حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان دبي السينمائي الدولي التاسع ـ 2012

في مهرجان دبي السينمائي الدولي الـ ٩

عـــــــــــــراق (الحـــــــــــب)

رسالة دبى: نعمــــــة اللــه حســــــــين

عراق الحب والحرب والدمار.. صورة للإصرار علي المضي نحو المستقبل رغم (الفزاعات) التي تطارده يوميا لتصفية حسابات غير مفهومة لكنها مبررة للقتلة قانصي الحياة الذين فرضوا من أنفسهم أمراء بالمعروف ينهون عن المنكر بينما هم يرتكبون كل جرائم القتل التي حرمها الله.. إنهم يقيمون (حد) القتل علي كل من عمل مع مركز أو مدرسة أو جامعة أجنبية حتي لو كان يقوم فقط بالترجمة بين الجنود والمساجين العراقيين لينقل صوتهم وشكواهم حتي إلي الصحافة.. إنهم يتحدثون بشرع الله .. وشرع الله منهم بريء تماما.

عراق الحب.. والحرب .. والدمار هي الصورة التي يطالعها بحزن وأسي الشعب العراقي الذي يعيش في ظروف غاية السوء.. لعلها أشد سوءا من أيام (صدام) ومن حسن الحظ أنه رغم هذه الأوضاع السيئة فإن صورة السينما تتحسن وذلك بفضل إصرار واستمرار بعض المخرجين معتمدين في ذلك علي الدعم الذي يأتي من قبل الإنتاج المشترك.. أو دعم السيناريو ودعم الإنجاز من قبل بعض المهرجانات خاصة العربية.

وفي مهرجان دبي هذا العام عرض أكثر من فيلم روائي (بيكاس) الذي سبق وقدمناه وفي عدد سابق.. وفيلم (شيرين) للمخرج حسن علي الذي سبق وقدم فيلم (حي الفزاعات) الذي فاز بالجائزة الثانية في مهرجان الخليج عام ١١٠٢.. وجائزة أفضل مخرج في مهرجان بيروت عام ٠١٠٢.. وهو فيلم شديد الجمال بكل ملامح الصدق والقسوة التي أظهرها.. وهو عن استغلال الأطفال في الحقول الشاسعة (كفزاعات) أو (خيال المآتة) لإخافة الطيور.. وقد لاقي آلاف من الأطفال حتفهم نتيجة وقوفهم تحت الشمس وفي حرارة عالية جدا.. كما قدم أيضا أربعة أفلام قصيرة هي (صديق الجبال) (نغمة القلب) (رغبة أخيرة) .. و(رقصة الموت).

وفيلمه الثاني (شيرين) يستعيد قصة حب أسطورية شهيرة عن (فرهاد .. وشيرين) وككل أساطير وحكايات الحب فإنها دائما وأبدا متكررة عبر الزمن أحيانا تختلف النهايات .. وأحيانا لا.

وهنا أجدني أتساءل بسؤال ويخيل إلي أنه ساذج.. لماذا تنتهي دائما كل قصص الحب الأسطورية في العالم نهاية مأسوية.. وكأن الحب (عار) يجب وأده حتي لايعيش (قيس وليلي).. (جميل وبثينة).. (روميو وجوليت).. (انطونيو وكليوباترة) نهايات مأسوية مابين الموت انتحارا.. أو جنونا. ليبقي من الحب والعشق فقط أجمل الأشعار والقصائد والحكايات.

و(شيرين) القرن الحادي والعشرين حكايتها لاتختلف كثيرا عن الأسطورة القديمة إلا في بعض التفاصيل لزوم السينما والتصويرلكن تبقي المأساة واحدة بل أكثر (هولا) من الحكاية القديمة لأنها تدور في القرن الحادي والعشرين.. وفي الأفلام العراقية اليوم العودة الكبري لمخرجين من الشمال كردستان.. ويبدو أن بغداد الملتهبة المليئة بالدمار تطرد صناع السينما منها.

بعد غياب سنوات في باريس وأوروبا يعود الشاب الوسيم (فرهاد) إلي قريته في كردستان.. وفي نفس الأثناء تعود شيرين وأبواها لحضور عرس أحد أبناء العمومة.. بعد سنوات قضتها أسرة شيرين في فرنسا يطيب لهم المقام في قريتهم الصغيرة بمناظرها الطبيعية الخلابة.. وسط الأسرة والعشيرة وتجد (شيرين) نفسها رغم حبها الشديد لعائلتها (غريبة) فهي تنتمي للمدينة الصاخبة وليس القرية الهادئة والتقاليد البالية.. تقوم بالعديد من الجولات في أنحاء القرية تلتقي صدفة بفرهاد وتنشأ بينهما قصة حب جميلة.. (يتجول فيها المخرج مصورا جمال الطبيعة وسحرها).. لكن بما أن فرهاد لم يكن يملك المال الكافي للزواج منها يتم رفض طلبه ويسافر.. تشعر شيرين بالحزن الشديد وتطلب من والدها أن تسافر إلي (باريس) لزيارة شقيقها يوافق.. وهناك تروي لشقيقها وزوجته ماحدث.. فيعمل علي جمع شملها (بفرهاد) ليمضي الأربعة أجمل وأسعد الأوقات في عاصمة النور والجمال.. لكن الأب يطالب بعودتها بإصرار شديد لتفاجأ عند العودة بأن أحد أبناء عمومتها يطلبها للزواج وقد وافق الأب.. وفي يوم العرس يعود فرهاد للقرية ليفاجأ بالزفاف.. وبينما يتحدث مع والدها وتناصره في ذلك زوجة الأخ يتلقي رصاصة من العريس تتلقاها شيرين لتهرب بعد ذلك لكنها تموت وسط الأحراش غارقة في دمائها.

إنجاز ودعم السينما ومواهب إماراتية شابة

أجمل ما يميز مهرجان (دبي) هو احتضانه للشباب من السينمائيين وخاصة من الخليج لمساعدة المواهب الشابة علي البزوغ.. مما خلق جيلا سينمائيا مبشرا.. وكشف عن مواهب عكست رؤياهم موضوعات جريئة.. خاصة في مجال السينما الروائية القصيرة والوثائقية.

ومنذ انطلاق برنامج إنجاز عام 2009 استطاع أن يساعد علي الانتهاء وتقديم 42 فيلما بالإضافة إلي خمسة أفلام من المفروض أن يتم الانتهاء منها قبل الدورة القادمة ليصل إجمالي العدد إلي 47 فيلما.

وبرنامج (إنجاز) استفادت منه أفلام عربية كثيرة.. وهو يعد جزءا مكملا لسوق (دبي) السينمائي.. وهو دعم ليس خاص بالسيناريو فقط.. بل أيضا للأفلام المتعثرة في الإنتاج ويصل تقريبا إلي (مائة ألف دولار).. وأسماء المستفيدين كثيرة.. المخرجة التونسية كوثرين هنية.. السوري بسام شخيص .. الكويتي كريم غوري التونسي حميدة الباهي السعودية هيفاء المنصور.. والقائمة طويلة تضم العديد من البلدان العربية.

ولقد برز في مهرجان دبي عدد من المخرجات الشابات من الإمارات.. منهن مني العلي فنانة تشكيلية وكاتبة.. وفيلهما يشبه لوحة فنية بعنوان »دور بين« أو المنظار المكبر وهو مليء باللمسات الجمالية التي تشبه لوحة تشكيلية وهو عن نظرة الناس للحياة من خلال طفل ينظر في منظار مكبر.

أما أمل العقروبي فهي طبيبة أعصاب.. منذ صغرها والسينما حلمها.. لكنها دخلت كلية الطب لتحقق حلم ورغبة الوالدين في أن تدرس الطب لتصبح طبيبة.. وبعد نجاحها عادت هي إلي حلمها القديم.. لتقدم فيلما وثائقيا نصف إماراتي وربما في هذا الفيلم أخذت من تجربتها الشخصية فوالدها إماراتي أما والدتها فهي أستاذة فاضلة من سوريا تدرس بالجامعة هذا المزيج الثقافي بالتأكيد أدي إلي فروق لدي الأبناء.. ولهذا تحكي د. أمل من خلال خمسة شباب أمهاتهم من جنسيات مختلفة عن الوالد نظرة الشباب مثيلهم ودرجة تفاعله معهم.. فالبعض ينظر إليهم نظرة دونية وكأنهم دخلاء.. بينما البعض الآخر لايعنيه الأمر في شيء.

إن هذا الجيل الجديد من المخرجات يستحق التحية.. ويدحض نظرة العالم الغربي لنا كلنا نحن العرب.. خاصة وضعية المرأة التي كرمها الله في كتابه العزيز.. بينما يحاول البعض اليوم النيل منها ومن حريتها.

آخر ساعة المصرية في

08/01/2013

في مهــرجــــان دبي الســينمائي الدولي الـ ٩

في الافتتاح: (حياة باي).. بـين الواقــع والخــيـــال للمـخـــــــرج آنـــج لـي

رسالة دبى: نعمــــــة اللــه حســــــــين

الحياة مستمرة.. لا .. ولن تتوقف أبدا.. نعيشها بحلوها.. ربما لا نعرف قيمتها طالما تسير بنا الهويني دون صعاب.. لكن يدرك قيمتها جيدا من يتعرض لمحنة مرضية شديدة.. ومواقف ومخاطر جسيمة تهدد بسلبه هذه الحياة.. هنا تظهر روح المقاومة والصلابة الشديدة في الحفاظ علي هذه الحياة طالما أن (الأجل) لم يحن بعد.. وفي لحظات الشدة يتقرب الإنسان إلي خالقه يطلب عونه ونصرته.. ومع (الشدة) أيضا تصفو الروح وتتسامي علي كل الصغائر الدنيوية.. ويسبح الإنسان في ملكوت ربه بكل لغة.. وبكل دين.. طالبا النجدة من (الله) سبحانه وتعالي فهو السميع المحيب واهب الحياة.

ولذلك علي كل من يهدر حياته في التفاهات أن يقف قليلا ليدرك أهميتها.. ليتعلم كيفية الحرص عليها والاستمتاع بها.. وهذا لايعرفه للأسف الكثيرون.

وفي مهرجان دبي السينمائي الدولي التاسع اختير فيلم (حياة باي) للمخرج التايواني الأصل.. الأمريكي الجنسية (آنج لي).. ليكون فيلم الافتتاح وهو مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للروائي الكندي (يان مارتل) نشرها قبل عشر سنوات وحصلت علي جائزة (البوكر) العالمية.. وترجمت إلي العديد من اللغات. وقد استوحي المؤلف يان مارتل أحداث الرواية من صديقة طفولته (إليانور) التي عاشت أعوامها الأولي في الهند بكل ماتشهده من تناقضات ومغامرات.. وإذا كانت الرواية صدرت في عام 2001 فقد ترجمت إلي العربية عام 2006.

وقد نجح المخرج (آنج لي) في تحويل هذه الرواية بتقنية عالية ثلاثية الأبعاد إلي عمل سينمائي رائع يمتع الكبار والصغار بما يحويه من مشاهد ومعلومات وتفاصيل دقيقة عن سلوك الحيوانات البرية والبحرية وطرق وأسلوب معيشتها بأسلوب بسيط لتصل المعلومة التي لايعرفها إلا المتخصصون في عالم الحيوان والغاب.

وسوف يكون هذا الفيلم أهم حدث روائي يبصر النور علي شاشة السينما لعام ٣١٠٢ ومن المتوقع أن يحقق أعلي الإيرادات.

وقد تم تصوير الفيلم في كل من كندا.. والهند.. وتايوان وهو حول الصبي الصغير (باي) الذي يعيش في الهند وكان والده يمتلك أكبر حديقة حيوان.. لكنه اضطر أن يرحل بأسرته والحيوانات التي يملكها إلي (كندا) لكي يبيعها.

وبالفعل سافر علي متن سفينة كبري.. لكن عاصفة ليلية شديدة تغرق السفينة بكل ركابها.. ولاينجو منها سوي الصغير (باي) .. ونمر بنغالي شرس نادر.. كان علي الصغير أن يتعايش مع هذا النمر وزورق نجاة ليصل بهما إلي الأمان.. من والده تعلم (باي) أن قانون الغاب لامكان فيه (للأصدقاء) عندما حاول في إحدي المرات أن يطعم (النمر) وهو داخل القفص وأنقذه والده في اللحظة الأخيرة قائلا له : إن ما يراه في عيني النمر ماهو إلا انعكاساته هو ومشاعره.. بينما نظرة النمر الحقيقية لاتحمل أي صداقة أو ود.. الدرس الذي تعلمه (باي) جعله يتعايش مع هذا النمر بأسلوب المراوغة معتمدا علي ذكائه الفطري فحفظ حياته وحياة النمر.. لمدة مائتين وسبعين يوما عبر المحيط ومن خلال قارب نجاة.. استطاع فتي صغير أن يحافظ علي حياته ليصبح أسطورة ويصل إلي بر الأمان.. ليعيش بعد ذلك مدركا القيمة والمعني الحقيقي للحياة التي وهبها الله لنا.

ولبطولة الفيلم تقدم ثلاثة آلاف شاب وممثل تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والسابعة عشرة.. وقد وقع اختيار المخرج (آنج لي) علي الممثل الشاب المبتدئ (سوراج شارما) الذي يبلغ من العمر 17 عاما.

أما الممثل والمنتج والمخرج التايواني المولد (آنج لي) والأمريكي الجنسية فهو يعد من أهم المخرجين اليوم .. وهو من مواليد عام 1954، وقد تخرج في الكلية الوطنية للفنون في تايوان عام 1975 ليرحل بعد ذلك إلي أمريكا ليستكمل دراسته من جامعة (إيلينوي) ولينال أيضا الماجستير في الإنتاج السينمائي من جامعة (نيويورك).

وإذا كانت مشاهد الصبي مع النمر أثارت المخاوف العديدة لكل المشاهدين كذلك كل مشاهد هياج البحر وثوراته..فإنه بسبب التقنية العالية والحديثة يقول الممثل الشاب الموهوب.. لم التق بالنمر علي الإطلاق شاهدته من بعيد لكن توجيهات المخرج هي ماجعلت مانشاهده وكأنه حقيقة.. صدقتها أنا نفسي عندما شاهدت الفيلم.. وهذه هي روعة السينما.. وعبقرية المخرج (آنج لي) الذي قدم للسينما مايقرب من (٢١) فيلما.. وقد رشح فيلمه (جبل بروكباك) عام ٥٠٠٢ لثماني جوائز أوسكار.. فاز بثلاث منها أفضل مخرج.. وأفضل نص سينمائي.. وأفضل موسيقي تصويرية.

الطريف أن زورق النجاة الذي استخدم في تصوير الفيلم مطروح للبيع بمبلغ أربعين ألف دولار وذلك ضمن تذكارات أخري من الفيلم ستباع كأنواع فن الدعاية عند عرض الفيلم.

> > >

في مهرجان دبي السينمائي الدولي الـ ٩ تم عرض (٨٥١ فيلما) من (١٦ دولة) منها (٠٥ عرضا) عالميا لأول مرة .. تميزت كلها بالمستوي الفني الجيد.. وقد رأس لجنة تحكيم المهرجان العربي للأفلام الروائية الطويلة كل من المخرجة التونسية (مفيدة تلاتلي) والمخرج والكاتب والناقد السينمائي (عدنان مدانات) والنمساوي (مارتن شويغوفر) المدير التنفيذي للجنة الأفلام النمساوية.. والفنان (آسر ياسين) وبرئاسة المخرج البرازيلي (برونو باريتو).

ولقد شملت المسابقة العربية العديد من الأفلام الجيدة جدا.. عكست واقعا لحياة الإنسان العربي المعاصر بكل أحلامه وآماله.. وإحباطاته.. وصعوبات الحياة التي يعيشها .. والحقيقة كلنا في (الهم سواء).

ومن لبنان التي تشهد حاليا تفوقا سينمائيا بارزا حيث يزداد ويتنوع الإنتاج السينمائي بها خاصة أنها منفتحة علي الإنتاج المشترك. كان هناك فيلمان روائيان الأول للمخرج فؤاد عليوان.. الذي ولد في بيروت عام ٤٦٩١.. وهو مخرج لبناني مستقل، درس الإخراج السينمائي في جامعة (مونتانا) بالولايات المتحدة الأمريكية.. وقدم العديد من الأفلام الروائية القصيرة.. حازت عدة جوائز.. ولعل أشهرها (هوا بيروت) عام ٢٠٠٢.. و»إلي اللقاء« عام ٦٠٠٢.. وقدم في هذه الدورة فيلمه الروائي (عصفوري) وهو مأخوذ عن حكاية (بناية) يملكها جده الكبير يعود تاريخ بنائها إلي عام ٠٠٩١.. وهي إحدي البنايات القديمة الجميلة في بيروت.. ولايخفي (فؤاد) سعادته الشديدة باستكمال هذا الفيلم قبل أن تهدم البلدية هذه البناية بحجة أنها آيلة للسقوط ليبني مكانها (مول تجاري حديث).. وذلك كما حدث مع العديد من العمائر في بيروت.. بعضها بالفعل أصابه الدمار.. والبعض الآخر تم هدمه بعد ارتفاع أسعار الأرض وأثمان البنايات الحديثة.. وبالمناسبة فإن هذا يحدث في مناطق كثيرة بعالمنا العربي والكثير من المدن التي لاتحافظ علي النمط والطراز المعماري.. فهذا الشيء لايمكن أن يحدث في مدينة مثل (باريس) حيث تلزمك (البلدية) حتي لو هدمت العمارة أن تبني من جديد بنفس النمط والطراز وبذلك تحافظ المدن علي شخصيتها، وهو ما تتباهي به مدينة علي أخري.. في فيلم (عصفوري) يروي فؤاد بصدق شديد وحالة من الشجن ليس فقط حكاية بنايته التي تعرضت للحرب الأهلية وتدمير القوات الأجنبية.. لكنه يقدم رؤية واعية لبلده لبنان وما آل إليه الحال.. وذلك من خلال الخليط السكاني لهذه البناية العريقة.. إنها بناية (أبو عفيف) وحفيده الشاب (كريم) الذي يعود من المهجر بعد أن فر من الحرب الأهلية بإصرار من والده ووالدته لكنه عاد متذكرا طفولته ومراهقته وسنين عمره الحلوة.. من خلال المصير الذي آل إليه حال سكان العمارة بطوائفهم المتعددة.. ودياناتهم المختلفة.. وكيف كانوا يعيشون بأمان وسلام ووئام.. لامجال للخلاف الطائفي أو الدين.. لكن كل ذلك تغير بفعل الزمن.. لكن ورغم كل ذلك يبقي الإنسان متعلقا بالحياة.. متسقا مع نفسه في كثير من الأحيان محافظا علي البقاء.. مقاوما لكل أشكال الدمار التي يسببها له إنسان آخر.. ناسيا أن الاختلاف رحمة بين البشر.. لكن فقط علي كل منا أن يحترم الآخر ويتقبله معترفا بأننا جميعا متساوون لكننا بالتأكيد مختلفون.

إن عصفوري فيلم شديد المتعة تشعر وأنت تشاهده وكأنك تبحر في قلب وعقل كل (لبناني) و(بيروتي) عاشوا أوقاتا صعبة جدا.. لكن (الأمل) هو الذي يجعلهم يحلمون بحياة أفضل.. في ظل متغيرات يضعها البعض قد تقود الجميع للهلاك.. لكن القاعدة تقول إن الحياة هي الباقية.

هل من الممكن أن تتقبل إسرائيل؟.. هل من الممكن أن تنسي دماء الأطفال الذين يقتلون بالجرافات التي لاتفرق بين رضيع وشيخ وامرأة؟ هل من الممكن أن تغفر لمن يحاولون هدم الأقصي.. وأن تنسي أو تحاول تناسي كل ذلك وتعيش وسطهم كواحد منهم.. بحجة أنهم يعطونك حقوق المواطنة الإسرائيلية لمجرد أنك من عرب 48 وتعيش وسطهم؟ هل من الممكن مهما علا شأنك أن ينظر إليك من قبلهم بأنك بالفعل واحد منهم؟ هل تذوب باختصار الشخصية الفلسطينية والهوية العربية في ثقافة العدو باعتباره المهيمن والمسيطر والمحتل للمكان؟.

أسئلة كلها تدور في العقل ويعيشها تقريبا يوميا آلاف مؤلفة من عرب 48.. البعض منهم يعيش داخل البلاد أسيرا لهذه الهوية رافضا أن يغادر الأرض غير متعاون مع (العدو) الذي سيظل للأبد عدوا.. طالما أن هناك حقوقا منزوعة من أصحابها.. ويعاملون معاملة شديدة السوء.. والبعض الآخر قلة قليلة ضئيلة اعتقدت أنها ذابت وسط هذا المجتمع وتقبلته ونسيت تماما أنها ستظل غريبة وأن ماتعتقده ذوبانا ماهو إلا أوهام عندما تصطدم بالخلاف في أي وقت سواء أكان صغيرا هامشيا.. أو كبيرا مؤثرا.

إن المخرج اللبناني الواعي (زياد دويري) الذي تذكر له أروع الأعمال (بيروت الغربية) الذي لخص المأساة اللبنانية يقدم لنا في أحدث أفلامه (الصدمة) الذي حصل في مهرجان مراكش السينمائي الأخير علي جائزة أحسن فيلم.. رؤية واقعية ومعالجة درامية لرواية الكاتب الجزائري (ياسمينة خضرا) وبمشاركة في الإنتاج مع المخرج الجزائري (رشيد بوشارب) صاحب فيلم (بلديون).. هذه الملحمة الرائعة التي يشارك في بطولتها الممثل الفلسطيني (علي سليمان) في واحد من أجمل الأدوار التي لعبها علي الشاشة (الجراح) أمين الذي يعيش في قلب تل أبيب محققا نجاحا كبيرا.. ويحتفي به كل الإسرائيليين باعتباره مواطنا مثلهم تماما.. بينما هو قد وضع منذ زمن جانبا أسئلة كثيرة لم يعد يهتم بها عن تاريخه وعائلته وهويته العربية في الأصل.

في عز نجاح (أمين) والاحتفاء به تقوم عملية استشهادية في قلب إسرائيل يسعي لنجدة المصابين.. وبعد ذلك يفاجأ بأن من فجرت نفسها واستشهدت هي (زوجته) يكاد يجن جنونه فهذه الزوجة الحبيبة لم تسع يوما لفعل شيء لايعرفه.. كيف وصل بها الحال لذلك.. في رحلة طويلة للكشف عما حدث.. يكتشف تماما إنه حاول أن يدفن جذور عروبته ووطنه داخل مصطلحات لغوية لامعني لها تعبر عن المواطنة الشكلية.. إن (أمين) الجراح الشهير والطبيب المرموق يكتشف إنه لامكان له في المجتمع الإسرائيلي.. بل إنهم ينظرون له بمزيد من الشك والتربص.. بل علي العكس أيضا مطلوب منه أن يتعرف علي من دفعوا بزوجته إلي ذلك ويشي بهم.. في رحلة البحث عن الحقيقة يكتشف أن الحياة التي يعيشها ماهي إلا زيف.. وكذبة كبري من قبل الإسرائيليين.. وإنه في سبيل تقبل هذه الحياة دفع الكثير من كرامته وتاريخه العائلي وميراثه الإنساني الكثير.

لينتهي الفيلم وقد عرف تماما أنه سيظل دائما عربيا.. وأنه بفقدانه هذه الزوجة قد انتهي تماما.. إن سعي أمين الإنسان.. وراء أمين الجراح الشهير جعل الأول يدفع من إنسانيته ثمنا باهظا.. فلن يكون من سرق الأرض واحتلها.. واغتصب العرض.. وحاول طمس الهوية أبدا صديقا أو حتي رفيقا في درب الحياة.

إن زياد دويري يحتاج إلي تحية خاصة لإقدامه علي إخراج هذا الفيلم الرائع هو ورشيد بوشارب فمن خلال هذا الشريط السينمائي الرائع يفضح تماما كل الأكاذيب الإسرائيلية.

وهو مايحتاج إليه العالم الغربي ليعرف حقيقة إسرائيل الكاذبة.

آخر ساعة المصرية في

31/12/2012

في مهرجان دبي السينمائي الدولي الـ ٩

الأطفال يخطفون الأضواء من كبـــــــار نجوم العالم 

رسالة دبى: نعمــــــة اللــه حســــــــين

دبي.. لؤلؤة الإمارات.. تحفظ الذاكرة تراثها.. تحتضن الحاضر تفتح ذراعيها للمستقبل.. الذي يحلم به ويتطلع إليه كل إنسان في أنحاء المعمورة..

هذه مدينة من حقها أن تتيه.. وتفخر بإنجازاتها علي العالم..

ومهرجان دبي السينمائي الدولي هو أحد المحافل الثقافية الفنية الذي نجح في أن يجذب إليه نجوم العالم..

وعلي مدي سنواته التسع.. استطاع أن يساهم في خلق جيل من السينمائيين الشبان في دول الخليج مكتشفا موهبتهم وقدراتهم الإبداعية.. كما ساعد آخرين في أن تري أفلامهم النور.

إن حصيلة الأفلام الإماراتية والخليجية التي عرضت في مهرجان (دبي) ماهي إلا حلم تحقق لرئيسه (عبدالحميد جمعة).. ومديره الفني الرائع (مسعود أمر الله).

(الســــاحر) محمود عبد العزيز .. والمخرج (مايكل أبتيد)

أفضل ممثلة (وعــــــد) الســعودية في العــــــــاشــرة من العمر

نادين خان.. (مــــن شــــابه أبـــاه فــــما ظلـــــم)

لعنة الله علي كل حاكم ظالم مستبد جعل شعبه يدفع ثمن طغيانه وجبروته.. لأنه كان جواز المرور لدول أخري أكثر استبدادا للتدخل بحجة حماية الديمقراطية.. نهاية الحاكم لا تهم كثيرا سواء حبسوه أوقتلوه أو حتي مثلوا به.. مايهم هو معاناة الشعب الذي سيظل يدفع ثمنها غاليا نتيجة هذا الظلم البين.. ومنكوب عالمنا بحكامه الذين اعتقدوا أنهم بوصولهم إلي الحكم فإنهم قد ورثوا الشعوب وباتت ملك إيمانهم (ومن حكم في ماله ما ظلم) لذا لهم أن يفعلوا بنا ما شاءوا..

وليس علينا سوي الرضوخ والامتثال.. ناسين أن التاريخ له عظات جليلة أوضحت أن الظلم مهما ساد فهو ليس إلي خلود..وأن الحكام زائلون.. والشعوب هي الباقية.. وأن (الظلمة) منهم سوف يلقي بهم في (مزبلة) التاريخ.

إن الحكام الظلمة وما أكثرهم ينسون أن إسرائيل وأمريكا تتربص بالعالم العربي دون أن ننسي طبعا أوروبا ومطامعها الخاصة.. وأن الحلم الكبير هو تغيير خريطة الوطن العربي من جديد وإعادة تقسيمه لصالح إسرائيل والأقليات.

وفي مهرجان دبي السينمائي الدولي الـ ٩ شعرت بسعادة ممزوجة بالحزن عند عرض الفيلم العراقي (بيكاس) وهو بالمناسبة إنتاج (سويدي) وهو التجربة الروائية الطويلة الأولي للمخرج (كرزان قادر) الذي ولد في السليمانية في كردستان بالعراق.. ورحل مع عائلته إبان الحرب علي العراق ولم يكن يتجاوز عمره السادسة.. حطت العائلة الرحال إلي السويد..

وهناك عاش ودرس الإخراج في معهد (الدراما) وتخرج عام ٠١٠٢ بعد أن نال جائزة أكاديمية الطلاب عن فيلمه مشروع التخرج.. وليعمل منذ ذلك الوقت وطوال عامين علي تقديم فيلمه الروائي الأول (بيكاس) الذي جاء عملا فنيا جميلا ومتميزا استحق عنه بجدارة جائزة (الجمهور).

ولعلي بهذه المناسبة أذكر جيدا إنني سافرت إلي العراق مع أول طائرة مصرية تكسر حاجز المقاطعة وكان علي متنها بعض الفنانين علي رأسهم القديرة سهير المرشدي واللاعب محمود الخطيب ومن الأصدقاء مني فوزي.. وأمل فوزي.. وإيهاب فتحي.. وقد هالنا جميعا مارأينا وما وقع علي أبناء هذا الشعب الذين امتلأت بهم المستشفيات.. وكيف تم تدمير الملجأ الذي كانت تختبئ به العائلات فأصبحت أشلاء الأطفال متناثرة في كل مكان.. وأخيرا وليس بآخر..

لن أنسي أبدا فرحة الأطفال الصغار بالأقلام الرصاص التي أخذناها لهم مع الحلوي.. فهناك جيل كامل من أطفال العراق.. حرم من هذا (القلم) الذي خططنا جميعا به حروف أسمائنا الأولي.. لأن قوات الاحتلال كانت تخشي أن يتم تحويل هذا الرصاص الضئيل إلي بارود.

إن معاناة الشعب العراقي تحتاج لمجلدات،، فقد عاني من طغيان (صدام) لكنه عاني أكثر من جراء الاحتلال الأمريكي الذي مازالت آثاره إلي اليوم مدمرة.. وياللحسرة علي هذا البلد الذي كان في أحد الأيام من أكثر دول المنطقة ثراء.. وصاحب تاريخ رفيع في الحضارة.. ويدين له الشعر والأدب بالكثير.. وكان العراق من أكثر شعوب المنطقة التي تقام فيها المهرجانات المختلفة.. لقد قتلوا كل شيء جميل في هذا البلد.. لكنهم نسوا أن الشعوب لن تموت وأنها خالدة جيلا بعد جيل.. وأن الزمن في حياة الشعوب لايقاس بحياة الإنسان العادي.. لذلك فإنني أدعو من كل قلبي أن يسود الصفاء العراق وأن يعود كما كان.. لأنه كان قوة كبري يخشاها الغرب وأمريكا.. وإن شاء الله سوف يعود.. (هو) وكل وطن عربي جريح مكلوم من (حكامه) .. ومن فقدانه خيرة شبابه.

وعودة مرة أخري إلي فيلم (بيكاس) الذي يقول مخرجه إن السينما تبرئ وتشفي جراح النفس العليلة وإن هذا الفيلم استطاع إلي حد كبير أن يداوي الجروح والألم النفسي للمخرج الشاب الذي رحل عن وطنه صغيرا لكنه لم ينسه أبدا.. ثم عاد ليقدم جزءا من ذكرياته البعيدة وبعضا من نفسه وتجربته الشخصية في هذا الفيلم.. الذي يحلم فيه الأخوان الصغيران (دانا) و(زانا) بالرحيل إلي أمريكا للاستعانة بالبطل (سوبرمان) ليعيد والديهما إلي الحياة ويحقق أحلامهما الضائعة.. طفلان صغيران الشارع هو المأوي.. إلا من عطف البعض عليهما.. ورحلة من الألم النفسي يستعرض فيه المخرج رائحة بلاده التي غادرها.. ورغم أن الطفلين هي المرة الأولي التي يواجهان فيها (الكاميرا) إلا أنهما تفوقا علي أنفسهما ونافسا ممثلين كبارا.. وكان الفيلم أجمل افتتاح (لليالي العربية) إن مشكلة الأكراد أدرك إنها مشكلة شائكة وهي إحدي المشاكل الإقليمية في عدة دول عربية.. يعجز بعضها عن أن يستوعبهم تماما.. ويكون لهم نفس حقوق المواطنة.. ومشاهدة هذا الفيلم تثير أشجانا كثيرة.. لكن كما قال مخرجه إن السينما تبرئ وتشفي جراح النفس العليلة.. وربما فيما قدمه ما يشفي جراحا قديمة قد تزول تماما مع أفلام أخري جديدة يقدمها.

الفنان.. والتكريم

ليس هناك من شيء يسعد الفنان أكثر من حب جمهوره وتقديره لمشواره الطويل.. لذلك كان تكريم الفنان هو ترجمة حقيقية لنبض الناس وصورة صادقة لما قدمه خلال مشواره الفني.. وفي حياتنا الفنية فنانون أثروا حياتنا الشخصية وأضفوا علينا المتعة والبهجة.. وترجموا وعكسوا هموم وواقع وحاضر وأحلام شعوبهم والإنسان عامة في كل مكان في العالم.

فاستحقوا أن يحتلوا مكانة كبيرة في نفوس جماهيرهم العريقة ومحبيهم في كل مكان.. فقد كانوا سفراء لبلادهم.. وإحدي ثرواتهم القومية.. وشاهدا علي حضارتهم وتراثهم الإنساني حتي قبل الفني..

وأحد هؤلاء الفنانين العظماء (الساحر) (محمود عبد العزيز) (رأفت الهجان) بمشواره الفني المتميز.. وأدائه الرائع في كل عمل قدمه.. كان دائما (محمود المصري).. ومحفوظ زلطة الذي مازالت كلماته تتردد في (باب الخلق).

(حبوا مصر .. خللوا بالكم منها .. دي ماتستهلش مننا كده) (محمود عبد العزيز) هذا المصري الأصيل ابن الإسكندرية كرمه مهرجان دبي بجائزة إنجازات الفنانين هو والمخرج البريطاني مايكل ابتيد.

وتكريم محمود عبد العزيز يقودني إلي الصحبة الجميلة لمجموعة متناغمة من الفنانين في دبي (بوسي شلبي) هذه التليفزيونية النشطة الغيورة علي بلدها.. لا تخشي في الحق لومة لائم.. وهي رغم نجوميتها وشهرتها في مجال عملها إلا أنها لاتنسي أبدا أنها زوجة في المقام الأول.. بوسي لفتت الأنظار في حفل الافتتاح بالحقيبة الجميلة التي كانت تحملها في يدها وعليها صورة الزوج الفنان محمود عبدالعزيز.

الصحبة تضم سمير فقيه الصديق العزيز المصري الشهم.. رفيق السفر الجميل.. الذي يشمل بأخوته ورعايته كل من يكون معه.. وأنا شخصيا أشعر بالاطمئنان الشديد في كل مرة أسافر فيها ويكون (سمير) من بين الرفقاء والأصدقاء.. ومن نايل سينما الدينامو مهاب صاحب أعلي رصيد في تغطية المهرجانات.. والمذيعة اللامعة (اسماء).

الفنانة القديرة رجاء الجداوي.. نرمين الفقي.. محمد حسن رمزي.. شريف رمزي وشيرين.. مجموعة من النجوم تواجدهم أضفي البهجة علي ليالي دبي وكانوا محل حفاوة وتقدير من الجميع.. وتبقي علي رأس القائمة الصديقة العزيزة الغالية (سهير عبدالقادر) التي لم يكف الجميع عن تهنئتها بالدورة الناجحة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي تلك الدورة الاستثنائية التي أشاد بها الجميع.. ورغم أن (سهير) ليست أكبر الموجودات سنا.. إلا أن الجميع وفي كل سفرية يعتبرها (أم المصريين) فهي تحرص علي راحة الجميع والاطمئنان عليهم.. وصدق المثل القائل (الرفيق قبل الطريق).

أما الحبيبة العزيزة الصديقة (ليلي علوي) والتي شاركت في ندوة هامة عن صورة الممثل في السينما وسوف يكون لنا حديث عنها في عدد قادم.. فرغم المدة الصغيرة التي قضتها في دبي إلا إنها أصرت علي العودة لمصر لمدة ساعات قليلة لتعود مرة أخري وذلك علي نفقتها الخاصة.. لتؤدي دورها في الاستفتاء.. فقد كانت وستظل مصر حبها الكبير.

بهؤلاء الفنانين ستظل إن شاء الله (صورة مصر حلوة).

آخر ساعة المصرية في

25/12/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)