حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي السادس والستون

«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان» السينمائي (6)

«كان» المذهل

كان: محمد رُضا 

الحفلة التي أقامتها «كانال بلوس» الفرنسية، ليل الأحد الماضي، موزعة فيلم «داخل ليووين ديفيز» للأخوين ناتان وجووَل كووَن كانت مزروعة بنجوم الفيلم، ليس فقط ممثليه الرئيسين (من بينهم كاري موليغن وأوسكار أيزاك وجوستين تمبرلايك) بل أيضا منتجيه وبالطبع المخرجين الشقيقين اللذين يعملان معا منذ أن شقا الطريق في عالم السينما، قبل 29 سنة.

خلال الحفل الذي أقيم عقب عرض الفيلم العالمي الأول، أظهر الجميع فرحهم بالاستقبال الجيد الذي ناله الفيلم. فردات الفعل كانت جيدة، والأخوان اللذان أنجزا حتى الآن 19 فيلما قد يجدان نفسيهما بين قائمة الفائزين هذا العام، إن لم يكن بالسعفة الذهبية، فبواحدة من الجوائز المرادفة.

سألت أوسكار أيزاك، الذي يؤدي الدور الأول في الفيلم، إذا ما كان اختياره للبطولة ورد منذ البداية أو أن اختياره جاء لاحقا، فأكد أنه تابع الفيلم من بدايته وأن التحضيرات كانت تتطلب منه العزف على الغيتار: «لم يكن الغيتار آلة غريبة على يدي، فأنا أجيد العزف والغناء. ما لم أكن أعرف نتيجته هو كيف سينتقل كل ذلك إلى الكاميرا ومنه إلى الشاشة والمشاهد. أنا مذهول من حسن الاستقبال».

جوستين تمبرلايك حين تحدثت إليه وجدته مبهورا بمهرجان «كان»: «هذه هي السينما يا رجل. هذه كل السينما. هناك ذوق مختلف للمشاهدين بعيدا عن حديث الإيرادات في أميركا وجوانب (البزنس) الأخرى.. هل هذا حقيقي؟».

جل ما تستطيع أن تفعله في مثل هذه الحفلات هو أن تسعى لكسب مقابلة تأمل في أن لا تأتي على حساب فيلم تعتبره أساسيا بين تلك المبرمجة للعرض. المهم مثلا أن لا يكون على حساب فيلم تاكاشي ماييكي «ترس من القش» أو فيلم هاني أبو أسعد «عمر» أو فيلم بيبلو سارنتينو «جمال عظيم»، أو أي واحد من تلك الأفلام التي جئت إلى «كان» لمشاهدتها. والحظ الحسن كان معنا؛ المقابلات في اليوم التالي جاءت بعد الظهر على حساب فيلم فرنسي لفالريا بروني داتشي عنوانه «قلعة في إيطاليا» يمكن التقاطه بعد أشهر معروضا في مكان آخر بلا شك.

* فيلم صيني ينتقد الصين بينما الغرب يهادن

* هناك سرقة جديدة بعد يومين على السرقة الكبيرة التي قيل إن قيمتها تجاوزت المليون دولار. هذه المرة الضحية نجم مشهور هو كيانو ريفز وحدثت قبل ساعات قليلة من توجهه إلى المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقد لترويج فيلمه المقبل «رجل تاي شي». على عكس السرقة التي وقعت في أحد الفنادق وذهب ضحيتها رجل أعمال سينمائي، فإن السرقة الجديدة تمت في شقة فخمة تم استئجارها مواجهة للبحر وفي ساعة غاب ريفز عنها. حين عاد ريفز من حفل العشاء وجد باب شقته مفتوحا وحقائبه جميعا مفقودة، بما فيها من مال ووثائق.

هذا أغضب الصينيين كثيرا. فإلى جانب أنهم وراء الفيلم إنتاجا وتمويلا واحتفالا، كانوا يعتبرون هذا الفيلم نقلة جديدة في الإطلالة عالميا وتثبيت أهمية السوق الصينية بالنسبة للإنتاجات العالمية بأسرها. إلى ذلك، فإن رسالة شديدة اللهجة موقعة من نائب رئيس شركة «تشاينا فيلم غروب»، واسمه زانغ كيانغ، ذهبت إلى رئيس المهرجان جيل جاكوب والمدير الفني تييري فريمو احتجت على اللامبالاة التي أبداها المهرجان حيال ما حدث، وذلك حسب كيانغ الذي قال في رسالته إن الإدارة الرسمية لم تبدِ أي موقف إيجابي حيال الحادث، وإن العاملين في إدارة المبنى السكني الذي وقعت فيه جريمة السرقة كانوا عدائيين وسلبيين حيال الموضوع، ولم يبدوا أي تعاطف، مما زاد الشعور بامتعاض الصينيين والممثل المعروف على حد سواء.

وحسب كلمات كيانغ، فإن الفرنسيين «شعب متعال جدا» والأمن «منعدم».

هل سينال ذلك من صيت المهرجان الفرنسي؟ طبعا لا. لكن أحدا هذه الأيام لا يستطيع أن يغضب الصينيين حتى ولو كان المهرجان الذي سارع، إثر تلك الرسالة التي نشرت مقتطفات منها على «تويتر»، للاعتذار إلى ريفز وكيانغ، كذلك فعلت إدارة المبنى.. طبعا لا شيء سيعيد الحقائب المسروقة، ولا ذكرى ما حدث.

لكن عبارة «لا أحد يستطيع إغضاب الصينيين» ليست مناطة بهذا الحادث على الإطلاق. في الأشهر والأسابيع الماضية، ونسبة لارتفاع الإقبال على الأفلام الأميركية والحصة الكبيرة من السوق الصينية التي باتت في حوزة شركات «هوليوود»، شهدنا دلائل تؤكد أن هوليوود حذرة كل الحذر حين يأتي الأمر لاحتمال إغضاب الصينيين.

* تم تغيير ملابس الجنود الذين يغزون الولايات المتحدة في نسخة العام الماضي من «فجر أحمر» من صينيين إلى كوريين شماليين، وذلك بعد تصوير الفيلم.

* تم إعداد نسخة خاصة بالصين من فيلم «آيرون مان 3» لم توزع خارج حدود البلاد لكنها تختلف في بعض التفاصيل اتقاء للرقابة الصينية، ومطالباتها بتخفيف حدة العنف.

* انطلق المخرج والمنتج كوينتين تارانتينو ومعه مسؤول من شركة صوني الموزعة إلى بيكينغ في أعقاب قرار رقابي صدر بمنع الفيلم من العروض، قبل ساعات قليلة من العرض الأول، ومحاولتهما ثني المسؤولين عن تفعيل ذلك. المحاولة نجحت لكن الإيرادات تأثرت كثيرا.

* هناك مدارس للسينما في لوس أنجليس ونيويورك تضع في مناهجها حصصا حول «كيفية تجنب الرقابة الصينية»، وذلك بالاطلاع على قوانينها ومحاولة تطويع الأفلام المنتجة التعامل مع تلك القوانين.

* نقد رباعي

* على شاشة «كان»، فإن الفيلم الصيني «لمسة خطيئة» للمخرج جيا زانغ يعكس صورة مختلفة للصين. صورة لا يمكن لجهة إنتاجية أخرى توفيرها على أساس عرض داخل الصين. لكن الإنتاج الصيني يُعامل على نحو مختلف. على الرغم من ذلك، فإن قرارا صينيا جاهزا عادة للصدور بمنع أفلام صينية تحوي نقدا للواقع، وهذا الفيلم قد يصل إليه «إيميل» أو رسالة مسجلة بريديا، بالقرار في وقت قريب.

إنه فيلم من إخراج جانجي جيا ومؤلف من 4 حكايات. بعد مقدمة لراكب دراجة نارية يعترضه 3 شبان مسلحين بهراوات وسكاكين، فيطلق النار عليهم ويرديهم ثم يواصل انطلاقه، نلج القصة الأولى التي تكفي وحدها، لو شيء لها أن تتحول إلى فيلم كامل، لأن تقول الكثير عن الوضع الصيني اليوم: هذا رجل اسمه داهاي (وو جيانغ) واثق من الفساد المستشري في إدارة عمالية في الريف. المدير العام لتلك الإدارة يعيش مترفا ومحاطا برجال أمنه بينما العمال يعيشون أوضاعا مزرية. لكن داهاي لن يسكت. سيحاول كشف تلاعب المحاسب والمسؤول المحلـي، وسيواجه المدير العام ليكتشف، بعدما هاجمه أمن المدير العام وضربوه، بأن الفساد عمود الإدارة الفقري. يأخذ بندقية صيد، وينطلق منتقما، وصولا إلى المدير العام ذاته. في نهاية الفيلم، يمر ثانية على رجل كان يعامل حصانه بقسوة بالغة، بضربه بالسوط. يرفع داهاي بندقيته، ويقتله أيضا.

اللقطة الأخيرة وقد أفلت الحصان (بموت صاحبه) من خوفه، وها هو ينطلق بعيدا. في الحكاية الثانية نتعرف مجددا على الرجل الذي قتل الثلاثة في التمهيد. متزوج ولديه ولد، وعاد ليزور عائلته. ربما خطر له أن يستقر، لكن من نتائج الوضع الاقتصادي الحالي أن أمثاله لن يجدوا عملا يساعدهم على الاستقرار، وهو سيعمد إلى جريمتي القتل والسرقة ليعيش. الثالثة عن فساد من نوع آخر نجده في حكاية المرأة التي تعمل في محل «سونا». زبون يريد الاعتداء عليها. تقاومه وتقتله ثم تنطلق لنهايتها، وهذا بعدما تعرضت للضرب على يدي عائلة زوجة عشيقها. الحكاية الرابعة حول شاب لا يجد في الأعمال اليدوية الصغيرة في المصانع ما يكفي لسد الرمق. طموح الشباب ولى بمعظمه، وما بقي منه لا يكفي لمقاومة رغبته في الانتحار.

جانجي جيا ليس بعيدا عن هذا النقد الاجتماعي. فيلمه السابق «حياة ساكنة»، الذي فاز بذهبية مهرجان فينيسيا قبل سنوات ليست ببعيدة، نموذج على نقده لتحولات الصين بعيدا عن تأمين حاجيات الناس الطبيعية. تطورها الصناعي والاقتصادي يتم على حساب البيئة (في ذلك الفيلم) وعلى حساب المواطن في هذا الفيلم رباعي الاندفاع. «لمسة خطيئة» ليس فيلما كامل الإجادة، خصوصا أن تلخيص الحكايات يُصيب العمل بحالة من عدم الاكتفاء دراميا. لكنه مصور بلمسات مدير تصوير جيد هو يو ليكواي الذي يصور كل أعمال هذا المخرج. والاثنان يلتقطان التفاصيل المعنية بكثير من الدراية في فيلم لا يتلاشى سريعا، ولو أنه من غير المحتمل أن يخرج الفيلم فائزا بالسعفة الذهبية، إلا إذا أراد رئيس لجنة التحكيم ومهرجان «كان» فتح مواجهة مع النظام الصيني.

مقابلات كان

يؤدي المغني والممثل دورا مساندا في فيلم «داخل لووين ديفيز»

جوستين تمبرلايك لـ «الشرق الأوسط»: ثلاثة لا أتحدث فيها هي الدين والمال والسياسة

يؤدي المغني والممثل جوستين تمبرلايك دورا مساندا في فيلم المسابقة «داخل لووين ديفيز» لاعبا شخصية مغني «فولك» في نادٍ ليلي في مطلع الستينات. لا يفعل الكثير في هذا الفيلم لكن شخصيته مرسومة بالدقة ذاتها التي رُسمت بها شخصية الممثل الأول أوسكار أيزاك.

·     من المفرح أن نراك في هذا الفيلم، ومفرح أيضا أن أسطوانتك الجديدة «مرايا»، في المركز الثالث هذا الأسبوع.

- نعم، سعيد لذلك. باعت للآن 10 ملايين نسخة، وهذه أسطوانتي الأولى من عام 2006

·        هل وجدت التوازن إذن بين عملك كممثل ومهنتك كمغنٍّ؟

- أعتقد ذلك، لكني في الحقيقة تأخرت في العودة إلى الغناء عن قصد. كنت أبحث عن السبب والسبب عندي هو أن تكون لدي ملكية الكلمات والألحان. أقصد أن أجد ما يدفعني للتسجيل. هذا تأخر لكنني كنت راضيا عن تأخره، ريثما أجد المادة الصحيحة. بالنسبة للتوازن، لا أرى أن هذه المسألة تقلقني كثيرا.

·        هل يهمك الدور أكثر من البطولة؟

- صحيح. «داخل لووين ديفيز» هو مثال على ذلك. كان بوسعي طبعا البحث عن فيلم آخر أقوم ببطولته لو أردت. لكن مع سيناريو جيد ومع مخرجين بمثل منزلة الأخوين (جووَل وإيتان) كووَن لم يكن هناك أي مانع عندي من أن أقوم بالدور. لا أهمية لدي ما إذا كان الدور بطولة أو ثانويا. المهم، هو أن أكون في هذا الفيلم أو في أي فيلم جيد آخر.

·        هل هذا كان منطلقك عندما مثلت دورا مساندا أيضا؟

- في «المتاعب عند المنحنى» لكلينت إيستوود؟

* طبعا، لدرجة أنني رضيت بأن أجري امتحان قبول لأجل الفوز بهذا الدور. وأنا سعيد بأني فعلت ذلك. عندما قرأت السيناريو أول مرة شعرت بأنني أقرأ سيناريو عن أشخاص حقيقيين. هذه هي ميزة السيناريو، بل الفيلم بكامله. شعرت بأنها الشخصية التي لم أقدمها بعد.. شخصية عادية من تلك التي لا تحتاج لضخ المزيد فيها لكي تبدو منتفخة ومختلفة. يكفي أنها طبيعية، وهذا شأن كل الشخصيات الأخرى، بما فيها تلك التي لعبها إيستوود نفسه.

·     في تلك الآونة بعد انتهاء ذلك الفيلم ظهر إيستوود في ذلك المؤتمر الذي عقده الحزب الجمهوري، وأدار «مونولوغا» بينه وبين أوباما.. ماذا تقول في ذلك؟

- له حق دستوري في قول ما يريد، ولي الحق الدستوري في أن لا أقول شيئا (يضحك). هناك 3 مواضيع، لا أكترث في الحديث فيها هي الدين والمال والسياسة.

·        ما الخصال التي تأصلت في نشأتك العائلية، والتي لا تزال تؤثر في قراراتك أو في شخصيتك؟

- أعتقد أن والديّ كانا ولا يزالان معلمين أساسيين عندي. أعني أنني تمتعت بخلفية مثيرة للاهتمام، حين نشأت في بلدة صغيرة قبل أن أنطلق لأجوب العالم، ولأعرف عنه المزيد. هذا قبل عودتي إلى بلدتي الصغيرة خارج مدينة ممفيس. لقد ترعرعت كما أراد لي والداي، لذلك تأثيرهما عليّ كبير. حين كنت صغيرا قالت لي أمي: أنت تملك موهبة كبيرة في داخلك. وأنا هنا لمساعدتك لكي تبلورها على النحو الصحيح. أريدك أن تحقق لنفسك ما تريده في هذه الحياة وأنا سأساعدك على أن تكتشف هذه الموهبة التي ستغير حياتك إلى الأبد.

·        هل ما زالت علاقتك بهما قوية؟

- نعم. هما دائما معي ليس ماديا، لكن كحضور معنوي. أنظر إليهما كمثالين، وكثيرا ما أستشيرهما في قراراتي، وحتى حين لا أفعل، فهما حاضران في حياتي.

·        هل من نماذج أخرى في حياتك؟

- كلينت إيستوود لأنه خاض السينما متحولا من ممثل مساند إلى ممثل رئيس، ثم إلى مخرج ومنتج ذي اسم كبير. هو يمثل طموحي. أيضا أتطلع إلى المخرج ديفيد فينشر («سبعة») بإعجاب شديد. وحين تكون عندي أفكار ما أعرضها عليه طلبا للنصيحة.

·        ما طموحاتك التي لم تحققها بعد؟

- اشتريت قبل أشهر قليلة سيارة موديل السبعينات، وكان هذا آخر طموح لي حققته (يضحك). جديا؟ ما أقوم به اليوم كممثل وكمغنٍّ وكمنتج يمثل طموحا متواصلا. أقصد أن طموحي هو أن أستمر في عملي وأن أحافظ على علاقتي مع الحياة، لأنها أفضل معلم وعلاقتي معها تثري تجاربي في كل الجوانب.

·        كيف تتعامل مع الشهرة أو النجومية كونك معروفا جدا في سوق الغناء والتمثيل؟

- هذا لا يشغلني كثيرا. أسمع. لقد نموت أمام الناس. بدأت شابا صغيرا أمام جمهور من المحتشدين وشهرتي لم تتم بمعزل عن الجمهور الكبير، أعلم أن كثيرا من الأسماء الفنية والاجتماعية يشكون من «الباباراتزي» والصحافيين والفضوليين، لكني لا أفعل ذلك، بل أتعامل مع الأمر على نحو طبيعي تماما. هذا هو بعض الثمن الذي على المرء أن يدفعه إذا ما أصابته الشهرة، فلمَ أشغل نفسي بمحاولة تجنبه؟

أفلام اليوم

* فيلمان وسؤال واحد: هل الرغبة في الحياة خطأ؟

* لا يعرف المخرج الفرنسي كلود لانزمان معنى الإيجاز. فيلمه «شواه» (1985) تألف من 9 ساعات ونصف الساعة (هناك نسخة من 8 ساعات ونصف الساعة أيضا) تاركا أكثر من تجسيد لذكرى الناجين من الهولوكوست: قدر كبير من الملل. الفيلم الجديد يقترب من 4 ساعات، وموضوعه مقابلة أجراها المخرج مع بنجامين مورملستين الذي وثَّق الكثير من تاريخ التجربة اليهودية المرة مع النازية. فيلم وثائقي مصنوع بغاية إبقاء الذاكرة حية، بصرف النظر عن أن العالم اتجه سياسيا وثقافيا في دروب مختلفة بحيث تبدو تجربة «الهولوكوست» على هولها، واحدة من الكوارث الإنسانية الكبيرة التي سبقت الحرب العالمية الثانية أو تبعتها (يكفي ذكر مذابح ستالين لقومه مثلا) أو حتى واكبتها.

الموضوع في فيلمه الجديد «آخر المظالم» مثير للاهتمام من الناحية الرصدية وحدها: بنجامين مورملستين هو آخر اليهود الأحياء الذين قام النازيون بتعيينهم مشرفين على المعسكرات التي خصصت لليهود. منطقته كانت تشيكوسلوفاكيا (عندما كانت دولة واحدة قبل انفصال سلمي أدى إلى خلق دولتين هما جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا). المقابلة المصورة قام بها لانزمان سنة 1975 وعودته إليها هي نوع من النبش أكثر مما هي حاجة المشاهد لفيلم آخر عن الهولوكوست. على الرغم من ذلك يفتح الفيلم العين على رجل سجل في البال كما في الوثائق أهوال ما عايشه من حالات وأوضاع. لكن لا شيء في الفيلم هو أكثر إثارة للحديث من حقيقة أن مورملستين يبقى متعاونا مع النازية سواء أكان يهوديا أم لا، أو كان مجبرا على ذلك أو قبل لأجل البقاء حيا. هذه الحقيقة لا يمر عليها الفيلم سريعا، وهي ليست مطروحة اليوم فقط، بل سبق طرحها من قبل مؤرخين يهود (بينهم غرشوم شولم)، الذي حكموا على مورملستين بأنه مذنب، بل طالبوا بأن يتم شنقه.

فيلم لانزمان لا يستطيع إلا أن يفتح باب النقاش مجددا حول هذه النقطة؛ هل رغبة البقاء حيا في أزمة كتلك التي عصفت بملايين الناس خلال الحرب العالمية الثانية هي جريمة بحد ذاتها أو حق من حقوقه؟ هل كان عليه أن يمتنع عن إدارة المعسكر، وما كان يحدث فيه من قتل، ويرضى بأن يدفع حياته ثمنا لامتناعه أو أن يستجيب؟

لا ريب أن السؤال ليس سهلا، والإجابة عنه أصعب من ذلك. بالتأكيد ما رواه مورملستين أمام الكاميرا كان مؤلما له اليوم، كما كان مؤلما له بالأمس. الفيلم في ساعاته الـ4 ليس عملا فنيا، بل هو أقرب إلى أطروحة تاريخية من الصعب أن تجد جمهورا لها خارج المعنيين أساسا بالموضوع. هناك أسئلة ذكية، وإجابات لا تقل عنها ذكاء. حين سأل لانزمان محدثه: «كيف تستطيع أن تتحدث في هذا الموضوع من دون أن يبدو عليك التأثر؟» أجابه محدثه: «لو أن الجراح يبكي فوق المريض على طاولة العمليات لقتله». هناك استخدام جيد للوثائق، لكن لا شيء في 4 ساعات، لم يكن من الممكن تلخيصه إلى ساعتين أو حتى أقل. طبعا، كون الفيلم معدّا بتوليف جديد بهدف التوزيع هذا العام، فإن الكثير من المشاهدين سيتساءلون، ليس بالضرورة عن جدواه (بعد عشرات الأفلام التي بحثت في هذا الموضوع على نحو أو آخر) بل عن ابتعاده عن طرح الحاضر حول ما يحدث في فلسطين.

«عمر»

* السؤال الصعب حول حق الحياة وتفضيل ذلك على الموت يتبدى كذلك في فيلم المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد (تم تقديم الفيلم رسميا على أساس أنه اشتراك فلسطيني في مسابقة «نظرة ما»). بطله (أدام بكري) شاب يقع في الحب وحبيبته هي ناديا (ليم لباني) شقيقة صديقه المقرب طارق (إياد حوراني). صديق آخر هو أمجد (سامر بشارات) والثلاثة يخططون لقتل جندي إسرائيلي.. في قرى فلسطين المحتلـة تستطيع أن تتظاهر وسيتعرض لك الأمن الإسرائيلي بقسوة، أن تظهر حنقك وغضبك حيال المعاملة غير الإنسانية وسيهدونك منها المزيد، لكن أن تقتل جنديا إسرائيليا فهذه هي الجريمة التي لن يغفرها الإسرائيليون، وسوف يلاحقونك للقبر، كما يقول له ضابط الاستخبارات الذي يجيد الحديث باللكنة الفلسطينية، لدرجة أنه يوهم عمر بأنه فلسطيني مثله (وليد زعيتر الذي هو منتج الفيلم أيضا). يبدأ الفيلم بالجدار المنتصب عاليا، ومهارة عمر في تسلقه للطرف الثاني من الأرض، ولو أن رصاص الجنود سيتطاير، مما سيعيده سريعا إلى حيث أتى. بعد ذلك هناك الدورية التي توقفه وتزدريه، ثم تطلب منه الوقوف على حجر ويديه فوق رأسه. أفراد الدورية يتسامرون وهو لا يستطيع أن يتحمل. ينزل عن الحجر ويعود فيبادره جندي بضربه بكعب بندقيته: «الآن اذهب وقف على قدم واحدة فوق ذلك الحجر».

هنا يكون المخرج أبو أسعد نجح في شحن الموقف عاطفيا وجلب الجمهور لصف بطله. شحن يعتمد على المشاعر الجاهزة بلا ريب لكن كل ذلك سيتعمق حين يمضي الفيلم في سرد ما يلاقيه عمر في سعيه للوصول لمن يحب. فبعد قتل الجنود يمسك به أفراد الجيش ويسلمونه للمحققين الذين يعذبونه، ثم يستقبله الضابط رامي الذي يخيره: السجن أو العمالة. يطلق سراحه على أساس شهر من التجربة عليه فيها المساعدة في تسليم القاتل. الضابط يعتقد أن طارق هو الفاعل لكن أمجد هو من أطلق النار.

ووضع عمر دقيق حتى حيال صاحبيه وحيال حبيبته. هذا الوضع الدقيق يبلور - لجانب سقوطه ضحية الاستخبارات - وضعا متعدد الجوانب وأكثر تعقيدا. ومهارة المخرج أبو أسعد هي أنه عرف كيف يتعامل مع كل الجوانب من دون خطابات أو سياسات مباشرة، ويمنحها جميعا صوتها المألوف لكي تصف به مصالحها المتناقضة.

كما الحال في «الجنة الآن»، فيلمه السابق الذي أوصله إلى ترشيحات الأوسكار الرسمية، فإن الموضوع هنا هو تردد فلسطيني في لعب الدور الذي يُفرض عليه. في الفيلم السابق كان على بطله أن يقوم بتفجير انتحاري لصالح الفلسطينيين (لكن ليس لصالح فلسطين) لكنه يمتنع. هنا عليه أن يقوم بالتجسس على الفلسطينيين لكنه يمتنع. الجانب العاطفي يلعب دورا كبيرا (لا ضرورة للإفصاح عن طبيعته هنا) يؤدي إلى النهاية المتفجرة التي يخلص إليها الفيلم.

3. Last of the Unjust «آخر المظالم» 4. Omar.jpg لقطة من «عمر»

الشرق الأوسط في

22/05/2013

 

مهرجان كانّ 66: فيلم فرنسوا أوزون اللئيم يتجلى على وجه إيزابيل الجميل

كوبولا تصوّر الشهرة والسطحية في أميركا وفولمان قلق على مصير العالم

كانّ ــ هوفيك حبشيان 

بعد اسبوع على افتتاح الدورة السادسة والستين لمهرجان كانّ السينمائي (15 ــ 26 أيار)، بدا المشهد العام منحازاً الى الأفلام غير السياسية التي تضع المشاعر في قلب الهموم الكبرى. لم تحمل المسابقة الرسمية في الأيام الاولى التي تلت عرض الشريط المخيّب "غاتسبي العظيم" لباز لورمان، عناوين مثيرة للحماسة، باستثناء ثلاثة اعمال تبقى من علامات هذه الدورة: "الماضي" لأصغر فرهادي و"داخل لوين ديفيس" للأخوين كووين، والملحمة التي احدثت انقلاباً في المزاج العام الدائم الممعن في واقعيته: "الجمال العظيم" لباولو سورنتينو (المزيد عن هذه الأعمال في صفحة الغد). الكثير من الأفلام طاش سهمها ولم تصنع بهجة حقيقية وإن توافرت فيها كل شروط السينما

"شابة وجميلة" لفرنسوا اوزون

يعود فرنسوا أوزون الى كانّ بفيلمه الخامس عشر، بعد عقد بالتمام والكمال، على عرض فيلمه "حوض سباحة" هنا. جديده "شابة وجميلة" (مسابقة)، كان من المفترض ان تقود قافلة الفضائح في اكثر التظاهرات السينمائية في العالم بحثاً عن زوابع متنقلة. لكن الأشياء يأكل بعضها البعض في كانّ وفيلم يمحو الآخر. فبعد "في المنزل" (2012)، يحملنا أوزون الى مغامرة أخرى لا تسلم من الأخطار: انها حكاية شابة في السابعة عشرة، تعيش حياة عادية مع امها المتزوجة مرة ثانية. ذات صيف، تلتقي ايزابيل (مارين فاكت) شاباً ألمانياً وتقيم معه علاقة جنسية تفقدها عذريتها. لكن شيئاً ما يحصل في تلك الليلة على الشاطئ، لا يعطي الفيلم جواباً نفسياً واضحاً عنه، فيجرجر هواجسه الى ما لا نهاية. لكن نرى ذلك الخوف المقترن بالقلق في عيني ايزابيل وعلى شفتيها: الرغبة الجنسية تلك التي تبقى منقوصة. لذلك، فإن ما سنراه لاحقاً على امتداد الفيلم هو البحث عن الرغبة. على الرغم من عدم حاجتها الى المال، تقدم ايزابيل على بيع جسدها مقابل مكافأة. سمّوها ما شئتم، لكن الشرطية التي ستلاحق المراهقة على اثر موت احد زبائنها بسكتة قلبية، لا تخبئ لسانها في فمها: انها الدعارة، دعارة المراهقين. ظاهرة متفشية في اوساط الطلبة، تضرب المجتمع الأوروبي.

لا يفتح اوزون ملفاً ولا يستقصي معلومات ولا يجري تحقيقاً. يرفض البسيكولوجيا رفضاً قاطعاً. لا يتحول الى قاضٍ بل الى مراقب للحظة فقدان البراءة على وجه مراهقة. مارين فاكت في دور ايزابيل صعقت الجمهور بجمالها اللافت. اهمية اوزون في قدرته على خلط الأوراق، عبر لقطات اختزالية بديعة، ونعني اوراق الفيلم واوراق الفتاة. ليس من لحظة ينجرّ فيها اوزون الى الفضيحة (مشاهد الجنس بين الرجل الستيني وايزابيل المراهقة) على حساب التأمل الهادئ واللئيم

"البلينغ رينغ" لصوفيا كوبولا

كوبولا هي الاخرى عائدة هذه السنة، لكن في قسم "نظرة ما"، الذي افتتح بفيلمها الأخير "البلينغ رينغ". شريط بسيط المحتوى ولا يتضمن قدراً كبيراً من العناية من حيث الشكل. تأخذ كوبولا الأشياء على بساطتها وعاديتها هذه المرة، خلافاً للمرات السابقة حيث كان عليها ان تقدم قراءات معقدة للعزلة في مدينة غريبة ("تائه في الترجمة"). المشكلة ان هذه الخفة الصاخبة والمقصودة، تتماهى مع شيء من العشوائية والتفاهة، الى ان يتحول الفيلم نفسه الى منتوج مشكوك في امره. هنا تكمن الخطورة. بيد ان كوبولا أذكى مما يمكن اتهامها به

ليس نصّ كوبولا سوى أفلمة لمقال صحافي نُشر في مجلة "فانيتي فير" عن أحداث عرضية جرت عام 2010: مجموعة شابات وشباب تسللوا الى بيوت النجوم في لوس انجليس بهدف سلب مجوهرات وملابس فاخرة لبعض مشاهير هوليوود من ميغان فوكس الى باريس هيلتون. نحن في عاصمة السطحية والمظاهر الخادعة، والفيلم يبلور هذا الجانب ويفضحه فضحاً ساخراً. كل اميركا وحلمها السريع هنا في كفّ كوبولا، الذي تعرف عما تتكلم، كونها من سلالة المشاهير. هي التي جابت في اوساط المراهقات منذ بداية مسيرتها، ثم نقلت الفراغ الذي يعاني منه نجم هوليوودي في "في مكان ما"، تختزل في فيلم واحد، السبب والنتيجة

"المحفل" لآري فولمان

خمسة اعوام بعد "فالس مع بشير"، ها ان مخرجه الاسرائيلي آري فولمان يطل مجدداً مع فيلم "المحفل" الطموح جداً، الذي يصعب وصفه والكتابة عنه لشده خروجه عن التجربة الشفهية. انه احد هذه الأجسام الغريبة التي تقع عليك لا تعرف من أين، وتنقلك الى المجهول. في فيلم يبدأ بالصورة التقليدية وينتهي بالتحريك، يستعين فولمان بوجوه هوليوودية معروفة: هارفي كايتل وروبين رايت. الأخيرة هي البطلة التي يشيد عليها كل جنونه، بدءاً من الفكرة وصولاً الى التحقيق. "المحفل" اقتباس حرّ جداً لرواية خيال علمي للبولوني ستانيسلاس لمّ صدرت عام 1971، شاركت في انتاجه خمس دول: اسرائيل، بلجيكا، المانيا، بولونيا، لوكسمبور. غنيّ عن القول انه لا يشبه أياً من الأفلام التي شاهدناها في المهرجان، ولم نفهم لماذا عُرض في افتتاح "اسبوعا المخرجين" (شهد العرض ازدحاماً شديداً) بدلاً من المسابقة.

روبين رايت هي روبين رايت في الفيلم. ممثلة اتيحت لها فرص كبيرة لكنها اهدرتها واساءت استخدامها كما يقول مدير اعمالها (كايتل)، ويؤكده في مونولوغ طريف جداً صاحب ستوديوات "ميراماونت". يعرض على رايت تصويرها بالأشعة ويقنعها بالتنازل عن ذاتها الافتراضية وتخزين الصورة التي تتضمن كل تعابير الممثلة (ضحك، بكاء، حزن، فرح، الخ) في ملف يمكن استخدامه لاحقاً لأي دور، على مدى عشرين عاماً، من دون أخذ رأيها. لكن عليها في المقابل، ان تمتنع عن التمثيل طوال تلك الفترة. إما ان تواكب التطور والحداثة والثورة الرقمية وإما أن تصبح من رموز الماضي فينتهي امرها

يتأمل الفيلم بداية في فعل التجسيد قبل الشروع في ملفات اوسع، ولا ينسى ان يعرج على قضايا كان ستانلي كوبريك (والفيلم تحية واضحة له)، حمّلها غمزات متكررة الى اليهودية والاضطهاد، وصولاً الى انعدام الخيار عند الانسان في زمن الرأسمالية المتوحشة. النتيجة: ساعتان من رحلة غريبة الى اقاصي الخيال، نتوه فيها احياناً، لكن نعود منها مشبعين بقلق هائل على مصير العالم!

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

22/05/2013

 

من توقيع المخرج هاني أبوأسعد

الفيلم الفلسطيني «عمر» يتحدث عن الحب في زمن الاحتلال

عبدالستار ناجي

استطاع المخرج الفلسطيني ان يحقق حضوره السخي في ذاكرة السينما العالمية من خلال فيلمة الرائع «الجنة الان» الذي نال عنه جائزة الغولدن غلوب كافضل فيلم اجنبي كما ترشح للاوسكار.وفي رصيد هذا المخرج المتميز عدد اخر من النتاجات السينمائية الهامة ومنها «زفاف رنا» 2002 و«المراسل» 2011.

وفي هذه المحطة نتوقف امام عمله السينمائي الجديد «عمر» الذي عرض ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي وفي تظاهرة «نظرة ما».

قام هاني ابو اسعد بكتابة السيناريو وايضا الاخراج «كعادته» في جميع اعمال حيث يضعنا في المناخات المعاشاة للحياة اليومية لشاب فلسطيني «عمر» الذي يقوم يوميا بالقفز من فوق الجدار العازل من اجل الالتقاء بحبيبته وايضا باصدقائه الذين عزل بينهم هذا الحاجز.

يلتقي يوميا صديقته «نادية» التي يحمل اليها رسالة حبه واعجابه وكماً من الحكايات، ليلتقي بعدها بصديقه «طارق» وهو شقيق نادية وايضا صديقهم الثالث «امجد» حيث تتداعى الذكريات وايضا التدريب للقيام بعمليات فدائية.

وتفلح احدى تلك العمليات في اغتيال احد افراد الجيش الاسرائيلي ليتم بعدها القبض على عمر ويخضع لعمليات تعذيب مطولة. خصوصا بعد ان يفلح احد المحققين الاسرائيليين في الحصول على شبه اعترف. وامام الضغوطات يعقد المحقق اتفاقا مع عمر على ان يبلغ عن مكان «طارق» الذي تعتقد السلطات الاسرائيلية بانه من اغتال الجندي ولكن الحقيقة تقول بان من قام بالاغتيال هو «امجد».

وتتداخل الخطوط، فالجميع يرى في «عمر» خائناً وعميلاً وعمر يحاول اثبات براءته بالذات امام حبيبته «نادية» التي يريدها امجد له ويصنع المستحيل من اجل الاقتران بها

وتمضي الاحداث بين التحقيقات تاره وبين الهروب المتكرر والعمليات وايضا استعراض للقوى السياسية والدينية التي تسيطر على الداخل الفلسطيني وهذا وما نشاهده في مشهديات السجن وايضا الشوارع في العديد من المدن الفلسطينية.

المحقق الاسرائيلي يريد «طارق» لهذا يظل يضغط على «عمر» بينما عمر يكتشف بان من سرب المعلومات هو امجد- بل انه كذب على عمر بانه على علاقة جنسية مع نادية وهي حامل لهذا يتحرك عمر من اجل خطبة نادية الى امجد حتى يتم غلق هذا الملف خصوصا بعد وفاة طارق في شجار بين الاصدقاء الثلاثة بعد معرفته بشائعات تربط بين شقيقته وامجد.

حتى نصل إلى المشهد الاخير الذي يجمع بين عمر والمحقق «رامي» اليهودي، عندما طلب عمر ان يزوده رامي بمسدس من اجل القبض على قاتل الجندي الاسرائيلي ولكنه يقوم باغتيال المحقق نفسة لانه يعتقد بان السبب في كل تلك الكوارث هو الاحتلال الذي يراه عمر في شخصية المحقق رامي الذي يجيد التحدث بالعبرية. وقبلها يكون عمر قد اكتشف بان امجد قد كذب عليه في حكاية العلاقة الجنسية والحمل ولهذا جاء التفكير بتصفيته ولهذا طلب المسدس الذي انهى به حياة «المحقق».

هكذا هو المحور الدرامي العام للفيلم ولكننا في حقيقة الامر أمام كم من الحكايات بل نحن امام استعراض للحالة الفلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي حيث يبدو الحب عملة صعبة في هذا الزمن الأرعن، حيث الاحتلال والهيمنة وايضا الممارسات الداخلية من قبل الفصائل السياسية والدينية التي تدير الضفة والقطاع. فيلم يحمل الكثير من الاشارات والدلالات الصريح والواضحة والتي تقدم الحال الفلسطيني بكل شفافية ووضوح. كل شيء الحياة اليومية والمدارس والاسواق والممارسات والايقاع المعاش لتلك الشخصيات بادق تفاصيلها وظروفها.

وكما يذهب هاني ابو اسعد الى البطولة والتحدي فانه يذهب الى الخيانة ويقدم عدداً من النماذج من بينهم امجد الذي دمر كل شيء من اجل ان ينال بنادية وايضا ذاك الذي وشى بهم للمرة الاولى مقابل الحصول على فيزا الى نيوزيلندا وغيرها من الحكايات التي تأتي حافلة بالصور والمشهديات الدرامية المقرونة بالسخرية العالية على طريقة هاني ابواسعد في الكتابة وهذا ما نلمسه في جملة اعماله السينمائية. مع هاني في الفيلم جيل من الفنانين الشباب من بينهم الفنان الشاب ادم البكري وهو نجل الفنان الفلسطيني القدير محمد البكري وشقيق الفنان الشاب صالح البكري. ومع ادم في الفيلم كل من ليم لوباني اياد حوراني وسمير بشارات، بالاضافة الى الفنان المتميز وليد الزعيتر الذي اضاف الكثير الى شخصية المحقق رامي وجسدها في جوانبها المهنية والانسانية بكثير من العمق. وهكذا الامر بالنسبة لادم البكري الذي يخوض تجربته السينمائية وهو يسير على درب والده وشقيقه. ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز الحرفية العالية التي اشتغل بها مدير التصوير ايهاب اصال الذي اشتغل على المشهدية البصرية بمستوى رفيع مع الاشارة الى الدلالات والاشارات في كل مشهد بكثير من العمق والنضج والاحتراف الفني.

لقد ظل الجدار العازل راضخا على الصدور طيلة مشاهد الفيلم وكأنه يحاول ان يمنع الحب بين عمر ونادية او بين ابناء الشعب الفلسطيني الذي يظل قادرا دائما على ان يحب ويثأر وينجب ويتجاوز من اجل الغد.. في هذه البقعة من الكون. المخرج هاني ابو اسعد اشتغل طويلا وتحمل الكثير من اجل تامين الدعم الانتاجي لتقديم هذا العمل الذي يمثل قصيدة عامرة بالاحاسيس والنبض وقبل كل هذا التحدي من اجل ان تبقى فلسطين.

anaji_kuwait@hotmail.com

«لمسة خطيئة»..

الصيني زهانغ يصرخ مُحذراً من الانفتاح الاقتصادي

حتى وقت قريب كانت السينما الصينية شانها شان الخطاب السياسي الصادر من القيادة السياسية ولهذا كانت النسبة الاكبر من تلك الافلام تأتي وكانها اقتباس لخطب سياسية ومقولات حزبية.

ولكن هذا الجانب وخلال السنوات العشر الماضية شهد كثيراً من التغيير وعبر كم غير قليل من الصناع المحترفين الذين ذهبوا بعيدا في طروحاتهم، والعمل على تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء وقد تمثل ذلك بعدد من المخرجين من هونغ كونغ كمرحلة اولى لتسري العدوى الى بقية الصناع ومنهم زانج ييمو الشهير وشان كاييج وغيرهم.

واليوم حينما يأتي المخرج جيا زهانغ الذي يذهب الى موضوع مثير للجدل الا وهو الانفتاح الاقتصادي الذي تستعد الصين لخوض غماره في فيلمة الجديد «لمسة خطيئة» الذي يرحل بنا عبر حكاية اربعة اشخاص تطحنهم الظروف. حين الازمات الاقتصادية تحولهم الى قنابل متفرجة تارة تضرب بشكل عنيف ارعن كتلك الشخصية التي سيطرت على النصف الساعة الاولى من الفيلم الذي يمتد على مدى ساعتين ونصف عامرة بالشخوص والمتغيرات ودائما ملامح المتغيرات والانفتاح الاقتصادي الذي يعصف باكبر دول العالم.

فمع استهلاله الفيلم نحن مع شخصية عامر غاضب يحمل سلاحه ليهاجم الجميع وبعصبية لما يشاهده من آثار سلبية ومن بينها اغتيال أحدهم وهو يقوم بضرب حصانه المتعب عندها يبادر ذلك الرجل الغاضب الى اغتياله وكأنه يآخذ بثأر هذا الحصان المسكين وتمضي الاحداث حبلى بالدلالات الكثيرة والصور التي تتداعى بايقاع سينمائي سخي بكل المعاني الكبيرة والمجلجلة والتي تجعلنا نعتقد ان الصين امام هاوية كبرى تنزلق اليها وينزلق اليها الشعب الصيني بكافة قطاعاته نتيجة ما يسمى بالانفتاح الاقتصادي. وهكذا كم اخر من الحكايات من بينها امراة صينية وعامل مصنع شاب يظل يتنقل من عمل الى اخر بحثا عن شيء من المستقبل والضمانات ولكن لا شي امام هذه القفزة الى فراغ الانفتاح الذي يبتلع كل شيء... حتى الانسان.

اربع شخصيات واربع حكايات تتداخل وتتقاطع باحتراف سينمائي على صعيد الكتابة. حيث الفعل الروائي لا يترك للمشاهد الفرصة للانشغال او الابتعاد عن السرد الدرامي والنص كتبه المخرج مرسخا انتماءه الى سينما المؤلف حيث سينما الفكر. وهو يبني كل هذا الفعل الدرامي من اجل تعرية واقع وتمرير شكل فني مشبع بالرمزيات الذكية التي تجعل الرقيب في حالة من الضياع من الامساك بالاتهام ضد الفيلم وصاحبه.

زهانغ يبرر كل ذلك العنف في الفيلم وما هو قادم من احداث بالانفتاح الاقتصادي الذي يعصف بقوة بالجميع وهو يختار لنا شخصاً عاماً ومن نبض المجتمع الصيني وفي عدة مناطق تظل اشكاليتها الاساسية الخروج من ذلك المازق.

فكيف يكون الخروج من تلك الهوة التي تنزلق اليها الصين من خلال اختيارها الى سياسة الانفتاح الاقتصادي التي ستعمل على تغيير كل معادلات التوازن الاجتماعي التي كانت تسيطر عليها الدولة الصينية المركزية.

وقد تكون تلك السياسة مكلفة ماديا ولكن الكلفة للسياسة الجديدة ستكون اكثر كلفة اقتصاديا واجتماعيا حيث العنف وكم اخر من الاشكاليات التي من ان تتفجر حتى لا تنتهي.

سينما من نوع مختلف قد تزعج الصين ولكنها في الحقيقة تؤكد بان سقف الحريات في ذلك البلد العظيم يرتفع لايستوعب هكذا نتاجات لو قدمت قبل عشرة اعوام لكان أفضل.. سينما تحمل توقيع مخرج كبير من مواليد 1970قدم للسينما الصينية الكثير من الاعمال الهامة. ومن ابرز ما قدم للسينما تأتي افلامه الوثائقية والتسجيلية التي قدمها منذ العام 1995 حتى انتقاله الى السينما الروائية لاحقا.

ويبقى ان نقول.. رائع ان تكون السينما مرآة تعكس ضمير امة وشعب.

فاطمة الرميحي:

انطلقت التحضيرات لمهرجان «أجيال» السينمائي من الدوحة

اعلنت مديرة مهرجان اجيال السينمائي في مؤسسة الدوحة للافلام فاطمة الرميحي ان التحضيرات انطلقت لمهرجان اجيال السينمائي في دورته الاولى التي تقرر ان تعقد في نوفمبر من العام الحالي والمحت الرميحي الى انه سيتم اطلاق مهرجان القمرة السينمائي الدولي في مارس من العام المقبل كبديل لمهرجان الدوحة «ترايبكا».

وأكدت مديرة مهرجان اجيال السينمائي في تصريح لها في مدينة كان جنوب فرنسا ان المشكلة ستكون رائدة على صعيد المنطقة وستكون لجميع افراد الاسرة الشباب من سن 12- 22 عاما وايضا اولياء الامور.

وقالت فاطمة الرميحي: مهرجان «اجيال» السينمائي سيكون بمثابة الاحتفالية التي تغطي جميع افراد الاسرة وستكون موعدا مع الابداع الفني بجميع اشكاله وانماطه وان ظلت المسابقة الرسمية تنحصر في الابداع السينمائي القادم من انحاء العالم متزامنا مع مجموعة من الورش المتخصصة في عالم صناعة السينما ذات الابعاد التربوية والاجتماعية.

وقالت الرميحي: لقد شرعت مؤسسة الدوحة للافلام الى وضع الاستراتيجية الخاصة بهذا المهرجان الذي سيكون بمنزلة العيد السينمائي لسينما الشباب وقضاياهم من انحاء العالم وسيتم تشكيل لجنة رائدة من نوعها على المستوى العالمي تتكون من اكثر من 300 طفل من مختلف الجنسيات والشرائح العمرية لاختيار الاعمال السينمائية الفائزة وهو ما سيعمل على تطوير ذوق الاطفال والاستماع الى افكارهم وطروحاتهم في هذا المجال الفني الخصب . وأكدت فاطمة الرميحي ان مؤسسة الدوحة للافلام امام قفزات جديدة في مسيرتها وبرامجها في ظل الاستراتيجية الجديدة لهذا الصرح الفني الذي يمثل احد رموز الاهتمام الحقيقي الذي توليه حكومة قطر بالثقافة والفنون على حد سواء .

دي بالما :

أحضر إلى «كان» كي أعيش السينما

أكد شيخ المخرجين الاميركان بريان دي بالما انه يحرص على الحضور سنويا الى «كان» من اجل ان «يعيش السينما» كما قال في تصريح خاص هنا في مدينة «كان» جنوب فرنسا. واشار دي بالما الى انه بات يجدول برنامجه ووقته من اجل ان يكون متفرغا وبشكل كامل خلال الاسبوعين من عمر ايام مهرجان كان السينمائي

وأشاد مخرج افلام «كاري» و«الوجة ذو الندبة» و«طريقة كارليتو» و«المعصومون» و«المهمة المستحيلة» بالمستوى الرفيع للاعمال السينمائية التي يقدمها المهرجان بالذات الاختيارات الخاصة بالمسابقة الرسمية والمح الى انه يشاهد يوميا بمعدل «6» افلام ومن مختلف الجنسيات واللغات ما يمثل الزاد الحقيقي الذي يظل يشعره بان السينما بخير وهي تشهد الكثير من الافكار والمضامين الثرية بالصورة والفكر .

وقال المخرج بريان دي بالما ان المتابع لمهرجان «كان» يكتشف ان السينما الاوروبية تحقق قفزات كبيرة وايضا السينما الاسيوية، مشيرا الى التجارب اليابانية والكورية والصينية ما يخلق حالة من التنافس في المهرجانات والاسواق .

ونوّه دي بالما الى الحراك السينمائي الذي تشهده بعض دول مجلس التعاون واخص مهرجانات مثل ابوظبي ودبي اللذين يحققان حضورا سخيا وكبيرا ويعملان على تفعيل صناعة الفن السابع في تلك الانحاء من العالم .

ونفى انه يعيش حالة من الخصام مع السينما ولكنه وصف نفسه بانه من تلك النوعية التي لا تتعجل الامور في أن يشتغل بصيغ سينما المؤلف التي تذهب الى الفكر قبل جيوب المشاهدين.

النهار الكويتية في

22/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)