حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي السادس والستون

تاريخ "غاتسبي العظيم" على الشاشة ليس عظيماً

محمد رضا

تنطلق عروض فيلم “غاتسبي العظيم” في أنحاء دولة الإمارات في اليوم التالي لاختيار الفيلم لافتتاح الدورة السادسة والستين لمهرجان “كان” السينمائي .

الفيلم هو الأول المقتبس عن هذه الرواية منذ أن قام المخرج جاك كلايتون بنقلها إلى الشاشة سنة 1974 في فيلم تولّى بطولته روبرت ردفورد لاعباً الشخصية الرئيسة فيه . شخصية جاي غاتسبي الذي لاحق المال والشهرة من ناحية، وحبّه لامرأة يعشقها اسمها ديزي (لعبتها الممثلة ميا فارو) واكتشف متأخراً أنه لا يستطيع التوفيق بينهما .

النسخة المذكورة قد تكون بلاستيكية الإخراج، كونها نقلت العالم المنشود من دون معايشة، لكن الفيلم الجديد الذي افتتح “كان” ليس بلاستيكياً فقط، بل بلا روح أيضاً . أخرجه الأسترالي باز لورمان الذي دائماً ما اعتقد أن السينما قفزات بهلوانية بالكاميرا . الفارق بينه وبين أفلامه السابقة ومنها “مولان روج” و”أستراليا” أن الفيلم الجديد مضاف إليه الأبعاد الثلاثة التي تزيد بعد الفيلم عن أي أحساس درامي بالرواية، كما وضعها فرانسيس سكوت فتزجرالد .

“غاتسبي العظيم” حسب لورمان هو واحد من ستّة محاولات قدّمتها السينما في تاريخها عن تلك الرواية التي قال فيها النقاد إنها واحدة من أفضل الروايات التي تمثّل الولايات المتحدة، والحيرة بين الواقع والطموح وما ينتهي إليه من يخلط الحدود بين الاثنين فيخفق في الاثنين معاً .

المرّة الأولى وردت سنة 1926 عبر الفيلم الصامت الذي أخرجه هربرت برينون وقام ببطولته وورنر باكستر في دور جاي غاتسبي ودايزي بوكانن في دور حبيبته . النسخة مفقودة اليوم، لكن ناقدة صحيفة “ذ نيويورك تايمز” كتبت حينها بعنوان “ذهب وكوكتيل”: “هذه النسخة السينمائية ترفيه جيّد لكنها في الوقت نفسه من الواضح أنها كانت تستطيع استخدام الخيال أكثر مما فعلت” وعن أداء باكستر وبوكانن قالت إنهما كانا يمثّلان “بتكلّف” .

النسخة الثانية وردت بعد 23 سنة عندما قام إليوت نوجنت بتقديمها في فيلم من إنتاج باراماونت مع ألان لاد وبيتي فيلد . وهي نسخة اختلف حولها النقاد بين معجبين ومنتقدين، لكن الثابت، بعد مشاهدتها قبل سنوات معروضة على محطة TCM، أن السيناريو لم يستطع حمل ثقل الرواية ولا روحها الساخرة، ولا عرف المخرج ممارسة إلمام فعلي بالكتاب، فجاء الفيلم مسطّحاً في معظم جوانبه . كذلك فإن الممثل آلان لاد لم يكن معتاداً على تجسيد شخصيات مختلفة عن شخصياته المغامراتية التي عُرف بها، لذلك لم يختلف هنا في طريقة تمثيله عن أفلامه الأخرى رغم أن الشخصية ومساراتها مختلفة تماماً .

النسخة الثالثة (1974) هي الأشهر وأنتجتها أيضاً باراماونت مع بطولة لروبرت ردفورد وميا فارو، مع لفيف من نجوم ووجوه السبعينات من بينهم كارن بلاك وبروس ديرن وسكوت ويلسون . العناية بالفترة التاريخية (العشرينات) وبالأجواء البيئية جيّد في هذه النسخة، كذلك تمثيل ردفورد المناسب ولو أنه ليس من أفضل أدواره .

كتب السيناريو فرنسيس فورد كوبولا وهو كاتب ماهر ولو أنه لم يستطع التعامل جيّداً مع تلك السخرية التي انسابت بين أسطر فيتزجرالد، ولا استطاع المخرج كلايتون تنفيذ الكتابة على نحو من ينقل المضمون وأبعاد الفكرة على نحو صحيح . بالتالي بدا الفيلم اصطناعياً ما جعل مقارنة الفيلم بالرواية يميل لمصلحة الأصل على نحو حاسم .

هناك نسخة خرجت سنة 2000 متمثّلة بفيلم صنع لحساب التلفزيون وتبع منهجه حيث الدراما تتحوّل إلى “سوب أوبرا” . هذا الفيلم كان من بطولة توبي (اسمه توبي ستيفنس) والممثلة ميرا سورفينو .

في صورة شاملة، تكشف هذه الأفلام التي اجتمعت على تقديم رواية فيتزجرالد المهمّة على كم الصعوبة التي واجهتها لهذه الغاية وكانت من بين النتائج السريعة التي تداولها البعض خلال فترات متلاحقة أن السينما لا تستطيع أن تنقل الرواية الأدبية جيّداً . لكن الحقيقة مختلفة، فالذي حدث هو أن هؤلاء المخرجين- وآخرهم باز لورمان- هم الذين لم يقدروا على نقل تلك الرواية إلى الشاشة . لم يتمتّعوا بالرؤية الجيّدة ولا بالفهم الكامل ولا يبدو أن قضيّة الكاتب الاجتماعية (نقده الثراء وتسلّطه على الأنفس الضعيفة وتوجيهه لهم حتى الدمار) عنتهم كثيراً . في أحسن الحالات اكتفوا باستنساخها، لكنهم لم يقدّموها على النحو الصحيح .

يُقال أن أرملة فيتزجرالد خرجت من نسخة الأربعينات التي مثّلها آلان لاد بعد عشرين دقيقة من بدء الفيلم غير قادرة على التحمّل . أغلب الظن أن فيتزجرالد نفسه لو شاهد نسخة لورمان الحالية لتبرأ من الرواية أصلاً .

الخليج الإماراتية في

19/05/2013

 

«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان» السينمائي (4):

خطوات لافتة للسينما الخليجية بفضل استقرارها اقتصادياً وسياسياً

كان: محمد رُضا 

بانتظار المؤتمر الصحافي الذي ستعقده مؤسسة «الدوحة للسينما» اليوم وما سيعلن فيه، تبدو منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام الجانب الصناعي من السينما، المتجدد في كل دورة. ما يحدث هو الانتقال، خطوة خطوة، إلى مقدمـة اللاعبين العالميين في مجال الصناعة السينمائية والجانب «البزنس» منها.

والمشمـرون عن سواعدهم جادون في طلب الحضور على الخريطة العالمية. وهو تعبير استخدم أولا حين تم إرساء المهرجانات العربية الجديدة في الإمارات وقطر، ثم استخدم حينما باشرت مؤسسات إنتاج (من بينها «إيماج ناشن») تمويل أفلام أميركية رغم أن التجربة لحين قريب خسرت أكثر مما كسبت أو أفرزت نتائج فعلية.

الآن، هناك حركة جديدة في هذا الميدان تنبع أيضا من المنطقة التي يـشار إليها بـ«منطقة الشرق الأوسط»، وهو اسم يحتوي أساسا على دول الخليج العربي ومؤسساته السينمائية، بينما تكنى الأسواق العربية الأخرى بأسماء مختلفة، فمصر هي «السوق المصرية»، ودول شمال غربي أفريقيا (الجزائر وتونس والمغرب على الأخص) فهي «شمال أفريقيا».

والوضع على ما هو عليه في مصر من لا استقرار، وفي دور «شمال أفريقيا» من حالات متناقضة (انحسار سينمائي في تونس والجزائر، وثبات إنتاجي في المغرب)، فإن منطقة الشرق الأوسط، وفي جزئها الأكثر تنعـما بالاستقرار وثقة رأس المال (الخليج العربي)، هي التي تشهد التقدم الوحيد في كل ما تعج به الدول العربية من حالات.

العداد متصاعد إلى جانب أن منطقة الخليج أصبحت عنوانا شبه وحيد للسينما العربية (كما أوردنا ذلك قبل أسابيع)، هي الآن العنوان الوحيد للسينما العالمية على ذلك الجزء الآسيوي من الخريطة.

في هذه المنطقة، تطالعنا حقيقة أن نحو 50% من عدد السكان هم دون الخامسة والعشرين من العمر، وذلك حسب إحصاءات استندت إليها مؤسسات أميركية، من بينها مؤسسة «باسنار» المعتمدة في هذا المضمار، مما يكشف عن السبب في أن الإقبال على مشاهدة الأفلام في صالات السينما ينعم بدرجات متصاعدة من الإقبال، وهذا بدوره ما تبحث عنه السينما الأميركية في سعيها (المشروع من ناحيتها على الأقل) السيطرة على الأسواق العالمية بأسرها.

وتكشف الدراسة عن أن دولة الإمارات ما زالت تحقق النسبة الأعلى من الحضور بحسبان السنوات الأخيرة، إذ زادت نسبة الإقبال على الصالات بـ75% عما كانت عليه قبل عام 2008. هذا باستثناء زيادة غير مسبوقة طرأت على السوق العمانية، فإذا بها تحقق في الفترة نفسها ارتفاعا في الإيرادات بلغ 112% (أي أكثر من الضعف) عما كان عليه الحال قبل سنة 2008.

والعداد في تصاعد حين نراقب مصائر أفلام معينة. ففي عام 2009 عندما قامت شركة «باراماونت» بطرح «ج. آي جو» (الجزء الأول)، أنجز في دولة الإمارات مليونا و400 ألف دولار (في العام الحالي، حقق الجزء الثاني من هذا الفيلم ثلاثة ملايين و300 ألف دولار).

لكن، ما قيمة هذا التصاعد بالمقارنة مع دول عالمية أخرى؟ النسبتان العـمانية والإماراتية هما أعلى من تلك المسجـلة مثلا في دولة «جنوب أفريقيا» (58%)، وأعلى من ذلك المسجـل في تايلاند (41%). بينما ما زال على حاله المتـسع في غالبية الدول الأوروبية الأخرى (حيث نصيب الأفلام الأميركية يتراوح بين 40 و70% في معظم أسواقها).

الارتفاع الأكبر حجما هو مفاجأة كبيرة بحد ذاتها: فيتنام التي أنجزت قفزة قدرها 514% ما بعد سنة 2008، وحاليا هناك هجمة إنشاء صالات سينما تلبـي عطش 92 مليون نسمة. ماليزيا شهدت نسبة 132%، وأعلى منها جارتها إندونيسيا التي شهدت مبيعاتها من التذاكر ارتفاعا قدره 171% عن الفترة ذاتها.

من المغرب إلى عـمان وسط كل ذلك، تأتي الاتفاقات الحديثة المبرمة بين فرقاء متعددين لتحتل مكانها في الوقت المناسب. في اليوم الأول من المهرجان، تم الإعلان عن قيام الإعلامي المصري نجيب ساويرس والمنتج والسينمائي التونسي طارق بن عمـار بتطوير تعاونهما، الذي كان انطلق قبل أشهر عندما اشترى بن عمـار حصصا في مؤسسة ساويرس التلفزيونية. التطور الجديد يبدو نوعا من التوسع والتبادل في الوقت ذاته، فحصـة الثلث (تقريبا) من إحدى شركات طارق بن عمـار (كوينتاس) ذهبت إلى ساويرس، كذلك نصيب من شركة «إيغل بيكتشرز» وهي ذراع بن عمـار التوزيعية في إيطاليا.

في الإطار ذاته، قامت شركة «VOX»، التي يملكها الإماراتي ماجد الفطيم، والتي تملك صالات سينمائية في كل من دبي وأبوظبي ومدن إماراتية أخرى إلى جانب استحواذها على صالات في مدينة بيروت، والتي تقوم، علاوة على ذلك، بتوزيع عدد كبير من الأفلام الأميركية في المنطقة بالاتفاق مع مؤسسة جورج سمعان التي تهتم بالسوق المغاربية وأسواق آسيوية - على تأسيس شركة واحدة من شأنها أن تقوي عضد كل واحدة منهما على حدة.

هذا يأتي في الوقت الذي بلغت فيه حصـة مؤسسة الفطيم «فوكس» من إيرادات السوق اللبنانية 37%، مشكلة منافسة مع الشركات اللبنانية ذاتها (مثل «صالات أمبير»).

أكثر من ذلك، الشراكة ستتيح للمؤسستين نشر إمبراطورية من صالات السينما تمتد من المغرب إلى عـمان، مرورا بمصر، حيث أعلنتا أن خططتهما افتتاح 300 صالة جديدة بحلول عام 2017.

أفلام كان

أصغر فرهادي: امرأة بين ماض ومستقبل

The Past (4*)

* حتى الآن، فإن أغلب ما عرض من أفلام في مسابقة المهرجان الرئيسة له علاقة بحياة الأفراد في أسرة واحدة حيال مسألة تعني كل فرد منها على نحو مختلف. فيلم فرنسوا أوزون «شابة وجميلة» هو، كما كتبنا يوم أمس، دراما تتعلـق بطالبة تمتهن الدعارة ووقع ذلك على أفرادها، سواء شقيقها الصغير الذي كان يحفظ سرها أو والدتها التي تـصاب بصدمة حين تكتشف حقيقة ابنها وتحاول الوقوف على قدميها في ثبات بعد ذلك.

في فيلم أصغر فرهادي الجديد «الماضي» موضوع أكثر تشابكا وتعقيدا. هذا هو فيلم المخرج الإيراني الذي نال الأوسكار عن فيلمه «انفصال» في العام الماضي الأول في باريس، التي جاء إليها وعاش فيها بضعة أشهر متخوفا، حسب وصفه، من حقيقة أنه لا يتحدث اللغة الفرنسية ولا علاقة وثيقة له بالثقافة الفرنسية تخوله فهم السلوك البشري الذي يعتمد عليه في أعماله.

عجيب، إذن كيف استطاع، في نهاية المطاف، تحقيق فيلم يتعامل مع هذه الخصوصيات من دون ولوجها عمقا وتقديم فيلم، هو في صلبه عن سلوك البشر، فرنسيين أو عربا أو إيرانيين.

بطل الفيلم اسمه أحمد (الممثل الإيراني علي مصطفى) ويبدأ الفيلم به وقد حط في مطار باريسي قادما من إيران. المشهد الأول له وهو يسير في هذا الاتجاه ثم في ذاك بحثا عن حقيبة ضائعة، هذا قبل أن تنجح زوجته الفرنسي ماري (بارينيس بيجو بطلة فيلم «الفنان» الذي نال الأوسكار في العام الماضي) في لفت نظره إليها واقفة وبينهما جدار زجاجي. يحاول كل منهما الحديث للآخر عبر ذلك الجدار، لكن لا أحد بينهما يسمع الآخر. هذا المنوال يستمر حتى من بعد لقائهما إثر خروج أحمد من المطار وقيام ماري بنقله بسيارتها إلى منزلها، فهما يتحدثان لكن أحد لا يبدو قادرا على الإصغاء إلى الآخر والتأثر بما يريده منه.

كذلك، فإن هذه البداية تبقى في البال لأنها مغايرة. عادة ما يسمع الجمهور ما تصرخ به الشخصية في حين لا تسمعها الشخصية الأخرى، لكننا هذه المرة، ولجزء يسير، لا نسمع نحن أيضا أي شيء. بداية لافتة ينفذ منها المخرج إلى شرح التركيبة الشائكة (والمقبولة) للحكاية: أحمد وصل لكي يوقـع أوراق الطلاق. الطلاق ضروري بعد انفصال دام أربع سنوات وبسبب علاقة ماري مع شاب اسمه سمير (يقوم به طاهر رحيم، ونفهم أنه عربي الأصل) يملك مغسلة، بينما تعمل هي موظـفة في صيدلية. ماري وسمير ينويان الزواج، وهي حامل في شهرها الثاني، أمر لم يكن يعرفه أحمد، الذي يتوجـه وإياها للقاضي المختص، حيث يعلنان موافقتهما على الطلاق. هذه ليست نهاية القصـة.

أصغر فرهادي كان تحدث عن انفصال (ذي أسباب مختلفة) في فيلمه السابق، وكما وضعه تحت المجهر يضعه ومسائل اجتماعية أخرى تحت المجهر هنا. لا أحد مرتاحا في هذا الفيلم: لا ماري التي تجد نفسها في وضع بين رجلين؛ واحد في ماضيها والثاني في مستقبلها، (أما في الحاضر، فلا أحد منهما موجود حقا)، وأحمد الذي يجد نفسه متورطا مع مشكلة ماري وابنتيها، الكبرى غير السعيدة بالزواج المقبل بين أمها وسمير، والصغرى واسمها ليا (جين جستن) التي تتابع المشهد أمامها بحيرة. أما سمير الذي لديه ولد صعب التصرفات من زواج سابق، فيراجع نفسه بعدما اصطدمت كرة الثلج بقدميه: هل صحيح أن زوجته (أم ابنه) حاولت الانتحار عندما علمت بعلاقته بماري؟ ها هي تقبع في كوما منذ أشهر طويلة. وهي موجودة في الفيلم كما السقف بالنسبة للمنزل الذي يدور فيها الكثير من المشاهد الغاضبة بين ماري وأحمد، وبينها وبين سمير، وبينها وبين ابن سمير، وبين سمير وأحمد ثم بين ابنة ماري الكبرى لوسي (بولين بورليه).

الوضع من متأزم إلى منفجر والخناقات صادحة، ولو أن المشكلة الوحيدة هي في عدد من القرارات المؤجلة وقت كتابة السيناريو، التي تجعل الفيلم أطول قليلا مما كان باستطاعة المخرج تنفيذه. نجاح تجسيد هذا الوضع يعود إلى عاملين: إدارة متينة للشخصيات المكتوبة بدقـة والممثلة بوتيرة لا تسقط في الاستسهال مطلقا، وتوليف يخلق نبرة متوتـرة طوال الوقت، يرفع من حدة مواقف هي حادة. الفارق بينها تحت إدارة هذا المخرج وبين إدارتها بيد مخرج آخر، ربما هو أن فرهادي لا يترك أي لحظة تضيع من الفيلم. ليس لديه وقت يضيـعه ولا ابتسامة مجانية يوزعها. الحياة الناتجة عن وضع منسوف من أوله هي ما تسود، والأمل الوحيد هو في تلك اللقطة الأخيرة: سمير يسأل زوجته الغائبة عن وعيها أن تضغط على أصبعه إذا كانت تسمعه يعتذر لها. تنحدر الكاميرا من وجهيهما إلى حيث يد الزوجة وإبهام الزوج.. لقد التقطت الزوجة الإشارة وضغطت على أصبع زوجها بحزم.

لقد ترك فرهادي إيران لأجل تحقيق هذا الفيلم (والغالب أنه لن يكترث للعودة إليها)، لكن أسلوب عمله (كتابته، شخصياته، أحداثه والأزمات العائلية الناتجة عن أوضاع تتفاقم فيها الرغبات الفردية وتتعارض) ما زال إيرانيا. وهناك من بدأ يتململ في الصحافة الفرنسية (استنادا لمتابع) من أن المخرجين الأجانب الوافدين إلى العاصمة يحققون أفلامهم على نحو منافس للمخرجين الفرنسيين أنفسهم. أمر لا بأس به، ففرنسا كانت دوما ملاذا للفالتين بأحلامهم من أوضاع متأزمة هي الأخرى.

.. والياباني كوري - إيدا هيروكازو يعود للحكايات العائلية أيضا

Like Father Like Son (4*)

* فيلم المخرج الياباني كوري - إيدا هيروكازو يأتي في وقته المناسب منضما إلى جملة الأفلام المتسابقة التي تبحث في المتاعب العائلية. وهو وجد، في «الابن كأبيه»، زاوية مختلفة للحديث عن عائلتين تجمعهما معضلة واحدة: لقد أقدمت ممرضة في لحظة غيظ على إبدال وليد ذكر لعائلة بوليد ذكر لعائلة أخرى وكتمت فعلها إلى ما بعد الساعة الأولى من عرض هذا الفيلم الذي تبلغ مدة عرضه ساعتين.

الفيلم يأتي على ذكر السبب (واهنا في مجمله)، لكنه يبني عليه الوضع بأسره. ففحص طبي يظهر أن لا نونوميا (فوكوياما ماساهارو)، ولا زوجته ميدوري (أونو ماشيكو) هما والدا هذا الطفل النابع الذي بلغ ست سنوات من العيش المترف بينهما. وبالبحث، تم الاهتداء (سريعا!) إلى طفل آخر اعتقد أهله أنه ابنهما، بينما هو ابن العائلة الأولى. الابن الأول، واسمه كايتا ينعم ببحبوحة والديه المعيشية. يعيشان في فيللا كبيرة (ولو أننا نشاهد بعض غرفها فقط) ويتعلم لعب البيانو. سيكشف الفيلم لاحقا أنه كان مفتقدا حضور أبيه المشغول بعمله في المكتب طوال الوقت. الثاني، واسمه المختصر رايو، يعيش بين أشقائه المنتمين إلى عائلة أقل يسرا، لكنها الأكثر تلاحما وألفة. والعائلتان توافقان على عملية استبدال، فتأخذ كل عائلة ابنها الخاص بها.

إذ تتم العملية، تكشف عن أوضاع أخرى، خصوصا في معسكر العائلة الثرية، فهما رغم محاولتهما التأقلم مع الوضع الجديد وقوبل رايو كابنهما، فإن قلب الأم والأب ما زال مع الطفل كايتا الذي ودعاه. في المعسكر الآخر، فإن الوضع ليس متأزما، لأن الأب يعرف سرا لا يعرفه نونوميا ويطلعه عليه: «عليك أن تكون حاضرا لابنك. كل واحد يستطيع أن يكون مكانك في العمل، لكن ابنك ليس لديه أب آخر سواك».

معالجة هيروكازو سهلة. المونتاج هنا مرتاح أكثر بكثير من ذاك الممارس في فيلم فرهادي، لكن المشكلة ليست أقل أهميـة. هذا فيلم عن تمزق أسري مختلف. الزوجان متعاطفان وباقيان معا ومشتركان في مواجهة الأزمة الناتجة. كذلك، يلقي الفيلم ظلاله على الولدين من حيث صعوبة قبولهما وتأقلمهما. في واحد من المشاهد، يبدأ رايو بقبول الوضع الجديد. نراه يلعب مع أبيه نونوميا قبل أن يقرر في لحظة مراجعة تناسب عمره، الهروب إلى أبيه الآخر. هذا في قمـة شعور نانوميا بأنه بات محروما من ابنه الذي ليس منه بيولوجيا. لا يسقط الفيلم في أي ميلودراما، لكنه يطول قليلا عما كان يجب أن يكون عليه. أيضا لا يساعد المشاهد حقيقة أن الولدين متشابهان كملامح إلى حد يدفعه للخلط بينهما. كان الأجدى لو كانا مختلفين ما داما في الواقع ليسا شقيقين.

الشرق الأوسط في

19/05/2013

 

فيلم «جميلة وصغيرة» يحاكم المجتمع الفرنسي

عبدالستار ناجي

يمثل المخرج الفرنسي فرانسوا اوزو احد ابرز عناصر الجيل الجديد في السينما الفرنسية في هذه المرحلة من تاريخها. والحافلة بكثير من الاسماء والمبدعين وال دبصمات السينمائية التي راحت تترسخ حضورا وابداعا.

وفي فيلمه الجديد «جميلة وصغيرة» الذي قدم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي بعد منافسة كبيرة بين صناع السينما الفرنسية لبلوغ فرصة تمثيل فرنسا في هذا المهرجان الاهم دوليا.

ونذهب الى الفيلم حيث عين الكامير تتلصص على فتاة في السابعة عشرة من عمرها لتذهب بنا الى كم من الحكايات حول تلك الصبية المراهقة والمخاطر التي تحيط بهذا العمر فاذا بنا امام محاكمة قاسية لفرنسا في كل المجالات اعتبارا من النظام التربوي إلى النظام الاجتماعي...

الصبية ايزابيل تجسدها مارين فاس تلتقي في اجازة الصيف مع شاب الماني لا ترتبط به عاطفيا ولا تشعر باحاسيس الحب تجاهه وعند العودة الى باريس نجدها تغرق في لعبة الحصول على المادة رغم عدم الاحتياج في ظل ظروف الاسرة شبه المفتقرة ماديا. حيث تقوم بعمل موقع الكتروني اباحي لها ومن خلاله تحصل على مواعيد مع رجال كبار في السن تمنحهم اللذة مقابل المال.

وتكرر العملية وكانها تعيش حياتها بوجهين. وجه الصبية الطالبة والمراهقة ووجه العاهرة التي تمنح الاخرين اللذة دون الاحساس بها. وهي تعيش تلك التجارب وهي ترصد كماً من الحكايات من بينها خيانة والدتها لزوجها ليس والدها الذي انفصل عنها وترك فرنسا وكماً اخر من العلاقات على صعيد المدرسة وزميلاتها في الفصل.

حتى ياتي ذلك اليوم الذي تذهب به الى احد زبائنها الذي تعود لقاءها كل حين فاذا به يموت وهو يمارس معها اللذة لذا تضطر الى الهرب من الفندق الذي تلتقي به. ولكن الشرطة تتعرف عليها من خلال كاميرت المراقبة لتتم مصارحة امها التي تكاد تفقد عقلها وهي تري صور ابنتها وعلاقاتها.

وتأتي المواجهة بين الام والابنة حيث تطالب الشرطة من الام ان تذهب بابنتها الى طبيب نفسي متخصص.لتجاوز الازمة التي تمر بها والممارسات التي تقوم بها.

وتقرر الفتاة ان تعود الى توازنها وان تمارس عمرها وتعيش شبابها بالشكل الحقيقي الا انها تظل تمارس كل ذلك بلا احاسيس او رغبة حقيقية. وهذا ما يجعلها تعود مسرعة الى لعبتها السابقة في تلقي الاتصالات والمواعيد ويكون الموعد الاول هو الموعد المفاجاة حيث تلتقي مع زوجة الرجل الذي توفي في احضانها في المرة السابقة جاءت تلك المراة شكل الصبية التي كان زوجها يخونها معها. وبعد حوار مطول تتركها وحيدة في ذات الغرفة التي كانت تلتقي بها مع ذات الرجل لتبقى النهاية مفتوحة...

عبر ذلك الفعل الدرامي. الذي كتب بعناية. نلاحظ الذكاء الحاد الذي يتحرك من خلاله فرانسوا اوزو وهو يدين العلاقات الاسرية المفككة حيث المراة التي انفصلت لترتبط برجل اخر وتقوم بخيانته ايضا مع زوج صديقتها. وايضا الاب الذي لا نراه ولم يعد يسأل عن ابنته. وايضا النظام التربوي والتعليمي والاقتصادي حيث الازمات الاقتصادية تضطر البعض الى عدد من الممارسات التي يتم تبريرها بالجانب الاقتصادية والحاجة التي يستغلها البعض. فمن هو المتهم في هذا الفيلم هل هي الفتاة المراهقة. او الزبون الباحث عن اللذة العابرة مقابل المال. او الاسرة. او النظام الدراسي والتربوي والعلاقات الاجتماعية المفتوحة

كم من الاتهامات التي يظل اوزو يوجهها وبكثير من الشفافية بعيدا عن المباشرة. وفي الوقت الذي يعتقد به الجميع حتى المحيطين بان تلك الفتاة خطرة فانهم يتناسون انفسهم بانهم يشاركون في تلك اللعبة وذلك الاتهام القاسي.

جميلة وصغيرة ليس بالفيلم التقليدي الذي تتجاوزه بعد انتهائه واضاءة الصالة بل هو من تلك النوعية من الافلام التي تظل تنبض بداخل المشاهد حيث تتسع دائرة الاسرة والحوار الداخلي الذي يظل محوره من هو المتهم ومن هو المتورط ومن وراء ذلك الانزلاق الى الهاوية وتلك المغامرة القاسية التي تتورط بها وتدمنها تلك الصبية المراهقة وهي لا تقدر ابعادها وكوارثها.

في الفيلم عدد من الوجوة السينمائية الجديدة وان تظل الحاضرة الاسياسية هي الممثلة الشابه مارين فاس التي تعيش التطور الذي تمر به الشخصية بكل مراحلها.. حتى تلك القاسية والمركبة والتي تتطلب اداء رفيعاً يظل يأسر المشاهد. سينما كبيرة خلفها مبدع من الطراز الاول هو فرانسوا اوزو الذي امتعنا عبر مسيرته بكم من متميز من الاعمال السينمائية المهمة وسنظل نتذكر له فيلمه «داخل المنزل» 2012 و«الساقطة» 2010 «و الوقت المتبقى» 2005 و«حمام السباحة» 2003 الذي يعتبر من التجارب السينمائية المهمة التي رسخت حضوره مبدعا كبيرا وحتى لا نطيل نقول بان السينما الفرنسية بكل الخير لانها تمتلك اسماء بقامة فرانسوا اوزو.

anaji_kuwait@hotmail.com 

المكسيكي اسكالانتي في «هالي» يعري النظام الأمني في بلاده

كلما جاء المكسيكي النزق ايمات اسكالانتي بجديد اثار الجدل والمواجهة مع النظام الامني في بلاده المكسيك على وجه الخصوص حيث المقدرة على المواجهة واكالة الاتهامات بلغة سينمائية تذهب الى ما يسمى بسينما المؤلف. وفي جديده «هالي» يذهب بنا ايمات الى احدى القرى البعيدة في المكسيك حيث نتابح حكاية الصبية الصغيرة (استيلا) التي تهيم حبا بصديقها الشرطي في الامن الخاص عبر كم من الحكايات حول عمل شقيقها (هالي) في أحد المصانع والظروف التي تعيشها لاسرة من فقر وحاجة

يقرر صديق استيلا ان يهرب معها بعد ان يقوم بسرقة مجموعة من شحنات الكوكايين التي صدرها الامن الخاص، لكن شقيقها (هالي) يعثر على الشحنة في خزان الماء ويقوم بتدميره من خلال إلقائه في احدى الابار البعيدة

عندها تحل الكارثة على تلك الاسرة حيث تدهم القوات الخاصة ذلك البيت الهادئ وتلك الاسرة المعدمة وتخطف (استيلا) وشقيقها (هالي) وأيضا صديقها عضو نفس الفرقة حيث تم اكتشاف انه من قام بسرقة المخدرات. ليبدأ فصل طويل من التفنن في التعذيب والعنف الارعن من ضرب الى حرق للاجهزة التناسلية ثم الاعدام.. وترك الاخ هالي مدمرا واختطاف الاخت التي تغيب عن الاحداث خلال فترة التحقيقات والبحث عن جثة الاب وأيضا جثة الصديق... كما ان الاحداث تتوالى حتى عودة الاخت مدمرة عاجزة عن الحديث تعاني من ألم نفسي نتيجة ما لحق بها من ممارسات من قبل عناصر تلك الفرقة الخاصة المكلفة بالقبض على تجار المخدرات وحرقها فاذا بهم يتاجرون بها. اتهامات صريحة ومواجهات يذهب اليها وكان اسكالانتي المكسيكى يصرخ سينمائيا متهما النظام الامني بكامله بالتورط في هكذا ممارسات تدمر وتخترق النظام الامني.

المخرج اميت اسكالانتي من مواليد 29 فبراير 1979في العاصمة المكسيكية وفي رصيدة ثلاثة اعمال روائية وهذا العمل الرابع بينما يمثل فيلمه «السفلة» (2008) واحدا من أكثر الاعمال السينمائية عنفا وتصديا للمواجهة مع تعرية النظام الامني وتورط الكثير من القيادات الامنية في بلاده المكسيك. معه في فيلم (هالي) فريق عمل اكثر من رائع من بينهم الممثل المكسيكي ارماندو اسبيتا واندريا فيرجارا وليندا جونزاليس. وايضا مدير التصوير الرائع لورنزو هيجرمان الذي خلق مع اسكلانتى نظاماً مشهدياً عالي الجودة ذي الايقاع المتنامي والطويل الذي يترك للمشاهد التحليل والمتابعة ضمن سينما تحمل الكثير من الخصوصية. سينما تعتمد التحليل وايضا الاتهام المأخوذ من ملفات القضايا الخاصة للشرطة المكسيكية من خلال مخرج يؤمن بأن للسينما صوتاً وللسينمات دور يتجاوز حدود المتعة والمغامرة الى التحول الى شوكة في البلعوم.

من هنا يستمد هذا المخرج مكانته وأهميته وقيمته الابداعية انه يحول السينما الى شاهد وناقد وناقوس يجلل في ذاكرة الزمن لتعرية النظام الامني والممارسات الخاطئة والاستغلالية التي يقوم بها بعض رجال الشرطة في المكسيك. فيلم من نوع مختلف لانه من توقيع مخرج مختلف هو ايمات اسكالاتي.

شدد على الاهتمام بالكوادر الوطنية في مجالات الحرفة السينمائية

عبدالعزيز الخاطر: نثمّن دعم سمو أمير قطر لمؤسسة الدوحة للأفلام

ثمّن المدير التنفيذي لمؤسسة الدوحة للافلام عبدالعزيز الخاطر بالدعم والرعاية التي تحظى بها المؤسسة من لدن سمو أمير دولة حمد بن خليفة آل ثاني، وأيضا من سمو ولي العهد حفظهما اللة - ما يشكل حافزاً كبيراً لمزيد من العطاء والاستمرارية. وأشار الخاطر في تصريح خاص بـ«النهار» في مدينة كان جنوب فرنسا حيث تتواصل أعمال الدورة السادسة والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي الى ان المؤسسة بصدد الاعلان عن عدد من المشاريع الانتاجية الجديدة التي تتحرك على جملة من المستويات خليجيا وعربيا ودوليا. كما أكد المدير التنفيذي لمؤسسة الدوحة للافلام انه ينتظر اللحظة التي يرى بها فيلما خليجيا في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي الذي وصفه بأنه المهرجان الاهم عالميا الذي يستقطب المساحة الاكبر من الاعلام العالمي. وأشار عبدالعزيز الخاطر الى مبادرة المؤسسة لاختيار اسم المخرج السينمائي الفلسطيني العالمي ايليا سليمان مستشارا فنينا للمؤسسة في المرحلة الجديدة من مشوارها، منوها بمكانته وقيمته الابداعية كاتبا ومخرجا ممثلا. وفي رده على انتهاء العلاقة مع مهرجان ترابيكا السينمائي الدولي قال عبدالعزيز الخاطر: العلاقة مع مهرجان ترابيكا تواصلت على مدى السنوات الاربع الماضية حسب العقد المبرم بين ترابيكا وموسسة الدوحة للافلام وقد امنت لنا تلك العلاقة الكثير من الخبرات الدولية في مجال تنظيم المهرجانات السينمائية الدولية والانطلاق الى آفاق مرحلة جديدة بدانا التحضير لها وسيتم الاعلان عن جوانب منها خلال الدورة الحالية لمهرجان كان السينمائي الدولي. كما ثمن الخاطر الدور الايجابي الذي قام به مهرجان ترابيكا في وضع اسم «الدوحة» على خارطة المهرجانات السينمائية الدولية الا ان سنة التطور وحتمية التغيير وأهمية الاعتماد على الكوادر الوطنية ساهم في التحرك نحو الانطلاقة الجديدة التي سيحصد ثمارها ابناء دولة قطر والكوادر السينمائية الخليجية والعربية والدولية على حد سواء، وأول هذا الحصاد سيجد طريقة الى جمهور مهرجان الدوحة في دورته المقبلة.

وشدد المدير التنفيذي لمؤسسة الدوحة للافلام الى ان المؤسسة تاخذ بعين الاعتبار ان تتحرك العملية الانتاجية من خلال مجوعة من المحاور التي سيكون محورها الاساسى الكوادر الوطنية التي يتم تحضيرها من أجل مستقبل السينما القطرية والخليجية والعربية.

وأشار عبدالعزيز الخاطر الى ان مدينة كان ستشهد يوم التاسع عشر من مايو الاعلان عن مجموعة من المشاريع السينمائية الكبرى التي ترسخ اسم قطر في عالم الفن السابع كنقطة اشعاع وتوهج فني وثقافي وابداعي.

تيري فريمو: نرصد الحراك السينمائي الإيجابي في دول مجلس التعاون

اشاد المدير الفني لمهرجان كان السينمائي الدولي -تيري فريمو- بما اسماه الحراك السينمائي الايجابي الذي تعيشه عدد من دول مجلس التعاون الخليجي والذي وصفه بانه حراك جدير بالاهتمام والدعم

واشار تيري فريمو في تصريح خاص انه يتوقع حضور الانتاج السينمائي القادم من دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الثلاث المقبلة على ابعد تقدير وبمواصفات انتاجية عالية المستوى في ظل الاهتمام والرعاية الرسمية التي توليها عدد من دول المنطقة بهذه الصناعة.

كما شدد المدير الفني لمهرجان كان السينمائي على الدور المحفز الذي تقوم به عدد من المهرجانات السينمائية التي تقام فى عدد من المدن الخليجية مثل مهرجان دبي السينمائي ومهرجان ابوظبي السينمائي ومهرجان الدوحة السينمائي والتي باتت تعمل على خلق حالة من العلاقة المتطورة بين السينما والاجيال الشابة على وجه الخصوص.

والمح تيري فريمو الى ان السينما في العديد من الدول العربية شهدت مساحات من التراجع بالذات ما يوصف بدول الربيع العربي حيث تراجعت حركة الانتاج بشكل يدعو الى القلق في ظل المتغيرات التي شهدتها تلك الدول.

كما اكد المدير الفني لمهرجان كان في تصريح على اهمية فتح الاكاديميات المتخصصة في صناعة الفيلم من اجل خلق اجيال في مختلف التخصصات السينمائية بما فيها الاخراج والسيناريو وبقية الحرفيات الفنية لما لذلك الامر من دور وحصاد على تطور الصناعة السينمائية بكل حقيقي

هذا وتتواصل هنا في مدينة كان جنوب فرنسا اعمال الدورة السادسة والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي حيث يتنافس 21 فيلما على السعفة الذهبية.

المخرج الفائز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2012

الإيراني أصغر فرهادي يعزف مجدداً في عذابات الطلاق

حينما فاز المخرج الايراني اصغر فرهادي باوسكار افضل فيلم اجنبي عام 2012 عن فيلمة الرائع انفصال كان موضوعة الاساسي هو الطلاق واليوم حينما يعود عام 2013 ليقدم فيلمه الجديد الماضي فانه يذهب الى عذابات الطلاق والانفصال في اشتغال عالي المستوى ثري بالحكايات والتفاصيل الدقيقة لمرحلة ما بعد الانفصال.

سينما عالية الجديدة الانسان هو الحاضر الاساسي بكل شمولية المفردة. من الطفولة الى بقية افراد الاسرة والاثار الجانبية التي تحيط بموضوع الطلاق.

قبل ان نذهب الى حيثيات فيلم الماضي نتوقف عند شيء من مسيرة هذا المخرج الذي يظل مثيرا للجدل حتى وهو يشتغل على البعد الاجتماعي. لهذا تأتي اعمالة والسينما التي يقدمها ثرية بالانسان وبالتالي بكل ما يحيط هذا الانسان من الم ومعاناة وتعب.

المخرج اصغر فرهادي من مواليد 7 مايو 1972 في ايران. اول اعماله كان فيلم الرقص مع الغبار 2003 وفيلم مدينة جميلة 2004 وفيلم العاب نارية يوم الاربعاء 2006 وفيلم -عن ايلي 2009 وفيلم انفصال -2011.

تلك الاعمال ساهمت في نضج تجربته ورسخت هويته كسينمائي يمتلك ادواته ويجيد صناعتها وحرفتها باقتدار عال ثري. وهو ينتقل من فيلم الى اخر وبايقاع عال مقرون بالفكر وايضا الحرفة.

في فيلم الماضي وكالعادة يعتمد على سيناريو يقوم بكتابته وهذه المرة يذهب بالتجربة السينمائية الى فرنسا. وكانه يشتغل على جزء جديد من التجربة السابقة. حيث اربعة اعوام ما بعد الانفصال.

فبعد تلك السنوات الاربع من الانفصال يعود احمد يقوم بالدور الممثل الايراني علي مصطفى الى باريس لانهاء اجراءات الطلاق رسميا. مع زوجته الفرنسية ماري تقوم بالدور الممثلة الفرنسية برينيس بيجو شاهدناها بالدور الرئيسي في فيلم ذا ارتست- الفنان -.

وخلال تلك الزيارة القصيرة تجري مجموعة من الاحداث هي في الحقيقة من تداعيات ذلك الانفصال. حيث يكتشف احمد تدهور العلاقة بين زوجته السابقة وابنتها الكبيرة لوسيا - من زوج سابق.بالاضافة الى ارتباط زوجته السابقة برجل جديد تعاني زوجته سكرات الموت بعد ان دخلت في غيبوبة. حيث تعتقد الابنة اولا بان هذة الحالة المرضية التي تعاني منها زوجة صديق امها الجديدة سببها الام بوصفها صيدلانية وقد تكون قد اعطتها دواء اضر بصحتها. بينما تتكشف الامور عن عدم تورط الام او الصديق الجديد وان السبب فتاة عاملة عند الزوج كانت تعتقد ان الزوجة الاصديق تغار منها فارادت ان تتخلص منها. كم من الحكايات والقصص التي يجيد هذا المبدع الايراني صياغتها كما الحائك المحترف. شخوص مكتوبة بعناية واحتفاء بالمراة وقضاياها المحورية وبالذات موضوع الطلاق والانفصال

حضور عال الجودة للمراة الزوجة والام والابنة.. في حوارات سخية بالمعاني ثرية بالقيم العالية. حتى وان كان المشاهد يظل يترقب بعدا سياسيا قادما من ايران كما هو شان اعماله السابقة التي ظلت ثرية بالحضور الاجتماعي على خلفية سياسية عميقة.

الحكاية تمضي بايقاع محكم مكتوب ومنفذ بعناية عالية حيث المراة هي المحور والاساس وعذاباتها هي النبض الذي تتحرك من خلاله محاور العمل السينمائي الجديد لاصغر فرهادي.

معه في العمل نجوم من الطراز الاول في مقدمتهم الفرنسية برينيس بيجو وايضا بدور الزوج الايراني علي مصطفى بدور الصديق الجديد الممثل الفرنسي ذو الاصول الجزائرية طاهر رحيم وايضا باولين بيرلية بالاضافة الى الاداء الرائع للطفل الياس اجوي الذي قام بدور ابن الصديق الضائع بين والده ومرض امه وايضا الارتباط الجديدة لوالده والاسرة الجديدة التي عليه ان يلتحق بها.

في الفيلم عين كاميرا صاغها مدير التصوير الايراني محمود كالاري الذي يعتبر من اهم مديري التصوير ويعمل بين طهران وباريس...

ويبقى ان نقول ان فيلم الماضي لاصغر فرهادي هو حضور لقضايا الانسان والمراة بل هو احتفاء عال الجودة بالمراة والمها من تداعيات الانفصال.. حتى وان اصبح من الماضي الا ان اثاره تظل ندب في حياتنا الانسانية.

سينما تسخر من عوالم هوليوود

صوفيا كابولا تفتتح «نظرة ما» بفيلم «عصابة بلينج»

صوفيا كابولا هي ابنة المخرج القدير فرانسيس فورد كابولا الذي ابدع عدد بارز من النتاجات السينمائية التي عمدت حضوره كاحد اهم صناعة الفن السابع ومن اعماله نورد العراب و- ابوكاليبس ناو و- المحادثة وغيرها. وعلى ذلك النهج تسير صوفيا وان ظل هنلك بون شاسع بين الابنة والاب والنتيجة دائما لصالح الاب. ورغم ذلك تجتهد الابنة لتقديم نتاجات تحاول من خلال ان تكون حاضرة في ذاكرة الفن السابع. هي من مواليد 14 مايو 1971 بدات مشوارها كممثلة ثم مخرجة ومن ابرز ما قدمت فقد في الترجمة 2005 و- ماري انطوانيت 2006 وقدم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان واثار مساحة من الجدل لان الفيلم لان قدم وجهه نظر تدافع عن الملكة ماري انطوانيت وهي في ذاكرة الفرنسيين تمثل عصر ما قبل الثورة المدان. وفي عملها الجديد عصابة بلينج او حلقة بلينج تذهب بنا هذة الصبية الى قصة حقيقة عن حكاية مجموعة من المراهقات في هوليوود يقمن بعدد من الجرائم التي تصل حد القتل عبر لعبة سرعان ما تتطور الى جرائم.

مجموعة من الفتيات اللواتي ينتمين الى الاجواء المخملية في عوالم هوليوود ولهذا فان جملة الجرائم تاتي لتعري واقع وتفضح حيثيات ذلك المجبمع المليء بالزيف والجريمة وكان صوفيا تريد تصفية ثار قديم لعلة الثار الى ابيها الذي حوصر ليضطر الى الهجرة الى الارجنتين بعد ان باع ستديوهات زيتروب.

كمية من السرقات تصل الى اكثر من 13 مليون دولار من التحف والهدايا من منازل كبار النجوم والنجمات والمنتجيت والمخرجين وكان كامير صوفيا كابولا تريد من ان نذهب الى تلك البيوتات لتعريتها وتعرية اصحابها الذين يغرقون في الثراء ولا يحسون بواقع الحياة الحقيقية في الولايات المتحدة او كاليفورنيا على وجه الخصوص.

ويتم الاشارة خلال الفيلم الى عدد من تلك الاسماء الشهيرة ومنهم باريس هيلتون و- اورلندو بلوم وراشيل بيلسون... 

وتتزاصل تلك الشهرة وتحقق تلك المجموعة او الصابة لقب تطلقة عليه اجهزة الاعلام تحت اسم عصابة بلينج التي تظل مجهولة رغم التأكيدات على انها تضمن مجموعة من الفتيات المراهقات.

من اجل توليفة هذا العصابة اختارات صوفيا كابولا عدداً من النجمات الجميلات ومنهن ايما واتسون شاهدناها في سلسلة افلام هاري بوتر وهي هنا ولاول مرة تقوم بدور مجرمة متهمة متورطة. ومعها في الفيلم كلير جولين واسرائيل بروسرد وكاثي شانج وجورجيا روكوليسلي مان وتاسيا فارميجا.

سينما تعري واقعاً. ومحور يذهب الى الجريمة ولكن ينظر الية بشكل ومضامين تتجاوز الاتهام الاعتيادي والتقليدي. فنحن ومنذ البداية امام مراهقات متهمات متورطات الا ان الفيلم بطروحاتة يذهب الى ما هو ابعد من الصورة والممارسة والحدث الى التحليل والتعرية للواقع والظروف والثراء الفاحش وغيرها من المضامين التي تعمل على خلق حالة منى التفاعل من العصابة كما عملت من ذي قبل حيث جعلت المشاهد يتعاطف من الملكة ماري انطونيت حيث اللغة السينمائية التي تشتغل عليها صوفيا كابولا في اعادة التفسير واعادة القراءة للاشياء والمضامين حتى الاتهامات المثبتة

صوفيا كابولا لا تبدو حيادية في طروحاتها وايضا معالجتها حيث قلب المعادلات مقابل دفع المشاهد لتبني وجهات تظر مخالفة للقانون وحتى للتاريخ من ذي قبل وهو امر صعب المنال يتطلب لياقة عالية وفكراً خصباً واشتغالاً على المضامين ومن قبلها العمل على ايجاد فريق العمل الذي يمتلك الحضور لتحمل قلب تلك المعادلة كوجود النجمة ايمي واتسون المحبوبة والمقربة من قلوب المراهقين فاذا بها تأتي كمجرمة.. وعندها يكون صعب التقبل على الجمهور النظر بطريقة مختلفة للنجم المفضل.

صوفيا في فيلم عصابة بلينج ورغم الاتهام الثابت الا انها تقلب كل المعادلات وتورطنا في نظرة جديدة قد تبرر الجريمة ومن هنا يستمد هذا الفيلم قيمتة ومضمونه...وخطورتة ايضا..صعوبته البالغة.

فرنسي من أصول عربية يتنافس على سعفة كان الذهبية

يتمتع الفرنسي من اصول عربية تونسية عبداللطيف كشيش بحظوظ ايجابية للفوز بالسعفة الاذهبية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته السادسة والستين التي تنطلق هنا في مدينة كان جنوب فرنسا.

ويشارك المخرج عبداللطيف كشيش بفيلم «عمر» الذي فضل مخرجه ان يحيطه بسرية تامة اثناء تصوير العمل في فرنسا، ليأتي اختياره بين الافلام 21 التي ستعرض داخل المسابقة الرسمية ممثلا للسينما الفرنسية، بالاضافة لاربعة افلام اخرى فرنسية حديثة. وفي تصريح خاص اشار المخرج عبداللطيف كشيش الى ان عمله في السينما الفرنسية لم يعطله عن تقديم القضايا التي تخص الانسان بشكل عام والانسان العربي على وجه الخصوص، مشيرا الى ان اسم الفيلم «عمر» لوحده كفيلا بتقديم الكثير من الدلالات والابعاد عربيا واسلاميا. الا ان كشيش اكد على ان اختيار فيلمه في المسابقة الرسمية بحد ذاته يعتبر انجازا شخصيا له نظرا للمكانة التي يمثلها مهرجان كان السينمائي الدولي، ودعا كشيش الى المزيد من الفرص للسينما العربية ولكن في ظل سينما عربية اكثر تميزا واكثر اشتغالا على قضايا الانسان والمجتمعات العربية، وتوقع ان تشهد السينما العربية مساحات اكبر من التغيير في المرحلة المقبلة من تاريخها اثر المتغيرات التي شهدتها الكثير من دول المنطقة. هذا وستتواصل اعمال مهرجان كان السينمائي جنوب فرنسا في الفترة من 15 إلى 26 مايو الحالي.

النهار الكويتية في

19/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)