كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

فتاة المصنع

محمود عبد الشكور 

عن محمد خان وفيلمه الجديد «فتاة المصنع»

   
 
 
 
 

ينساب فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان عذبًا متدفقا وساحرا كالنيل الذى ترمى فيه بطلته «هيام» وأمها بقايا شعر الفتاة الأسود المقصوص، شاهدا بليغا على قصة حب مجهَضة، رأينا فيها سندريلا شعبية تتقاطع مع سندريلا السينما والحلم سعاد حسنى، الحاضرة فى الفيلم بالغناء وبالإهداء وبالمعنى وبالمغزى، ولكن مشكلة «هيام» أنها لم تجد الفارس الذى يبحث عنه خان فى كل أفلامه.. لم يستدلّ عليه، رجل حاضر بالجسد، وغائب بالروح

البارعة كاتبة السيناريو وسام سليمان ترسم شخصياتها بلمسات ساحرة، وتقدم مع خان قصيدة حب لا نظير لها لعالم البنات، للمرأة المصرية حفيدة إيزيس، العاشقة والصابرة، والقوية أيضا، «هيام» (الرائعة ياسمين رئيس) تعمل فى مصنع صغير للملابس الجاهزة، عالمها محدود بالمصنع وبالشارع فى الحى الشعبى وبمنزلها، فى الأماكن الثلاثة تملأ النساء الكادر رغم أنهن مهمشات فى الواقع على كل المستويات، فى المصنع بنات تحلمن بالعريس، «هيام» قَلِقَة لأنها أصبحت فى سن الحادية والعشرين، كل البنات حالمات كما فى أفلام خان، حتى غِيرَتهن طفولية، «هيام» تقع فى غرام المشرف الجديد «صلاح» (هانى عادل)، فى الشارع بنات كثيرات، تجلسن معا على الرصيف فيعاكسهن شباب الحارة، مجرد نظرات مبتورة متبادَلة، وفى البيت قافلة من النساء: عيدة (سلوى خطاب) أمّ هيام، وبسمة أخت هيام غير الشقيقة، وسميرة (سلوى محمد على) خالة هيام المطلَّقة التى أنجبت ابنة واحدة، تزور سميرة أختها وأسرتها، وتمنح هيام تجربة عمل إضافى، خادمة معها فى المنازل «عشان تحوّش قرشين ينفعوها».. فى انتظار الفارس. ولكن الفارس كان وهمًا، مشرف المصنع الذى رعته هيام فى منزله إثر أزمته الصحية، لم ولن يفهم معنى أن هناك فتاة تحب، يعتبر قُبلتها ورطة، وحنانها استغلالا، ونظراتها طمعًا، أمه تتنبه مبكرا فتصر على أن تدفع لهيام أثمان ما تفعله، مبالغ نقدية تافهة، ستلقيها هيام بكبرياء فى البالوعة.

يتسلل بنا الفيلم من بهجة الحب إلى قسوة الواقع. المجتمع الذكورى يتهم هيام بالخطيئة، النساء المغلوب على أمرهن تصبحن جزءا من إدانة هيام بما لم تفعل، جدتها تقصّ شعرها، زوج أمها يحاول قتلها، أمها تلطم وجهها، خالتها تقترح أن تفحصها الداية، أما المشرف فهو يهينها، يتعارك معها أمام «جروبى»، بينما تمر مظاهرة خلفهما تهتف بأن صوت المرأة ليس عورة.

ولكن بطلات خان قويات للغاية من أول الفتاة التى لعبتها نورا فى «ضربة شمس» إلى هيام فى «فتاة المصنع»، المرة الوحيدة التى تنهار فيها هيام عندما تشاهد الرجال وقد أحضروا حبيبها ليتزوجها قسرًا، هى لا تريد زوجا والسلام، تريد رجلا عاشقا، تسقط من بلكونتها، تتحمل إدانة الحمقى بصبر وصمت مَرْيمى (نسبة إلى مريم البتول)، حتى يبرّئها الطبيب، يثبت أن جسدها لم يُنتهك، هذا فقط ما يهم مجتمع الذكور المتغطرس، أما روحها الجريحة المنتهَكة فلا يطببها إلا النيل، تلقى بقايا شعرها فيه، تهتف أمها: «يا نيل يا كبير.. خللى جرحى يطيب»، ولأن فتاة المصنع لم تصرخ أبدا، فقد اختارت أن تكون صرختها رقصة، أوفت بوعدها، رقصت فى فرح حبيبها، قررت أن تبتسم، لا شك عندى أنها لن تتوقف عن محاولة البحث عن فارس.

رجال الفيلم لا يفهمون المرأة أصلا، يعاشرونها ويتزوجون وينجبون منها، ومع ذلك لا يفقهون معنى أنها مخلوق يحب ويشعر. صاحب السنترال الذى تعمل به «سميرة» يتحرش بجسدها، زوج «عيدة» يلومها لأنها خرجت إلى الشارع حافية القدمين رغم أنها ما خرجت إلا لكى تدافع عنه، أما النساء فى الفيلم، وفى كل أفلام خان، فهن مخلوقات حساسة للغاية، احتضان سميرة لهيام وبسمة وهن نائمات يستدعى نفس التكوين بين هند وكاميليا وأحلام الصغيرة. تتعامل البنات مع المهندس فى رحلة عين السخنة كحبيب وكطفل يستأهل أن يأكل من طعامهن. أسماء الشخصيات مبهجة رغم واقعها المرير المهزوم (عيدة وهيام وسميرة وبسمة وحسنية ونصر) حتى الجدة الشرسة تصعَب عليك عندما تذكِّرها «عيدة» بالموت، ماذا تتنظرون من امرأة وحيدة؟، نسمع فتاة فى السنترال تنتظر حبيبا هجرها وسافر. استحضار سعاد حسنى وأغانيها لم يكن فقط تحية لممثلة يحبها خان مثلما نحبها، سعاد وأدوارها تنويعة لا نهائية على نماذج محمد خان النسائية، سعاد تنوب عن هيام فى التعبير عن عالمها الداخلى، وهيام هى نفسها السفيرة عزيزة التى منحت قلبها وشفتيها لمن أحبت، عندما تقترب شفتا هيام من المهندس، يقطع خان إلى قُبلة سعاد وشكرى سرحان، حبيب السفيرة عزيزة ظل أيضا مترددا، أما حبيب هيام فقد خذلها، زوزو هى أيضا هيام ولكن بعد أن هزمت واقعها، ووجدت فارسها، وهزمت الفارق الطبقى، وهجرت مهنتها القديمة.

عين محمد خان تحوِّل العادى إلى استثنائى، الكاميرا دومًا تطل على بطلاته من زاوية مرتفعة، تتأملهن كالملاك الحارس، يتسع الكادر فى مشاهد البهجة بين البنات داخل المصنع، ثم يضيق للغاية على هيام عندما يخذلها حبيبها، يرسم الضوء لمحات من الشقاء على وجوه الأمهات، لا توجد لقطة مجانية، مروحة السقف وإبرة الخياطة والموبايل والملابس الداخلية والفساتين وحبال الغسيل لها أدوار فى التكوين والمعنى مثل كل الممثلين، ياسمين رئيس تقول بعينيها وبتعبيرات وجهها ما تعجز عنه الكلمات، الحدوتة نفسها كان يمكن أن تصنع ميلودراما رديئة، ولكن حساسية وسام وخان انتقلت بها إلى مستوى التحفة السينمائية.

تقول عيدة عن سبب كثرة البنات فى الحارة، إن هناك رجلا نوبيا كان يكره النساء، فظهرت له جنيّة أوقعته فى حبها، وتخلت عنه، وجعلت كل خلفته من البنات، وتقول عيدة إن خلفة البنات رزق، وتقول عيدة إن نساء الحارة تقلّبن الأمثال، «مش الفرح هوّه اللى بيجيب الزغاريد، الزغاريد هيّه اللى بتجيب الفرح»، قبل نهاية الفيلم تولد طفلة، أنثى جديدة تصرخ بالنيابة عن كل نساء الفيلم، تحمل معها صبر مريم، ووفاء إيزيس، وقوة خديجة، ودلال زوزو، وأحلام هند وكاميليا، وجرأة بنات وسط البلد، وحنان أم موسى، وجمال أفروديت، وتطلب من النيل أن ينصفها ويطبب جروحها.

«فتاة المصنع» يقول بأبلغ العبارات والصور: يا من لا تفقهون، الحياة امرأة، والمرأة ثورة، قلب كبير باتساع الكون، أمّنا التى نسيناها، حائكة الثوب، وصانعة الخبز، وباب الجنة، وقبل كل ذلك: صانعة البهجة والنُّصرة والعيد والحُسن والحب والجمال

أكتوبر المصرية في

04.04.2014

 

يسرية المغربية 

كمال رمزي 

وقعت فى غرامها، فنيا، منذ اللحظة الأولى: سيدة متقدمة فى السن، بدينة، راسخة البنيان. جلبابها الواسع، القديم، يوحى بأنه لم يفارق جسمها طوال أعوام. تعصب رأسها بمنديل، فوقه طرحة. ملابسها كلها سوداء.. إنها جدة هيام ـ ياسمين رئيس ـ فى «فتاة المصنع». لا تظهر إلا فى عدة مشاهد لا تتجاوز عدد أصابع الكف الواحدة. لكن، حضورها الطاغى جعلها من أقوى عناصر الفيلم ألَقًا، بل منحه قدرا غير قليل من مذاق الحقيقة.. الجدة، ممثلة مجهولة تماما، لم نشهدها على شاشة السينما من قبل، وبالتالى، من المنطقى أن يطرح السؤال عن عوامل نجاحها.

شطر كبير من الإجابة نجده عند المخرج السينمائى الروسى الشهير، ميخائيل روم، فيما يسميه «سر الشاشة»، حيث يروى، بأسلوبه الممتع، عن ذلك الكومبارس، الضخم الجثة، المزعج، الذى لا يستوعب ما يقال له. كان على الرجل أن يقف، مع آخرين، فوق تل، ومع صوت الانفجار، يتساقط الجميع قتلى.

انزعج «روم» حين فوجئ بصاحبنا يتلفت حوله، عقب الانفجار، ثم يتهاوى أرضا، بتراخٍ، كما لو أنه يخشى اتساخ بزته العسكرية. بعد تأنيب الكومبارس، أعيد تنفيذ المشهد، فما كان من المزعج، إلا الوقوع أرضا، فورا، إثر دوى الانفجار.. أعاد المخرج تصوير الموقف مرة ثالثة.. جاءت النتيجة غير مرضية.. فى المساء، شاهد «روم»، مع طاقم الفنيين، وآخرين، ما تم إنجازه. فوجئ «روم» ومن معه بسطوع الرجل الذى بدا، فى المشاهد المتكررة، آية فى قوة الإقناع والتأثير. عندئذ أدرك «روم» ما أطلق عليه «سر الشاشة» ، فالكاميرا، ليست آلة تصوير سلبية، لكن تحس على نحو ما، تحب وتكره، والواضح أنها هامت بذلك الكومبارس الذى أصبح قاسما مشتركا فى أعمال «روم» اللاحقة.

أحسب أن شيئا من هذا القبيل حدث مع السيدة المذكورة أعلاه. الكاميرا أحبتها، تشبثت بها رغم محاولة المصور أن يبعدهما عن بعضهما.. فى مشهدها الأول، تجلس على حجر بجوار فرن مزدحم. علامات الضيق واضحة على وجهها. حفيدتها تأتى بكمية كبيرة من العيش. تضع نصيب الجدة فى السلة. الجدة الغاضبة تعيد للبنت الأرغفة المجعدة. الحفيدة «هيام» تستسلم لمطالب العجوز القوية الشكيمة، ذات الثقل النفسى الذى يجثم على المشهد مستكملا الأجواء الرمادية للحارة المنسية.

كاتبة السيناريو الماهرة، وسام سليمان، رسمت شخصية العجوز بريشة فنان من المدرسة الوحشية، مظهرا ومخبرا، فهى على درجة عالية من الشراسة، تشعرنا بأنها موغلة فى الأنانية، لئيمة، قلبها كجلمود صخر.. فى المشهد التالى لها، بعد استدراج صديقاتها ـ على شاكلتها ـ لحفيدتها، تطالعنا ككتلة سوداء بلا ملامح. تنقض على «هيام»، المطروحة أرضا، تضع قدمها على خدها. تجز شعر البنت بلا رحمة أو تردد. لقطة أصابع القدم، بأظافرها الأقرب لمخالب الطيور الجارحة، فوق وجه «ياسمين رئيس»، المفعم بالألم، غدت من أيقونات صور الفيلم.

«الجدة»، تخاف الموت. تتعلق بأهداب الحياة.. أرملة ابنها، سلوى خطاب، تدرك هذه الحقيقة. تثأر لابنتها حين تخطرها بأن ابنها زارها فى المنام وسأل عنها طالبا رؤيتها.. هنا، الموقف يستلزم الاهتمام بوقع الكلمات على المستمعة. لكن صناع الفيلم بخلوا على السيدة العجوز أن تكون فى صدارة المشهد، فأفردوه لسلوى خطاب واكتفوا بتصوير الجدة من ظهرها، مع صوتها المشروخ بالخوف: هو اللى هاييجى ولا أنا اللى هاروح له.

«الجدة»، فى الفيلم، بلا اسم.. طبعا، اسم الممثلة لم يأت فى بيانات العمل الجميل.. لم تذهب مع فنانيه إلى زيارات الفضائيات. سألت محمد خان عنها.. بعد فترة صمت، على التليفون، طلب منى الانتظار دقيقة ليتأكد من اسمها.. قال لى إنها مصرية، اسمها «يسرية المغربية».

الشروق المصرية في

05.04.2014

 

محمد خان: استبعدت روبي من «فتاة المصنع»..

والفيلم يختلف عن «أحلام هند وكاميليا»

(وكالة الصحافة العربية ) 

سنوات طويلة من عمره الفني الممتد لأكثر من خمسين عاماً مليئة بالعطاء الزاخر، حتى أنه أصبح رقماً يصعب تجاوزه في عالم الإخراج، وهو صاحب مدرسة جديدة في العمل السينمائي، مؤخراً حصل المخرج محمد خان على الجنسية المصرية رسمياً بعد سنوات طويلة من المطالبات المستمرة، لتكتمل فرحته أيضاً بنجاح فيلم «فتاة المصنع» الذي يمثل حالة خاصة فى حياة عبقري السينما المصرية.

ينظر خان إلى أن فيلمه الجديد «فتاة المصنع» هو امتداد لفيلمه السابق «أحلام هند وكاميليا»، ويفسر بقوله: إن كانت بيئة بطلة الفيلم الجديد «هيام» التي لعبت دورها «ياسمين رئيس» تختلف عن بيئة «هند» التي قدمتها الفنانة نجلاء فتحي، لكنني أصر على أن فيلم «فتاة المصنع» يعتبر امتداداً لفيلمي السابق «أحلام هند وكاميليا».

استبعدت روبي

وحول ما تردد عن اعتذار الممثلة «روبي» عن بطولة فيلم «فتاة المصنع»، أوضح أنه قام باستبعادها من بطولة الفيلم، بسبب عدم التزامها بالشرط الذي وضعته، وهو عدم المشاركة في أي عمل فني آخر، حتى يكون تركيزها منصباً على الفيلم، لكن روبي خالفت الشرط ووقّعت على بطولة فيلم آخر، ولذلك قمت باستبعادها.

وعن سبب استعانة «خان » خلال السنوات الماضية في أعماله السينمائية بخمسة مؤلفين فقط، أكد أنه في الغالب تكون فكرة الفيلم نابعة من «بنات أفكاري»، بمعنى أنني أقترح على المؤلف موضوع الفيلم، ثم نبحث عن شركة إنتاج ويتم تطوير المشروع، كما أنني أرفض التعامل مع المواضيع أو السيناريوهات المعدة سابقاً، وأفضل أن يكون العمل تشاركي ونتاج مناقشات متواصلة.

ويشير إلى أنه دائماً يتدخل في إعداد وكتابة السيناريو، قائلاً: رؤيتي تختلف عن رؤية السيناريست، ولا يوجد فيلم قمت بإخراجه إلا وشاركت في تعديلات السيناريو.

نماذج اجتماعية

وعن سبب الابتعاد عن السياسة في أفلامه، أجاب قائلاً: أقدم نماذج اجتماعية في أفلامي وهذا في حد ذاته أعتبره قمة السياسة، كما أنني لا أحب المواجهة المباشرة في أي شيء، لكن عندما أتحدث عن العدالة الاجتماعية في أحد أفلامي، فإنني بلا شك أقصد الدخول في السياسة من طريق آخر، فالقضايا الاجتماعية لا تنفصل عن الاقتصادية والسياسية، موضوعات مثل الفقر مثلاً يناقش البطالة وسط الشباب وهو يتداخل مع الشأن الاقتصادي وهذا لديه بعد سياسي وهكذا. وفيما يخص تأييده وانتخاب أحد المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية باعتباره أصبح مواطناً مصرياً، قال، إنه يؤيد المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، لكنني أتخوّف على الرجل من المسئولية الشعبية التي على عاتقه، وهي تحقيق تطلعات المصريين. وهو أمر ليس بالسهل ولا يتحقق بين يوم وليلة.

الإتحاد الإماراتية في

05.04.2014

 

محمد خان... مصري حتى النخاع

محمد سيد عبد الرحيم/ القاهرة 

تزامن منحه الجنسية مع عرض فيلمه الجديد «فتاة المصنع» في الصالات. الشريط إعادة إنتاج لتيمات ومشاهد عدة رأيناها سابقاً في أعماله بدءاً من «موعد على العشاء» وصولاً إلى «في شقة مصر الجديدة». في النهاية، ينتصر المخرج المعروف للمرأة المصرية ضمن سيناريو محبوك كتبته وسام سليمان

ستّ سنوات هي المدة التي فصلت بين فيلم محمد خان الجديد «فتاة المصنع» (الأخبار 10/12/2013) وفيلمه السابق «في شقة مصر الجديدة» (2007). تزامن عرض الشريط في مصر مع حصول المخرج (1942) على الجنسية المصرية (بريطاني من أصل باكستاني). بعد «ثورة 25 يناير»، طالب العديد من المثقفين بمنح الجنسية المصرية لخان. وبعد ضغوط عدة وتجاهل طلب خان للحصول على الجنسية من حكومات مختلفة، جاء القرار الجمهوري تزامناً مع عرض فيلمه ليتوِّج مسيرة خان الفنية (23 فيلماً) المهمومة دوماً بالمجتمع المصري.

«فتاة المصنع» إعادة إنتاج لتيمات ومشاهد عدة رأيناها سابقاً في أفلام خان بدءاً من «موعد على العشاء» وصولاً إلى «في شقة مصر الجديدة». ينتصر خان من جديد للمرأة المصرية في «فتاة المصنع» عبر التوغل في شخصيات نسائيَّة تعكس المجتمع المصري وشخصيات ذكورية، لا تفعل شيئاً سوى كونها عقبة تنغص حياة النساء. يدور «فتاة المصنع» حول هيام (ياسمين رئيس) التي تعمل في مصنع للملابس، ثم تقع في حبّ المشرف الجديد صلاح (هاني عادل). لكن الفارق الطبقي الضئيل يجعل أمّ البطل تُقصيه عن البطلة، وفي الوقت عينه تنتشر شائعات تطال سمعة هيام، فتؤدي إلى نبذها من زملائها في المصنع وتعامل قاس من أفراد عائلتها.

يأتي عرض الشريط في ظل حرب شرسة على السينما المستقلة أكثر ما يميز الفيلم هو السيناريو المحبوك الذي كتبته وسام سليمان زوجة محمد خان. من المعروف أنَّ خان يتعامل مع كُتّاب السيناريو كأشخاص مطلوب منهم أن يحققوا له أفكاره إلى جانب أفكارهم الخاصة. لذلك، هو يشارك دوماً في كتابة سيناريوهات أفلامه حتى لو لم يكتب اسمه كمؤلف على العمل. ويتضح ذلك في مدى قرب سيناريو «فتاة المصنع» من أفلامه السابقة. يوضح السيناريو مدى اهتمامهما بإظهار التفاصيل الأنثويَّة واقترابهما من عرض نماذج من المرأة المصرية على الشاشة. نجد البطلة الشابة التي أتمت 21 سنة لتوها، والأم والخالة وهما متقاربتان ومتباعدتان في الأفكار والطباع، والجدة القاسية والمتحجرة، والصديقة/ الجارة المقربة/ زميلة العمل التي تغار وتحب البطلة معاً في تناغم وتنافر عجيب، لكنَّه تلقائي وطبيعي ومعتاد بين بنات المجتمع المصري، خصوصاً في هذه الطبقة الفقيرة.

قبض السيناريو بالفعل على أهم ما يميز المرأة المصرية التي تنتمي إلى هذه الطبقة؛ وهو الإيمان الكامل بالخرافات، خصوصاً أنّها تعيش بلا ضامن لمستقبلها، فتؤمن بأي شيء كأن يكون المطر دليلاً على الخير. يبدأ الفيلم بهطول المطر ومغادرة المشرف القديم (المخرج خيري بشارة) وقدوم المشرف الجديد (صلاح). يتضح ذلك أيضاً في اهتمام عايدة (سلوى خطاب) بتفسير الأحلام، فتبدأ في الحكي لبناتها عن قصة الشارع الذي يسكن فيه، وكيف أنَّ النساء فيه يلدن إناثاً لتختم حكايتها بالقول: «بقت خلفة البنات في شارعنا قدر». كذلك، تهتم الخالة سميرة (سلوى محمد علي) بقراءة الفنجان. تقرأ فنجان هيام لتتنبأ لها بعريس وحُسَّاد يحيطون بها. نرى أيضاً إيمان البطلة هيام بالحظ، حيث تقرأ «حظك اليوم» الذي يدفعها إلى الطلب من صلاح أن يأتي معها إلى الرحلة، وبذلك تبدأ قصة قربها منه. أما الجدة فتكره حفيدتها لأنَّها أنثى، وتؤمن بأنَّ الابنة كانت السبب في موت ابنها؛ فتقص شعر الحفيدة لتحوِّلها إلى حفيد كانت تتمناه، ما يدلّ أيضاً على أهمية الشعر للمرأة المصرية كتاج ورمز للأنوثة والفتنة. قص الجدة شعر الحفيدة يذكّرنا بالجدة (فردوس عبد الحميد) والابن (عزت العلايلي)، حينما قصَّا شعر شريهان ليمحوا فتنتها وليجعلاها لا تستطيع الخروج من البيت والتباهي بنفسها في فيلم «الطوق والأسورة» للمخرج خيري بشارة.

يتخلل الفيلم مقاطع من أغنيات لسعاد حسني رمز الأنوثة في السينما المصرية. حاول المخرج توظيفها لتكون راوية للفيلم ومعبرة عن الهيام الذي تشعر به البطلة عبر الأحداث المختلفة. لكن هذه المقاطع بدت مقحمة أحياناً، خصوصاً أنّ مصمم شريط الصوت (رأفت سمير) أخفق في الانتقال بانسيابية بين هذه المقاطع والموسيقى التصويرية البديعة التي ألفها جورج كازازيان.
يأتي عرض فيلم خان في ظل حرب شرسة على السينما المستقلة وآخر مظاهرها ما أعلنه نائب رئيسغرفةصناعة السينما محمد حسن رمزي بأنَّ «الفترة المقبلة ستشهد سحب كل الأفلام من الصالات، مع استعداد الأخيرة لاستقبال عدد كبير من الأفلام فى هذه الفترة التي تتزامن مع أعياد الربيع وشم النسيم». وبذلك، تتسبب غرفة السينما التي يتحكم بها منتجون يحتكرون صناعة السينما في مصر في سحب أفلام مستقلة مثل «فتاة المصنع»، و«المعدية» لعطية أمين، و«الملحد» لنادر سيف الدين، و«أسرار عائلية» لهاني فوزي مقابل منح مساحة أكبر لأفلام تنتمي إلى الاتجاه السائد من السينما بقيادة عائلة السبكي.

الأخبار اللبنانية في

07.04.2014

 

"فتاة المصنع"..

وقائع ما جرى فى شارع البنات!

محمود عبد الشكور 

على الرغم من أن عنوان "فتاة المصنع" مناسب بامتياز للفيلم الذى أعاد محمد خان الى السينما، وأعاد جمهورا كثيرا لارتياد الصالات مع عرض الفيلم التجارى فى مصر والعالم العربى، إلا أنه يصح أيضا أن نقول إنه فيلم عن شارع البنات فى أى مجتمع ذكورى، هناك بالفعل شارع فى الفيلم تكثر فيه البنات بتفسيرات أسطورية عن تلك الجنيّة التى انتقمت من رجل نوبى فجعلت إنجاب الإناث قدرا مقدورا، هناك حضور مكتسح للنساء والبنات سواء فى المصنع أو فى الشارع أو فى البيوت، ولدينا صوت سعاد حسنى/ السندريلا/ ست البنات فى السينما الذى أهدى الفيلم إليها، ثم إن الفيلم ينتهى أيضا بإنجاب أنثى جديدة تصرخ بالنيابة عن بطلات الفيلم الذى يعتبر من أفضل أفلام مخرجه، ومن أفضل أفلام موسم 2014 السينمائى.

لن أكرر لك حكاية الفيلم التى يمكن تخليصها فى "حكاية غرام لفتاة رائعة صنعت من الحب والكبرياء"، الأهم فيما أظن هو أن نمسك بمفتاح الفيلم، وأن نحلل الصعوبات التى تجاوزها أكثر مخرجى الواقعية رومانتيكية ليصل بمشاهده الى هذه الحالة التى تجمع بين الشجن والفرح، أن نضع أيدينا الى التفاصيل التى صنعت اللوحة الكاملة، والتى جعلت من هيام (ياسمين رئيس) تلخيصا لأهم ملامح بطلات أفلام محمد خان، كلهن تسرن خلف قلوبهن، وكلهن تبحثن عن فارس، وعندما تفشلن فى الغالب، تظهر قوتهن الداخلية الهائلة، فيهن الكثير من الشخصية التى جسدتها سعاد حسنى فى أفلامها، فى فيلم مثل "أميرة حبى أنا" تقول لعماد حمدى، والد زوجة حبيبها، عبارتها الشهيرة: "يحمّوك فى كنكة".

وفى فيلم "السفيرة عزيزة"، الذى يستعير "فتاة المصنع" بعض مشاهده صوتا وصورة، تبدو السفيرة مصممة على استعادة حقه، وتحقيق استقلالها، وتحرير نفسها. "هيام" قطعت الشوط الى آخره،  تحررت من حبها، قلبت الصفحة رغم الألم، وعبرت عنها كلمات أغنية يسرا الهوارى على تترات النهاية :"بابتسم من كتر حبى للعالم .. بابتسم من كتر خوف وعيت عليه".

البحث عن رجل

مفتاح الفيلم الأهم فى رأيى هو البحث عن رجل وليس عن ذكر. الفيلم متعاطف مع الأنثى ولكنه ليس ضد الرجل، بطلات خان تفرّقن عادة بوضوح بين الذكورة والرجولة، الذكورة مفهوم بيولوجى يحدده الطب وشهادة الميلاد، ولكن الرجولة مفهوم إنسانى واجتماعى تحدده المواقف والتصرفات، الرجولة فى سينما خان تعادل بالضبط الفروسية، رجل يعتمد عليه، يحمى المرأة ويحبها ويدافع عنها، هيام بالتحديد أحبت المهندس صلاح (هانى عادل) فى مصنع الملابس، وبينما تتابع البنات المهندس السابق (خيرى بشارة) الذى تركهن بلا مبالاة مهاجرا الى كندا، تقول هيام فى أول ظهور لها :" اللى ينسانا .. ما نفتكروش"، ستفسر هذه العبارة الهامة مواجهتها القوية لصلاح عندما التقته فى محل جروبى (هيام: كلمة واحدة وافرّج عليك المكان كله)،  ثم رقصتها فى فرح حبيبها، فى مشهد النهاية الذى لا نجد له مثيلا فى أى فيلم عربى.

حتى فتيات المصنع اللاتى استعدن حيويتهن وبدأن فى الغناء والرقص مع ظهور صلاح فى رحلة العين السخنة، وصرخن عند نزوله الى الماء، ثم تكالبن على إطعامه وكأنه طفلهن الوحيد، حتى هؤلاء البنات اللاتى تغرن غيرة طبيعية من بعضهن، تتحدثن فى حجرة خلع الملابس عن بحثهن عن رجل وليس مجرد ذكر، تنقل كاميرا خان ، التى تطل عليهن دوما من أعلى كعين متلصصة، حكاية بنت رفضت أن تتزوج لأنهم أرادوها أن تعيش مع حماتها، وهموم فتاة ضبطها والدها مع خطيبها وهما يلعبان بالخاتم، وفى مشهد آخر تتفقن على أنه لا المتزوجة مرتاحة، ولا العزباء أيضا، تتفقن كذلك على اختراع الفرح بالزغاريد ( هيام: كتر الفرح يعلم الزغاريد . أمى كانت بتقلب الأمثال .. بتقول كتر الزغاريد تعلّم الفرح ) ، فى شارع البنات الفرحة افتراضية.

البحث عن رجل تجده أيضا عند عيدة (سلوى خطاب) والدة هيام، توفى زوجها الأول فتزوجت وأنجبت بسمة (حنان عادل)، فى أكثر من مشهد نراها تنتظر زوجها الثانى، تحتضنه فى حب وهو نائم، تنزل حافية لتدافع عنه فى الشارع فى خناقة مفاجئة، زوجها الأول، والد هيام مات فى خناقة، نزل ليحل مشكلة لا علاقة له بها فقتل، سميرة (الرائعة سلوى محمد على) أخت عيدة امرأة مطلّق، ولها ابنة متمردة، سميرة أيضا تستعذب غزل صاحب السنترال المتزوج الذى تعمل فيه. احتياج نساء الفيلم للرجل هو احتياج إنسانى، بل إن هيام تقول لصلاح فى منزله إن حياتها كان يمكن أن تتغير لو لم يمت والدها، لا يوجد فى الواقع دليل على أن بقاء الأب كان سيغير شيئا عمليا سوى معنى وجود السند العاطفى، عيدة تقول عبارة أكثر جمالا عندما تسألها هيام :"كنتى بتحبى أبويا؟ "، ترد عيدة :" لو ما كنتش باحبه أمّال خلفتك منه إزاى؟!"، هى تقصد معنى إنسانى أكسب الفيلم شاعرية مكتسحة رغم بساطة شخصياته، وتلقائية تعبيراتهم.

المعالجة الصعبة

لم يكن ممكنا التعبير عن مأزق البنات فى مجتمع طبقى ذكورى إلا بمعالجة صعبة تمزج المرح بالشجن، والضحك بالبكاء، دون أن تنزلق الى ميلودراما فجة أو مزعجة، سينما خان عموما أبعد ما تكون عن الميلودراما  لأنها تبتعد تماما على الإسراف العاطفى أو المصادفات المفتعلة، هو من أكثر المخرجين اقتصادا فى استخدام الموسيقى، ويعتمد عموما على التفاصيل المتجاورة التى تصنع فى النهاية لوحة كبيرة، فى "فتاة المصنع" أضيف صوت سعاد حسنى وأغنياتها التى أغنت عن التفسير والشرح، والتى عبرت مباشرة أحيانا عن صوت هيام، فرحتها عندما أحبت، إحباطها، أحلامها، بدلا من شرح أسباب تهرب صلاح من هيام بعد قبلة خاطفة فى المنزل، نسمع أغنية سعاد حسنى من فيلم "المتوحشة"، تحلم بأن يعلمها حبيبها لكى تشرفه وسط زملائه، وعندما تتعرض هيام لمكيدة من زميلة لتشويه سمعته، نسمع سعاد وهى تغنى :"شيكا بيكا .. وبوليتيكا .. ومقالب أنتيكة .. ح تقوللى الشيكا بيكا إيه هيّة .. هية الحركات اللى مش هية"، بل إن هناك أمثلة لأغانى معبرة بخلاف أعمال سعاد حسنى، مثل "حب إيه" لأم كلثوم التى نسمعها فى مشهد اضطراب الأم فى مواجهة زوجها الثانى، بعد شكها فى سلوك ابنتها.

ليس فى الفيلم أى مبالغات عاطفية، هناك استخدام للغة العيون والجسد بدلا من ذلك، بل إن هيام تحتج بالصمت وكأنها ترى أن مجرد دفاعها عن نفسها فيه تسليم باتهام الجميع لها بأنها حملت من صلاح، و مشهد سقوطها من البلكونة، عندما رأت أهلها وقد أحضروا صلاح مضروبا، فيه من الدوار والصدمة أكثر مما فيه من الرغبة فى الإنتحار، وقد تم التمهيد للمشهد بالحديث عن سور البلكونة المتهاوى، أما مشهد المواجهة العاصف مع الأم، فيعقبه مباشرة مشهد ملطّف للخالة مع بسمة وهيام، وكأن الخالة تقوم بدور أم بديلة لهيام، ومشهد قص الجدة لشعر هيام هو بدوره مشهد مخفف جدا لما يحدث بالفعل فى المناطق الشعبية من حلق حواجب البنات العاشقات، أو ربطهن بالسلاسل فى منزلهن، وفقا لما ذكرته ياسمين رئيس فى حوار منشور.

تبدو البراعة فى الإنتقال السلس من سعادة الحب الى تراجيديا عقاب هيام، ثم العودة فى النهاية الى تحرر هيام الراقص على أنغام موسيقى ليلة حب لأم كلثوم، وتظهر براعة المعالجة أيضا فى لعبة الشك فى سلوك هيام التى تتكشف فى النهاية عن مجرد فتاة أحبت فعاقبها الجميع على هذا الحب، تداخل أيضا البعد الطبقى للمهندس (نراه يأكل بمفرده وتهبط الكاميرا لنرى الفتيات تأكلن معا بالإضافة الى عجرفة أمه التى منحت هيام عشرين جنيها مقابل خدماتها أثناء مرض ابنها)، مع نظرة المهندس الأخلاقية الدونية لهيام باعتبارها متهمة حتى يثبت العكس، تراكمت التفاصيل الصغيرة لتصنع لوحة متعددة الألوان والوجوه، فبدت التصرفات الغريبة مألوفة ويمكن تصديقها، ورغم قلة عدد الرجال فى الفيلم إلا أنهم بشكل أو بآخر هم سبب المتاعب، نشاهد ذلك ليس فقط فى محنة هيام أو عيدة أو سميرة ، ولكننا نراه أيضا فى تلك الفتاة التى تذهب الى السنترال للحديث مع عاشق مسافر لن يعود، و تلك المرأة المضطربة التى تكلم نفسها على الرصيف.

ابتعد الفيلم كذلك عن تنميط الشخصيات (أحد ملامح الميلودراما تنميط الشخصيات الى أسود وأبيض)، فرغم التعاطف الواضح مع المرأة، إلا أننا نشاهد مشاركة البنات فى الإدانة المسبقة، وكأنهن أصبحن جزءا من سوط الإضطهاد، تماما مثل الجدة العجوز التى تقص شعر حفيدتها بنفسها، ومثل مروة ابنة سميرة التى تحتقر أمها، وتشك فى سلوكها بسبب تأخرها فى العمل كخادمة، توصف الجدة بأن قلبها كالحجر، وتقول سميرة لابنتها إن الجدار أكثر حنانا من قلبها القاسى. ليست هناك شخصيات نمطية على الإطلاق فى الفيلم، حتى صلاح يبدو مصدوما عندما يعرف ما تحملته هيام فى صمت.

المعادل البصرى

يضاف الى كل ذلك بالطبع نجاح محمد خان المعروف فى تقديم معادل بصرى شديد الثراء يجعل الصورة شديدة البلاغة والإفصاح، تكررت فى الفيلم نظرة الكاميرا من أعلى فتياته، بدت أحيانا كاميرا عاشقة تطل على من تحب. لا توجد لحظة ملل واحدة داخل صالة المصنع رغم المساحة المحدودة، بسبب تنويع أحجام وزوايا اللقطات ، كل مشاهد الحركة البطيئة وظفت ببراعة، هناك مشاهد بأكملها بها تكوينات لافتة تستحق التحليل، منها على سبيل المثال: اللقاء الأول بين هيام والمهندس صلاح فى مساحة السلم الضيقة، ومشهد هيام العائدة مهزومة وهى تمر بجوار سور المترو العابر بضجيجه مترجما ضوضاء تحدث فى عقلها، بعد أن أهانتها أم المهندس بمنحها عشرين جنيها، وعلى السور لم ينس خان أن يطبع جرافيتى يجمل صورة سعاد حسنى وعبارة من أغنية لها تقول "البنت زى الولد"، ومشهد صورة هيام منقسمة من خلال زجاج الفاترينة بعد أزمتها، ومشهد لقاء جروبى العاصف الذى لم تتوقف فيه الكاميرا عن الصعود والهبوط، هناك  استغلال لكل مفردات المكان وتفاصيله سواء فى الشارع أو المصنع أوفى  بيت عيدة: مروحة السقف، حبال الغسيل الذى تكرر تصويرها من أعلى لتقيد الشخصيات أسفلها عندما تعقدت الأحداث، ماكينة الخياطة، صابونة الغسيل التى تحتفظ بها عايدة وسط ملابسها، فساتين زفاف الأم التى ترتديها البنات، مرايات المنزل، الموبايل، الورقة المالية، الصورة الفوتغرافية أسفل الزجاج، العرب نصف النقل، الثريا الهائلة فى المنزل الذى تعمل فيه هيام وخالتها سميرة كخادمات، ثمار التفاح التى يتكرر ظهورها لتؤدى أدوارا مختلفة، مرة فى أيدى البنات وهن يأكلن أمام الأولاد فى الشارع، ومرة عندما تراها بسمة بالحركة البطيئة فى أيدى بنتين قادمتين من المدرسة، ومرة ثالثة عندما نشاهد طبقا هائلا للتفاح الأحمر فى المنزل الذى تخدم فيه سميرة.

نجح خان أيضا فى اختيار فريق الممثلين، ياسمين رئيس وابتهال الصريطى هما اكتشافه الأهم، لفتت ياسمين الأنظار فى دورها الأول فى فيلم "واحد صحيح" للمخرج هادى الباجورى، ولكن دور هيام جعلها من نجمات الصف الأول بكل جدارة، قدمت ياسمين دورا شديد الصعوبة يعتمد على الحركة والإيماءة بنفس الدرجة الذى يعتمد فيه على الحوار الرائع الذى كتبته وسام سليمان.

استغل خان تعبيرات ياسمين بعينيها، واستوعبت هى بذكائها كل حركات الفتيات التلقائية، يمكنك مثلا أن تتأمل الطريقة التى تغسل بها هيام الكوب، أو تمشى بها فى الشارع، أو تتكلم بها مندفعة وغير مبالية، أو حتى طريقة نطقها لكلمة "باشمهندس" التى تتحول على لسانها الى "باشمهنتس"، أما ابتهال الصريطى فقد لعبت بحضور فائق دورا صعبا، نصرة صديقة هيام تشعر بالغيرة منها، ولكنها تحبها فى نفس الوقت، ثم تنحاز إليها نهائيا، ابتهال وجه واعد للغاية، تماما مثل الممثلات اللاتى لعبن أدوار زميلات هيام، فلم نستطع أن نفصلهن عن فتيات المصنع الحقيقيات اللاتى  ظهرن فى خلفية المشاهد صامتات.

يتوازى أداء الموهوبتين الصاعدتين ياسمين وابتهال مع أداء الراسختين سلوى خطاب وسلوى محمد على، دور عيدة أيضا شديد التعقيد، فى لحظة تفتح صندوق ملابسها كأم حنون، وفى لحظة تالية تنفجر فى ابنتها عندما تجد صورة المهندس فى ملابسها،  ولكنها تنقلب للدفاع عن ابنتها بالسكين، وفى لحظة رابعة تستعيد شعر ابنتها المقصوص لتمنحه الى النيل، اصطنعت سلوى خطاب أداء استعراضيا يليق حقا ببائعة ملابس تدور على المنازل وتحفظ الحكايات والأساطير، بينما قدمت سلوى محمد على ممثلة المسرح الرائعة دور عمرها رغم تميز أدوارها السابقة فى السينما، ذكرتنا فى بساطتها الممتنعة بالكبيرة عايدة عبد العزيز، سميرة أكثر من امرأة فى جسد واحد، قوية وجسورة وحنونة وعملية وحالمة ومستقلة وغضوبة  ومرحة، علاقتها مع ابنتها هى نقطة ضعفها وإحساسها بالمرارة، لا تعرف بالضبط هل تقمصت سلوى دور سميرة، أم أن سميرة استولت على شخصية سلوى، حتى مشيتها أصبحت ترجمة لقوتها اللامبالية فى شارع البنات.

تدفق إيقاع الفيلم بسلاسة رغم الإنتقال من المرح الى الأزمة، وقدم خان والمونتيرة دينا فاروق مشاهد ذكية لا تنسى أشهرها بالطبع مشهد القبلة بين صلاح وهيام، ه وفقط يلمس شفتيها، فيقطع خان الى قبلة سعاد حسنى وشكرى سرحان فى فيلم "السفيرة عزيزة"، ثم الى قطرة ماء تكاد بالكاد تبل العواطف المخفية، وكأن سعاد تنوب عن بطلتنا فى القبلة أيضا، ومن مشاهد المونتاج البارعة  مشهد دوار هيام وسقوطها فى المصنع، والقطعات المتتالية بين إبرة الخياطة ومروحة السقف.

استعان خان بمدير تصوير شاب موهوب هو محمود لطفى (هو ايضا مصور فيلم الخروج للنهار بلوحاته المدهشة من إخراج شقيقته هالة لطفى)، عبرت الإضاءة عن عالم مرح منطلق فى نصف الفيلم الأول بما فى ذلك مشاهد صالة المصنع، شاهدنا أيضا صورة رائقة مبهجة فى مشهد أثواب الزفاف، ثم تغيرت طبقة الإضاءة فى مشاهد المواجهات العنيفة، فى مشهد هروب هيام وبسمة من المنزل تتحول الفتاتان الى أشباح سوداء، ثم نعود الى أجواء الفرح عندما ترقص هيام رقصة الخلاص. استكملت موسيقى جورج كازازيان وملابس نيرة الدهشورى عملية خلق الجو التى برع فيها خان فى كل أعماله.

منح استخدام الأكورديون طابعا مرحا للموسيقى لأنه فعلا الطابع الغالب على هيام، تكررت تيمة موسيقية بعينها مع ظهور صلاح فأصبحت تدل عليه حتى إذا لم يظهر، فى مشاهد المعاناة تحولت الموسيقى الى ما يقترب من التقاسيم المثية للشجن، غلبت على ملابس البنات تشكيلة واسعة من الملابس الملونة البسيطة واللافتة معا، كل واحدة تحاول لفت الإنتباه، ملابس عيدة قاتمة سوداء، بينما سميرة أكثر حرية وبهرجة، كل هذه العناصر الفنية تستحق المنافسة على ألقاب الأفضل فى اختيارتنا لموسم  2104  السينمائى.

عندما تولد طفلة جديدة فى نهاية الفيلم "بختم ربها" كما يقولون، يطاردنا السؤال: أى مصير ينتظر هذه الطفلة الصارخة فى شارع البنات؟  أغلب الظن أنها ستقلد بطلات محمد خان الرائعات، ستعمل فى المصنع، وستحلم برجل من فئة فارس، ستعشق سعاد حسنى وأغنياتها، وستفى بنذرها حتى تتحرر مثل هيام، فإذا قصوا شعرها، ستلقيه مع أمها فى النيل كما فعلت هيام وعيدة، وستهتف وكأنها تؤدى صلاة مقدسة: "يانيل يا كبير.. خللى شعرى طويل.. يانيل يا كبير.. طبب جروحى"، وبعد كل ذلك ستبتسم.. حتما ستبتسم.

عين على السينما في

07.04.2014

 

مشاهدون أشادوا بالفيلم ومنحوه العلامة الكاملة

«فتاة المصنع» يُعيد الروح إلى السينما المصرية

عُلا الشيخ ـــ دبي 

حالة من الإعجاب سيطرت على مشاهدي فيلم محمد خان الأخير «فتاة المصنع» الذي مازال يعرض في دور السينما المحلية، بعد جولة في المهرجانات استهلها في الدورة الـ10 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، إذ أكد معظم الذين استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم أن فيلم خان أعاد الروح للسينما المصرية، معتبرين أنه رسالة واضحة أن السينما مازالت بخير على الرغم من وجود من يحاول أن يضعها في خانة التجارة على حساب الكلمة والصورة.

سعادة ظاهرة بدت على وجوه معظم المشاهدين الذين رأوا أن الفيلم يستحق بجدارة العلامة الكاملة، وأشادوا بالوجوه المشاركة في «فتاة المصنع»، التي كانت تُعد في الصف الثاني في الكثير من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، فالفيلم من بطولة ياسمين رئيس وسلوى خطاب وهاني عادل، وغيرهم.

«السندريلا».. حاضرة

الفيلم يبدأ من عنوانه في مصنع للنسيج مع دندنات الفتيات مع صوت «السندريلا»، الراحلة سعاد حسني تغني للحب والحياة، فيدرك المشاهد أنه أمام قصة فتيات وليس فتاة واحدة، مع غياب واضح للذكور إلا في ما ندر، أو في قلب موازين الحكاية والمشاعر والأحلام.

«لا يمكن أن أنسى ولو مشهداً واحداً من الفيلم، فأنا أمام تحفة فنية بكل معنى الكلمة»، هذا ما عبّرت به زينب رؤوف عن مشاعرها تجاه الفيلم، مضيفة بتأثر «هذه هي السينما المصرية، وهذا الفيلم هو مصر، ومنذ 10 سنوات تقريباً لم أشاهد فيلماً يهزني ويجعلني أشعر بهذه المشاعر، فرح وحزن في اللحظة ذاتها، مثل ما حدث مع (فتاة المصنع)».

ووافقها الرأي زوجها محمود غنيم، الذي قال إن «الفيلم يجب أن يشاهَد، ويحفظ في مكتبة المنزل، هو شيء لا يمكن وصفه، وعودة قوية لشكل السينما التي تتلاءم مع كل بلد بقيمة مصر».

الواقع والحلم

الفيلم مملوء بالتفاصيل التي تجعل من حكاية فتاة (هيام) تعيش في العشوائيات، فقيرة وجميلة وذكية، قضية كبرى، لها علاقة بواقع الحال، فهي غير مسموح لها بأن تحلم أكثر من حجم جسدها على فراشها، لكن عزة نفس هذه الفتاة التي تمثل شريحة كبيرة من مجتمعها، لا تجعلها تنكسر حتى لو ضاع حلمها من بين يديها، والذي تمثل في «كوشة وزغاريد».

من جانبه، اعترف محمد نضال بأنه تردد أكثر من مرة من مشاهدة الفيلم عندما سمع أنه «نسوي جداً»، مستدركاً «لكن الفيلم أذهلني، هو لا يتحدث عن قضية فتاة بقدر ما يتحدث عن قضية مجتمع كامل، يعيش في هذا العالم، وأعتقد أن الفيلم مذهل لدرجة أنني أفكر في مشاهدته مرة أخرى»، لافتاً إلى أن «غياب أسماء كبيرة عن الفيلم أكدت أن الموهبة لا تحتاج إلى تاريخ، بل تحتاج إلى فرصة». بينما قالت علياء داوود: «كل فيلم سينتج في الفترة المقبلة، سيظل دائماً في مقارنة مع (فتاة المصنع) ليس في القصة، بل في القيمة والفن. وأنا سعيدة جداً بهذا الفيلم الذي أعاد للسينما المصرية وهجها وقيمتها، خصوصاً بعد انتشار أفلام الابتذال والكوميديا السخيفة في المرحلة الفائتة بتوقيع منتج واحد أرفض ذكر اسمه يبحث عن المكسب فقط». وتابعت «أشكر محمد خان على هذا الفيلم، الذي جعلني فخورة جداً».

لعنة الجنية

تعيش هيام مع والدتها (سلوى خطاب) وشقيقتها وزوج الأم، في حي مزدحم بالفتيات، لا ذكور فيه إلا عدداً محدوداً، وتعزو الوالدة ذلك إلى حكاية قالتها لها أمها: إنه في يوم بعيد جداً، سكن هذا الحي رجل من الصعيد كان وسيماً، وقعت في غرامه «جنية من تحت الأرض»، لكن الصعيدي رفض هذا الحب، فلعنته الجنية ودعت ألا يرى في ذريته سوى البنات، ولهذا السبب - حسب أم هيام - فاض الحي بالبنات، لكنهن شجاعات ومقدامات يشبهن تمرداً يمكن ترويضه، لكن من الصعب قتله، وهذا ما حدث فعلاً مع هيام. بوجود المهندس (الرجل الوحيد في المصنع) يبدأ الوهم في رأس هيام وبناء قصص خيالية تصل إلى شكل فستان الزفاف، فهذا أقصى ما يمكن أن تصل إليه فتاة في مثل ظروفها، لكنها مختلفة، تتمادى على كل ما حولها، وتزيد من خيوط شبكة الوهم التي تعيش بداخلها، وتصل إلى الحبيب، الذي من الواضح أنه يستغلها إلى حين عثوره على أخرى تلائمه أكثر، كانت واهمة حد الثقة، فلم تتردد في أن تتحدى قريناتها في المصنع وتقول: «حارقص بفرحه إذا اتجوز غيري»، ولم تدرك أنها ستفي بهذا الوعد.

بدوره، وصف عبدالله محمد الفيلم بأنه «مهم جداً، وفيه الكثير من الحكايات التي تدور حول شخص واحد ، لكن قد تمسّ أي شخص آخر، فالحلم ليس مقتصراً على الفتيات، لكن استخدام خان للفتاة مقصود، بسبب نظرة المجتمع بشكل عام لها. فالحلم لا هوية له ولا جنس، هو حق لكل إنسان، وهذا ما لمسته شخصياً من فيلم محمد خان».

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

07.04.2014

 

"فتاة المصنع"..

هيام ومصنع الأوهام الجاهزة

زياد عبدالله 

جميل وهام أن يكون فيلم محمد خان "فتاة المصنع" حاضراً في دور العرض في دولة الإمارات، إنها فرصة استثنائية لمشاهدته مجدداً بعد عرضه العالمي الأول في الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي ونيله فيها جائزة النقاد الدوليين "فيبريسكي" والمهر العربي لأفضل ممثلة لبطلته ياسمين رئيس.

المقاربة التي أنوي تقديمها لـ "فتاة المصنع" لها أن تكون من شقين، الأول يقود حتماً إلى الثاني، فالأول متعلق بعنوان الفيلم وهو على اتصال بما قبل مشاهدته، كأن يقود عنوان جديد خان إلى فيلم آكي كوريسماكي "فتاة مصنع الثقاب" 1990، مضافاً إلى ذلك نساء خان في أفلامه، وهو يرصد المرأة المصرية/العربية، ويضبطها متلبسة على الدوام بأحلامها التي تصارع فيها واقعاً كابوسياً مصاغاً ضدها، فواقع المرأة العربية في سينما خان يتصل بأحلامها وعوالمها الشخصية  وهي تجابه النقيض والضد، ولهذا الصراع أن يستقدم جمالياته، ودائماً من خلال رصد الواقع والمتغير فيه.

إن التفكير بكوريسماكي لن يبقى منه بعد مشاهدة "فتاة المصنع" إلا ما قادني إلى مدام بوفاري، كما لو أني أجد ذلك معبراً جيداً لمقاربة فيلم محمد خان من دون المقارنة بين الفيلمين المختلفين تماماً،  فكوريسماكي قدّم نقيضاً لبوفاري كونها في "فتاة مصنع الثقاب" لا تنتحر بسم الفئران، بل تذيق الموت لكل من حولها بهذا السم - كما لو أنها ضد بوفاري كما صاغها غوستاف فلوبير - انتقاماً من وحدتها، هي الوحيدة على الدوام والتي ما إن تقع على رجل حتى يعبث بها ويتخلى عنها.

هيام في "فتاة المصنع" هي أيضاً نقيض بوفاري، لكن في سياق الواقع العربي ، فالمرأة متهمة حتى تثبت براءتها، لا لشيء إلا لأنها امرأة، وإن "السم البوفاري" ليس إلا أدواتها البريئة التي تقاوم فيها حملة الإدانة لمجرد أنها أحبت، فالحب هنا وفي جهوزية مشرقية متأصلة فعل مدعاة للإدانة رغم أن جميع من في الفيلم يهجس به ويتمركز حوله، لكنهن عاجزات، يتبعن تلك الازدواجية بين القول والفعل، ولعل كل ما قامت به هيام (ياسمين رئيس)  هو استجابتها لحقيقة ما تشعر به، والمضي خلف قلبها، لكن يكفي أن تفعل هكذا فعل انساني حتى تفتح عليها أبواب الجحيم.

ففي فيلم محمد خان تأتي الذروة الدرامية فيه مما لم يحدث حقيقة، لكنه حدث في أذهان المحيطين بهيام، فنحن سنكتشف في النهاية أن المجتمع المحيط بهيام متعلق بأوهامه المبنية على "الأخلاقي"، الأوهام التي لا تعرف إلا التشكيك والإدانة، كما لو أن القيم هنا متواجدة فقط لأداء هذين الدورين.

يتأسس سيناريو الفيلم الذي كتبته وسام سليمان على الحب والحرمان والحلم، فالحب متصل بالحلم والحرمان، ومتى اتصل الحب بالواقع ومسعى التخلص من الحرمان العاطفي فهو مدان، كما لو أنه غير موجود إلا بين رشدي أباظة وسعاد حسني أو ضمن مؤسسة الزواج التي تبدو مستحيلة أيضاً ضمن ظروف اقتصادية صعبة.

تجري أحداث "فتاة المصنع" في بيئة حي فقير، تحكمه أسطورة ترويها والدة هيام (سلوى خطاب) عن ذاك النوبي الذي أحبته جنية لم يبادلها الحب فلعنته بأن أصبحت ذريته كلها من البنات وبالتالي فإن هذا الحي لا تولد فيها إلا البنات، اللواتي يعملن في "مصنع تكستايل للملابس الجاهزة". ورغم أن جميع نساء الفيلم يعملن، فإنهن يبقين تحت رحمة عادات وتقاليد هي النقيض من أدوارهن الايجابية في العمل والكدح، لكن يبقى الرجل لعنة حياتهن، وهذا قادم تماما من مجتمع ذكوري أولا وأخيراً، يكفي أن يكون المشرف صلاح (هاني عادل) الرجل الوحيد في رحلة العاملات في المصنع ليتمركز كل شيء حوله، فهو وحده من يسبح بالشورت، وهن محيطات به بثيابهن ويتنافسن على اطعامه وتدليله.

القصة الرئيسة في الفيلم أي قصة الحب بين هيام وعادل، ستضيء على كل ما يحفل به المحيط بها: النظرة الطبقية المتعالية، آليات الدفاع والقوة في كل شخصية مثلما هو الحال مع أم هيام وخالتها، وبالتأكيد هيام التي لاتكون دوافعها إلا من جهة القلب، فهي ليست طامحة للزواج أو "الستر" بل إلى الحب ومن يبادلها إياه بنبل وليس كما هو صلاح، هذا إضافة للرجولة التي ما أن تكشر عن أنيابها فإن المرأة أيضاً ستظهر مخالبها للدفاع عن نفسها كما هي أم هيام مع زوجها، وليبقى السؤال لم تسرق هيام سوى قبلة، وحدث كل ما حدث، فكيف هي إن كانت كما مدام بوفاري؟

كل ما تقدم لا يأتي إلا في مسعى واضح للتأسيس لجماليات العوالم التي يصور لها الفيلم، فعدا عن ما تقدم فالفيلم يصور عوالم المرأة المصرية المعاصرة، آلياتها وأدواتها في مواصلة حياة محاصرة بمتغيرات ليست أبداً في صالحها، وفي قالب فني وسردي متناغم مع القصة القادرة على قول الكثير، الذي لا ينفصل عن تعاقب أحداثها وسياقاتها.

دبي السينمائي في

08.04.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)