حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي التاسع والستون

الأفلام الإسرائيلية في مهرجان فينيسيا (1من 2)

أمير العمري- مهرجان فينيسيا 

عرضت ستة أفلام إسرائيلية في الدورة الـ69 من مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي، منها فيلمان للمخرج آموس جيتاي Amos Gitaiلا يستحقان التوقف أمامهما لأن الفيلمين من نوع "الأفلام الشخصية" فالأول عن والده، والثاني عن والدته، والفيلمان لا قيمة لهما من الناحية الفنية، ففيهما الكثير من المعلومات الخاصة بتاريخ العائلة قبل هجرتها من ألمانيا إلى فلسطين، لكن إثارة الملل هو السمة المشتركة التي تجمع بسبب الاستطرادات والتكرار والدخول إلى تفاصيل لا قبل للمشاهد بها بل هي تحمل بعض الدلالات الخاصة بالمخرج نفسه.

وجيتاي يكون عادة في أفضل أحواله عندما يتناول الصراع العربي الإسرائيلي في أفلامه، وهي في الواقع، مجموعة الأفلام الليبرالية التوجه، التي صنعت له إسما في الغرب، وبعدها أصبح مستواه الفني متأرجحا، ولغته السينمائية متعثرة، وبحثه عن مواضيع أفلامه مضطربا، فلا هو صمد كسينمائي من إسرائيل يعبر عن بقايا ما يسمى بـ"الوعي" اليهودي بالمأزق المشترك، بين اليهود والفلسطينيين- المحتل والخاضع- داخل "إسرائيل"، ولا هو نجح في تجاوز نجاحاته الأولى الفنية في أفلامه، التسجيلية- وشبه الدرامية مثل "بيت" و"يوميات حملة" و"إستر"، وظل ينتقل من العام إلى الخاص، ترواده دائما فكرة البحث الشاق عن أصوله اليهودية بحيث يصل أحيانا إلى قمة الذاتية المنغلقة عن العالم، متصورا أن كل ما يحدث له يصلح تقديمه للمشاهدين في كل مكان، وهي نزعة "نرجسية" تظهر عند بعض السينمائيين الذين يحققون شهرة كبيرة في العالم دون أن يستطيعوا المحافظة على مكانتهم من خلال أفلام جديدة يقدمونها ويقعون بالتالي، في حلقة الدوران حول أنفسهم!

ولعلي لا أبالغ بالقول إن فيلمي جيتاي اللذين عرضا في مهرجان فينيسيا، وهما "الكرمل" و"أنشودة لوالدي" لم يكونا ليجدا طريقهما إلى مهرجان دولي كبير على مستوى مهرجان فينيسيا، لولا ارتباط جيتاي بصداقة شخصية مباشرة مع مدير المهرجان ألبرتو باربيرا، الذي جاء بنفسه لتقديم فيلميه عند عرضهما بالمهرجان، وأكد أنه يرتبط بصداقة شخصية قوية مع جيتاي تعود إلى عام 1989، وأنه طلب الفيلمين وكان سعيدا بوجودهما في البرنامج هذا العام.

الأفلام الأربعة الأخرى، فيلم منها في المسابقة الرئيسية وهو فيلم "املأ الفراغ" Fill the Voidوفيلمان في قسم :آفاق" و"أيام فينيسيا". أما الفيلم السادس وهو "الماء" فقد عرض في برنامج أسبوع النقاد ولم أشاهده.

إملأ الفراغ

الفيلم الإسرائيلي في المسابقة "إملأ الفراغ" هو لمخرجة تدعى راما بيرشتاين، وهذا هو فيلمها الروائي الطويل الأول بعد أن أخرجت عددا من الأفلام القصيرة خصصتها لجمهور من النساء اللاتي ينتمين إلى فئة اليهود المتشددين دينيا.

والفيلم الجديد يدور تحديدا في الحي الذي يقطنه اليهود الأصوليون في تل أبيب العصرية، في أجواء شديدة التزمت دينيا وأخلاقيا، حيث نرى اليهود الرجال بملابسهم السوداء وجدائل شعورهم المنسابة على الجانبين تحت تلك القبعات السوداء المميزة، بلحاهم الكثيفة، والنساء اللاتي ترتدي منهن المتزوجات غطاء للرأس، في حين تظهر الفتيات قبل الزواج شعورهن، ويبدو جميع الشباب وكأنهم يدرسون علوم الدين اليهودي لكي يصبحوا من الحاخامات في المستقبل.

هذه الأجواء هي نفسها التي سبق أن قدم آموس جيتاي من خلالها واحدا من أهم أفلامه غير السياسية، وهو فيلم "مقدس" Kadoshالذي يتناول العلاقات العاطفية داخل هذه الطائفة، ويصور كيف تقضي التقاليد الجامدة بحرمان المرأة من حقها الطبيعي في الزواج ممن تحب بل وإرغامها على الزواج من رجل آخر لأن من تحبه لا يلتزم بتقاليد اليهود الأصوليين ويعيش خارج "الجيتو"، في حين يرغم رجل وامرأة من داخل مجتمع اليهود الأصوليين، مرتبطان عن حب بل عشق، منذ عشر سنوات، على الطلاق لأن المرأة لا تنجب. وكان الفيلم أيضا الأول من نوعه الذي يصور مشاهد حب صريحة صادمة.

أما فيلمنا هذا فعلى النقيض تماما من رؤية جيتاي النقدية في "مقدس"، فهو يكرس ما نراه بل ويمجده ويضيف إليه طبقة من المبالغات العاطفية التي تجعل المشاهدين يغادرون قاعة العرض وهم على قناعة من أن أفض الحلول هو ما وصلت إليه البطلة الشابة الصغيرة في النهاية، أي نه ليس في الإمكان أفضل مما كان!

قصة الفيلم تدور حول فتاة في الثامنة عشرة من عمرها، بريئة يافعة، متفتحة للحياة، ابنة لحاخام، وأم متدينة، ربيت ونشأت حسب تقاليد اليهود الأصوليين (طائفة رجال الدين تحديدا)، تقوم أسرتها بترتيب زيجة لها من شاب يدرس الدين اليهودي، تراه من بعيد ويعجبها مظهره الخارجي الذي يتناسب مع مظهرها وسنها،لكن دون أن تلتقي به ولا تتبادل معه أي كلمة. شقيقتها تموت فجأة أثناء وضعها مولودها الأول، وبعد فترة يبدأ زوج الشقيقة التي توفيت في البحث عن عروس له ترعى له ولده، ويمل إلى الارتباط بفتاة يهودية من بلجيكا ويعتزم السفر معها إلى هناك.

أم الزوجة الراحلة ووالدة "شيا" هي التي ترعى المولود الحفيد، ولا تطيق أبدا فكرة ابتعاده مع والده خارج البلاد، فهو الحفيد الوحيد للأسرة. وللأسرة ابنة أخرى لم تتزوج بعد رغم أنها تكبر "شيا" في العمر.

ومشكلة تزويج الفتيات في نطاق تلك الطائفة كما نرى في الفيلم، تبدو إحدى المشاكل الرئيسية التي يوليها أبناء الطائفة اهتمامهم خصوصا الرغبة في تزويجهم في سن صغيرة.

تحاول الأم إقناع "شيا" بقبول زوج شقيقتها الراحلة زوجا لها، خصوصا وقد صرفت أسرة الشاب الذي كان ينتظر أن يصبح خطيبها النظر عن الموضوع وهو ما يدفع شيا للإحساس باللوعة والأسى، وتكون الأم قد نجحت بالفعل في إدخال الفكرة إلى رأس الأرمل الشاب. لكن شيا تقاوم لأنها لا تميل لفكرة الزواج من زوج شقيقتها. لكنها تضطر في النهاية أن تفضل مصلحة الأسرة على مشاعرها الشخصية وتقبل بتقديم تلك التضحية، أي أن تصبح أما لابن شقيقتها التي توفيت.

فولكلور يهودي

يمتليء الفيلم بكل ما يمكن أن نتخيله من استعراض لتقاليد الحياة في "الجيتو" اليهودي: الأناشيد، والاحتفالات، والأعياد، الزيجات، والعزاءات، الزيارات التي تحمل معنى المجاملة، القيل والقال، ومشكلة الفتيات اللاتي كبرن ولم يظهر لهن بعد من يتقدم للزواج منهن، ترتيب الزيجات، اللجوء للحاخام الأكبر للمشورة، الصلاة اليهودية، إعداد الطعام على الطريقة اليهودية، هدهدة الأطفال، وكل هذه المظاهر تقدم بمعزل تام عما يحث في إسرائيل وفي العالم، فالجيتو أو الحي اليهودي التقليدي هنا هو معادل للعالم (الروحاني المثالي)، والأسرة هي أصل الحياة والمجتمع، والدين موجود لضبط العلاقات داخل المجتمع، والحب مبدأ لا معنى له، والزواج هدفه الإنجاب واستمرارية وجود العائلة وتماسك المجتمع، والأم وظيفتها أن تضحي دون أن تطلب شيئا لنفسها فهي أصل العائلة اليهودية.. وهكذا.

رؤية مثالية

هذه الرؤية المثالية المجردة التي تميل إلى الإفراط في تصوير الظاهرة في إطار "فولكلوري" كما لو كنا أمام أحد أفلام الأنثربولوجيا الاجتماعية، تقدم في إطار الاحتفاء بالظاهرة الدينية، والإعلاء من شأنها، وتكريس فكرة أن الخروج عن التقاليد اليهودية، خيانة لليهودية. وليس هذا غريبا لأن مخرجة الفيلم ومؤلفته تنتمي إلى هذه الفئة من اليهود المنتمين لأقصى اليمين، والذين يدعمون من الناحية السياسية سياسة التشدد مع الفلسطينيين، والتوسع والسيطرة والاستيطان والطرد والترحيل الجماعي.. لكن الفيلم بالطبع لا علاقة له بهذه الممارسات، بل ولا توجد أدنى إشارة فيه لما يجري خارج عالم هؤلاء اليهود الأصوليين، فهدف الفيلم تحسين صورة هذه الفئة أمام مشاهدي السينما في العالم وليس طرح قضايا مثيرة للخلاف، وقد تكون أيضا، مثيرة للنفور والاستهجان.

والواضح من خلال المعالجة والأسلوب السينمائي المستخدم في إخراج الفيلم، أن المقصود من "الحبكة" وطريقة صياغتها بنعومة شديدة، القول إن الفتاة لا تتعرض لأي نوع من "الإرغام" في الفيلم لجعلها تقبل الزواج من زوج شقيقتها الراحلة، وهو قول يتردد في الفيلم على لسان أحد الشخوص بشكل مباشر، حين يؤكد وكأنه يخاطب المشاهدين، أنه في اليهودية الأصولية لا ترغم الفتاة على الزواج. لكنها تتعرض فقط كما نرى بالفعل، لنوع من الضغوط "الناعمة" من جانب أمها أساسا، لكي تدرس الفكرة وتصل إلى القناعة بها من تلقاء نفسها، وهو ما يحدث، رغبة من الفتة في الاستجابة للتقاليد "الأخلاقية" اليهودية الأصولية، التي تتمثل في التضحية بمشاعرها لأجل مستقبل العائلة، خصوصا وأنها ستكون "الأم" لابن شقيقتها المتوفاة، وللأم في اليهودية مكانة شديدة الخصوصية فهي أصل الهوية ومنشأها.

عن الأسلوب

أسلوب المعالجة ميلودرامي تتصاعد فيه المشاعر، وتستخدم المخرجة اللقطات الطويلة، معظمها من الأحجام اللقطات المتوسطة والقريبة والقريبة جدا لتحقيق التأثير العاطفي، والانتقال بين المشاهد محكوم ببراعة. ويعتمد الفيلم أساسا، على التمثيل والديكورات ودقة تصميم الملابس والإضاءة، والاستخدام الدرامي المكثف للموسيقى والأغاني التي تصل أحيانا إلى ما فوق الذروة، أي تجنح لتحقيق أكبر شحنة من الإثارة العاطفية.

الأداء التمثيلي جيد من جانب بطلة الفيلم التي أدت الدور الرئيسي وهي الممثلة الشابة خداش يارون، والممثلة إريت شيليج التي قامت بدور "رفقة" الأم، والتي يرشحها البعض في فينيسيا لجائزة أحسن ممثلة، وربما يتقاسم الإثنتان الجائزة، بل إن الفيلم نفسه وجد من يذهب به الحماس إلى حد ترشيحه لجائزة الأسد الذهبي. وهذا هوالموقف حتى لحظة كتابة هذه السطور.

وقد حدث قبل ثلاث سنوات فقط أن حصل فيلم إسرائيلي على الأسد الذهبي وقد يعيد مايكل مان، رئيس لجنة التحكيم، الكرة، ويستخدم نفوذه في اللجنة لكي تذهب الجائزة إلى هذا الفيلم الذي لا يضيف في الحقيقة، أي جديد، لا سينمائيا، ولا فكريا، بل هو في الأساس، فيلم دعائي لتبييض وجوه اليهود المتشددين الذين يؤيدون سياسيا حزب شاس اليمين المتطرف صاحب السمعة السيئة في العالم.

عين على السينما في

05/09/2012

 

الأفلام الإسرائيلية في مهرجان فينيسيا (2 من 2)

أمير العمري- مهرجان فينيسيا 

بات من الواضح أن السينما الإسرائيلية لم تعد تهتم كثيرا كما اعتادت أن تفعل، بقضايا الصراع العربي- الإسرائيلي أو بإشكالية العلاقة مع الآخر، الفلسطيني، وتعقيداتها، وهو ما نلمسه من خلال الأفلام الستة التي عرضت في المهرجان ولم يتضمن أي فيلم منها إشارة إلى الموضوع.

والواضح أن السينما الإسرائيلية أصبحت تهتم في الوقت الحالي على الأقل، بموضوع العلاقة بين المواطن والدولة، وإحباطات الفرد بسبب حالة التردي الاقتصادي والمعاناة الشديدة التي يعيشها المواطن الإسرائيلي اليوم محروما من "الغطاء الاقتصادي" الذي بشرته به الصهيونية طويلا، لحساب التركيز الدائم على قضية "الغطاء الأمني".

هزيمة مشروع الصعود في مجتمع "الحلم" الصهيوني هو مثلا ما يتناوله فيلم "خيوتا وبيرل: مدخل" Hayuta and Berl للمخرج عمير مانور، وهو فيلمه الروائي الطويل الأول بعد فيلميه القصيرين "حمر" (40 دقيقة) الذي أخرجه عام 2007، وفيلم "حطام" (47 دقيقة) عام 2008.

وهو يختار شخصيتين من كبار السن، رجل وزوجته في الثمانينيات من عمرهما، عاشا سنوات صعود الحلم الصهيوني ضمن حركة العمل الإسرائيلية، أو حركة اليسار الصهيوني التي كانت في الحقيقة هي الأساس الاقتصادي الذي ارتكزت عليه الدولة فيما بعد، أي عند تأسيسها، من خلال ما عرف بالهستدروت، أو اتحاد نقابات العمال الذي تأسس عام 1920.

ليس هناك الكثير في هذا الفيلم عن الخلفية السياسية للموضوع أو بالأحرى عن الشخصيتين الرئيسيتين، وهما رجل وامرأن، زوج وزوجة، بيرل وخايوتا، أنجبا ابنا واحدا يقيم حاليا في الخارج، بعد أن اضطر للهجرة من إسرائيل للعيش في بلد السمن والعسل الحقيقية (أمريكا) بسبب تدهور مستوى الحياة في إسرائيل وعدم قدرته علىتحمل قسوة العيش، وما يفرضه الأب أيضا من قواعد صارمة في إدارة شؤون الحياة اليومية. ونفهم من خلال الحوارات التي تلمس هذه العلاقة بين الأب والإبن، بين بيرل وخايوتا، أن العلاقة بين الأب والإبن لم تكن على ما يرام، وتنحي خايوتا في ذلك باللائمة على زوجها.

يبدأ الفيلم بمشهد طويل عندما تصل أخصائية اجتماعية إلى منزل الزوجين بشكل في زيارة مفاجئة لكي تجري لكل منهما اختبارات معقدة لمستوى الفهم والقدرة على الحركة وعلى القيام بالأعمال الحياتية الأولية داخل المنزل، حتى تعرف ما إذا كانا يتمتعان بحالة تسمح لهما بالبقاء في المسكن دون الانتقال إلى ملجأ للمسنين، وتقول لهما إن الاختبار مهم لكي يضمنا أيضا استمرار حصولهما على الإعانة التي تقدمها لهما الدولة.

الرجل (بيرل) الذي عاش فترة العمل في الكيبوتزات ومر بتجربة تجسيد الفكرة (الاشتراكية) الصهيونية، يريد أن يستعيد ذلك الحلم القديم الزائل، بعد أن تقدم به العمل ووجد نفسه على هامش المجتمع، وربما رغبة في التشبث بذلك الحلم القديم تعويضا على احباطات الواقع، فهو يبدأ في الاتصال بمجموعة من العجائز من أبناء جيله، يريد اعادة تجميعهم في كيان تطوعي يطلق عليه "مجتمع الدائرة" circle communityبينما تحاول الزوجة (خايوتا) أن توقظه من أحلامه وتلفت نظره إلى ما في الفكرة من خيال، وأنه لم يعد هناك أحد سيمكن أن يتحمس لهذا النوع من الأفكار المثالية.

وعندما يشارك بيرل بمداخلة تليفونية في برنامج اذاعي على الهواء، طارحا فكرته، يحاوره المذيع ساخرا من الفكرة، ثم يقطع عليه بسبب "ضيق الوقت".

يعيش الثنائي حياة الفقر والفاقة، الطعام الباقي في البيت قليل لا يكفي طفلا، الكهرباء تنقطع بسبب محاولات بيرل اصلاح جهاز التليفزيون المعطل دون جدوى، ويستمر النصف الثاني من الفيلم في الظلام داخل المسكن البارد.

تكون خايوتا قد خرجت لشراء الدواء الذي تحتاجه، لكنها تقرر فجأة أيضا أن تذهب إلى السينما حيث تشاهد فيلم "انديانا جونز".. ينتهي الفيلم ويغادر الجمهور دار العرض لكنها لا تريد المغادرة، فقد أصبحت فكرة العودة إلى المنزل مرهقة تثير الكآبة والرفض. لكنها تغادر مضطرة في النهاية تحت ضغط عامل السينما، تتحدث تليفونيا مع ابنها في أمريكا، تخبره وهي تضحك أنها كانت تشاهد انديانا جونز. تبكي وتضحك في وقت واحد بعد أن تنتهي المكالمة بما يشي بتدهور حالتها العقلية أيضا. تحاصرها متسولة عجوز وهي داخل كابينة التليفون، تصر على أن تعطيها شيئا.. بعض النقود التي لا تملكها فقد رأينا كيف أنها عجزت عن شراء أنواع الدواء الثلاثة التي تتناولها مكتفية في النهاية بنوع واحد فقط بسبب عدم توفر ما يكفي معها من المال.

تقابل في طريقها رجلا يبحث عن ابنته التي فقدها. يبدو الرجل شاردا وقد فقد عقله تقريبا. يتشبث بها كما لو كان يتشبث بأمه. مشهد سيريالي غريب، في أحياء هامشية متدهورة، تنتشر فيها القمامة، وينتهي المشهد الغربي الذي يدور في الليل بأن يندفع الرجل لكي يرقد على صدر خايوتا ويبكي.. إنه بالقطع تحت تأثير المخدر.. تربت هي على ظهره..وتنجح في التخلص منه بصعوبة.

يأتي صوت مذيع من الراديو يقول إن 100 ألف شخص انضموا الى طوابير الفقراء في البلاد. مشهد تسجيلي بالأبيض والأسود لمزارع العمل الجماعية في الثلاثينيات والأربعينيات، ولقطة سريعة لتمثال لينين.

تعود لتجد بيرل يرقد في الظلام. لكنه يقول لها إنه استأجر فستانا بديعا كلاسيكيا يليق بحفل عيد ميلادها وآتى لها ببعض الزهور. يطلب منها أن ترتدي الفستان.. ويرتدي هو البذلة التي استأجرها من محل في وسط المدينة لهذه المناسبة.

يخرج الاثنان، يتجولان.. يدعوها الى تناول قطعة من البيتزا من كشك صغير رخيص. يقول لهما البائع الشاب إنه سيغلق وينصرف لأن الوقت متأخر.. لكنه يستدرك فيعطيهما قطعة من البيتزا مما يقى لديه.. مجانا.. يتناولها الاثنان في سعادة ثم يبتعدان.

كيف سيكمل الثنائي خيوتا وبيرل حياتهما أو ما تبقى لهما من العمر؟

فيلم جيد جدا بل هو أفضل ما شاهدت من الأفلام الاسرائيلية الخمسة، لأنه يعبر ببساطة وشاعرية ودون إحالات مباشرة، عن خشونة الواقع، ونهاية الحلم الصهيوني الكاذب، ببراعة وبلاغة سواء في استخدام الصورة والضوء (نصف الفيلم يدور تقريبا في الظلام أي تحت إضاءة شاحبة ضعيفة للغاية بعد انقطاع التيار داخل شقة الثنائي وفشل بيرل في استعادتها حتى النهاية)، إلى جانب البراعن الشديدة في التصوير داخل ذلك الديكور الضيق الطبيعي، والتعامل مع الممثلين الرئيسيين بكل هذه التلقائية والقدرة على الأداء الواثق أمام الكاميرا. وخصوصا الممثل يوسف كارمون الذي قام بدور بيرل.

في أحد المشاهد يذهب بيرل لبيع ذخيرته من كتب تاريخية نادرة، لكن البائع يعرض عليه مبلغا قليلا من المال لا يتناسب مع قيمة الكتب. يعود بيرل ليقوم بحرق مجموعة الكتب. وعندما تتساءل خيوتا عن سبب ما يفعله يقول لها: لقد بنينا مجتمعا جديدا ولكنهم باعوه لنا.. ان مشكلتنا أننا ظللنا مخلصين لأنفسنا". تواسيه هي فتقول له: إن كل شيء يمكن إصلاحه. لا يبدو أنه يصدقها.

العلاقة بين الثنائي مرسومة بدقة شديدة من جميع تفاصيلها: الحركة، اللغة، الضوء، حجم اللقطات القريبة في الغالب، تجسي التناقض بين الجيل الجديد (الذي تمثله الأخصائية الاجتماعية) وبين جيل بيرل وخيوتا. ويستدعي أسلوب المخرج في التعامل معهما إلى الأذهان الفيلم البديع الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان "الحب"، الذي تألق فيه الممثلان: جان لوي ترنتينيان وإيمانويل ريفا. ولاشك أن هناك تأثرا ما بهذا الفيلم ينعكس على طريقة تصميم الفيلم بل وفكرته أيضا، فهو كذلك فيلم عن تلك العلاقة التي تربط بين زوجين لأكثر من ستين عاما، مليئة بالب والإخلاص والتساند حتى النهاية.

الرجل والماء

وبينما عرض "خيوتا وبيرل: مدخل" في قسم "أيام فينيسيا، عرض فيلم"الرجل الذي يقطع الماء" The Cutoff Manللمخرج إيدان هوبل في قسم "آفاق". يقوم ببطولة هذا الفيلم الممثل الإسرائيلي الشهير موشي إيفجي Moshe Ivgyالذي سبق أن قام ببطولة الفيلم الشهير "نهائي كأس العالم" عن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي للمخرج عيران ريكليس (1991).

هذا أيضا فيلم عما وصلت إليه الحالة الاقتصادية لسكان إسرائيل في الوقت الحالي.

رجل في منتصف العمر (جابي)، عاطل عن العمل، يضطر لقبول عمل صعب بالقطعة، يرفضه الكثيرون نظرا لدلالته البشعة، يتلخص في قطع الماء عن أصحاب المنازل الذين تعجزهم الظروف الاقتصادية عن دفع فواتير المياه.

ويتعين على هذا الرجل أن يتوجه بنفسه إلى كل منزل من منازل المتأخرين عن السداد، يطالبهم أولا بضرورة دفع الفاتورة، وعند عدم الاستجابة، كما يحدث في كل الحالات التي نراها في الفيلم، يقوم صاحبنا بفصل أنابيب توصيل المياه للمنزل، مما يعرضه للاشتباك مع السكان، والتعرض للاعتداءات النفسية والجسدية.

إنه يحصل على 11 شيكلا عن كل منزل يقطع عنه المياه. وهو يشعر بالعار مما يقوم به. لكن ماذا سيفعل وهو في حاجة إلى المال.

معروف أن الماء له أهمية شديدة الخصوصية (مع الأرض) في الثقافة الإسرائيلية عموما، ربما أكثر منها في أي بلد آخر، بسبب ندرة مصادر المياه، والحاجة الشديدة إليها. إنها رمز الحلم الصهيوني، فقد كانت النواة الأولى في إقامة الكيبوتزات التي توسعت وأصبحت فيما بعد مدنا وقرى، بفضل الزراعة.

بعد سلسلة من الصدامات والمتاعب الناتجة عن القيام بهذا العمل المرفوض شعبيا، يجد الرجل نفسه فجأة دون عمل، فالانتخابات على الأبواب، وليس من الممكن أن تقتطع البلدية الماء عن المنازل في ظروف الانتخابات. السياسة إذن تتدخل في حياته ومصيره الشخصي، والنفاق السياسي يلعب دورا في التحكم في حياة الآخرين.

الإبن مجند في الجيش لكنه غير قانع بما يقوم به.. يفر من الجيش لكنه يضطر للعودة في اليوم التالي مباشرة لكنه غير سعيد بعودته مضطرا. يطلب بعض المال من الأب. يبيع الرجل مواسير المياه التي يفصلها لكي يعطي ابنه المبلغ الذي يحتاج إليه. تنتهي الانتخابات فيعود الرجل الى استئناف مهمته القذرة. لكن هل سيستمر فيها؟ ينتهي الفيلم والتساؤل معلق!

فيلم غريب جديد في موضوعه على السينما الإسرائيلية، وكأنه يجعل من مشكلة التيه اليهودي "التوراتي" مشكلة أرضية تماما، تتعلق بالوضع الاجتماعي والحالة المعيشية الصعبة التي يتعرض لها الفرد في المجتمع الإسرائيلي اليوم.

فيلم هاديء الإيقاع، يعتمد أساسا على الممثل الواحد، وعلى نسج بعض اتفاصيل الصغيرة وإدخالها إلى النسيج العام للفيلم، لكنه لا يضل أبدا عن موضوعه، ولا يفقد التحكم في الأسلوب: الطابع اكئيب الذي يطغى على الصورة.. اللقطات الثابتة المتوسطة والبعيدة.. العزلة التامة المحيطة بالبطل- اللابطل.

إن تلك السمة من الاكتئاب التي نلمحها طيلة الوقت على وجه "جابي".. الشخصية الرئيسية في الفيلم، لهي أمر غير مألوف في السينما الإسرائيلية التي كانت في الماضي تحتفي بالقوة، والصمود، والنصر، وتتباهى بذلك المجتمع المتحرر الذي يكفل الفرد ويضمن له مستقبلا مزدهرا في نطاق الحلم الصهيوني.. دخلت الآن مرحلة ما بعد زوال الحلم، مرحلة الظلال، وانعدام الوضوح، والرؤى المختلطة المرتبكة التي يعبر عنها هذا الفيلم أفضل تعبير.

عين على السينما في

06/09/2012

 

السينما العربية في المهرجانات الدولية:

الكيل بمكيالين  

ميشال خليفي مخرج فلسطيني حررت أفلامه الأولى، في مطلع الثمانينات، العقل الغربي من النظر إلى المسألة الفلسطينية من زاوية أفلام البروباغاندا التي سادت تلك السينما في السبعينات. "الذاكرة الخصبة"(1980) و"عرس الجليل"(1987) استقبلا بحفاوة كبيرة في زمنيهما، سنوات طويلة قبل أن يخرج من تلك السينما مخرجان آخران عرفا النجاح هما رشيد مشهراوي وإيليا سليمان. الأول لم ينجز كل ما كان موعودا منه، في حين تمكن سليمان من تحقيق إنجازات عالمية تذكر بتلك التي حققها خليفي في زمنه.

تسأله، إذ وصل إلى هذا المهرجان في زيارة خاصة، أين أنت؟ يضحك بابتسامته العريضة ويقول، «أنا هون». تريد أن تعرف المزيد فيجيب: "هناك بعض المشاريع التي أشتغل عليها لكن المسألة ليست مادية. هناك تمويل لكن ليس هناك توزيع".

ميشال خليفي وصل إلى دورة المهرجان الحالية بدعوة، لكن ليس من قبل المهرجان؛ لأن المهرجان لا يعرف له فيلما، بل من قبل المنتج المصري أحمد مناويشي صاحب شركة أروما التي أسهمت فعليا في تمويل "الشتا اللي فات"لإبراهيم البطوط والذي عرض هنا في مظاهرة "آفاق"آملا، ونحن معه، في أن يحظى بجائزة هذه المظاهرة.

أحمد المناويشي لديه، حسب حديث بيننا، اثنا عشر فيلما: "بدأنا بهذا الفيلم ولن نتوقف، وكل أعمالنا سوف تكون ذات قيمة نوعية لأن هذا هو الطريق الوحيد للعمل والاستمرار".

اللقاء بين المخرج والمنتج لم ينته بعد، لكن المخرج حذر: "الاستقلالية عندي هي أهم شيء وأهم شيء عند الفنان ولن أبدأ العمل على أي فيلم جديد مع أي من كان إلا بعد ضمان هذه الاستقلالية".

فيلم ميشال خليفي الأخير "زنديق"فاز بجائزة مهرجان دبي الأولى سنة 2010 لكنه لم يفز بأي عرض تجاري باستثناء فرنسا (في شتاء العام الماضي).. ولم يتقدم أحد لشرائه، يقول لي وهو ينظر إلى جموع المحتشدين لمشاهدة فيلم سويدي قبل عودته لعقد اجتماع أخير قبل سفره في اليوم التالي. تساءلت ماذا كان سيحدث في التاريخ لو أن هذا الفيلم الذي يشهد تلك الحشود (وهو بعنوان «بلوندي» وليس أكثر بكثير من «سوب أوبرا» تلفزيوني) كان من نصيب فيلم لهذا المخرج.

- لماذا "زنديق"لم ير النور في أوروبا حيث تعيش؟

لأن هناك هامشا ضيقا للمخرجين العرب. عليك أن تكون مع وليس مستقلا.. ناهيك عن أن تكون ضد.

يفتح ميشال خليفي صفحة إعلان في مجلة "فاراياتي"الأميركية. الإعلان عن مجموعة إنتاجات إسرائيلية معروضة في المهرجان (من بينها اثنان في المسابقة). ينزل بأصبع الإشارة إلى حيث يكمن فيلم من إخراج هيام عبـاس بعنوان "تراث". الفيلم هو الروائي الأول للممثلة - المخرجة الفلسطينية التي تعيش وتعمل في باريس. يضيف: "هذا هو الجانب الذي يريدون للسينما الفلسطينية أن تنضوي تحته.. أن تكون من إنتاج مؤسسة الدعم الإسرائيلية. هذا ما يرحبون به".

خليفي لا يتحدث بنبرة غضب، ولا هو معارض للتعاون مع مخرجين إسرائيليين. لقد فعل ذلك سنة 2004 حين عمل مع المخرج الإسرائيلي أيام شيفان على فيلم تسجيلي طويل من 270 دقيقة عنوانه "الطريق 181: شظاها من رحلة في فلسطين – إسرائيل". لكن ما يسترعي انتباهه هو أن تقسيم المخرجين العرب إلى فئات يضعه في تلك التي لا ظهر لها. «"نديق"بحد ذاته كان فلسطينيا إماراتيا، بريطانيا، بلجيكيا. كلفته المحدودة كانت سبيل خليفي للحديث عن نفسه من خلال شخصية مخرج فلسطيني عاد إلى فلسطين من بلد هجرته (يعيش خليفي ويدرس في مدينة بروكسل) ليجد نفسه غريبا. يومها قال إن هذا كان شعوره أيضا إذ وجد نفسه بين عالمين.

بالنسبة لإبراهيم البطوط فإنه يعيش حاليا وضعا أفضل من أي وقت مضى: فيلمه وجد قبولا لدى فئات المشاهدين، محترفين وهواة، والجهد الذي بذله المخرج وفريق الإنتاج ومنهم الممثل عمرو واكد، أثمر عن أفضل فيلم أنجزته السينما المصرية عن أحداث يناير (كانون الثاني) 2011.

لكن ما يثير الملاحظة (وقدر لا بأس به من الاستغراب) أن "الشتا اللي فات"إذ تم إرساله إلى إدارة هذا المهرجان لعله يدخل شريحة الأفلام الرئيسية المتسابقة انتهى إلى المسابقة الثانية. ليس أن أهل الفيلم يشكون من ذلك. هم فرحون بما أنجزوه وبالاحتفاء الإعلامي الكبير الذي حققوه، لكن حين تكتشف وجود فيلم فرنسي يتحدث بدوره عن ثورة أخرى، لكنه أضعف عملا وأقل خيالا من «الشتا اللي فات» لا بد أن تتساءل عن السبب الذي تم بسببه قبول الفيلم الفرنسي وليس الفيلم المصري.

الفيلم الفرنسي هو "قبل أيار – مايو"(ولو أنه يحمل بالإنجليزية عنوانا آخر تماما هو «شيء في الهواء» والثورة التي يتحدث عنها هي تلك الشبابية في مطلع السبعينات، التي بالقياس بثورة 1968 المعروفة، لم تكن سوى حركة لـ«جيل الزهور» كما كان اسمهم في ذلك الحين: أؤلئك الذين خلطوا بين تحقيق الرغبات السياسية والعاطفية والفنية ولم ينجزوا في أي من هذه المجالات الكثيرة مما شكل معالم مستقبل أكيد.طبعا، هي ليست المرة الأولى التي نجد فيها فيلما عربيا جيدا خارج المسابقة مقابل أفلام ليست أفضل منه حالا.

فيلم البطوط نفسه فوجئ بأن مهرجان تورنتو لن يعرضه مفضلا عليه فيلم يسري نصر الله "بعد المعركة". وسؤال البعض كان: "على أي أساس قام العارضون بتفضيل فيلم على فيلم؟". ما هي الأسس التي تم اعتمادها للاكتفاء بفيلم واحد عوض فيلمين.

المسألة مهمة لأن تورنتو مهم، فهو سوق السينمات المختلفة على السوق الأميركية وموسم الجوائز فيه. لكن يبدو أن المشرفين على برمجة الأفلام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا كانت لهم تحبيذاتهم الخاصة.

فينيسيا كانت له حساباته الخاصة بخصوص فيلم عربي آخر لا يزال مثل الجوهرة الصغيرة المدفونة تحت قليل من الرمال ينتظر من ينفضها عنه. إنه فيلم لمخرج مصري جديد اسمه (لا يجوز ذكر اسمه وعنوان الفيلم حتى لا نحرق احتمالاته الأخرى) أنجزه في مطلع هذا العام وبعث به إلى إدارة المهرجان التي بعثت له برسالة شكر وبعدم رغبتها به. هذا الناقد شاهد الفيلم فإذا به من صنف أفلام المهرجانات بلا ريب. صحيح أنه مصنوع بميزانية محدودة، لكن هذا لم يكن سابقا ولا يجب أن يكون اليوم أو في الغد السبب وراء عزوف مهرجانات السينما عن اختياراتها. إنه عمل مثير للإعجاب إلى حد كبير مستخلص مما قامت عليه سينما انغمار برغمن سابقا من عناصر درامية ومواجهات شخصية في أفلام محصورة داخل بيت واحد.

كل ما سبق، وسواه مما تراكم من متابعات ومشاهدات، يشي بأن هناك معيارين تمارسهما معظم المهرجانات الدولية ويمكن تلخيصه بالشكل التالي: الفيلم الغربي عليه أن يتحلى بسقف معين لقبوله في المسابقات الرسمية، لكن الفيلم العربي عليه أن يتحلـى بسقف أعلى بضعفين أو ثلاثة لأجل قبوله. والواضح أن الانتشار الحالي للأفلام العربية في المهرجانات، ذلك الذي بدأ فجأة في العام الماضي، يعود إلى سبب أساسي وهو أن العالم العربي في الأخبار وعناوين الأحداث العاصفة. فإذا كان فيلم من وزن وقيمة الشتا اللي فات لم يستطع الوصول إلى مسابقة فينيسيا أي فيلم يستطيع؟

طبعا، سيقال دوما أن هناك مهرجانات عربية تفي بالغرض، لكن هذه ليست النقطة هنا، كما أن المهرجانات العربية، في معظمها، تمر حاليا في مخاضات عسيرة والسينما الآتية من الأركان العربية تحارب من أكثر من طرف وجهة عربية قبل سواها، ما يحدو بالمخرجين العرب إلى مواصلة التوجه إلى المهرجانات الدولية على أساس أنها قد تمنحهم ما يحتاجون إليه من دعم في حلقة مفرغة تعيدنا إلى ما بدأنا هذا التقرير به.

عين على السينما في

05/09/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)