جيل سينمائي جريء من المخرجات العربيات يعيد قراءة الواقع
والتاريخ
·
أفلام تعالج قصص نساء يقتلن في العراق وحكايات فلسطينية
بعيدة عن الحرب وتاريخ تونس من منظور آخر.
القاهرة
– إلى
جوار النجوم والنجمات على السجادة الحمراء في مهرجان سينمائي نظم أخيرا في
مصر، رائدة السينما في العالم العربي، برزت مخرجات شابات لفتن الانتباه
بأفلامهن التسجيلية الجريئة التي تنوعت موضوعاتها، من قتل النساء إلى
الثورات.
وأثناء مشاركتها في الدورة الخامسة لمهرجان الجونة
السينمائي، تحدثت الممثلة والكاتبة العراقية زهراء غندور (30 عاما) عن
المحتوى الثقيل لفيلمها التسجيلي “نساء حياتي”.
وتقول غندور إن “الموضوع الأساسي للفيلم هو حياة وموت سيدات
شابات وفتيات في العراق. فهو يتناول طريقة تعامل المجتمع العراقي مع جرائم
قتل المرأة كما لو كانت أمرا عاديا، سواء قتلن على يد أفراد عائلاتهن أو
نتيجة جريمة وقعت في الشارع”.
وتشير الفنانة العراقية إلى “ظهور جيل جديد خلال السنوات
الأخيرة بتوجه جديد” خصوصا بعد انتفاضة العام 2019 التي طالبت بإزاحة
الطبقة الحاكمة. وتتابع “نريد أن نخرج من القوالب الجامدة التي تضعنا فيها
السينما العالمية”.
ويتتبع فيلمها، الذي يتضمن جانبا روائيا إلى جانب الجوانب
الوثائقية وتؤدي بنفسها دور إحدى شخصياته الخمس الرئيسية، جريمة شنعاء قتلت
خلالها امرأة شابة، يشتبه في أن مرتكبيها هم أقارب زوجها. وتقول غندور
“كامرأة تعيش في المدينة، أسمع كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع عن شابة قتلت.
أنا شخصيا لا أشعر بالأمان”.
المخرجة ترى أن المجتمع العراقي لا يزال محافظا على نطاق
واسع تحكمه التقاليد القبلية والعادات المتوارثة سواء في العاصمة بغداد أو
في أبعد الأقاليم الريفية وهو ما ينعكس سلبا على النساء
وترى أن المجتمع العراقي لا يزال محافظا على نطاق واسع
تحكمه التقاليد القبلية والعادات المتوارثة سواء في العاصمة بغداد أو في
أبعد الأقاليم الريفية وهو ما ينعكس سلبا على النساء.
وتضيف “إن حياتنا كعراقيين بشكل عام غير مستقرة ولكن قتل
النساء بصفة خاصة لا يمكن الاستهانة به، فالأمر يتعلق بالحياة والموت”.
أما رافيا عريدي، وهي منتجة فلسطينية مستقلة، فتعتبر
الأراضي الفلسطينية الممزقة بفعل الاحتلال الإسرائيلي لوحة سينمائية تروي
من خلالها حكايات جديدة. وتعمل عريدي مع المخرجة الفلسطينية-الأميركية هند
شوفاني على فيلمها الجديد “زرعوا أشجارا غريبة” الذي يجتهد طاقم العمل
الدولي لوضع اللمسات الأخيرة عليه.
وتقول عريدي إن الفيلم “هو رحلة تأمل في الجليل تتبع الحياة
اليومية للقرية التي تنحدر منها المخرجة، وتلتقي فيها أسرتها الكبيرة للمرة
الأولى منذ أن تركتها قبل عشرين عاما بعد أن فقدت والديها”.
وتشرح عريدي كيف أن السينما الفلسطينية المستقلة بتراثها
الثري هي التي فتحت المجال لظهور مخرجين بارزين مثل هاني أبوأسعد وإيليا
سليمان اللذين تم اختيار أفلامهما للمشاركة في الأوسكار ولنيل جوائز في
مهرجان كان.
وتضيف “نريد أن نوضح أن ثمة الكثير من الحكايات الأخرى في
فلسطين غير الحرب والدمار والاحتلال وهو ما نراه في وسائل الإعلام الكبرى.
ثمة حياة وهذه الحياة لها إيقاع معين”.
من جانبها، ما زالت كاتبة السيناريو والمخرجة التونسية
فاطمة رياحي في المراحل الأولى من فيلمها الوثائقي الطويل الذي يحاول أن
“يحكي تاريخ تونس خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة من خلال سيرة ذاتية وحكاية
شخصية”.
ويركز الفيلم على والدها والدور الجريء الذي لعبه ضمن
مجموعة خططت لإطاحة نظام حكم الحبيب بورقيبة من خلال انقلاب عسكري في العام
1987، والأوضاع الراهنة بعد الثورة التي أطاحت بخليفته زين العابدين بن علي
في 2011.
وتقول المخرجة، وهي في منتصف الثلاثينات، إنها تأمل في “أن
يقدم الفيلم قراءة بديلة لثلاثين عاما من تاريخ تونس من الانقلابات إلى
الثورات إلى ما نشهده حاليا في عهد قيس سعيد”.
ولاحظت السينمائية التونسية أن “عدد المخرجات من النساء أقل
دوما من الرجال في السينما العربية، غير أنها ليست ظاهرة إقليمية فحسب بل
هي دولية كذلك”.
وأوضحت دراسة أجرتها جامعة نورثويسترن في قطر في العام 2016
أن 26 في المئة فقط من منتجي السينما المستقلة في العالم العربي من النساء،
ولكنها أشارت كذلك إلى أن “المخرجات النساء ضعف المخرجين في مجال الأفلام
المستقلة”.
وفي مهرجان القاهرة الدولي للسينما الذي اختتم هذا الأسبوع
تنافس 22 فيلما على الجوائز الكبرى نصفها تقريبا من إخراج سيدات. وأكدت
رياحي أن “الطريق لا يزال طويلا”. |