حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان دبي السينمائي الدولي التاسع ـ 2012

أحاديث طائرة على الطائرة!

طارق الشناوي

يحمى الله مصر من كل سوء، ويحيا الشعب الذى يرسم الآن ملامح الوطن القادم، وأنا فى طريقى إلى مهرجان دبى السينمائى لا أستطيع أن أنعزل عما يجرى فى بلادى لن تُهزم مصر لأن روح الثورة لا تزال تسرى فى الوجدان.

جاء مقعدى على الطائرة بجوار رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، والمخرجَين الكبيرين محمد خان وخيرى بشارة. بادرنى أبو هشيمة الذى التقيته لأول مرة قائلا إنه لن يذهب إلى مهرجان السينما، ولكن إلى مؤتمر عن صناعة الحديد. هل تدخلت السياسة وعلاقته الوطيدة حاليا بالتيار الإسلامى، حاكم البلاد، فى التعجيل بالطلاق من هيفاء وهبى؟ مثل هذه الأسئلة التى تقتحم الجانب الشخصى تحتاج إلى تمهيد، ولكن تولّى المخرج محمد خان السؤال المباغت بابتسامة جعلت الأمر يبدو طبيعيا وكأنهما يعرف بعضهما بعضا منذ زمن، رغم أن هذه كانت المرة الأولى التى يلتقيه.. نفى أبو هشيمة الشائعة وواحدة أخرى ترددت أنه سوف يتزوج من ابنة رجل الإخوان حسن مالك، وقال إنه سأل عن عمرها فاكتشف أنها فى الحادية عشرة من عمرها مما يؤكد أنها مجرد أقاويل لا تستند إلى منطق، قلت له: عدد من الإخوان والسلفيين يريدون تحديد سن الزواج بـ9 سنوات.

وأردت أن أستغل وجود خيرى وخان وهما صديقان حميمان، طلبت من خان أن يختار فيلما لخيرى يتمنى أن يضع عليه اسمه، فأجابنى «كابوريا» وبعد ذلك قال أرى أن «أيس كريم فى جليم» أجرأ فنيا وقدم حالة جديدة تماما، وهو الفيلم الذى كنت أتمنى أن أضع اسمى عليه، قلت له عندما أخرج بشارة الفيلم كتبت مقالا فى مجلة «روزاليوسف» لا أزال أتذكر عنوانه «أيس كريم عم بشارة». بينما اختار خيرى من أفلام خان «عودة مواطن»، أضاف: البعض ربما يعتقد أن «أحلام هند وكاميليا» هو المفضل ولكن «عودة مواطن» ينتمى إلى عالم سينمائى تمنيت أن أقتحمه وهو بعيد عن الدائرة الإبداعية التى تعاملنا معها.

وعندما طلبت منهما أن تتسع الرؤية أكثر لنرى إجابة لهذا السؤال تشمل كلا المخرجين قال لى خان إنه مبهور بما قدمه المخرج الكبير كمال الشيخ ووقع اختياره على «الرجل الذى فقد ظله» كفيلم استثنائى، بينما اختار بشارة فى البداية فيلم «السيرك» لعاطف سالم، وبعد ذلك قال لى إنه لم يكن يجمعه مع صلاح أبو سيف، ودٌّ ولا دفء، ولكنه بعد أن شاهد فيلمه «السقا مات» خرج منتشيا بهذه السينما التى تقترب من الموت بشموخ وتحدٍّ. الفيلم مأخوذ عن رواية ليوسف السباعى وسيناريو وحوار محسن زايد فهو بالنسبة إليه الفيلم الذى لا يُنسى.

طلبت من كل منهما أن يختار فيلما لمخرج من جيله، بدأت بعاطف الطيب قال لى خان «إنذار بالطاعة» بينما بشارة «البرىء». داوود عبد السيد اختار له خان «أرض الخوف» وبشارة قال ودون تردد «الكيت كات». واستقل بشارة مع زوجته مونيكا العربة إلى الفندق بينما انتقلت أنا وخان إلى فندق آخر.

سألت خان عن الغيرة الفنية قال لى إنه من الممكن أن يعجب بفيلم لزميل وإذا كانت بينهما صداقة يهنئه، ولكنه لم يشعر بالغيرة حتى فى بداية مشواره الفنى.

وعن مخرج من الجيل التالى استوقفه، أجابنى: كاملة أبو ذكرى فهى تحمل شيئا خاصا وصادقا فى أفلامها.

خان له وجه آخر.. إنه زميلنا الكاتب على صفحات «التحرير» الذى أحرص على أن أقرأ عموده الأسبوعى صباح كل أربعاء، قال لى خان إنه لا يراجع العمود قبل تسليمه، بل أكثر من ذلك يكتب الأعمدة الأربعة فى يوم واحد ويحدد فقط مواعيد النشر بما يتوافق مع الأحداث.

وقال لى خان: سوف أكتب فى عمود قادم إجابة عن هذا السؤال: محل فول أم فيلم سينمائى؟ وأضاف: عندما كنت أقيم قبل 35 عاما فى لندن اقترح المخرج الكبير صلاح أبو سيف أن أفتتح معه محل فول وطعمية فى لندن، ويضيف خان: أعجبتنى الفكرة، واقترح أبو سيف أن نطلق عليه اسم «الأسطى حسن» لنضرب عصفورين بحجر. واحد فهو عنوان فيلم شهير لأبو سيف وفى نفس الوقت اسم ابنى الكبير، وتوقف المشروع بعد أن عاد خان إلى مصر وأصبحت السينما هى حلمه الوحيد والأثير. وظل أبو سيف كلما رآه يقول له ضاحكا: يا خان لو كنت سمعت كلامى كنا بقينا مليونيرات!

التحرير المصرية في

09/12/2012

 

أهدى جائزته إلى الثورة وعمار

طارق الشناوي  

لم يفكر محمود عبد العزيز طويلاً قبل أن يهدى جائزته «إنجاز العمر» التى نالها فى افتتاح مهرجان دبى إلى الثورة المصرية، وإلى روح الفنان المبدع عمار الشريعى الذى ارتبط اسمهما معا من خلال رائعة «رأفت الهجان»، التى صاغها موسيقيا عمار وأبدع محمود فى عزف تفاصيلها بقيادة المايسترو المخرج يحيى العلمى.

محمود عبد العزيز هو واحد من القلائل الذين صنعوا ملامح الفتى الأول فى السينما المصرية بنبض ومذاق خاص، جمع بين «الجان» وروح ابن البلد فكان النجم الممثل، ولهذا عندما مضى قطار العمر لم يغادر محمود صدارة المشهد، فقد أصبح الممثل النجم.

فى حياة كل المبدعين دائما هناك ذروة ما، ولكن لا يعنى ذلك أن تتحول الذروة إلى عقدة.. سواء توقف عندها أو توقف بعدها الفنان.. ومحمود عبد العزيز حقق نجاحا استثنائيا بفيلمه «الكيت كات» 1991 إخراج داوود عبد السيد، والذى جسد فيه دور الشيخ الضرير «حسنى». الناس لا تنسى هذا الشيخ الذى تحدى العجز وأتصور أن محمود أيضا لم ينسه بدليل أنه فكر أكثر من مرة فى تقديم جزء ثان!!

السينما لا شك أنها الآن فى احتياج إلى زمن وإحساس ونبض وإيقاع محمود عبد العزيز، الذى أراه ما زال على الموجة مع جمهور هذه الأيام رغم الفارق الزمنى على شرط أن يهيئ نفسه لقانون جديد فى التعامل مع الحياة الفنية.. مساحة محمود عبد العزيز لا تزال محفوظة على الشاشة، وعليه أن يحرص هو على تلك المساحة ويقهر التردد الذى يسكنه أحيانا قبل أن تهرب هذه المساحة من بين يديه.. نعم الابتعاد أضاع عليه وعلينا الكثير، وهو بالفعل ما اكتشفه محمود عبد العزيز قبل أربع سنوات فى فيلم «إبراهيم الأبيض» لمروان حامد وقدم فى دوره «عبد الملك زرزور» قفزة أخرى رغم ضآلة المساحة الدرامية، فإنه أطل علينا شامخا بإبداع وألق!!

محمود عبد العزيز هو أحد فتيان الشاشة الكبار على مدى يقترب من 40 عاما إنه «الجان» خفيف الظل الذى يثير حضوره على الشاشة حالة من البهجة على شرط أن يعثر على الدور الذى تشع من مفرداته البهجة، فإنك بلا شك لن تجد إلا محمود عبد العزيز هو الوحيد المهيأ لأداء هذا الدور.. كان محمود عبد العزيز قد طرق أبواب السينما فى البداية باعتباره الفتى الوسيم، فإذا كان حسين فهمى تنهال عليه الأدوار لوسامته، فإن محمود عندما بدأ بطلاً فى فيلم «حتى آخر العمر» كان مجرد تحد من المنتج رمسيس نجيب بعد أن زاد أجر حسين فهمى، فقرر المنتج أن يدفع بنجم آخر كان يرى وقتها أن سلاحه هو الوسامة.

فى نهاية الستينيات من القرن الماضى قبل أن تأتيه الفرصة كان محمود قد شعر بالإحباط بعد أن أغلقوا دونه العديد من الأبواب الفنية، فقرر أن يسافر إلى «فيينا» عاصمة النمسا ليس من أجل قضاء ليالى الأنس هناك، ولكن لبيع الجرائد مثل أغلب الشباب خريجى الجامعات، ولم يكن محمود يحمل فقط بكالوريوس كلية الزراعة، ولكن ماجستير فى العلوم الزراعية تخصص نحل، واكتشف لا شعوريا أن حنينه إلى الفن دفعه إلى اختيار شارع تقع فيه دار الأوبرا، ثم عاد إلى مصر ليتحول اسمه إلى خبر تباع به الجرائد.

اللمحة التى أشعلت الوهج جاءت مع فيلمه «العار» لعلى عبد الخالق 1982 انطلق من خلاله إلى قلوب الناس ولا يزال بينه وبين الناس تلك الحميمية والدفء.. كانت لمحمود إضافات خاصة للشخصية التى يؤدى من خلالها دور الطبيب وكانت لازمة الحبوب المهدئة واحدة من اللمحات التى انتزعها محمود بذكاء من مفردات الشخصية.. ثم دور لا ينسى فى فيلم «الشقة من حق الزوجة» وهو أهم فيلم قدمه المخرج عمر عبد العزيز، وفى هذا الدور لامسَ محمود الوتر فى الأداء الذى يجمع بين خفة الدم وتقمص الشخصية دراميا وحقق من خلاله قفزة أخرى.. إنه محمود فى أفضل حالاته عندما يعثر على شخصية ترى فى تكوينها الجدية وفى نفس الوقت لديها خفة ظل.

بداخل محمود بئر عميقة من الموهبة والعطاء.. السنوات الجميلة فى دنيا الإبداع لا تزال تنتظره وأجمل الأدوار لم تأت بعد.

التحرير المصرية في

10/12/2012

 

 

مهرجان دبي برج بابل السينما العربيّة

تجارب خليجيّة: فتّش عن المرأة

الهند ضيفة شرف الدورة التاسعة

زينة حداد / دبي 

العلاقة بين الماضي والحاضر تسيطر على الأفلام المشاركة في «مهرجان دبي السينمائي الدولي». أعمال ترصد ثورات العرب، وأخرى تعكس هموم الخليج ومشاغله، وجدل يرافق هذه الدورة التي شهدت «حظر» ثلاثة مخرجين «اتساقاً مع سياسة الإمارات في نصرة الشعب السوري»!

أمس، انطلقت الدورة التاسعة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» حاملة في جعبتها الكثير من الأفلام التي تعزز الهدف الرئيسي للمهرجان الذي يتمثّل في جعل الإمارة الصغيرة منصةً للمخرجين العرب بقوة المال، الى جانب تقديم الأفلام العالمية. وخلال هذه الدورة، سيقدَّم 158 فيلماً من 61 دولة، من بينها 50 عملاً في عرض عالمي أول، كأننا بها برج بابل السينما العربية.

ولعل الافتتاح مع «حياة باي» الثلاثي الأبعاد للتايواني الأميركي آنج لي عن قصة الروائي الكندي يان مارتيل، يعزز أهداف المهرجان في بناء جسر للتواصل بين الثقافات المختلفة. يعرض الشريط طقوس العبادات المختلفة وتقبّل الآخر في إطار من المغامرات. وقد اختيرت كل من الهند وتايوان وكندا لتصوير العمل الذي جسد تفاصيل الرواية. عبر مشاهد ساحرة، يعرض الشريط الثلاثي الأبعاد العلاقات التي تجمع البشر بالحيوانات ضمن حبكة تبلغ ذروتها عندما يقرر والد باي الهجرة الى كندا، فيتعرضون لعاصفة أثناء السفر، ويغرق المركب بمن فيه، باستثناء باي والنمر الذي يكون جائعاً. لحظات من التشويق تثيرها تلك العلاقة بين باي والنمر عبر عرض قائم على التكامل بين التفاصيل الروائية والإخراج المشغول. وهذه السنة، تحلّ الهند ضيفة شرف على الدورة التاسعة التي تقدّم أيضاً جائزة «إنجاز العمر» المرموقة للعام 2012، إلى كلّ من المخرج البريطاني مايكل أبتيد، والممثل المصري محمود عبد العزيز.

إلى جانب الأفلام العالمية التي تقدَّم ضمن «السينما العالمية»، من بينها شريط «هيتشكوك» للبريطاني ساشا غيرفازي، وفيلم «ذي سافايرس» للمخرج واين بلير الذي يختتم المهرجان مساء 16 كانون الأول (ديسمبر)، تضم قائمة الأفلام المتنافسة على «جائزة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة» 16 عملاً، ستُعرض تسعة منها عالمياً للمرة الأولى، واثنان للمرة الأولى دولياً.

تفتتح المسابقة بفيلمين: الأول لكرزان قادر بعنوان «بيكاس»، والثاني لهيفاء المنصور بعنوان «وجدة». وفيما يتوغّل المخرج العراقي في تاريخ بلاده من خلال الأطفال، ترصد السينمائية السعودية واقع المرأة في المملكة من خلال وجدة التي تحلم باقتناء دراجة في مجتمع يحرّم على المرأة هذه الهواية. ثورات الماضي والحاضر تخيّم على مسابقة «جائزة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة» من خلال الجزائري سعيد ولد خليفة الذي يقدم سيرة المناضل أحمد زابانا في «زابانا»، بينما يرصد المخرج التونسي حميدة الباهي أحداث الثورة التونسية من خلال «نسمة الليل». الى جانب هذه الأعمال، سيعرض للمخرج المغربي نور الدين لخماري «زيرو»، و«يما» للجزائرية جميلة صحراوي، و«برلين تلغرام» للعراقية ليلى البياتي، و«محاولة فاشلة لتعريف الحب» للمغربي حكيم بلعباس. تحمل «جائزة المهر الإماراتي» مجموعة من الأفلام ترتكز على القضايا الإنسانية التي ترتبط بحياة الناس وتفاصيلهم الصغيرة. في «دوربين»، تعرض الكاتبة والتشكيلية والمخرجة الإماراتية منى العلي وجهة نظر خاصة تتعلق برؤية البشر المختلفة إلى الحياة، بينما تتّبع فاطمة عبد الله النايح في «رذاذ الحياة» خطوات الفتاة عائشة التي تستعد بحماسة ليوم زفافها، لكن الفرح ينقلب فجأة إلى حزن. في المقابل، تطلّ في عرضها العالمي الأول المخرجة أمل العقروبي وفيلمها «نصف إماراتي» الذي يناقش مسألة حساسة هي الزواج بين الإماراتيين والأجانب المقيمين في الإمارة. أما علاقة المرأة بالمجتمع الذكوري الذي ينقلها من سلطة الى أخرى، من الأب الى الزوج لاحقاً، فيطرحها جمعة السهلي في «رأس الغنم». يرصد الشريط واقع النساء اللواتي يحاولن ابتكار حيواتهن الخاصة بعيداً عن السلطة الذكورية. وضمن التيمة نفسها، يستعرض منصور الظاهري في «سراب. نت» أساليب الشبان في التعاطي مع الفتيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الأفلام العربية حطت رحالها على شاشات المهرجان مع «حظر» فُرض على ثلاثة أفلام أخرجها سينمائيون سوريون «اتساقاً مع سياسات دولة الإمارات العربية المتحدة في نصرة الشعب السوري وطموحاته» (راجع الصفحة القابلة). شئنا أو أبينا، يتمكن «مهرجان دبي» من احتكار جزء أساسي من الإنتاجات العربية الجديدة، ما يجعله مكاناً لجس نبض السينما العربية الجديدة، إضافة إلى تحوّله محجّة للنجوم العالميين والمصريين من كيت بلانشيت التي تشارك في الدورة التاسعة إلى نجوم مصر... المدير الفني للمهرجان مسعود أم الله آل علي وصف هذه الدورة، قائلاً: «تتميّز الأفلام بجودة فنية عالية تمنحنا مساحة لمعاينة الجديد والمتجدد في الإبداع العربي بالتناغم مع قدرة السرد السينمائي على قراءة الحاضر الذي يضيء المستقبل».

الأخبار اللبنانية في

10/12/2012

 

«المهر العربي» مجازفات وجرأة نقديّة

ساندي الراسي / دبي 

الى جانب الأفلام العالمية التي يُعرض بعضها للمرة الأولى كالنرويجي «البحث عن نجمة الميلاد»، يترقب متتبعو المهرجان جوائز «المهر» التي تُقسم الى ثلاث فئات: «مسابقة المهر الإماراتي» التي تحتفي بالموجة الجديدة للسينما الإماراتية، و«مسابقة المهر العربي» التي تقسم الى أفضل فيلم روائي، وأفضل وثائقي، وأفضل فيلم قصير، و«مسابقة المهر الآسيوي الأفريقي» التي تُقسم الى أفضل شريط روائي، ووثائقي، وقصير.

يبدو أنّ العلاقة بين الماضي والحاضر ستطغى على تشكيلة الأفلام المرشحة لـ«المهر العربي». الجرأة والمجازفة تخيّمان على عروض المهرجان، نقطة شدد عليها مدير برامج الأفلام العربية المخرج العراقي عرفان رشيد، الذي أكّد لنا أنّ الأعمال العربية أكثر جرأة هذا العام، أكان لناحية المواضيع أم لناحية طريقة معالجتها. ويشير رشيد إلى أنّ الأفلام المختارة مميزة هذا العام، سواء لجهة السيناريو أو التصوير أو استخدام الموسيقى التصويرية. ويشرح أنّ المجال أُفسح أكثر أمام المخرجات النساء اللواتي احتللن نصف الأسماء المشاركة في فئة الأعمال الوثائقية. لبنانياً، تسلّط إليان الراهب الضوء على زاوية من الحرب الأهلية اللبنانية في شريطها الوثائقي «ليال بلا نوم»، حيث تتطرق الى مسؤولية الأفراد فيها. فيما يعيدنا فؤاد عليوان في «عصفوري» (مسابقة «المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة») الى الفترة الممتدة من 1975 حتى 1995. نعيش مع كريم الذي كان شاهداً على مصائر سكان إحدى البنايات بمختلف طوائفهم خلال الحرب الأهلية. وتتضمن مسابقة هذا العام ثلاثة أفلام مصرية، فيقدَّم «موندوغ» في أول عرض عالمي له. شريط خيري بشارة كناية عن رحلة داخلية الى أعماق المخرج، استغرق تصويره 11 عاماً. كما سنرى «ثورة 25 يناير» من خلال عدسة إبراهيم البطوط وفيلمه «الشتا اللي فات». وفي ما يتعلق بأعضاء لجان تحكيم جوائز «المهر»، فيترأس لجنة تحكيم جائزة «المهر العربي» لفئة الأفلام الوثائقية المخرج مايكل أبتيد. كما يترأس البرازيلي برونو باريتو لجنة تحكيم جائزة «المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة» بعضوية الممثل المصري آسر ياسين، والمخرجة التونسية مفيدة تلاتلي، ومارتين شويغوفر والناقد الأردني عدنان مدانات.

أما بالنسبة الى الأفلام القصيرة، فيرأس لجنة تحكيمها الناقد مارك أدامز بعضوية كل من الممثلة الهندية فريدا بينتو والمخرجة الإمارتية نايلة الخاجة. في ظلّ وعود القيّمين على البرمجة بأعمال جريئة، نترقب ما ستحمله الأيام من جديد على صعيد صناعة السينما العربية.

الأخبار اللبنانية في

10/12/2012

 

«دبي» صحت متأخرة:

إنه القمع باسم الحرية

أنس زرزر / دمشق 

عبد اللطيف عبد الحميد، جود سعيد وباسل الخطيب ثلاثة سينمائيين سُحبت أعمالهم من «دبي» بدعوى مناصرتهم للنظام السوري. «الأخبار» حاولت إعادة فتح هذا الملف وسط امتناع المخرجين المعارضين عن التصريح

اعتادت الأوساط الثقافية السورية السجالات بين المخرجين نتيجة انقسامهم إزاء «المؤسسة العامة للسينما» باعتبارها هيئة حكومية تمثّل حالة مصغرة للنظام السوري. مجمل هذه السجالات ترتفع حدتها وتتحول طقساً ملازماً لـ «مهرجان دمشق السينمائي الدولي» الذي لا تكتمل فعالياته من دون البيانات والمقالات التي تتهم مؤسسة السينما بانحيازها إلى مخرج مقرب منها، على حساب آخر معارض لها ولسياسة النظام الحاكم الذي تمثله على حد سواء.

مع بداية الأزمة منذ حوالى عامين، أصدر بعض المخرجين المعارضين بياناً أدانوا فيه ممارسات النظام السوري القمعية بحق المتظاهرين السلميين، وحمّلوه مسؤولية تفاقم الأوضاع. بدورهم، سارع عدد آخر من المخرجين الموالين إلى إصدار «بيان مخرجي الداخل» أوضحوا فيه وجهة نظرهم من الأحداث و«المؤامرة التي تتعرض لها البلاد».

بعدها، كرّت سبحة البيانات التي لخّصت الانقسام بين صناع الفن السابع في سوريا. وسريعاً، نقلوا ساحة حربهم إلى المهرجانات العربية والعالمية، كما حدث في مهرجاني «القاهرة» و«دبي»، عندما أصدر مخرجون ومثقفون سوريون معارضون بياناً اعترضوا فيه على إدراج فيلم «العاشق» للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في «مهرجان القاهرة»، وقد كان مقرراً عرضه أيضاً في «مهرجان دبي» إلى جانب «صديقي الأخير» لجود سعيد، و«مريم» لباسل الخطيب (الأخبار 30/11/2012). هذا الاعتراض جاء بدعوى أنّ هذه الأفلام أنتجتها «المؤسسة العامة للسينما» وصنعها مخرجون دافعوا سابقاً عن النظام السوري في تصريحاتهم، وفي البيانات التي وقعوا عليها.

وفي سابقة أولى من نوعها، استجابت إدارة المهرجانين لنداءات المعارضة، وقررت عدم عرض الأفلام، بعدما حددت مواعيد تقديمها للجمهور ضمن جداول مسابقات المهرجان! تعددت القراءات لهذا الإجراء القمعي الذي رآه البعض تناقضاً صارخاً مع مبادئ حرية التعبير، والديموقراطية التي تطالب بها الثورة الحقيقية. أما الآخرون، فاعتبر قرار المنع انتصاراً حقيقياً للثورة. ومع انطلاق «مهرجان دبي»، حاولت «الأخبار» فتح القضية مجدداً، وانجاز ملف يضمّ وجهات نظر طرفي الخلاف، ووضعها بين يدي القارئ، لكنّ سياسة الاقصاء شملتها من الطرف المعارض هذه المرة. رفضت أسماء بارزة من السينمائيين المؤيدين لقرار الغاء عرض الافلام السورية، تقديم وجهة نظرها على صفحات «الأخبار». هذا ما حدث مع المخرج نضال الدبس، والسينمائية السورية المقيمة في باريس هالة العبد الله، التي اعتذرت عن عدم تقديم وجهة نظرها، مكتفية ببيان نشرته في صفحتها على الفايسبوك، وأعلنت فيه سحب فيلمها «كما لو أننا نمسك بكوبرا» من ««مهرجان القاهرة» لأنّني أؤمن بأن المهرجانات نافذة للسينمائيين، وخصوصاً للمستقلين منهم، كي يعرضوا أفلامهم في جو من التبادل الايجابي والحرية» كما جاء في البيان الذي عددت فيه أسباب انسحابها قائلةً «فهمت من ردود فعل بعض المسؤولين عن المهرجان في القاهرة، ومهرجان دبي، أنهم يعتبرون السينما مستقلة عن السياسة، وهذا ما يبرّر لهم استقبال وعرض أفلام لمخرجين من سوريا، يساندون حتى اليوم النظام السوري... هؤلاء المخرجون لا أريد لفيلمي أن يتقاسم معهم أرض مهرجان يتوهم أنّ السينما مستقلة عن السياسة».

بعد استبعاد الأفلام السورية الثلاثة، عادت العبد الله لتكتب على صفحتها «حين تتراجع مؤسسة رسمية وغير ثورية مثل «مهرجان القاهرة» عن عرض فيلم «العاشق» ويلحق به «مهرجان دبي» بالتراجع عن عرض «مريم»، و«صديقي الأخير»، و«العاشق»، فهذا دليل على أنّ صوت الحق يمكن أن يكون مؤثراً وحاسماً». لكنّه غاب عن ذهنها أنّها وقعت مع رفاقها في شرك إلغاء الآخر، وممارسة قمع جديد باسم الثورة، يشبه ما تمارسه المؤسسات الثقافية السورية الرسمية. لا يستبعد مدير «المؤسسة العامة للسينما» محمد الأحمد أن يكون سيناريو إقصاء الأفلام السورية، وقرار منع عرضها مبيتاً ومعداً سلفاً «هناك مراسلات رسمية تمتد لأكثر من 4 أشهر مع إدارتي مهرجاني القاهرة ودبي. لقد طلبتا الأفلام الثلاثة، وأرسلتا تذاكر السفر بعد تحديد مواعيد العرض، لكن في اللحظات الأخيرة، وصلتنا كتب الاعتذار الرسمية أيضاً عن عدم عرض أفلام المؤسسة». ويتوقف مطولاً عند البيان المسيء الذي أصدره «مهرجان دبي» بحق صناع الأفلام والمؤسسة «صدر هذا البيان ليكشف حقيقة الموقف بعدما استماتت إدارة «مهرجان دبي» لتحظى بالعرض الأول للأفلام السورية الثلاثة. لا يمكن تفسير هذا الاجراء إلا بالمقصود والمتعمد. ألم يتبنه القائمون على «مهرجان دبي» أنّ أبناء الشعب السوري يقتلون عندما طلبوا أفلامنا قبل 4 أشهر؟».

رسالتان إلى «الأحرار» في معنى الديموقراطية

عبد اللطيف عبد الحميد

هناك بعض الزملاء يفنون عمرهم في إطلاق التصريحات، أو كتابة بيانات ظاهرها «ثوري» وباطنها تصفية حسابات شخصية، وهي تنطلق من مقولة جورج بوش «من ليس معي، فهو ضدي» أو إياك أن تخالف رأياً! في ما يتعلق بما جرى لأفلامنا في مهرجاني القاهرة ودبي، فأنا لا أعرف من ألوم، ولا أعرف على من أعتب، هل على الذين مارسوا الإرهاب وحرضوا على منع عرض تلك الأفلام، أم على إدارتَي المهرجانين؟ المؤكد أنّ تلك المهاترات ستتلاشى كما الغبار.

أما الأفلام فهي الباقية والشاهدة على العصر. ختاماً أذكّر زملائي الذين حرّضوا على منع عرض فيلمي «العاشق» في المهرجانين كيف وقفوا بحدة وشراسة ضد «مهرجان دمشق الثامن» (1991) حين استبعد عرض الأفلام التونسية بحجة مشاركة جهات إنتاجية إسرائيلية فيها. يومها أصدر هؤلاء السينمائيون بياناً مفاده أنّه يجب عدم خلط الفن بالسياسة!

جود سعيد

«القمع يمارس باسم ضدّه، أي باسم الحريّة»! وحده الأحمق يعتقد أنّ نصره يكون بوضع الآخر في قبو!

«من غير ضدّك الفكري، لا معنى لما تقول». قبول الضدّ في الحياة درس بسيط تعلمه الطبيعة لكائناتها كي تضمن بقاءها. لم يستوعب هذا الدرس من كان يتظلّم دوماً من الإقصاء والتهميش، بل مارس أوّل ما استطاع الإقصاء والإلغاء كي يكون في الساحة وحيداً واحداً أحداً لا صوت يعلو فوق صوته كما كان ممنوعاً سابقاً أن يعلو أيّ صوت فوق صوت المعركة. هل هذا اعتراف لا واع من الحرّ بمتعة ممارسة السلطة على الآخر؟ أيّة سلطة كانت! النتاج الفني خلاصة تجربة الفنان الحياتية، وهو التعبير الأسمى عن فكره ومواقفه من الحياة والوجود وخصوصاً من اليوميّ المعاش. إنّ إقصاء هذا النتاج ليس إقصاء للفنان فقط، بل هو إقصاء معنويّ لكلّ من يرى في هذا النتاج تمثيلاً لقناعاته أو للفنّ الذي يحبّ. وفي السينما «الفن الديموقراطي الجماعيّ بآليات صنعه»، يصير الإقصاء مضاعفاً، إذ يشمل فريقاً كاملاً حكم عليه السيّد الحر «المدافع عن التعدديّة» بتهمة الانتماء لشخص مخرج الفيلم!

في العالم العربي اليوم، صار امتلاك سينمائي ما لوجهة نظر غير ربيعيّة جريمة قميص عثمانها جاهز (بيان سينمائيي الداخل مثالاً). وكي يتمّ تبسيط الجريمة للجمهور، تتكفل المحادل الإعلامية بالإدانة بجعلك تابعاً ومريداً وقاتلاً بقولك وفعلك وحتى بصمتك (كما يقولون) وهكذا يصير الدّم النازف عاراً في رقبتك! إنّ السينما التي تنطق بها الأفلام الثلاثة («العاشق»، «مريم»، و«صديقي الأخير») هويتها سوريّة وهمّها سوريّ وصنّاعها سوريّون وقضاياها إنسانيّة سوريّة وهي باقية، وستشاهد إن لم يكن اليوم فغداً، والإقصاء هنا أقلّه هو إقصاء لجزء من مكوّن الهوية الثقافيّة السوريّة، أكرّر أقلّه. السينما التي أصنع تعبّر عني وعن قناعاتي ولن تعرف الممالأة لك سيّدي الحرّ كما لم تعرف مهادنة أيّ سلطة، ستبقى سينما حرّة أصيلة كزيتون بلادي.

الأخبار اللبنانية في

10/12/2012

 

مخرجون معارضون: لا تعليق!

وسام كنعان  

تتحفظ غالبية المخرجين السوريين المناصرين للثورة عن الإدلاء بآرائهم بخصوص استبعاد الأفلام السورية عن مهرجاني «القاهرة» و«دبي». بعضهم يتهرّب من التصريح لـ «الأخبار» لأنّهم يعتبرونها «موالية للنظام» لكنّهم لا يجدون حرجاً في الإدلاء بمطولات لمحطات اشتهرت بلغة التحريض منذ انطلاق «الربيع العربي».

المخرج المعارض هيثم حقي رفض التعليق حول سحب الأفلام من المهرجانين، بينما لم تجد اتصالاتنا المتكررة بالمخرج الشاب نضال حسن جواباً. علماً أنّه كان أحد المتضررين المباشرين بعد اعتقاله وفصله من عمله في «مؤسسة السينما» («الأخبار» 9/11/2011 ــ 26/7/2012). ورغم مشاركته في «مهرجان دبي» بوثائقي «حكايات حقيقية عن الحب والحياة والموت وأحياناً عن الثورة»، سمعناه سابقاً يقول بأنّ موضوع سحب الأفلام السورية الثلاثة أعمق من مسألة ترويج المهرجان لنفسه بأنّه داعم الثورات. أمّا المخرج المخضرم محمد ملص الذي يعكف حالياً على إنجاز فيلمه الجديد «ناموسينما» في بيروت، فيقول لـ «الأخبار»: «لا أرغب في الحديث عن أي شيء. لا أجد أنه من اللياقة الخوض في تفاصيل مجموعة أفلام منعت في مهرجانات محددة بينما هناك أشخاص يموتون يومياً في سوريا». أما الممثل السوري المعارض جمال سليمان، فيقول لـ«الأخبار»: «سحب الأفلام السورية الثلاثة خطوة إلغائية مرفوضة لأنّها تجعل الفنان يدفع ضريبة الاصطفافات السياسية». في مقابل ذلك، يقول: «لكنّني لا أتفق مع مخرجي الأفلام الثلاثة الذين صمتوا إزاء القمع الذي مورس ضد زملائهم من قبل «مؤسسة السينما»». وما الحل إذاً؟ يجيب: «كنت أفضّل لو تعرض الأفلام، سيما أنّ مضامينها لا تصبّ في مصلحة النظام. وفي موازة العرض، يوزَّع بيان على الحضور يكشف سلوك أصحاب الأفلام التي منعت». وهنا يضرب مثالاً السينمائي الأميركي إيليا كازان الذي تورّط مع المكارثية والوشاية بزملائه الشيوعيين، لكنّ ذلك لم يمنعه من حصد «الأوسكار» مرتين. لكن عند تسلمه الجائزتين، لم يصفّق له أحد. لا يختلف اثنان على أنّ «المؤسسة العامة للسينما» شكّلت أحد وجوه الاستبداد الثقافي من خلال سلوك مديرها محمد الأحمد وتصريحاته ضد نجوم ومخرجين سوريين معروفين، والتعاطي مع المهرجانات كأنّها ملكية خاصة ثم طرد بعض السينمائيين السوريين على خلفية مواقفهم المناهضة للنظام. ها هم العاملون فيها يدفعون اليوم فاتورة تعاونهم مع مؤسسة تحمل صيتاً سيئاً.

الأخبار اللبنانية في

10/12/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)