حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الثالث والستون

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي 8

السينما الرومانية الجديدة تخطف دبا ذهبيا

برلين: محمد رُضا

عرض خلال برليناله، أحد أكبر المهرجانات السينمائية العالمية، أكثر من 400 فيلم. واختتمت فعاليات المنافسة بين 19 فيلما رئيسيا في المهرجان بفوز فيلم المخرج الروماني كالين بيتر نيتزر «تشايلدز بوز» أو «وقفة طفل» بالجائزة الكبرى لأفضل فيلم في المهرجان «جائزة الدب الذهبي».

المهرجان اختتم دورته الثالثة والستين أمس الأحد، مع نفاد إجمالي 300 ألف تذكرة لحفلات عرض الأفلام التي استمرت عشرة أيام. وعلى خلاف الكثير من المهرجانات المنافسة، فتح برليناله حفلات العرض أمام عشاق الأفلام ولم يقصرها على العاملين في مجال السينما والإعلام. وقال رئيس المهرجان ديتر كوسليك إن 99.8 في المائة من التذاكر بيع بالفعل.

وبهذا فقد حظيت السينما الرومانية بأعلى تقدير في المهرجان، إذ حصلت على أعلى تقدير في مسابقة خلت من الإنجازات الرائعة، لكن الفيلم الروماني الفائز كان بالفعل أحد أفضل أفلام الدورة.

الجوائز المعلنة من قبل لجنة تحكيم ترأسها الصيني وونغ كار واي وشارك فيها المخرجة الدنماركية سوزان باير والممثل والمخرج الأميركي تيم روبنز والمخرج الألماني أندرياس درسن، منحت في الواقع حضورا قويا لسينما وسط وشرق أوروبا.

الجائزة الثانية من حيث أهميتها منحت إلى الفيلم البوسني «فصل في حياة جامع حديد» لدنيش تانوفيتش (وهي أعلى جائزة نالتها عن أي من أفلامها السابقة التي بدأت قبل نحو عشر سنوات بفيلم «أرض لا أحد»)، في حين نال بطل ذلك الفيلم نظيف موجيتش جائزة أفضل ممثل. وانتقلت الجوائز إلى آسيا فحظي مدير التصوير الكازاخستاني عزيز زامباكييف بجائزة أفضل «إسهام فني» عن تصويره «دروس تجانس»، كما نال الإيراني جعفر باناهي جائزة أفضل سيناريو عن «ستائر مسدلة».

الجوائز الأخرى توزعت ما بين القارة الأميركية وباقي أوروبا: أفضل مخرج بحسب اللجنة هو ديفيد غوردن غرين عن فيلمه «برينس أفالاتشي»، وأفضل ممثلة هي التشيلية بولينا غارسيا عن «غلوريا».

غرين هو المفاجأة التي لم يكن أحد يتوقعها. فيلمه «برينس أفلاتشي» يدور حول رجلين يعملان في وضع العلامات فوق الطرق الجبلية. عملهما يجعلهما وحيدين وسط البرية. الأكبر سنا يأمل في الزواج من شقيقة الثاني، لولا أن رسالة تصله تعلن فيها الفتاة عن أنها لم تعد ترغب فيه لأنه يغيب عنها كثيرا. رغم الخط العاطفي، هذا فيلم كوميدي أساسا والمخرج يمنحه معالجة فنية مناسبة لا تخرق السقف لكنها مقبولة. بوجود مخرجين كثيرين في صف التحكيم يتساءل المرء عما يكون الدافع الفني الحقيقي لتفضيل عمله على مخرجين آخرين قدموا أعمالا أهم. لكن على ذلك منح الجائزة لغرين ليس نهاية العالم كون الفيلم ليس رديئا.

البعض كان يتوقع خروج فيلم «نسائي» بالجائزة الأولى، وكانت المنافسة شديدة بين فيلمين من منوال متشابه: «غلوريا» التشيلي - الإسباني الإنتاج، و«وقفة طفل» الروماني. ولم يكن ذلك التوقع صعبا على الإطلاق لسببين: المواضيع والقضايا النسائية كانت غالبة على مسابقة هذه الدورة وحقيقة أن أربعة من سبعة محكمين هن نساء، ولو أن ذلك لا يعدو أكثر من تكهن مشاكس على أساس أن انتقاء لجنة التحكيم تبع اختيار معظم الأفلام المشاركة وليس العكس.

برلين هذا العام برهن على أنه محطة جامعة لسينمات أوروبا والعالم. ليس أن المهرجانات الدولية المنافسة الأخرى تخلو من هذا التوزيع، لكن التوازن هنا بين سينمات المناطق الجغرافية والسياسية أكثر وضوحا منه في أي مكان آخر. وهذه السنة تحديدا برزت قيمة ذلك، إذ ذهب الدب الذهبي إلى فيلم ربما كان من الصعب عليه اختراق نجاح كهذا لو عرض في «كان» أو في «فينسيا».

ويأتي نجاح «وقفة طفل» الذي تحدثنا عنه هنا سابقا كفيلم يدور حول أم تحاول تجنيب ابنها الشاب دخول السجن بعدما دهس طفلا بسيارته المسرعة، نجاحا لتيار جديد في السينما الرومانية، هذه التي بقيت مهملة طوال الفترة الشيوعية السابقة إلا من بعض الإنتاجات القليلة والمتباعدة. فمنذ عقد من الزمن أعربت السينما الرومانية عن وجود لافت عندما فاز فيلم قصير لها بعنوان «Traffic» بالذهبية كأفضل فيلم قصير في مهرجان «كان» السينمائي سنة 2004. في العام التالي ذهل رواد المهرجان نفسه بفيلم رائع بعنوان «موت السيد لازارسكو» لكرستي بيويو الذي حاز على جائزة قسم «نظرة خاصة». بعد ذلك تعددت الأفلام والجوائز، فخطف «أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع، ويومان» لكرستيان مونجو السعفة الذهبية في «كان» (2007)، وحصد «الحلم بكاليفورنيا» لكرستيان ممسكو جائزة «نظرة خاصة» في العام ذاته. وفي عام 2009 نال الفيلم الجيد «بوليس، صفة» لكميليو بورمبيو الجائزة ذاتها من المهرجان نفسه.

ما يختلف فيه «وقفة طفل» عن معظم أفلام السينما الرومانية الحديثة هو أنه يجد في نقد النظام السابق مادة مستهلكة مبتعدا عنها صوب موضوع قد تقع أحداثه في أي بلد لم يمر بتلك التجربة. كذلك في حين أن الأفلام الرومانية السابقة حفرت جذورا عميقة في أساليب تعبير واقعية وطبيعية، مارس المخرج الشاب كالين بيتر نتزر قدرا أقل من الواقعية مائلا إلى سينما ذات خصال فنية سردية درامية عامة.

من اللافت أيضا أنه الفيلم الذي منحته لجنة «اتحاد النقاد الدوليين» (بعضوية ناقد «الشرق الأوسط») واحدة من ثلاث جوائز وزعتها في اليوم الأسبق لإعلان الجوائز الرسمية. «وقفة طفل» نال جائزة أفضل فيلم معروض في المسابقة، و«إن شاء الله» نال جائزة أفضل فيلم عرض في البانوراما، وهو كندي من إخراج أنيه باربو لافاييت، بينما ذهبت جائزة أفضل فيلم في قسم «فوروم» (مكون عادة من أعمال لمخرجين جدد)، وهو برازيلي الإنتاج أخرجه سيزر أوتيثيثا فيلو.

فيلم البوسني دنيش تانوفيتش «فصل في حياة جامع حديد» يمضي في خطى معاكسة. أفلام تانوفيتش السابقة ومنها «أرض لا أحد» و«سيرك كولومبوس» حفلت بالدراما (ولو بأسلوب عمل واقعي)، لكن فيلمه الجديد هذا يمضي أعمق من قبل في مسار سينما طبيعية. أسلوب الكاميرا المحمولة التي تسجل وقائع الحياة يسيطر على المخرج الجيد، متابعا حكاية ذلك الفقير الذي يعيش وزوجته في حجرة مع طفليهما ويعمل في جمع ألواح الحديد وأشكال الصفائح من المزابل والسيارات المعطلة لبيعها مع بعض جيرانه. لكن هذا القدر الضئيل من المال لا يكفيه لدفع فاتورة الكهرباء في وقتها، لذلك عندما تقع زوجته مريضة بعدما مات جنينها في بطنها، يجد نفسه غير قادر على معالجتها في أحد مستشفيات المدينة القريبة. سعيه لنقلها مرتين إلى ذلك المستشفى لعله يحظى برعاية حقة هو فاعل عاطفي لا عيب فيه كونه صادقا. في النهاية يجد الزوج حلا في انتحال زوجته شخصية قريبة لها تملك بطاقة ضمان صحي.

أفلام برلين: أسئلة حول فيلم لم يتسابق

* لو لم يشترك فيلم هالة لطفي «الخروج للنهار» في مسابقات عربية (مهرجاني «أبوظبي» و«وهران») هل كان سيستطيع دخول مسابقة دورة برلين الحالية؟

من دون أن نعرف ظروف العمل يبدو الجواب قاصرا على التخمين. هل عرضت المخرجة هالة لطفي الفيلم على مهرجان برلين ضمن المسابقة فحوله إلى قسمه الآخر «فورام»، معتبرا إياه غير مناسب للمسابقة، أم أن حقيقة أن المخرجة اختارت مهرجان أبوظبي السينمائي كأول محطة لها هو ما حرمها من دخول المسابقة الرسمية لبرلين؟

«الخروج للنهار» يلتقي وأكثر من فيلم عرض في المسابقة هذه السنة، إنه موضوع من بطولة نسائية، كحال «غلوريا» و«ليلى فوري» و«الراهبة» و«في طريقي» وسواها، وهو موضوع عن الفقر الشديد في حواشي المجتمع المصري كما حال «فصل في حياة جامع حديد» في حواشي المجتمع البوسني.لكن «الخروج للنهار» ليس عن الفقر وحده. بطلتاه (دنيا ماهر في دور سعاد الشابة وسلمى النجار في دور أمها) محملتان بعبء آخر، الأب في العائلة (أحمد لطفي) مريض ومقعد. لا بد أن نوبة قلبية أصابته بشلل دائم جعلته لا يقوى على الحركة وبحاجة إلى عناية خاصة في كل شيء. يبدأ الفيلم باستيقاظ الأم باكرا. كلمة الفيلم الأولى «سعاد..».، فالأم تنادي ابنتها لكي تستيقظ وتبدأ حياة يوم متعب آخر.

لـ49 دقيقة تحتفظ المخرجة بحقها التزام البيت مع هذه الأسرة الصغيرة. تتابع (بتصوير طبيعي جدا) نمو الحياة في الصباح، وهي لا تحتاج إلى نمو كبير، فأعمالها اليوم هي ذات أعمالها بالأمس. التنظيف والغسيل وتأمل حياة تذوي من دون تغيير. بعد تلك الدقائق تخرج الكاميرا إلى الشارع لأول مرة. سعاد قررت زيارة صديقتها إذا لم تستطع الالتقاء بصديق لم ترَه منذ خمسة أشهر. تتصل به وتدرك أنه لا يود استمرار العلاقة. صديقتها مشغولة. أمها تتصل بها وتخبرها أنها نقلت الأب إلى المستشفى الذي تعمل فيه بعدما سقط فاقدا الوعي. ها هي تجلس بالقرب من أمها التي عادت من عملها في المستشفي. تقول لها: «هوا حندفن بابا فين؟»، ثم يأتي السؤال الأفدح وقعا: «واحنا المدافن بتاعتنا فين؟».

من النظر إلى الصورة التي توفرها هذه المخرجة المبدعة، الجواب مسجل وغير مسموع: مثل هذه الحياة هي المدفن الوحيد!

المخرج البوسني دنيش تانوفيتش:

لم أفكر في تحقيق فيلم روائي عندما التقيت بهذه العائلة 

يتذكر المخرج البوسني دنيش تانوفيتش أن جمعية مراسلي هوليوود الأجانب منحته جائزتها سنة 2002 عن فيلم «أرض لا أحد» (أو «أرض محايدة») كذلك فعلت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية إذ أودعته أوسكار أفضل فيلم أجنبي. إنه من بين أفضل اثنين من صانعي الأفلام في بوسنيا اليوم منذ ذلك الحين (الثاني هو المخرجة ياسمينا زبانيتش) وأعماله دائما ما دارت في رحى محلي. أبرزها «أرض لا أحد» الذي أوجز صفحات من الصراع البوسني - الصربي المرير ومنح أترابه من الفريقين معالجة إنسانية و«سيرك كولومبوس» (قبل ثلاثة أعوام) الذي قدم فيه شريحة من حياة عاطفية لزوجين (غير متوافقين) نزحا عائدين من صربيا إلى قريتهما البوسنية.

«فصل في حياة جامع حديد» الذي حظي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة دراما في أسلوب تسجيلي حول عائلة من قعر الحياة في قرية بوسنية تتعرض لامتحان قاسٍ عندما تمرض الأم ولا يجد الزوج وسيلة لعلاجها. المخرج يمر بمراحل بحث الزوج عن حل في وسط حياة من ركامات الإهمال والفاقة.

ألتقيه ليلا في حفلة ما بعد حفل تقديم الجوائز وأسأله عن كيف جاءته الفكرة لهذا العمل. لا يريد أن يبدو كما لو أنه يقوم بلقاء فيتجه جانبا كما لو كان ينتحي بمحاميه أو منتجه: «حين تعرفت على هذه العائلة لم يكن في بالي أبدا تحقيق فيلم عنها. ثم فكرت بفيلم تسجيلي، وهذا بدوره قاد لفيلم روائي».

·        لكن عنصر التسجيل لا يزال قويا فيه.

- بالتأكيد. هذه هي الوسيلة الوحيدة في اعتقادي لتحقيق فيلم عن هذا الوضع من دون تعريضه لتضخيم غير مناسب. طبعا القصة قد تطرح على عدة مستويات، لكن وقت أن تمنح الفيلم معالجة إنتاجية كبيرة سيتعرض الواقع الذي تنقله إلى تغيير. سيصبح أكثر صنعة.

·        واضح أن الميزانية كانت محدودة جدا. ربما أقل من ميزانية أي فيلم سابق لك.

-لم نكن نحتاج إلى ميزانية كبيرة. طبعا ميزانية أكبر قليلا كانت ستساعدنا دفع مكافآت أعلى للعاملين، لكن الفيلم ذاته... هذه الدراما كما هي لم تكن بحاجة إلى أكثر مما أنجزناه على الشاشة. وهناك جانب إيجابي مهم في هذا، وهو أن العمل يكتسب الصورة الصحيحة المناسبة له. لو أنجزنا الفيلم بميزانية كبيرة لكان علينا التدخل في الواقع وهذا لن يكون في صالح الفيلم.

·        أعتقد أن تصوير الفيلم لم يستغرق أكثر من أسبوعين.

- استغرق أقل من ذلك.

·        كم يوما تحديدا؟

- عشرة أيام. أنا وفريق عملي كنا نصحو باكرين نصور في الأوقات الطبيعية من دون إضاءة إضافية تستغرق وقتا طويلا لتوزيعها، ونؤم الفندق في الليل ثم نصحو صباحا ونواصل.

·        لماذا تعمل مع فريق واحد من الفنيين؟

- تماما لهذه الغاية. يعرف بعضنا بعضا ولدينا إجماع مسبق على الكيفية التي سنعمل عليها. نلتقي قبل البدء ونمر على السيناريو وخطة التصوير بالتفصيل ثم الباقي سهل ومريح.

·        هل رسالة الفيلم هي التعريف بهذا الوضع المؤلم لعائلة تعيش بالحد الأدنى؟

- طبعا. أعتقد أنه من المهم أن يذكر بعضنا بعضا أن هناك من يحتاج إلى رعاية إنسانية واجتماعية هنا في أوروبا كما في مناطق أخرى. الناس من حولنا تعيش حياتها، لكنّ هناك أناسا آخرين لديهم مشكلات لا نعرفها أو لا نعرف تفاصيلها، ورسالة هذا الفيلم التذكير بها. الحياة قاسية، وما نعرضه هو وجه واحد من قسوتها.

·        أخيرا، كيف تعاملت وتلك العائلة؟ أقصد هل كان تصوير الأطفال سهلا أم صعبا؟

- لدي علم مسبق بكيف يتصرف الأطفال. لدي خمسة أولاد وأعرف شيئا عن كيفية إدارتهم بصورة طبيعية. قبل بدء التصوير بيومين كنت أجلس ومدير التصوير في بيت تلك العائلة كضيفين ونترك أنفسنا نصبح جزءا منها. الطفلتان في الفيلم تصرفتا معنا على نحو متوقع. عاملتانا كغريبين في مطلع الأمر، ثم بعد ساعات قليلة لم يعد هناك أي حاجز. أصبحنا من العائلة ذاتها.

الشرق الأوسط في

18/02/2013

الأفلام المتنافسة على الذهبية تواجه اختيارا صعبا

خيبة أمل في دورة ضعيفة

برلين: محمد رُضا

سبعة أيام مرت على أيام الدورة الثالثة والستين من مهرجان برلين السينمائي الدولي، والسؤال الذي يجمع بين كل الحضور «أهذا هو كل شيء؟».

هو سؤال يعكس خيبة الأمل في دورة ضعيفة لم يجتمع لها أكثر من ثلاثة أو أربعة أفلام كانت تستحق العرض، وكل واحد منها لا يخلو من مناطق ضعف. لكن المشكلة في تلك الضعيفة على نحو شامل، والتي كان آخر ما شاهدناه منها فيلمان هما آخر أفلام المسابقة (يعرضان للجمهور اليوم)، أولهما فيلم فرنسي عنوانه «في طريقي» لإيمانويل بيركو يكتنز كل ما هو معروف عن السينما الفرنسية التقليدية: ثرثرة كلامية تتبادلها شخصيات تهم الفرنسي قبل سواه في أسلوب عمل مستطرد وحكاية تهدد المشاهد بألا تنتهي، والثاني هو «هايوون.. ابنة لا أحد» للكوري هونغ سانغسو، وهو أسوأ من سابقه على نعومة حواشيه وابتعاده عن أي استعراض بصري، مما يجعله يبدو كما لو أنه صوّر لحساب محطة تلفزيونية تعمل تبعا لميزانيات منخفضة.

ينضم هذان الفيلمان إلى مجموعة الأعمال التي تجعل الحاضر يتساءل عمّن تكون لجنة الاختيار وفي أي برج عاجي تعيش. صحافية ألمانية داومت الحضور على هذا المهرجان منذ عقدين تقول «من يستطيع تغيير الحال هو الصحافة الألمانية. نحن ننتقد بشدة. وأعتقد أن رسالتنا ستصل». صحافي ألماني يضيف موضحا «هناك نقد شديد هذه السنة، فالأفلام دون المستوى المنشود لمهرجان دولي. الصحافة تريد مقابلة مدير المهرجان دييتر كوزليك (الذي تم تجديد عقده لعام 2016) وتنبيهه أن هذا الأمر مرفوض».

* لجنة السنوات العشرين

* المتهم الرئيسي هو مدير المهرجان، لكن المذنب متجسد في كيان من المبرمجين. لجنة اختيار لم تتغير منذ عشرين سنة. أحيانا (كالعام الماضي) تصيب، وفي أحيان كثيرة (كهذا العام) تخيب. ليس هناك دم جديد يجري في شريان المهرجان بل مواصلة لما هو معهود.

هذا يزداد تأثيرا عندما ندرك أن هذه اللجنة ذاتها أغفلت اختيار واحد من أفضل الأفلام الألمانية في السنوات الأخيرة، وهو «حياة الآخرين» لفلوريان هنكل فون دونرزمارشك (عن ويلات الاستخبارات الألمانية الشرقية في الأيام السالفة) الذي نال أوسكار أفضل فيلم أجنبي سنة 2007. كذلك حين نضيف أنها المرة الأولى هذا العام التي نجد فيها المهرجان الألماني العتيد يستقبل في عروضه الرسمية أعمالا أميركية بعد عرضها في مهرجان ساندانس الدولي. هذا كان شأن «برينس أفالانشي» و«قبل منتصف الليل».. والأول داخل المسابقة ولا يستحق - أيضا - أن يكون.

طبعا هناك أفلام تسترعي الانتباه، لكن الزخم والحماس يبدو أنهما باتا على مسافة بعيدة مما هو معروض على الشاشة الكبيرة، مثل الفيلم الكازاخستاني «دروس تجانس» لأمير بايغازين، وهو فيلم من الغالبية اللافتة التي لا تنجز كامل وعودها: صبي في إحدى المدارس يعيش مع جدته في تلك البلدة الريفية التي تغطيها الثلوج. في مطلع الفيلم نراه يلاحق خروفا حتى يقبض عليه ويذبحه. تسأله جدته «هل قرأت البسملة عليه؟»، لكنه لا يجيب. هو يعاني من مرض «التوحد» (ولو أننا شاهدنا أفلاما تقدم خصال هذا المرض على نحو أفضل)، وفي المدرسة قليل الاختلاط والحديث. تعجبه فتاة محجبة نراها ترفض طلب المعلمة بخلع الحجاب. لكن الحجاب لن يُطرح بعد ذلك، بل يبقى الصبي محور كل شيء. هناك عصبة من الطلاب تفرض الخوة ويقودها شرير. وصبي في الصف يرتقي في تلك العصبة، ويضرب الصديق الوحيد للشاب بطل الفيلم. ومن دون أن نرى الفاعل يُقتل الصبي الشرير، وتأتي الشرطة لترتاب مباشرة في بطل الفيلم وصديقه.

* نتوءات

* من هنا فهو طريق غير معبد يتعرض فيه الفيلم لخضات كبيرة. فالمنوال يتغير لنجد الفيلم الذي كان يتحدث عن مشاكل «توحد» الشاب وطريقة حياته واهتمامه بالبيولوجيا والحشرات (يقبض على صراصير ويطعمها للسحالي) أصبح يتحدث عن تعذيب رجال البوليس العنيف للولدين الصغيرين. طبعا لا خلاف هنا لو أن الفيلم ينقل حادثة حقيقية، بل لا خلاف هنا أيضا لو بني العمل بأسره حول هذا الادعاء، لكن تقديمه على هذا النحو يجعله يتخذ شكل نتوء في خاصرة العمل كان من الأفضل لو لم يكن.

لكن «في طريقي» لا يشكو من النتوءات. كله نتوء واحد. كاثرين دينوف (أضخم من المعتاد لكنها لا تزال تجيد أداء ما تمثله) لديها وأمها مطعم في بلدة فرنسية صغيرة. واليوم الأول تخصصه المخرجة إيمانويل بيركو لتصور المشاكل العائلية التي تحوم فوق رأس بطلة الفيلم «بتي»، مما يجعلها تقرر ليل أحد الأيام ترك زبائنها ينتظرون السمك المقلي وتركب سيارتها وتنطلق في رحلة إلى الأرياف غير مخطط لها. طبعا تتساءل كيف ستتصرف إذا ما أرادت أن تأكل أو تلجأ لفندق.. لكن لحظة.. ها هي حقيبتها اليدوية الصغيرة متروكة في السيارة من اليوم السابق وفيها بطاقة مصرفية. في منتصف الطريق ستبلع الآلة بطاقتها.. لكن ذلك لن يوقفها عن المتابعة. هذه السيارة لا تحتاج إلى بنزين على الإطلاق! سيناريو «في طريقي» يبدو مكتوبا من دون خطة مسبقة. هذه المرأة تجد نفسها في سرير رجل يصغرها بجيل ونصف الجيل من دون أن تتذكر كيف. تفقد طريقها وسط الحقول قبل وبعد أن تلتقي بحفيدها الصبي الذي تحاول العودة به إلى منزل والدته. تلتقي في صدفة خير من ألف ميعاد بكل ملكات جمال فرنسا السابقات (إذ كانت هي واحدة منهن قبل عقود) في فندق كبير وهن يحتفلن باللقاء. فجأة تسقط بتي من طولها فاقدة الوعي. الطبيب في اليوم التالي مطمئنا المشاهدين «هذا عارض لا أرى أنه يستوجب بقاءك في المستشفى. لقد أجرينا الاختبارات والنتائج كلها سليمة» (ربنا يسعدك يا دكتور!). ومن الذي سيعود إليها؟ زوجها السابق الذي سينقلها إلى مزرعته حيث يلتئم شمل كل العائلة في ربع ساعة كاف للقضاء على بذور الاهتمام التي حواها البعض.

واحد من المعجبين بالفيلم (زميل يكتب في يومية أخرى) قال «هذا الفيلم سيربح الدب الذهبي» طبعا في اليقين هنا أنه لن ينال حتى الدب الأسود، لو كان هناك واحد من هذا النوع.

* احتمالات الجوائز

* حديث الدببة يقترب فعليا. نحن في اليوم الثامن ولجنة التحكيم شاهدت كل الأفلام، كذلك فعلت لجنة اتحاد النقاد الدوليين (التي ينتمي إليها ناقد «الشرق الأوسط») التي اتفقت حتى الآن على منح جائزتها للفيلم الروماني «وقفة طفل» (هو بالفعل من القلة الأفضل التي شوهدت هنا). لكن لجنة التحكيم الرسمية، تلك التي يقودها وونغ كار واي هي من عليها أن تسبر غور الحقيقة بحثا عن الفيلم الأمثل في هذه الحالة:

أيكون «غلوريا» التشيلي حول حق امرأة فوق الستين في أن تعيش حياتها العاطفية كما تريد؟.. أو «حياة طويلة وسعيدة»، الفيلم الروسي الذي يبحث موضوع ابن البلدة الذي يرفض مغادرة قريته؟.. هل يخطف الدب الذهبي الفيلم الروماني «وقفة طفل» أو الفيلم الإيراني «ستائر مسدلة»؟.. هل هذا هو الوقت المناسب للعب سياسي من نوع منح جعفر بناهي جائزة أولى فقط لأنه سجين نظام متسلط، أم أن لجنة التحكيم لن تجد فيه ما يكفي من خصال فنية لمنحه هذه الجائزة؟.. ماذا عن «دروس انسجام» الكازاخستاني؟ له جوانب لافتة لكن هل تكفي لانتخابه فائزا؟

لجنة التحكيم لن تجد الطريق سهلا أمامها، والأفلام المذكورة وبعض الأخرى تجمع بين حسنات وسيئات. في الواقع ليس هناك من فيلم معروض في المسابقة يخلو من السلبيات وبعضها يقترب كثيرا من خلوه من الإيجابيات.

* مخرجون يقولون

* لمزيد من إيضاح الصورة، سألت عددا من السينمائيين الذين شاركوا في هذه الدورة عن أعمالهم، وكيف يرصدونها في خضم مهرجان ضخم وكبير كـ«برلين»، أو كيف ينظرون ويقيمون هذا المهرجان ككل.

* جوزيف غوردن - ليفيت: (مخرج «إدمان دون جون» الذي عُرض في مهرجان «صندانس» الأميركي ثم وجد طريقه إلى البانوراما البرلينية)

·        كيف تجد رد الفعل على فيلمك ما بين «صندانس» وبرلين؟

- أعتقد أن الناس في كل مكان يرحبون بالفيلم، ولو أنهم يملكون الفهم الخطأ أحيانا. أعني أن الفيلم ليس فيلما فضائحيا كما يخيل لهم، لكن على الرغم من هذا المفهوم فإن الإعجاب لا يفتر به. لقد تابعت كل كلمة نقد نشرت على الإنترنت استطعت الحصول عليها، ووجدت أن النقاد والجمهور ممن يعلق على الفيلم متفقين على أنه فيلم شامل. الإعجاب به كان عاليا. سأقرأ ما سيكتبه النقاد هنا. لكن من ظاهر الأشياء أدركت أن الجمهور الأميركي والأوروبي له ذوق واحد في مسائل كثيرة، وحين يطرح الفيلم مسألة جادة كالتي يطرحها الفيلم. لذلك أنا سعيد باختياره في هذا المهرجان.

* مايكل وينتربوتوم (مخرج «نظرة الحب» الذي تم تقديمه خارج المسابقة)

·     شاهدت أحد أول أفلامك وهو «قبلة الفراشة» هنا في برلين سنة 1996، واليوم تقدم فيلمك الجديد الثالث والثلاثين «نظرة الحب».. كيف ترى الفوارق من ذلك الحين إلى اليوم؟

- «قبلة الفراشات» كان فيلمي الأول، وسعدت جدا حين تم اختياره للعرض في برلين في ذلك العام. وأنا لم أنقطع تماما عن هذا المهرجان، بل عدت إليه أكثر من مرة. أذكر في المرة الأولى أن كل شيء كان جديدا، بطبيعة الحال من دون شك، وكانت الأفلام تعرض في صالات غير الصالات العصرية التي نرى الأفلام عليها اليوم. مهرجان برلين سهل وحين تخبر فريق العمل أننا ذاهبون إليه يتحمسون، فالانتقال من لندن إلى برلين سهل، ووجود الأفلام في مساحة مكانية محدودة يجعل من السهل أيضا مشاهدتها.

* دانيش تانوفيتش (مخرج بوسني قدم في المسابقة «فصل من حياة جامع خردة»)

·     كيف ترى المهرجان الألماني كمناسبة لعرض الأفلام الأوروبية خصوصا أنك قدمت أفلامك في أكثر من مهرجان.. ما الذي يميزه عن «كان» مثلا؟

- نعم.. قدمت أول أفلامي «أرض محايدة» (No One›s Land) في مهرجان «كان»، وقبل عامين قدمت في فينيسيا فيلم «سيرك كولومبيا»، والآن هذا الفيلم هنا. أعتقد لكل مهرجان مزايا تجعله مختلفا عن الآخر. وليس من السهل إيضاح ما أقصد. «كان» هو إطلالة عالمية لا بد منها لأي مخرج. «برلين» مشهود له بنوعية جمهوره وفينيسيا بتاريخه العريق.

·        أي من هذه المهرجانات أفادك أكثر حتى الآن؟

- «كان» بالطبع عرّف العالم بي. هذا لم يكن إنجازا صغيرا. لكن بعد ذلك تتساوى المناسبات في نظري. المهم هو الفيلم الجيد واختيار المهرجان المناسب له.

·        هل تعتقد أنك اخترت المهرجان المناسب لفيلمك الجديد «فصل من حياة جامع خردة»؟

- بالتأكيد. أحاول أن لا أفكّـر بالجوائز لكن الشعور والحماس الذي يصاحب المهرجان في هذه الأيام الأخيرة يفرض عليك الاهتمام.

* ديفيد غوردون غرين (مخرج أميركي قدم «برينس أفالانشي» في مسابقة «برلين» بعد عرضه في مهرجان «صندانس»)

·     هل تعتقد أن مهرجان برلين مناسب لفيلم كوميدي خصوصا أن الكوميديا تلتصق عادة بهوية محددة أكثر من سواها؟

- دعني ألا أوافق على هذا الرأي. الكوميديا مثل الدراما تستطيع أن تنجح في كل مكان بصرف النظر عن هوية المكان وشعبه. الأمر الحاسم هو إذا ما كان الفيلم يستحق التقديم كفيلم مهرجانات وأين.

·        هل تعتقد إذن أن «برلين» كان مناسبا؟

- بالتأكيد.. كانت مفاجأة طيبة لي عندما اختار المهرجان فيلمي. لكني أفهم وجهة نظرك في الوقت نفسه. علي أن أقول إن عرض الفيلم في «صندانس» يختلف عن عرضه في برلين من حيث أن «صندانس» هو مهرجان أميركي بالدرجة الأولى. والفيلم يقدر سريعا هناك، بينما برلين مهرجان أوروبي أولا والسينما الأميركية زائرة. بصرف النظر عن رأي لجنة التحكيم فإنني أعتقد أن الفيلم يحمل المواصفات الصحيحة للعرض في مسابقات دولية كما هو الحال هنا.

الشرق الأوسط في

16/02/2013

 

"سلوك أطفال" أحسن فيلم.. و"بولينا" أفضل ممثلة

جوائز برلين تجاهلت الكبار لصالح الأفكار الجديدة

كتبت- حنان أبو الضياء:

أعلنت جوائز الدورة الثالثة والستين لمهرجان برلين السينمائي لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي تضمنت 19 فيلما. واقتنص الجائزة الكبرى لأحسن فيلم «الدب الذهبي» الفيلم الروماني «سلوك أطفال Child’s Pose» للمخرج الروماني كالين بيتار نيتزر, وهو فيلم يتناول الفساد والرشوة التى تقوم بها أم  من الطبقة المخملية لعبت دورها جيورجيو ومينيتا، لاقناع الشهود بالشهادة لصالح ابنها الذى كان يسوق سيارته مسرعاً. والمخرج كالين بيتر قام من خلال الفيلم بنسج بانوراما للمجتمع الروماني الكبير. كما يقوم فيلم «سلوك أطفال» بتسليط الضوء على مختلف الطبقات الاجتماعية في رومانيا، التي يتميز مجتمعها بالرأسمالية. لامساً قضايا الإنسان في الوقت الحالي، ومعبراً عن مشاكله وهمومه اليومية. فهذه الأسرة مفككة أب سلبي، وأم متسلطة، وابن يشعر بالرفض تنهار الحياة الزائفة للأسرة بعد أن يتسبب الابن بسبب تهوره في قيادة السيارة، في حادث سير يروح ضحيته صبي في الرابعة عشرة من عمره يصدمه الابن أثناء عبوره الطريق.

أما جائزة الدب الفضي التي يطلق عليها أيضا «جائزة لجنة التحكيم الخاصة» فقد فاز بها الفيلم البوسني البديع «فصل في حياة جامع الحديد» للمخرج دانيس تانوفيتش. وتكلف إنتاجه حوالي 17 ألف دولار فقط، ويتناول محنة المرأة بعد تعرضها لمضاعفات بسبب الإجهاض ورفض مستشفى محلي استقبالها لأنها ليس لديها تأمين.

وقال المخرج  تانوفيتش: «لقد توقفت الحرب.. لكن ليس لدينا إستراتيجية إلى أين ستتجه هذه الدولة. تعاني بلادي من أزمة منذ 25 عاما». وأوضح أنه سافر إلى القرية للقاء العائلة والاستماع إلى قصتهم «كإنسان أكثر منه كمخرج».

وكانت النتيجة فيلما يعد مزيجاً من فيلم وثائقي وروائي، ويظهر أفراد الأسرة بشخصياتهم الحقيقية في الفيلم، الذي يلقي الضوء أيضا على الفقر المدقع الذي يعاني منه الغجر في كثير من الأحيان في أوروبا في العصر الحديث.

من جانبها، قالت سينادا اليمانوفيتش، المرأة التي كانت محور الفيلم «كان الأمر مؤلما.. لا أريده أن يحدث لأي شخص آخر. لذلك أنا سعيدة للغاية أن دانيس أخرج هذا الفيلم حتى يتمكن الناس من رؤية ما عانيت

وذهبت جائزة أخرى «الدب الفضي» منحت تكريما لاسم مؤسس المهرجان للفيلم الكندي «فيك وفلو شاهدا دبا» للمخرج دينيس كوتيه. وجائزة الدب الفضي لأحسن مخرج: حصل عليها المخرج ديفيد جوردون جرين عن فيلم «إنهيار الأمير الجليدي» Prince Avalanche أو برينس افالانش من الولايات المتحدة.

وأما جائزة الدب الفضي لأحسن ممثلة فقد حصلت عليها الممثلة التشيلية بولينا جارثيا بطلة فيلم «جلوريا» من شيلي. ... وقد تألقت  الممثلة بولينا جارثيا خاصة أنها  لم تجد حرجاً في أداء المشاهد الجريئة. واستمد المخرج قصة الفيلم من الحياة العادية لاشخاص واقعيين وجعل ممثلين غير محترفين يؤدون الادوار امام كاميرا استعارت تلك الواقعية الاجتماعية لمقاربة عمل يضج بالتلقائية وهو ينقل شجاعة تلك العائلة وكفاحها المستمر للاستمرار ويكتسب هذا الفيلم تميزه من روعة وجمال الخصائص التي اضفاها المخرج على البطلة «جلوريا» المرأة المحبة للحياة ما جعل الجمهور يتعلق بها ويتعاطف معها في أدائها المتقن. وقالت باولينا جارثيا، التي جسدت دور جلوريا إنها سيدة تعثرت في علاقة تعيسة بعد حفل تعارف للعزاب - إنها «اضطرت إلى النظر إلى الحياة بأسلوب لم تنظر به من قبل». وأضافت أن البطلة « تبحث عن ضوء ساطع». ويدورالفيلم حول امرأة مطلقة في الستينيات من العمر، وتجسِّد قصة لجيل كامل غالبا ما يتعرض للتجاهل في العالم الحالي المهووس بالشباب، وفقا لما يقوله مخرجه التشيلي سيبستيان ليلو. وقال ليلو في مؤتمر صحفي بالمهرجان إن « بلوغ سن الستين لا يعني الاختباء في المنزل.. ما يعنيه هو أن فصلا جديدا بدأ في الحياة». وأضاف « هناك نساء كثيرات على غرار جلوريا في إيطاليا وفرنسا وهناك أخريات في أنحاء العالم... لكن أحيانا نعيش في عالم يركز بصورة مبالغة على الشباب.
وحصل على جائزة الدب الفضي لأحسن ممثل نظيف موجيتش بطل الفيلم البوسني «فصل من حياة جامع الحديد» وكانت هذه بمثابة المفاجأة الليلة بحصول نظيف موجيتش الغجري البوسني المتعطل عن العمل على جائزة احسن ممثل بعد ان اقنعه صناع الفيلم بالقيام بدوره الحقيقي على هامش المجتمع البوسني .

وجائزة أحسن سيناريو حصل عليها الإيراني جعفر بناهي عن فيلمه «الستائر المغلقة». يحكي الفيلم قصة كاتب يختبئ في فيلا على الشاطئ ويعيش مع كلبه الذي يعتبر في إيران حيوانا نجسا، بينما لا يريد الكاتب الافتراق عن رفيقه الصغير، لذلك اختار المنفى. في الفيلم نفسه ويظهر المخرج بناهي في دور مخرج أيضا. إنها لعبة الحلم والحقيقة، الخيال والتمثيل، وهو ما لا ينتهي بنهاية الفيلم. وطبعا فإن حكاية المخرج نفسه تطغى على الفيلم، وتبدو هناك تقاطعات بين قصة الفيلم وقصة المخرج. وأعتقد أن فوز الفيلم بإحدى جوائز البرلينالة، للنظر اليه من الجهة السياسية  وليس كعمل فني، ورغم الضجة الكبيرة للفيلم إلا أن البعض يرى أنه لم تنجح فكرة الفيلم على المستوى الفني، ، ولم يشعر المشاهد بأزمة المخرج الذي بدا وكأنه مهووس بذاته وبظهوره.

وحصل فيلم «دروس الانسجام» Harmony Lessons من كازاخستان على جائزة أحسن إبداع سينمائي في التصوير، وهو من انتاج ألماني وكازخستاني مشترك ومن اخراج أمير بانجازم ، الذى يقول: «أنا متحمس جدا، وأشعر بسعادة غامرة الآن» .. وقصة الفيلم تدور حول طفل عمره 12عاماً يقطن في منزل جده الواقع على المنطقة الحدودية في كازاخستان ويعيش في حياته اليومية تفاصيل قاسية في المدرسة حيث يتعرض للابتزاز من قبل بعض الطلاب في صفه لأنه شخص مسالم .لذلك كان على الطفل أن يرسم استراتيجية للنجاة من هؤلاء الطلاب والانتقام منهم ومع جرعة العنف في الفيلم، إلا أننا لن نرى مشهد القتل، أو  محاولته الانتحار بقطع شريان الرقبة، ويستعرض الفيلم شخصية فتاة محجبة متزمتة،يحاول البطل أن يصادقها ولكنها ترفض.

ونوهت لجنة التحكيم الدولية التي رأسها المخرج الصيني من هونج كونج، وونج كار واي، بفيلمي «الأرض الموعودة» «أمريكا»، وفيلم «ليلى فوري» Layla Fourie من جنوب إفريقيا  وفيلم الأرض الموعودة» تدور قصته حول قضية التشقق الهيدروليكي المثيرة للجدل، بعدما قوبل برد فعل فاتر في الولايات المتحدة. ويلعب ديمون، الذي ساعد في كتابة وإنتاج الفيلم، دور الشخصية الرئيسية ستيف باتلر، وهو رجل مبيعات يتم إرساله إلى بلدة صغيرة للتحدث مع السكان لبيع حقوق استخراج الغاز الطبيعي من تحت أراضيهم الزراعية إلى شركة طاقة كبيرة. وقال ديمون إن فكرة الفيلم الذي أخرجه جوس فان سانت لم تتناول قضية التشقق الهيدروليكي إلا لاستكشاف مفهوم الهوية الأمريكية وفقدان الإحساس المجتمعي في البلاد. والفيلم  عودة أمريكية تقليدية إلى تلك «المثل العليا» للطبقة الوسطى الأمريكية البيضاء وإلى ذلك الحس «الليبرالي» الذي تمسكت به هوليوود التقليدية «الأخلاقية» منذ نشأتها حتى الآن، من أجل أن تنجح في مخاطبة الجمهور العريض الذي ينتمي لتلك النوعية وهي الغالبة على تكوين جمهور السينما في الولايات المتحدة. وبطل الفيلم «ستيف» «مات دامون» يعمل مندوبا لشركة عملاقة تدعى جلوبال، وهو ينتقل بين مختلف الولايات لتأمين الحصول على موافقة الأهالي هنا وهناك على البحث عن الغاز واستغلاله من طرف الشركة في الأراضي التي يمتلكونها، مقابل الحصول على مبالغ مالية ضخمة وبعض الخدمات الأخرى تقدم لسكان القرى والبلدات.

وأما فيلم «ليلى فوريه» فيدور حول أم وحيدة لصبي صغير تقبل وظيفة في كازينو لذلك تترك وابنها مدينة جوهانسبيرج من أجله.. وتنطلق ليلى خائفة ويقع لها حادث يكون ضحيته رجلاً كان يقف أمام سيّـارتها في تلك الساعة المتأخرة من الليل في طريق مهجور وما تلبث ليلى أن تصدمه بقوّة. وبعدما فشلت ليلى  في إنقاذ الرجل الذي مات في سيّارتها تلقي الجثّـة فى القمامة..النقاد يرون أن أداء الممثلة راينا كامبل في دور ليلى هو واحد من تلك العناصر المهمة فى الفيلم.

فيما فاز فيلم «انهيار الدائرة المكسورة» للمخرج البلجيكي فليكس فان جرونينغن بجائزة الجمهور في المهرجان السينمائي الدولي. وفاز فيلم المخرج الأمريكي المولد جوشوا أوبنهايمر «عملية القتل» بجائزة الجمهور لأفضل فيلم وثائقي حيث يحكي هذا الفيلم عن تصفية الشيوعيين في اندونيسيا بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في 1965.

وقرر مهرجان برلين منح جائزة الدب الذهبي الشرفي للمخرج الفرنسي كلود لانزمان، البالغ من العمر 87 عاما، عن مجمل أعماله وذلك تكريما لمسيرته الفنية والسينمائية.

وبهذه المناسبة عرض المهرجان فيلما وثائقيا من أعمال لانزمان حول ضحايا محرقة النازية «هولوكوست» بعنوان «شواه». وخلال الفيلم، الذي يستمر تسع ساعات والنصف من الوقت، أعطى المخرج الفرنسي من أصل يهودي الفرصة لجناة وضحايا للتحدث عن تجاربهم الواقعية حول العنف ومعاداة السامية.
وبهذا ينهي مهرجان برلين السينمائي الدولي فعاليات دورته الثالثة والستين، ليتجدد الموعد بعد عامين، كون المهرجان يقام مرة كل سنتين.

الوفد المصرية في

18/02/2013

 

السينما الرومانية تحقق مزيدا من الانجازات في مهرجان برلين

رويترز / برلين من مايك كوليت:  

حققت رومانيا انتصارا جديدا يوم السبت في مهرجانات السينما الاوروبية بفوز فيلمها "حالة الطفل" Child's Pose بجائزة الدب الذهبي التي تمنح لأحسن فيلم في مهرجان برلين السينمائي ليبزغ نجم البلاد في صدارة مشهد الانتاج السينمائي خلال حقبة ما بعد الشيوعية. ويروي الفيلم الذي اخرجه كالين بيتر نتزر قصة كورنيليا المرأة المتسلطة التي تبذل قصارى جهدها مستغلة مكانتها الاجتماعية للحيلولة دون ايداع ابنها خلف القضبان بعد ان قتل صبيا في حادث سيارة.

يجيء هذا الانجاز الذي حققته رومانيا كأحدث حلقة ضمن سلسلة طويلة من النجاحات التي اذهلت النقاد خلال السنوات القليلة الماضية في مهرجانات مثل برلين وكان مما يقدم السينما الرومانية لقاعدة جماهيرية اوسع نطاقا. ويرفض بعض من كبار المخرجين الرومانيين - ممن ينعمون حاليا بقدر أكبر من الحرية في مجال الفنون التي ازدهرت في اعقاب وفاة الدكتاتور الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو عام 1989 - الحديث عن "موجة جديدة" في حقل السينما الرومانية قائلين بان الفن السابع يجمع الآن شتات اتجاهات وروايات مختلفة المشارب. لكن منذ ان عرض فيلم "وفاة السيد لازاريسكو" The Death of Mr. Lazarescuللمخرج الروماني كريستي بويو في مهرجان كان عام 2005 فيما فاز مواطنه كريستيان مونجيو بعد ذلك بعامين بجائزة السعفة الذهبية المرموقة عن فيلمه المؤلم للمشاعر عن قضية الاجهاض "اربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان" 4 Months, 3 Weeks and 2 Days نحتت السينما الرومانية مكانة راسخة لها على خريطة السينما العالمية. وقال نتزر لرويترز بعد تسلمه جائزة الدب الذهبي عن فيلمه "حالة الطفل" ان ذلك يمثل "اعترافا - على حد ظني - بان السينما الرومانية ماضية في طريقها منذ بضع سنوات في انتاج نوعية جيدة من الافلام وانها لموهبة فذة ان تظل كذلك."

وفيما يختلف كل فيلم عن سابقه فان ثمة خيطا مشتركا يربط بين السرد الروائي الرصين والدراما الانسانية المقنعة التي تعرض في اغلب الاحيان على خلفية مجتمع قاس غليظ القلب. وقال نتزر إن فيلمه لا يتعرض لانتقاد رومانيا الحديثة على الرغم من تعرضه للملامح المادية الصارخة وجوانب الفساد بين طبقة الاثرياء الجدد. وقال للصحفيين في برلين عقب حفل الختام يوم السبت "اعتقد انه يتعرض في الاساس لعلاقة مرضية بين ام وابنها. اما البقية المتمثلة في الفساد والاطار العام والسياق فجميعها على مستوى منفصل ولا تمثل سوى خلفية."

ومن المرجح ان يمنح الانجاز الذي احرزنه رومانيا في برلين امس صناعة السينما بها زخما كبيرا في مجال التوزيع في رومانيا وخارجها. وكانت مفاجأة حفل الختام حصول نظيف موييتش - الغجري البوسني المتعطل عن العمل - على جائزة احسن ممثل بعد ان اقنعه صناع الفيلم بالقيام بدوره الحقيقي على هامش المجتمع البوسني في فيلم "حلقة من حياة جامع الحديد" An Episode in the Life of an Iron Picker. وحصل المخرج الامريكي ديفيد جوردون جرين على جائزة احسن مخرج عن فيلمه الكوميدي "برينس افالانش" Prince Avalanche وحصلت التشيلية بولينا جارسيا على جائزة افضل ممثلة عن فيلم "جلوريا" Gloria الذي لعبت فيه دور مطلقة في سانتياجو.

وكانت جائزة احسن ممثلة قد شهدت منافسة حامية في مهرجان برلين هذا العام مع حصول ليومينيتا جورجيو والممثلة الفرنسية كاترين دينوف ومواطنتها جولييت بينوشيه على تقديرات من النقاد على ادائهن. وقدم المهرجان في حفله الختامي جائزته الخاصة للمصور القازاخستاني عزيز زامباكييف عن فيلم "دروس انسجام" Harmony Lessons ودينيس كوت مخرج الفيلم الفرنسي الكندي المشترك "فيك وفلو شاهدا دبا"Vic + Flo Saw a Bear.

إيلاف في

17/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)