حوار| أنسي أبو سيف: تكريم الجونة أسعدني و«المومياء» الأهم
في تاريخي
رانيا الزاهد
كرم مهرجان الجونة في دورته الرابعة، مدير المناظر أنسي
أبو سيف،
بجائزة الإنجاز الإبداعي عن مجمل أعماله ومسيرته الفنية الناجحة.
عبر
أنسي أبو سيف عن سعادته بالتكريم، والاهتمام بصناع الأفلام، موضحا أن
التكريم من المهرجان يعني أن الفنان يسير في الاتجاه الصحيح.
قدم أبو سيف أعمال مهمة منها الذي غلب عليه الطابع
التاريخي، ضمن مجموعة أفلام متميزة شكلت جزءاً من تاريخ السينما المصرية،
على مدى 40 عاماً من مشواره الفني، بدأ في العمل ضمن فريق فيلم المومياء،
واحدا من أهم 100 فيلم في تاريخ السينما، بالإضافة لتعاونه مع عدد من
المخرجين الكبار مثل الراحل يوسف شاهين، وصديقه المخرج داود عبد السيد، حول
تجاربه السينمائية، ومدى اهتمام المخرجين بالديكور كأحد العناصر المهمة في
الفيلم، كان لـ«بوابة أخبار اليوم» معه الحوار التالي على هامش مهرجان
الجونة.
•
كيف بدأت علاقتك بتصميم ديكور الأفلام؟
منذ تخرجي في معهد الفنون الجميلة، أحب السينما والديكورات،
لذا تقدمت إلى المعهد العالي للسينما، وبعدما تخرجت قدمت أول أفلامي وهو
يوميات نائب في الأرياف الذي اعتز بتجربته كثيراً، وكان فاتحة خير عليّ،
وعلى خطواتي التالية.
•
قدمت الحارة الشعبية بشكل مختلف في ثلاثة أفلام الكيت كات
وسارق الفرح وإبراهيم الأبيض.. هل كنت حريصاً على هذا الاختلاف أم فرضه
الورق؟
حرصت على الاختلاف طبعاً؛ مثلاً، في الكيت كات لم أنقل
الحارة بشكلها التقليدي ولكن روح المكان وارتباط العمل أساسا بمنزل يتم
بيعه للحصول على الحشيش، فكان لابد أن يكون لهذا المنزل شخصية
مختلفة؛ فقدمته بطابع معماري تغير بتغير السكان، ايضًا حينما عُرض عليّ
إبراهيم الأبيض وقرأت قصته، رفضته لأنني جدت حارته مطابقة لحارة الكيت كات،
ولكن إصرار الصانعين جعلني أعيد النظر فيه، وطلبت منهم ألا تكون الحارة هي
نفسها التي صممتها في الفيلم السابق، وهو ما حدث، إذ قدمته بشكل مختلف في
حضن الجبل.
•
هل يجب أن يتفق المخرج ومصمم المناظر في تحديد الديكور
المناسب أم تنفرد برؤيتك؟
أنسق بين رؤيتي وبين رؤيته، لأن العمل الفني جماعي لا يمكن
لأي أحد الانفراد برؤيته، سواء كان مهندس ديكور أو مصوراً أو مخرجاً، لابد
من مزج رؤية جميع هؤلاء التعاون وتحديد رؤية مناسبة للموضوع، إذا اختلفت
ولم اقتنع أرفض العمل لأنني لن أستطيع تنفيذه دون رؤية فنية واقتناع.
•
هل سبق وشكل الانتاج مشكله في أعمالك؟
أضع في اعتباري دائماً ميزانية كل عمل قبل المشاركة فيه،
وإن حدثت أزمة خلال التصوير، أحاول البحث عن سُبل ترشيد الإنفاق، على ألا
يؤثر ذلك على مستوى الديكورات، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي
تعانيها السينما منذ سنوات، فأحلام الصانعين كبيرة تحجمها الميزانيات.
•
ما هي خطواتك في تحديد ديكور الفيلم الملائم؟
تبدأ مراحل العمل في الفيلم من السيناريست الذي يتقدم
بسيناريو إلى مخرج يقترح بدوره على منتج قراءته، وتمويله إن أعجب به، ثم
يُعرض السيناريو على مهندس ديكور قبل الممثل والمصور لأنه هو من يحوِّل
الورق المكتوب إلى واقع عبر مشاهد في حارات شعبية أو ديكورات تاريخية، ثم
يضع تصورات للأماكن في الفيلم لتحديد الخارجية منها وتلك التي ينبغى
بناؤها، أو إذا كان التصوير سيتم في شارع او بناء ديكور خاص، ذلك كله بناء
على ميزانية الفيلم. من ثم هنا تبدأ ترشيحات الفنانين.
•
هل على مهندس الديكور التواجد خلال التصوير؟
شخصياً، أرى أنه لا يمكن تنفيذ مشهد صممت الديكور له، فيما
أنا أجلس بعيداً، لذا أحاول أن أتواجد باستمرار في موقع التصوير، وأرفض
الارتباط بأكثر من عمل في الوقت نفسه.
•
هل التصوير داخل البلاتوهات أسهل من التصوير الخارجي
بالنسبة إلى مهندس الديكور؟
العمل في السينما عموماً لا يتضمن الأيسر والأصعب، فالفيلم
نفسه يحدد المشاهد التي يتم تصويرها إما في الداخل أو في الخارج.. للحقيقة،
أجد تسمية «مهندس الديكور» نفسها خاطئة، والأصح مهندس مناظر، لأن مهندس
الديكور متخصص في الذوق، أما مهندس المناظر فهو يهتم بالعناصر الداخلة في
الإطار، وثمة فرق بينه وبين منسق المناظر.
•
كيف ترى الاهتمام بالديكور في السينما؟
يتوقف الأمر على العمل نفسه، ومخرجه أو منتجه، فإذا كان
أحدهما يضع الأولوية للعناصر الفنية كافة بشكل متناسب، فإنه بالطبع سيهتم
به، على عكس الحال إذا كان يهتم بإبراز الممثل عن غيره من بقية العناصر.
•
بين أفلام عدة قدمتها بأي تجربة تعتز؟
جميعها؛ فكل فيلم قدمته هو مغامرة تعايشت معها في ظروفها
كافة، وسعدت بنتائجها أياً كانت، وأعتبرها ناجحة رغم أنها قد لا تكون ناجحة
على مستوى الصناعة، لكن يظل فيلم المومياء الأهم في تاريخي، فقد تعلمت فيه
كل شيء خاص بهذه المهنة ضمن فريق عمل كبير ومع مخرج أعطى كل ما يملك وبذل
كل جهده لتحقيق حلمه في تقديم فيلم عن بلده التي يعشقها، وبالفعل اصبح
المومياء لشادي عبد السلام واحد من اهم 100 فيلم في تاريخ السينما وعملت في
الفيلم بصفتي مساعد تصميم من الدرجة الرابعة، وكلفني صانعو العمل بالاهتمام
بكل ما يتعلق بالجانب التاريخي، من نحت ورسم لـ 40 تابوت، تعلمت منه
الكثير، وأعتبرها مرحلة مهمة في مشواري، وأفخر بكوني أحد تلامذة شادي عبد
السلام، ولمست ذلك حينما كبرت، وأصبحت أملك خبرة واسعة.
•
تؤخذ عليك قلة أعمالك السينمائية لرفضك بعض الأعمال؟
لأنني لا أشارك في فيلم غير مقتنع بفكرته أو أشعر بأنني لا
أملك رؤية جديدة أقدمها فيه، حتى أنني خلال 40 سنة هي عُمر مشواري الفني لم
أقدم عدداً كبيراً من الأفلام، فكنت أشارك في عمل، وأتوقف سنوات، ثم أعود
بفيلم أرى أنني سأتمكن من العمل فيه.
•
تعاونت مع مخرجين كثّر أمثال محمد خان وخيري بشارة ويسري
نصر الله ويوسف شاهين... ما الذي يميز كل واحد منهم؟
كل مخرج منهم صاحب شخصية مختلفة عن غيره تماماً، لكنهم
يجتمعون في كونهم يهتمون بالتفاصيل في العمل، وهذا أمر يريحني وأعتبره
جزءاً من أسلوبي. خان مثلاً، يفضل التصوير الخارجي عن الديكورات المحددة،
لذلك تخرج أفلامه حية وصادقة. |