كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

وزراء ماسبيرو من الإرشاد القومي

إلى لجنة السياسات

أولهم ثروت عكاشة فهل يكون آخرهم أنس الفقي؟

محمد خير

نصف قرن على إنشاء التلفزيون المصري

   
 
 
 
 

لسبب غامض، أغفل موقع اتحاد الإذاعة والتليفزيون ذكر اسم «محمد حسنين هيكل» ضمن قائمة الذين تعاقبوا علي منصب وزير الإعلام المصري، ولا يمكن أن يكون السبب هو أن هيكل لم يمض أكثر من عدة شهور في ذلك المنصب - وكان اسم الوزارة «وزارة الإرشاد القومي» في عام 1970، إذ يذكر الموقع الرسمي أسماء من أمضوا مددًا أقل، ومنهم «عبدالمنعم الصاوي» و«يوسف السباعي» وكلاهما لم يمض أكثر من شهرين في المنصب ذاته، وإن كانا قد جمعا في تلك الفترة الصغيرة بين وزارتي الثقافة والإرشاد القومي، وتركا الثانية واحتفظا بالأولي، بينما ترك «هيكل» الحكومة كلها مكتفيًا بالأهرام، قبل أن يخرجه السادات من كل ذلك.

بالطبع فإن وزارة الإعلام «الإرشاد القومي سابقًا» قد سبقت ظهور التليفزيون المصري، فقد تأسست منذ سنة قيام ثورة يوليو وتولاها «فتحي رضوان» الذي اختار لها ذلك الاسم الذي كان هيكل لا يحبه، وتعاقب الوزراء علي وزارة الإرشاد القومي إلي أن انطلق بث التليفزيون العربي المصري في السابعة من مساء 21 يوليو 1960، مع احتفالات العيد الثامن لثورة يوليو، وانطلق في نفس الوقت بث التليفزيون العربي السوري، إذ كان البلدان - مصر وسوريا - مازالا يعيشان مرحلة الوحدة القصيرة والحزينة، وعندما انطلق البث التليفزيوني كان الدكتور ثروت عكاشة هو أول وزير ثقافة مصري، وكانت الوزارة التي تأسست سنة 1958تضم لأول مرة الثقافة مع الإرشاد القومي، ولكن استمرار عكاشة في الوزارة توقف بعد شهرين فقط علي انطلاق البث التليفزيوني، وكان قد أمضي 3 سنوات في الوزارة فخرج ليتولي محله «عبدالقادر حاتم» بدءًا من سبتمبر 1960 ولمدة خمس سنوات، وقد عاد ثروت عكاشة عدة مرات لتولي مناصب وزارية لكنها كانت بعيدة عن الإرشاد القومي.

وبوصفه الوزير الذي شهدت نهاية عهده انطلاق بث التليفزيون المصري، فيعد ثروت عكاشة هو الأول في قائمة تضم 17 وزيراً تعاقبوا علي وزارة الإعلام بمسمياتها المختلفة وصولا إلي أنس الفقي، قائمة نجح بعضها وفشل البعض الآخر في ترك بصمة، كان البعض قويا والبعض ضعيفا،البعض خرج بسلام والبعض دخل السجن والمعتقل، طالت عهود البعض وقصرت عهود بعض آخر إلي أقصي حد.

ومن المعروف الآن أن الدول المتقدمة والديمقراطية لم تعد تعرف مسمي وزارة الإعلام، حتي لو امتلك بعض تلك الدول تليفزيونات حكومية أو مملوكة للشعب، حتي إن الرجل الأقوي والأطول عهداً في وزارة الإعلام وهو «صفوت الشريف» كان قد أطلق توقعًا شهيرًا بأنه سيكون آخر وزير إعلام في مصر، لكن البلتاجي خلف الشريف، ثم خلفه بعد عدة أشهر الوزير أنس الفقي، وهو لا يزال مستمرًا منذ خمس سنوات، لقد نجح في أن يستمر علي المقعد هذه الفترة، لكنه لم ينجح في أن يعيد لوزارة الإعلام الحظوة التي كانت لها في عهد صفوت الشريف، ربما صعّب من مهمة أنس الفقي الانتشار المتزايد للفضائيات وتطور مصادر المعلومات، لكن ربما كان السبب يتعلق أيضًا بالقدرات الشخصية والسياسية للفقي «رجل الحرس الجديد»، ففي الوقت الذي كادت تنطفيء فيه مع الفقي أضواء وزارة الإعلام، استطاع الشريف أن يجذب معه تلك الأضواء إلي مجلس الشوري، وعلي الرغم مما سبق فإن نجاح الفضائيات الخاصة وتفوقها علي تليفزيون أنس الفقي، لم يبد ذا تأثير في مسألة استمرار وبقاء وزارة الإعلام ككيان ينفذ للدولة مهامًا سياسية، يمكن الاطلاع عليها عند الاطلاع علي القرار الجمهوري بتأسيس وزارة الإعلام المصرية سنة 1986، وهي السنة التي انتقلت فيها الوزارة من وزارة دولة للإعلام إلي وزارة إعلام مستقلة وكاملة الأهلية. يحفل قرار تأسيس الوزارة بفقرات من قبيل «توجيه أجهزة الإعلام لتبصير الشعب بمكاسبه والدفاع عنها» و«مواجهة الدعايات المضادة» بالإضافة إلي «إعداد وتحرير النشرات والتقارير الإعلامية المتخصصة عن الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم أجهزة الدولة العليا»، وهي كما هو واضح مهام سياسية بالدرجة الأولي، بل مهام أمنية أيضًا، فليست مصادفة أن «أمين هويدي» وهو أحد الذين تولوا منصب مدير المخابرات العامة ووزارة الحربية، قد تولي أيضا منصب وزارة الإرشاد القومي، ولئن كان الدكتور ثروت عكاشة هو الوزير الأول الذي شهد انطلاق البث التليفزيوني، فإن التأثير الحقيقي ظل لأجهزة الراديو لسنوات طويلة، قبل أن يصبح التليفزيون تدريجياً في كل بيت مع نهاية السبعينيات إلي بداية الثمانينيات، وهي الفترة التي تولي فيها صفوت الشريف الوزارة قادما من هيئة الاستعلامات، ولا شك أن أكثر من عشرين سنة قضاها الشريف في مقعد وزير الإعلام لم تسمح له فقط بتوسيع مجال التليفزيون الحكومي وتأسيس وإطلاق ومتابعة مشاريع القمر الصناعي المصري ومدينة الإنتاج الإعلامي وغيرها، بل إنه أيضًا قد صاغ العديد من التعبيرات التي أصبحت جزءاً من الدعاية الإعلامية للنظام السياسي علي غرار «عصر السموات المفتوحة»، ولكن مقعد وزارة الإعلام لم يكن مستقراً هكذا دائماً ولم يكن الجالس عليه في مأمن دائمًا، وربما كان الوزير «محمد فائق» هو أشد من تضرروا من مقعد وزارة الإعلام، كان فائق قد عاد لمقعده الوزاري الذي تولاه بعد النكسة مباشرة، وتركه لعدة شهور عندما أصدر الرئيس عبدالناصر مرسوماً سنة 1970 بتعيين «محمد حسنين هيكل» وزيراً للإرشاد القومي علي أن يحتفظ برئاسة تحرير الأهرام، تولي هيكل المنصب علي مضض، وتركه فور وفاة عبدالناصر في العام نفسه ليعود الكرسي مجددًا إلي محمد فائق، لكنه ما لبث أن استقال ضمن ما أطلق عليه السادات اسم «مراكز القوي»، واعتقله السادات ضمن من اعتقلهم في «ثورة التصحيح» ليصُدر ضد فائق حكم بالسجن عشر سنوات، أمضاها جميعا في السجن، رافضاً عرضاً بالخروج في نصف المدة شرط تقديم اعتذار، وخرج من السجن سنة 1981 ليدخل المعتقل مرة أخري ضمن اعتقالات سبتمبر الشهيرة، ويخرج ضمن من خرجوا بعد اغتيال الرئيس السادات.

وقد تغير اسم وزارة الإعلام مرات عديدة علي مدي الأعوام الستين الماضية، فقد بدأت وزارة للإرشاد القومي، ثم اندمجت مع تأسيس وزارة الثقافة فأصبحت وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وتغيرت بعد ذلك إلي وزارة الاتصالات، ثم وزارة الدولة للإعلام، وأخيراً وزارة الإعلام، وقد يعكس تغير أسمائها ارتباكًا سياسيًا أو هو التغير في طبيعة وتوجهات النظام السياسي عبر السنوات، لكنه في كل الأحوال يثبت أن الدولة أرادت دائماً الاحتفاظ بوزارة إعلام مع اسم مناسب لطبيعة هذه المرحلة أو تلك، وكل مرحلة هي طبعاً «مرحلة دقيقة وحساسة»!

الدستور المصرية في

13.07.2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)