فيس بوك ـ 23 أكتوبر
Elhamy Elmerghany
اللغة السينمائية
طبعا انا مش ناقد سينمائي ولكني باتفرج وباحب السيما أم الفنون واللي دايما
بتطور في شكلها وادواتها وباحاول اتعب وافهم ما وراء السطور والمشاهد
بداية لازم نعترف اننا اسري السينما الأمريكية والرؤية الأمريكية حتي
السينما الأوروبية منعرفش عنها حاجة وطبعا سينما امريكا اللاتينية
والآسيوية والافريقية
يمكن تكون منصات الافلام عرفتنا علي افلام تانية من اسبانيا والسويد وكوريا
وغيرها ولكننا نظل اسري الفيلم الأمريكي والابهار والبهرجة الأمريكية
ومن زمان عندنا تعبير شايع يقولك اصل ده فيلم مهرجانات وده معناه ان الناس
العادية مش هتقبله لأنها عايزة اللي متعودة عليه دايما
كبير مخرجي الواقعية المصرية صلاح ابوسيف عمل فيلم " بين السما والأرض" سنة
1959 ووقتها الفيلم فشل جماهيريا ومجبش ايرادات والناس قالت دي سقطة لصلاح
ابو سيف لكن بعد اربعين سنة الناس رجعت شافت الفيلم و عجبها
غالبية افلام يوسف شاهين في المرحلة الأخيرة معجبتش الناس جماهيريا وانا
كمشاهد عجبني جدا فيلم الأختيار 1970 وفاكر لما كنا في المنيا وشفنا الفيلم
وامي الله يرحمها كانت عايشة وفي اخر الفيلم قالت " وه طيب الفيلم خلص
ومعرفناش مين فيهم اللي اتقتل " وقعدنا نتريق ونقلها لسه بدري عليكي لما
تعرفي مين قتل مين
سنة 1965 حسين كمال قدم فيلم اسمه المستحيل بطولة نادية لطفي وخد جوايز
كثير لكن الناس اعتبرته فيلم فاشل ولم تعترف بحسين كمال الا بعد ابي فوق
الشجرة
توفيق صالح عمل فيلم سنة 1968 اسمه " المتمردون" عن قصة صلاح حافظ وطبعا
الفيلم سقط جماهيريا لأنه قدم سينما بلغة مختلفة
نفس الوضع لما سعيد مرزوق قدم فيلم " الخوف" سنة 1972 بطولة سعاد حسني ونور
الشريف والناس قالت ايه القرف ده
هل فيلم المومياء لشادي عبدالسلام لما اتعرض 1969 الناس قبلته والا الناس
قالت ده مفيش في حوار او كلام كثير لأن شادي اهتم بتقديم شكل غير تقليدي
للسينما اللي متعودين عليها ولذلك الفيلم حصد جوايز واصبح من اهم مائة فيلم
في السينما المصرية
سنة 1973 قدم أشرف فهمي فيلم ابيض واسود اسمه " ليل وقضبان" بطولة محمود
مرسي وسميرة أحمد ومحمود ياسين والفيلم سقط جماهيريا لأنه قدم سينما مختلفة
وغامر بتصوير الفيلم ابيض واسود وده معجبش الناس
عاطف الطيب اللي بنعتبره استاذ سينما الواقعية كان فيلمه الأول " الغيرة
القاتلة " سنة 1982 بطولة نور الشريف ويحي الفخراني والناس معجبهاش الفيلم
ولم تعترف بعاطف الطيب كمخرج الا بعد فيلم سواق الاتوبيس لأنه مباشر جدا
كمان المخرج العظيم داود عبدالسيد سنة 1991 قدم فيلم " البحث عن سيد مرزوق
" بطولة نور الشريف وعلي حسنين ولوسي واثار الحكيم وطبعا الفيلم لم ينجح زي
فيلم الكيت كات الذي استخدم لغة سينمائية وصلت للناس بينما سيد مرزوق قدم
رؤية سينمائية راقية لم يعتادها الجمهور
حتي صلاح ابوسيف لما قدم " السقا مات " عام 1979 الناس محبتش الفيلم لأنه
فيلم مقبض وبيناقش قضية الموت والحياة بشكل فلسفي ومن انتاج يوسف شاهين
والناس محبتوش زي باقي افلام صلاح ابوسيف رغم قيمته الفنية العالية
بعد كل الكلام الكثير ده عايز اوصل فكرة مهمة ان افلام كثير لمخرجين كبار
لم تحظي بالجماهيرية المطلوبة رغم ان لغتها السينمائية كانت سابقة عصرها
ولكن الناس تريد ان تشاهد ما اعتادت عليه
حتي الفنانين هما ايضا شريحة من الجمهور مش عايزين يفكرو ومش مهمومين
باللغة السينمائية واساليب مناقشة المشكلات
لذلك صدمهم فيلم عمر الزهيري " ريش " لأنه بيقدم سينما غير تقليدية واتحدي
لو حد قدر يعرف المصنع اللي شغال فيه جوز دميانة بينتج ايه او مكانه فين
رغم انه في أحد المشاهد باين كوبري بعيد متعرفش ده الدائري والا كوبري اخر
والبطلة مقيمة في سكن الشركة اللي هو بائس وكئيب فوق الوصف ورغم كدة مش
قادرين يدفعوا الايجار
الفيلم ملئ بالرموز من شكل قسم الشرطة الي المستشفي والرمز الأكبر هو
الفرخة العبئ الكبير الذي حملته دميانة طول الفيلم وحين عاد الزوج في نهاية
الفيلم كان في حالة صمت وظل عبئ زي الفرخة
طبعا الفيلم فيه الحوار قليل لكنه بيوظف الصورة وتتابع المشاهد ليعرض
مفردات حياة الكادحين اللي ممكن متكونش في مصر خالص وتكون في اي مكان اخر
في العالم بطيئة وراكدة ومقبضة
مشكلة عمر الزهيري ان استخدم لغة سينمائية غير معتادة وكسر القوالب اللي
متعودين عليهاواهتم بتصوير الحالة وتطورها وده سبب حصد الجوايز
التجديد دايما بيبقي صعب ومرفوض حتي في الرسالات السماوية هنلاقي الناس
رفضت الجديد وتمسكت بما توارثوه من الاباء والاجداد
يوسف شاهين وصلاح ابوسيف وتوفيق صالح والعديد من رواد السينما المصرية
قدموا اعمال لم يتقبلها الناس وقت عرضها واستوعبوها بعد سنوات
لذلك هل نظل اسري افلام السبكي ونقدم المعتاد والمتعارف عليه ام نسعي للبحث
عن وسائل واساليب وطرق جديدة لتصوير وتجسيد واقعنا المرير
في فيلم اسمه " أطفال العصافير" للمخرج الصديق طارق الزرقاني عن معاناة
الأطفال في قري الصف واطفيح في مصانع الطوب الفيلم معمول حلو ولكن بيصدمك
بحقيقة البعض مش عايز يصدقها زي الاب اللي مشغل عياله الاربعة ومعرضين
للاصابة والموت وهو قاعد يلعب كوتشينة علي القهوة ويشرب مخدرات بعرق عياله
الحقيقة موجعة ومؤلمة والواقع مرير اكثر بعشرات المرات مما تعرضه هذه
الافلام ومش لازم كل الافلام تعرض مشاكل سكان الكمبوندات وقري الساحل
الشمالي لأن مصر فيها ناس تانية ومحتاجين فن يعبر عن مشاكلهم
الفيلم تقيل وومكن يبقي كئيب جدا لكن الواقع اشد مرارا والما مما عرضه
الفيلم
ومش هنتقدم ولا نتطور الا بكسر الطرق والاساليب القديمة والاشكال القديمة
في الشعر والموسيقي والفن التشكيلي والادب والمسرح والسينما
ولذلك رغم اني مش متخصص الا اني باحب السيما وشكرا لكل صناع
"
ريش" علي هذه الوجبة السينمائية الدسمة
والفن والثقافة قاطرة التقدم والتطوير
إلهامي الميرغني
23/10/2021 |