازعها تأثر ولا تحية، ولا إعادة تدوير لأٍساليب أو حتى قضايا اعتصرها السابقون حتى جفت المشاعر تجاهها، وهي نفس النصائح التي عادة ما يمكن توجيهها إلى المخرجين في تجاربهم الأولى، فهناك جهد كبير يحتاجه العثور على العدسة الجديدة التي تحقق رؤيتهم الخاصة للواقع والسينما على حد سواء.

 

####

 

«الجميع يحبّ تودا»… إلا نبيل عيّوش!

شفيق طبارة

يبدأ فيلم نبيل عيوش الجديد «الجميع يحب تودا»، المشارك في «مهرجان الجونة السينمائي» (24 أكتوبر إلى 1 نوفمبر)، والذي شارك في «مهرجان كان» الأخير، بتعريفنا بتاريخ الشيخات، وفن «العيطة» المغربية. العيطة باللهجة المغربية تعني النداء، وكانت لغة تواصل مشفرة اعتمدها المقاومون أيام الاستعمار لمناهضة الظلم والقهر إلى جانب الحب، وغنت الشيخات أشهر أشعارها المتحررة. تطور هذا الفن وحفظه الناس، وغنته الشيخات في الأفراح والاحتفالات حتى اليوم.

 تودا (نسرين الراضي)، تحلم بأن تكون شيخة، فهي ليست أكثر من مغنية مغربية تقليدية تغني من دون خجل عن الحب وتحرر المرأة، وتؤدي كل ليلة عروضها في حانات بلدتها الريفية، وتجذب أعين النساء وتسحر الرجال. ولكن تعرّضها الدائم لسوء المعاملة والإذلال، يجعلها تريد ترك كل شيء وتسافر إلى الدار البيضاء لتسعى وراء النجومية، ولتوفير مستقبل أفضل لابنها الأصم.

 يحاول الفيلم تكريم الشيخات، من خلال شخصية تودا. من خلالها، يحاول عيوش أن يروي حياة هؤلاء النساء اللواتي يروين قصصاً يومية عن المجتمع الذي يعشن فيه، في محاولة لتحسين مشاركة المرأة ودورها من خلال الذهاب ضد التيار السائد في أدوارهن التقليدية، وبالتالي يصبحن قدوةً للنساء الحاليات والأجيال القادمة.

يبدأ فيلم «الجميع يحب تودا»، بطريقة قوية جداً، كما عودنا المغربي دوماً، بسخاء مقلق، وبمشهد مؤلم، سلط الضوء بسرعة على المرأة، تودا، المناضلة في وجه نظام ثابت، مجتمع مغربي مؤسس على السلطة الأبوية، ويتبنى نظرة قاتمة لتحرر المرأة، خصوصاً إذا كانت تعيش بمفردها أثناء تربية طفلها، وايضاً تغني في البارات.

هذه القوة في البداية، لا تكتمل، لأنّ عيوش مال بفيلمه نحو المانوية، فقسم الفيلم بين الأخيار والأشرار بطريقة واضحة وسهلة، مما أفقد الفيلم قوته في معالجة قصة اجتماعية جريئة، حيث فكرة الأبيض والأسود أعمق من أن تكون بهذه السهولة. بين الألوان والبارات المغربية، والبيرة والموسيقى والأغاني والرقص، قدم عيوش قصة تخفي واقعاً قبيحاً، قدم فيه تصوراً سطحياً للمشكلات الاجتماعية والمغربية، وخصوصاً في ما يتعلق بالنساء.

أتخم عيوش فيلمه بالأغاني والموسيقى وتودا التي تؤدي أغانيها، كأنه يعوض بذلك عن فقر القصة التي يود تقديمها، أو كأنه لا يعرف إلى أين يأخذ فيلمه، فبدأ الأخير كأنّه حُكي على عجل، وبنهاية لا تقول الكثير.

سرد عيوش فيلمه بطريقة كلاسيكية، تكاد تكون حكيمة للغاية، واكتفى بنشر المشاكل على تودا يمنة ويسرةً بدون جرأة، حتى أفقد الفيلم القوة. إن رحلة المرأة التي تغادر منطقتها لتجرب حظها في الدار البيضاء يمكن التنبؤ بها لدرجة أن جميع المراحل والعقبات التي نفكر فيها تكاد تكون موضحة.

 تحتل الميلودراما الفيلم، والنظرة الإنسانية السخية جداً، تفقد الفيلم العنصر الذي يثير الدهشة. يفشل الفيلم إلى حد كبير في نقل تعقيدات موضوعه. كنا نود أن نرى فيلماً أكثر غضباً وعمقاً وإلهاماً، من مخرج أثبت أنه لديه حساسية اجتماعية وسياسية عميقة في أفلامه السابقة.

على الرغم من صورة الفيلم القوية، وبعض الرمزيات هنا وهناك، إلا أنّ الفيلم يصور لنا الكثير من الأمور التي لا تتفق مع موضوعه القوي الذي استسهله عيّوش. «الجميع يحب تودا»، مفرط في مشاكله، ومثقل بكمية المواضيع التي أراد عيوش المرور عليها كلّها بطريقة سريعة.

رغم التحديات الكبيرة، تألقت نسرين الراضي بدورها كـ«تودا»، حيث نقلت لنا عمق المعاناة والتصميم على تحقيق الطموح في مجتمع يحدّ من حريتها. أضفت الراضي بريقاً على الشخصية، ما جعلها العنصر الأكثر جذباً في الفيلم. كانت كل شيء في الفيلم، ولكن طبعاً لا تستطيع وحدها إنقاذه.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

27.10.2024

 
 
 
 
 

أثر الأشباح”..  سوريون في المهجر.. أو ماذا نفعل تحت سماء غريبة؟

هيثم مفيد

أحاول رسم بلادٍ

لها برلمانٌ من الياسمين.

وشعبٌ رقيق من الياسمين

تنام حمائمها فوق رأسي

وتبكي مآذنها في عيوني

بعد أن جلس يتأمل حال العرب لخمسين عامًا، لم يكن يتخيل الشاعر السوري نزار قباني، أن هذه الأبيات التي سطّرها في عام رحيله ضمن قصيدة “متى يعلنون وفاة العرب”، ستصبح أبلغ تعبير عن هزائمنا وانكساراتنا.

هذه المرثية التي كانت بمثابة تأبين للذات والعام لا يمكننا فصلها عما يجري حولنا، فلا يكاد يمر الوقت حتى تستحوذ مأساة إنسانية على أخرى، فمنها ما نُسي بفعل الزمن ومنها ما وصل لطريق مسدود، تمامًا كقضية سوريا، والتي على ما يبدو أنها سقطت سهوًا من ذاكرة العالم، لكنها لم تغادر يومًا عقل “حميد”، ذلك الشاب المُعذب والمسكون بذكريات الماضي وجروحه.

في فيلمه الروائي الطويل الأول “أثر الأشباح” (Ghost Trail)، والمشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائي في نسخته السابعة، يطرح المخرج جوناثان ميليه، أسئلته حول ثنائية العدالة والانتقام، هل القوانين والمحاكم قادرة على إخماد نيران المقهورين، أم أن القصاص الفردي من الجلادين هو الخلاص الوحيد؟ وهل لابد وأن يأتي الانتقام مصحوبًا بالدماء والقتل أم أن هناك سبيلاً آخر يلم فتات ما تبقى من إنسانيتنا المبعثرة؟ كلها رهانات ومعادلات أخلاقية تمزق روح “حميد”، تمامًا كما مزقت الحرب السورية أوصال جسده المنهك.

ثنائية السجين والسجّان

من خلال سيناريو (مستوحى من أحداث حقيقية) كتبه ميليه بالاشتراك مع فلورنس روشا، يغوص “أثر الأشباح” داخل أعماق أحد الناجين من الحرب السورية كاشفًا عن حجم الألم المكبوت الذي تعرض له هذا الشاب. فمع اللقطات الأولى من الفيلم، يضعنا ميليه أمام شخصية حميد (آدم بيسا)، الذي نجا من موت محقق في سجن “صيدنايا” بريف دمشق، ليجد نفسه أمام آخر أشد قسوة بعدما ألقاه مجموعة من الجنود السوريين في الصحراء هو ومجموعة أخرى من المعتقلين يشقون طريقهم نحو المجهول.

ينتقل السرد سريعًا إلى ما بعد هذه الافتتاحية بعامين، لنكتشف أن حميد لا يزال على قيد الحياة بعد أن خاض رحلة مريرة – نعلمها ولا نراها – قادته في النهاية إلى مدينة ستراسبورغ الفرنسية. حياة عادية شبه هادئة يعيشها حميد داخل هذه المدينة الرمادية – كما يصفها أحد الأبطال، جلسات مع موظف حكومي يساعده في الحصول على الإقامة في فرنسا، بينما يحاول كسب رزقه كعامل بناء رفقة مجموعة من المهاجرين الأفارقة، وبعد انتهاء دوامه يتجول هائمًا بين مجموعات من اللاجئين السوريين بحثًا عن قريبه الذي فُقد في الحرب، لكنها محاولات تتكلل بالفشل في كل مرة.

خلال محاولاته تلك، تتشكل صداقة حذرة بين حميد وشابة سورية تحاول مساعدته تُدعى يارا (هالة رجب)، كانت تدرس الطب في سوريا ثم أصبحت تدير متجر خياطة في ستراسبورغ.

هذا المستوى من الحذر في علاقة الشابين هو نتاج لحالة الرعب التي عاشها السوريين خلال سنوات الحرب، لدرجة قد تدفعهم للتشكيك في كل من حولهم حتى على بُعد آلاف الكيلومترات عن الوطن. فمن خلال محادثات حميد ويارا نشعر بهذا المستوى من عدم الثقة والانفصال، وهو مستوى آخر من العزلة يهيمن على بعض مجتمعات المهجر التي لا تزال تعيش في صدمة الماضي. وهذا ما نكتشفه من حوار يارا عندما تخبر حميد “حتى هنا يتعين علينا أن نكون متشككين. فأنت لا تعرف أبدًا من يقف في أي جانب”.

ربما تكون هذه الجملة هي مفتاح حالة الغموض المسيطرة على حميد، فليس كل سوري يفر إلى أوروبا بريئا. فسرعان ما ندرك أن ما يبحث عنه حميد ليس قريبه كما يَدعي، ولكنه مجرم حرب سيء السمعة يُدعى حرفاز (توفيق برهوم)، فر إلى أوروبا تحت اسم مستعار (سامي حنا)، لكنه غيّر اسمه مجددًا إلى (حسن الرماح)، وذاب وسط المجتمع الأوروبي بعدما ترك لحميد خريطة من الندوب تملأ ظهره، ناهيك عن الجروح النفسية التي قد لا تلتئم أبدًا.

يتضح أن حميد، هو جزء من شبكة مقرها في ألمانيا، كل مهمتها تتبع مجرمي الحرب الفارين من سوريا وتقديمهم للعدالة. لكنهم يشككون في صحة معلومات حميد بأن من يطارده في فرنسا هو رجلهم المنشود، خاصة وأن حميد لا يملك سوى صورة له غير واضحة المعالم، بجانب أن رأس حميد ظل مغطىً بالأكياس طوال جلسات التعذيب التي كان يُشرف عليها حرفاز، ما يعني أن كلاً من السجين والسجّان لن يستطيعان التعرف على بعضهما.

أحد عناصر قوة النص السينمائي، هو عدم انشغال ميليه باستدعاء الماضي فيما يخص علاقة حميد وحرفاز في المعتقل، فكل ما ارتكبه هذا الجلاد من شرور يبدو حاضرًا على وجه حميد دون أن ينطق بكلمة واحدة. كما أن المخرج الفرنسي لا ينخرط كثيرًا في تأطير مشاهده بلقطات المطاردات السريعة كحال هذه النوعية من الأفلام، بل يحاول أن يبقي الصراع هادئًا على الشاشة لكنه متأجج داخل نفس حميد، ليخلق واقعًا أكثر رعبًا عما كان عليه داخل سجن صيدنايا أو كما يُطلق عليه “المسلخ البشري”.

الشعر” كمحاولة للشفاء

نكتشف من خلال رحلة حميد، أنه كان في السابق أستاذًا للأدب في جامعة حلب، وهو ما يعززه أبيات الشعر المتناثرة لنزار قباني وصالح دياب على طول الفيلم. ينعم بحياة هادئة رفقة شعره وزوجته وابنته، قبل أن تسرق منه الحرب هذه اللحظات الرقيقة ولم تترك له سوى أشلاء ذكريات عن أسرته، التي قُتلت في إحدى الغارات أثناء تواجده في السجن، وأم ثكلى تعيش في مخيم البقاع بلبنان.

في أحد مشاهد الفيلم، نرى حميد يستأجر بدلة من أحد مقاهي الإنترنت قبل أن يخوض في حديث دافئ مؤلم مع والدته، والتي يوهمها بأن حياته المهنية والعاطفية تسير على ما يرام في برلين، وهو ما كانت تحلم به دومًا، بأن يحاول الابن المضي في حياة جديدة وتخطى آلام الماضي كي تكافئ نفسها بالصبر على شقاء الحياة داخل المخيم.

إن حالة اضطراب ما بعد الصدمة التي يمر بها حميد، تصيبه بحالة من الشلل والجمود المهني والعاطفي تجعله يصد محاولات يارا للتقرب منه. “أتمنى لو تقابلنا في حياة أخرى”، هكذا تخبره يارا. ولكن كل يوم يقضيه حميد في مطاردة جلاده يقربه خطوة من العدالة، ويبعده آلاف الخطوات عن المضي قدمًا في حياته. وهذا نلاحظه بأحد المشاهد عندما ينجح أحد الأصدقاء بتأمين وظيفة له بأحد الجامعات، فيطلب منه حميد أن يتطلع إلى وجهه “هل هذا شخص يستطيع تدريس الأشكال الشعرية الآن”.

في النصف الأول من الفيلم، وبعد أن ينجح حميد بمساعدة يارا في تتبع حرفاز، الذي يتواجد في أحد الجامعات المحلية لتحضير الدراسات العليا في الكيمياء، نقابل للمرة الأولى رجلاً أنيقًا منكبًا على دراسة الكتب والمراجع، لكننا نتابعه دومًا من منظور حميد إما من الخلف أو من زوايا بعيدة. ورغم تكرار وطول زمن هذه المشاهد على الشاشة، والتي بالطبع تزيد من حدة التوتر وتمنحنا الوقت لتأمل هذا الوحش الوديع، إلا أننا نتناسى ثقل إيقاعها مع لقاءهما وجهًا لوجه في النصف الثاني من الفيلم.

إن أداء توفيق برهوم في دور حرفاز مثير للاهتمام بصورة كبيرة، فهو يتأرجح ما بين الدفء والرعب الكامن خلف وجهه، في صورة أقرب لأداء جاسبر يوليل في فيلم “Hannibal Rising“. وهذا ما يتضح في مشهد المطعم اللافت للانتباه والمصمم بعناية شديدة، إنه شخص لا ينضح بالشر الصريح بل مزيج من الضعف وخيبة الأمل والندم والغضب المكبوت، وهذا يتضح في أبسط أفعاله كطريقة مضغه للطعام وقبضة يده المرتعشة.

في هذا المشهد الذي تم صياغته بذكاء شديد، يخبر حرفاز حميد بأن “جميع السوريين في أوروبا يتحدثون عن الوطن، والموت، والمشاكل. لا يمكنك أن تبدأ حياة جديدة إذا كنت تضيع وقتك في التفكير في الماضي”. بالتأكيد نتفق مع وجهة نظره، وإن كان من الصعب تقبل هذه النصيحة الثمينة من مجرم حرب، ولكن ما فشل حرفاز في إدراكه هو أنه عندما تُنتزع منك حياتك يصبح الحديث عن الأمل دربًا من الوقاحة والخيال.

إن تطور العلاقة ما بين حميد وحرفاز، في المشاهد اللاحقة، ما هي إلا صورة مصغرة عن الانهيار الإنساني والأخلاقي الذي تخلفه الحروب، والتي كانت سببًا في تحول شخص كـ حرفاز من نموذج ناجح ظن أن بلده ستستفيد من علمه، إلى وحش بشري، وكادت أن تدفع بالآخر نحو حافة الجنون.

إن الرهان الأخلاقي الذي وضعه ميليه على ذلك البطل الهش، ربما سيكون بمثابة مكافأة للجمهور في نهاية الفيلم، لكنه يبقي القوس مفتوحًا أمام العديد من الأسئلة المعلقة حول ما آلت إليه مسارات حميد في النهاية. إن أشعار قباني ودياب ومفرداتهم العذبة الرقيقة والمتأرجحة حول أحلام الوطن والغربة تطارده وتحاصره طوال الفيلم – تمامًا كما تفعل أشباح الماضي – كي تذكره بما كان عليه يومًا ما وما الذي يجب أن يكونه الآن.

في الدقائق الأخيرة من الفيلم، يطلب حرفاز من حميد مرافقته في لحظة محفوفة بالقلق تدفعنا للتفكير بأن حرفاز قد كشف هوية حميد ويدفعه باتجاه كمين. ولكن ما أن وصلا إلى حديقة الجامعة، أخرج حارفز علبة مليئة بـ “الغريبة”، وأخبره أنه ذهب لألمانيا خصيصًا كي يحصل على ما أسماه “طعم الوطن”، ثم جلسا الاثنان ليستمتعا بطعامهما محاطين بالزهور وأصوات الطيور ونسمات الهواء العابرة.

إنها لحظة ساحرة ومؤلمة ومزعجة، تذكرنا بأمنية يارا وكم كانت تحلم لو أن الزمن منحها فرصة للقاء حميد في حياة أخرى. وهذا ما ينطبق على هذا المشهد أيضًا، ربما لو عاد الماضي بهذين الرجلين المُتعَبين لكانا يتناولان هذه الحلوى في ريف دمشق أو حلب. إن نظراتهما المتبادلة المليئة بالحنين إلى وطنهم، تحيلنا مباشرة إلى أبيات صالح دياب التي رددها حميد ليارا في بداية تعارفهما “ماذا نفعل تحت سماء غريبة.. غير أن نصغي إلى النسيان”.

 

موقع "عين على السينما" في

27.10.2024

 
 
 
 
 

أكد أن الفن المصري صنع وجدان العرب على مدار التاريخ

هاني أبو أسعد: الرقابة في الدول العربية تغتال المشاريع الفنية

 أحمد العياد

+A-Aإيلاف من الجونةتستمر فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته السابعة ليومها الثالث، والذي كان حافلًا بالجلسات الحوارية، و"الماستر كلاس" وكذلك عروض الأفلام. وتستمر الفعاليات إلى مطلع نوفمبر المقبل.

الفعالية الأبرز، خلال اليوم الثالث كانت الجلسة الحوارية مع المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، والتي أدارها الناقد أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي للنُقاد. وبحضور عدد كبير من الفنانين والمخرجين، وأبرزهم المخرج هاني خليفة، المخرج تامر عشري، الفنانة يسرا اللوزي.

فني هو سلاحي

في بداية حديثه عرف "أبو أسعد" نفسه بإنه إنسان أولًا ثم صانع أفلام، وتطرق للحديث عن التحديات أمام تطور الإنسان وتقدمه، فقل إن الإنسان لا يستطيع تحقيق التقدم لا من خلال حصوله على مجموعة حقوق أساسية ومتساوية وهو ما نفتقده هذه الأيام في ظل إعلان مشروع لتدمير العالم العربي.

أضاف المخرج العالمي، أنه كعربي وفلسطيني يقاوم ضد ذلك المشروع، مستغلًا مواهبه للدفاع عن العالم العربي، مؤكدًا أنه لا يزال مرتبطًا بالمجتمع الفلسطيني بكل شرائحه، على الرغم من هجرته خارج بلاده وهو في الثامنة عشر من عمره.

وعن إذا ما كان لا يزال يزور فلسطين أو لا، قال إنه حريص على السفر إليها وقضاء أوقات طويلة فيها والاختلاط مع كافة الشرائح، من المخيمات وحتى السلطة، مما يتيح له تكوين صورة كاملة عن الأوضاع فيها، وملامسة القضية عن قرب.

وأشار إلى أن سعيه في التعبير عن قضايا شعبه الفلسطيني، والعالم العربي كله ليس بالأمر السهل، فهو يواجه الكثير من الصعوبات التي تسببت في إيقاف مشاريع كثيرة له، نظرًا لتحكم شركات الإنتاج، مشيرًا لتوقف عمل كبير له على منصة "نتفليكس" بعدما أنفقوا عليه أكثر من 2 مليون دولار، ومنصة شهيرة أخرى لم يذكر اسمها قد أوقفت مشروعًا قد تعاقد معها عليه وتدور أحداثه حول فتاة عربية في أمريكا لكنها تواجه خطر الإرهاب، ولفت إلى أنه توقف عن العمل لأكثر من 4 سنوات متواصلة لأسباب قال إنها "سياسية".

وأشار "أبو أسعد" إلى أنه يدرس مشاريع ترفيهية لتقديمها في الوقت الحالي، ليستطيع بعد ذلك تمويل وإنتاج أعمالًا فلسطينية مستقبلًا، مؤكدًا على أن السينما كانت ولا تزال وسيلته للتعبير عن القضايا التي يؤمن بها.

الحضارة الغربية هشة عكس حضارتنا العربية

وتطرق المخرج الفلسطيني في حديثه إلى الأوضاع في غزة، حيث قال إن بها حاليًا 2 مليون شخص يعانون من الجوع، والأوضاع فيها مرعبة، وأشار إلى أن تاريخ القطاع يتجاوز الـ6 آلاف سنة لذلك فحضارة الأرض تسير في عروقهم، مشيرًا إلى أننا كعرب نمتلك الإنسانية والحضارة التي تُمكنا من تقديم أفكارنا وحضارتنا وقصصنا.

وذلك على عكس المواطن الغربي الذي لا تتجاوز حضارته الـ200 عام فقط، منوهًا أن تجاربه الحياتية والعملية جعلته يدرس الشخضية الغربية عن قرب، ولاحظ انبهارهم بذواتهم خاصة الأغنياء منهم الذين يمتلكون عقلية وصفها بـ"الغريبة".

أردف، أن تعامل الغرب مع حضارتهم يختلف تمامًا عن تعامل المصريين مع حضارتهم الفرعونية على سبيل المثال، فهي حضارة تجري في دمائهم، لأصالتها، واستكمل حديثه عن مصر والفن المصري قائلًا إن لها دور دولي وثقافي هام في المنطقة العربية، وأكد أنه تربى على السينما والدراما والأغنية المصرية وأها من الدول التي أثرت في وجدانه وثقافته.

الرقابة العربية على الأفكار شديدة

وبالعودة للحديث عن الفن، قال إنه يواجه الكثير من الصعوبات في إخراج الأعمال العربية، لأنه يواجه مشاكل في الإنتاج، قائلًا: "أغلب التمويل العربي للأفلام تمويل مشروط وجميع المواضيع الهامة عليها رقابة، لذلك أتمنى أن يفهم المسؤولون أن مناقشة مثل هذه المواضيع هي إثراء للمجتمع.".

وأشار إلى أن صناع السينما في الوطن العربي كله يواجهون حالة من التخبط بسبب النظام المهيمن على العالم كله، مما يدفع الكثيرون للتنازل عن مبادئهم، وعن حل تلك الأزمة قال إنه يقترح إنشاء منظومة خاصة بصناع الأفلام العرب مثل "البريكس" للحفاظ على استقلالية السينما.

وألمح إلى أنه يحمل في قلبه أمل كبير وتفاؤل من المستقبل لأن هناك الكثير من المواهب العربية التي لديها القدرة على مخاطبة العالم داخليًا وخارجيًا بقضايانا وأفكارنا. لافتًا إلى أنه أصبح يرى مواهب حقيقية تستحق فرصًا أكبر تذهب إلى نجوم يتلقون أجورًا كبيرة وهم لا يمتلكون نفس الموهبة والطاقة الإبداعية، مؤكدًا أنه يبحث دائمًا عن تلك المواهب ليدعمها ويمنحها الفرص التي يستحقونها.

ونصح المخرج الفلسطيني صناع الأفلام العرب بألا يتخلوا عن مبادئهم لمواكبة النظام العالمي المهيمن على صناعة السينما، ويشقوا طريق نجاحهم بما يؤمنون به، مشيرًا إلى أنه نجاح صانع الأفلام يبدأ من بلده، لذا يجب عليهم النضال من أجل النجاح، وعدم الوقوع في فخ الإحساس بأنه ضحية.

 

موقع "إيلاف" في

27.10.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004