حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الثالث والستون

من الذي سيفوز بالدب الذهبي في مهرجان برلين؟

أمير العمري- برلين

إنتهى تقريبا عرض أفلام مسابقة مهرجان برلين السينمائي وهي تسعة عشر فيلما. ويجب أن نلاحظ أن مهرجان برلين تحديدا، دونا عن غيره من المهرجانات، مغرم بتضليل النقاد والصحفيين فيما يتعلق بعدد أفلام المسابقة، فالقائمون عليه لا يعلنون قائمة أفلام المسابقة مرة واحدة في مؤتمر صحفي قبل اسبوعين أو ثلاثة أسابيع من موعد افتتاح المهرجان كما يفعل مهرجان كان مهرجان فينيسيا وغيرهما، بل يظل يعلن عن عدد من أفلام المسابقة بين حين وآخر. وينتهي الأمر عادة، بأن يصبح العدد الكلي لأفلام المسابقة غير محدد بدقة رغم السمعة العالمية التي تعتبر الإنسان الألماني من أكثر شعوب العالم دقة وإتقانا!

مجلات السينما العالمية مثلا نشر بعضها أن أفلام المسابقة 21 فيلما، وبعضها الآخر قال إن العدد 20 فيلما في حين نشرت مجلات وصحف ومواقع متخصصة منها هذا الموقع أن عددها 22 فيلما. وأصبح الأمر خاضعا لشتى الاجتهادات. والسبب يعود إلى أن المسؤولين عن المهرجان يخلطون (لا أعرف عن عمد أم عن سهو أم عن مداعبة!) بين أفلام المسابقة التي ستتنافس على الجوائز، والأفلام التي ستعرض ضمن "البرنامج الرسمي" أو ما يسمى بـ"الاختيار الرسمي" Official Selection فهم يضعون أمام بعض الأفلام عبارة مضحكة تقول بالحرف حسب البرنامج الرسمي المطبوع: داخل المسابقة (خارج المسابقة)!!

ما يمكن فهمه من هذا التعبير أن الفيلم سيعرض في المسابقة ولكن خارجها، فهل يمكن بأي منطق في العالم تصور أن يكون الفيلم داخل وخارج المسابقة في وقت واحد. ولك أن تضع من علامات التعجب ما يلائمك. وبالتالي نكتشف بعد وصولنا إلى برلين ومطالعة البرنامج أن هناك أفلاما خارج التنافس ونستنتج أنها داخل الاختيار الرسمي وإن وضعت تحت لائحة المسابقة. وكلها ألغاز يستحيل علينا استيعابها أو حتى إقناع الألمان بتغييرها. وقد تناقشت كثيرا مع نقاد من العرب والعجم حول هذا الموضوع فوافقني الجميع على أن الأمر "غير مفهوم" في أفضل الأحوال!

يقينا الآن نقول إن أفلام المسابقة 19 فيلما فقط (وليس 22 كما سبق أن نشرنا). وأن عدد الأفلام الأمريكية المتسابقة 4 أفلام (وليس 5 كما نشرنا).

والواضح الجلي الآن أن المهرجان فضل عرض عدد من أفلام كبار السينمائيين المرموقين خارج المسابقة، لكي يتيح الفرصة للسينمائيين الشباب لنيل قسط من الأضواء وربما الحصول على جائزة أو أخرى تساعدهم على شق طريقهم في عالم السينما، ومنها أفلام أولى لمخرجيها.

على سبيل المثال عرضت أفلام البريطانيين مايكل وينتربوتوم وكن لوتش، والسويدي بيللي أوجست، والإيطالي جيوزيبي تورناتوري ضمن قسم "عروض برلين الخاصة" أي خارج المسابقة بشكل لا لبس فيه.

أما أفلام المسابقة فأهمها وأفضلها هي (بدون ترتيب): "فصل في حياة جامع الحديد" لدانيس تاتوفيتش (البوسنه)، و"جلوريا" لسباستيان ليليو (شيلي)، و"دروس الانسجام" Harmony Lessons لأمير بانجازم (كازاخستان مع تمويل ألماني)، و"باسم..." مالجوسكا سوموفوسكا (بولندا) وأخيرا "سلوك أطفال" Child’s Pose لكالين بيتار نيتزر (رومانيا). وهناك إعجاب محدود بالفيلم الفرنسي "كامي كلوديل" الذي يصور قسطا من السنوات التي عاشتها النحاة الفرنسية الشهيرة- عشيقة الفنان رودان- داخل مصحة نفسية حتى نهاية عمرها. تألقت في الدور بالطبع جوليت بينوش، لكن ليس هذا جديدا عليها فهي عبقرية منذ أن رأيتها في فيلم "الخفة اللامحدودة للوجود" قبل 25 عاما.

إذا ما طبقت المقاييس الفنية وأخذ في الاعتبار المستوى السينمائي فقط دون غيره من الاعتبارات المعروفة، فسوف لن تخرج الجوائز الرئيسية وعلى رأسها الدب الذهبي، عن الأفلام التي ذكرناها.

درس من كازاخستان

فيلم "دروس الانسجام" Harmony Lessons جاء مفاجأة حقيقية وهو أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الكازاخستاني (أمير بايجازن) ويصور موضوعا يتعلق بالعنف داخل المدارس الذي تمارسه عصابات منظمة من بين تلاميذ المدارس على غالبية زملائهم، ويبتزونهم للحصول على المال منهم مقابل الماية وعدم التعرض لهم بالضرب والإيذاء البدني العنيف كما نرى من خلال تجربة الطقل "أصلان" (13 سنة) الذي تتحول حياته إلى جحيم من طرف "بولان" زعيم إحدى هذه المجموعات الإجرامية داخل المدرسة، وينتهي الأمر بأن يقتل بولان على أيدي منافسيه، لكن يتهم أصلا وصديق له أراد أن يساعده ويتصدى لبلطجة بولان، وهنا ينتقل الفيلم إلى تصوير ما يمارس من عنف وتعذيب بدني رهيب على الطفلين داخل السجن بغرض دفعهما إلى الاعتراف بارتكاب الجريمة التي لم يرتكباها!

ورغم جرعة العنف الكبيرة في الفيلم، إلا أن المخرج يتفادى تصوير مشهد القتل، أو مشهد محاولة أصلان الانتحار بقطع شريان رقبته، فهو لم يكن مهموما بتقيق الصدمة للمتفرج، بل بمعنى ومغزى ذلك العنف، كما يتجنب التركيز على دور "الكبار" في التستر على ما يحدث في المدرسة، أو تشجيعهم العنف لخدمة أغراضهم الخاصة، فهدفه لم يكن خلق مقارنة بين عالمي الكبار والصغار (على نحو ما يفعل مثلا الفيلم البريطاني الشهير "إذا" If لليندساي أندرسون (1969) بقدر ما كان التركيز على تقديم رؤية داخلية لعالم الصغار.

ويعقد الفيلم مقارنات مستمرة بين الحشرات والحيوانات، وبين السلوك الإنساني، إنه مثلا يتوقف كثيرا أمام ولع البطل الصغير "أصلان" بالحشرات مثل الصراصير، والحيوانات مثل الظب، كما يفتتح الفيلم بمشهد يقوم فيه أصلان بذبح خروف صغير، ثم يعود رظهر لقطة (متخيلة) للخروف الأبيض نفسه وهو يعبر بحيرة، وهو يظهر قبل النهاية مباشرة التي تنزل على بطلنا الصغير وهو يسبح في الخيال، لقد أصبح الخوف متجذرا في نفسه، حتى أنه يتخيل عودة بولان إلى الحياة يناديه أن يسير على الماء ويتجه إليه حيث يقف مع أحد أتباعه، على الطرف الآخر من البحيرة.

ويقدم السيناريو شخصية فتاة محجبة متشددة ضمن الفصل، بدعوى أن قيم الإسلام تفرض عليها الحجاب، خلال مناقشة مع المشرفة على الفصل التي تقول لها إن حجابها يتناقض ع الزي المدرسي الموحد. هذه الفتاة يتخيلها أصلان الذي يغرم بها، وهي ترقص، كما يحاول أنم يصادقها لكنها تصده، وينتهي الأمر بانتقال هذه الفتاة "أكشان" إلى مدرسة أخرى.

لكن كازاخستان دولة تقطنها أغلبية من المسلمين، اكن والدة أصلان تمنحه قلادة في داخلها دعوة له أن يذكر إسم الله كلما شرع في عمل شيء. وهو يتمسك بها ويرفض حتى أن يخلعها عن رقبته قبيل إيداعه السجن مما يعرضه لغضب الحارس الذي يقوم بالتنكيل به في وحشية.

هناك لغة شعرية واضحة في أسلوب المخرج في فيلمه: الانتقال بين المشاهد لا يخضع لمنطق الدرامي التقليدي بل للتداعي الحر الذي يقفز أحيانا على منطق التتابع لكي يسبح بعيدا في خيالات البطل الصغير، أو يعود للتركيز على الحشرات التي قام بحبسها وأصبح يجري التجارب عليها، وهناك أيضا اهتمام كبير بالصورة، بالمزج بين عالم الأحلام وبين الواقع، زاستخدام خلاب للطبيعة المحيطة. الموضوع يظل هو العنف: في المدرسة وفي السجن، أي في المجتمع أيضا عموما، ولكن الفيلم ليس أحد تلك الأفلام "التربوية" التي تدين وتحر وتلعن، بل فقط زمن خلال ذلط الأسلوب الطبيعي، ترصد وتدقق وتتوقف أمام الظاهرة وتبث عن معنى لها.

أعراض جانبية

فيلم المخرج الأمريكي الكبير ستيفن سودربرج الذي أعلن إنه سيكون فيلمه الأخير "أعرض جانبية" Side Effects يخوض مجددا في عالم المرض والأدوية والشركات التي تتاجر في الدواء، من خلال حبكة تقليدية تقوم على كيفية تأثير الأدوية على مريضة بالاكتئاب مما يدفعها إلى القتل، وكيف يلعب طبيبها النفسي دورا كبيرا في الكشف عن الحقيقة.

في البطولة جود لو وكاترين زيتا جونز وروني مارا، لكن الفيلم يمتليء بالثرثرة- البصرية والكلامية- وبالاستطرادات ويبدو أطول زمنيا كثيرا مما كان ينبغي بسبب الرغبة في إدخال الكثير من التفاصيل والشخصيات حتى يقنع المشاهدين بواقعية الحدث. لم يترك الفيلم أي تأثير (جانبي أو عرضي) على المشاهدين!

الفيلم البولندي "باسم..." In the Name… يتمتع بستوى جيد وجرأة شديدة في طرح موضوع العلاقات المثلية داخل الكنيسة الكاثوليكية (في بولندا هنا) بل يجعل بطله القس الشاب الذي يمتليء بالحيوية والحس الإنساي في تعامله مع مجموعة من الشباب داخل جمعية كاثوليكية ترعاهم، وكيف يقع في حب أحدهم ويقيم علاقة معه، لكن الأمر يتسبب له في فضيحة شخصية له وللمكان الذي يعمل فيه (الكنيسة) مما يؤدي إلى نقله بعيدا عنه، ويرصد الفيلم معاناته من أجل التغلب على أزمته، على ضعفه في التوجه إلى الجنس نفسه، بل إنه يصرخ مخاطبا شقيقته وهو تحت تأثير الخمر التي أدمن عليها، بالقول إنه مريض ولابد أن يعترف بذلك زوإنه سيترك العمل في الكنيسة. لكنه بالطبع لا يفعل لان الأزمة أكثر عمقا.

جامع الحديد

من الأفلام التي تركت أيضا انطباعا جيدا جدا في المهرجان فيلم بسيط وذو طابع تسجيلي هو القادم من البوسنه للمخرج الشهير دانيس تانوفيتش الذي حصل فيلمه "منطقة محايدة" (2001) No Man’s Land على السعفة الذهبية في مهرجان كان ثم جائزة الأةسكار والجولدن جلوب لأحسن فيلم أجنبي.

لكن هذا الفيلم الجديد بعنوان "فصل في حياة جامع الحديد" (لم تتجاوز تكاليف إنتاجه أكثر من ثلاثين ألف يورو) والذي صور في إحدى قرى توزلا بالبوسنه، يعيد إطلاق مخرجه مجددا بعمل يستوحي من تراث الواقعية الشعرية اليوغسلافية الشهيرة (كما تبدت فيلم "تاجر الريش" أو رأيت الغجر السعداء- لألكسندر بتروفيتش (1966). إنه يقدم صورة شديدة الاختلاف عن الأفلام التي تصور حياة الغجر.

وعلى أي حال يستحق هذا الفيلم مقالا مستقلا تفصيليا عنه.

شخصيا أرشح فيلم "جلوريا" الشيلي للصول على جائزة الدب الذهبي، والفيلم البوسني (الدب الفضي)، وبطلة الفيلم الروماني "أسلوب أطفال" Child’s Pose لجائزة أحسن ممثلة، وبطل الفيلم البولندي (القس الشاب) لجائزة أحسن ممثل. لكن شعارنا سيظل دائما "كذب المنجمون ولو صدقوا" (أو صدفوا!) فلا أحد يملك التنبؤ بما يمكن أن تخرج به علينا أي لجنة تحكيم في مهرجان سينمائي دولي، فلجان التحكيم لها حسابات أخرى وأمزجة أخرى غريبة لو تعرفون!

عين على السينما في

14/02/2013

 

 

"برداية" جعفر بناهي في "برليناليه 63": هذا أيضاً ليس فيلماً

سادربرغ في آخر فيلم قبل اعتزاله هيتشكوكيّ أكثر منه فضائحيّاً

برلين ــ هوفيك حبشيان

الايراني جعفر بناهي ليس اول مخرج في العالم عرضة للاضطهاد، لكنه أوفر المضطهدين حظاً. فهو ينال البركة والتأييد من كل الجهات مذ قررت المحكمة الثورية في بلاده مصادرة حقه في صناعة الأفلام. حاضرُ غيابياً في كلّ المهرجانات، له طيفٌ مقيم فيها، وإن بقي جسده في طهران. مرة يُستحضر بفيلم، لا يخفي بناهي انه ليس فيلماً، ومرة يؤتى به من خلال ترك مكان شاغر له في لجنة التحكيم. انه الطفل المدلل لهذا الغرب الذي يعشق قصص الظلم الآتية من البعيد المجهول. الأرجح أن كثيرين كانوا تمنّوا لو أنهم في مثل موقعه: ابليسٌ في الداخل، نبيٌّ في الخارج.

هذا تمهيد للقول ان بناهي (53 عاماً) يعود اليوم الى برلين، المهرجان الألماني الذي لطالما كان من أشدّ الداعمين له ولقضيته، حيث نال "الدبّ الفضي" عام 2006 عن "أوف سايد". بعد عام ونصف عام على تهريب شريطه الوثائقي "هذا ليس فيلماً" الى كانّ، يكرر بناهيّ السيناريو نفسه مع "برداية" (مسابقة) الذي تشارك في اخراجه مع كامبوزيا بارتوفي: فيلم صُوِّر بالسرّ ونُقل "تحت المعطف": امكانات محدودة، ديكور محدود، شخصيات قليلة، حبكة بسيطة الشأن. التقط بناهي المشاهد في منزله الواقع بالقرب من البحر. انه المقابل الروائي، اذا صحت التسمية، لـ"هذا ليس فيلماً"، مع ممثل يجسد ما يمكن اعتباره "الأنا الأخرى" لبناهي. منذ بعض الوقت، ظروف التصوير، الصعبة والسرية، تضطلع بدور أساسي في تقويم عمل بناهي. ولّى الزمن الذي كان فيه صاحب "الدائرة" مقدراً ذاته، وليس ما يواجهه من عقبات. الآن، باتت الحكايات المحيطة بالفيلم تسبق أفلامه الى المهرجانات والى آذان النقاد. صارت سينماه ردّ فعل وليست فعلاً!

مع "برداية"، نحن أمام فيلم جديد، هو ثمرة المنع والعسف، ولولاهما لما كان له وجود. بيد ان ما كان يمكن تبريره الى حدّ ما في "هذا ليس فيلماً"، يفقد شرعيته هنا في "برداية"، حدّ اننا نبدأ في التفكير جدياً: هل كان اختار ديتر كوسليك هذا الفيلم لولا تحول بناهي الى رمز من رموز النضال السياسي؟ مهما يكن الجواب، فمن الواضح ان بناهي يتعالج نفسياً من خلال سينما تدور حول شخصه، أحياناً بنرجسية مفرطة وقاتلة. "برداية" هو الفيلم الذي يجعل بناهي يقفز فوق الكآبة التي تعرض لها، فيتخطاها ويجعل منها مادة سينمائية. لكنها مادة تظل بعيداً من القلب والاحساس. لا يهمّ ما اذا كان للعمل قيمة سينمائية، وما اذا كان ميكانيكياً وبارداً، المهم أن يعبّر عن وجع رجل يتألم، لأنه بات محكوماً بحكايات معينة، ولأنه سُلب حقّ أن يروي ما يريد في الزمان والمكان اللذين يختارهما. في أحد المشاهد، يقول حارس المنزل لبناهي (يظهر في آخر الشريط) إن الحياة أهم من العمل. الأمر الذي يبدو أن بناهي لا يوافق عليه البتة، اذ يردّ قائلاً بأن هذه ظاهرة غريبة عنه.

أما ما نراه على الشاشة فهو الآتي: كاتب مصاب بنوع من بارانويا، منزوٍ في فيلا على شاطئ البحر، يخاف الخروج فيسدل الستائر السود من حوله ويعيش في عزلة مقيتة مع كلبه، الحيوان الذي يُعتبَر رمزاً للنجاسة في الاسلام. كادر ثابت يفتتح الفيلم، يرينا مشهداً لرجل يوقف سيارته ويأتي بحمولةٍ ما الى الكاتب. لا شيء يتحرك كثيراً. الهواء يلعب في الخارج بصفاء، وصوت الأمواج يمنح اللقطة شاعرية. أجواء انطونيونية. لا نشعر بوجود كاميرا، الى أن يدخل الكاتب المنزل، فتتحرك آلة التصوير في اتجاهه. فجأة، يظهر رجل وامرأة من اللامكان، يخرج الرجل فتبقى المرأة. الشرطة تبحث عنها. هذه امرأة ترغب في الانتحار. في النهاية، لا يعود في مقدور بناهي ان يخفي اللعبة: كل هؤلاء محض خيال. انهم امتدادات مشتتة لذاته.

¶¶¶


اذا كانت السينما تسدّ بابها أمام بناهي، فهناك مَن ملّ السينما ويريد الاعتزال. هذا الشخص ليس الا المخرج الأميركي ستيفن سادربرغ، الذي اعلن أخيراً انه يريد أن يأخذ قسطاً من الراحة قد يطول لبعض الوقت. خيارٌ عاقل، وخصوصاً ان سينماه ظهرت فيها أخيراً أعراض الارهاق، ربما لأن سادربرغ صنع في عقدين ما صعب على كثيرين صنعه (24 فيلماً على الأقل!)، وانتقل من جانر الى آخر، ولم يترك موضوعاً لم يصوّره. فقط في السنوات الثلاث الأخيرة، أنجز خمسة أفلام. اليوم، يشارك في مسابقة برلين بـ"أعراض جانبية" الذي من المفترض اذاً ان يكون فيلمه الأخير. هذا الشريط يندرج بالفعل في سياق ما يعزّ على قلب سادربرغ: فتح ملفات ساخنة. لكن هذه المرة، يميل الى مبدأ هيتشكوكي في ابتكار مناخات سينمائية أكثر من اهتمامه بالفضيحة.

يروي الفيلم حكاية امرأة مكتئبة (روني مارا) تدفعها كآبتها الى ان تقتل زوجها تحت تأثير تعاطي الأدوية. خلف الأدوية التي تتناولها: معالج نفسي (جود لو) يريد ترويج عقاقير مهدئة لمصلحة صانع ادوية. لا يكتفي سادربرغ بإفراغ جعبته من الادانة للصناعة الصيدلانية، فهو يحبك بذكاء أحياناً وبملل أحياناً اخرى قصة يرتقي بها، من حيث لا ندري، الى الثريللر التشويقي والنفسي. مع الأجواء المرصودة والشكل الذي يريده المخرج لفيلمه، يبحر النصّ الى أماكن أخرى، غير تلك التي عوّدنا عليها مخرج "ترافيك". في الختام، يمكن اعتبار "أعراض جانبية"، نصف فشل او نصف نجاح، هذا يتوقف على ما كنتم تتوقعون منه.

¶¶¶


بعيداً من اميركا وفضائحها التي لا تنتهي، ثمة فيلم اسمه "ليلى فوري" لبيا ماريه. هذا واحد من أكثر الأفلام تسبباً للازعاج في هذه الدورة. لا نفهم حقاً ما الذي دفع الادارة الى اختيار مثل هذا الشريط لعرضه في المسابقة. تجري الاحداث في جنوب أفريقيا في جوّ من الترهيب والخوف والقلق الدائم. أمّ عازبة تُتهم بالقتل وعليها أن تثبت براءتها في بيئة يسيطر عليها الخوف من الآخر. رأى المُشاهد ان السيدة ارتكبت فعلاً الجرم، لكن يبدو اننا لم نرَ الا نصف الحقيقة. تبقى المرأة وحيدة مع ابنها الشقي والمتطلب في مواجهة الجميع. يتخبط الفيلم كثيراً ليجد اسلوباً يليق به وبهويته الألمانية (انتاجاً) وجنوب افريقيته (قلباً). كلما بحث أكثر، اغرق نفسه في متاهات. تبرع ماريه، سليلة "المدرسة البرلينية"، في تقطيعات مونتاجية، لكن السيناريو المفتعل ومقاومة الفيلم لأي نوع من العواطف داخل السيرورة الدرامية، يجعلان حياة الفيلم قصيرة، ولا تكاد تتخطى النصف ساعة. أما الباقي، فلا شيء سوى جثة فيلم.

ما كنا نقوله سابقاً عن برلين نعيد قوله اليوم: المشكلات الكبرى التي كان يعاني منها المهرجان في الدورات الماضية تفاقمت الى درجة بات اخفاؤها صعباً. انعدام الذوق الذي بيّنه الطاقم المبرمج، وفي مقدمه كوسليك، يجب أن ينتج منه على الاقل اشراك دم جديد برؤية جديدة. للأسف، لا تزال التيمة في صدارة اهتمامات هذا الفريق. ما يقوله الفيلم عند المبرمجين في برلين أهم من كيفية قوله ولماذا يقوله؟ هذه السياسة في الانتقاء متأتية ربما من هوس بالتاريخ يثقل كاهل المهرجان ويتيح وصول افلام الى الضوء حظوظها قليلة في مهرجانات أخرى. فـ"البرليناليه" يبدو كأنه ملتزم قضايا معينة: الهولوكوست مثلاً، أو النازية، أو الهجرة بين الشرق والغرب، أو المظالم في بلدان العالم الثالث...

hauvick.habechian@annahar.com.lb

برلين، مدينة الغد... اليوم!

برلين مدينة مفتوحة تستقطب الجديد والغريب. ساحة بوتزدامر نموذج للحداثة الألمانية التي استشفها فريتس لانغ في "متروبوليس" متطرقاً الى مسألة مكننة الانسان. مركز سوني سانتر يعبّر عن رؤية مستقبلية. انه مدينة الغد... اليوم! بقية الأشياء الموجودة ترزح تحته. مهرجان هذه المدينة التي مرّت بمخاضات متكررة، إذ يُعقد مرة كل عام، يعكس فكرة الحداثة. بدءاً من الملصق وصولاً الى الشريط المشبع بالموسيقى الالكترونية قبل عرض كل فيلم. انه مهرجان ذو عراقة، يبحث دائماً عن هوية جديدة له في ظلّ المتغيرات، محاولاً القفز من فوق أسوار التاريخ وجدرانه وعوائقه الى عالم جديد. المهرجان ليس فقط نجوماً وافلاماً. انه ايضاً في "كامبوس المواهب" الذي يبث روح السينيفيلية في قلب الأجيال الناشئة. منذ تاريخ تأسيس هذا الكامبوس، 4000 سينمائي شاب من 130 بلداً شاركوا في المهرجان. الادارة مهتمة بهم لأنها تعلم جيداً أن هؤلاء سيملأون شاشات الـ"برليناليه" في السنوات المقبلة. وعود بسينما حديثة ستولد هنا من نقاشات حامية بين شباب ينظرون الى السينما نظرة مغايرة. معظمهم ولد بعد انتهاء الحرب الباردة. ليس من السهل تدفئة القلوب في مهرجان، عندما تصل حرارة المدينة الى عشر تحت الصفر. لكن الجمهور البرليني طويل البال. ينتظر في طوابير ويحترم طقوس المشاهدة ولا يعبّر عن رأيه الا بعد مضي فترة على مشاهدته الفيلم. ليس جمهوراً "سهلاً"، بمعنى أن ارضاءه يحتاج الى جهد كبير من الادارة. جمهور مثقف سينمائياً، يمتلك مرجعيات فكرية عالية في مدينة تعدّ من متروبولات الثقافة في أوروبا.

لا تزال السينما أمام الليبيرالية والمنطق النفعي، محصنة الى حد ما. لكن، اذا كان كوسليك صرح سابقاً في سياق كلامه عن قضية بناهي بأن لا مكان للرقابة في برلين، فعقود الشراكة التي تربطه بنحو اربعين من الجهات الرسمية والخاصة، من لوريال الى هوغو بوس، هي ايضاً نوع من الرقابة، اذا ان هؤلاء هم الذين يمولون الجزء الأكبر من المهرجان، ويملون عليه تالياً أذواقهم وتوجهاتهم التسويقية.

النهار اللبنانية في

14/02/2013

 

سينما حبيسة عند بناهي وانتفاضة غزة مِن على السَطح

برلين – محمد موسى

الترقب الذي سَبَقَ عرض «الستارة المغلقة»، فيلم المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي الجديد في مهرجان برلين السينمائي، والذي تختتم دورته الـ 63 يوم الأحد المقبل، لم يعرفه كثير من الأفلام المعروضة في المهرجان الألماني في السنوات الخمس الأخيرة. إدارة المهرجان بدورها أحاطت تفاصيل العرض العالمي الأول للفيلم بِكتمان كبير، فلم تَتَسرب أي معلومات عنه عدا تلك التي نشرت في الدليل الخاص بالمهرجان، والتي لم تقترب من جوهر الفيلم، وهو العمل الثاني الذي ينجزه المخرج الإيراني منذ بدء أزمته مع السلطات في بلده عام 2009.

يبدو المشهد الافتتاحي لفيلم «الستارة المغلقة»، وكأنه يُكمل بعض مشاهد فيلم مخرجه الأخير «هذا ليس فيلماً»: كاميرا في غرفة تُصور العالم الخارجي عبر شباك ضخم، هذا الشباك مغطى من الخارج بحديد يشبه ابواب زنزانات السجون. و «العالم» الذي تصوره الكاميرا سيكون هنا بحراً واسعاً، يقع على بعد أمتار قليلة من المنزل الذي سيشهد معظم أحداث الفيلم. سُكون المشهد الافتتاحي الطويل يقطعه وصول سيارة تقل رجلاً مع كلبه، ونكتشف ان هذين يتخذان من المسكن ملجأ لهما، هرباً من بوليس يطارد الرجل (الكاتب) وكلبه، والأخير مهدد بفعل عمليات قتل الكلاب الرسمية، التي تنطلق بين فينة وأخرى في دول الشرق. بعد أيام من وصول الرجل وكلبه، تنضم اليهما إمراة غامضة، هاربة هي الأخرى من البوليس الإيراني، لكن مشكلتها الكبرى لن تكون هنا بل في نزوعها المتواصل للانتحار وإنهاء حياتها.

مع ظهور المخرج نفسه، بعد انقضاء أكثر من ثلث الفيلم، يتبدى أن كل ما مَرّ على الشاشة هو غير حقيقي ومُتخيل ليملك رمزية خاصة بالمخرج، وأننا في الحقيقة نشاهد نسخة أخرى محدثة للفيلم التسجيلي «هذا ليس فيلماً» للمخرج والذي عرض قبل عامين. نسخة بصبغة روائية تنفذ هذا المرة الى عالم المخرج النفسي الداخلي. كما أن الرجل والمرأة ربما يكونان شخصيتين روائيتين لأفلام لم تنفّذ للمخرج نفسه، او يشيران الى أشخاص مقربين منه، أو أن أزماتهما هي وجوه لأزمة بناهي، بخاصة صدامه مع السلطة في بلده والذي أدى الى إبعاده القسري عن السينما لعشرين سنة، ووفق القرار القضائي الإيراني الشهير.

يستعيد بناهي في فيلمه روح السينما الفيلينية تاركاً «اللاوعي» يتفجر على الشاشة. هو أيضاً لا يمانع في التجريب، فيدعو المشاهد الى الوقوف وراء كاميراه وهي تصور مشهداً في الفيلم، لا بقصد أفساد سر السينما، بل للاحتفاء بها. فالحميمية التي تنقلها الأفلام منذ مئة عام، يتم تصويرها بعمليات تقنية روتينية. وفي الوقت نفسه، لا يغفل بناهي الإضافة التي تمثلها كاميرات الهواتف المحمولة الى وعينا البصري، فيقدم مشهداً ساحراً لكاميرا هاتف بناهي نفسه وهي تصور مشهداً من البحر المقابل. عندما يزيل المخرج الايراني الستائر المعلقة على جدران بيته الداخلية في مشهد يثير الغصات، تظهر ملصقات بأحجام كبيرة لأفلامه. انه بيت آخر لبناهي، غير تلك الشقة الطهرانية التي يعيش فيها وظهرت في «هذا ليس فيلماً»، ونحن ندخل هذا البيت الآخر لنشهد على عذاب المخرج المتواصل منذ أربعة أعوام.

تواصل شخصيتا الفيلم الأساسيتان الظهور والاختفاء، وأحياناً تبدآن الحوار مع المخرج، كذلك يتم في النصف الثاني من الفيلم استقبال شخصيات عابرة، تبدو في معظمها وكأنها لنماذج من إيرانيين قابلهم المخرج في زمن إقامته الإجبارية في بيته. في أحد المشاهد، يتعرف شابان يقومان بتصليح شباك مكسور في بيت جعفر بناهي على هوية صاحب البيت، عندها يطلب أحدهما أن يتصور معه، في حين يكشف الآخر أنه وعلى رغم رغبته هو أيضاً ان يكون في الصورة مع المخرج، يخشى أن تثير صورة كهذه مشاكل مع السلطات هناك.

ولأن من غير الممكن حالياً معرفة ظروف إنتاج فيلم «الستارة المغلقة»، سيبقى الغموض يحيط به ويمنحه هالة من التبجيل، وهو يستحق كثيراً منه بالتأكيد. لكن وبعد فيلمين يعبّران عن رغبة المخرج الإيراني بالعمل مجدداً والوقوف خلف الكاميرا لتصوير فيلم جديد، ربما يكون قد حان الوقت الذي نشهد فيه فيلماً جديداً مختلفاً لصاحب «الاوفسايت» و «الدائرة»، لكنه أمر لا يزال تقديره او التنبؤ به عسيراً كثيراً.

فلسطين بغزة ومن دونها!

يشبه الفيلم الإسرائيلي «صخرة القصبة» للمخرج ياريف هورويتز، والذي عرض ضمن برنامج بانوراما، في موضوعه ومساره، أفلاماً إسرائيلية جريئة أنتجت في السنوات الخمس الأخيرة مثل: «فالس مع بشير» للمخرج آري فولمان (2008) و «لبنان» للمخرج صموئيل ماعوز (2009)، فهو يستعيد في دوره، نزاعاً مسلحاً من الماضي الإسرائيلي، ودائماً في نيّة مُحاسبة الذهنية الرسمية، وتحديداً من طريق تفكيك أخلاقيات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالتركيز على دينامية المكاشفة والعنف التي تنشأ بين جنود إسرائيليين في زمن الحروب العسكرية والتوترات الأمنية مع العرب. الفيلم الجديد لا يعود الى احتلال إسرائيل العسكري للبنان عام 1982، كما فعل الفيلمان السابقان، بل يقدم قصة من مدينة غزة أثناء الانتفاضة الفلسطينية الاولى وبالتحديد عام 1989، عندما كانت المدينة الفلسطينية تخضع لاحتلال عسكري إسرائيلي مباشر. هنا عندما تصل الوحدة الإسرائيلية الجديدة الى المدينة المنتفضة، تستقبلها حجارة شباب فلسطينيين، لتدخلها في أتون الحياة اليومية العنيفة في المدينة. سريعاً ستفقد الوحدة العسكرية أحد جنودها، الذي يلقى حتفه بعد أن يقوم شابان فلسطينيان بإلقاء غسالة ملابس كهربائية على رأسه من سطح بيت عائلة غزاوية، ليقرر الضابط المسؤول عندها أن يُبقي الوحدة بأكملها ولأيام طويلة على السطح الذي شهد الحادثة، على أمل إلقاء القبض على الفاعلين.

كثير من مشاهد هذا الفيلم الإسرائيلي ومشاهد المواجهات والذروات الدرامية التي يصلها ستكون مأخوذة من على ذلك السطح، ليقترب الأخير في فيلم «صخرة القصبة» من ذاك الذي مثلته «الدبابة الإسرائيلية» في فيلم «لبنان»، والتي ضلت طريقها بالجنود الذين تحملهم في البلد العربي الذي دخلته لتوّها. الدبابة هناك والسطح هنا هما كل على طريقته، الفضاءان اللذان يشهدان تصادم الافكار والمعتقدات لجنود اسرائيليين، وجدوا أنفسهم محصورين جسدياً ورمزياً بسبب حروب ونزاعات هيمنت على حياتهم كلها. لكن شخوص فيلم «صخرة القصبة» من الجنود الإسرائيليين هم أكثر قرباً الى الواقع المعيش من نظرائهم في فيلم «لبنان»، اذ أغرق الأخير بالترميز ليناسب الشكل الفني العام المؤسلب له. فيمكن بسهولة تمييز مواقف جنود وحدة فيلم «صخرة القصبة»، فهناك الجندي البراغماتي الذي يرى أن هذه المدينة (غزة) بوابة الجحيم للدولة العبرية، «فيجب أن تتخلص منها سريعاً». ومنهم من يؤمن بالسلام في سِرّه، وبأن خلف السّحنات القاسية لقاذفي الحجارة «بشراً» لا يختلفون عنهم. كما ان هناك الجندي المحافظ، الذي يعتبر أن غزة، «ببحرها الذي لا تملك إسرائيل مثله»، يجب ان تكون جزءاً أبدياً من الدولة العبرية.

كحال الأفلام الإسرائيلية التي تستعيد حقب الصدامات التاريخية الدموية مع «الجيران العرب»، لا يمكن قراءة فيلم «صخرة القصبة» من دون الولوج مجدداً في تعقيدات ذلك الصراع. والفيلم في الحقيقة يدعو مشاهده الى ذلك، فهو ووفق ما يقول المخرج في بيانه الصحافي، يستند في جزء منه إلى تجارب جنود إسرائيليين خدموا فعلاً في غزة، ومناطق فلسطينية أخرى في زمن الانتفاضة الاولى. هذا بدوره يستدعي أسئلة كثيرة عن الصورة التي ظهر بها فلسطينيّو الحي الفقير في غزة في الفيلم. ومساحة هؤلاء والاهتمام الذي أُولي لقصصهم، في مقابل ذلك، والذي كرّس المخرج والسيناريو لجنود الوحدة. فربما كان من الممكن تقبل الصورة التي ظهر عليها أطفال الحي الفلسطيني، والذين بدوا بشرّهم الفطري كأنهم خارجون من أحد كتب الكاتب البريطاني تشارلز ديكنز، لو ان الأحداث بأكملها هي أفلمة لشهادات الجنود، باعتبار ان تلك الانطباعات التي جمعوها من وجودهم في الاراضي الفلسطينية، هي ما شاهدوه على هذا الطرف من مواجهات الشوارع في المدينة الفلسطينية، لكن الفيلم لا يضم تلك الشهادات فقط بل يقدم أحداثاً وشخصيات مُتخيلة، وهو الأمر الذي كان يَستوجب عدالة، هي غائبة كثيراً عن الفيلم الذي يدّعي صانعوه أن روحه مع السلام، على رغم التشاؤم والقنوط الذي يغلفه.

في المقابل، نجد ان «فلسطين» التي تحضر في أفلام في برامج الدورة الـ 63 لمهرجان برلين الدولي، هي موضوعة الفيلم التسجيلي «دولة 142». والرقم هنا، هو العدد الذي سيصله تعداد دول العالم، إذا تم الاعتراف بدولة فلسطين رسمياً. هنا في هذا الفيلم، يرافق المخرج دان سيتون، جهود رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض، لجمع الآراء والمناصرين من أجل إيجاد حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية). الفيلم تسجيلي مؤثر، ويمنح مساحة لصوت فلسطيني مُغيّب قليلاً، لكن التفاؤل الذي طبع لقاءات الشخصية الأساسية مع جمعيات المجتمع المدني الفلسطيني يتضاءل في النهاية، عندما يبدو أن الفيلم يفشل في الإجابة عن أسئلة «السلام» الشديدة التعقيد، كمعضلة المستوطنات واللاجئين وحق العودة، وحماس ووضع مدينة غزة، المدينة التي بقيت في هذا الفيلم غائبة مقابل حضورها في الفيلم الفلسطيني الآخر بعيدة من الفيلم التسجيلي.

الحياة اللندنية في

15/02/2013

 

المخرج الفرنسى «كلود لانزمان»

يفوز بجائزة الدب الذهبي الشرفي بمهرجان برلين 

برلين -أ ش أ : قرر مهرجان برلين السينمائي الدولي (برليناله) مساء أمس منح جائزة الدب الذهبي الشرفي للمخرج الفرنسي كلود لانزمان، البالغ من العمر 87عاما، عن مجمل أعماله وذلك تكريما لمسيرته الفنية والسينمائية.

وبهذه المناسبة عرض المهرجان فيلما وثائقيا من أعمال لانزمان حول ضحايا محرقة النازية (هولوكوست) بعنوان "شواه".

وخلال الفيلم، الذي يستمر تسع ساعات ونصف من الوقت، أعطى المخرج الفرنسي من أصل يهودي الفرصة لجناة وضحايا للتحدث عن تجاربهم الواقعية حول العنف ومعاداة السامية.

وعُرض في المسابقة الرسمية امس فيلم كازاخستاني بعنوان "هارموني ليسونز" (دروس انسجام) للمخرج أمير بايجازين، في حين يعرض خارج السباق فيلم "دم داكن" للمخرج الهولندي جورج زلويزر.

يشار إلى أن مهرجان برلين السينمائي ركز في دورته الحالية على الواقعية الاجتماعية، ففي سياق متصل قال المخرج البوسني دانيس تانوفيتش إنه بعد قراءة تقرير صحفي عن معاملة بشعة تلقتها سيدة مريضة من طائفة الروما (الغجر) في إحدى المستشفيات، أدرك أنه يجب عليه التصدي لهذه القضية.

وقال تانوفيتش أول أمس "الأربعاء" في مؤتمر صحفي بمناسبة العرض العالمي الأول لفيلمه الذي يتناول حياة المرأة وعائلتها في مهرجان برلين "ما يحدث في بلدنا، أمر لا يصدق أدركت أنه يتعين علي أن أقوم بشيء حيال هذا".

الشروق المصرية في

15/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)