كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ملامح البطل فى سينما نور الشريف

عماد النويري - خاص - الميدان

عن رحيل

هرم العطاء

نور الشريف

   
 
 
 
 

فى العام 1967 ,  كانت الانطلاقة السينمائية  الأولى لنور الشريف  من خلال فيلم ( قصر الشوق ) ,  الذى جسد فيه دور كمال الابن الأكبر للسيد احمد عبد الجواد الشخصية المحورية في ثلاثية نجيب محفوظ  , ولم تنقطع علاقة نور الشريف بعالم محفوظ عند هذا الحد فبعد ان ظل يلعب دور الدنجوان لعدة  سنوات بعد ( قصر الشوق ) ,  نجح فى ان يثبت موهبته الفنية من خلال فيلم ( السراب ) العام  1970 ,  وخلال سنوات السبعينيات الأولى رسخ نور الشريف نفسه كاسم صاعد فى عالم فتيان الشاشة جنبا الى جنب أسماء اخرى مثل محمود ياسين ,  وحسين فهمى .  وقدم خلال فترة السبعينيات أفلاما مهمة مثل ( زوجتى والكلب )  , 1971 و( الخوف) عام  , 1972 وهو نفس العام الذى قدم فيه شخصية كمال عبد الجواد مرة اخرى من خلال فيلم ( السكرية ) .

 ( السراب )  وبطوله مطلقه 

فى ( السراب ) لعب نور الشريف أول بطولة مطلقة ,  حيث جسد شخصية كامل البطل الشاب الذى دللته امه كثيرا ,  واستطاعت الام من شدة حبها وتدليلها ان تحوله – دون قصد – الى انسان بلا ارادة غير  قاد ر على التصرف .  وتصدم الزوجة فى ليلة زفافها فى رجوله كامل ,  ولكنها تكتشف بعد مضى الوقت انها ليست سوى حالة نفسية سببها الظروف غير الطبيعية التى مرت به . لكنه شيئا فشيئا يسترد ثقته فى نفسه وفى رجولته التى ظن انها ولت ولن تعود . فى الفيلم جسد نور الشريف الدور من خلال اداء صادق ,  ونجح باستخدام ادواته الداخلية والخارجية فى اظهار الانفعالات الصعبة ,  والأبعاد النفسية العميقة ,  والتقط نور الدور المميز بحسه الفنى وجاء الدور  كنوع من التحدى  , وكنوع من تنويع الأدوار ,  إضافة الى  تقديم مشكلة شريحة موجودة فى المجتمع

( الكرنك ) ونقد صارخ 

كان العام  1975 هو واحد من اغزر اعوام نورالشريف على الإطلاق ,  وذلك من خلال قيامه ببطولة 12 فيلما من أهمها فيلم ( الكرنك ) ,  من اخراج على بدر خان ومن بطولة نور الشريف ,  وسعاد حسني ,  وكمال الشناوي ,  وفريد شوقي، والفيلم يمثل انتقادا حادا لثورة يوليو التي قبل ان تنهزم في عام 67، هزمت مثقفيها وكتابهاِ . الفيلم الذي ظهر منذ ما يقرب من 30 عاما اثار ضجة كبيرة آنذاك، وقد تناولت تلك الضجة النقد الصارخ الذي وجهه الكاتب نجيب محفوظ من خلال 'الكرنك' لثورة يوليو، وهو ما كان يجرؤ على فعل ذلك أثناء الثورةِ وكان ضمن ما أثير تلك الأيام عدد اللقطات التي منعتها الرقابة عن تخريب طلبة الجامعات وعلى رأسهم اسماعيل  بطل الفيلمِ هذا عدا اللقطات التي تم حذفهالاغتصاب بطلة الفيلم سعاد حسنيِ
طبعا هناك أكثر من مدخل للاقتراب من 'الكرنك'، وإذا دخلنا من باب السياسة فسنجد ان الفيلم كان يمثل في حينه انقلابا على عبدالناصر وفترة حكمه، وكان له ان يمثل أيامها أكبر هجوم على انجازات ثورة 52،وما حققته من مكاسب وما ارتكبته من أخطاءِعموما من هاجموا الفيلم من الناصريين اعتبروا ان كل الثورات في بدايتها لجأت إلى الشرعية الثورية بدلا من الشرعية الدستورية، والشرعية الثورية لا تعرف القانون، وأي تجاوزات ترتكبها الثورات الوليدة تكون مبررة طالما ان الهدف الأساسي هو مصلحة الشعبِ .  ورأى الناصريون ان 'الكرنك' بالغ كثيرا في مشاهد التعذيب وأظهر كل انجازات الثورة وهي متشحة بالسوادِ

الذين صفقوا للفيلم من منتقدي الثورة ومن 'الساداتيين' قالوا ان ما قدم في 'الكرنك' يعتبر وثيقة مهمة تدين بشكل قاطع تلك الجرائم التي ارتكبت أثناء الثورة، وأكدوا ان أي هزيمة عسكرية دائما ما تسبقها هزيمة المثقفين، وان ثورة يوليو أكلت أبناءها قبل ان يأكلها الأعداء والمتربصونِ .  وأضاف الذين صفقوا للفيلم ان ما جاء في 'الكرنك' هو صورة مبسطة ولا تحتوي إلا على القليل مما كان يحدث بالفعل أثناء الثورةِ

الذين هاجموا الفيلم والذين صفقوا له دخلوا في سجال، كلما انتهى بدأ من جديد،وشحذ كل فريق أسلحته وتبريراته وحججه وبراهينه، وكان الفائز أيامها هو المشاهد الذي تعرف ربما للمرة الأولى على بعض ما كان يحدث أيام ثورته المجيدةِ المدخل الفني ل 'الكرنك' اعتنى بحديث النقاد عن العناصر الفنية للفيلم، وكانت هناك اشادة كبيرة بتمثيل سعاد حسني التي أبدعت في تجسيد دورها،وايضا اشادة باداء نور الشريف الذى جسد ببراعة الطالب المقهور المصدوم فى قناعاته على يد زبانية الثورة .  وكانت هناك أيضا اشارات ايجابية لفريد شوقي وكمال الشناوي، كما تناولت الكتابات ملاءمة الديكور والإضاءة للتعبير عن أجواء الفيلم المكانية والزمانيةِ .

 ( ضربة شمس )  وطموحات فنية 

وفى العام  1980 قدم نور الشريف فيلم ( ضربة شمس ) وغامر بتقديم محمد خان كمخرج جديد سيكون له شان بعد ذلك وغامر نور بماله الخاص فى سوق لايحتمل المغامرات وكانت بدايه دور سيلعبه نور فى مابعد كمنتج واع وشاب نظيف يحمل بعض القيم والمثاليات وبعض الطموحات الفنية التى لم يعد احد يجرؤ عليها . لقد كان مغزى خوض مجال الإنتاج هو ان يعمل نور مايحبه ويرتضيه ويتمناه وليكون قادرا على الاختيار اخيار ملامح البطل الذى سوف يكون بعيدا عن قوالب المنتجين واختيارات السوق التى لاتعبر فى اغلب الأحوال عن واقع الحياة  .

 ( اهل القمة ) واللصوص الجدد 

وفى العام  1981 قدم نور الشريف فيلم ( أهل القمة ) ,  عن قصة للكاتب نجيب محفوظ ,  وسيناريو مصطفى محرم . و( آهل القمة ) هنا هم اللصوص الجدد الذين استفادوا من قوانين الانفتاح الاقتصادي وتحولوا الى فئة شديدة الثراء , باهرة الشكل , ترتدى احدث الثياب ., وتستخدم افخر السيارات ,  وتتستر أحيانا وراء مظاهر التدين . والفيلم كما أراد نجيب محفوظ فى قصته يضع المواجهة بين ضابط شرطة شاب ( عزت العلايلى ) ونشال ( نور الشريف ) طالما تعقبه الضابط وقبض عليه وطالما أيضا استخدمه للإرشاد عن المسروقات . ويفاجأ الضابط ذات يوم باختفاء النشال من الوكر الذى تعود ان يجلس فيه مع زملائه من النشالين .. ويتساءل الضابط ماذا حدث ؟! وياتيه الرد من صاحب المقهى العجوز الذى اصبح وحيدا بعد ان هجره زبائنه من النشالين : ( انهم يعملون الان فى ضوء لانهار وتحت حماية الشرطة ) ويكتشف الضابط الحقيقة .. لقد تحول النشالون الى التهريب والتجارة فى المهربات واصبحوا جزءا من عصابة الرجل الكبير الذى يتمسح بالدين ( عمر الحريرى ) ويصف نجيب محفوظ هذة الماساة فى تلك العبارة : ( اصبح هؤلاء من الاغنياء  اما الضابط واعوانه فيغوصون فى غمار الفقراء )  وتأتى الصدمة القاسية عندما يعرف الضابط ان ابنه شقيقته على علاقة عاطفية بهذا النشال والذى اصبح الان تاجرا كبيرا والمشكلة ان الابنة تصر عليه حتى بعد ان عرفت حقيقته . وهكذا يجد  هذا الضابط نفسه داخل معركة مع جميع الاطراف . المعركة فى بيته .. وفى عمله حيث يحاول المهرب الكبير الافلات من قبضة القانون .. بل ويسعى لاستصدار قرار بنقل الضابط الى صعيد مصر عقابا له . وينتهى الفيلم .. بانتصار اهل القمة الجدد من اللصوص والمهربين والنشالين .ويمكن اعتبار ( اهل القمة ) وثيقة هامة تثبت انه فى مجال السينما مثل بقية مجالات الفن والفكر ,  كان هناك من يقول الحقيقة حتى اذا كانت المتاعب من نصيبه .  ان البطل زعتر النورى فى الفيلم بطموحاته واحلامه للتسلق واحتلال مكانة جديدة فى عالم جديد تتشكل ملامحة فى تلك الفترة كان تعبيرا عن شريحة كاملة من المجتمع تتهيا لاحتلال مكان الصدارة فى المجتمع .

 ( الحب وحده لايكفى )  وحلم السفر 

وفى العام ذاته  ( 1981 ) عرض فيلم ( الحب وحده لايكفى ) إخراج على عبد الخالق عن قصة احمد فريد وسيناريو وحوار مصطفى محرم حيث يتعرض الفيلم لشاب وفتاة يتخرجان من الجامعة ويصبح عليهما الانتظار لحين وصول خطابات القوى العاملة ويطول الانتظار وتضطر الفتاة ان تعمل فى محل كوافير وارتضى البطل ( نور الشريف ) ليعمل كعامل بناء . هكذا وضعا جانبا شهادتيهما الجامعية وكل أحلام العمل فى التخصص الذى درساه .. فى مقابل ان يجدا مبلغا من المال ليسدا احتياجاتهما اليومية وتلتحق الفتاة مرة اخرى كسكرتيرة فى احدى شركات الانفتاح ويلتحق خطيبها بنفس الشركة لكن سرعان مايكتشفا ان الشركة وهمية تقوم على النصب والاحتيال وتكتشف البطلة انها كسكرتيرة عليها ان تبيع جسدها مع الشقق التى تعرضها للبيع ,  ويكتشف  البطل نور الشريف انه تورط فى عملية احتيال راح ضحيتها عشرات  من العملا الذين اقنعهم بحلم السفر للعمل فى البلاد  العربية باجور خيالية فذهبوا الى هناك ليفاجاْوا بان عقود العمل مزيفة

الفيلم فى مجموعه يقدم مأساة شباب يواجه كل التحديات اللاأخلاقية والتى يفرضها أصحاب الدخول الطفيلية . فالعمل أحيانا محسوبية أحيانا ورطة يدفع ثمنها الشباب صغير السن .. ويفلت منها الكبار الدهاة الذين لا يتورعون عن فعل اى شىْ فى سبيل زيادة مكاسبهم .  انها تنويعة على التيمة ذاتها تقدم  البطل ذاته فى افلام الانفتاح بداية الثمانينات وتقدم الملامح التى بدات تتشكل لهذا البطل الذى يبدو انه على ابواب عصر مختلف وانه  حتما سيجد نفسه فى اتون معركة شرسة لم تكن فى الحسبان .  وهنا نذكر ان المجتمع المصرى كان قد شهد ومنذ نتصف السعينات تغيرا هائلا فى الاقتصاد القومى تحت اسم ( الانفتاح الاقتصادى ) وقد اثمر هذا الانفتاح من بين ما اثمر عن ظهور فئة جديدة فى المجتمع تعيش وتعمل وتكسب مكاسب خيالية من وراء الاستفادة من ثغرات هذا القانون الاقتصادى وانتشرت هذة الفئة فى اعمال السمسرة والتوكيلات ومكاتب الاستيراد والتوزيع ومكاتب التخليصات الممنتشرة بين الادارات الحكومية المختصة وبين العملاء . واتسعت رقعة هذة الفئة الجديدة لتشكل فى ما بعد طبقة خاصة من الاثرياء الذين اثروا ثراءا فاحشا بلا جهد حقيقى او نتيجة عمل انتاجى له قيمة ملموسة فى البنية الاساسية للصناعة فى هذا المجتمع واتبع ظهور هذة الطبقة الجديدة مجموعة من المتسلقين واصحاب الطموحات الخاصة تسعى للعمل فى مدارهم ولتحقق احلامهم بالثراء السريع وكان من نتيجه هذة المتغيرات الاجتماعية المفاجئة حدوث خلل وارتباك فى كثير من المفاهيم والقيم وبدات تظهر فى محيط الافراد تساؤلات تعكس مدى الصدمة التى يعانون منها .. تلك الصدمة التى جعلتهم يتشككون فى قيمة العمل الدوؤب وهل يحقق لهم هذا العمل الدؤوب قدرا من الامان الاقتصادى للمستقبل . لقد كانت سرعة المتغيرات الاجتماعية نتيجة الهزة الاقتصادية اقوى من قدرة البعض على التمعن والتفكير السليم فحدثت حالات الانهيار والسقوط والانحراف وكان نصيب الطبقة المتوسطة من تاثير هذة الهزة الاقتصادية اقوى واوضح باعتبار ان التركيب النفسى للطبقة المتوسطة يجنح دائما للحصول على مزيد من الضمانات المادية خوفا من الهبوط الى المستويات الادنى فى المعيشة . ويستطيع من يؤرخ للسينما المصرية ان يكتشف بسهولة ان بعض الافلام تناولت هذة القضية الاجتماعية كان صانعوها هم انفسهم من تجار الانفتاح والذين استغلوا الاقبال الجماهيرى على هذة النوعية من الافلام فوظفوا نقودهم فى صنع افلام تساير الموجة ,  ولكن بلا وعى حقيقى ,  وفى المقابل كانت هناك افلام حاولت ان تنبه وتحذر وان تقول كلمة جادة فى زمن كان من العسير فيه ان يرتفع الصوت بالاعتراض . ولكن شجاعة صانعى هذة الافلام  وشجاعة ابطال هذة الافلام وشجاعة من جسدوا هؤلاء الابطال انهم دخلوا المنطقة المحظورة ونجحوا الى حد كبير ان يقولوا كلمتهم

 ( العار ) وتنويعة متقدمة 

وفى فيلم ( العار ) عام 1982 لم تأت النهاية من خلال رجال الحكم آو القانون لقد جن الاخوة الثلاثة وسط علام من الماء والملح و عالم الطهارة الطبيعي حين التف حولهم الموت ولم يكن الا الموت خلاصا لخطايا ازدادت تفاقما عندما  غاب الضميروغاب الحرص الخاص والعام على قدسية الوظيفة العامة سواء كانت قضائية أو وطنية . ان الضابط محمد فوزى فى فيلم ( أهل القمة ) لم ينحرف بوظيفته رغم كل الاغراءات عكس رجل النيابة فى ( العار ) الذى كانت نهايته على يديه عارا وادانة لبعض التغييرات التى شوهت البنية الأخلاقية لمجتمع الثمانينيات  . ومثل رجل البوليس ذلك الأخ الطبيب الذى فقد توازنه العقلى واصبح فى حاجة الى طبيب نفسى حقيقى يستطيع معالجته . فى هذا الفيلم يبدو ان البطل كمال عبد التواب وكأنه تنويعة متقدمة من كمال عبد الجواد ( قصر الشوق ) ولكن بملامح عصرية تتلائم وحاله البطل المعاصر الذى بدا يفيق من رومانسية الستينيات والسبعينيات لينشب  أظافره فى لحم من خدعوه ومن تكالبوا على اغتصاب براءته

( حدوته مصرية ) رؤية للتاريخ 

وفى ( حدوته مصرية )1982 ,   يذهب يوسف شاهين ابعد مما ذهب فى ( اسكندرية ليه ) فالفيلم الجديدهو أيضا فيلم اعترافات تقال للمرة الأولى على شاشة ناطقة بالعربية . والاعتراف فى صورته البسيطة قول مالايقال عادة بحكم التقاليد . فى ( حدوته مصرية ) يقول يوسف شاهين الكثير مما لايقال عن نفسه وعن عائلته فى محاولة صادقة للتعبير عن المجتمع المصرى بعد ثورة يوليو . وكما كانت السيرة الذاتية للدكتور طه حسين هى سيرة مجتمعه فى الزمن الذى عاش فيه  . فان ( حدوته مصرية ) ,  وسيرة يوسف شاهين ,  هى رؤية لتاريخ الذى عاشه منذ بداية الأربعينات حتى منتصف الستينيات.  ان الفيلم عبارة عن حلقة لمجتمع تختلف فيه الاتجاهات ,  وهو محاكمة لشخوص ينتمون اسريا الى واقع مصر فى مراحل مختلفة يتزامل فيها النمو الفكرى بالنمو الاجتماعى عبر متغيرات سياسية واجتماعية عدة . والى حد كبير اقتربت هذه المحاكمة من محاكمة ويلز فى رواية  كافكا غير ان الاختلاف هنا يحدث من حيث دور  التعرية الذاتية والموضوعية التى تبدا بالأسرة ثم الدولة ثم العالم . وكان بطل الفيلم يحيى يوظف نفسه كأداة لتعرية الواقع

( سواق الاتوبيس )  وتماثيل من شمع 

 وفى عام 1983 عرض فيلم ( سواق الأتوبيس ) قصة محمد خان وسيناريو بشير الديك واخراج عاطف الطيب  . ويقدم الفيلم رحلة الابن حسن سلطان ( نور الشريف )  لانقاذ ورشة الأخشاب التى يملكها الاب ( عماد حمدى )  , والتى تمثل له حياة الأب وكفاحه واصراره . ولكن لتراكم الديون هاهى الورشة الان معروضة للبيع فى المزاد العلنى لتسديد ديون الضرائب . وتبدا رحلة الابن الذى  يعمل سائقا لاحد اتوبيسات النقل العام فى محاولة لاقناع اخوته البنات وازواجهن بالوقوف معه .ولكنه يفاجأ بردودهم السلبية رغم ان كلا منهم يعمل فى مشاريع الانفتاح ,  ويحقق مكاسب كبيرة . ولكن يبدو ان النقود قد غيرتهم فلم يعد احد يسعى الا وراء مصلحته الخاصة .. تمزقت الاوصال الحقيقية للاسرة .. ولم يبق غير الهيكل الاسمى فقط .. ابناء واقارب فى شهادات الميلاد فقط .. ويموت الاب على انقاض كل شىْ .. يموت بحسرته وكل الوجوة من حوله قد تحولت الى تماثيل من الشمع . فى الفيلم كانت هناك اشارة واضحة الى ازمة الشباب الذى خاض عدة حروب من اجل سلامة الوطن وحمايته من الاعداء .وعندما احتاج الى المساندة لم يجد من  يسانده .  لكن فى نهاية الفيلم كان هناك الشاطر حسن الذى عرفته حكايتنا الشعبية مهما كانت العواقب قاوم الخطر وطوح بزراع النشال فى فراغ وعمق المشهد وهو يضربه بعنف

حسن سلطان البطل مازال يقاوم . فى ( سواق الأتوبيس ) الذى يتسم برحابة الرؤية ودقة تحليل الواقع يتابع عاطف الطيب رحلة الوعى عند بطله ويرصد الفيلم مراحل التغير والتحول من المراقبة والتأمل وحتى لحظة المواجهة والكشف عن تلك التغيرات التى حدثت فى بنية المجتمع المصري ى السبعينات وماصاحبها من اهتزاز لسلم القيم واستشراء للفساد وسيادة القيم المادية وطغيان الجشع والطمع بالإضافة الى  شراسة الواقع الجديد الذى أدى الى انعدام الدفْ فى العلاقات العائلية والإنسانية . الورشة فى ( سواق الاتوبيس ) هى المرادف للحياة / الوطن ومعادل موضوعى للقيم النبيلة التى يدافع عنها حسن بطل الفيلم . وبطل الفيلم معادل لكل  الأبطال الشرفاء الذين انتقلوا من تامل الواقع الى مواجهته مهما كان الثمن . ويمكن القول ان صناع ( سواق الأتوبيس ) قد استطاعوا ان يعبروا بصدق  عن اللحظة التاريخية وان يضعوا ( على المستوى السينمائي ) لبنه قوية وأساسية فى صرح الواقعية الجديدة
(
الصعاليك ) وصعود غير مشروع 

وفى ( الصعاليك ) عام 1985 ومن خلال متابعة اثنين من الصعاليك الى القمة تم تفنيد أكذوبة رجال الأعمال العصاميين وحاول الفيلم من خلال أبطاله الصعاليك ان يقدم تحليلا لاساليب الصعود غير المشروع بوعى فنى واجتماعى واقتصادى وسياسى .

 ( حاتم زهران ) وصرخه عالية 

وفى زمن ( حاتم زهران ) 1988 جسد نور الشريف شخصية الشاب الانتهازي الذى يهرب من أداء الخدمة العسكرية ويسافر الى اميركا وهو على النقيض من اخيه يحيى الشهم الوطنى الذى يستشهد فى حرب 73 . فى الفيلم كنت هناك صيحة مبطنة ثم صرخة عالية عن الوضاعة التى وصل اليها الانفتاحيون الجدد بمحاولة ضربهم لكل القيم الأصيلة بحثا عن الثروة والمجد
(
البحث عن سيد مرزوق )  وتجربة مختلفة 

وفى ( البحث عن سيد مرزوق ) عام 1991 خاض نور الشريف تجربة مختلفة وفريدة عندما تجاوز داود عبد السيد مؤلف ومخرج الفيلم حدود الواقعية الصارمة وقرر ان يقفز فوق التفاصيل والعلاقات المرتبطة بالواقع ليخلق عالما مختلفا يرتكز على معطيات الواقع لكنه يقوم على منطق خاص يمزج بين الحلم والواقع من دون تحديد لما بينهما من حدود حيث ان الواقع هنا مجرد جسر يعبر عليه الفنان لينفذ الى جوهره محققا نوعا من الواقعية الجسورة التى تقترب الى حد ما من السريالية . لماذا لانقول ان البحث عن سيد مرزوق كان فى واقع الامر نوع من البحث عن البطل المعاصر فى ظل متغيرات كثيرة تداخلت فيها المصالح وتشابكت الحدود واختلطت المفاهيم وضاعت المناهج والرؤى . بحسه الوطنى والقومى اختار نور الشريف ان يكون هناك مضيفا الى ملامح البطل ملمحا اخر يؤكد صعوبة السير فى طريق شائك بدات فيه العولمة تنشب مخالبها فى حياة الشعوب

( دماء على الاسفلت )  وحالة انفلات 

وفى عام 1992 جسد نورفى فيلم  ( دماء عل الاسفلت ) ,   شخصية الدكتور ثناء الذى يعمل فى احدى المنظمات الدولية و  وعندما يعود بعد غياب يفاجأ بان الانحلال قد أصاب اسرته .   وينتهى الفيلم بدماء ابنة باشكاتب وزارة العدل وهى تلطخ اسفلت الطريق لتدق بموتها المتوحش أجراس الخطر . لقد مثل ( دماء على الاسفلت  ) افتتاحية لسينما التسعينات التى كانت تبدو غاضبة متمردة لاتبحث عن حق ضائع بل تغتصب ماتيسر من حقوق ويمكن القول ان الغضب كان هو السمة الأساسية فى سينما التسعينات ولكنه لم يكن ( شخط ونطر ) كما فى افلام البشاوات وانما كان من لحم ودم وجنس وقتل ومخدرات .  . كانت هناك  حالة انفلات فى العلاقات الانسانية والاجتماعية ,  وكان ظهور الطفرات فى مابعد امرا طبيعيا . كان الغضب السينمائى اذن فى جزء منه رد فعل طبيعى على سلام لم يفعل فعله . بحركة الصواب التاريخى . يظل التاريخ يحاصر الانسان حتى يخرج منه او يذهب اليه لمواجهته مهما كانت الخسائر وكان نور الشريف قادرا رغم الاختيارات المحدود على الاختيار بوعى ليقول كلمته من خلال ابطاله .حتى لوادى ذلك الى المواجهة مهما كانت الخسائر.  

( ناجى العلى )  والهم العربى 

وفى عام  1992 قدم نور الشريف فيلم ( ناجى العلى  ) عن شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى صاحب الشخصية الشهيرة ( حنظلة )  وقد اثار الفيلم ضجة كبيرة. وفى واقع الامر لم يكن الفيلم عن ناجى العلى فقط ولكن كان يرسم صورة للوطن العربى الكبير بداية من  النكبة عام 1948 . لقد أضاف ناجى العلى الى تاريخ الشخصيات التى تمثل علامة بحد ذاتها شخصية جديدة هى حنظلة الذى يقف على قدم المساواة مع شخصية المواطن الصغير التى خلقها شارلى شابلن وغير ذلك من الشخصيات التى اصبحت تجسد بحد ذاتها نموذجا دالا وعاما . لقد ولد حنظلة من رحم الطفولة  الجائعة والمطاردة  , وقضى اغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها . كان متبرما لايثق فى احد ,  ولا يحول قلبه عن فلسطين . فى ( ناجى العلى )  قدم نور الشريف تنويعة جديدة لملامح البطل الذى يحمل فى قلبه الهم العربى  ويرغب فى تجاوز الواقع المهزوم ويحلم بالوطن الذى لايدوس اقدامه الغرباء .

 ( ليلة ساخنة ) وقاهرة التسعينيات 

وفى عام 1996 قدم نور الشريف ( ليلة ساخنة ) ,  ومع عاطف الطيب قاما باستخراج احشاء القاهرة فى ليلة راس السنة  , واشار البطل الى امراض المدينه وتوحشها .  وكان الفيلم بمثابة تقرير بصرى شديد السخونة عن افتقاد الدفْ وتتنامى تجارة التعصب والتشدد ,  وغياب الوعى ,  والانغماس فى الملذات الصغيرة  . كان ليلة ساخنة تنويعه جديدة على ( سواق الأتوبيس ) لكن من خلال سائق تاكسى هذه المرة يستكشف ويكشف عن قاهرة التسعينات الشرسة التى لاترحم مواطنيها المفعمة بالحب الذابل والكراهية البغيضة المحتشدة بالأوغاد والسفلة بالغلابة والمقهورين المزدحمة بالجلادين والضحايا

 ( المصير ) والتنوير

وفى ( المصير )  للمخرج يوسف شاهين من إنتاج عام 1997. تدور أحداث الفيلم في الأندلس في القرن الثاني عشر حول الفيلسوف العربي ابن رشد الذي كان قاضي قضاة قرطبة. وويدور الصراع بين التوجه الفكري المتمثل بابن رشد الذي ينادي بالاجتهاد وبين التوجه الفكري المتمثل بالشيخ رياض الذي يدعو إلى التمثل بالسلف. وينتهى الفيلم بإحراق كتب ابن رشد . ويوضح يوسف شاهين من خلال الفيلم الذى شارك أيضا في كتابته، أن الأفكار لا يمكن ردعها أو محاربتها مثل الجيوش وذلك لأن للفكر أجنحة (كما ذكر على لسان ابطال الفيلم).ويتضح ذلك في نهاية الفيلم وهي أنه بالرغم من حرق كتب ابن رشد في الأندلس الا أن نسخا منها حفظت في مصر . لعب نور الشري شخصية ابن رشد باقتدار وكان اختيارا ذكيا اخر للعب احدى الشخصيات التى تركت بصمة فى سجل التنوير . .

تعبير وبصمة 

كل عمل فنى فى العالم , وفى تاريخ كل الفنون هو تعبير عن ذات الفنان الذى يصنعه , يستوى فى هذا الفنان الذى يعبر عن قضايا المجتمع اليومية , مع الفنان الذى يعبر عن اكثر الأفكار التجريدية . بل ان الفن يكون أصيلا بقدر مايكون ذاتيا . والفنان نور الشريف مثل كل الفنانين الكبار كان دائما وعبر اكثر من 170 فيلما غالبا مايعبر عن ذاته والى حد كبير  كانت ملامح البطل تتشكل  فى سينما نور الشريف  عبر التنوع والاختيارات .  آلي حد كبير حاول نور الشريف دائما آن يعبر عن نفسه من خلال هذا الفن  المحاصر بقوانين السوق التجارية من ناحية ,  وقوانين الرقابة من ناحية اخرى ,  فنجح أحيانا ولم يوفق أحيانا مثله في ذلك مثل عشرات الفنانين العاملين في السينما في مصر,  وفى العالم كله  وهم قله نادرة وسط كثرة طاغية من الفنانين  الحرفيين الذين يقدمون  الأفلام بقوانين السوق وبقوانين الرقابة . وعندما نقول حاول ان يعبر عن نفسه لانقصد التعبير عن عالمه الداخلى فقط . بل وعن علاقته بالعالم والحياة والمجتمع من حوله أيضا . وكما لاينفصل الشكل عن المضمون , لاينفصل التعبير الذاتى عن التعبير الاجتماعي . فى هذة الدراسة الموجزة لم نمر على كل الافلام التى قدمها نور الشريف وانما كاننت مجرد اطلالة اردنا ان نصل من خلالها الى  ان ايه  مراجعة فنية لسينما نور الشريف واى مرور على ملامح البطل الذى قدمه فى افلامه التى تقارب ال 170 فيلما ,  انما هى مراجعةايضا  للتاريخ الاجتماعى والسياسى والاقتصادى للمجتمع المصرى خلال اربعة عقود . وهى فى جزء كبير منها مراجعة ايضا للتاريخ السياسى والاجتماعى للحياة العربية بشكل عام

مصادر  : 

-    اتجاهات السينما المصرية – الكاتب على ابوشادى 

-    سينما التحولات – الكاتب احمد جمعة 

-    نور الشريف ومشوار فى طريق الفن والفكر والسياسة – الكاتب دسوقى سعيد 

-    عالم السينما والنجوم – الكاتب محمد الصاوى 

-    الانسان المصرى على الشاشة – تقديم هاشم النحاس 

-    اضواء على سينما يوسف شاهين – سمير فريد 

-    اوراق سينمائية – جماعة الفن السابع – الاسكندرية

الميدان المصرية في

12.08.2015

 
 

نور الشريف.. ثلاث حكايات في مسيرة عاشق

كتب: أحمد شوقي

(1)

في حواري مع المخرج الكبير داود عبد السيد والمنشور في كتاب "داود عبد السيد.. محاورات أحمد شوقي"، سألت الأستاذ عن الفارق الذي يجده بين الوسط السينمائي حالياً، وما كان الوضع عليه عندما صنع فيلمه الأول في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. توقعت أن يتحدث عن اختلاف المعدات أو ميزانيات الأفلام، أو نظام التوزيع أو أي شيء آخر تعتقد بديهيا أن يقيم صانع أفلام كبير السوق على أساسه.

مزيد من المعلومات عن كتاب "داود عبد السيد.. محاورات أحمد شوقي" عبر "جود ريدز"

لكن الأستاذ داود فاجئني بأن الفارق الجوهري يكمن في الممثلين وتحديدا نجوم الشباك. وشرح لي سر اعتباره أنهم سبب التغيير الرئيسي في شكل الصناعة. فنجوم شباك الثمانينيات أمثال نور الشريف وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز كانوا يعلمون ـ وفقا لعبد السيد ـ أن الأفلام الفنية المغايرة التي يصنعها هو وأبناء جيله محمد خان وخيري بشارة وغيرهم، ليس هي الأفلام التي تحقق نجاحا ضخما في شباك التذاكر، ولا هي الأفلام التي تزيد من نجوميتهم وبالتالي من أجورهم.

لكنهم في المقابل كانوا يدركون جيدا أنها هي الأفلام التي يمكنهم فيها أن يجدوا دورا يستمتعوا بلعبه، يبرزون فيه موهبتهم الحقيقية وينتزعون به الجوائز والتقدير النقدي. وأن هذه القناعة التي جعلت داود يبدأ مشواره مع نور الشريف ومحمود عبد العزيز في "الصعاليك"، وخيري بشارة مع أحمد زكي في "العوامة 70" ومحمد خان وسمير سيف وعاطف الطيب مع نور الشريف أيضا في "ضربة شمس" و"دائرة الانتقام" و"سواق الأتوبيس"، أصبحت غائبة تماما عن نجوم شباك الألفية الثالثة، الذين يرفضون مجرد التفكير في فيلم من هذه النوعية، خوفا من أن يؤثر على شباك تذاكرهم وأجورهم المليونية، وبالتالي فإن عثور مخرج جديد على منتج يمول فيلمه بدون نجوم، صار هدفاً أصعب وفقا لرؤية المخرج الكبير، حتى لو كانت صناعة السينما قد أصبحت أيسر تقنياً.

إجابة داود عبد السيد فتحت ذهني لأمرين لا يجب التفكير في السينما بمعزل عنهما. الأول هو دور النجوم التاريخي في السينما المصرية، فأي شخص يحاول أن يدرس تاريخ هذه الصناعة ومراحل تطورها والعوامل المؤثرة فيها، يستحيل أن يقوم بذلك بشكل أكاديمي يتناول المخرجين والمنتجين فقط، لأن مساحة الاعتبارات الشخصية وثقل نجوم الشباك هي أمور منحت حرفيا فرصة التواجد للعديد من الموهوبين. والأمر الثاني هو ببساطة كون اسم نور الشريف هو القاسم المشترك في خطوات البداية لجيل كامل من المخرجين الموهوبين، حتى أنني اضطررت عند تفريغ الحوار أن أقلل من عدد الأمثلة التي تخصه، حتى لا يتحول مسار الإجابة من توضيح قيمة النجوم إلى الإشادة بنور الشريف!

***

(2)

بالأمس رحل نور عن عالمنا. وكعادة أيام الوداع الحزين تحولت صفحات موقع فيس بوك إلى جدارية للرثاء. رثاء تجده مع بعض الأشخاص مبالغا فيه يضفي عليهم هالة أسطورية دافعها الحزن أكثر من الإسهام الحقيقي، وينحو أحيان أخرى إلى الحميمية عندما يكون الراحل ممن يمتلكون صورة ذهنية خاصة في عقول جمهورهم. صور الحزن الإلكتروني صارت متنوعة يمكن ملاحظتها والمقارنة بينها، لكن رثاء نور الشريف أخذ شكلاً لا أعتقد أنه قد حدث من قبل.

من بين كل خمسة أشخاص كتبوا يرثون النجم الراحل، روى أربعة منهم موقفا حدث بينه وبين نور الشريف. مخرجون يحكون عن نصائحه لهم عندما كانوا مساعدي إخراج في أعماله، ممثلون يروون ظهورهم لأول مرة على شاشة حقيقية يعرفهم الناس من خلالها على يديه، صحفيون قالوا صراحة أنه من جلس معهم أمام شاشة وشريط فيديو ليشرح لهم كيفية مشاهدة فيلم دون أن يأخذ الممثل انتباهك وتركيزك. الكل بلا استثناء يجمع على كونه أستاذاً بحق. أستاذ لا يكتفي بامتلاك حصيلة من الثقافة والخبرة والحرفة يعمل على زيادتها يومياً، ولكن يسعى بكل جهده لتمرير هذه الحصيلة إلى من يأتي بعده.

الأمر لا يمكن فصله عن الحكاية الأولى، هذا رجل بلغ قمة النجومية لكنه لم يعش للحظة وهم أنه الأوحد والآخرين منافسيه، بل كان يعي تماما أنه حلقة من سلسال لا يجب أن ينتهي. أن نجوميته نتيجة لعقود من صناعة راسخة ونجوم محبوبين، وأن خلوده يكمن في قدر إسهامه في استمرار هذه الصناعة وتطورها، سواء كان هذا الإسهام بفيلم يموله ويقدم فيه مخرجا جديدا، أو مساحة يمنحها لوجه جديد كما حصل هو على مساحته قديما، أو مهارة تعلمها بالسنين ينقلها كي يستفيد بها من يأتي بعده.

***

(3)

"العار" و"جري الوحوش"، فيلمان من إخراج علي عبد الخالق وتأليف محمود أبو زيد تم إنتاجهما عامي 1982 و1987 بنفس الأبطال الأربعة: نور الشريف ومحمود عبد العزيز وحسين فهمي ونورا. على تترات "العار" يتصدر اسم نور الشريف الصورة، يليه على الترتيب حسين ثم محمود وأخيرا نورا، أما على تترات "جري الوحوش" فيتصدر اسما نور ومحمود في لوحة واحدة، ثم حسين ونورا في لوحة ثانية.

اختلاف الترتيب أمر مثير للانتباه في ظل ثبات كل الصناع الرئيسيين، وكل من يعرف سوق السينما المصري يعرف ما يثيره ترتيب أسماء النجوم على الأفيش والتتر من خلافات كارثية قد تؤدي لإفشال العمل، لاسيما عندما يكون الأمر متعلقا بفيلم يلعب بطولته ثلاثة نجوم شباك كل منهم بطل منفرد له جماهيرية وشعبية ضخمة. لكن هذا لم يحدث في الفيلمين ولا في أي عمل آخر شارك نور الشريف في بطولته طيلة مشواره الفني.

السبب؟ القاعدة البديهية التي وضعها وسار عليها طوال حياته: الأعلى أجراً يأتي أولاً. الأجر يحدده السوق والنجومية وحجم نجاح الأعمال السابقة، فلو كان حسين فهمي هو الأعلى أجراً الآن يتصدر اسمه التتر والأفيش، ولو تغير الوضع بعد أعوام وارتفعت شعبية ـ وبالتالي أجر ـ محمود عبد العزيز يصعد هو للصدارة، وإذا حصل شخصان على نفس الأجر يكتبان معها، وهكذا تسير الأمور بسلاسة ودون تعقيدات أو مشكلات.

الأمر قد يبدو بسيطا وبديهيا. لكن صدقني هو ليس كذلك مع الغالبية العظمى من النجوم. وهو يعكس بوضوح تقديس نور الشريف لقيمة الصناعة، كفعل احترافي منظم له قوانين وقواعد واضحة يجب أن يتبعها الجميع. صناعة يمثل فيها الجميع بما فيهم نور نفسه، تروساً في آلة ضخمة هدفها تقديم الفن وإسعاد الناس. آلة منحت نور الشريف جماهيرية ضخمة وحبا جارفا من الجميع، ومنحها هو عمره وصحته، موهبته وحرفته، ماله وخبرته وثقافته، فعاش عاشقا محبوبته الأولى هي السينما، ورحل جسده ليعيش أطول في عقولنا وخيالنا.

####

أدوار في حياة فارس السينما نور الشريف حجرت مكانا لها في قائمة أهم ١٠٠ فيلم مصري

كتب: عمرو شاهين

في نهاية الألفية الأولى وتحديدا عام 1996 وضع عدد من نقاد السينما المصريين قائة بأهم 100 فيلم مصري ، و بعيدا عن إتفاقنا و او ختلافنا مع الأعمال المختارة و الأعمال غير المختارة، أو وجهة نظرنا في ان هناك اعمال لا تستحق التواجد في القائمة وأعمال اخرى تم غض الطرف عنها، والأمر في النهاية مجرد أراء شخصية لنخبة من نقاد السينما في مصر ولكنهم بالطبع يؤخذ ويرد عليهم وإختيارهم ليس مقدسا، وبعيدا عن اتفقنا أو إختلافنا على القائمة، إلا أن اللافت للنظر ان 7 من أفلام قدمها الراحل نور الشريف قد حلت بمراكز مختلفة في القائمة.

سواق الأتوبيس صرخة الطيب الأولي

في المركز الثامن من القائمة يجئ فيلم عاطف الطيب سواق الأتوبيس والذي عرض عام 1981 ، وقصة محمد خان و بشير الديك وسيناريو وحوار بشير الديك، الفيلم الذي جاء ليتم إعتباره الثمرة الاولى لكل محاولات التجديد و التغير في السينما المصرية و التي بدات منذ منتصف السبعينات وأخذت شكلها الأكثر وضوحا مع نهايتها وبداية الثمانينات، قدم أزمة جيل أكتوبر بطريقة غاية في السلاسة و العذوبة، هذا الجيل الذي سرقه المنتفعون و"الفهلوية"، الجيل الذي خرج من الحرب منتصرا ليهزمه النظام بسياساته والمجتمع بجحوده، نور الذي قدم دور حسن سائق الأتوبيس و الذي يجاهد لإنقاذ ورشة أبيه ليكتشف كل التغيرات التي شهدها المجتمع و تفسخه وهشاشة علاقته.

دور قدمه الشريف بكل إستاذية ليصبح هو احد النجوم الذين شكلوا مع عدد من المخرجين وكتاب السيناريو موجة التغير في السينما المصرية في الثمانينات و التي أطلق عليها إصطلاحا الواقعية الجديدة، و التي ضمت أسماء مثل أحمد زكي ومحمد خان وداوود عبد السيد وخيري بشارة وعاطف الطيب و محمودعبدالعزيز وسعيد الشيمي و نادية شكري وأحمد متولي وكمال بكير و بشير الديك ووحيد حامد وغيرهم من السينمائين الذين اثروا سينمانا بالعديد من الأعمال الهامة.

نور والسندريلا

أما الفيلم التالي في قائمة أفضل 100 فيلم مصري فهو فيلم زوجتي و الكلب والذي عرض عام 1971، من بطولة محمود مرسي و سعاد حسني ونور الشريف ومن تأليف وإخراج سعيد مرزوق، و الذي حل في المرتبة 33، حيث قدم نور الشريف شخصية نور عامل الفنار الشاب الذي يعمل مع الريس مرسي "محمود مرسي" المتزوج حديثا، بعيدا عن العمران، و الذي يسلي فراغه و فراغ زميله الشاب بحكاياته عن مغامراته العاطفية وهو في مثل سنه خاصة مع زوجات زملاءه في العمل.

حينما تقع أنت الممثل الشاب في صراع تمثيلي بين عملاق بحجم محمود مرسي وموهبة لا حدود لها بحجم السندريلا فأنت في موقف صعب، وربنا إذا عرض الفيلم على اي ممثل شاب وقتها كان سيتردد كثيرا لقبول مثل هذا الدور، خاصة وإذا كانت الشخصية التي ستؤديها تعد المعادل الموضوعي لشخصية مرسي المركبة و المعقدة، إلا أن نور الشريف المجتهد دائما وأبدا قدم دورا جيدا للغاية ، جعل الفيلم يخرج كمبارة تمثيل على اعلى مستوى وليكون الفائز الوحيد هو المشاهد.

عودة مرة أخرى للثمانينات وتحديدا عام 1981، حينما عرض فيلم أهل القمة والذي أحتل المركز 37 في قائمة أفضل 100 فيلم، الفيلم من إخراج على بدرخان عن قصة لنجيب محفوز وسيناريو وحوار مصطفى محرم، وبطولة سعاد حسني و عزت العلايلي وعمر الحريري وعايدة رياض.

مرة أخرى يقدم نور دور أحد أبناء فترة الغنفتاح ولكن هذه المرة من منظور مختلف منظور الشخص المنتفع حيث يقدم دور زعتر المهرب الصغير الي يعمل لحساب مهرب أخر كبير وهو زغلول "عمر الحريري" والذي يحاول أن يسرق منه حبه الوحيد سهام.

يقدم نور في الفيلم نموذج مختلف لجيل الإنفتاح الإقتصادي، حيث قدم شخصية المهمش الساعي للوصول إلى القمة كباقي لصوص تلك الفترة الذين بدءوا من أسفل سافلين و"بالفهلوة" والسرقة أصبحوا هم أهل القمة، بل إن السلطة في كثير من الأحيان تساندهم كما حدث حينما ساندت السلطة زغلول وقررت نقل ضابط المباحث بعيدا عن منطقة عمل زغلول عقابا على محاولته كشف النقاب عن أعما التهريب الذي يقوم بها.

الجرأة ثم الجرأة ثم الجرأة أهم ما يميز مشوار نور الشريف السينمائي، ففي عام 1975 عرض فيلم الكرنك عن قصة نجيب محفوظ سيناريو وحوار وإنتاج ممدوح الليثي وإخراج على بدرخان، الفيلم الذي أثار ضجة كبيرة وقت عرضة لجرأته الشديدة في نقد ومهاجمة التجربة الناصرية خاصة الأسلوب الأمنى الذي كان يتعامل به النظام وقتها مع المعارضين او حتى المشتبه في معارضتهم للنظام الناصري، كما أن قسوة مشاهد التعذيب الفيلم كانت سببا أخر في تعرضه للعديد من الإنتقادات و لا سيما مشهد إغتصاب "زينب" سعاد حسني ومشهد إغتيال حلمي "محمد صبحي".

استطاع نور الشريف ان يلفت الأنظار وان يقدم أداءا تميليا جيدا للغاية وسط كوكبة كبيرة من النجوم أصحاب الموهبة الكبيرة و الباع الطويل الذين شاركوا في بطولة الفيلم، نور الذي قدم شخصية إسماعيل الشيخ إستطاع أن يقنعنا بكل المراحل التي مرت بها الشخصية منذ بداية الفيلم وحتي نهايته استطاع ان يدرك جيدا بخبرته جميع تحولات شخصية إسماعيل و ان يقدمها مستخدما نظرة عينيه و حركة جسده و صوته ليعبر بدقه عن هذه الشخصية غير العادية.

نور وتهمة تقليد يوسف شاهين

في عام 1982 قدم نور الشريف مع محمود عبدالعزيز وحسين فهمي واحد من الأفلام الهامة في تلك الفترة وهو فيلم العار للسيناريست محمود أبو زيد والمخرج على عبدالخالق وهو الفيلم الذي أحتل المركز 56 في القائمة.

ربما تجيء أهمية الفيلم لانه عرض في وقت كانت السينما المصرية في صراع بين الجودة و الإستهلاك وكان الصراع الأذلي بين القيمة الفنية وشباك التذاكر مستعر وقتها على اشده فجاء الفيلم ليحقق تلك المعادلة الصعبة حيث حقق نجاحا تجاريا كبيرا إضافة إلى قيمته الفنية الهامة.

في صراع تمثيلي من الدرجة الأولى فاز فيه المشاهد بطبيعة الحال تألق نور الشريف في شخصية كمال بلزماته الصوتيه و الحركية وطريقته العنيفة العفوية خارجا من إطار الإفتعال متسلقا سلم الإجادة بهدوء وثقة شديدين، وربما نجاح الثلاث شخصيات كمال وشكري وعادل مرتبط ببعضه بحيث أنها ظهرت شخصية أقل من الأخري، لأختل ميزان العمل تماما وربما كان هذا من أهم أولويات على عبدالخالق الحفاظ على "هارموني" العمل و التناغم بين الشخصيات الثلاث.

مع بداية السبعينات ظهرت ما سميّ بجماعة السينما الجديدة و التي كانت من روادها رأفت الميهي ومحمد راضي الذي قدم عام 1974 فيلمه الهام أبناء الصمت والذي جاء في المرتبة 74 في القائمة، وقام ببطولته عدد من النجوم على رأسهم احمد زكي ونور الشريف ومحمد صبحي وحمدي أحمد وسيد زيان مع العملاق محمود مرسي وميرفت أمين.

ربما تعود اهمية الفيلم الذي ناقش الحياة المصرية في فترة حرب الإستنزاف لصدقه الشديد في طرح كافة المشاكل التي عانى منها الشباب في تلك الفترة، بما فيها ضياع العمر خلال فترة التجنيد و التي استمرت لسنوات طويلة للغاية وخروجهم من الحرب منهكين نفسيا وجسديا، بل وانفصال المجتمع عن الجبهة في فترة حرب الإستنزاف إضافة إلى مناقشة قضية الأرقام ان في الحروب أو المواجهات تحسب الخسائر في الأرواح بالأرقام فقط دون النظر ان كل رقم من هذه الأرقام تاركا خلفه أهل و حبيبه وأولاد سيقتلهم فراقه.

في المرتبة 84 من القائمة يقع فيلم حدوتة مصرية عن قصة يوسف إدريس وسيناريو وحوار وإخراج يوسف شاهين وهو الفيلم الأول لنور الشريف مع يوسف شاهين ويقدم خلالها شاهين الجزء الثاني من سيرته الذاتية في قالب سردي مختلف تماما ليستأنف نور الشريف ما بداه الممثل الشاب وقتها محين محي الدين وبقدم شخصية يحيى شكري مراد.

في هذا الفيلم اتهم البعض الشريف بتقليد شخصية يوسف شاهين، وإن كنت أرى ان هذا الإتهام جائر و عاري من الصحة، فكيف يتهم ممثل بتقليد الشخصية المطلوب منه تأديتها، نور كان يؤدي شخصية يحيى شكرى مراد والتي هي جزء من شخصية يوسف شاهين فكان من المنطقي ان يستلهم نور من الحقيقة ما يفيد الشخصية و يثريها.

خارج القائمة رغم جودتهم

وبخلاف القائمة قدم نور الشريف عدد من الأدوار الهامة في مسيرتة الفنية في أعمال مثل " كتيبة الإعدام، قلب الليل، ليلة ساخنة، توحيدة، دنيا الله، الصعاليك، البحث عن سيد مرزوق، زمن حاتم زهران، الصرخة، دماء على الأسفلت، ناجي العلي، المصير، إختفاء جعفر المصري، دم الغزال" وغيرها من الأدوار التي امتعنها بها نور الشريف على مدار تاريخه الفني.

####

نور الشريف وبوسي..

هكذا نشأت الرومانسية بين واحد من أشهر "ثنائيات" الفن العربي

كتب: خالد طه

يعتبر نور الشريف وبوسي من أشهر "الثنائيات" بداخل الوسط الفني العربي، ولن تصدق أنه تشكّل بطريقة لا تختلف كثيرا عن أي مشهد رومانسي تشاهده على شاشة السينما!

وكشف الراحل نور الشريف في كتاب "مشوار في طريق الفن والفكر والسياسة" أن مشاعره تجاه بوسي نمت منذ أن كان يشارك في بطولة المسلسل التلفزيوني في الستينيات "القاهرة والناس" للمخرج محمد فاضل، والذي كان بطاقة تعارفه على الجمهور، ودخل به إلى قلوبهم بسبب أدائه الذي اتسم بالتلقائية الشديدة.

وعن لقائه الأول ببوسي، يقول نور الشريف: "كان ذلك في إحدى حلقات "القاهرة والناس"، وكنت قد رأيتها ذات يوم تمثل للأطفال في حلقات "بندق ولوزة"، وتمنيت أن أتزوج فتاة مثلها، وإذا بي في هذه الحلقة أراها أمامي وجها لوجه، إنها الفتاة التي شعرت بارتياح عميق عندما رأيتها كبرت وأصبحت فتاة ولم تعد طفلة. لقد قلت لنفسي حين رأيتها سابقا: إنني أتمنى أن أتزوج فتاة كهذه الفتاة وأربيها على مزاجي، فهي التي تصلح زوجة لي".

ونشأت "الكيمياء" بين نور الشريف وزوجته لاحقا بوسي أثناء تصويرهما سويا لمشهد في إحدى حلقات مسلسل "القاهرة والناس"، والذي كانت مفارقاته شبيهة للغاية لتفاصيل مشهد رومانسي.

ويتذكر نور الشريف تلك اللحظة المميزة: "بدأنا بروفات حلقة اسمها "طعم الحياة" من حلقات "القاهرة والناس"، وكان الأستاذ محمد فاضل يجري 6 بروفات على كل حلقة قبل التصوير، بحيث إذا بدأ التصوير يكون كل شيء على ما يرام، لأن أي خطأ ولو في نهاية الحلقة يجعلنا نبدأ من الأول بسبب عدم وجود المونتاج في الفيديو وقتها".

وأردف: "وبدأ تصوير الحلقة، وجاء المشهد الذي أقف فيه أمام بوسي، وبدأت أشعر بأحاسيس غريبة جدا حين اقتربت منها، ويبدو أن بوسي أحسن بهذا أيضا بنفس الأحاسيس في تلك اللحظة، فسرحت قليلا ونسيت الكلام الذي ستقوله وأنا أنظر إليها وعيني في عينها، ووجهي ملامس وجهها. صاح المخرج !Stop وضحك المصور ماجد توفيق الذي فهم الموقف واحمر وجه بوسي خجلا".

وكانت هذه هي كانت بداية مشوار آخر طويل من مشاوير نور الشريف، يمتد من هذا التاريخ وحتى الآن، وينسج ملامح أسرة عاشت في ظلال الفن.

وتزوج نور الشريف وبوسي في سنة 1972، وأثمر زواجهما عن بنتين هما "سارة" و"مي" التي تعمل في مجال التمثيل، ولكنهما انفصلا في 2006، قبل أن يعودا إلى بعضهما البعض في 2015 بعد أزمة نور الصحية الأخيرة.

واحتفل نور الشريف وبوسي في 14 مارس 2015 بزفاف كريمتهما "سارة" على رجل الأعمال الشاب خميس محمد خميس، وسط عدد من نجوم الفن والأهل والأصدقاء المقربين(شاهد- نور الشريف وبوسي يحتفلان بزواج ابنتهما

وخاض نورالشريف وبوسي معا تجربة الإنتاج الفني، بتأسيسهما لشركة "إن. بي فيلم"، والتي ترمز للحروف الأولى من اسميهما، وكان "باكورة إنتاجها" فيلم "دائرة الانتقام" من إنتاج 1976، وهو من إخراج سمير سيف.

ويبلغ عدد الأفلام التي أنتجتها شركة "إن. بي فيلم" 10 أفلام، والتي شهدت جميعها على مشاركة نور الشريف وبوسي في بطولتها، ومن أبرزها "حبيبي دائما" في سنة 1983، والذي ترجما فيه رومانسيتهما وحبهما الصادق على شاشة السينما، ليصبح واحدا من أشهر أفلام الرومانسية في تاريخ السينما العربية.

وتمالكت بوسي نفسها أمام عدسات المصورين، في صلاة جنازة نور الشريف رفيق عمرها ووالد ابنتيها مي وسارة، والتي شيّعت الأربعاء 12 أغسطس الجاري.

####

نور الشريف كان رافضا تجسيد "عبد الغفور البرعي" في البداية!

كتب: خالد طه

لو تناقشت مع أي معجب بنور الشريف عن فنه، فلابد وأن يذكر لك مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" ضمن أعماله المفضلة لديه، بسبب عبقرية نور الشديدة في تجسيد شخصية رجل الأعمال الأمي والعصامي "عبد الغفور البرعي"، والتي وصلت إلى حد التوحد معه على الشاشة الصغيرة.

وهناك عاملا آخر وراء تتويج "لن أعيش في جلباب أبي" كواحد من أروع الأعمال في تاريخ الدراما العربية، وهو تناوله لقصة كفاح بشكل واقعي للغاية، وبدون أدنى مبالغة.

كما لا ننسى دور الـ Casting أو "اختيار الممثلين" في إنجاح المسلسل، إذ تم اختيارهم جميعا بعناية فائقة كي يكونوا ملائمين لأدوارهم في العمل، بداية من الأدوار الرئيسية لنور الشريف، وعبلة كامل، ومحمد رياض، وحنان ترك، وناهد رشدي، ووفاء صادق، ومنال سلامة، وياسر جلال،و عبد الرحمن أبو زهرة، ونهاية بالأدوار الثانوية، مثل "صبي المقهى حمامة" أو الممثل سيد حاتم

ومن المؤكد أن شخصية "عبد الغفور البرعي" كانت سببا في زيادة شعبية وجماهيرية نور الشريف بكافة أنحاء الوطن العربي، ولكنك ستتفاجأ عندما تعلم أنه كاد على وشك ألا يستمتع بذلك النجاح، بسبب تردده في تجسيد الشخصية!

وفي تصريحات له لمجلة "آخر ساعة" في سنة 1996، كشف نور الشريف أنه كان رافضا بطولة مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" لسبب هزيل للغاية، وهو عدم رغبته في لعب دور الأب.

وقال نور الشريف موضحا: "حينما أرسلوا لي مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" رفضته في البداية، قلت لا يزال الوقت مبكرا لأقوم بدور الأب، حقيقة أنا لست صغيرا، وحقيقة أنني قدمت دور الأب وأنا مازلت صغير السن في السينما في فيلم "السكرية" وفي "الطاووس" وفي "حدوتة مصرية"، وهذا محتمل الحدوث في السينما، ولكن اكتشفت أن جمهور التلفزيون يصدق الأحداث، وتصبح الشخصية التمثيلية جزء من العائلة لأنها تدخل كل بيوت".

ولكن غيّر نور الشريف موقفه تماما من المسلسل، بعد قراءته لسيناريو المسلسل: "حينما قرأت الحلقات العشر الأولى التي كتبها مصطفى محرم اكتشفت أن كاتب السيناريو عمل شيئا بعيدا جدا عن قصة إحسان عبد القدوس، وهي رحلة صعود "عبد الغفور البرعي" التي استمرت 15 حلقة، أما قصة إحسان فجاءت بعد ذلك، والتي تبدأ بنجاح الأب".

وتابع: "تحمست جدا بعد قراءتي لرحلة صعود "عبد الغفور البرعي"، وقلت للمخرج أحمد توفيق: أنا موافقلقد تحمست لـ "عبد الغفور البرعي" لأنه نموذج لصعود رجل لا يملك أي شيء، ونحن منذ سنوات طويلة ومشكلاتنا تتمركز في الشباب، ولم تستطع الدولة أن تحلها، وأنا أرى من وجهة نظري الشخصية أنه لو استطعنا حل مشكلة الشباب فسيصبح لدينا مجتمع صحيح مستقيم، ليس به أي مظهر من المظاهر الموجودة حاليا".

وأردف: "وجدت أن "عبد الغفور البرعي" يمكن أن يكون قدوة للأولاد الذين لم ينالوا قسطا من التعليم، كان "عبد الغفور" يكنس ويمسح الأرض، ويأكل العيش الجاف، واستطاع أن يحقق النجاح رغم أنه غير متعلم". 

وعُرض مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" للمرة الأولى على شاشة التلفزيون في شهر رمضان 1996، وهو مأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس، وكتب له السيناريو والحوار مصطفى محرم، فيما أخرجه الراحل أحمد توفيق، وحقق نجاحا ساحقا في نسبة المشاهدة، جعلت تكرار عرضه على شاشة التلفزيون حتى الآن فرصة ذهبية للاستمتاع بواحد من كنوز الدراما العربية

####

بالصور- "عبد الوهاب" و"نوفا" يشاركان في تشييع جنازة والدهما "عبد الغفور البرعي"

كتب: خالد طه

كان الفنان محمد رياض والفنانة منال سلامة من بين المشاركين في تشييع جنازة الفنان الكبير نور الشريف، والتي أقيمت بعد صلاة ظهر الأربعاء 12 أغسطس الجاري من مسجد الشرطة في مدينة 6 أكتوبر.

ولعب محمد رياض ومنال سلامة دور أبناء نور الشريف في مسلسله التلفزيوني الشهير "لن أعيش في جلباب أبي"، الذي عُرض في رمضان 1996، ويجسد الشريف في أحداثه دور تاجر الخردة "المعلم عبد الغفور البرعي".

ويجسد محمد رياض في أحداث "لن أعيش في جلباب أبي" دور "عبد الوهاب" الإبن الأكبر لنور الشريف، فيما تلعب منال سلامة دور "نفيسة" واسم تدليلها "نوفا"، وهي واحدة من بنات نور في أحداث العمل.

وكان من الملاحظ غياب باقي بنات "عبد الغفور البرعي" أو نور الشريف عن جنازته، وهم الفنانة حنان ترك، والتي تلعب دور "نظيرة" في المسلسل"، والفنانة ناهد رشدي، وتلعب دور "سنية"، والفنانة وفاء صادق والتي تلعب في أحداث العمل دور "بهيرة".

كذلك شارك في تشييع جنازة نور الشريف الفنان رشوان توفيق، والذي يلعب دور الوزير السابق في أحداث مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي".

ويعتبر مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" من العلامات المضيئة في تاريخ الدراما العربية، وهو عن قصة للأديب إحسان عبد القدوس، ومن إخراج الراحل أحمد توفيق، ويشارك في بطولته الفنانة عبلة كامل، وإيناس مكي، ومخلص البحيري، وسهير الباروني.

وتوفي نور الشريف عصر الثلاثاء 11 أغسطس الجاري عن عمر 69 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، وسيقام عزاؤه الجمعة 14 أغسطس في مسجد عمر مكرم في وسط المدينة

####

بالصور- "أمينة" و"مديحة" في جنازة "الحاج متولي".. و"نعمة الله" تغيب

كتب: مي جودة

من أشهر أعمال الممثل الراحل نور الشريف مسلسل "عائلة الحاج متولي" الذي قدمه عام 2001، وحرص على حضور تشييع جنازته زوجتين فقط من زيجاته الأربعة في المسلسل.

حضرت الممثلة ماجدة زكي أو "أمينة" وهي الزوجة الأولى له في المسلسل الشهير، وظهر عليها التأثر الشديد والبكاء والنحيب على رحيله، خاصة وأنها أيضا شاركته في بطولة مسلسل "العطار والسبع بنات".

وكذلك حرصت الممثلة سمية الخشاب أو "مديحة" وهي الزوجة الثالثة لـ"متولي" على الحضور أيضا.

أما الممثلة غادة عبد الرازق أو "نعمة الله" التي قدمت دور الزوجة الثانية، اكتفت بنعيه الكترونيا فقط.

شاهد- صور الجنازة

شيعت مراسم جنازة الممثل الراحل نور الشريف من مسجد الشرطة بالسادس من أكتوبر.

وحضر الصلاة على روح النجم الراحل عدد كبير من زملائه الذين أصروا على وداعه لمثواه الأخير ومنهم الممثل عادل إمام وحسين فهمي ومحمود ياسين ورشوان توفيق وهدى رمزي وإلهام شاهين ورجاء الجداوي ومحمود عبد العزيز والمخرج جلال الشرقاوي وفيفي عبده ودينا وكمال أبو رية.

موقع "في الفن" في

12.08.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)