في صيف 1976 قامت بنيلوب هوستن، رئيسة تحرير مجلة “سايت أند
ساوند” لأكثر من 30 سنة، وواحدة من أشهر نقاد السينما في بريطانيا، بتغطية
فعاليات مهرجان الدورة الـ30 من مهرجان كان السينمائي، حيث تنافس عدد كبير
من كبار المخرجين من بينهم برتولوتشي، إربك رومير، فيسكونتي، جاك ريفيت،
سكورسيزي، وأخرون. وهنا نص المقال:
في نافذة المتجر المجاور لقصر المهرجان يوجد ملصق دعائي
أنيق جداً من فترة الثلاثينيات، يعلن عن الدورة الأولى لمهرجان كان – تلك
التي لم تنعقد قط – وكان تاريخ الافتتاح المفترض في الأول من سبتمبر عام
1939.
ولكن الاحتفال بالعيد الثلاثين للمهرجان- حيث بدأت
الفعاليات سريعاً في عام 1946- لم يكن في ظروف لائقة، بل وسط بعض المخاوف.
وكتبت جريدة لوفيغارو عنوان “مهرجان كان يختنق من النجاح”ـ ويزعم المقال
بشكل مزعج، أن المهرجان يُصنف الآن على انه أكبر احتفالية دولية بعد
الأولمبياد. أربعون ألف زائر، وألف وسبعمائة صحفي، وما يقرب من خمسمائة
فيلم، وكلها إحصائيات مبالغ فيها.
يعود تاريخ بداية التزاحم الشديد على حضور المهرجان إلى عام
1968، وكان قرار المهرجان منطقي لكي يتلاءم مع المنافسين المحتملين
للمهرجان من أنصار “الثقافة المضادة”، وبالتالي تعزيز مكانته ولكن بحيث لا
يطغى هؤلاء عليه. وأصبح الاحتفال الكبير لا غنى عنه، وتحول إلى نقطة التقاء
لرجال الصناعة السينمائية في العالم والصحفيين وأعداد كبيرة من السياح، مما
وضغ ضغوطا شديدة على المرافق إلى أقصى حد.
وقد طالب المنظمون بالحد الأدنى من الانضباط- وهو تعبير
مهذب- من جانب المشاركين في المهرجان، وألا يحاولوا اقتحام الأبواب للدخول
إلى قاعات السينما. ولكن وكما هو الحال مع الألعاب الاولمبية من السهل
القول بضرورة تخفيض الأعداد، ولكن دون توضيح كيفي يمكن تحقيق ذلك. البحر
المتوسط يراقب بسخريته الزرقاء، وبحلول عام 1980 واذا استمر نفس المعدل،
فلن يتبقى متاحا سوى السير فوق صفحة المياه.
مخرج واحد لم يستطع أن يحضر ضمن الحشود وهو ايريك رومير،
معلنا بكل ذوق عن عدم قدرته على التواجد في هذه الأجواء مفضلا البقاء
بعيداً، ولكنه أرسل فيلمه “الماركيزة أوه” The
Marquise of O الذي
صوره ألمانيا، في أول افلامه التاريخية وكذلك الناطقة بلغة غير الفرنسية،
ولكن من المشاهد الاولى لا يوجد أدنى شك بأن المخرج قد عاد في أحسن حال.
الفيلم مقتبس عن رواية للكاتب الألماني فون كلايست التي
صدرت عام 1808، تدور الأحداث حول أرملة شابة فاضلة، تجد نفسها حاملاً في
ظروف غامضة، وتقرر في نهاية الأمر أن تسلك مسلكاً متطرفاً من خلال نشر
إعلان في الصحف المحلية، تطلب من الرجل الذي تسبب في حملها أن يعلن عن
نفسه. وتم الكشف عنه اخيراً ولم يكن هذا مفاجئا لأحد، بعد الوضع المعقد
المُبكي ونوبات غضب الوالدين، اتضح أنه هو نفسه الكونت الروسي الذي أنقذها
من التعدي الوقح من جانب جنوده أثناء الهجوم على القلعة. ويقوم كل من
الممثل برونو جانز، والممثلة اديث كليڤير، بدوري البطولة، كما تقوم إيدا
شيبيل بدور والدة الفتاة، وقد رسمت الشخصيات وتناغمت بعناية، ولا يختلف نفس
معيار الجودة بالنسبة لكاميرا مدير التصوير نيستور الماندروس، الذي لم يعد
خلق فترة تاريخية فحسب، بل كذلك أماكن يمكن العيش فيها، وفي المشاهد الاولى
يقفز الكونت من فوق أحد الحواجز، يظهر كبطل تغمره هالة من النور الساطع.
فالمبالغة الإبداعية هنا هي المقابل للسخرية الكوميدية التي نلمسها من دون
المساس بالقصة الأصلية أو احداث أي تغييرات عليها تنال من طريقة تصوير
المشاعر في تلك الفترة التاريخية.
إن تحكم رومير في الأسلوب، في أفضل حالته هنا، وفيلمه
الانساني والشفاف هو حكاية اخلاقية مصنوعة بإخلاص كامل للنص الأصلي.
يأتي بعد رومير، فيلم فرنشيسكو روزي “جثث مصقولة” Cadaveri
Eccellenti وهو
فيلم من العيار الثقيل، ولكن ليس أثقل من المرغوب، من نوع التشويق
البوليسي، يتحرك بثبات تجاه الكشف عن مؤامرة في مراكز السلطة.
يقوم لينو فنتورا بدور محقق حزين يرتدي معطفا شتويا أبيض،
يحقق في سلسلة جرائم قتل استهدفت عددا من القضاة في جنوب إيطاليا. وهو يبدأ
يطرح الأسئلة، ويفحص الأدلة المصورة، ويزور أماكن ارتكاب الجرائم، يتعرف
على القاتل الأصلي، ثم يقدم على خطوة أبعد، حينما يدخل منطقة المؤامرة التي
تؤدي به في نهاية الأمر إلى الموت، يطلق عليه الرصاص تحت مرأى من تماثيل
العهد القديم.
الفيلم ليس واقعيا (وهو كما يقول المخرج، سبب اخيتاره عدد
من الممثلين الأجانب من بينهم ماكس فون سيدو، وتشارلز فانيل، وآلان كوني،
وجميعهم رائعين)، والأماكن العديدة في الفيلم تم اختيارها بعناية، مع براعة
تصوير مدير التصوير باسكوالينو دي سانتيس، وهي الأماكن التي منحت الفيلم
الجو العام، مع ايحاء للعلاقة بين الثقة التي كانت في الماضي عندما كانت
مؤسسات الدولة راسخة وصارمة، ومخاوف الوقت الحاضر.
وبالتقدم على خطى روزي القوية يأخذ ويملأ الفيلم حيزه
الخاص، فهو ليس مجرد تعبير عن التشكك العصري، وإنما دراسة بحثية عميقة
ومتشائمة. وعبارة “الحقيقة ليست بالضرورة دائماً ثورية” هي آخر جملة قيلت
في الفيلم، نطق بها أحد الشيوعيين.
أما عند برتولوتشي فالحقيقة دائما ثورية. وكما يعلم الجميع
فإن فيلمه (1900) تبلغ مدته خمس ساعات ونصف، يتتبع خلالها مصير صبيين، ابن
اقطاعي، وابن فلاح أجير، ولدا في نفس اليوم في مطلع القرن العشرين. حجم
الفيلم يشبه حجم روايات القرن التاسع عشر (برتولوتشي مثل فيكتور هوجو)،
المشاهد الأولى فيه مشبعة بجمال وثراء منطقة الريف بالقرب من بارما حيث نشأ
المخرج: المكان الرئيسي في الفيلم، ساحة مزرعة واسعة شديدة الجمال.
يتسلل نوع من سذاجة المشاعر السياسية تدريجياً للاستحواذ
على أجواء الفيلم. الطبقات المالكة منحلة تماماً، وهنا يبدو بيرتولوتشي في
عز قوته، وهو يصور تدهور حالة دومينيك صاندا من فتاة لامعة في العشرينيات
إلى مدمنة خمر وحيدة في الأربعينيات، ويلعب دور الفاشيين المحليين كل من
دونالد سوذرلاند ولورا بيتي، وكلاهما يسلك سلوكا شيطانيا الى اقصى حد، بما
في ذلك قتل طفل، وبروز الريفيين الذين كانوا ذابلين من قبل، في صورة
ليوتوبيا ثورية يرقصون فرحا تحت راية حمراء كبيرة في عام 1945 بعد تحرير
ايطاليا.
وما يدعو للسخرية أن فيلما بمثل هذه الخاتمة تم تمويله من
الآلة الرأسمالية الهوليوودية الضخمة، والمفارقة الأكبر جاءت عندما قال
الحزب الشيوعي الإيطالي انه وجد الراية الحمراء التي ترفرف في نهاية الفيلم
أمرا يدعو للحرج، اما فنيا، فمثل هذا البناء التعليمي البسيط لا يتضمن
امتداد تاريخ الأسرة، ومن علامات ثُقل الفيلم، أن يتحول التاريخ إلى قصيدة
خطابية.
أما ثالث اكبر الافلام الايطالية المعروضة في المهرجان، فهو
فيلم “البرئ” L’innocente لفيسكونتي،
وهو علامة مميزة في مشوار هائل وشجاع، إن لم يكن التحفة الباقية التي لم
تكن في الحسبان. والفيلم مقتبس من رواية للكاتب الإيطالي دانونزيو، حول رجل
يأمل في أن تتحمل زوجته وجود عشيقة في حياته، ولكنه يتلقى صدمة قاسية عندما
تحصل الزوجة لنفسها اولاً على عشيق، ثم طفل. وأثناء تواجد الأسرة في
الكنيسة بمناسبة عيد الميلاد المجيد يترك الطفل يموت من البرد، في فعل ينم
عن شراسة سعيه نحو تدمير الذات.
قام بتصوير تصوير أيضا باسكوالينو دي سانتيس، من خلال
تصميمات داخلية ضخمة وانيقة لمطلع القرن، مع إيقاع بطيء، ومتأمل، وانصب
تركيز فيسكونتي على الديكورات ذات الصلة العاطفية مع الماضي. ولكن الممثل
جيانكارلو جيانيني لم يكن مناسبا لأداء الشخصية الرئيسية.
ومن المخرج الإنجليزي جوزيف لوزي، الذي استقر مؤقتا في
باريس، يأتي فيلم “السيد كلاين”
– Mr Klein،
يبدو أن القصة قد جذبته لما تحويه من مفارقات عدة، وقام بتحويلها إلى فيلم
مكتنز، وثقيل جدا. ذات يوم، يتلقى تاجر الفنون “آلان ديلون” في باريس عام
1942 عبر البريد، صحيفة يهودية، يبدو ان هناك شخصا آخر يدعى السيد كلاين،
يهودي، يحوم بشكل خطير حول أعتاب حياته الهادئة. يتعقب ديلون الآثار
المراوغة، في نوع من قصص المحققين الغيبيين والتي ستؤول في نهاية الأمر إلى
الاستياء على هويته، وينتهي به الحال في وسط اليهود الذين يساقون بواسطة
النازيين، داخل عربات نقل الماشية في القطارات المتجهة إلى ألمانيا، وهو
مصير يقترحه الفيلم عقابا له على انعزاله وعدم اكتراثه.
هناك لقاءات غامضة، من بينها لقاء استثنائي مع جين مورو،
وتنوع ودقة في اختيار الاماكن التي تتراوح ما بين الواقعية القاتمة الي
الحالمة، مما اعطي الفيلم شكلا مميزا. ولكن حديث لوزي عن إعجابه الدؤوب
بمتاهات بورخيس، وفشله في تحقيقها يرجع ربما لحرصه الزائد والواضح، على
بناء ممرات المتاهة، وتوجيه المتفرج في اتجاه معين بدلا من ان يتركه يفقد
طريقه بداخلها.
فيلم ( مبارزة- Duelle)
للمخرج جاك ريفيت، هو أكثر شبها بالمتاهة، عن حكاية جوهرة ثمينة ذات قدرات
غامضة، آلهة الليل” جولييت برت”، و آلهة النهار”بول أوجير”، وبشر يعرضون
انفسهم للخطر مع تلك الأقدار، ومشاهد الفيلم التي تحيل إلي كل من كوكتو،
والفيلم- نوار، حوض الأسماك “الويلزي”، وهي ترتد لبعضها البعض.
وفريق ريفيت حاضر بقوة في فيلم (سيريل
–Serail)
أولى التجارب الإخراجية لإدواردو دي جريجوريو، المؤلف المساعد لفيلم
(مبارزة- Duelle)،
وقام أيضا بتأليف سيناريو (حيلة العنكبوت
– The spider’s stratagem)،
وتدور احداث فيلم ( سيريل
– Serail)
حول منزل مسكون، يرثه كاتب انجليزي (كورين ريدغريف)، تسكنه فتاتان متنكرتان
(بول أوجييه ، ماري فرانس بيسير)، ومدبرة منزل نشيطة (ليزلي كارون)، ويزخر
الفيلم بالإشارات المتوقعة من ريفيت، كوكتو، رينيه، بورخيس، ويلكي كولينز،
وآخرين. ولكن تم إخراج الفيلم بطريقة تسمح بمزج واستيعاب كل هذه الإحالات،
ومن الواضح أن تلك المفارقة المشاكسة جزء من إيرث إدواردو دي جريجوريو
الأرجنتيني.
يضع دي جريجوريو أفكاره رغم كونها مألوفة، في بؤرة التركيز،
أما المخرج بيتر وير وفيلمه “نزهة عند الصخور المعلقة”
– Picnic at hanging rock فهو
يتناول أيضا غموض الطبيعة، ولكنه يصبح مفككاً قرب النهاية. النصف الأول كان
فيه استحضار كثيف لمدرسة للبنات في أستراليا في عام 1900، الخروج لنزهة
مرتقبة، ثم الانتقال إلى موقع الصخور المعلقة الغامض، وشديد الحرارة، حيث
صفير الآت النفخ الهوائية، وتوقف الساعات عن العمل، واختفاء أربع فتيات في
ظروف غامضة.
لا
يوجد حل لهذا اللغز، رغم أن الفيلم يزخر بالتلميحات والمراوغات، ولكن
المخرج يورط نفسه في النصف الثاني من الفيلم بوجود شخصيات كثيرة، فتاة
وحيدة، شاب انجليزي، مديرة المدرسة مدمنة الخمر (راشيل روبرت)، وهي كلها
شخصيات مأزومة بشكل أو بأخر، وقد تركها معلقة من دون أي تطور. بعد هذا
الفيلم وفيلمه السابق (السيارات التي التهمت باريس-The
cars that ate Paris)،
من الواضح أن وير يمتلك إحساسا عاليا بالأجواء التي تكتنفها الضغوط، رغم
وجود أجزاء معلقة لم تجد مكانها بعد في السرد في كلا الفيلمين.
سيكتب كولين ويستربيك “في عدد صيف 1976” عن فيلم “سائق
التاكسي” Taxi
driver،
فيلم المخرج مارتن سكورسيزي، عن شوارع نيويورك في الليل، والوحدة، والهواجس
غير العقلانية والقاتلة في النهاية، لسائق يقود التاكسي، والفيلم يثير
القلق لنظرته القدرية لعقل تفلت منه زمام الأمور، وينتابنا شعور بأننا
نراقب دي نيرو وهوأنه يراقبنا ايضا، ونهاية الفيلم الاستثنائية المخضبة
بالدماء، ومشهده الأخير الغريب، والذي يرقى إلى نوع من انواع تقبل العنف.
ولكن الفيلم يبدو في الواقع أقل نذيراً مما اشارت اليه
تقارير سابقى، ولكني لست متأكدة من مسألة عدم وجود ابتهاج طبيعي لدى
سكورسيزي في تصوير الهوس الانعزالي المستمر، مهما كانت نواياه تبدو
بريسونية، والأمر كذلك بالنسبة لكاتب السينمائي بول شريدر.
الرجل الوحيد في الفيلم السويدي (جيلياب، Giliap)
للمخرج روي أندرسون في فعاليات أسبوع المخرجين، يعتبر منغلقاً على ذاته
ايضاً ولكنه أقل تهديدا. هذا فيلم غريب، بطيء جدا، يطغى عليه صمت، واضح أنه
لن ينكسر بوقع الكلمات، ولكن وحدها الكاميرا قادرة على ذلك بقرارها الأخير
عند ابتعادها.
الشخصية الرئيسية (تومي بيرجرين) يتولى وظيفة نادل في أحدى
فنادق مدينة قاسية، وتتصادف أولى مهامه مع مناسبة مأدبة غداء تعقب إحدى
الجنازات، وقد يتخيل المرء أن هذا المكان قد حظي بمناسبات شبيهة، ويتورط هو
لسوء حظه في أحداث عنف وجريمة.
لكن جزءا من جاذبية هذا العمل الأصيل، الساخر، يكمن في
إحساسه بالفندق كمكان يفرض روتينه على الموظفين الذين يظنون أنفسهم عابرين،
أو جزرا صغيرة من عدم التواصل. الطاولات تم اعدادها بحرص ولكن الضيوف
المتوقع قدومهم لم يأتوا. في الصباح، يظهر الناجي الوحيد من حفل غداء
الجنازة من مخبئه وراء الأريكة، وهو رجل مسن حزين، يثرثر عن عدم رغبته في
العودة إلى المنزل.
آخر
الأفلام التي قدمها المخرج الألماني راينر فيرنر فاسبندر (ظل الملائكة- Shadow
of angels)
من تأليف فاسبندر، ودانيال شميدت، ومن إخراج الأخير، مقتبس عن مسرحية من
تأليف فاسبندر بعنوان (القمامة والمدينة والموت- The
garbage, the city and death)
كانت قد تسببت في اثارة الجدل لأنها تدور حول أحد المستثمرين اليهود في
البورصة، ولاحتوائها على جمل حوارية مثل “لو وضعوه في غرفة الغاز، سأنام
الليلة قرير العين.”
وعن طريق الحوار، واللقطات الثابتة، مع اسناد البطولة
لشخصية الثري اليهودي، ثم العاهرة الكئيبة التي تشكو من البرد طوال الوقت،
يحطم الفيلم المحرمات الألمانية في تناول موضوع معاداة السامية بتلميحات
خفيفة في فترة ما بعد الحرب. وقد علق فاسبندر على ذلك بقوله إنه كتب
سيناريو الفيلم وهو في حالة نشوة تحت تأثير المخدرات أثناء رحلة جوية من
فرانكفورت الى لوس انجليس.
هناك فيلمان وثائقيان أمريكيان شهيران هما فيلم (رايخ
كاليفورنيا- The
California Reich)
من اخراج والتر باركيز، وكيث كريشلو، وفيلم (محاكمة هوليوود
–Hollywood on Trial)
للمخرج ديفيد هيلبرون جونيور، كانا مخيبين للتوقعات.
أما فيلم المخرج البريطاني تريسترام بأول، من انتاج بي بي
سي، عن القائمة السوداء لهوليوود، فكان جيدا رغم استخدامه تقريبا نفس
المادة الفيلمية، بينما يعتمد الفيلم الذي يتناول حركة النازية الجديدة في
مدينة كاليفورنيا على الاثارة من رؤية الصليب المعقوف، ويفتقر بشكل ملحوظ
لوجهة النظر التاريخية. وإجمالا يشك المرء بإن المعايير الأوروبية حالياً
فيما يتعلق بأفلام الوثائق والمقابلات أعلى من نظيرتها في أمريكا.
ولكن
“سينما الحقيقة” حققت نجاحا في أكثر اصداراتها غرابة وهو فيلم (حدائق غراي- Grey
Gardens)
من إخراج الاخوين ميسلز، الذي يتناول حياة عمة جاكي أوناسيس، إديث بوفيه
بيل، وابنتها إديث، وعزلتهما الغريبة في قصر ضخم مملوء بالقطط في مقاطعة
إيست هامبتون.
وقد تعرض الفيلم لحملة هجومية باعتباره دعاية استغلالية،
وهو كذلك بالتأكيد لأسلوب التلصص في مشاهدة ام وابنتها يستعيدان امجاد
الماضي، السيدة بيل وهي تغني اغنية فنجان شاي لشخصان، وتتذمر من مآسي
الماضي، وحالات الاستياء المتكررة من جانب الابنة، ولكن قد يمثل الفيلم
نوعا من العلاج لعائلة بيل، كما لو أنهم عثروا على المؤرشف الخاص لحياتهم.
وكان المزج في الفيلم، بين الأداء والكشف عن مكنون النفس، مثيراً للانتباه.
أعادت مجلة “سايت آند ساوند” نشر هذا المقال في عدد يوليو
2021 |