دورتان لمهرجان سينمائي وليد في عام واحد. إنه تحدٍ كبير
ومغامرة. عن مهرجان العين السينمائي أتحدث. لكن الدهشة، ربما، تزول بمعرفة
مَنِ الشخص المؤسس الذي يُديره، ويقف وراء بزوغه، بكل ما يمتلك من الإرادة
والعزيمة والجلد حتى يُحقق أهدافه. إنه المخرج والكاتب المنتج الإماراتي
عامر سالمين المري، الذي ألف، وأخرج فيلم "عاشق عموري" ٢٠١٨ والذي حصد ثلاث
جوائز، منها جائزة أفضل مخرج في مهرجان دلهي السينمائي. كما سبق لعامر أن
أصدر مجلة سينمائية مهمة لعدد من السنوات، وأشرف على إنتاج عدد من الأفلام
الإماراتية المهمة منها فيلم "ساير الجنة" والذي حصد عددا من الجوائز وهو
من إخراج وتأليف أخيه سعيد سالمين.
تكريم أحمد بدير
بعد سبعة أشهر فقط من انتهاء الدورة الأولى تنطلق بعد غدٍ
الأربعاء المقبل الموافق ٢٢ يناير فعاليات الدورة الثانية من مهرجان العين
السينمائي الذي يستمر حتى ٢٥ من الشهر نفسه، ويحتفي على مدار أربعة أيام
بعدد من الشخصيات الخليجية أساساً، ومع ذلك سيكرم الفنان المصري الكبير
أحمد بدير، في حضوره. مثلما تحضر من مصر الفنانة بشرى التي شاركت الدورة
الماضية في عضوية لجان التحكيم.
لا شك أن وجود أي مهرجان سينمائي هو نافذة مهمة
للسينمائيين، وعشاق الفن السابع، والطلاب الذين أخذتهم نداهة السينما، وإذا
وضعنا في الاعتبار سببًا إضافيًا يتعلق باختفاء كل المهرجانات السينمائية
المهمة في الإمارات، لذلك، تُضاف أهمية جديدة لمهرجان العين الذي يُعد
المنصة الوحيدة الآن للمحترفين وللمواهب الواعدة وللطلبة، والسينمائيين
الإماراتيين وكل العاملين في صناعة السينما والجمهور. سبب ثالث للأهمية
يتضح من تأكيد عامر سالمين المري فيما يخص رسالة المهرجان ورؤيته، إذ "تهدف
إلى خلق جيل من صناع السينما في الإمارات، وكذلك دعوة للإبداع وتخليد
الرموز والأحداث والقصص التي تستحق أن تُروى."
معهد السينما بمصر
من الأمور الجديدة اللافتة بهذه الدورة شيئان، الأول؛ توقيع
اتفاقية ومذكرة تفاهم جديدة خلال فعاليات المهرجان، مع المعهد العالي
للسينما في القاهرة، وذلك لخلق مبادرات جديدة لدعم الفيلم الإماراتي، مع
إضافة جائزة جديدة لدورة هذا العام، وهي جائزة "أفضل موهبة إماراتية في
الإبداع السينمائي"، وتمنح للمواهب المبدعة في مجالات التمثيل والإخراج
والتأليف، وذلك لتشجيعهم على الاستمرار في تحقيق حلمهم صناعًا للسينما.
والحقيقة أن هذه الاتفاقية أراها نتيجة طبيعية وإحدى ثمار
الدورة الماضية، فأقيمت أثناءها ندوات خاصة بصناعة السينما في الخليج
والإمارات، واستضافة شخصيات قادرة على الشرح والتوضيح وتقديم الخبرة
والتجارب، وكان في مقدمتهم د. هشام جمال الدين، مدير التصوير المصري ومخرج
الإعلانات ووكيل المعهد العالي للسينما بمصر، فإلى جانب رئاسته لجنة تحكيم
مسابقة الصقر الخليجي أيضاً قدم محاضرة على مدار ساعتين عن "العلاقات
التبادلية بين المخرج وأدوات الكاميرا"، مستعينا بخبراته ونماذج من تجاربه
فامتلأت القاعة بضيوف المهرجان الذين ضحكوا مرات عدة، وتفاعلوا معه ومع
أسلوبه الأدائي الشيق الساخر القادر على جذب الانتباه طويلاً وفي ذات الوقت
كان خلال طرح رؤيته يُثير الأفكار ويتقبل الاختلاف بشكل جعل النقاش ثريًا
وخصبًا.
فيلم الافتتاح
وقد اختار منظمو المهرجان الفيلم السوداني "ستموت في
العشرين"؛ ليكون فيلم الافتتاح بالدورة الثانية، في أول عرض سينمائي خليجي
له، وذلك بعد الصدى الكبير الذي حققه في مهرجانات عربية ودولية. الفيلم
مقتبس عن رواية "النوم عند قدمي الجبل" للكاتب السوداني حمور زيادة، وأخرجه
أمجد أبوالعلا، واشترك معه في الكتابة يوسف إبراهيم، ويعتبر هذا هو الفيلم
الروائي السابع في تاريخ السينما السودانية.
يُذكر أن المهرجان افتتح دورته السابقة بالعرض العالمي
الأول للجزء الثاني من الفيلم المصري "الكنز: الحب والمصير"، بحضور مخرجه
شريف عرفه الذي أقيمت له ندوة مهمة، وتم الاحتفاء به.
وكان مهرجان "العين السينمائي" - وفق تصريح مديره الفني
المخرج هاني الشيباني - قد استقطب هذا العام ٢٨٠ فيلمًا، تم اختيار ٥٦
فيلمًا، منها أفلام من الإمارات والخليج؛ لعرضها في المسابقة الرسمية، حيث
يتضمن المهرجان خمس مسابقات، ويمنح إحدى عشرة جائزة. وتتنوع مسابقات
المهرجان بين مسابقة "الصقر الإماراتي القصير" و"الصقر الخليجي الطويل"،
و"الصقر الخليجي القصير" و"أفلام المقيمين" و"أفلام الطلبة" و"سينما
العالم".
بس يا بحر
من المتوقع أن تشهد الدورة الثانية حضور عدد من نجوم "الفن
السابع" أبرزهم أحمد بدير وبشرى وطارق العلي وشيري عادل ومريم سلطان
والعديد من نجوم الفن والسينمائيون الإماراتيون والعرب.
كذلك سيتم تكريم عدد من المبدعين الخليجيين على مسيرتهم
الفنية الحافلة، ومنهم الفنان الإماراتي القدير ضاعن جمعة، والفنانة
الإماراتية مريم سلطان، والفنان الكويتي طارق العلي، والمخرج الكويتي
القدير خالد الصديق الذي تولى إخراج أول فيلم خليجي "بس يا بحر".
فيلم "بس يا بحر" كان له نصيب أيضاً من تكريمات الدورة
الأولى، وذلك بتكريم الممثلة الكويتية حياة الفهد، التي قدمت العديد من
الأدوار المميزة، وكان أول فيلم تشارك في بطولته "بس يا بحر" عام ١٩٧١.
مثلما تم تكريم الكاتب الإماراتي عبدالرحمن الصالح مؤلف "بس يا بحر".
يُقام المهرجان في مدينة العين تحت رعاية معالي الشيخ سلطان
بن طحنون آل نهيان عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ويتخذ المهرجان من
الصقر شعارًا للجوائز، ويأتي تحت شعار "سينما المستقبل"، وقد اختار
المنظمون أن يكون شهر يناير هو الموعد الثابت كل عام لانعقاد دورات
المهرجان، وذلك من أجل استمتاع زوار وضيوف ونجوم المهرجان وكل محبي "الفن
السابع" بالأجواء الشتوية في الإمارات، خصوصاً مع اختيار المعلم التاريخي
"قلعة الجاهلي" بأجوائها الخلابة؛ لتشهد حفل افتتاح وختام المهرجان، إضافة
إلى إقامة رحلات سياحية استثنائية؛ للتعريف بما تشتهر به مدينة العين من
مواقع أثرية ومعالم سياحية تعبر عن تراث الإمارات وحضارتها؛ ليكون "العين
السينمائي" بمثابة جسر يربط بين الاستمتاع بالسينما والترويج السياحي
لمدينة العين. |