فيديو عودة "مهرجان مراكش": انطلاقة جديدة!
محمد بنعزيز
مساء اليوم الجمعة، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018،
تُفتتح الدورة الـ17 لـ"المهرجان الدولي للفيلم بمراكش" (المملكة
المغربية)، بحثًا عن أفقٍ أرحب بعد توقّف دورةٍ واحدة.
لن ينسى السينمائيون المغاربة ذلك المشهد الغريب
الذي وزّع فيه فرنسيس فورد كوبولا نسخًا من جائزة لجنة التحكيم
الخاصة على الأفلام كلّها، المُشاركة في المسابقة الرسمية في دورة
عام 2015. حينها، تلقّى المهرجان صفعة، رغم اختياره لرئاسة لجنة
التحكيم أحد الذين تتبعهم كاميرات الصحف. أدركت إدارة المهرجان هذا
باكرًا، وكوبولا صيدٌ إعلاميّ ثمين. لكن، يبدو أن المخرج الأميركي
أصابه الخرف.
الدورة التالية (2016) مرّت من دون مشاركة فيلم
مغربي في المسابقة الرسمية، ثم ألغيت دورة عام 2017. لكن سلوك
كوبولا يتناقض وأجواء دورة عام 2013، التي كرّمت شارون ستون، وألقى
مارتن سكورسيزي خلالها كلمة استشهد فيها بنص رولان بارت عن وجه
غريتا غاربو، التي اعتبرها "تجسيدًا للجمال الأفلاطوني". كانت هذه
طريقة سكورسيزي للتعبير عن تقديره لستون، بطلة فيلمه "كازينو"
(1995). حين يحضر نجوم أميركيون في أي مهرجان، يحظى هذا الأخير
بتغطية إعلامية كبيرة.
كانت تلك إحدى أكثر دورات "مهرجان مراكش" إشراقًا.
وهي الآن حاضرة في أذهان المنظّمين الباحثين عن انطلاقة جديدة.
تعليقًا على تلك "الانطلاقة الجديدة"، سجَّل الناقد
المصري أحمد شوقي ـ من منصبه كنائب المدير الفني لـ"مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي" ـ التناقض بين توجّهات المدير الفني الجديد
لـ"مهرجان مراكش" كريستوف تْريَاخْته، الذي يُشجّع السينما
التجريبية، والخط التحريري للمهرجان الذي يعتبره وسيلة للترويج
للمغرب. هذا تعليق يفرض مقارنات: أُلغي "مهرجان دبي"، وصمد "مهرجان
القاهرة" إبًان حكم "الإخوان المسلمين"، ثم ظهر "مهرجان الجونة".
صار إعلان بلد عن ذاته في مهرجان سينمائي كبير فِعلاً جيوسياسيًا،
فيه منافسة إقليمية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. تنظيم مهرجان
كبير يعني تصادم المواعيد السينمائية. لذا، هناك ضرورة لتقديم
الجديد والمُدهش، ولتنسيق أنشطة موازية تتكامل فتُحدث أثرًا.
الحديث عن المهرجانات موضوع حسّاس في المغرب،
لسببين اثنين على الأقلّ:
أولاً: ينطلق المتحدثون من مواقف متباينة. هناك من
يندّد بهدر المال العام، وعند مناقشته في الأفلام يعتبر السينما
منصّة لنشر الزندقة. هذا المُعارض يريد نشر الـ"دعشنة". هذا الهدف
المضمر ينسف غيرته الزائفة على المال العام. كلّ ناقد للمهرجانات
يبدو كمن يصبّ الماء على طاحونة عدوّة. في سياقٍ معادٍ للفن كهذا،
ليست صدفةً أن يقع تفجيران في تونس ومصر قبيل مهرجاني قرطاج
والقاهرة. في هذه الظروف، يعتبر كل مهرجان فني وسيلة ثقافية لقوى
حداثية ضد أخرى رجعية.
ثانيًا: إلقاء نظرة على العناوين الصحافية المنتقدة
"مهرجان مراكش" منذ بداياته يكشف وجود جدل حول الموقع المتقدّم
للأجانب في إدارته. راجت أخبار تفيد بأن "المهرجان فرنسيّ يُنظَّم
على أرض مغربية". لذا، تمّ تغيير هذا الأمر حاليًا، إذْ تولّت
"مؤسّسة المهرجان" مسؤولية التنظيم، فعولجت مصادر التشويش بدل
تجاهلها.
اختيرت مدينة مراكش نظرًا إلى مؤهّلاتها السياحية
الضخمة: مئات الفنادق الفخمة جدًا؛ ورئاسته معقودة على الأمير
رشيد، شقيق الملك. هكذا حُلَّت المشاكل اللوجستية ومسائل
الإمكانيات. هذا يجعل الاختبار الأساسي فنيًا لا تنظيميًا.
هذا هو سياق الدروة الجديدة المنطلقة مساء 30
نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. يترّأس المخرج الأميركي جيمس غراي
رئاسة لجنة التحكيم، التي ستمنح 5 جوائز لـ14 فيلمًا مشاركًا في
المسابقة الرسمية، بينها "طفح الكيل" للمغربي محسن البصري.
انتقاء الفيلم الأول أو الثاني للمخرجين منبثق من
كون الخط التحريري يمضي على ساقين اثنتين: تقديم تجارب سينمائية
شابة في المسابقة الرسمية، والاحتفاء بالخبرة والمعرفة
السينمائيتين في فقرات التكريم والـ"ماستر كْلاس". في السياق نفسه،
يُكرّم المهرجان الممثل الأميركي روبيرت دي نيرو والمخرج المغربي
الجيلالي فرحاتي. كما يُنظِّم لقاءات مفتوحة مع الأميركيين مارتن
سكورسيزي ودي نيرو، والفرنسيين آنياس فاردا وتييري فريمو، المندوب
العام لمهرجان "كانّ"، والمصري يسري نصرالله.
هناك برامج موازية، كـ"بانوراما الأفلام المغربية"،
وعروض أفلام دولية. هذه كلّه سيعرض في قصر مؤتمرات فخم وساحة "جامع
الفنا"، حيث تروى حكايات شفوية كلّ ليلة منذ مئات السنين. هنا،
ستعرض أفلام شعبية في الهواء الطلق، كما حصل في دورة عام 2011،
عندما احتشد عشرات آلاف الأشخاص لمشاهدة شاه روخان وفيلمه "إسمي
خان".
هكذا يراهن "المهرجان الدولي للفيلم بمراكش" على
أفلام قوية ونجوم لاستقطاب جمهور أكبر.
يُذكر أن المهرجان أعلن عن برامجه عبر بيانات، ولم
تعقد إدارته ندوة صحافية لذلك. يجب عدم تكرار هذا في الدورة
المقبلة. لكن سؤالاً يُطرح: من هو المغربي الذي سيجلس في المنصّة
للحديث عن الخط التحريري للمهرجان، وعن خصائص الأفلام المختارة؟ أي
ندوة صحافية يتحدث فيها الأجانب فقط ستحيي الاتهامات القديمة.
المهرجان محتاج إلى لمسة مغربية تقدّم إضافة، وتشرعنه في المشهد
الثقافي. لا بدّ من رؤية فنية ينعكس فيها عمق المغرب وهويته، بشكل
يدفع المهرجان إلى الواجهة العالمية.
هذا هو التحدّي.
####
مهرجان مراكش السينمائي يعود في دورته الـ17 بست
لغات
(رويترز، العربي الجديد)
بعد احتجابه في العام الماضي، عاد المهرجان الدولي
للفيلم في مراكش مساء
أمس الجمعة بدورته السابعة عشرة بمشاركة 80 فيلماً، من 29 دولة.
وفي حفل مبهر بقصر المؤتمرات في مدينة مراكش أقيمت
مراسم الافتتاح، أعقبها عرض فيلم "على باب الخلود" للمخرج الأميركي
جوليان شنابل عن حياة وأعمال الفنان الهولندي فينسنت فان غوخ.
وبتقليد غير معتاد دعا مقدما حفل الافتتاح أعضاء
لجنة التحكيم إلى إعلان انطلاق الدورة الجديدة، كل بلغته الأصلية،
فجاءت عودة المهرجان باللغات الإنكليزية والألمانية والفرنسية
والإسبانية والهندية والعربية.
شارك في المهرجان عدد من نجوم، وصناع الفن السابع،
منهم الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي، والممثلة المصرية يسرا
والممثل الأميركي فيجو مورتينسين، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي.
عقب تقديم أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية على
المسرح قال رئيس اللجنة المخرج الأميركي جيمس غراي "هذه ثالث مرة
أزور فيها المغرب.. سعيد بعودتي من جديد، وسعيد بعودة المهرجان مرة
أخرى".
تشمل المسابقة الرسمية 14 فيلماً من المغرب وتونس،
والسودان، ومصر، وألمانيا، والنمسا، وبلغاريا، وصربيا، واليابان،
والمكسيك، والولايات المتحدة، والصين.
ويكرم المهرجان هذه الدورة الممثل الأميركي روبرت
دي نيرو، والمخرج المغربي الجيلالي فرحاتي والمخرجة الفرنسية آنييس
فاردا.
ويستمر المهرجان المقام تحت رعاية العاهل المغربي
محمد السادس حتى الثامن من ديسمبر/ كانون الأول.
وكان المهرجان الذي تأسس في 2001 قد توقف العام
الماضي لإعادة هيكلة الإدارة والاستعانة بكوادر جديدة من داخل
المغرب وخارجه.
وفي كلمة نشرها الموقع الإلكتروني للمهرجان، قال
الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
"الالتقاء بعد سنة من التوقف خصصت للتفكير ولإعادة تحديد هويتنا،
يعزى إلى سحر السينما". |