حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي السادس والستون

"وراء الشمعدان":

فيلم مبهر وأداء عبقري

أمير العمري- كان

كيف يمكن أن تضمن فيلما جيدا؟ أولا يجب أن يكون لديك سيناريو جيد، محكم، شخصيات محدودة العدد- مكتوبة ومنسوجة جيدا، تتمتع العلاقات بينها بالتدفق السهل السلس، على أن تتطور هذه الشخصيات خلال تطور الزمن في الفيلم وسيره إلى الأمام، أو تردده بين الماضي والحاضر، والأفضل أن تكون لديك شخصية محورية تدور من حولها الأحداث سواء، أكان الفيلم كلاسيكيا مثل "لورنس العرب مثلا" الذي تدور كل الشخصيات فيه حول شخصية لورنس، أو طليعيا مثل "8 ونصف" لفيلليني، أو ما بعد حداثي مثل "أوغاد مجهولون" لتارنتينو.

يأتي بعد ذلك مخرج متمكن من أدواته، يجيد إدارة الممثلين وتنفيذ المشاهد بمعاونة مدير تصوير لديه "رؤية" خاصة للسيناريو وليس مجرد "منفذاتي" كادرات، ومونتير يملك مهارة ضبط إيقاع المشاهد والإيقاع العام للفيلم يتمتع بالجرأة ما يجعله يقترح إعادة بناء المشهد بطريقة تكون من وجهة نظره، أكثر تأثيرا، ولا يكتفي بتوصيل المشاهد معا للمحافظة على التدفق المنطقي التقليد.

ويأتي بعد هذه العوامل كلها أو ربما قبلها أيضا، مجموعة من الممثلين المتميزين الذين يفهمون أدوارهم ويدرسونها ويهضمونها قبل أن يقفوا امام الكاميرا، يتعاملون مع الأدوار مما هو مخزون لديهم في ذاكرتهم وليس من خلال الأداء الخارجي المحايد.

حياتي مع فيراتشي

هذه العوامل تتوفر جميعها كأفضل ما يكون في الفيلم الأمريكي "وراء الشمعدان" لستيفن سودربرج. وشخصيا أفضل التسمية الفرنسية للفيلم "حياتي مع فيراتشي" الذي يحتفظ بنفس عنوان الكتاب الأصلي الذي يروي فيه سكوت ثورسون ذكريات من تجربته الشخصية مع فيراتشي، عازف البيانو الشهير، الي أصبح من كبار نجوم المجتمع الأمريكي وأكبر أثريائه بعد أن تربع على قمة المجد في السبعينيات من القرن الماضي. وهو الكتاب الذي يعتمد عايخ السنياريو الذي كتبه واحد من ألمع كتاب السيناريو في العالم وهو ريتشارد لاجرافانيس.

فيراتشي، عازف البيانو الموهوب الذي كان يحيي وحده حفلات للنخبة من عجائز السيدات من هواة الموسيقى التي لا تساير التيار السائد (الشبابي) في زمنها بل تحتفظ بسحر الموسيقى الكلاسيكية، كان يتمتع بشخصية شديدة الجاذبية والسحر: يستطيع أن يبهر زوار قصره الفخم، بذوقه الرفيع في اختيار التصميمات، وكان يخفي مثليته الجنسية، بل ويفاخر في الفيلم بكونه تمكن من كسب قضية رفعها ضد صحيفة بريطانية شهيرة تجرأت ونشرت ما يفيد من أمر مثليته.

شخصية فيراتشي إذن شخصية حقيقية وكذلك معظم الشخصيات الرئيسية التي تظهر في الفيلم الذي أخرجه سودربرج ويزعم أنه سيكون فيلمه الأخير، وخصوصا شخصية سكوت، ذلك الشاب الي كان يرغب في أن يصبح متخصصا في علاج الحيوانات، والي يأسر قلب فيراتشي بعد أن يعرض تقديم دواء كفيل بعلاج المرض الذي أصاب عيني كلبه الأثير "بابي بوي"، فيعرض عليه أن يقيم في قصره، ويعمل لديه مرافقا، يرعى كلابه الست، والهدف طبعا، إقامة علاقة جنسية معه، يستجيب لها سكوت (الذي يقول فيما بعد لرفيقه الكبير إنه مزدوج في توجهاته الجنسية)..

وتتطور العلاقة بين الإثنين، يغدق فيراتشي على سكوت، ويمنحه الكثير من الهدايا والمجوهرات، بل ويعرض عليه أن يتبناه ليصبح وريثه الوحيد، ويكتب له قصره أيضا باسمه، وهو ما لم يفعله، إلى حين تتهور العلاقة بينهما بعد أن تصدق نبوءة العشيق السابق لفيراتشي الذي يقيم في منزله، والذي يقول لسكوت في البداية إنه سيأتي يوم ويمل فيراتشي صحبته ويلقيه في الخارج.

يذهب الأمر بينهما إلى القضاء، وتنشر أخبار العلاقة في الصحف، ولكن تبقى تفاصيلها خافية، ويتوصل محامو الطرفين إلى إتفاق يحصل بمقتضاه سكوت على تعويض مالي كبير مقابل الكف تماما عن أي ملاحقة قضائية لفيراتشي كما يتعهد بالامتناع عن التصريح للصحف بأي تفاصيل خاصة في علاقتهما.

تبدأ أحداث الفيلم عام 1977 وتستمر العلاقة بين الرجلين حتى 1982 ثم ينتهي الفيلم بلقاء أخير بينهما في 1986 حينما يتصل فيراتشي ليطمئن على صحة صديقه القديم سكوت بعد أن أصيب فيراتشي بمرض فقدان المناعة (الإيدز) ونجا منه سكوت، وسرعان ما يتوفى فيراتشي متأثرا بالمرض اللعين.

الفيلم منسوج ببراعة، فكل مشهد من مشاهده يكشف جديدا في تفاصيل العلاقة بين الشخصيات. ليست هناك مبالغة هنا في تصوير مشاهد الفراش بين الرجلين، بل يكتفي سودربرج بإبراز العلاقة الحميمية من خلال المواقف والإشارات والحوار.

ديكورات مبهرة مضاءة بإضاءة باهرة ساطعة تعكس طبيعة حياة النجومية والهوس بالذات التي يعيشها فيراتشي: ذلك الطاووس المختال بنفسه، وكيف يعكس الفيلم أيضا شعوره بالوحدة اشديدة حتى أواخر حياته على الرغم من كل ما يحيط به نفسه من مظاهر الثراء.

إن العلاقة بين فيراتشي وسكوت شبيهة تماما بأي قصة عشق جسدي بين شخص ثري وامرأة من وضع إقتصادي أدنى تكون في حاجة إلى حصد مكاسب من تلك العلاقة، غير أنها تجد نفسها تدريجيا، مرتبطة عاطفيا بمن يحبها ويرعاها.. وهي حالة سكوت الذي لا يصدق أن فيرؤاتشي الذي أراد أن يصبح أبا له، يمكنه أن يتخلى عنه هكذا ويتركه.. لكن الفيلم لا يدور على صعيد التراجيديا بل يمتلك سودربرج ما يجعل فيلمه يدور في إطار الكوميديا الخفيفة التي تشيع فيها روح المرح.

عبقرية الأداء

وهو يعتمد في تجسيد رؤيته للشخصية على الأداء الرفيع لمايكل دوجلاس الذي يعود إلى الشاشة لكي يقدم أقوى أدواره وأفضلها منذ أن بدأ التمثيل السينمائي.

مايكل دوجلاس هنا يعتمد على فهم عميق للشخصية، وعلى اختياره مخلا مناسبا تماما للتعبير عنها، ما بين الجد والهزل، تجسيد الشعور بالوحدة، والحاجة إلى رفقة الآخر، الشهوة الجنسية المستمرة التي يفلسفها بأنها- ليست إحتياجا- بل متعة لا نهاية لها.. من ضمن متع الدنيا التي ينها منها بلا حدود. مايكل دوجلاس يعبر بالإيماءات والنظرات، والحركات الجسدية الموحية بطبيعة الشخصية وبأسوبه في الأداء، ونطق جمل الحوار، وإستخدام نبرة صوت مرتفعة طوال الفيلم مع المحافظة على إيقاع واحد لتحركات الشخصية التي يؤديها، وقدرة على الاستعراض خلال الحفلات المبهرة التي يقيمها، والملابس الشديدة البهرجة والمبالغة التي يرتديها، مع تصوير الجوانب الداكنة في شخصيته من خلال علاقته بمساعديه مثل مديره المالي (اليهودي) الذي يسخر منه في أحد المشاهد عندما يقول له تليفونيا: لا تأتي غدا على العشاء فسوف نطهي لحم الخنزير!

إن مشاهدة أداء مايكل دوجلاس العبقري في هذا الفيلم متعة خاصة لا تعادلها متعة أخرى، فهو لا يتألق فقط في أداء شخصية الرجل المثلي الجنس الذي يريد أن يغترف من متع الياة قبل أن يموت، بل هو يؤديها أيضا بخفة ظل آسرة مما يزيد من متعة المشاهدة.

وفي أحد المشاهد الساخرة بشاهد فيراتشي تسجيلا بالفيديو للقة سابقة من حقات عرضه التليفزيوني الأسبوعي الذي كان يقدمه في الماضي، فيصرخ قائلا: إنني أشبه والدي.. أريد أن أجرى عملية تجميل لوجهي.. لقد سئمت منظري هذا.. أريد أن أعدل من صورة وجهي لكي أبدو مثلما كنت وأنا شاب.. وأريدك أيضا ياسكوت أن تصبح مثلي!

وبالفعل يكلف طبيبا خاصا للتجميل بإجراء الجراحات التي تجعله يعود في صورة أكثر شبابا كما يبدأ سكوةت نظاما للتغذية يفقده بعض الوزن الزائد، ويجري عملية لتصغير أنفه!

ويبرع في دور سكوت الممثل مات دامون، الذي يعبر عن قوة الشخصية التي يقوم بها في البداية ثم يكشف تدريجيا مدى إعتمادها على ذلك الآخر وقبوله التدني عندما يرتدي زي السائق، وهو زي مبهرج مضحك، يجعله يبدو مثل المهرج، ويتحول إلى مجرد سائق لسيده إلى ان يتخلى عنه ويهدره ليرافق شابا آخر!

يختلف الفيلم تماما عن معالجة عبد اللطيف قشيش في فيلمه الفرنسي "حياة أديل" الذي يتناول أيضا علاقة جنسية بين فتاتين، فسودربرج هنا يضفي الحيوية والرونق على فيلمه، ويجذب المشاهدين بقدرته على الانتقال التدريجي عبر السنين، يقطع المشاهد التي تدور داخل القصر الذي تحول إلى سجن للشخصيتين، لكي ينتقل إلى الحفلات التي تقام في الخارج، سواء على مسارح ضخمة أو في فضاءات مفتوحة تتميز بالطبيعة الخلابة والديكورات المبهرة.

الشمعدان الذي نراه موضوعا فوق البيانو الذي يعزف عليه فيراتشي لا يخفي شيئا خلفه أو أمامه بل يكشف كل شي.. أي أن كله (على المكشوف) داخل القصر خصيصا.. أمام الجميع.. من الخدم والمساعدين والضيوف. وهو ما يصبح علانيا في الخارج أيضا قبيل أن يرحل فيراتشي ضحية المرض.

قد يمنح هذا الفيلم الجائزة الكبرى للجنة التحكيم الدولية أو قد يحصل على السعفة الذهبية. ولكن الجائزة الأقرب له هي جائزة أسن ممثل لمايكل دوجلاس، لا ينافسه عليها حتى الآن سوى أوسكار إسحق، بطل فيلم |داخل ليوليى ديفيز" للأخوين كوين.

غير أن مشكلة المشاهدين للأفلام في بلدان الشرق الأوسط أن هذا الفيلم البديع لن يسمح بعرضه هناك لأن مجتمعات العرب التي تتميز بالنفاق الاجتماعي لا تعترف بوجود شخصيات مثلية في الواقع.. بل مازالت تعتقد أن المرأة مخلوق أدنى من الرجل، لأنه "مخلوق سالب" لذلك الذكر "الموجب". وكل أمة بما فيها تنضح! 

فيلم عبد اللطيف قشيش:

الغرق في مستنقع السينما الفرنسية!

أمير العمري- كان 

الأفلام السابقة التي أخرجها المخرج التونسي الأصل الفرنسي الجنسية، عبد اللطيف قشيش (يكتبه بعض الصحفيين العرب بالكاف خطأ أي كشيش!) أكدت موهبته الكبيرة كمخرج يتمتع بحس خاص في التقاط التفاصيل، ودراسة المشهد جيدا قبل أن يقوم يتنفيذه، واهتمامه الكبير بالوجوه، بلقطات الكلوز أب القريبة، وبالحوارات التي لاشك أنها تكشف عن ميله الخاص إلى التحرر من السيناريو المكتوب مسبقا، والاعتماد على قدر كبير من الإرتجال أثناء التصوير، بما يضفي نوعا من التلقائية على المشهد، بل وعلى الأداء التمثيلي كله بوجه عام. ولاشك في براعة قشيش في إدارة الممثلين، والتحكم في انفعالاتهم، وتدريبهم على التعايش مع الشخصيات التي يقومون بأدائها وتركهم يضيفون من دواخلهم ما يضيف إلى تلك الشخصيات ويثريها. فهو أساسا، ممثل.

لقد برزت هذه العوامل مثلا في أفلام سابقة له مثل "كسكسي بالسمك" (2007) ثم "فينوس السوداء" (2010). وتتميز أفلامه بمشاهدها الطويلة التي تدور فيها حوارات، قد يجدها البعض مرهقة بسبب طولها غير المعتاد، واستخدامه للكاميرا التي تتحرك كثيرا من اليمين إلى اليسار وبالعكس، لكي تنتقل بين هذه الشخصية وتلك، ووضع الكاميرا في زاوية تجعلها تبدو كما لو كانت تراقب وتتسلل وتجوس بين الشخصيات، وبراعته الخاصة في إخراج مشاهد المائدة التي تعد من أصعب المشاهد على الإطلاق في إخراجها، أي تلك المشاهد التي تدور على مائدة الطعام بينما تجلس شخصيات متعددة تأكل وتثرثر- على الطريقة الفرنسية، في إيقاع قد يبدو غريبا على الكثيرين ممن إعتادوا طريقة وأسلوب الفيلم الأمريكي التقليدي، فيلم الحبكة والإيقاع السريع، والقصة المحكمة.

ملامح الأسلوب عند قشيش هي التي منحت أفلامه جاذبية خاصة، وكفلت له مكانا بارزا في السينما الفرنسية جعلت فرصته أكبر في إخراج الأفلام عن نظرائه الذين لا يجدون من يمول أفلامهم.

غير أن ما كان يميز أفلام قشيش من ناحية المحتوى والاهتمام بالمضمون، تلك الرؤية "الإنسانية" التي برزت على سبيل المثال، بوجه خاص، في فيلم "فينوس السوداء" الذي يمكن إعتباره تحفة من تحف السينما الفرنسية. لماذا؟ بسبب قوة الموضوع وجدته وجوانبه التاريخية والسياسية والاجتماعية، وقدرته على البقاء في الذاكرة، ولأن قشيش لم يركن إلى السهل، ويقدم القوالب النمطية المألوفة في سينما الإثارة، بل فضل طرق الطريق الصعب، طريق اكتشاف مناطق خافية في موضوعه وشخصياته، موجها أيضا إنتقاداته الحادة للطبقة الأرستقراطية والبورجوازية الأوروبية، في إطار كشف دورها التاريخي في إستعباد شعوب إفريقيا ونظرتها الفوقية العنصرية التي تدور عادة في إطار "المركزية الأوروبية"، أي التمحور حول الذات، ثقافيا وتاريخيا، ورفض كل ما يوجد خارج ذلك المركز، باعتباره  ما هو مختلف "متخلف" بالضرورة!

دراسة حالة

الفيلم الجديد لعبد اللطيف قشيش عرض في مسابقة مهرجان كان السينمائي الـ66 وهو فيلم "الأزرق هو اللون الأكثر دفئا"- حسب العنوان بالإنجليزية، وهو عنوان مفتعل لا أجد له ما يبرره في الفيلم عموما، بل أجد الإسم الأصلي بالفرنسية أكثر مناسبة لطبيعة الفيلم وموضوعه وهو "حياة أديل- الجزء 1، 2" La Vie d’Adele.

يبلغ توقيت عرض الفيلم ثلاث ساعات، شأنه في ذلك شأن فيلميه السابقين، فهو مغرم بصنع الأفلام الطويلة التي يترك لنفسه العنان فيها لتصوير المشاهد الطويلة المليئة بالحوارات، ومع ذلك تملك سحرها الخاص وجاذبيتها، بسبب تلك الحالة التلقائية البديعة التي تشيع فيها. وفي الفيلم الجديد تتضح كل معالم أسلوب مخرجه المميز.

ويمكن إعتبار الفيلم "دراسة حالة" character study لفتاة تنتقل من مرحلة المراهقة إلى الأنوثة، لكي تصبح شابة تبحث عن تحققها، وتسعى لفهم أغوار جسدها: رغباتها الجنسية، علاقاتها بالجنس الآخر، أسرار جاذبيتها، المتعة الحسية التي قد تخفي شعورا بالضياع والاحتياج الإنساني تفتقده فيمن حولها.

وهي رغم نشأتها في أسرة متوسطة ميسورة الحال، تتمتع فيها بالحب والحنان والرعاية، ورغم أنها تملك القدرة على إختيار ما تدرسه ثم ممارسة العمل الذي تحبه بعد أن تنهي دراستها لتصبح معلمة للأطفال في إحدى دور الحضانة، إلا أنها تتجه برغباتها إلى ما يعرف بالجنسية المثلية، فتقيم علاقة جسدية حميمية مع فتاة تكبرها بعدة سنوات، رسامة تدعى "إيما" تضع أقدامها على بدايات عالم المعارض وتسعى لتسويق أعمالها، ترتبط بها بطلتنا "أديل" إرتباطا وثيقا وتنتقل للإقامة معها.

وما الفيلم كله سوى سرد لتفاصيل تلك العلاقة، بما لا يخرج عن العرض التفصيلي لمشاهد الجنس المثلي بين الفتاتين يستغرق المشهد الواحد أحيانا ما يقرب من خمس دقائق كاملة على الشاشة، ومشاهد تناول الطعام، والثرثرة حول الفلسفة الوجودية وسارتر، والفن التشكيلي وأعلامه، ثم تنشأ المشاكل بين الفتاتين عندما تبدي إيما نوعا من البرود في علاقتها بأديل مما يدفعها على ما يبدو، أو كما سنعرف فيما بعد، إلى استكشاف العلاقة مع الجنس الآخر، فتقيم علاقات جنسية عابرة مع شاب أو أكثر، دون أن يؤثر هذا على علاقتها بصديقتها التي تعشقها ولا تتصور الافتراق عنها، لكن إيما تكتشف "خيانتها لها" فتطردها من منزلها وتقطع علاقتها بها إلى أن يتلقيا بعد سنتين أو أكثر قليلا، لكن دون إستئناف العلاقة بينهما فقد أصبحت إيما تقيم الآن مع إمرأة أخرى، لديها إبنة من علاقة عابرة، تقول عن الإثنتين إنهما أصبحا "عائلتها"، ولم تعد في حاجة إلى أديل التي تسير بمفردها في نهاية الفيلم نحو مصير سيكشف عنه المخرج ربما، في الفيلم القادم، فالعنوان يوحي بأننا لم نشاهد سوى الفصلين الأول والثاني فقط من "حياة أديل"، وفي الطريق فصول أخرى.

مشاكل الفيلم

هذا هو الفيلم الثاني في المسابقة الذي يدور حول العلاقات المثلية، بعد فيلم سودربرج الأمريكي "وراء الشمعدان". ولكن شتان ما بين الفيلمين، فعلى حين يعتبر فيلم سودربرج عملا مميزا كثيرا، لا يحول موضوعه الذي يستند إلى وقائع حقيقية في حياة أبطاله، إلى مادة للمتاجرة والإثارة، يسقط عبد الطيف قشيش في مستنقع السينما الفرنسية التقليدية التي تمتليء أفلامها عادة بالثرثرة الفارغة، مبتعدا عن الاهتمامات الإنسانية العريضة التي كان يتواصل من خلالها مع جمهوره في العالم الخارجي أيضا وليس في السوق السينمائية الفرنسية فقط.

هنا ينحصر إهتمام قشيش في تصوير أكبر كم من مشاهد الجنس الشاذ بكل أشكاله وتفاصيله التي تجعل فيلمه يقترب كثيرا من أفلام البورنوغرافي أي أفلام أفلام الجنس الإباحية الصادمة التي تتوجه لشريحة معينة من الجمهور، هي هنا تحديدا، شريحة جمهور المثليين أو الـ gays وهو توجه غير مفهوم من مخرج جاد مثل قشيش. ولاشك أن الفيلم سيواجه الكثير من العقبات التي تحول بينه وبين العرض في الكثير من بلدان العالم بما فيها الولايات المتحدة.. أكبر سوق سينمائية في العالم.

إن إستغراقه في تصوير هذه المشاهد وتكرارها مرة بعد مرة عبر فيلمه الطويل، ومشاهد الثرثرة الفارغة بين البطلتين، وبينهما وبين مجموعة من الشباب خلال الحفلات التي تترددان عليها، تجعل فيلم قشيش عملا نمطيا سطحيا محدود القيمة والأثر، يشبه الكثير من تلك الأفلام الفرنسية التجارية التي يحاول هو أن يتجاوزها بأسلوبيته المميزة بلا جدوى. فما الذي يضيفه مثل هذا الفيلم- إنسانيا- إلى معارفنا وذائقتنا الفنية؟!

المشكلة البارزة في الفيلم فنيا، تتمثل في ذلك الخواء الذي يجعل الفيلم يبدو طويلا جدا، يمكن اختصاره إلى النصف دون أن يفقد المشاهد شيئا، لكن هذا لا يعني أننا نعكس رؤيتنا الخاصة على الفيلم، بل نعبر فقط عن كونه يعاني من التكرار والترهل والكآبة المستمرة التي ليس من الممكن فهمها بل إن الكثير من النقاد الذين شاهدوا الفيلم في العرض الصحفي للفيلم في مهرجان كان، كانوا ينفجرون من وقت إلى آخر، في الضحك، سخرية من المبالغات وعبارات الحوار الساذجة، بل وتكرار بعض الحركات التي قصد بها أن تعكس إيروتيكية ما، مع محاولة المخرج إقامة علاقات بصرية بين عري البطلتين والعري الموجود في اللوحات الفنية الكلاسيكية القديمة في متاحف باريس.

والغريب أن نجد هنا البعض، يطالبون ويعربون عن أملهم في أن يحصل الفيلم على السعفة الذهبية، على غرار ما حدث العام الماضي من فوز الفيلم الفرنسي البديع "حب" بتلك الجائزة. لكننا لا نعتقد أن هناك أي علاقة بين العملين، بل ولا نعتقد أيضا أن ستيفن سبيلبرج رئيس لجنة التحكيم، يمكنه أن يمنح فيلما كهذا، جائزة المهرجان الكبرى، فهو يناقض فهم وأسلوب وطريقة سبيلبرج في العمل السينمائي تناقضا تاما. ومع هذا فقد تحصل الممثلة الشابة التي قامت بهذا الدور الجريء- دور أديل- باسمها الأصلي، وتوحدت مع تلك الشخصية كما لو كانت تعكس تجربتها الخاصة، على جائزة أحسن ممثلة.

الفيلم مأخوذ عن رواية أدبية فرنسية. وقد عرضت بالمهرجان نسخة أولية من الفيلم لم تطبع عليها عناوين الفيلم بعد، ولعل هذا هو السر وراء رداءة الكثير من المشاهد من حيث بهتان وتداخل الألوان التي ربما لم تخضع بعد للتصحيح بدرجة كافية. لكن هذا الجانب لا يؤثر على إستقبال الفيلم.

فيلم عبد اللطيف قشيش قد يكون مثيرا بجرأته وإقتحامه عالما شديد الخصوصية، لكنه لا يقدم جديدا، ولا ينجح في إثارة تعاطفنا لا مع ولا ضد أي من تلك الشخصيات الضالة الهائمة التي تتحرك على الشاشة. ولذلك سيذهب طي النسيان بعد أن ينقضي مولد "كان" السينمائي!

خلافات نقاد السينما حول ترشيح الأفلام في مهرجان كان

أمير العمري- كان

مجلة الفيلم الفرنسي تستطلع يوميا رأي 15 ناقدا سينمائي من نقاد فرنسا في الأفلام المعروضة في مسابقة مهرجان كان. حتى الآن جاءت أعلا الأصوات التي منحها النقاد الفرنيسون أصواتهم للأفلام الخمسة التالية:

1-  "الماضي" للمخرج الإيراني أصغر فرهادي الذي حصل على ستة سعفات ذهبية منحها له 6 نقاد من الـ15، ومنحه ستة نقاد آخرون ثلاث نجوم أي إعتبروه فيلما جيدا، في حين منحه ناقدان نجمة واحدة أي إعتبروه فيلما ضعيفا، ومنحه الناقد الأخير علامة توحي بأنه دون المستوى.

2- الفيلم الصيني "لمسة خطيئة" الذي حصل على أربع سعفات من أربعة نقاد، ومنحه 5 نقاد ثلاثة نجوم (جيد)، ومنحه ثلاثة نقاد نجمتين أي إعتبروه متوسط المستوى، ومنحه ناقد واحد نجمة واحدة (أي رديء) بينما لم يصوت ناقد آخير له من الأصل.

3- الفيلم الأمريكي "داخل ليولين ديفيز" للأخوين كوين، منحه 4 نقاد 4 سعفات ذهبية، ومنحه 9 نقاد 3 نجوم (جيد) ومنحه ناقدان نجمتين (متوسط) ومنحه ناقد واحد نجة واحدة (ضعيف).

4-  الفيلم الإيطالي "الجمال العظيم" لباولو سورينتينو منحه ثلاثة نقاد 3 سعفات، ومنحه 3 نقاد آخرون 3 نجوم (جيد) ومنحه 4 نقاد نجمتين (متوسط) ومنحه ناقد واحد نجمة واحدة (ضعيف) ولم يصوت له 3 نقاد.

5- الفيلم الخامس في الترتيب حسب مجلة الفيلم الفرنسي هو الفيلم الأمريكي "وراء الشمعدان" لسودربرج الذي حصل على سعفة واحدة من ناقد واحد، وحصل على 3 نجوم من 6 نقاد، ونجمتين من 5 نقاد، ونجمة واحدة من ناقد واحد.

أما مجلة سكرين إنترناشيونال فقد جاء ترتيب أفضل 5 أفلام حسب استطلاعها اليومي الذي يشارك فيه 10 نقاد من العالم فهي كالتالي:

"داخل ليولين ديفيز"- للأخوين كوين حصل على أعلى الأصوات، يليه فيلم "لمسة خطيئة" الصيني، يليه الفيلم الإيطالي "الجمال العظيم" ويتساوى معه الفيلم الفرنسي "الماضي"، وأخيرا الفيلم الأمريكي "وراء الشمعدان" لسودربرج.

الملاحظ أن الأفلام المفضلة لدى النقاد هي نفسها الأفلام الخمسة مع اختلاف الترتيب، وهو ما يعني أنه لا يجب أن تخرج الجائزة الكبرى عن أحد هذه الأفلام إلا إذا حدثت مفاجآت، وكثيرا ما تحدث. وقد تمنح الجائزة مثلا إلى الفيلم الياباني "ولد مثل أبيه" الذي حصل على أصوات ضعيفة في استطلاع المجلة الفرنسية، وعلى نقاط مساوية للفيلم الإيطالي في استطلاع المجلة البريطانية.

ولعل في هذا الاختلاف في التقييم ما بين اعتبار فيلم ما تحفة تستحق السعفة الذهبية، واعتباره في الوقت نفسه من قبل نقاد آخرين، عملا ضعيفا لا يرقى لمستوى التقييم، ما يرد على أولئك الذين يتساءلون عادة عن الخلافات التي تحدث بين النقاد العرب، مشككين في أحكامهم، ساخرين من تلك الخلافات بدعوى أنها (لا تحدث في الغرب المتقدم.. صاحب اختراع السينما وتقييم السينما) إلى آخر تلك الترهات التي مسمعها أحيانا حتى من بعض الأصدقاء الذين يفترض فيهم درجة من الوعي بأن عملية النقد ما هي إلا محصلة ثقافة معينة وذائقة سينمائية محددة، وهي تعكس رؤية صاحبها للسينما كفن، ومى تذوقع لعمل من دون الآخر.

وعموما، للناس فيما يعشقون مذاهب.. نقدية. أليس كذلك!

عين على السينما في

23/05/2013

"نبراسكا"

شعاع من الضوء الساطع لكن التوقعات معاكسة

أمير العمري- كان 

مهما قيل وسيقال عن أهم ما عرض من أفلام في مسابقة مهرجان كان هذا العام، ومهما كانت نتائج المسابقة والفيلم الذي سيحصد السعفة الذهبية أو سيختطف الجائزة الكبرى التي تمنحها لجنة التحكيم وتأتي في المرتبة الثانية بعد السعفة، يمكن القول إن الفيلم الأمريكي "نبراسكا" Nebraska  واحد من أفضل وأجمل أفلام المسابقة وأكثرها دفئا وجمالا ورونقا وسحرا بأسلوب مخرجه المرموق ألكسندر باين (صاحب "عن شميدت"About Shcmidt  و"طرق جانبية" Sideways) الذي يسبح هنا عكس التيار تماما، مفضلا – عن عمد- إستخدام الأبيض والأسود في تصوير فيلمه، منتقلا من عالم الأضواء والصخب المجنون والثراء الفاحش الذي برز في أفلام أخرى أمريكية (جاتسبي العظيم، وراء الشمعدان..) إلى عالم الطبقات الأدنى إجتماعيا التي ضربتها الأزمة الإقتصادية في مقتل، فانتشرت البطالة وبدت الحياة كئيبة، خاوية، وأصبح اللجوء للحلم الأمريكي الزائل نوعا من التشبث بالحلم المستحيل.

نحن أمام فيلم يمكن تصنيفه ببساطة بأنه واحد من أفلام الطريق، فمعظم أحداثه تدور إما على الطريق، أو خلال وقفات هنا وهناك قبل إستئناف السير على الطريق.

إنه الوجه الآخر من أمريكا الثراء والترف، وجه عابس لرجال بدينين تجاوزا معظمهم منتصف العمر، يجترون الذكريات، يتشاجرون، ويتآمرون ولكنهم أبرياء في معظمهم.

يقوم الممثل الكبير بروس ديرن بدور وودي، وهو رجل مسن، يعتقد أنه ربح جائزة مالية تبلغ مليون دولار من إحدى شركات الدعاية والترويج لمجلة من المجلات، في حين أنه وقع ضحية لبس في الفهم، فهو لم يفز بالجائزة فعلا، وهي الحقيقة التي يظل إبنه الشاب "ديفيد" الذي يعمل مندوبا للمبيعات، يذكره بها طيلة الوقت ولكن دون جدوى، فالرجل الذي له تاريخ في إدمان الشراب، يتشبث بالفكرة، بذلك الحلم الكبير بالحصول على مليون دولار رغم أنه في أواخر العمر، ينتظر في أي لحظة الرحيل الأبدي. ماذا سيفعل مثله مليون دولار: سيشتري عربة نصف نقل جديدة وجهاز ضغط هواء كهربائي، ويترك باقي المال لولديه. هذا ما يقوله لإبنه ديفيد قرب نهاية الفيلم.

أما كونه من أفلام الطريق فيرجع إلى أن الثنائي: الإبن والأب، يقطعان الطريق من البلدة التي يقيم فيها الأب نحو نبراسكا حيث يتخيل "وودي" أنه سيحصل هناك على الجائزة الكبرى التي ربحها أي المليون دولار. يوافق الإبن على اصطحابه في تلك الرحلة فقط لكي يسري عنه ىويخرجه من عالمه الخانق حيث يقيم، كما يود أن يقضي معه بعض الوقت.. وتلحق بهما زوجة وودي وأم ديفيد "كيت" التي لا تكف عن إنتقاد الجميع بطريقتها اللاذعة لا يفلت من لسانها حتى الأموات من أفراد عائلة زوجها عندما تقف أمام القبر الذي دفنوا فيه، ولا تفوت أي موقف دون أن توجه النقد الشديد لزوجها.

إنه فيلم عن مواجهة الماضي، عن العلاقة بين الأب والإبن، عن رغبة الإبن في إرضاء الأب، ومواجهته في الوقت نفسه، باخطائه.. إفراطه القديم في الشراب الذي أدى إلى تدهور صحته على نحو ما نرى.

خلال الرحلة إلى نبراسكا، يلتقي وودي بأصدقاء الماضي ومنهم تلك المرأة التي كانت تتصارع مع كيت للحصول عليه، أي للزواج منه وقت الشباب، وقد تزوجت وأصبحت الآن تدير صحيفة محلية ويكتشف ديفيد أنها تعرف الكثير من الأشياء الشخصية عن والده لا يعرفها هو عنه.

وتقع بعض الصراعات الطريفة حول المال بعد أن يعرف رواد الحانة التي كان يتردد عليها وودي، بأنه ربح مليون دولار.. يظهر من يدعي أنه أقرضه في الماضي السحيق 800 دولار يريدها الآن عشرة آلاف دولار، ويبرز من يدعون أنهم وفروا لأسرة وودي المأوى في وقت كانت الأسرة تمر فيه بضائقة. لا يردع هؤلاء الطامعين جميعا ومنهم شقيق وودي وولديه السمينين العاطلين عن العمل، سوى "كيت" التي تطلق عليهم جميعا لسانها السليط.

يتميز الفيلم بذلك التصوير البديع الناعم الذي تغلفه سحابة رمادية توحي بالجو الماضوي الذي يميزه، إن ألكسندر باين يريد أن يجرد فيلمه من الحاضر، وأن يجعله يبدو كما لو كان من أفلام الماضي، مع روح تسري عبر الفيلم لتلك العلاقة الوثيقة التي تربط الزوجة بالزوج رغم كل المشاجرات والخلافات، وبين الأب وإبنه الذي يريد أن يحقق له كما نرى قرب النهاية، حلمه في إمتلاك السيارة التي كان يحلم بامتلاكها ويجعله يقودها بنفسه لبعض الوقت أيضا رغم تردي حالته الصحية.

الإيقاع العام هاديء، رصين، والانتقالات محسوبة، والموسيقى الهادئة تضيف إلى شريط الصوت الكثير من الجمال دون إفراط وبما يتسق مع الطابع الحزين للفيلم في بعض المواضع. لكننا لسنا أمام تراجيديا أو فيلم من متجهم بل عمل تشيع فيها أجواء الكوميديا سواء من خلال ما يكشف عنه السيناريو البديع من تناقضات ومواقف طريفة أو من خلال الطريقة التي كتب بها الحوار وخصوصا ما يأتي على لسان بورس ديرن الذي برع في أداء دور وودي وأصبح منافسا رئيسيا على جائزة أحسن ممثل في المهرجان.

فيلم "نبراسكا" تظلمه بالطبع إستطلاعات الرأي للنقاد الفرنسين كما تنشرها مجلة "الفيلم الفرنسي" حيث منحه ناقد واحد من بين 15 ناقدا فرنسيا، سعفة ذهبية واحدة في حين حصل الفيلم الفرنسي "حياة أديل" (أو الأزرق هو أكثر الألوان دفئا) لعبد اللطيف قشيش على 11 سعفة ذهبية من نقاد فرنسا، رغم أن ناقد الكاييه دي سينما أشهر مجلات السينما في العالم وأهمها، لم يمنحه سوى ثلاث نجوم في حين منحه ناقد الفيجارو نجمة واحدة.

هناك دون شك حماس لدى النقاد الفرنسيين للأفلام الفرنسية المشاركة في المسابقة، مثل "الماضي" للإيراني أصغر فرهادي رغم أن أهم الأفلام الفرنسية المشاركة ليست من إخراج مخرجين فرنسيين، ولعل هذه مفارقة غريبة من مفارقات السينما الفرنسية.

مسابقة مهرجان كان:

إلى من ستذهب السعفة الذهبية؟

أمير العمري- كان 

توقعات النقاد الفرنسيين تشير إلى أنهم يفضلون الفيلم الفرنسي الإنتاج من إخراج المخرج التونسي الأصل عبد اللطيف قشيش "حياة أديل" (أو الأزرق أكثر الألوان دفئا) وذلك كما تكشف استطلاعات الرأي التي شارك فيها 15 ناقدا فرنسيا من كبريات الصحف والمجلات.

هذا الفيلم يتمتع بالحصول على 11 سعفة ذهبية من 15 ناقدا أي أنه يأتي في المرتبة الأولى (لم يعرض بعد فيلم المخرج رومان بولانسكي الجديد الذي سيكون آخر ما يعرض بالمسابقة يوم السبت).

يأتي بعده حسب استطلاع مجلة "الفيلم الفرنسي" فيلم "الماضي" لأصغر فرهادي (6 سعفات)، ثم "الفيلم الصيني "لمسة خطيئة" (4 سعفات) ثم الفيلم الإيطالي "الجمال العظيم" لباولو سورينتينو، والفيلم الأمريكي "داخل ليولين ديفيز" للأخوين كوين – (3 سعفات بالتساوي).

أما إستطلاع نقاد مجلة سكرين انترناشيونال فقد توقف عند العدد التاسع الذي صدر الخميس بسبب نفاذ الإعلانات (توقفت أيضا مجلة فاريتي اليومية عن الصدارة للسبب نفسه!) عند إعتبار فيلم "داخل ليولين ديفيز"- للأخوين كوين الفيلم الأكثر جدارة بالحصول على السعفة الذهبية يليه فيلم "لمسة خطيئة" الصيني، يليه الفيلم الإيطالي "الجمال العظيم" ويتساوى معه الفيلم الفرنسي "الماضي"، وأخيرا الفيلم الأمريكي "وراء الشمعدان" لسودربرج.

أما ما يتوقعه كاتب هذه السطور، وهي ليست على سبيل التنبؤ بالمستقبل بل من خلال بعض المعرفة بتكوين لجنة التحكيم الدولية وأذواق أعضائها وعلى رأسهم المخرج الأمريكي ستيفن سبليبرج صاحب الأسلوب السينمائي المميز، وهو رئيس اللجنة، فأرى أن اللجنة لن تمنح الجائزة الكبرى (السعفة) لفيلم فرنسي وخصوصا فيلم عبد اللطيف قشيش الذي لو إستبعدنا منه مشاهد الجنيس المثلية بين الفتاتين لما بقى منه سوى بعض المشاهد المتفرقة التي تدور في مدرسة الأطفال بين البطلة (وهي معلمة) وبعض الأطفال الذين تقوم باللعب معهم، وبعض مشاهد الحفلات التي تقام في بيت إيما صيقة البطلة أديل، وتناول الطعام والثرثرة، أو مشاهد تناول الطعام مرة في منزل والدي إيما، ومرة أخرى في منزل والدي أديل. مع الكثير مما يمكن أن ينطبق عليه التعبير الإنجليزي cultural trashأي القمامة الثقافية.. مع أحاديث متفرقة حول الفسلفة والرسم، سارتر وبيكاسو..إلخ

أميل إلى الاعتقاد بأن لجنة سبيلبرج ستمنح السعفة الذهبية لفيلم أمريكي قد يكون فيلم الأخوين كوين، أو غالبا ما سيكون، مع منح الجائزة الكبرى للجنة التحكيم للفيلم الفرنسي "الماضي" (وليس فيلم قشيش!)، وبهذا تتاح للجنة منح مايكل دوجلاس جائزة أحسن ممثلة، حيث ليس من الممكن أن يحصل عليها في حالة فوز فيلم "وراء الشمعدان" لسوريبرج على السعفة الذهبية حسب لائحة المهرجان (ويستحقها أيضا دون أدنى شك المثل الأمريكي بروس ديرن عن دوره في "نبراسكا")، ومنح الممثلة الفرنسية أديل إكسارشبوروس بطلة فيلم "حياة أديل" لقشيش.

ويمكن أن يحصل الفيلم الصيني أو الإيطالي أو فيلم قشيش على جائزة الإخراج (إذا وجدت) والفيلم الأمريكي "نبراسكا" على جائزة السيناريو.

الجوائز ستعلن مساء الأحد وسنعود ونقدم تحليلا لها. لنتمهل قليلا!

عين على السينما في

24/05/2013

 

الأميركي بروس ديرن يقدم أجمل أدواره السينمائية بالأسود والأبيض

"نبراسكا".. فيلم ينافس على السعفة الذهبية بمهرجان كان

كان (جنوب فرنسا) - سعد المسعودي 

يؤكد المخرج ألكسندر باين، صاحب الأفلام الكبيرة في تاريخ السينما العالمية، مثل "الأحفاد" - 2011 من بطولة جورج كلوني، و"باريس أحبك" - 2006 و"عن شميد" - 2002 بطولة جاك نيكلسون و"المواطن روث"، والذى شكل نقطة الانطلاق الحقيقية في مشواره السينمائي، أنه قامة كبيرة في تاريخ السينما الأميركية.

يمتلك باين، وهو من مواليد نبراسكا بالولايات المتحدة 1961، الحرفية العالية وأيضاً الفكر السينمائي الذى يرسخ القيم الاجتماعية الكبيرة في مجمل أفلامه، حيث إنه دائماً ما يستند إلى القيم الكبرى عبر سينما الإنسان والمجتمع وأيضاً المشاهدة عالية الجودة .

وبنفس الأسلوب، قدم المخرج لمهرجان كان السينمائي الدولي هذا العام تحفة سينمائية جديدة تضاف إلى إبداعاته السينمائية، فقصة فيلمه الجديد تحمل اسم المنطقة التي ولد بها "نبراسكا".

نتابع من خلال الفيلم حكاية رجل فقير - وودى جرانت - الذي يقوم بدوره النجم الأميركي القدير بروس ديرن. وهو رجل فقير يعيش في مانيسوتا، حيث يتسلم رسالة من إحدى المجلات التي يشارك بها والتي تخبره بأنه حصل على جائزة قيمتها مليون دولار، وأنه يجب أن يذهب إلى نبراسكا لاستلام الجائزة التي تعد بمثابة الحلم بالنسبة للأب.

ويحاول ابنه الأصغر أن ينصحه بأن تلك الجائزة عبارة عن إعلان توزعه كبريات مؤسسات الإعلان الأميركية لغرض كسب زبائن جدد لها، إلا أن الأب يصر على أن هذه الجائزة هي ملك له، وتبدأ رحلة الأب والابن في مشاهد جميلة مجسدة بالأبيض والأسود، حيث يلعب الأداء والإضاءة دوراً مهماً في توصيل الفكرة التي بني عليها الفيلم.

وبعد عدد من المحاولات يقر الابن - دايفيد - الذي يقوم بدوره الممثل ويل فورت، أن يرافق والده في تلك الرحلة الطويلة بين مونتانا ونبراسكا، حيث يتم استعادة الذكريات والتواصل مع العديد من رفاق الطفولة والشباب، وتكتمل الصورة عندما تلحق بهم الأم ثم الابن الأكبر.

وتبدأ الأسرة في استعادة الذكريات، خصوصاً حينما يقيمون عند العم وأسرته. ويقوم الأب بزيارة الكثير من الأماكن التي باتت شبه مهجورة من مدينة نبراسكا والتي كانت في يوم من الأيام عامرة بالناس والنشاط التجاري والصناعي.

وحينما تتسرب الأخبار عن فوز الأب بمليون دولار يتغير مواقف الجميع من الأب والأسرة.

وتمضي الرحلة بعد كم من المصاعب، حيث إن الأب مصر على تكملة الرحلة والأبناء يحاولون أن يفهمونه أنه يذهب للبحث عن الوهم.

وأخيراً يصل الأب مع ابنه إلى مدينة لينكولن في نبراسكا، حيث مقر الصحيفة ليكتشفا أن الأب لم يفز وأن هناك جملة واضحة تقول "أنت فائز إذا كان رقمك فائزاً"، والرقم لم يكن فائزاً وهذا يعني أن الأب لم يفز، سوى بقبعة صغيرة.

ولكن في المقابل فاز الأب بعودة الأبناء وبتلك العلاقة الحميمية العالية وتلك الذكريات التي تم استعادتها. يبدو أن جوائز المهرجان هذا العام ستكون قريبة من هذا الفيلم.

80 حارساً والشرطة المحلية وأمن الفندق كانوا متواجدين لحماية المجوهرات والحفل

"كان" في مرمى السرقة للمرة الثانية والغنيمة قلادة ماسية

كان - رويترز -أعلنت شركة "دي غريسوغونو" لصناعة المجوهرات الفاخرة أمس الخميس أن حادث سرقة ثانيا اكتشف خلال مهرجان كان السينمائي، بعد اختفاء قلادة من الألماس بقيمة مليوني يورو (2.6 مليون دولار) أثناء احتفال حضره حشد من النجوم.

وقال مؤسس الشركة السويسرية فواز غروسي (المولود من أم إيطالية وأب لبناني) إن القلادة كانت ضمن المجموعة التي صنعت لمناسبة الذكرى السنوية العشرين للشركة، والتي عرضتها 20 عارضة أزياء في حفل باهر بفندق "دو كاب إدن روك" في أنتيب خارج كان ليلة الثلاثاء الماضي حضرته شارون ستون وباريس هيلتون.

وأضاف غروسي أن 80 حارسا شخصيا والشرطة المحلية وأمن الفندق وموظفي الشركة كانوا متواجدين في نوبة عملهم، لكن عندما تم الجرد الأخير في نهاية الليلة كانت القلادة الطويلة مفقودة. وقال: "لا نعلم بالتحديد ماذا حدث... كانت إحدى أفضل القطع لدينا. تحاول الشرطة معرفة ما حدث".

من جهته، أعلن مصدر في الشرطة أن السلطات تقوم بتحقيقات لمعرفة إذا كان الحادث سرقة أم خطأ في الجرد أم أن القلادة فقدت.

وكانت مجوهرات أخرى بقيمة 1.4 مليون دولار مملوكة لشركة شوبارد السويسرية أيضا سرقت في الأسبوع الأول من المهرجان، الذي يستمر 12 يوماً على شاطئ الريفيرا، والذي يجذب آلاف الممثلين والمخرجين والصحافيين.

وأشارت الشرطة إلى أن مجوهرات شوبارد التي كانت ستتزين بها نجمات السينما في المهرجان، كانت في خزانة غرفة بفندق سويت نوفوتيل في وسط كان، استأجرها موظف بشركة المجوهرات. وقال مصدر بالشرطة إن الخزانة انتزعت بالكامل من الحائط وأخذت من الغرفة ليلة السادس عشر من مايو/أيار.

وأضاف أن شخصا ما دخل الغرفة من دون كسر الباب أو حتى استخدام البطاقة المغناطيسية لفتحه.

في المقابل، قلّل متحدث باسم شوبارد، وهي أحد رعاة المهرجان، في وقت لاحق من شأن التقرير وقال إن قيمة المسروقات مبالغ فيها وإن القطع لم تكن مخصصة لاستخدام الممثلات.

يذكر أن بيوت الأزياء ومتاجر المجوهرات تستغل أكبر مهرجان سينمائي في العالم في مدينة كان للترويج لمنتجاتها وتقدم الملابس والحلى للمشاهير، الذين تلتقط لهم الصور فوق البساط الأحمر الشهير وفي الحفلات، التي تقام على ممشى الكروازيت الساحلي الذي يحفه النخيل.

العربية نت في

24/05/2013

 

ألهبت معركة التكهنات في المنافسة على سعفة "كان"

"الماضي" رحلة تيه أصغر فرهادي بين إيران وفرنسا 

شكل فيلم "الماضي" للمخرج الايراني أصغر فرهادي مفاجأة كبيرة للنقاد ورواد مهرجان "كان" السينمائي, الفيلم الذي يعتبر أول عمل يصوره فرهادي خارج إيران هو تشخيص لرحلة تيه طويلة من إيران إلى جنوب فرنسا تتقاطع فيها الصلات العائلية الإشكالية وتتضارب فيه قيم الخير والشر.

ويتنافس الفيلم مع "الأعيرة الثقيلة" في المهرجان على السعفة الذهبية, من خلال أفلام الأخوين كوين, وستيفن سودربرغ, وصولا إلى جيمس غراي, حيث التهبت معركة التكهنات باكراً, منذ عرض فيلم المخرج الإيراني أصغر فرهادي, الذي شكل شريطه "الماضي" مفاجأة حقيقية للنقاد ورواد الكروازيت.

مشروع الفيلم استقطب الفضول منذ البداية, كونه أول عمل يصوره صاحب "انفصال" خارج بلاده. وزاد من الفضول كونه اختار تصوير فيلمه في فرنسا بلغة موليير. ما دفع النقاد والمهتمين للتساؤل إلى أي مدى سينجح في اجتياز تجربة الاغتراب هذه من دون أن يخسر روحه?

قصة الفيلم تروي رحلة تيه طويلة جسدية ونفسية تقود "أحمد" للسفر من طهران إلى باريس لاستكمال إجراءات طلاقه من زوجته الفرنسية السابقة "ماري", وإذا به يكتشف أن ابنتها من زواج سابق تعاني مشكلة نفسية محيرة, حيث تعارض بشدة ارتباط والدتها بخليلها الجديد, وتسعى لابتكار الحيلة تلو الأخرى لفصلهما عن بعض, في حين كانت علاقاتها جيدة وأبوية مع "أحمد" أيام ارتباطه هو الآخر بوالدتها. يظن "أحمد" أن في الأمر "سرا كبيرا", ويقرر عدم مغادرة باريس قبل أن يكتشفه. وعلى غرار فيلميه السابقين "انفصال" (أوسكار أفضل فيلم أجنبي - 2012) و"بخصوص إيلي" (الدب الفضي في مهرجان برلين - 2009), ينطلق فرهادي من هذه الصلات العائلية الإشكالية ليغوص عميقا في الأغوار النفسية المعذبة لشخصيات فيلمه. ومن خلال لعبة مرايا محكمة, يراوغ جمهوره باستمرار, ليجره من دون أن يدري إلى تمرين ذهني تلتبس فيه قيم الخير والشر, لتسقط تدريجيا الانطباعات الأولية التي يكونها المشاهد عن شخوص الفيلم, بحكم انقلاب جدلية الضحية والجلاد كلما غير المخرج زاوية الرؤية, ليعيد طرح المشهد أو الحدث ذاته من وجهة نظر الآخر.

الحماس النقدي الذي رافق عرض الفيلم, دفع بعض الصحف الفرنسية إلى إشعال معركة التكهنات باكرا, مراهنة بأن "أيا من أعضاء لجنة التحكيم لن يكون بمقدوره إلا ان يفكر في رائعة فرهادي هذه, لحظة اسداء السعفة الذهبية". ولا شك أن هذا الحماس أسهمت فيه إلى حد ما "الشوفينية الفنية" الفرنسية المعتادة, كونه صُور في لغة موليير, ويؤدي بطولته اثنان من أبرز رموز السينما الفرنسية الجديدة طاهر رحيم وبيرنيس بيجو. لكن العامل الأهم يبقى بالتأكيد كون فرهادي اجتاز, بإجماع النقاد, الامتحان ذاته الذي تصدى له مواطنه الشهير عباس كياروستامي, العام الماضي, من خلال فيلم "صورة طبق الأصل", الذي صوره في إيطاليا. فمن خلال عمليهما الساحرين, أثبت المخرجان الإيرانيان أن النَفَس الإنساني هو المسلك الأمثل نحو العالمية.

السياسة الكويتية في

24/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)