يعتبر اختياره للافتتاح دليل تطور
علي مصطفى: “من ألف إلى باء” رحلة جميلة
أبوظبي - فدوى إبراهيم:
تمكن المخرج الإماراتي علي مصطفى من أن يثبت نفسه سينمائياً بعد
فيلمه الطويل "دار الحي"، الذي استطاع فيه أن يحفر في أذهان
المشاهدين والسينمائيين اسمه ورؤيته الإخراجية، وأن يعبر عن التنوع
الثقافي في الدولة . وهذا ما ينحوه في فيلمه الثاني "من ألف إلى
باء" الذي يبرز التنوع في سياق قصة أساسها بحث الإنسان عن ذاته،
ويتحدث عنها ل "الخليج" في هذا الحوار
.
·
ماذا يعني لك كمخرج إماراتي أن يفتتح فيلمه لأول مرة مهرجان أبوظبي
السينمائي؟
-
إنني سعيد جداً باختيار فيلمي لافتتاح دورة هذا العام من المهرجان،
والاحتفال بالعرض العالمي الأول له في العاصمة . إن هذا يعد دليلاً
على التطور الكبير الذي تشهده صناعة الأفلام المحلية إذ لم يسبق
اختيار فيلم إماراتي لافتتاح المهرجان . إن المهرجان أثبت مرة أخرى
بأنه منبر عظيم لعرض الأفلام العربية، وأنا فخور جداً بعرض "من ألف
إلى باء" في أبوظبي أمام حشد من الجمهور العالمي
.
·
ما الذي جعلك تصنع هذا الفيلم بقصته ورؤيته الإخراجية؟
-
لطالما أردت ان أصنع فيلماً ينتمي إلى جانب من الكوميديا . وتشدني
القصص المرتبطة بالرحلات البرية . فالجميع يود القيام بها مع
أصدقائه، ولكن احياناً وبسبب التزاماتنا اليومية لا نقوم بها .
وليس صدفةً اختياري لمواقع التصوير، ومسار الرحلة، فمنطقة الشرق
الاوسط هي منطقة خاصة من حيث تنوع التضاريس الجغرافية والمناظر
الطبيعية الخلابة والتي تختلف من مدينة إلى أخرى، وكذلك تنوع
الثقافات واللهجات والذي ينعكس بشكل واضح في الفيلم . ولهذا فإن
القيام برحلة من أبوظبي إلى بيروت هي وسيلة لعرض خصوصية وجمال
المنطقة
.
·
ألا تجد أن من المغامرة الاعتماد على ممثلين في بداية مشوارهم
الفني، وهم الشباب الثلاثة في الفيلم؟
-
قمنا باختبارات الأداء في عدة مدن عربية لاختيار الأشخاص الأنسب
للقيام بالادوار الرئيسية (3 شباب مصري وسوري وسعودي) . وحين شاهدت
مقطع اختبار الأداء لشادي الفونس، أعجبتني شخصيته واعتقدت بأنه
سيكون مناسباً للقيام بدور رامي الشاب المصري . وبعد ان وقع
الاختيار عليه اكتشفت انه ممثل ومؤلف مصري معروف شارك في برنامج
"البرنامج" مع باسم يوسف . وفهد البتيري والذي يقوم بدور "جاي"
الشاب السعودي، هو مقدم برنامج "لا يكثر" الشهير على موقع يوتيوب
والذي يحظى بأكثر من مليون متابع، وهو كوميدي سعودي موهوب
.
أما لدور عمر، فاخترنا ممثلاً في البداية، ولكنه اعتذر عن عدم
المشاركة في الفيلم عدة اسابيع قبل بدء التصوير . فاضطررنا إلى
القيام باختبار اداء مرة أخرى . وقبل 3 أيام من بدء التصوير وجدنا
فادي رفاعي . وكان في طريقه للقيام باختبار اداء لتصوير إعلان
تلفزيوني، وسألوه اذا كان يود ان يقوم باختبار أداء للفيلم، وعندما
شاهدته عرفت أنه الشخص الملائم، فأحضرناه للمشاركة في اجتماع مع
ألفونس والبتيري، وكان هناك انسجام واضح بين الشخصيات الثلاث .
وهكذا وجدنا الممثل الرئيسي الثالث . لقد كان العمل مع الممثلين
ممتعاً وشيقاً خاصة أن هناك تنوعاً بالثقافات واللهجات والخلفيات،
وهذا ما يزيد من خصوصية فيلم "من ألف إلى باء" والذي يستقطب نجوماً
من جميع أنحاء العالم العربي
.
·
ماذا عن الأدوار الأخرى في الفيلم؟
-
الفيلم لا يرتكز فقط على الشباب الثلاثة، إنما هناك مشاركة واسعة
لعدد من الممثلين الذين أسعدتنا مشاركتهم، حتى إن كانت بأدوار ذات
مساحات قد تكون جديدة عليهم، منهم الممثل السعودي القدير عبد
المحسن النمر والذي يؤدي دور أب جاي في الفيلم . والممثل السوري
سامر المصري، المعروف ب"العقيد أبو شهاب" في مسلسل "باب الحارة" .
وليم لوباني، الممثلة الفلسطينية اللامعة، بطلة فيلم "عمر" الذي
فاز بجائزة المهر العربي كأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان دبي 2013
وترشح لجائزة الاوسكار . وعلي سليمان، الممثل الفلسطيني المشهور
بفضل مشاركته في أفلام حققت رواجاً عالميا من أهمها "الجنّة الآن"
لهاني أبو أسعد الحاصل على جائزة "غولدن غلوب" ورشح لجوائز
الأوسكار . والممثلة المصرية القديرة مها ابو عوف والتي تقوم بدور
أم رامي، وخالد أبو النجا ويسرا اللوزي التي تقوم بأداء دور زوجة
عمر، الممثلة الأمريكية مادلين زيما، والتي سبق لها أن أدت شخصية
ميا في مسلسل "كاليفورنيكاشن" . ومعنا الفنان ون هو تشونغ، وسعود
الكعبي الإعلامي الإماراتي المتألق والذي أدى دوراً رئيسياً في
فيلمي الأول "دار الحي" وحل ضيفاً على العمل الجديد، بالإضافة إلى
عهد كامل الممثلة والمخرجة السعودية، وتقوم بأداء دور أخت "جاي" في
الفيلم
.
·
كيف جاء اختيار مواقع التصوير؟
-
بما أن فيلمي الأول "دار الحي" صور في دبي، أردت ان أبدأ تصوير
فيلمي الثاني في أبوظبي، فكان التخطيط ان نبدأ من العاصمة مروراً
بالسعودية، ثم الأردن، وسوريا ووصولاً إلى لبنان . لأن هذه المناطق
جميلة ومتنوعة من حيث المناظر والثقافة والحضارة
.
ولهذا فإن القيام برحلة من أبوظبي إلى بيروت هي وسيلة لعرض خصوصية
وجمال المنطقة، وهذا سبب اختيار عنوان الفيلم "من ألف إلى باء" اي
من أبوظبي الي بيروت
.
·
هل كان هناك فرق بين تصوير الفيلم وسابقه "دار الحي"؟
-
كل تجربة هي مميزة وفريدة بطابعها . فقصة الفيلم، الأدوار، مواقع
التصوير جميعها تختلف ولذلك فإن التجربة مختلفة، ولكنني استمتعت في
العمل على كلا الفيلمين وتعلمت الكثير من التجربتين
.
دعم مادي وتقني
حصل فيلم "من ألف إلى باء" على دعم من جهات عدة محلية أبرزها "توفور
54" و"إيميج نيشن"، وعما إذا كان هذا ينفي مقولات بعض المخرجين
والمنتجين الإماراتيين بعدم وجود دعم محلي يقول علي مصطفى: إن
التحدي الأكبر في صناعة الأفلام في جميع أنحاء العالم هو التمويل .
ومن حسن الحظ أن هناك مؤسسات إماراتية في ابوظبي تعمل على دعم
صناعة السينما وانتاج الأفلام مثل "توفور54" و"إيمج نيشن" . فإنتاج
الفيلم بتعاون مشترك بين المؤسستين . ولم يقتصر ذلك على الدعم
المادي فقط، وإنما أيضاً على الدعم الفني والتقني أيضاً
.
وانضمت "روتانا"، إحدى كبرى مجموعات الترفيه في العالم العربي، إلى
فريق الإنتاج الذي يتولى تنفيذ الفيلم . وستساهم في تسويقه وتوزيعه
بعد عرضه العالمي الأول ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي، بفضل
خبراتها الواسعة في هذين المجالين . و"روتانا" اشترت حقوق العرض
التلفزيوني للفيلم بعد انتهاء عرضه في صالات السينما
.
يخلو من الوجوه الإماراتية على الشاشة
فيلم الافتتاح يضيّع أبطاله ليجدوا أنفسهم
قبل حتى أن يعرض، حظي فيلم "من ألف إلى باء" باحتفاء السينمائيين
الإماراتيين والمهتمين بالمشهد السينمائي المحلي والجمهور في
الدولة، كونه الفيلم الإماراتي الأول الذي يفتتح فعاليات مهرجان
أبوظبي السينمائي، فالفيلم الذي نسج خيوطه ورؤيته المخرج الإماراتي
علي مصطفى، وأنتج بالتعاون ما بين
twofour54
و"إيمج نيشن" أبوظبي، هو الثاني لمخرجه بعد "دار الحي" الذي حقق
نجاحاً ملموساً
.
يعد افتتاح مهرجان أبوظبي السينمائي بفيلم "من ألف إلى باء" بعرضه
العالمي الأول، فرصة للسينما الإماراتية لتتصدر المهرجان وتحظى
بمشاهدة جمهور عريض متعدد الثقافات، وفرصة لنجوم جدد لإبراز
مهاراتهم في فيلم هو التجربة الأولى لهم سينمائياً، ورغم أنه فيلم
إماراتي التمويل والصناعة يخلو من الوجوه الإماراتية على الشاشة،
ولعل هذا ما يثير استغراب البعض أو انتقادهم
.
الفيلم قصة وإنتاج وإخراج المخرج الإماراتي علي مصطفى، وأحداثه
تدور في العام ،2011 مصوراً عمر (الممثل فادي رفاعي) يشعر بالذنب
والحزن بسبب وفاة صديقه هادي قبل 5 سنوات . ورغم أنه ينتظر ولادة
طفلته الأولى، إلا انه يقرر ترك زوجته الحامل والقيام برحلة برّية
مع أصدقائه، تلك الرحلة التي كان من المخطط ان يقوموا بها قبل 5
سنوات . يحاول عمر اقناع صديقيه: جاي "موسيقي دي جي" وهو الممثل
فهد البتيري، ورامي "ناشط على تويتر" الممثل شادي الفونس، بالقيام
بالرحلة البرية تكريماً لذكرى وفاة صديقهم هادي قبل ايام من يوم
ميلاده الخامس والعشرين . وبعد محاولات عدة، ينجح عمر بإقناع
صديقيه بخوض هذه التجربة المثيرة والسفر من أبوظبي إلى بيروت براً،
مروراً بالسعودية والأردن وسوريا في رحلة مليئة بالمطبات والتحديات
غير المتوقعة والتي من شأنها ان تفرقهم، أو تجمعهم مجدداً . هذه هي
رؤية علي مصطفى التي جسدها في الفيلم، مبتعداً بها عن القصص والرؤى
التقليدية، منطلقاً بها من عبارة "لابد ان تضيع أحياناً، لتجد نفسك"
.
ميزانية الفيلم وصلت إلى مليونين ونصف المليون دولار، متضمنة
الأمور الدعائية والفنية الخاصة بنسخ الفيلم وما إلى ذلك، وبطاقم
عمل فاق عدده 250 فرداً، عمل بكل جهده كي يصل الفيلم إلى المستوى
الذي وصل إليه . هذا ما أشار إليه محمد حفظي منتج الفيلم . عن
تصنيف وهوية الفيلم، كونه يضج بالثقافات المختلفة سواء على الشاشة
أو خلف الكواليس، رغم أنه انطلق بقصة وإنتاج وإخراج إماراتية، قال:
"المعتمد دائماً هو نسب هوية الفيلم إلى جنسية جهة الإنتاج
الممولة، وهي هنا شركة "إيميج نيشن" و"توفور 54"، فالجهة الممولة
لأي عمل هي التي ينسب إليها كل الفيلم حتى وإن لم يكن المخرج
والمنتج المنفذ والممثلون فيه من ذات الجنسية، كما أن الفيلم من
قصة وإنتاج وإخراج المخرج الإماراتي علي مصطفى، ولذلك يمكن تصنيفه
عملاً إماراتياً بالدرجة الأولى ثم عربياً ودولياً لمشاركة بعض
الممثلين الأجانب فيه وكذلك الفنيون والمنتجون متعددو الجنسيات"
.
ويوضح حفظي أن الفيلم واجه مشكلة بدايةً "حيث كان من المتفق أن
يمول من مؤسسة قطر إلا أن انسحابها أدى بنا إلى البحث بشكل عاجل عن
جهة إنتاج ممولة أخرى، فكانت موافقة "إيميج نيشن" بالنسبة لنا
بمثابة الإنقاذ، كذلك بحثنا مطولاً عن شاب يمثل دور "عمر" الشاب
السوري الذي يقرر أن يذهب مع أصدقائه إلى بيروت من أبوظبي، وفي
اللحظة الأخيرة استطعنا أن نستعين بالممثل السوري فادي رفاعي وهو
الشخصية الرئيسية في الفيلم
.
فهد البتيري الذي يؤدي دور "جاي يوسف"، وهو منسق موسيقي ويمثل
الجانب السعودي من الفيلم، حيث يشارك أصدقاءه رحلتهم التي يمرون
بها بعد انطلاقهم من أبوظبي إلى السعودية، ويقول إن تجربته حملت
الكثير من التشابه والاختلاف مع تجربته السابقة في حلقات تمثيلية
على "يوتيوب" بعنوان "لا يكثر" وغيرها، إلا أنه لا ينكر أن حجم
فريق العمل كان أحد أبرز مظاهر الاختلاف، ففريق اليوتيوب لا يتعدى
8 أشخاص، بينما كان محاطاً بفريق عمل قارب 47 فرداً في الفيلم من
الاحترافيين، ويوضح البتيري أن تعرفه على الجوانب الإنتاجية
والإخراجية كان أحد أهم اهتماماته وليس أداء دوره فقط
.
شادي ألفونس فنان موهوب عرفناه في عدد من الأعمال كان أكثرها
جماهيرية مشاركته في "البرنامج" مع الإعلامي باسم يوسف، وتركه لما
يقارب الشهرين ليؤدي دوره في "من ألف إلى باء" ليعاود أداءه
الكوميدي فيه بعد ذلك قبل توقف البرنامج، وبرغم تعدد تجاربه
التلفزيونية إلا انه يرى أن الفيلم من أجمل التجارب التي خاضها حتى
الآن، لما يتمتع به الطاقم الفني للعمل من كفاءة وحرفية وتعاون
وانسجام، ناهيك عن أنها التجربة السينمائية الأولى له
.
السوري فادي رفاعي يقوم بدور عمر الشاب السوري الذي تمثل أبوظبي
مسقط رأسه ونشأته، ويمثل بحسبه الجانب الجدي العقلاني بين الشباب
الثلاثة . ويشير إلى أن متعة العمل جعلت كل الممثلين يؤدون أدوارهم
بإتقان، خصوصاً مع توفر كل عوامل النجاح للفيلم بدءاً من مخرجه،
وأوضح رفاعي أن توجيهات المخرج كان لها الدور الأكبر في استخراج
الطاقات المكنونة في الممثلين الشباب خصوصاً ذوي التجارب الأولى
وهو منهم
. |