حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان الخليج السينمائي السادس

اضغط للذهاب إلى الموقع الرسمي للمهرجان

يوميات مهرجان الخليج السينمائي 7

المدير العام: أفلام الطلاب أكثر جرأة ومستقبل المهرجان أكثر ثباتا من ذي قبل

مسعود أمر الله: هناك ألف سبب يمنع إمكانية انتقال الفيلم المحلي إلى الخارج

دبي: محمد رُضا

* اختتم مهرجان الخليج السينمائي دورته السادسة ليل أمس (الأربعاء) بحفلة توزيع جوائز استجاب لها الحاضرون بكل الاهتمام الذي تستحقه. الأفلام المتنافسة في أقسام المهرجان كان عليها أن تصل إلى خط النهاية وتنتظر قرارات ستة محكمين: ثلاثة في لجنة تحكيم المسابقة الخليجية وهم المخرج أسامة فوزي والمشرفة فايزة أمبا والمخرج سعيد سالمين الميري. ولجنة تحكيم المسابقة الدولية والمسابقة الخليجية للطلبة وتتألف من المخرج وليد الشحي والناقدة ريما المسمار والمخرجة فردريك دوفو.

إنه من الطبيعي أن تتفاوت الأفلام، وهي تفعل ذلك في كل مهرجان على كوكب الأرض، وحقيقة أننا في اليومين الماضيين التفتنا إلى الأفلام التي أخفقت في تحقيق كل أهدافها أو لم تنجز ما سعت إلى تحقيقه كاملا، إلا أن الطبيعي أكثر حقيقة وجود أفلام جيدة هي البصمة الحقيقية للجهد المبذول.

كذلك من نافلة القول أن المهرجان يختار مما هو متوفر، والقائمون عليه لا يبخلون بأي جهد لاستحواذ أو اختيار الأفضل إذا ما أدركوه أو ناسب المهرجان وهويته الفنية أو اهتماماته الإنتاجية. لذا لم يخلُ المهرجان من ذروات جيدة كما الحال في «بيكاس» لكرزان قادر، و«الصرخة» لخديجة السلامي، و«مطر وشيك» لحيدر رشيد، كما من أفلام تقف في منتصف الطريق بين نجاح الأهداف وفشلها وهذا وحده إنجاز مبدئي جيد وحال «الزواج الكبير» لفيصل العتيبي و«صدى» لسمير عارف.

والأمر نفسه يمكن أن يقال وصفا لباقي الأقسام، فالتفاوت أمر عادي والرغبة في أن تأتي معظم الأفلام جيدة أو لافتة أو متميزة هو أيضا طموح ضروري ولو أنه ليس بالضرورة ممكنا لأنه، وكما يقول مدير المهرجان مسعود أمر الله آل علي في حديثه الخاص بنا: «الغاية ليست إتقان كل فيلم معروض، فنحن نتحرك ضمن ما هو متوفر، لكن الغاية هي تقدم المهرجان واجتيازه خطوات واسعة إلى الأمام، وهذا ما نحن بصدده وحققناه، كما أعتقد، في هذه الدورة».

المدير العام لمهرجان الخليج (والمدير العام لمهرجان دبي السينمائي الدولي أيضا) له حضور بالغ الأهمية على صعيد الحركة السينمائية في منطقة الخليج بأسرها. هذا لم يتأتَّ من خلال إدارته للمنصب بنجاح فقط، وليس بسبب شخصيته الطيبة ذات الأخلاق الحميدة وحدها، بل لأنه في الأساس من صلب السينما، إذ مارس النقد ومارس الإخراج وطالما كانت لديه طموحات في مجال الفن السابع، باشر بتوحيدها عندما فكر في مطلع القرن الحادي والعشرين بإقامة مهرجان للسينما الإماراتية أدى نجاحه السريع إلى توسيع الدائرة ليشمل الخليجية، وهو الآن مهرجان بين تلك المتخصصة والمعروفة عالميا.

·     هذه كبرى دورات مهرجان الخليج السينمائي. أصبح في عامه السادس أكبر حجما وأعلى طموحا وأكثر تفاعلا مع رغبات السينمائيين من حوله... إلى أي مدى يستطيع المهرجان أن يكبر؟

- أعتقد أن المهرجان وصل هذا العام إلى الحجم الذي يعكس النمو الذي تمر به السينما في الخليج ويعكس أيضا نمو المهرجان عاما بعد عام. الآن بات علينا أن نوفر جهودنا في استكمال الغايات المختلفة التي وضعنا أسسها منذ الدورة الأولى. أنت تعلم أن الغاية الأساسية من وراء هذا المهرجان لم تكن يوما مجرد الاحتفاء بالسينما الخليجية عبر عرض أفلامها. طبعا تنظر إلى الأفلام المتوفرة وتنتقي منها ما هو الأفضل والأنسب، لكننا أيضا حاولنا أن نحول هذه المناسبة إلى احتفاء بالإنجازات كلها. أن لا يفوتنا تقدير الجهود المختلفة لأن كل دورة هي جزء من التاريخ، بل إن كل دورة هي تأريخ للسنة التي تقام فيها، وإذا وضعت الأفلام التي عرضناها من الدورة الأولى إلى اليوم، نجدها تؤلف بانوراما توثق للمراحل التي مرت بها السينما الخليجية ذاتها. هذا هو أمر مهم جدا بالنسبة إلينا، والأمر الثاني المهم الذي سعينا لتأكيده في هذه الدورة هو أننا نريد للمهرجان أن يؤكد صلاحية المواهب الموجودة، كفاءاتها واستعدادها للعمل، وأن السينما الخليجية باتت موجودة كواقع.

·        هل هناك عوائق؟

- نعم، بالتأكيد. أنا لا أتحدث عن صناعة سينمائية لأنها غير موجودة بالمعنى الدقيق أو العلمي للكلمة، وبصراحة لا أتوقع لها أن تتم سريعا.

·     مخرجو الأفلام القصيرة باتوا ينادون، كما نادى النقاد من قبل، بأن تقوم المحطات التلفزيونية بشراء أفلامهم لكي تدعم تجاربهم ولكي يستطيعوا المواصلة. لكن لنفكر واقعيا، هل هناك احتمال أن يتحول الفيلم القصير إلى مركز جذب تجاري؟

- لنأخذ الفيلم القصير مثالا. محطات التلفزيون لا تكترث لعرضه. ليس النوعية التي تهتم بها، لذلك هو عمليا غير موجود في برامجها. لكن السبب في عدم وجوده هو المحطات ذاتها التي لا تستقبله. والحال نفسه بالنسبة للفيلم الروائي الطويل. قبل سنوات أخرج «دار الحي» (تم تسميته بالإنجليزية «مدينة الحياة») وتباحث مع التلفزيون لبيعه. تبين له سريعا أن المحطات تود شراء هذا الفيلم بسعر لا يتجاوز خمسة آلاف دولار. هي تدفع للأفلام الأجنبية أضعاف ما عرضته عليه، لكنه حين يأتي الأمر لفيلم محلي فستحاول الحصول عليه بأرخص ما يمكن. إلى ذلك، عليه تولي التكاليف الأخرى كلها من توفير الطبعة المناسبة للعرض التلفزيوني والترجمة والحملة الترويجية، بالإضافة إلى شروط مادية مجحفة أخرى... أين سيجد المخرج الإماراتي أو الخليجي القدرة على الاستمرار والمتابعة إذا ما كانت الفرص التجارية معدومة، لا صالات سينمائية تعرضه ولا محطات تلفزيونية؟

·     يخيل إلي أن الموزعين السينمائيين والمحطات التلفزيونية يستفيدون من البلاد التي تستضيفها لكنهم يأنفون عن خدمتها.

- صحيح، لذلك تبقى صناعة السينما عندنا طموحا كبيرا لا يتحقق إلا بصعوبة كبيرة، وإلا لشهدنا تقدما كبيرا في حقل الإنتاج لأن الخامات موجودة. ما هو ليس موجودا إمكانية انتقال الفيلم المحلي إلى الخارج. هناك ألف سبب يمنع ذلك. ثم هناك أن السينما الخليجية كلها تتمنى لو تتحقق إمكانية عروض الأفلام تجاريا في السعودية. هذا سيحقق طفرة فورية وسيدعم السينما الخليجية على نحو كبير.

·     كالعادة هناك مسابقتان للأفلام القصيرة. واحدة للطلبة والأخرى للمحترفين. أنت تشاهد كل الأفلام وأكثرنا اطلاعا. ما الذي تلاحظه من خلال مشاهداتك كفروقات أو اختلافات بين أفلام الطلاب وأفلام المحترفين؟

- هناك اختلافات معينة ومهمة. أفلام الطلاب تجدها أكثر جرأة في العرض وفي كيفية العرض. أي في المواضيع المختارة من حيث إنها أكثر حدة، وفي الاستعداد للإقدام على تجارب في الإخراج كون المخرجين جددا وطموحين ولا يخشون التجربة والخروج عن التقليدي. السينمائيون المحترفون باتوا أكثر التزاما وبعضهم حذر أكثر مما يجب. نظرتهم ليست طازجة كما نظرة الفريق الأول.

·     هناك صندوق يعيش في داخله الكثير من المخرجين الخليجيين. أقصد لو أنك شاهدت أفلاما تركية وآيرلندية قصيرة لوجدتها بالغة الثراء على عكس معظم ما نراه في الأفلام القصيرة العربية.

- هذا صحيح. يعود إلى ما ذكرته من الرغبة في الحذر. يميل المخرجون عموما إلى الاكتفاء بما يعتقدون أنهم يجيدونه. وهناك التقليد أيضا.

·        ماذا تقصد؟

- أقصد أنه إذا ما حقق أحدهم فيلما ناجحا فإن الآخرين يريدون تقليده حتى وإن لم يكن الفيلم الناجح جيدا. هناك رؤية محدودة للأشياء. هناك ما يمكن أن نسميه بالأفلام المعتدلة. ليست أفلام مهرجانات فقط وليست أفلام صالات تجارية محضة. هذه النوعية تستحق أن تنتشر لكن من الصعب على كثيرين معرفة الكيفية. هو إما يجنح إلى فيلم فني بالكامل وإما إلى فيلم تجاري بالكامل سواء نجح في إحدى هاتين الغايتين أو لا.

·        هل تعتبر أن فيلم «وجدة» السعودي هو أحد الأفلام التي سيسعى المخرجون الآخرون لتقليده؟

- نعم ولا. نعم من حيث إن التجربة ذاتها تستحق. لقد أمضت المخرجة هيفاء المنصور أربع سنوات ثابرت فيها على العمل قبل أن تنفذ هذا الفيلم. وهذا أمر يستحق التنويه. الفيلم ذاته أمر آخر.

·        أنت من أنصار الفيلم القصير وأوليته اهتماما وسعيت لإنجاح تجاربه. هل تعتقد أن له مستقبلا؟

- نعم، بل هو يعيش المستقبل الذي وعد به حين تم تأسيس هذا المهرجان رغم ظروف صعبة، وأنا ما زلت متفائلا به.

·     كما ذكرت في مطلع الحديث، يؤرخ المهرجان للسينما الخليجية عموما. ماذا عن المستقبل، مستقبل المهرجان ومستقبل السينما التي يعرضها؟

- طبعا يرتبط المهرجان والسينما التي يتولى دعمها والعمل على تنشيطها ارتباطا وثيقا. وكل واحد يؤثر في الآخر. بالنسبة لمستقبل المهرجان هو الآن أكثر ثباتا وقوة مما كان عليه من قبل، بل وفي أي فترة سابقة. كل ما عملنا على إنشائه في السنوات الأخيرة من صناديق دعم وتوفير فرص وما نقوم به منذ هذه السنة وهو إنشاء سوق للسينما الخليجية هو دلالات تؤكد نجاحه وتزيدنا إيمانا بمستقبله. الحالة التي يمر بها الفيلم السينمائي الخليجي لا تزال حالة إيجابية، ربما ليست ثابتة بعد على ركائز تجارية قوية والكثير من المخرجين ينتظرون الفرص المناسبة للاندفاع في مشاريع جديدة وهذا حقهم، وهم كما ذكرت أنت ينادون بذلك ويصرون عليه. لكن الطريق ذاتها ما زالت صعبة كما كانت. عليك أن تقنع الجمهور الكبير أن يؤازر هذا الجهد ويمنحه ثقته، وهذا لا يتم بخطوات سريعة لأن الفيلم الخليجي محروم من الفرص التلفزيونية والسينمائية وتجده يبحث دائما عن رد ذلك الاستثمار الذي أودعه في إنتاجه ليستطيع القيام بإنتاج آخر.

·     لكن ما هي النظرة حيال ذلك المستقبل؟ ما الذي تتوقع أن يستطيع المهرجان إنجازه وما لا يستطيع؟

- أتوقع أن يستمر المهرجان بأداء رسالته التي هي سببه وهدفه. لكن نعلم جميعا بأن تضافر الجهود هو أمر مهم. بمعنى أنه إذا ما كان المهرجان بمثابة البيت الكبير الذي تلتقي فيه سينمات المنطقة الخليجية والعربية عموما، فليكن، وعلى الرغم من الظروف التي تمر بها السينما في الخليج. نتطلع إلى مزيد من الدعم ما دمنا اعتبرنا أن هذا المهرجان هو الكيان الأمثل لهذه السينما. وهو ليس دعما لنا فقط، بل هو دعم للسينمائيين أنفسهم. لذلك سعيد بالاتفاق الذي حصل بيننا وبين مؤسسة «وطني» الذي أعلناه قبل أيام بمناسبة هذه الدورة، والذي تم على أساسه الاتفاق على دعم أربعة أفلام إماراتية طويلة تسجيلية أو روائية بمبالغ جيدة. هذا الاتفاق هو دعم لمحاولاتنا خلق صناعة جيدة ومتواصلة لسينما كانت حتى وقت قريب جدا غير موجودة على الإطلاق.

الشرق الأوسط في

18/04/2013

 

السينيفيلية في الخليج من كاسيتات الفيديو الى التحميل عبر "تورنت":

ضوء منبعث من عتمة الصالة ينير بيئة محافظة وينشر ثقافة المشاهدة

دبي ـــ هوفيك حبشيان 

في الخليج اليوم الكثير من الشباب الذين ينمو عندهم يوماً بعد يوم شغف التعبير بالصورة. هذه التجمعات الشبابية التي كنا نراها تتبادل النقاشات حتى الصباحات المبكرة في مهرجان الخليج السينمائي، صارت مشهداً مألوفاً في الحاضر، خلافاً للماضي. "في أيامنا، لم نكن نجد من نناقشه في موضوع السينما. كنت اشعر بالضياع"، يعلّق المخرج الاماراتي مسعود أمر الله آل علي، مدير مهرجاني دبي والخليج. ولكن، كيف اكتشف هؤلاء حبّ الشاشة، وما السبيل الى مشاهدة الأفلام في محيط يعاني من معوقات رقابية وتوزيعية واخلاقية؟ ماذا تعني كلمة سينيفيلية في الخليج؟ حملنا الأسئلة تلك، وذهبنا الى ثلاثة من المطلعين على تفاصيل الحال الخليجية

عبدالله آل عياف مهندس، صاحب ثلاثة أفلام قصيرة، مطّلع على كل تفاصيل مشاهدة الأفلام وصناعتها في السعودية. انتقل الى الانجاز عام 2005، لكنه متابع نهم للسينما منذ مطلع الألفية. يؤكد عياف أن بدايات المخرجين في الخليج متشابهة. هناك على الأقل سبعة منهم بدأوا مثله. هؤلاء حفنة متحمسين، يطالعون كثيراً، يتابعون كلّ ما هو مستجد ومثير، تستهويهم متعة المشاهدة. كون السينما محرمة في السعودية، فإن المشاهدة تقتصر على ما يعرضه التلفزيون وما يتوافر في السوق من أقراص مدمجة. هناك ايضاً حلّ ثالث: الذهاب الى البحرين، وهذا الموضوع كان مادة لفيلم انجزه عياف عام 2006 وسمّاه "السينما 500 كم". سينمائيون من المملكة تكلموا بصراحة ليلة الأحد عن أوضاعهم: مجتمع منغلق وبيئة صعبة للعمل. علمنا ان 90 في المئة من الايرادات في الصالات البحرينية يعود الفضل فيها للسعوديين. "الغريب انه عندما تسأل هؤلاء الـ"90 في المئة" هل يؤيدون وجود صالات سينما في السعودية، يقولون لك "لا". فبالنسبة اليهم، "على الرياض ان تبقى نقية ونظيفة"، قال شاب سعودي.هناك، في البحرين، كان عياف واصدقاؤه يشترون الفيديوات ويأتون بها الى السعودية. ثم اكتشفوا، وهم في مرحلة الجامعة، ان الأفلام اعمق مما تبدو عليه. حصل هذا في اواسط التسعينات، وكان عياف في التاسعة عشرة من عمره. "بدأنا ندرك ان بعض الأفلام في حاجة الى قراءة معمقة، وهذه القراءة تحتاج الى خلفية ثقافية معينة لم نكن نملكها. بدا لنا واضحاً انه يمكن مناقشة مواضيع جادة وعميقة في قالب حيوي ممتع. قررنا فجأة أن نأخذ المشاهدة الى مستوى اعلى. اعتقد ان السينما كانت بدأت تلمسنا بلمساتها الساحرة. من هنا بدأ التحدي المتمثل في السؤال الآتي: هل أستطيع انا ايضاً ان اقول قصتي مثلما ينجح الآخرون في قولها؟ بصراحة، كنت استغرب مدى تأثير هذه الأفلام فيّ. كنت اريد أن اعرف ما الذي يجعل فيلماً يقيم فيّ طوال هذه المدة. وكنت أسأل نفسي: انا اعرف ان هذا تمثيل، فلماذا البكاء اذاً امام مشهد مأسوي؟ هل ستكون هذه القوة الساحرة في يدي ذات يوم لأصنع منها فيلماً؟". 

بالنسبة إلى عياف كان الوضع طريفاً: "كنا نسمع مثلاً عن فيلم فاز بالأوسكار في عام 1989، ولم يكن متوافراً في السوق السعودية. كنا ننتظر سنتين احياناً كي نراه بالفيديو. موقع "أمازون" حلّ مشكلتنا. بيد ان المشكلة الأساسية في استيراد الافلام عبره، هي اننا كنا نحصل فقط على ثلث ما نطلبه، اما البقية فكانت تصادر لوجود قبلة او ما شابه ذلك. كان الرقيب هو الذي يستولي على الفيلم لأنه نال اعجابه. هذا كله بات من التاريخ اليوم، بعدما دخلنا عصر التحميل عبر "تورنت" وفي ظلّ انتشار الفضائيات. مشاهدات السعوديين كانت في اغلبها هندية، مع بعض الأفلام الأميركية الواسعة الانتشار. طقس دخول الصالة وكل الثقافة المرتبطة به غير موجود في السعودية. لذا، سعى هؤلاء الى نشر الثقافة تلك، عبر الكتابة في الصحف والمجلات واقامة عروض. كانوا يطمحون الى رؤية السعودي يقطع بطاقة دخول الى صالة مظلمة، يجلس فيها لساعتين متتاليتين، ويتابع احداثاً معينة على الشاشة

حاولنا تنظيم مهرجان سينمائي، لكن توقف. وبشكل ادق: تم ايقافه. في جدة عُقدت ثلاث دورات من هذا المهرجان، وفي الدمام دورة واحدة. في الدورة الأخيرة، ألغي المهرجان قبل ساعات قليلة من افتتاحه. مع هذا كله، لا نزال نحاول. لم يعد مهماً ان ابحث في الأسباب التي منعت قيام سينما في السعودية، ما يهمّني في المرحلة التي نحن فيها الآن ان هذا البرنامج يشكل نافذة مهمة تتيح للجمهور السعودي ان يشاهد أفلاماً يسمع عنها كمن يسمع عن بعبع. اليوم، نحن في حاجة الى ثلاثة اشياء: نشر الثقافة السينمائية عبر تكثيف المقالات، تشجيع المهرجانات وفتح معاهد لتعليم الفنّ السابع".  

¶¶¶

هكذا يروي المخرج الاماراتي وليد الشحي ("حارسة الماء"، 2007؛ "باب"، 2008) لقاءه الأول بالسينما: "كان لي عشقٌ للصورة بشكل عام. كنت اشاهد الأفلام المتوافرة، منها الأفلام العربية التي كانت تعرض في التلفزيونات العربية أو الأجنبية. اتكلم عن فترة كان عمري فيها تسع او عشر سنين. ثم انطلقت مباشرة الى التصوير الفوتوغرافي الذي ملأ حاجتي الى تشكيل الصورة، وهو عشقي الأول. كنت بدأتُ في التقاط الصور وأنا في الثالثة عشرة. يعود الفضل الى أحد المدرّسين الذي كان يعمل اميناً لمختبر كيمياء. هذا الرجل بدأ يعلّمنا كيفية تحميض الصور. تعلمتُ الأمور التقنية منذ سن مبكرة، ما جعلني أعشق الكاميرا واحملها معي لالتقاط الصور اينما حللت. اكلّمك عن زمن ما قبل الديجيتال، نهاية الثمانينات وبداية التسعينات. كنت اصوّر كل شيء. كان مجرد تصوير بلا هدف. حلمتُ بالسينما لكني لم أكن أعي أنه يمكن الانتقال اليها في يوم من الأيام. لم أكن أعرف السينمائيين الكبار، اقتصرت معلوماتي عندئذ على عناوين بعض الأفلام، لكن لم اتعمق فيها البتة. لم يكن لدينا تخصص في الاعلام والسينما في ذلك الوقت، فاخترتُ تخصصاً آخر. ساهم هذا في اقترابي من مهن السينما منها التعامل مع الكومبيوتر والمونتاج، الخ. عندما تخرجتُ، تسلمتُ وظيفة في الكلية، وكوني أعشق الكاميرا، اسسوا لي ستوديواً وقالوا لي "هيا، تعلم في هذا الستوديو". صرنا نقترح وسائل تعليمية من خلال الفيديو. ثم كرّت السبحة فكانت البداية. صارت الأمور التقنية من البديهيات. طُلب مني اتمام فيلم موجّه في ذكرى احتلال الجزر الاماراتية، وما إن انجزته حتى بدأت الدورة الاولى من "مسابقة افلام من الامارات". بعدها بدأ العمل بشكل فعلي في السينما

أكلمك عن اواخر التسعينات. هذه الفترة كانت متطورة جداً تقنياً، فدخل الانترنت، وسهّل كل الامور. صرتُ ابحث فيه عن كل ما من شأنه ان يساعدنا في فهم السينما فهماً أفضل. ثم بدأتُ اجمع مكتبتي السينمائية التي لم تكن تتضمن افلاماً هوليوودية فحسب. الآن، عندي مكتبة من أكثر من 1500 فيلم، كلها افلام غير متداولة. طبعاً، هذه المكتبة مفتوحة للجميع. عندنا مشروع اسمه "فيلا سينما" في رأس الخيمة، مكان يمكنك ان تجد فيه اجهزة تقنية، نتيجة جهود فردية وليس حكومية. الى الآن، لم تنشأ عندنا للأسف نوادٍ للسينما. ولكن صارت المهرجانات بديلاً منها. اكثر من اثّر فيّ، وسيظل يؤثر فيّ الى نهاية حياتي، هو اندره تاركوفسكي، المخرج الذي لن يتكرر. أحبه في كل الأفلام السبعة التي انجزها. كنتُ اقرأ عنه ثم أذهب للبحث عن أفلامه. موقع "أمازون" سهّل علينا كثيراً، لأن الأفلام التي تتضمن توجهاً غير تجاري، لا تجدها في ايّ مكان للأسف. مع التذكير بأن ليس ثمة رقابة على هذه الأفلام في الامارات، خلافاً للسعودية". 

¶¶¶

حصل اللقاء الحاسم بين مسعود امر الله آل علي (مدير مهرجاني دبي والخليج) والسينما، اثناء الدراسة في جامعة الامارات. حصل هذا من طريق إنجاز الاعلانات والتدريب على استخدام الكاميرا ولمس هذه الآلة السحرية وتحريكها. هناك بدأ يكتشف انه بينما كان يمسك القلم ليكتب الصورة عبر لغة الشعر، كان يستطيع أن يذهب مباشرة الى الصورة والتقاطها بالكاميرا. هكذا بدأ شغفه بالمشاهدة النهمة التي ستجعله واحداً من أهم السينيفيليين في الامارات، وعلى الأرجح الأهم. يتذكر: "في تلك المرحلة، عندما كنتُ أشاهد فيلماً، كنت أوقفه فجأة لأكتب قصيدة. السينما كانت تلهمني وتأخذني الى مكان ما. فصرتُ أفعل عكس ما كنت افعله في الماضي: فيما كنت استعمل الشعر سابقاً لكتابة صورة، أصبحت استعمل الصورة لكتابة الشعر". هكذا ترسخت عنده الروح السينيفيلية. علماً ان قصة حبه مع السينما لها امتدادات ابعد من ذلك. يروي لي أمر الله ونحن جالسان معاً في واحد من هذه الفنادق الفخمة التي تجسد نمط العيش والترف في الامارات اليوم، انه ووالده كانا يسلكان أزقة دبي العتمة لكي يصلا الى إحدى الصالات السينمائية. حكاية تبدو خرافية لمن لم يعرف دبي في سبعينات القرن الفائت، ولم يشاهدها الا من احدى الطبقات العالية المطلة على "لونا بارك" عصري فيه الكثير من الأضواء المشعة. في دبي السبعينات، كانت تعرض أفلام عربية وأميركية وايطالية. لا يعرف أمر الله لماذا كانت تصلهم أفلام ايطالية. ربما لأنه كانت تعلَّق لتلك الأفلام ملصقات في مداخل الصالات عليها صور فتيات شبه عاريات. طبعاً، لا يتعلق الأمر بانفتاح جنسي في الإمارة المسلمة، بل بنوع من فخّ للمشاهد، اذ لم يكن ايٌّ من الأفلام المعروضة يتضمن لقطات عري أو عرض مفاتن كالتي يعدك بها الملصق، لأنها، وبكل بساطة، كانت مقطعة. وكان يمكن العثور ايضاً على وصفات ترويجية من نوع: ثلاثة أفلام بتذكرة واحدة. أو عروض لأفلام يقال عنها "مختصرة"، اي انه كان يمكن مشاهدة اربعة منها بما يعادل مدة الفيلم الواحد. من مرحلة لاحقة من صباه، يتذكر أمر الله انه كان يرتاد سينمات مفتوحة السقف: "كنا نتابع الفيلم والنجوم فوق رؤوسنا. أما التدخين فكان مسموحاً، لذا كنت تشاهد الفيلم من خلف الدخان".

شيئاً فشيئاً، صار يميز بين الجيد والأقل جودة، وراح يعمق اطلاعه على السينما؛ يطلب الأفلام والكتب من أميركا. ثم جاءت مرحلة الفيديو التي رافقت جزءاً كبيراً من حياته. آنذاك لم تكن هناك حقوق للملكية الفكرية، فكنت تجد في الامارات كل أنواع الأفلام ولاسيما الأوروبية منها. بعد انهيار مرحلة صالات السينما، صار أمر الله يشتري الأفلام بكثرة، وينفق عليها من المال أكثر مما ينفقه على نفسه. فتراكمت عنده مجموعة يقدَّر انها تحتوي على 25 ألف فيلم. ثمة أفلام يعود ويشاهدها. لأنها، كما يقول، "تغسله من الداخل".

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

18/04/2013

 

أكثر من الحماسة

نديم جرجورة 

أسئلة كثيرة مطروحة على صناعة الصورة المتحرّكة في دول الخليج العربي. أسئلة متعلّقة بكل شيء من دون استثناء: سبب انخراط شباب خليجيين في عالم السينما. علاقتهم بالصورة. الثقافة البصرية والنظرية والعملية. الارتباط بالبيئة الاجتماعية وتقاليدها المتحكّمة بسلوك أبنائها وبناتها. أسئلة كثيرة يطرحها متابعو حركة السينما الخليجية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين على الأقلّ. لا تكفي الحماسة والنيات الصادقة والرغبات المثالية. السينما صناعة وثقافة وتجارة. محتاجة هي إلى مخيّلة وقوّة ذاتية لتحطيم القيود كلّها. محتاجة إلى معاينة الموجود، وهو كثيرٌ هنا وهناك. التقاليد الخليجية صارمة. المملكة العربية السعودية لا تملك صالة سينمائية واحدة، لكنها "تحتفي" بفيلم يُشكّل "رسالة" إيجابية لمصلحة المملكة أمام الغرب. هذه ازدواجية قاتلة. "وجدة" للشابّة السعودية هيفاء المنصور إشادة بحالة اجتماعية يرى الفيلم أنها قابلة للتحقّق، حتّى في ظلّ نظام ملكي وهّابي. "وجدة" غربيّ التوجّه. لهذا، كرّمته الصحافة الأجنبية، المنجذبة إلى كل ما هو مغاير لواقع الحال

مجتمعات خليجية لا تزال عصيّة على الانفتاحين الاجتماعي والثقافي، قبل السياسي. شباب متحمّسون؟ خطوة مطلوبة. لكن السينما محتاجة إلى ما هو أكثر بكثير من الحماسة. ملاحظات شتّى قيلت في الدورة السادسة (11 ـ 17 نيسان 2013) لـ"مهرجان الخليج السينمائي" في دبي. ملاحظات مرتبطة بالعلاقة الشخصية لشباب خليجيين بالسينما. غالبيتهم منزّهة عن أدنى اهتمام جدّي بما يرغبون في فعله. نجومية المهرجانات وجانبها الاستعراضيّ دافعان لهذه الغالبية بالاستعانة بالسينما طريقاً إلى العالم. لا همّ لدى كثيرين بما يصنعون. يظنّون أن السينما لعبة للتسلية. أن التقنيات البسيطة عامل مساعد. أن لحظة التأسيس تمنع عن المراقبين قراءة نقدية صارمة. أن وجود مهرجان متخصّص بسينما خليجية كفيلٌ باختيار كل ما يُنجزون، وتقديمه للخارج. هذه مصيبة. الخلل فاضح، في الكتابة والتنفيذ والتمثيل واستخدام التقنيات. هناك مبدعون حقيقيون، يُثابرون يومياً على امتلاك مزيد من المعرفة والعلم. يُثابرون يومياً على تغذية المخيّلة بالمُشاهدة السينمائية. هؤلاء قلّة. الغالبية تتوهّم أن صناعة فيلم أمر عادي. أن المتوفّر من مال وتقنيات، في بلاد معقودة على وفرة مال وتقنيات، كاف للاشتغال البصري

تردّد في أروقة المهرجان الخليجي هذا أن دورته السادسة أضعف الدورات. بدا، لوهلة، أن زمن "مسابقة أفلام من الإمارات" ولّى إلى غير رجعة. أن دورات أولى من المهرجان نفسه لم يعد لها مثيل. أن "براءة" الاشتغال العفوي تحوّلت إلى هوس لا علاقة له بالإبداع. أن شباباً إماراتيين وخليجيين باتوا اليوم في موقع المسؤولية الإبداعية، لكنهم لم "يُنجبوا" من يُكمل عملية البناء والتأسيس

هذا مأزق. الترهّل حلّ بشباب يُفترض بهم أن يكونوا الأكثر حيوية واشتغالاً. أن يُحطّموا الأصنام، كي يجعلوا الإبداع ركيزة عيش تقدّم وانفتاح. أن يذهبوا إلى أقصى الاختبارات، كي يجعلوا الصورة السينمائية واقعية وحسّية وجميلة.

السفير اللبنانية في

18/04/2013

 

الخليجيون قادمون.. سينمائياً

إبراهيم الملا 

الخليجيون السينمائيون قادمون.. أو بعبارة أخرى: السينما الخليجية تتخطى عتبة التأسيس إلى البدء بمراحل لاحقة. بهذا المعنى يمكن وصف ما جرى في خلال الثمانية أيام الماضية هي الدورة السادسة من مهرجان الخليج السينمائي الذي قُدمت خلاله، دفعة واحدة، مائة وتسع وستون فيلماً سينمائياً. صحيح أنها لم تكن جميعاً من المستوى نفسه، وليس من المطلوب أن تكون كذلك أصلاً، لكن بشائر المستقبل الواعدة كانت تبزغ من المواهب الجديدة التي ضخّها المهرجان في شرايين السينما الخليجية، وليس فقط من أولئك المخرجين الشباب الذين بدأوا يكرّسون أنفسهم بوصفهم مخرجين بمخيلاتهم المختلفة التي تستمد إشكاليات حكاياها من واقعها ومجتمعها لتحاكي هذا المجتمع وتتناول قضاياه الحساسة وغير الحساسة بطريقة نقدية أو غير نقدية، وما همّ ذلك أمام شعلة المخيلة المتقدة والتي تعد بالكثير في المستقبل القريب، إنْ استمر المعنيون في تقديم ما يلزم لكي توفر كل أسباب قيام صناعة سينمائية حقيقية. لم يكن مهرجان الخليج السينمائي منصة لعروض الأفلام القادمة من هنا وهناك، بل كان يتلمس تلك الإشكاليات التي تعاني منها السينما الإجمالية إجمالاً على المستويات كلها وخاصة الإنتاج. ولهذه الدورة أنجز المهرجان وعداً قطعه في الدورة السابقة مفاده أن يسهم في تقديم حلول ممكنة لبعض الإشكاليات من مثل كتابة السيناريو وخلق شراكات إنتاجية مع جهات خليجية وأجنبية ومتابعة ذلك حتى التئام الدورة المقبلة حيث بالتأكيد ستكون قد ظهرت إشكاليات جديدة ينبغي النظر إليها والاستفادة من خبرات الآخرين في التعامل معها ومعالجتها. هكذا بدأت تتبلور ملامح مرحلة جديدة في السينما الخليجية بعيداً عن الارتجال، بل وبعيداً عن بداياتها الأولى التي قد تُصبح كلاسيكية في وقت قريب.

قراءة في الأفلام الإماراتية المشاركة في مسابقات مهرجان الخليج السينمائي السادس

عن متلازمة الندرة والتميّز

وصلت نسبة الأفلام الإماراتية المشاركة في الدورة السادسة من مهرجان الخليج السينمائي إلى الثلث تقريبا، وسط الأفلام الخليجية والدولية الأخرى التي استضافها الحدث، وهذه النسبة التي برز حضورها بشكل ملحوظ في مسابقة الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة تشي بأن الحركة السينمائية المحلية التي انطلقت شرارتها قبل أكثر من عشر سنوات، باتت تتسارع وتحقق في ذات الوقت رصيدا مرضيا من التراكمات المشجّعة على عبور طريق الإنتاج السينمائي بثقة، ومن خلال اشتباك حقيقي مع متطلبات الصناعة الفيلمية في حدودها القياسية على الأقل.

الكمية والنوعية

ولكن هذا الكم الوافر من الأفلام الإماراتية في مهرجان حافل بالأعمال الخليجية المنافسة، وبأعمال عربية ودولية ناضجة، خصوصا تلك التي ينتجها المغتربون في دول المهجر الأوروبي، لا يعني أن الجودة الفنية والنوعية باتت مكتملة هي الأخرى ولا يشوبها نقص وقلة وعي ودراية بأساسيات الشغل السينمائي، فالملاحظ في الدورة الحالية من مهرجان الخليج السينمائي أن جلّ الأفلام الإماراتية شهدت تراجعا مربكا ومقلقا فيما يتعلق بتقديم محتوى سينمائي خالص، وخلق تكوين بصري مستقل عن الدراما التلفزيونية وأفلام الإعلانات والتوعية الاجتماعية، وأن اشتغال المخرج وانشغالاته يجب أن تنصب على الصورة كمنتوج فني يحمل دلالاته وتأويلاته وشيفراته وأسئلته الخاصة والمستقلة، لا أن يكون المخرج رهنا لموضوع فيلمه، ومجيّرا لتنفيذ الفكرة تقنيا وبشكل آلي، بحيث يشير إلى القضية المطروحة في الفيلم بشكل مباشر ويضع الحلول الجاهزة لها، وكأنه يقدم فيلما معلّبا ومصمتا وملزما، ولا يجوز للمتفرج أن يقرأه من زوايا متعددة أو أن يتعاطى معه كحالة وحدس وطاقة جمالية تتحرك في أفق إنساني شامل وديناميكي ومتنوّع، ولعل مقولة قديس السينما السويدية إنغمار بيرغمان بأن «الفيلم هو كالحلم، والموسيقا، ولا يوجد فن يؤثر بنا كالأفلام، لأنها تتجه إلى أحاسيسنا العميقة، وتغوص في مكنونات أرواحنا» هي مقولة مسدّدة بإتجاه توقير فن السينما، واعتبارها فنا غير منقطع الجذور عن شجرة وجودنا وارتباطنا بوعي العالم صعودا وهبوطا، وفرحا وألما، وانتشاء ووجعا، ومن الطبيعي ـ والحال ينطبق على النتاجات الفيلمية الإماراتية ـ أن تكون الندرة صفة ملازمة للتميز، وأن تكون الموهبة مقرونة بالبحث والتقصي وإبقاء جذوة الشغف مشتعلة ومتواصلة، وهي مكابدات روحية لا يستطيع سوى القلة أن يخوضوا في دروبها ومسالكها الوعرة، ومن هنا أيضا كانت الأفلام الإماراتية المتميزة في المهرجان مرتبطة بقدرة مخرجيها على امتلاك أدوات مستقلة وذات خصوصية إبداعية تفصح عن ثقافة ووعي وتجريب لا يخلو بدوره عن تماسك، وعن معرفة بقيمة وأهمية لغة الصورة وأبعادها.

وهنا عرض لبعض الأفلام الإماراتية التي عرضت بالمهرجان، وبمختلف أساليبها وتوجهاتها وخياراتها السردية والتي تفاوتت فيها الصيغ المتوازنة بين قوة وتأثير الفكرة أو الحكاية المطروحة وبين المعالجة الفنية لها من حيث الحفاظ على الإيقاعين الداخلي والخارجي للفيلم، وتوظيف المضمون السردي، لصالح التعبير البصري وبالعكس.

الواقعي والافتراضي

ففي فيلم بعنوان: «الطريق» للمخرجين عبدالله الجنيبي وحميد العوضي، يلجأ المخرجان لخلخلة التراتبية الاعتيادية للزمن، وجعل العنصر الافتراضي ملتحما بالعنصر الواقعي، من خلال مزج الحاضر بالماضي وبالمستقبل، دون إشعار المتفرج بوجود فصل أو قطع بين هذه الأزمنة الثلاثة، كما أن الشخوص في الفيلم تتناوب بين الحضور والغياب اعتمادا على الحالة الذهنية والنفسية لهؤلاء الشخوص، وليس على الحالة الفيزيائية أو التجسيدية وحدها، حيث يروي الفيلم قصة شقيقين وصديقهما، يتعاطون المشروبات والعقاقير الممنوعة في سهرة ماجنة في عمق الصحراء، وعندما يأتي شخص بسيارته ومعه عائلته لسؤالهم عن الطريق المؤدي إلى الشارع الرئيسي، تتحول المتاهة التي يعيشها الجميع إلى لعنة، وإلى حفلة دموية يذهب ضحيتها الرجل وعائلته، بعد أن يقرر الشبان الثلاثة التحرش بابنة الرجل، وبعد أن تقودهم الجرعات المضاعفة من المخدر إلى حالة هذيانية ورغبة مستعرة في القتل والتلذذ المرضي بمنظر الدماء وهي تسيل من ضحية تلو الأخرى، ولكن وبمعالجة ذكية من المخرجين استغلا فيها قدرات القطع والتوليف السينمائي، فإن هذا المشهد الدامي لن نتعرف على تفاصيله سوى في نهايات الفيلم، حيث أن اللقطات والمشاهد التأسيسية انبت على التنقل السلس بين (الفلاش باك) و(الفلاش فورورد) مع تجسيد صوت الضمير من خلال رجل يجلس مع الثلاثة في سيارتهم وهم منهكين نفسيا وجسديا وملطخين بدماء ضحاياهم، دون أن نتعرف في هذا الاستهلال على مسببات الوضع غير السوي للثلاثة. استطاع فيلم «الطريق» أن يتتبع وبجرأة منابع العقد النفسية المتوارية منذ الطفولة في دواخل الشخصيات المتأزمة، والتي دفعتها في لحظة شيطانية إلى أن تتحول إلى وحوش بشرية تنتقم من ذاتها ومن الآخرين ومن دون وعي أو تفسير منطقي لردة فعلها العنيفة، وفي المقابل كان الأداء التمثيلي متوازيا مع تقلبات الأحداث وغرابتها وتوترها في أغلب الأحيان، وكانت زوايا التصوير واللقطات المقربة والقفزات الحادة للمونتاج، متوائمة ومعبرة عن الجو النفسي المريب الذي أراد الفيلم ترجمته وإيصاله إلى الجمهور.

الرجل والمرأة

ويتناول فيلم «قهر الرجال» للمخرج سعيد سالم الماس، قصة رجل مثقل بالديون، يعود إلى منزله منهكا، وتسأله زوجته عن ترتيباته لسفر العائلة في العطلة القادمة، ولكن الزوج يبوح لها بعدم قدرته على توفير المبلغ القادر على تغطية تكاليف هذه الرحلة، وبعد انفعال الزوجة وصراخها العالي كردة فعل غاضبة على هذه المفاجئة المخيبة، يسقط الزوج على كرسيه ميتا، ونرى الزوجة بعد مرور فترة من الزمن وهي تتصل بشيخ دين وتسأله كنوع من الاعتراف وكتفريغ لعقدة الذنب المتراكمة في داخلها، إن كانت هي المتسبب الرئيسي في موت زوجها، وهو سؤال سيظل حائرا في ثنايا الفيلم نفسه والذي تصدرته عبارة تقول: «مقتبس من قصة حقيقية».

ولكن الفيلم بتنازلاته الفنية خلا من الاشتغال البصري، ومن تعبيرات اللغة السينمائية وبدا أقرب للمشهد التلفزيوني، الذي يتوسل نقل الحكاية بشكل خاطف وسريع، لتوجيه العظة والعبرة للمشاهد.

مشكلات شبابية

وفي فيلم «سراب. نت» يستعرض المخرج منصور الظاهري المشاكل التي يتورط بها الشباب والفتيات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتي تقدم واقع هذا التواصل المزيف بأبشع صوره وأكثرها خديعة مما يساهم في تفكيك الترابط الأسرى وخلق كوارث إنسانية في النسيج الاجتماعي.

غاب عن الفيلم حس التكثيف المشهدي، لأنه لجأ لتفاصيل هامشية كان يمكن التخلي عنها في السيناريو المكتوب، كي تظل الحالة المتوترة والمتصاعدة للحكاية مرهونة بقدرة الصورة وتنويعاتها في نقل الشحنة الداخلية للشخصيات دون تدخلات مقحمة وتوضيحية للحوارات، كما أن تكنيك اللعب على الزمن وتنويع مساراته كان غائبا عن الفيلم، هو تكنيك مهم للخروج من أسر المعالجة الكلاسيكية لزمن يتنقل تصاعديا حتى الوصول إلى ذروة الحدث ومبتغاه النهائي لدى الكاتب والمخرج معا.

إماراتيون.. ولكن؟

وقدمت المخرجة أمل العقروبي في فيلمها التسجيلي القصير «نصف إماراتي» روايات توثيقية لخمسة مواطنين إماراتيين واجهوا صعوبات وتحديات شخصية كون أحد والديهم من جنسيات غير إماراتية ويستعرض الفيلم التجارب والمفارقات التي مر بها هؤلاء الخمسة والتي يمكن تحليلها من خلال إسقاطات نفسية واجتماعية متعددة.

استند الفيلم وبشكل كلّي على اللقاءات المباشرة واللقطات المقربة، والقابلة لأن تكون أكثر تأثيرا وجذبا مع القضية المطروحة إذا تتبعت المخرجة بكاميرتها الوقائع والظروف الحقيقة المحيطة بالشخصيات التي تناولتها في فيلمها، لأن التعبير اللفظي في مثل هذه الحالات لن يكون وحده كافيا وبديلا عن التعبير المشهدي الذي ينقل التباسات الوضع وتناقضاته إلى حيز ملموس ومعاين وواقعي قادر على خلق مساحة من التعاطف العفوي مع الثيمة المؤلمة والشائكة التي يرتكز عليها الفيلم.

وضوح ناقص

وفي فيلم «صافي» أي (واضح) باللهجة الإماراتية المحلية، يستعيد المخرج أحمد زين من خلال عمله الروائي القصير هذا، تفاصيل الزمن البعيد الذي سبق ظهور القنوات الفضائية، حيث كان الأهالي يعتمدون على لاقطات هوائية بدائية يتم تحريكها باليد من فوق سطح المنزل من أجل الوصول إلى صورة واضحة للبث التلفزيوني.

لم يستند الفيلم على حكاية مستقلة، أو حبكة درامية تتخللها صورة اللاقط الهوائي القديم كعنصر يتمحور ويتأسس عليه الهيكل السردي للفيلم، واختار المخرج الحل الأكثر سهولة وهو النقل الأرشيفي المحايد الذي ينقل الحدث من الخارج، ولا يهتم بالأداء التمثيلي، والاعتناء بالكادر البصري الموحي، فجاء الفيلم أشبه بتجميع لمشاهد توثيقية لمزاج اجتماعي وطقس يومي، وأقرب إلى استحضار الحنين لأيام بعيدة لن تتكرر وباتت تومض في خيالاتنا مثل ضوء متسرب من عتمة الماضي ومجهوله.

ثلث الأفلام المشاركة في مسابقة الأفلام القصيرة.. إماراتية

تعبيرية للجيل الجديد

شارك في «المسابقة الرسمية الخليجية للأفلام القصيرة» ضمن برنامج الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي هذا العام عدد كبير من الأفلام الإماراتية تمثل ثلث الأفلام الروائية القصيرة المشاركة في المهرجان.

وقد سجل عدد طلبات المشاركة في مسابقات مهرجان الخليج السينمائي هذا العام رقماً قياسياً، حيث جاءت الإمارات على رأس القائمة بأكبر عدد من الأفلام، ما يعكس الازدهار الذي تشهده الحركة السينمائية في الإمارات.

وحول ذلك يقول مدير مهرجان الخليج السينمائي مسعود أمر ألله آل علي: «هذا التنامي في عدد الأفلام الإماراتية المشاركة يعكس النشاط السينمائي في دولة الإمارات، وأن جيلاً من الإماراتيين بات يجد في السينما وسيلة تعبيرية مثالية، وبالتالي فإن الشاشة الكبيرة صارت فضاء لرصد الحياة ومعاينة ما يفكر به شباب الإمارات ويطمح إليه».

ويضيف: «لقد لعبت العديد من المبادرات والمهرجانات خلال السنوات الماضية دوراً كبيراً في تحفيز المواهب السينمائية في الإمارات ما أدى إلى نشوء جيل جديد من المخرجين يقارب مختلف مواضيع مجتمعنا الإماراتي، ينوّع في أساليبه في هذا الخصوص، معززاً لموروثه الثقافي والإبداعي، وما الأسماء التي ستشاهدون أعمالها هذا العام إلا خير دليل على ذلك».

ومن العروض الإماراتية التي شاهدها جمهور المهرجان، فيلك «إلى متى؟ للمخرج محمد مجدي الذي يناقش وضع امرأة حائرة ما بين ما اختارت وما اختير لها. امرأة العادات وأنثى اللحظة، غربة بين روحها وبينهم، انتصرت لنفسها مرة، لاحقها الخزي مرات. وقدم الرحّالة والمخرج الإماراتي جلال بن ثنية فيلم وثائقي بعنوان «الرحّالة ومدينة الحجاج» حيث ترافق عدسة الكاميرا رحلة مخرج الفيلم وهو يقطع المسافة بين دولة الإمارات ومكة المكرَّمة سيراً على الأقدام، في رحلة اجتاز فيها أكثر من 2000 كيلومتر متخطياً العوائق الجسدية والنفسية التي واجهته، متأملاً طبيعة البشر التدميرية، وهو في طريقه إلى مدينة المسلمين المقدّسة وقبلتهم.

وبدوره قدم المخرج والممثل والسيناريست طلال محمود فيلمه «أم خنور»، تلك المنطقة الواقعة في زمام مدينة الشارقة الباسمة، لكنها ليست ككل المناطق، بما تحويه من مجموعة قصص ملوّنة، وخيوط مترابطة ومتفرقة لعديدٍ من البشر.

وإعلاءً لمقام المعلم، يقدم المخرج حمد صغران فيلم «كاد المعلم»، وثائقي إماراتي يتتبع مساعي حمد لأن يصبح معلماً، متطرقاً إلى واقع التعليم في الإمارات.

أما حمد العور فعرض قضية مجتمعية في قالب كوميدي تحريكي ساخر في «أبجديات الأبوة» حول زوجين تتغير حياتهما الزوجية السعيدة مع قدوم مولودهم الجديد. تكرس الأم ليلها ونهارها لرعاية الطفل، بينما يمضي الزوج نهاره في العمل، وليله في النوم. تقرر الأم بعد أسابيع الخروج من البيت لبعض الوقت، وليكون الأب وحيداً مع ابنه للمرة الأولى، وهكذا فإن هذه المغامرة ستعلم الأب «أبجديات الأبوة». ومن الكوميديا إلى غياهب التشويق والرعب، وفيلم «تمرّد» للمخرج إبراهيم المرزوقي حيث يواجه الطباخ مشكلة غريبة، تقوده إلى مواجهة أشد غرابة! إذ يعيش، بينما يعمل في أحد البيوت، صراعاً نفسيا وجسدياً مع يده اليسرى، ويسعى جاهداً للتخلص من هذا الصراع! وفي “الطريق” يقدم عبدالله الجنيبي وحميد العوضي فصلاً جديداً من فصول الرعب، حيث يستيقظ ثلاثة في سيارة، وثيابهم ملطخة بالدماء، بينما رجل غريب بينهم، يعرف تفاصيل حياة كل واحد منهم، وهكذا فإن ما شهدته ليلتهم الماضية سيكون كفيلاً بتغيير حياتهم.

وفي انتاج ثلاثي مشترك إماراتي، عراقي، بلجيكي، قدم المخرج العراقي سهيم خليفة فيلم «ميسي بغداد»، حيث يعشق الصبي «حمّودي» بأعوامه الثمانية كرة القدم، لكنه بساق واحدة. حمّودي ورفاقه مثل باقي البشر حول العالم، يترقبون مشاهدة المباراة النهائية بين برشلونة ومانشستر يونايتد عام 2009، أي ميسي ضد كريستيانو رونالدو، لكن سرعان ما ينكسر جهاز التلفزيون.

ومن العراق أيضاً وفي انتاج إماراتي ـ عراقي مشترك للمخرج لؤي فاضل الذي فاز بالمركز الثاني في مسابقة الأفلام الخليجية عام 2011، ليعود إلى مهرجان الخليج السينمائي هذا العام بفيلم «قطن» الحاصل على دعم صندوق انجاز للأفلام الخليجية القصيرة، حيث يلتقط هذا الفيلم لحظة مفصلية في ظروف خاصة، إنه عن فتاة فقيرة تختبر علامات النضوج للمرة الأولى وهي ترعى أغنامها في البرية.

مهرجان الخليج السينمائي.. نجاحات غائبة عن الإعلام

استراتيجية الدفع إلى الأمام

جهاد هديب 

افتتح مهرجان الخليج السينمائي عروض دورته السادسة بفيلم المخرجة السعودية هيفاء المنصور «وجدة»، الذي جال على العديد من المهرجانات العربية الدولية وحقق جوائز مرموقة، ونال تقديرا نقديا وجماهيريا عاليا. وميزة هذا الفيلم أنه ينتمي نظريا وفعليا، إلى مهرجان الخليج السينمائي. ففكرته انطلقت أصلا في دورة المهرجان عام 2008، عندما عرضت المخرجة هيفاء المنصور سيناريو الفيلم، الذي اشتغلت علية لثلاث سنوات، على إدارة المهرجان، فحصلت على الموافقة عليه، ونالت مساعدة القائمين على المهرجان، وقدموا لها المساعدة لكي تنقل فيلمها من الورق إلى حيز التنفيذ، فتقدمت به إلى مؤسسة (تورينو فيلم لاب) في إيطاليا من أجل إنجازه. وعن ذلك تقول هيفاء المنصور، إن عرض «وجدة» في افتتاح الدورة السادسة هو نوع من رد الجميل للمهرجان وإدارته، وهو تأكيد على رغبة إدارة المهرجان بتأصيل الهوية الخليجية وتعزيز الرؤية السينمائية والترويج لها وتشجيع صناعها من الشباب الخليجيين المبدعين والطموحين.

وفكرة الفيلم الذي صورت كامل مشاهده في الرياض، تدور حول حلم الطفلة وعد بامتلاك دراجة هوائية خضراء، من أجل أن تسابق صديقها في الحي فتواجه بممنوعات ومصاعب. تتنوع تلك المصاعب ما بين المدرسة والعائلة. تصبح شخصية الفتاة العنيدة، والحالمة، عرضة للتكسير بضغوط التقاليد والعادات.. وعندما تحصل على دراجتها في المشهد الختامي.. ينفتح مستقبل الطفلة المنطلقة بدراجتها، مفتوحا على احتمالات أكثر وأصعب.

أرخى مهرجان الخليج السينمائي لدورته السادسة سدوله. انتهى السامر فانفض الجمع على أمل اللقاء في الدورة السابعة للمهرجان في مثل هذا الموعد من العام 2014.

ترى هل حقّق المهرجان نجاحات كان يصبو إليها؟ هل اكتمل عقد الأهداف من المهرجان وانتظم حال السينما في الخليج؟ لو كانت الإجابة بنعم فإن على إدارة المهرجان أن تُغلق أبوابها ولا تعود إلى (الفيستفال سيتي) مرة أخرى ذلك أن الهدف الأسمى قد تحقق وانتهى الأمر بجائزة أو عدد من الجوائز التي سيُعاد تكرارها بأشكال مختلفة في كل دورة.

إذا لم تكن أي فعالية، وليس مهرجان سينمائي فحسب، تحمل سرّ ديمومتها في رحمها فإنها ستموت إذ تدخل في نمطية بائسة لا تدفع أحدا إلى القدوم إلى مفرداتها أو متابعة تفاصيلها، لا من أهلها ولا من جمهور أهلها. هذه هي الحال في كل العالم وليس في الامارات أو الخليج العربي أو المنطقة العربية برمتها، بل إنه ما من مغامرة في القول بأن القحط والبؤس هو الذي يسم معظم المهرجانات العربية لأسباب مجهولة معلومة لا داعي لذكرها لأنها ذابت كالملح في الماء والعتمة في الضوء.

الثقافة والصناعة

نعلم جميعا أننا قد نختلف على أن هناك سينما في الإمارات، بالمعنى الحقيقي للكلمة كما هي في الثقافات الأخرى، ومن بينها ثقافات مجاورة، وأخرى أقرب إلينا من الثقافة الغربية، لكننا لن نختلف على أنه ليس هناك صناعة سينمائية في الإمارات مثلما في سائر البلاد العربية. ربما كانت هناك نواة لصناعة سينما سابقا من الخمسينات وحتى المنتصف الثمانينات لكن يصعب بعد ذلك الحديث عن مخرجين من الممكن أن نقول أنهم قد أسسوا لاتجاهات خاصة في السينما العربية، أو العربية بجغرافياتها التي ما أكثرها، كأن نقول سينما إماراتية أو أردنية أو فلسطينية إلخ.. هنا قد نتفق أو نختلف على أفلام مميزة أنجزها مخرجون مميزون، لكن لم تخرج من أعطاف هذ السينما واقعية جديدة مثلا في السبعينات وقد تجاوزت واقعية الستينات كما حدث في السينما الإيطالية.

كانت مشكلة الفنون والآداب العربية إجمالا ولا زالت هي سطوة القرار السياسي المسبق على على الحراك الفني، أي أن هناك شخصا أو قانونا أو قرارا سياسيا في الأساس قد يلبس لبوسا فنيا أحيانا هو الذي يقرر ما الصراط المستقيم الذي ينبغي أن تسير عليه الفنون، والحال أن هذا الشخص أو القانون أو القرار قد أصبح مضمرا في «اللاوعي الفني» العربي بحيث بات من العسير تجاوز المرحلة السابقة التي انتهت منتصف الثمانينات، وذلك بالطبع بالإضافة إلى أسباب أخرى ربما تكون أكثر جوهرية.

لنبق في سياق السينما في الإمارات، وبمناسبة مهمة هي مهرجان السينما الخليجي، فإن ميزة السينما في الإمارات أنها ناشئة، أي أنها ما تزال في المستوى الأفقي على مستوى التراكم ولم تبلغ المستوى العمودي الأمر الذي يتيح تحقيق قفزات إلى الأمام بل حققت نجاحات هنا وهناك. وهذا ما ينطبق على السينما الخليجية أيضا، التي لا يبلغ فيها عدد الأفلام الروائية الطويلة العشرة أو العشرين فيلما، منذ دخول السينما إليها ومنذ عرفت صالات السينما.

أغلب الظن أن غياب هذا الأمر عن وعي القائمين على السينما في الإمارات والخليج ليس واردا، غير أن الإمارات تتميز عن سواها أنها أعلى إنتاجا على الرغم من التذمر الذي يبديه الكثير من المخرجين وهم لديهم الحقّ لأن حلم المبدع دائما أعلى من سقف الواقع وهذا أمر مشروع تماما.

غير أن «حلم» مهرجان الخليج السينمائي قد حدود الجغرافيا المحلية ليبلغ الخليج العربي كله. بهذا المعنى فالمهرجان «حالم» أيضا، فهل يكفي الحلم في بلاد ما تزال فيه السينما ناشئة؟.

قبل الإجابة عن هذا السؤال، فإن من المبرّر القول أن هناك نوع من الحراك الإيجابي والناجح، في أي حقل من الحقول الابداعية، من غير الممكن تلمّس نجاحاته على المستوى الإعلامي أو الإعلان عنه، لا بسبب الرغبة في إحاطته بسرّية أو التكتّم عليه، بل بسبب طبيعة هذا الحراك التي غالبا ما تكون بحاجة إلى الإنضاج على نار هادئة، وتتطلب وقتا سواء في وضوح الرؤية أم في تهيئة السبل للمضي قُدما بأقل قدر من الأخطاء، خصوصا إذا كان هذا الحراك من النوع الذي يحتاج إلى شخصيات قد تشكلت لديها خبرات واقعية ومنطقية انبنت على فهم عميق لطبيعة الحراك الاجتماعي مثلما لطبيعة الحراك في العمل الفني ذاته مثلما في الفن عموما. نوع من الشخصيات التي بوسعها أن تقرن الخبرة بالحدس، وبعض المعرفة بأخلاقيات تتعلق بالإحساس بالمسئولية تجاه ما يجري حولها وتشعر به حتى لو لم يكن واضحا تماما.

طموح ومعايير

في العدد الأخير من الشهرية السينمائية الإماراتية «رؤية» ردا على سؤال يتعلق بالحال التي هي عليه الآن السينما في الخليج عموما وفي الإمارات تحديدا ومدى تأثير ذلك على مشاركة الأفلام في هذا المهرجان، يقول مسعود أمر الله، المدير التنفيذي لمهرجان الخليج السينمائي: «خلال سنوات مضت برزت أفلام مثل بنت مريم وسبيل وأفلام أخرى بنوعية جيدة تدفعنا لأن أن يكون لدينا طموح إلى أن تكون أغلبية الأفلام جيدة وبهذه النوعية، أي أنه لم يعد هناك مجال للتنازل عن المستوى، لذلك سندخل في هذه المرحلة باختبارات وشروط مختلفة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة استيفاء الأفلام المشاركة شروط ومعايير أكثر موضوعية وحرفية».

وعلى سبيل المثال الأقرب خليجيا، وهو السينما في الإمارات، لا يتجاوز عمر السينما هنا، أو عمر ظهور أفلام في الإمارات بالمعنى الحقيقي للكلمة أكثر من اثني عشر عاما مع ذلك فقد حقّقت إنجازات طيبة بالقياس إلى هذه المسافة الزمنية.

كانت السينما في الامارات قد انطلقت مع انطلاقة مهرجان «أفلام من الامارات»، حيث التأم حول هذا المهرجان عدد من الشبّان المهتمين بالسينما والذين قاموا بصناعة أفلام لا ترقى إلى مستوى الأفلام التي تنتجها الصناعة السينمائية كما هو متعارف عليها. أما الآن فقد اختلف الوضع واستطاع عدد من بين هؤلاء المخرجين الشبّان أن يدفعوا بحلم أن يكون هناك مهرجان للسينما الخليجية إلى أن يصبح أمرا واقعا، ببساطة لأن الصعوبات والإشكاليات التي تواجهها صناعة السينما في الخليج هي تقريبا واحدة: ضعف الإنتاج، وغياب البنية التحتية (المعدات والأجهزة وكذلك الأكاديميات المتخصصة بالفنون السينمائية) وجزء كبير من البنية الفوقية (الكوادر الفنية وغير الفنية المؤهلة والقادرة على تشغيل هذه البنية التحتية وتسييرها إلى الأمام ما أمكن وما يرافق ذلك من مقاربات نقدية لما يجري على أرض الواقع)، وقبل ذلك ضحالة الوعي الاجتماعي بضرورة السينما بوصفها فنا مؤثرا في المجتمع وتحمل إمكانيات التغيير على المستوى الفردي والمجتمعي وكذلك ضحالة الوعي بأنها صناعة «ثقافية» تندرج في خانة الاقتصاد الثقافي مثلما تندرج في الدخل العام للدولة. أي أن المهرجان قد جرى الحلم به ليكون منبرا لسينما خليجية ترى نفسها في مرآة على حقيقة نفسها دون تزويق فتتطور وتتطور معها السينما في الامارات، لأن من غير الممكن الفصل بمشرط بين السينما هنا والخليج. السينما ليست حدودا جغرافية بل هي عابرة للحدود هنا.

السينما والسوق

هذا الكلام كلّه ليس جديدا، غير أن الحراك الموازي للعروض في مهرجان الخليج السينمائي يتقدم بالصناعة السينمائية في الخليج باضطراد، هو ليس مجرد اجتماعات في غرف مغلقة بل ورشات عمل ونقاشات واتفاقات وتهيئة فرص للإنتاج السينمائي وفقا لشروط ومواصفات غير مسبوقة بالنسبة للسينما الخليجية في أغلبها وليس في مجملها في الوقت الراهن.

لنأخذ على سبيل المثال سوق السينما الخليجية بكل مفرداته وما يجري من سعي إلى رفع مستوى الوعي لدى السينمائيين بتفاصيل صياغة الفيلم بدءا من أن يكون السيناريو فكرة إلى أن يتحقق فيلما على الشاشة. وكذلك المشاريع الموازية التي يتم من خلالها إنتاج أفلام- مشروع إنجاز- وما تحقق من خلاله عبر هذه الأعوام من عمر المهرجان على حداثته، وهو أمر كي يُكشف عنه بالحيثيات والتفاصيل ينبغي الرجوع إلى أرشيف السينما الاماراتية خلال الأحد عشر عاما الماضية في ظل غياب إحصاءات رقمية حول السينما الاماراتية في الوقت الراهن. لكن هذه النجاحات التي تتحقق ببطء وأحيانا بعسر تكاد تكون لا مرئية لأن الإعلام لا ينقل أي من تفاصيلها تقريبا إلا مصادفة أو عرَضا، ربما لأنه متأثر جدا بثقافة الحاضنة الاجتماعية التي يتوجه إليها في هو على استعداد لتقديم أفلام أجنبية بقنوات مفتوحة لأربع وعشرين ساعة موجهة بالأساس لغير الخليجيين إنما لجاليات أخرى تعمل في الخليج.

وأخيرا، فإن من المشروع طرح هذا التخوف الذي يتمثل في الفراق بين السينما في الامارات والخليج إجمالا وما تقدمه من إنجازات، أي الفارق الثقافي السينمائي بين العاملين في السينما من جهة والجمهور الذين يتوجهون إليه من جهة أخرى، بمعنى آخر هناك خوف من أن يكون مستقبل السينما في الخليج نخبويا تماما، إذ يأخذ هذا التخوّف مشروعيته من غياب مشروع تربوي تنموي متكامل، اماراتيا وخليجيا وعربيا، بضرورة حضور الفنون في حياتنا بوصفها حاجة تخص الأفراد مثلما تخص المجتمعات.

عن فئة أفلام الأطفال في برنامج ومسابقات «الخليج السينمائي»

الطفولة تمنح درجة الشرف للمخرج المتميز

جهاد هديب (الاتحاد) 

ثمانية أفلام ضمن فئة أفلام الأطفال هي حصيلة ما جرى عرضه ضمن فعاليات الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي التي انتهت أمس من بين مائة وتسعة وستين فيلما.

تبدو هذه النسبة ضئيلة جدا، بل ضئيلة إلى حدّ غير معقول، لكنها الوجه الآخر لعملة هذا الافتراض تقول إنها ممتازة جدا وذلك لأنه ما من مهرجان سينمائي عربي يتذكر في خضّم حضور النجوم والتنافس على الجوائز أن هناك اطفالا جديرين بحصة من هذا المهرجان كي لا نقول بمهرجان مستقل بذاته، إذ يبدو هذا الأمر حلما صعب المنال في اللحظة الراهنة، هكذا يحسب للمهرجان سعيه لاستدراج هذه الفئة من الجمهور التي هي مستقبل السينما أيضا.

أما عربيا، حيث خلت الأفلام الثمانية من أي فيلم عربي يتوجّه للطفل، فربما يلفت تكرارُ تقديم عروض خاصة ضمن فئة أفلام الأطفال أصحابَ القرار والمنتجين وصنّاع السينما إلى ضرورة الانتباه إلى هذه السينما الخاصة والخطيرة على مستقبل السينما لاحقا.

في أية حال، فقد عرضت الأفلام التالية: “أنا، وزوجتي، وبقرتنا” من إخراج آزاده معزي، و”ارتباط” من إخراج أولي كريستوفر هاجا، و”الاختراع” من إخراج جيوفاني جرنادا، و”الغطاء النيوني لكيوتا الصغير” من إخراج ساتسوكي أوكاوا، و”الانطلاق” من إخراج ساندرا ويلتي، و”الفتاة من غوري” من إخراج إيكا بابياشفيلي، و”بالمييداريوم” من إخراج جيرمي كلابين، واخيرا “سناب” من إخراج توماس ج. مورفي.

إن الملاحظة الأولى التي تستوقف المرء حول هذا النوع من الأفلام وبحسب ما عُرض في المهرجان هي حضور شخصية المخرج في الفيلم، خاصة التحريك أو الرسوم المتحركة أو الأنيميشن، مخرجا ومؤلفا وكاتبا للسيناريو بل وصوتا في بعض الأحيان، إنها أفلام تحمل توقيعه فقط. إلا أن هذا الأمر يتكرر بشكل أقل في أفلام الأطفال الروائية.

غير أن ما يفسّر ذلك هو ارتفاع التكاليف الانتاجية لأفلام الأطفال عموما وأفلام التحريك منها على وجه التحديد، فالدقيقة الواحدة منها تكلف مبلغا قد يبدو مدوّخا للبعض، لذلك فهي نوع من الأفلام التي تُحسب تكاليفه في بعض الأحيان بالثانية، وذلك على الرغم من الاستفادة الكبيرة من التقنيات والتطورات التي حدثت مؤخرا في سياق الإخراج والمونتاج.

أما الملاحظة الأخرى فتتمثل في الاستغراق في مخيلة الطفولة وإعداد حكايا الأفلام من خيالاتها وأحلامها بكل ما فيها من فانتازيا إنما على نحو ينأى عن التعقيد ويبتعد عن التسطيح، ربما يكون “الفتاة من غوري” إخراج: إيكا بابياشفيلي من جورجيا هو الاستثناء في هذا السياق، فهو يتحدث عن الطفلة اللاجئة تاماري، التي هي طالبة جديدة في أحد الصفوف الدراسيّة، وقد جلست بجوار طفل روسيّ يقوم بتدمير أروع ما لديها، إلا أنّه سرعان ما يندم على فعلته، ويفكّر بتقديم شيء مميّز لها. وعلى مستوى التمثيل، الطفلين إيليا سابياشفيلي، نانوكا موسيشفيلي. المثير للاهتمام هنا أن هذه السينما قدمّت في إطار سينما الطفولة فيلما دراميا اجتماعيا غنيا بمعاني كثيرة إلى حدّ يمكن وصفه بأنه موقف من العالم من خلال عيون طفلين.

تبقى الملاحظة الأخيرة والتي تتمثل في أن هذا النوع من السينما هو مستقل تماما، إذ من غير الممكن أن يقتصر المرء على وجود رؤية إخراجية لدى مخرج متميز ليصنع فيلما خاصا بالأطفال، فالأطفال هنا يشاركون المخرج وممثليه الخيال والرؤية والحكاية وإن لم ترُق لهم فما من شيء يجبرهم على تقبله، فهم مَنْ يقررون النجاح أو الفشل، ولن يكون أحدهما إلا كاملا. الطفولة إما أن تمنح درجة الشرف أو تدير ظهرها.

اختتام الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي بتوزيع الجوائز على الفائزين

أفضل سيناريو لـ «الطريق» الإماراتي وأفضل مخرج لـ «آنا» المولدوفي 

دبي (الاتحاد) ـ اختتمت ليلة أمس فعاليات الدورة السادسة لـ”مهرجان الخليج السينمائي”؛ أكبر منصة لعرض أفضل الإنتاجات السينمائية خليجياً وعالمياً، والذي يُقام برعاية كريمة من سموّ الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس “هيئة دبي للثقافة والفنون” (دبي للثقافة). تمّ خلال حفل الاختتام تكريم أفضل الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة من منطقة الخليج، للمحترفين والطلبة، إلى جانب مجموعة منتقاة من أهمّ الأفلام القصيرة من جميع أنحاء العالم.

خلال الحفل، قام سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس “هيئة دبي للثقافة والفنون” (دبي للثقافة)، وعبدالحميد جمعة، رئيس “مهرجان الخليج السينمائي”، ومسعود أمرالله آل علي؛ مدير المهرجان، بتقديم جائزة تكريم خاصة إلى الممثل الإماراتي القدير منصور الفيلي، تقديراً لإسهاماته القيّمة في صناعة السينما الإماراتية والخليجية التي قدمها طوال مسيرته الفنية التي تمتد لأكثر من عقدين، خاصة أنه حضر ممثلاً في سبعة أفلام إماراتية شاركت في الدورة السادسة من المهرجان.

ثم جرى إعلان النتائج، وتوزيع جوائز المهرجان المالية التي فاقت قيمتها 500,000 درهم إماراتي، على الفائزين في المسابقة الرسمية للأفلام الخليجية الطويلة، والقصيرة، ومسابقة الطلبة للأفلام القصيرة، والمسابقة الدولية للأفلام القصيرة.

وقد فازت الأفلام التالية بجوائز مسابقات “مهرجان الخليج السينمائي” 2013:

جائزة “أكاديمية نيويورك للأفلام أبوظبي”: فاطمة البلوشي وفاطمة عبدالله.

الأفلام الدولية القصيرة

شهادة تقدير خاصة: إيفان باغدانوف، موريتز مايرهوفير، أسباروه بيتروف، فيلجكو بوبوفيك، روسيتسا راليفا، ديمتري ياغودين عن فيلم “أب” ـ بلغاريا، كرواتيا، ألمانيا.

أفضل مخرج: ناتاليا سوفرت عن فيلم “آنا” - مولدوفا.

الجائزة الثانية: أندريا لانيتا عن فيلم “الله أكبر” - الهند.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: كيكه ميسا عن فيلم “فوغا” - إسبانيا.

أفضل فيلم: ايفا بلنديو عن فيلم “تحوّل صانع النعش” - ألمانيا.

أفلام الطلبة القصيرة

شهادة تقدير خاصة: لطيفة الدرويش، سارة السعدي، ماريا أسامي عن فيلم “بدر” - قطر.

أفضل موهبة صاعدة: خالد البياتي عن فيلم “بالونات” - العراق.

أفضل مخرج: إبراهيم ناجم الراسبي عن فيلم “لحظات” - الإمارات العربية المتحدة.

الجائزة الثالثة: حكمت البيضاني وحيدر جمعة عن فيلم “48 ساعة” – العراق.

الجائزة الثانية: عصام جعفر عن فيلم “نساء من طابوق” - العراق.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: نواف الحوشان عن فيلم “مجرّد صورة” - السعودية.

أفضل فيلم: إبراهيم ناجم الراسبي عن فيلم “لحظات” - الإمارات العربية المتحدة.

الأفلام الخليجية القصيرة

أفضل سيناريو: عبدالله الجنيبي عن فيلم “الطريق” - الإمارات العربية المتحدة.

أفضل مخرج: لؤي فاضل عن فيلم “قطن” - الإمارات، العراق.

الجائزة الثالثة: بدر الحمود عن فيلم “سكراب” - السعودية.

الجائزة الثانية: جيرومي بيلتراتش عن فيلم “حرمة”؛ إخراج عهد - فرنسا، السعودية.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: كاميران بيتاسي عن فيلم “سيلويت” - العراق.

أفضل فيلم: كوبي فان ستينبيرغ، هندريك فيرثي عن “ميسي بغداد”؛ إخراج سهيم عمر خليفة - العراق، الإمارات، بلجيكا.

الأفلام الخليجية الطويلة

شهادة تقدير: للطفلين زمند طه وسروار فاضل عن دورهما في فيلم “بيكاس” - السويد.

شهادة تقدير: للطفلة وعد محمد عن دورها في فيلم “وجدة” - ألمانيا، السعودية، الإمارات.

أفضل مخرج: كرزان قادر عن فيلم “بيكاس” - السويد.

الجائزة الثالثة: حيدر رشيد عن فيلم “مطر وشيك” - العراق، إيطاليا، الكويت، الإمارات.

الجائزة الثانية: وندي كوان وزو يان عن فيلم “فتاة عرضة للخطأ” - المملكة المتحدة، الصين.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: ساندرا هارمز عن “بيكاس”؛ إخراج كرزان قادر - السويد.

أفضل فيلم: رومان بول وجيرهارد ميكسنر عن فيلم “وجدة”؛ إخراج هيفاء المنصور - ألمانيا، السعودية، الإمارات.

يذكر أن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الخليجية الطويلة ضمت كلاً من المخرج المصري البارز أسامة فوزي، إلى جانب كاتبة السيناريو والصحفية فايزة أمبا، والمخرج الإماراتي الحائز عددا من الجوائز سعيد سالمين المري. وترأست المخرجة والكاتبة الفرنسية فريدريك دوفو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة الدولية ومسابقة الطلبة، إلى جانب المخرج الإماراتي المعروف وليد الشحي، وريما مسمار الناقدة السينمائية ومديرة البرامج في “الصندوق العربي للفنون والثقافة”.

صعوبة وتجاوب

في هذه المناسبة، قال عبدالحميد جمعة؛ رئيس “مهرجان الخليج السينمائي”: “مع كل عام، تزداد مهمة لجان التحكيم في المهرجان صعوبة، حيث تتنامى جودة الأفلام المشاركة باطراد عاماً بعد عام، والفنانون الذين كانوا يبدؤون طريقهم في الدورة الأولى من مهرجان الخليج السينمائي، باتوا اليوم مخرجين لهم أساليبهم الخاصة وتجاربهم المتميزة. نوجه الشكر للجان التحكيم في المهرجان، كما نحيي صنّاع الأفلام في الخليج لإصرارهم على بناء صناعة سينمائية جديدة تتميز بالحيوية وتعكس حياة وقيم ورؤى شعوب منطقة الخليج”.

في تعليقه على الاستقبال الواسع لدورة هذا العام، قال مدير المهرجان؛ مسعود أمر الله آل علي: “فاق تجاوب الجمهور هذا العام كل التوقعات، فقد عرف جمهور السينما في المنطقة، أن مهرجان الخليج السينمائي يقدم فرصة فريدة من نوعها للتعرّف على سينما رائدة ومتميزة، تقدم دائماً ما هو جديد وتتناول مواضيع غير مطروقة.

ومن جهة أخرى، استقبل المحترفون المهرجان بشكل إيجابي. وسوف يحصد الجمهور في الدورات القادمة فوائد التدريب، والتوجيه، والتطوير التي قدمتها هذه الدورة لإدارة المهرجان”.

وكان المهرجان قد افتتح برنامجه الذي امتد أسبوعاً، بعرض فيلم “وجدة”، أول فيلم يُصوَّر بالكامل في المملكة العربية السعودية، من إخراج هيفاء المنصور، أول مخرجة سعودية. ويذكر أن فيلم “وجدة”، نجح في حصد العديد من الجوائز وردود الفعل الإيجابية من الجمهور في مختلف أنحاء العالم، والتي تضمنت كذلك ثلاث جوائز في مهرجان فينيسيا السينمائي، وجائزة المهر العربي لأفضل فيلم روائي طويل، وجائزة أفضل ممثلة في “مهرجان دبي السينمائي الدولي” 2012. وكان مشروع الفيلم قد بدأ في “سوق السيناريو للأفلام الخليجية”، المنصة التعليمية والتسويقية التي يقيمها “مهرجان الخليج السينمائي” لكتّاب السيناريو الواعدين.

وفي دورة هذا العام، انعقد “سوق السيناريو للأفلام الخليجية”، تحت مظلة التظاهرة الأولى لـ”سوق الخليج السينمائي”، وهي مبادرة شاملة تهدف إلى تعزيز جهود “مهرجان الخليج السينمائي” الرامية إلى تطوير ورعاية الصناعة السينمائية في منطقة الخليج. وقد حضر العاملون في قطاع السينما الخليجية من مختلف المستويات، بالإضافة إلى الطلبة والفنانين الجُدد، الندوات، والجلسات التدريبية، والفعاليات التسويقية التي ضمتها تظاهرة “سوق الخليج السينمائي”. كما ضمت التظاهرة مبادرتين لتمويل أعمال الفنانين في المنطقة، ومنهما جائزة “إنجاز” للفيلم الخليجي القصير، والتي اختار القائمون عليها ثلاثة نصوص سينمائية قصيرة لسينمائيين خليجيين.

وضمن مساعيها لدعم السينمائيين الخليجيين، أعلنت إدارة المهرجان خلال هذه الدورة عن تجديد عقد الشراكة مع “مؤسسة روبرت بوش”، إحدى كبرى المنظمات الخيرية في ألمانيا، بهدف إتاحة الفرصة للسينمائيين الخليجيين للوصول إلى الجمهور العالمي الأوسع، والحصول على برامج تدريبية متميزة، وإمكانيات التعاون المشترك مع صنّاع السينما في أوروبا.

الإتحاد الإماراتية في

18/04/2013

 

ماجد بن محمد شهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة

العراق ملكة «الخليج السينمائي» والإمارات وصيفة

تغطية غسان خروب ونوف الموسى تصوير عمران خالد وعبد الحنان مصطفى 

شهد سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة) حفل توزيع جوائز النسخة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي، الذي اختتمت فعالياته أمس في قاعة البراحة بمركز المؤتمرات في فندق انتركونتيننتال ـ دبي فستيفال سيتي.

في حفل الختام بدت الإمارات والعراق على خط واحد في المنافسة، حيث تمكنت الثانية من حصد 8 جوائز والاولى 5 جوائز، فيما افتتح الحفل بمرور مجموعة من نجوم الفن الخليجي والمخرجين وصناع الأفلام على السجادة الحمراء، وفيه كُرّم الممثل الإماراتي منصور الفيلي الذي دخل المهرجان ممثلاً في 7 أفلام، من بينها فيلم «حب ملكي» للمخرج جمال سالم.

كما كرّم المهرجان المشرفين على سوق السيناريو للأفلام الخليجية القصيرة، وهم: المخرج المصري يسري نصر الله، وكاتب السيناريو الإماراتي محمد حسن أحمد، وكذلك كُرم أعضاء لجنتي التحكيم المشاركون في تقييم أفلام المهرجان، وهم المخرج المصري أسامة فوزي، والسعودية فايزة أمبا، والإماراتي سعيد سالمين المري، والمخرجة فريدريك دوفو، والإماراتي وليد الشحي، واللبنانية ريما المسمار.

الأفلام الطويلة

في المسابقة الخليجية للأفلام الطويلة، شكل فوز الفيلم السعودي «وجدة» الذي افتتح فعاليات النسخة السادسة، بجائزة أفضل فيلم طويل، وحصول بطلته وعد محمد على شهادة تقدير خاصة مفاجأة للجميع، فيما حل فيلم «بيكاس» للمخرج كرزان قادر في المرتبة الثانية، وجاء في الثالثة فيلم «مطر وشيك» للعراقي حيدر رشيد، فيما ذهبت جائزة التحكيم الخاصة إلى فيلم «بيكاس»، كما حصل الممثلان الطفلان زمند طه وسروار فاضل على شهادتي تقدير عن دورهما في فيلم «بيكاس» الذي حاز مخرجه كرزان على جائزة أفضل مخرج.

أفلام الطلبة القصيرة

أما في المسابقة الخليجية لأفلام الطلبة القصيرة، فقد حاز فيلم «لحظات» على جائزة أفضل فيلم قصير، فيما حاز مخرجه الإماراتي إبراهيم ناجم الراسبي على جائزة أفضل مخرج، وجاء فيلم «نساء من طابوق» للمخرج العراقي عصام جعفر بالمرتبة الثانية، واحتل فيلم «48 ساعة» للمخرج العراقي حيدر جمعه المرتبة الثالثة، أما جائزة التحكيم الخاصة فذهبت إلى المخرج السعودي نواف الحوشان عن فيلم «مجرد صورة»، فيما فاز العراقي خالد البياتي بجائزة أفضل موهبة صاعدة عن دوره في فيلم «بالونات»، وحصلت القطريات لطيفة الدرويش وسارة السعدي وماريا أسامي على شهادة تقدير عن فيلمهن "بدر".

المسابقة الدولية

وفاز فيلم «تحول صانع النعش» للمخرج ايلمار إمانوف بجائزة أفضل فيلم في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة، وذهبت جائزة أفضل مخرج إلى ناتاليا سوفرت عن فيلمها «آنا»، فيما جاء الفيلم الهندي «الله أكبر» للمخرج أندريا لانيتا في المرتبة الثانية، أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فقد ذهبت إلى الفيلم الإسباني «فوغا» للمخرج خوان أنطونيو اسبيغاريس، وحاز فيلم «أب» للمخرج ايفان باغدانوف على شهادة تقدير.

المسابقة الرسمية الخليجية

وفي إطار المسابقة الرسمية الخليجية للأفلام القصيرة، فاز فيلم «ميسي بغداد» للمخرج العراقي سهيم عمر خليفة، بجائزة أفضل فيلم، فيما فاز المخرج لؤي فاضل عن فيلم «قطن» بجائزة أفضل مخرج، وجاء فيلم «حرمة» من إخراج السعودية عهد في المرتبة الثالثة، وحل الفيلم السعودي «سكراب» للمخرج بدر الحمود ثالثاً، وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى فيلم «سيلويت» للعراقي كاميران بيتاسي، أما جائزة أفضل سيناريو فقد ذهبت إلى الإماراتي عبد الله الجنيبي عن فيلمه «الطريق».

ومنحت جائزة المخرجة الطموحة من أكاديمية نيويورك للأفلام أبوظبي، للإماراتيتين فاطمة البلوشي وفاطمة عبد الله، والتي بموجبها تحصلان على منحة دراسية لمدة 4 أسابيع في الأكاديمية.يذكر أن إجمالي عدد الأفلام التي استضافها المهرجان في دورته السادسة بلغت 169 فيلماً، منها 93 فيلماً من منطقة الخليج، فيما وصل إجمالي الدول المشاركة إلى 45 دولة، وتنافس على جوائز المهرجان 90 فيلماً، وخلال فعالياته عرض المهرجان 78 فيلماً في عرض عالمي أول، و15 فيلماً في عرض دولي أول، و42 فيلماً تعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط.

إنجازات الفنانين

وتجدر الإشارة إلى أن المهرجان كان قد منح جوائز تكريم إنجازات الفنانين إلى الممثل الكويتي محمد الجابر، وذلك تقديراً لإنجازاته الفنية التي قدمها طوال مسيرته الممتدة لنصف قرن في مجالات التأليف والتمثيل المسرحي والتلفزيوني. وقدمت له شركة "آي دبليو سي شافهاوزن" في حفل افتتاح المهرجان ساعة خاصة.

نجاح «ظاهرة القمبوعة» يفاجئ مخرجه

حظي فيلم "ظاهرة القمبوعة" الذي عرض في نسخة المهرجان الخامسة بإقبال جماهيري عال إبان عرضه في السينما، لدرجة أنه اختير لافتتاح مهرجان التراث السينمائي الذي ينظمه معهد جوته الألماني سنوياً، والذي اختتم فعاليته في أبوظبي قبل أيام.

صاحب الفيلم المخرج الإماراتي عبد الرحمن المدني، لم يكن يتوقع أن يحظى فيلمه بهذا الإقبال، لدرجة فاقت توقعاته، لا سيما وإنها تعد تجربته السينمائية الأولى، وقال: "أعتقد أنها كتجربة أولى قد حققت مستوى جيدا".

ورد سبب الإقبال على الفيلم إلى طبيعة موضوعه، ولمسة الكوميديا التي يتضمنها والتي ميزته عن غيره من الأفلام التي شاركت في نسخة المهرجان والتي غلب عليها اللمسة التراجيدية.

المدني فضل في نسخة المهرجان الحالية خوض تجربة جديدة تمثلت في فيلم "ذنب" الذي صنفه في إطار الأفلام الغامضة، وقال عنه: "مدة الفيلم لا تتجاوز 5 دقائق، وتم تصويره في 7 أسابيع، ويقوم على شخصية واحدة فقط، والتي يجسدها الممثل عبد الرحمن العماني الذي لعب دور البطولة فيه". مشيراً إلى أن تصويره تم في مدرسة المواكب فرع القرهود بدبي.

وأفاد المدني أن فيلمه "ذنب" والذي تدور قصته حول طفل صغير يرتكب شيئاً ما في حياته، ما يشعره بالذنب، يتدخل بعض الشيء في الصراعات النفسية، وأكد أنه فضل خوض هذه التجربة لأنه يتطلع منذ البداية إلى الأفلام الروائية، التي يفضلها كثيراً على الوثائقية، مشيراً إلى أن هذه الفكرة كانت لديه منذ أعوام وفضل تقديمها بعد توفر الإمكانيات لديه، وأوضح بأن فكرة الفيلم يمكنها أن تلامس واقع أي مجتمع وهي لا تقتصر فقط على الإمارات.

مليون درهم من «فيلمي» لدعم 4 مشاريع إماراتية

في إطار شراكتها مع مهرجاني الخليج ودبي السينمائيين لدعم مشاريع الأفلام في مرحلة الانتاج عبر مبادرة إنجاز، أعلنت مبادرة "فيلمي" وهي جزء من "وطني" عن تخصيص صندوق لدعم 4 مشاريع من الأفلام الإماراتية على الأقل خلال العام المقبل، وذلك باختيار فيلمين روائيين في كل دورة من مبادرة "إنجاز" في يوليو وفبراير المقبلين.

وسيقدم هذا التمويل للإماراتيين من أصحاب المواهب الجديدة والواعدة، الشغوفين بتقديم قصص تعكس التنوع الذي يزخر به المجتمع الإماراتي، ورصدت المبادرة لذلك مبلغ مليون درهم.

عبد الحميد جمعة مدير مهرجاني دبي السينمائي والخليج السينمائي، قال: "إنه لمن دواعي سرورنا أن يقوم "فيلمي" بدعم الأفلام التي اختيرت عبر مبادرة "إنجاز". ففي كل عام، يقدم لنا السينمائيون الإماراتيون مجموعة متنوعة من المشاريع الجريئة والفريدة، وتحتاج إلى موارد لإخراجها إلى النور.

وعبر هذه الشراكة بين "فيلمي" و"إنجاز"، ستتاح الفرصة لأصحاب المواهب في الإمارات أن يقدموا لمبادرة "إنجاز" مشاريع أفلام روائية طويلة تتطلب دعماً مالياً وإنتاجياً. إن التعاون القيم مع مؤسسات من هذا المستوى الرفيع تساعدنا على زيادة مساهمتنا في المشهد الثقافي الإماراتي، ويشرفنا العمل معهم."

مشاركة

نصيب الأسد

كان للإمارات نصيب الأسد في عدد الأفلام الخليجية المشاركة في المهرجان والتي بلغ عددها 42 فيلماً، تلتها دولة العراق بـ 16 فيلماً، والكويت بـ 13 فيلماً، والبحرين بـ 12 فيلماً، والسعودية 11 فيلماً، فيما بلغ عدد الأفلام المشاركة من قطر وعمان 10 أفلام.

ومن خارج منطقة الخليج شارك في الدورة الخامسة 51 فيلماً موزعة على الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والهند وإسبانيا وفرنسا وألمانيا واليونان وتركيا وكندا وغيرها.

البيان الإماراتية في

18/04/2013

 

30 شريطاً تشارك في المسابقة و«أضواء» مهرجان الخليج السينمائي

أفلام قصيرة.. غياب الواقع وحضور الشــياطين

علا الشيخ - دبي 

الأفلام الخليجية التي عرضت في الدورة السادسة بمهرجان الخليج السينمائي، والتي تجاوز عددها 30 فيلماً، تتناول معظمها موضوعات تقترب من الخرافة والحلم إلى قصص توعية، وكانت الشياطين والجن حاضرة أكثر من الواقع والتاريخ.

أكثر من 30 فيلماً قصيراً من دول مجلس التعاون الخليجي شاركت في مسابقة الأفلام القصيرة وبرنامج «أضواء» في المهرجان، وكان بعضها بسيطا في حكايته ورؤيته الاخراجية لدرجة اقترابه من الإعلان، في حين أبدع مخرجون تنفيذ أفلام ذات قيمة فنية عالية. وتناولت افلام الجوانب النفسية والصراعات الداخلية لدى الإنسان، في حين فتحت أخرى باب الرمزية في تناول حكايات اجتماعية.

وعلى الرغم من حداثة اشتغال معظم أصحاب الافلام بصناعة السينما، فإن أفلامهم تشير الى موهبة ومحاولات جادة لإبداع صيغ سينمائية جديرة بالمشاهدة.

نفس إعلاني

بدأ العرض مع فيلم «الطريق» الإماراتي، للمخرجة فرح الخطيب، ومدته أربع دقائق، ويشارك في البرنامج الرسمي «أضواء»، في الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي في دبي. ومنذ اللحظة الأولى للفيلم يشعر المشاهد بأنه أمام إعلان وليس فيلما، حتى إن فكرته تشبه الى حد ما الإعلان الشهير لأحد منتجات الحليب الذي يبدأ بـ«ذكريات أيام سعيدة».

ويصور الفيلم مكاناً مملوءاً بالشجر، وطفلاً يلعب بدراجته أمام والدته، لكنه يلف في دائرة، ما يجعله يقع أكثر من مرة، فتقرر الأم أن تطلق ابنها ودراجته الى الطريق المستقيم، وتراقبه من بعيد.

ينتقل المشهد الى الطفل وهو يكبر، وأصبح يسير وحقيبة المدرسة خلف ظهره، لتنتقل لقطة ثانية الى وجه الأم وهو يكبر، الى أن يختفي الطفل تماماً، فتنهار الأم وتقع على ركبتيها، لتجد يد ابنها من خلفها يقول لها «طول حياتي وانت عينك ما فارقتني لحظة، وصار لازم أنا اللي أرعاك الحين». ينتهي الفيلم تاركا المشاهد كأنه أمام درس لتوعية الأطفال بأهمية رعاية الوالدين.

فيلم الفكرة

أما بالنسبة للفيلم الكويتي العماني «فراغ» ومدته أربع دقائق للمخرج جاسم النوفلي، فليس من المبالغة وصفة بالمتكامل من حيث الفكرة والأداء والاخراج، وهو مبني على شخص يواجه لوحات مختلفة الأشكال والأحجام والموضوعات، ينقل الصراع بين «آدم» إذا ما واجه جداراً يظل يضع عليه الألوان واللوحات دون شعور بالرضا. هو الفراغ الذي يشعر به ولا يفصح عنه، ويستمر الفيلم مع تكسير لوحة ووضع أخرى وصراخ وإحباط وخجل اذا ما تخلل اللوحة مشهد ساخن، هو لا يكسرها بل يضعها في الدرج مثلاً، لينتهي بغياب الممثل وظهور امرأة ترتدي السواد تنظر الى الجدار المعلق عليه صورة «آدم» الذي قتله الفراغ.

ومن الكويت وبفكرة جميلة يذهب المخرج أحمد الخلف في فيلمه «أمل» ومدته خمس دقائق، وهو من تمثيل فاطمة الجلاف، الى فكرة الوطن من خلال امرأة ومرايا وخلفية للعبة العروسة التي تدور في مدينة الألعاب الترفيهية. تجلس الفتاة أمام المرآة كأنها تتجهز لزفافها مرتدية الفستان الابيض، ومع كل تفصيل تقوم به من وضع مساحيق التجميل الى تصفيف شعرها ووضع الطرحة على رأسها، تشعر بفرح. ومع لعبة العروسة الدوارة وضحكات الأطفال التي لا تغيب عن المشهد، يأتي وقت وضع القلادة الذي يتزامن مع اختفاء العروسة الدوارة من قبل رجال كثر، يحجبون الرؤية بين الفتاة ومرآتها وبين العروسة الدوارة وتختفي أيضا ضحكات الأطفال. وبمشهد درامي تنتفض الفتاة وتبدأ مسح المساحيق والبكاء ونزع الطرحة البيضاء، لينتهي بها المشهد في صحراء تشبه لون بشرتها الكالحة بسبب التعب، ومرآة وخريطة للوطن.

طريق صحراوي

أربعة أفلام إماراتية تناولت قصص الجن والشيطان، منها فيلم «الميتم» للمخرج محمد العتيبة، وتمثيل ساجد ديلافروز وصفاء حسين وهاجر المصلح، ومدته 15 دقيقة. ويندرج تحت فئة أفلام الرعب، إذ يدور حول صحافي يريد تقصي حقيقة اختفاء أطفال من ميتم، خصوصاً أن الاختفاء يتزامن مع بلوغهم الـ11 عاماً. يذهب في طريقه الصحراوي ويصل الى دار الأيتام ليلتقي مديرته التي تظهر عكس ما تبطن مع إيحاءات، إذ إنها تبطن الشر، ليكتشف الصحافي أن الأطفال يجرى لهم مسح دماغي من خلال ضربات كهربائية، ففكرة المديرة أن تربية هذه الفئة من البشر يجب أن تبنى على الولاء للمكان ولصفته يتيماً كي لا يكبر ويصدم من الحياة في الخارج، فتضربهم وتمنعهم من مشاهدة التلفاز وأي شيء له علاقة بالعالم خارج سور الدار.

ينزعح الصحافي الذي يعلم المشاهد أنه كان هو الآخر عاش يتيماً، لكنه أصبح أباً ويعي قيمة هذا الشعور، فلا يقتنع الصحافي برواية المديرة ويقرر المبيت في الدار لمراقبة الحديث عن كثب، خصوصاً بعد أن سمع من الأطفال أن «غولة» تأتيهم ليلا ويحلمون بالحلم نفسه، ما يثير الشك في داخله أكثر، في الوقت الذي كانت المديرة وحارس الدار يجهزان نهاية الصحافي من خلال جعله يلحق بفتى وهو يسير نائماً الى مكان مظلم ومخيف فيه قبر محفور وجاهز للدفن، ليقع داخله ويموت. لكن كاميرته تظل تصور، فمصير الحقيقة أن تظهر في النهاية. الفيلم صور بشكل جيد مع أداء البطل الضعيف فيه مقارنة بأداء البطلة.

في المقابل جاء فيلم «الرجيم» ومدته 19 دقيقة للمخرج عامر الكامل وتمثيل اياد قاسم، وسعيد بتيجا، وعامر الكامل، وعليا ناصر، ومحمد فراشة، ليحكي قصة الشيطان الذي يوسوس في قلوب الناس، وقد يتمثل على هيئة بشر، ضمن تسلسل تشويقي مبني على إثارة الرعب، حول قرار من الشيطان لأب بجز عنق ابنته الصغيرة ليشرب من دمها وتزداد قوته، وعليه المثول لرغبته، لينتقل المشهد بعدها الى عائلة توفي الاب فيها مخلفاً زوجة وفتاتين، يركبن سيارة يقودها رجل تبدو عليه الطيبة، يوصلهم الى المنزل نفسه الذي قتلت فيه الفتاة قديماً.

ومنذ اللحظة الأولى تشعر الفتاتان بشيء غريب في المنزل وتسمعان أصواتاً، مع ظهور جار المنزل المخيف، الى أن تعثر الفتاة الصغرى على صندوق صغير يصدر منه صوت فتاة صغيرة تحثها على السعي وراء ما تقوله الى أن توصلها الى غرفة فيها مرآة وقلادة، وتأمرها بلبس القلادة، فتموت فوراً بعد أن يتحول شكلها الى وجه فتاة مخيف، مع وصول الأم وابنتها الكبرى ووصول الشرطة بصحبة السائق الذي يتهم الحارس بقتل الصغيرة، ليتضح بالأخير أن السائق هو الشيطان.

فكرة الجن أو الشيطان حضرت هي الأخرى في فيلم «الغروب» ومدته 20 دقيقة، للمخرجة مريم النعيمي، وتمثيل آلاء شاكر، وإبراهيم غانم، وحميد النعيمي، وسقراط بن بشر، وعمر الأيوبي، ومشاري النعيمي، ومنصور الفيلي. يدور الفيلم حول ثلاثة شبان يقررون قضاء عطلة نهاية الاسبوع في البر، وفي الطريق تتعطل سيارتهم أمام مزرعة، يخرج لهم رجل كبير السن وامرأة جميلة يظهر عليها الجنون، في الوقت الذي يسمع فيه أيضاً عن اختفاء طفلين من والديهما في البر.

تحاول المرأة اقناع الشبان بالدخول الى المزرعة، مع إصرار الرجل الكبير على منعهم وحثهم على المغادرة قبل الغروب، لكن الاغراء بالنسبة للشبان كان كبيراً، يخضعون له وينساقون، ويظل ثالثهم خارجاً يصلح السيارة. في المزرعة يشعرون بأمور غريبة، وتتأكد شكوكهم بعد مشاهدتهم للطفلين، يحاولون الهروب، وتلاحقهم المرأة المجنونة، فيعتقدون أنهم هربوا منها، لكنها بالأساس «جنية» تقبض على الارواح بعد غروب الشمس، وينتهي الفيلم بوجودها معهم في السيارة.

روح قتيل

الفيلم الاماراتي الرابع الذي حمل عنوان «الطريق»، يستحق التركيز عليه، لاسباب عدة، رغم أنه هو الآخر حمل فكرة ما وراء الطبيعة، هو للمخرجين والممثلين الإماراتيين عبدالله الجنيبي وحميد العوضي، اللذين عمدا في صناعته على عنصري المغامرة والتشويق، فالقصة موجودة والسيناريو والحبكة والنهاية وخلق السؤال والحيرة لدى المتلقي، إضافة الى أن أداء الممثلين أقرب الى الطبيعية منه إلى المبالغة، وكأنهم اشخاص بالفعل يعيشون بيننا، فالبناء السردي فيه، ومحاولة ربط خيوط القصة مع بعضها بعضاً تعطي شعوراً للمتفرج بأنه جزء من أحداث الفيلم.

القصة تدور حول ثلاثة شباب في سيارة، ملابسهم ملطخة بالدم، يجلس معهم رجل كبير، هو في معظم الفيلم الراوي الوحيد، تبدأ معه ومعهم الحكاية التي تعتمد على خاصية الاسترجاع «فلاش باك» منذ قرارهم الذهاب الى رحلة صحراوية، يتمادون فيها في شرب الكحول والحبوب المخدرة، تصل سيارة فيها رجل وابنته وطفله، يسألهم عن الطريق، فيلمحون الفتاة، ويقررون التخلص من الاب لاغتصابها، لكن الامور تأخذ مجرى أكبر، فالرجل في السيارة هو روح القتيل، الذي ينبش في عقولهم عن سبب العنف في داخلهم، ويوقع بينهم، فالأول كان يعاني ضرب والده المستمر له، أما الثاني فكان يعاني من تحرش جنسي من قبل صاحب البقالة، الذي كان يستغل تفريق والده بينه وبين شقيقه الأكبر، والثالث هو الشقيق الأكبر الأناني في طبعه، والذي كان شاهداً على تحرش الآسيوي بأخيه لكنه لم يدافع عنه أبداً، كي لا يكسب تعاطف والده ويهمله.

لكل شاب منهم عقدة نفسية لها علاقة بالماضي، ودور القتيل التي تجلس روحه بينهم أن يخرج هذه العقد كي ينتقم من قتله ومحاولة اغتصاب ابنته وقتلها وقتل ابنه الصغير أيضاً، فالعقل الباطني لكل شخص منهم يبدأ بالبحث عن الخلاص، فيقرر الإخوة التخلص من صديقهم بسبب إصراره على اخبار الشرطة، خصوصاً أنهم لم يكونوا في وعيهم. وبعد ذلك يوسوس القتيل للشقيق الأصغر بالانتقام من أنانية الأكبر الذي من السهولة أن يضع الحق عليه.

قصص كثيرة ومركبة تحتاج إلى التركيز، لنهاية فيلم لم تعط الاجابة التي تتلخص بصوت بوق السيارة التي يركب فيها الشباب الثلاثة وهم نائمون، وكأن كل شيء حلم، أو إشارة بما سيحدث لاحقاً مع صوت المذيع الذي يقول إنه تم العثور على جثث ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة، ليترك المشاهد في حيرة إذا كانت الأحداث حلماً أم حقيقة.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

18/04/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)