برسالة مؤثرة.. جمال سليمان يودع حاتم علي
كاتب منذ
دقيقة واحدة
وجه الفنان جمال سليمان، رسالة مؤثرة، إلى المخرج الراحل
حاتم علي، بعد نقل جثمان الأخير إلى سوريا لدفنه في موطنه.
كتب “سليمان” عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى “فيس
بوك”: “أخي وصديقي المخرج المبدع حاتم علي أكتب إليك وأنت في الطائرة التي
تقلك إلى وطننا سوريا في عودة أبدية، وأنا هنا في القاهرة. اليوم كان
وداعنا الأخير. لا أعرف متى سنلتقي ثانية، و لكن لا شك أننا سنلتقي”.
تابع: “كنا قد تحدثنا أنا وأنت مطولا يوم الاثنين حول العمل
وأخبرتني أنك ستبدأ التصوير مع بداية العام، واتفقنا أننا سنكون معا بعد
يومين كي نودع العام الحالي ونستقبل العام القادم، وتمنينا أن لا يكون بسوء
هذا العام، لكن الأقدار غيرت المواعيد والخطط فلا الكاميرا ستجدك وراءها
ولا العام الجديد سيجدك في استقباله. فقد أصبحت في ملكوت آخر حيث لا أسماء
ولا أرقام فيه للأيام والشهور، ولا حدود فيه بين السنين”.
أردف: “رحيلك المفاجئ هذا أحدث صدمة كبيرة، وخلف حزنا ليس
فقط بين أهلك وأصدقائك وكل الذين أسعدهم العمل معك وأضاق لمسيرتهم الكثير،
بل في كل أرجاء الوطن العربي. الناس تنعيك بأسى شديد وتقول إنك كنت مخرجا
كبيرا وإنسانا مثقفا تركت لهم تراثا فنيا استثنائيا سيعيش دائما في
وجدانهم. هم محقون في قولهم هذا.
لطالما عاتبتك عن عدم رضاك عما تقدمه.. بعد كل نجاح كبير
كنت تصنعه بتفانيك ودأبك وإخلاصك واهتمامك بأدق التفاصيل، كنت أحزن لأنك لا
تعيش فرحة النجاح كما يحق لك أن تعيشها. و كنت تقول لي (كان من الممكن أن
نفعلها بشكل أفضل).. كنت تتحدث عن عيوب لم ينتبه لها أحد، وكنت استاء وأقول
لك يا رجل الكمال لله”.
استكمل: “دعك من تلك التفاصيل واحتفل بالنجاح فأنت تستحق
ذلك، ولكنك كنت ناقدا قاسيا على نفسك. كنت تحب الناس وتؤمن بوعيهم وذكائهم
وكنت تؤمن بأهم يستحقون أن يعرفوا الحقيقة، وبأنك لم تفعل ما يكفي من أجل
ذلك.
واليوم، هؤلاء الذين سعيت لأن تمتع قلوبهم وعقولهم يقولون
فيك كلمتهم التي لا شك أنها ستسعد روحك وتجعلك أخيرا تصدق يا أخي وصديقي
أنك نجحت في أن تصل إليهم، وهم يقدرون ذلك… إن ما قيل فيك يثبت أن الناس هم
كما كنت دائما تراهم يعرفون الفرق بين الغث والثمين، وبين الحقيقة
والتلفيق. ما يقولونه بك هو تعبير عن رفضهم للتفاهة انحيازهم للقيمة”.
أضاف: “أما نحن زملاءك في هذه المهنة فنحن ندين لك بالكثير.
نيابة عنا جميعا قاتلت كي تأخذ العمل الفني إلى مستويات غير مسبوقة، وتفتح
أفاقا جديدة، وتضع مقياسا جديدا لما يجب أن تكون العملية الإنتاجية والفنية
عليه. لك ندين بالكثير من نجاحاتنا لأنك وضعتنا أمام تحد كبير بعد أن هيأت
لنا كل الظروف. معك كنا نطمأن ونعرف أن كل تفصيل مهما صغر كان ضروريا لا
لأنه كان جميلا ومبهرا فقط، بل لأنه كان ذا معنى”.
واصل: “أما رحلتي الشخصية والمهنية معك فهي حكاية طويلة
مليئة بالتفاصيل الفنية والإنسانية والفكرية يطول الحديث عنها، ولكن كي لا
أطيل عليك سأكتفي هنا بالقول شكرا لك.. لقد تشرفت بالعمل معك، وبالرغم من
كل الصعوبات والتحديات كنت سعيدا وفخورا. شكرا يا صديقي أنك وثقت بي
ومنحتني صداقتك… شكرا على كل مرة طلبت مني أن أعيد اللقطة بطريقة مختلفة..
شكرا على كل مرة قلت لي (يمكن لنا أن نفعلها بشكل أفضل)”.
اختتم: “لا شيء سيعوض فقدانك عند زوجتك ورفيقتك دلع
وأبناءكما عمر وغزل وغالية ولكن تأكد أنهم سيبقون دائما في قلوبنا وسنبقى
وإياهم أسرة واحدة، فمحبتهم من محبتك. ملاحظة أخيرة: عندما التقطت لك هذه
الصورة أثناء تصوير التغريبة الفلسطينية لم أتخيل أبدا أن أعود وأبحث عنها
كي استخدمها في وداعك”.
أخي و صديقي المخرج المبدع حاتم علي
أكتب إليك و أنت في الطائرة التي تقلك إلى وطننا سوريا في
عودة أبدية، و أنا هنا في القاهرة. اليوم كان وداعنا الأخير. لا أعرف متى
سنلتقي ثانية، و لكن لا شك أننا سنلتقي.
كنا قد تحدثنا أنا و أنت مطولا يوم الاثنين حول العمل و
أخبرتني انك ستبدأ التصوير مع بداية العام، و اتفقنا أننا سنكون معا بعد
يومين كي نودع العام الحالي و نستقبل العام القادم و تمنينا أن لا يكون
بسوء هذا العام، لكن الأقدار غيرت المواعيد و الخطط فلا الكاميرا ستجدك
وراءها و لا العام الجديد سيجدك في استقباله. فقد أصبحت في ملكوت آخر حيث
لا أسماء و لا أرقام فيه للأيام و الشهور، و لا حدود فيه بين السنين.
رحيلك المفاجئ هذا أحدث صدمة كبيرة، و خلف حزنا ليس فقط بين
أهلك و أصدقائك و كل الذين أسعدهم العمل معك و أضاق لمسيرتهم الكثير، بل في
كل أرجاء الوطن العربي. الناس تنعيك بأسى شديد و تقول إنك كنت مخرجا كبيرا
و إنسانا مثقفا تركت لهم تراثا فنيا استثنائيا سيعيش دائما في وجدانهم. هم
محقون في قولهم هذا.
لطالما عاتبتك عن عدم رضاك عما تقدمه.. بعد كل نجاح كبير
كنت تصنعه بتفانيك و دأبك و إخلاصك و اهتمامك بأدق التفاصيل كنت أحزن لأنك
لا تعيش فرحة النجاح كما يحق لك أن تعيشها. و كنت تقول لي "كان من الممكن
أن نفعلها بشكل أفضل".. كنت تتحدث عن عيوب لم ينتبه لها أحد، و كنت أستاء و
أقول لك يا رجل الكمال لله، دعك من تلك التفاصيل و احتفل بالنجاح فأنت
تستحق ذلك، و لكنك كنت ناقدا قاسيا على نفسك. كنت تحب الناس و تؤمن بوعيهم
و ذكائهم و كنت تؤمن بأهم يستحقون أن يعرفوا الحقيقة، و بأنك لم تفعل ما
يكفي من أجل ذلك.
و اليوم، هؤلاء الذين سعيت لأن تمتع قلوبهم و عقولهم يقولون
فيك كلمتهم التي لاشك أنها ستسعد روحك و تجعلك أخيرا تصدق يا أخي و صديقي
أنك نجحت في أن تصل إليهم، و هم يقدرون ذلك... إن ما قيل فيك يثبت أن الناس
هم كما كنت دائما تراهم يعرفون الفرق بين الغث و الثمين، وبين الحقيقة و
التلفيق. ما يقولونه بك هو تعبير عن رفضهم للتفاهة انحيازهم للقيمة.
أما نحن زملاءك في هذه المهنة فنحن ندين لك بالكثير. نيابة
عنا جميعا قاتلت كي تأخذ العمل الفني إلى مستويات غير مسبوقة، و تفتح أفاقا
جديدة، و تضع مقياسا جديدا لما يجب أن تكون العملية الإنتاجية و الفنية
عليه. لك ندين بالكثير من نجاحاتنا لأنك وضعتنا أمام تحد كبير بعد أن هيأت
لنا كل الظروف. معك كنا نطمأن و نعرف أن كل تفصيل مهما صغر كان ضروريا لا
لأنه كان جميلا ومبهرا فقط، بل لأنه كان ذا معنى..
أما رحلتي الشخصية و المهنية معك فهي حكاية طويلة مليئة
بالتفاصيل الفنية و الإنسانية و الفكرية يطول الحديث عنها، و لكن كي لا
أطيل عليك سأكتفي هنا بالقول شكرا لك.. لقد تشرفت بالعمل معك، و بالرغم من
كل الصعوبات و التحديات كنت سعيدا و فخورا. شكرا يا صديقي أنك وثقت بي و
منحتني صداقتك... شكرا على كل مرة طلبت مني أن أعيد اللقطة بطريقة مختلفة..
شكرا على كل مرة قلت لي "يمكن لنا أن نفعلها بشكل أفضل".
لا شئ سيعوض فقدانك عند زوجتك و رفيقتك دلع و أبناءكما عمر
و غزل و غالية و لكن تأكد أنهم سيبقون دائما في قلوبنا و سنبقى و إياهم
أسرة واحدة، فمحبتهم من محبتك.
ملاحظة أخيرة: عندما التقطت لك هذه الصورة أثناء تصوير
التغريبة الفلسطينية لم أتخيل أبدا أن أعود و أبحث عنها كي استخدمها في
وداعك.
يشار إلى أن المخرج الكبير حاتم علي رحل عن عالمنا الثلاثاء
الماضي، إثر وفاته بأزمة قلبية في فندق “الماريوت” الذي كان يقيم به
استعدادا لتصويره إحدى المسلسلات السورية، التي تشهد تصوير بعض مشاهدها في
مصر. |