شويكار.. تاريخ لا ينسى من البهجة والكوميديا الإنسانية
كتب ــ محمد عباس:
·
الوسط الفنى يودع سيدة الفن الجميلة فى مشهد حزين
·
انتزعت آهات أبوالفنون وطافت عالم السينما والدراما بحالة
خاصة
«سيدتى
الجميلة» ليست مجرد مسرحية قدمتها الفنانة الكبيرة شويكار عام 1969 مع
زوجها فى تلك الفترة الفنان الكبير فؤاد المهندس، مكونة معه ثنائيا يعد
أكثر الثنائيات تميزا على مدى تاريخ الفن، بل أصبح وصفا دقيقا لشويكار لما
تتحلى به من جميع صفات الأنثى الجميلة، منها الجاذبية والسحر والشقاوة
والدلع وخفة الدم والرقى والروح الحلوة، لتصبح أيقونة للجمال والرقى، إلى
جانب كونها ممثلة عظيمة تؤدى بكل احترافية جميع أشكال الدراما بالمسرح
والسينما والتلفزيون.
بينما كانت الرحلة كلها تمثل تاريخا من البهجة والسعادة
لجمهورها، جاء مشهد النهاية مؤلما وحزينا، حيث شيع جثمان النجمة الراحلة من
مستشفى الصفا، إلى مثواها الأخير بمقابر الأسرة بمدينة 6 أكتوبر بعد أداء
صلاة الجنازة عليها عقب صلاة الظهر.
وتوافد عدد من الفنانين لحضور مشهد الوداع منهم ميرفت امين
ودلال عبدالعزيز واشرف زكى نقيب الممثلين ومنير مكرم إلى جانب ابنة شويكار،
ومنة حسين فهمى ومحمد نجل الفنان فؤاد المهندس الذى حرص على الحضور
للمشاركة فى الجنازة ودخل فى موجة من البكاء وعدد من أفراد أسرتها.
وأتت البداية عندما شهدت الإسكندرية فى 24 نوفمبر عام 1936،
ولادة فتاة مصرية ذات أصول تركية شركسية، حيث كان والدها تركى الأصل
ووالدتها صاحبة أصول شركسية، واسمها شويكار إبراهيم طوب الثقال، وعمل جدها
ضابطا فى جيش محمد على باشا ولقب بـ«طوب ثقال» وهو لقب تركى يحصل عليه
أصحاب المقام الرفيع.
تربت شويكار بمنطقة مصر الجديدة، وألحقها والدها بالمدارس
الفرنسية، وغرس فيها حب الشعر والقراءة، كما تربت فى بيت محب للموسيقى، حيث
كانت والدتها متميزة فى العزف على البيانو، وبما يتناسب مع عائلتها صاحبة
المقام الرفيع تقدم للزواج منها أحد الشباب الأثرياء وهى فى سن السادسة
عشرة من عمرها، وهو المهندس حسن نافع، وتم الزواج بمباركة والدها وهى فى
المرحلة الثانوية، وبعد عام من الزواج أنجبت ابنتها «منة الله».
ولم تستمر حياة شويكار السعيدة والمستقرة سوى عامين، حيث
أصيب زوجها بمرض خطير توفى على إثره، لتصبح أرملة وأما لطفلة وهى فى عمر
الثامنة عشرة، وتتحمل المسئولية فى سن صغيرة وتجمع بين الدراسة والعمل
وتربية ابنتها، وتتوج بلقب الأم المثالية وهى فى عمر العشرين نتيجة لذلك
بنادى سبورتنج فى الإسكندرية، ثم التحقت شويكار بكلية الآداب قسم اللغة
الفرنسية.
ظهرت ميول شويكار الفنية وهى فى الرابعة من عمرها، وكانت
الفنانة الكبيرة ليلى مراد هى نجمتها المفضلة حينها، واكتشفها المخرج فطين
عبدالوهاب إذ وجد فيها موهبة فنية خاصة فى مجال الكوميديا، وأثناء دراستها
بالجامعة قررت أن تبحث عن فرصة فى المجال الفنى وتدخل عالم التمثيل، فنصحها
المخرج حسن رضا الذى كان مقربا من أسرتها، فرشحها للعمل بفرقة «أنصار
التمثيل» وشاركت معهم فى أكثر من مسرحية، ثم قررت شويكار أن تتعمق أكثر
وتطور من نفسها فذهبت لتتلقى دروس للتمثيل على يد عبدالوارث عسر ومحمد
توفيق، وعملت فى أدوار تراجيدية.
وقدمت شويكار أول فيلم لها «حبى الوحيد» عام 1960، ووقفت
أمام عمر الشريف، ونادية لطفى، وكمال الشناوى، وعبدالمنعم إبراهيم، لتقدم
بعدها ما يقرب من 104 أفلام أبرزها «غرام الأسياد» مع (عمر الشريف، أحمد
مظهر، لبنى عبدالعزيز)، «آخر فرصة» مع (فريد شوقى، محمود المليجى، ليلى
طاهر)، و«المجانين فى نعيم» مع (رشدى أباظة، إسماعيل يس، زهرة العلا، نجوى
فؤاد، توفيق الدقن، إستيفان روستى، ميمى شكيب، زينات صدقى)، و«صاحب
الجلالة» مع (فريد شوقى، سميرة أحمد، فؤاد المهندس، حسن فايق، توفيق
الدقن)، و«هارب من الزواج» مع (فؤاد المهندس، محمود المليجى، حسن فايق، أبو
بكر عزت، نجوى فؤاد، سمير صبرى، سهير البارونى)، و«أدهم الشرقاوى» مع
(عبدالله غيث، لبنى عبدالعزيز، سميحة أيوب، توفيق الدقن، محمد رضا)، و«أخطر
رجل فى العالم» مع (فؤاد المهندس، سهير البابلى، عادل أدهم، حسن مصطفى،
إبراهيم سعفان، سمير صبرى)، و«أرض النفاق» مع (فؤاد المهندس، سميحة أيوب)،
و«السقا مات» مع (فريد شوقى، عزت العلايلى، أمينة رزق، تحية كاريوكا)،
و«أمريكا شيكا بيكا» مع (محمد فؤاد، نهلة سلامة، سامى العدل، الشحات مبروك،
عماد رشاد، أحمد عقل، محمد لطفى)، وآخر أفلامها «كلمنى شكرا» مع (عمرو
عبدالجليل، غادة عبدالرازق، داليا إبراهيم، صبرى فواز، شادى خلف، حورية
فرغلى).
ثم جاءت الفرصة التى غيرت حياة شويكار، حينما رشحت لتقديم
بطولة مسرحية «السكرتير الفنى» عام 1963، وكان من المفترض أن يقدم البطولة
أمامها الممثل السيد بدير، ولكنه سافر بشكل مفاجئ ليحصل فؤاد المهندس على
بطولة المسرحية، لتبدأ علاقة الحب بينهما.
ومنذ عملهما الأول فى مسرحية «السكرتير الفنى» بدأ إعجاب
فؤاد المهندس بشويكار، ليتكرر التعاون بينهما فى مسرحية «أنا وهو وهى» فى
نفس العام، ويفاجئ «المهندس» شويكار فى إحدى المرات أثناء وقوفهما على
المسرح أمام الجمهور بخروجه عن النص، ويقول لها «تتجوزينى يا بسكوتة؟»
فتوافق على الفور وتبدأ قصة حبهما، ووصفت شويكار هذا الحدث بإنه محفور فى
ذاكرتها ولا يمكن أن تنساه.
لم يرتب فؤاد المهندس وشويكار، للخطوة التالية أو أى تفاصيل
خاصة بالزفاف، وانشغلا فى تصوير فيلم «هارب من الزواج» الذى عرض عام 1964،
ويفاجئ «المهندس» شويكار مرة أخرى أثناء تصوير آخر مشاهد الفيلم، حين قال
لها «يلا نتجوز دلوقتى»، حيث كانت ترتدى فستانا أبيض وهو يرتدى بدلة سوداء،
وهى المستخدمة فى التصوير، فيذهبان إلى المأذون فى الثانية فجرا لإتمام
الزواج، بصحبة مخرج الفيلم حسن الصيفى، والفنانة زهرة العلا، وشقيق فؤاد
المهندس، ليكونا ثنائيا يعد أكثر الثنائيات تميزا على مدى تاريخ الفن، قدما
خلال مشوارهما الكثير والكثير من الأعمال الخالدة فى ذاكرة السينما
والمسرح، إلى أن أنفصلا بعد زواج دام لعشرين عاما، ولم يكشف أى منهما عن
أسباب الانفصال ولكنهما أشارا إلى أن غيرة فؤاد المهندس على شويكار هى
السبب، إلا أن الحب دام بينهما حتى بعد انفصالهما، فقد قالت شويكار عن
المهندس «كان لى الحبيب والصديق والزوج والأخ والمعلم واعتقد بأننى كنت
الحب الأول والأخير فى حياته»، وقال محمد نجل فؤاد المهندس إن والده كان
يأكل من يد شويكار لآخر لحظة فى حياته، كما قالت شويكار عندما تقدم العديد
للزواج منها بعد الانفصال «اللى يتجوزنى يكون مش أقل من فؤاد المهندس».
وقدمت شويكار ما يقرب من 20 مسرحية، أبرزها «السكرتير الفنى»
مع (فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولى، نظيم شعراوى، مديحة حمدى، عبدالوارث
عسر، جمال إسماعيل، صلاح السعدنى)، و«أنا وهو وهى» مع (فؤاد المهندس، سلامة
إلياس، عادل إمام، الضيف أحمد)، و«سيدتى الجميلة» مع (فؤاد المهندس، حسن
مصطفى، جمال إسماعيل، زوزو شكيب، نظيم شعراوى، عبدالله فرغلى، فاروق فلوكس،
سيد زيان)، و«أنا فين وانتى فين» مع (فؤاد المهندس، نظيم شعراوى، سلامة
إلياس، عادل إمام)، و«حالة حب» مع (فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولى، سلامة
إلياس، عادل إمام)، و«حواء الساعة 12» مع (فؤاد المهندس، زهرة العلا، حسن
مصطفى، محمد يوسف، عبدالله فرغلي)، و«إنها حقا عائلة محترمة» مع (فؤاد
المهندس، أمينة رزق، محمود الجندى، عبدالله فرغلي)، و«الزيارة انتهت» مع
(محمود ياسين، عبدالله فرغلى، فاروق فلوكس، أحمد راتب، محمود شكوكو، أحمد
عقل).
وأحتوى تاريخ شويكار التلفزيونى على 40 مسلسل، أبرزهم
«مليون فى العسل» مع (إبراهيم سعفان، حسن عابدين، أسامة عباس، إبراهيم
نصر)، و«بين القصرين» و«قصر الشوق» مع (محمود مرسى، هدى سلطان، معالى زايد،
صلاح السعدنى)، و«ترويض الشرسة» مع (آثار الحكيم، وائل نور، حسن مصطفى، علا
رامى، أحمد السقا، أحمد شاكر عبداللطيف، مها أحمد، محمود القلعاوي)، و«يوم
عسل يوم بصل» مع (وائل نور، شريف منير، ممدوح وافى، رانيا فريد شوقى، حنان
شوقى، عبدالله فرغلى، حسن حسنى، خيرية أحمد، حسن مصطفى)، و«هوانم جاردن
سيتى» مع (حسين فهمى، صفية العمرى، هشام سليم، عبلة كامل، عزت أبو عوف،
ليلى فوزى، عايدة كامل، مديحة يسرى)، و«امرأة من زمن الحب» مع (سميرة أحمد،
يوسف شعبان، عبلة كامل، هشام سليم، محمد رياض)، و«العاشقان» مع (نور
الشريف، بوسى، عبدالمنعم مدبولى، عزت أبو عوف، رجاء الجداوى، أحمد بدير)،
و«بنت من شبرا» مع (ليلى علوى، طارق لطفى، عزت أبو عوف، سميرة عبدالعزيز)،
و«أحزان مريم» مع (ميرفت أمين، سوسن بدر، عماد رشاد، شريف رمزى، حسين
الإمام، دنيا سمير غانم، كريم محمود عبدالعزيز، زيزى مصطفى)، وأخر أعمالها
التلفزيونية مسلسل «سر علنى» مع (غادة عادل، صبرى فواز).
وتوفيت شويكار، أمس الأول، عن عمر يناهز 85 عاما، وذلك عقب
تعرضها لوعكة صحية نقلت على إثرها إلى مستشفى الصفا، وشيع جثمانها من
المستشفى، واستقر بمقابر الأسرة بمدينة 6 أكتوبر. |