كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان مراكش السينمائي الدولي

يبدأ فعاليات دورته الخامسة هذا المساء...

 حضور عربي بما أمكن وبانوراما اسبانية واكتشافات سينمائية للزمن المقبل

مراكش – ابراهيم العريس

المهرجان الدولي للفيلم بمراكش

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 

اذا كان مهرجان سينمائي ما، يتمحور في عروضه وتكريماته، من حول اسماء وسينمات، من مستوى مارتن سكورسيسي وعباس كياروستامي، والسينما الاسبانية في تاريخها القديم والمعاصر، وأفلام في المسابقة من اربعة عشر بلداً... سيكون في الامر متعة حقيقية لأي محب للسينما. فماذا اذا كان اكثر من نصف الافلام المعروضة في المسابقة الرسمية وخارجها، يعرض في هذا المهرجان للمرة الاولى عالمياً.

هذا هو الرهان الذي خاضه هذا العام الناقد نورالدين صايل، نائب رئيس مهرجان مراكش السينمائي الدولي، ومدير المركز الوطني للسينما في المغرب، احتفاء ببلوغ هذا المهرجان الطموح، والفريد من نوعه في الدول النامية، دورته الخامسة.

واذا كانت الدورة السابقة بدت استثنائية في نوعية ومستوى الافلام التي عرضت فيها، فإن دورة هذا العام تبدو واعدة بما هو اكثر، بخاصة وان نجم الدورة يحمل اسم مارتن سكورسيسي، الذي يكرم في حضوره عبر عرض عدد لا بأس به من افلامه، علماً بأن ملك المغرب محمد السادس، سيزين صدر السينمائي الاميركي الكبير، للمناسبة، بواحد من ارفع الاوسمة الثقافية التي تعطى في المغرب.

محكمون

لكن سكورسيسي لن يكون في التكريم وحده. هناك ايضاً تكريم للمخرج الايراني الكبير عباس كياروستامي، وللممثل المغربي، المقيم في فرنسا والعامل في سينماها ومسرحها منذ زمن بعيد، حميدو. وكل هذه التكريمات وغيرها تعطي الدورة التي تفتتح فعالياتها مساء هذا اليوم في قصر المؤتمرات في عاصمة الجنوب المغربي، نكهة خاصة. غير ان هذا ليس كل شيء بالطبع، بخاصة ان رئاسة لجنة التحكيم انيطت هذه المرة بواحد من اكثر السينمائيين الفرنسيين عالمية، صاحب «اسم الوردة» و«ستالينغراد» و«حرب النار» بين اعمال عالمية، أي جان – جاك آنو. واللجنة تضم الى آنو، الذي يعرف المغرب جيداً، الكاتب والمفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي (صاحب «الذاكرة الموشومة» و«الاسم العلم الجريح») والمخرجة الهندية ديبا مهتا، وزميلها البوركيني ادريس ودراغو، اضافة الى آخرين بينهم الممثلة التونسية هند صبري التي تمكنت خلال سنوات قليلة من ان تصبح واحدة من أهم نجوم السينما المصرية.

وهذه اللجنة التي تجمع حب السينما بحب الجمال، والشرق والغرب بالجنوب، سيكون عليها ابتداء من مساء هذا اليوم ان تشاهد وبإمعان اربعة عشر فيلماً أتت من مثل هذا العدد من البلدان، للحصول على جوائز المهرجان ومن بينها الجائزة الكبرى (التي فاز بها في «مراكش» العام الماضي فيلم كان مجهولاً فاكتشف هناك، ليلف العالم والمهرجانات منذ ذلك الحين، أي فيلم «دروب جانبية» للأميركي ألكسندر باين). وتعدنا لجنة الاختيار هذه المرة بأن «الاكتشافات» الجديدة قد تكون اقوى وأكثر قدرة على المفاجأة، من ناحية التنوع ومن ناحية البلدان المشاركة، علماً بأن ثمة بين المتسابقين مخرجين عربيين يعودان بعد غياب طويل، هما اللذان كان كل منهما مؤسساً على طريقته للحداثة السينمائية في بلده: محمد ملص من سورية مع فيلمه الجديد «باب المقام» الذي أثار، ولا يزال، ضجة كبيرة ويتناول مسائل الحب من خلال الذهنية العربية المتحكمة، ومؤمن السميحي، المغربي الذي مضى وقت طويل لم نشاهد له فيه فيلماً جديداً. هذه المرة يعود مؤمن (صاحب «الشرقي» و«حكاية 44») بفيلم جديد انجزه لتوه، عنوانه «العيال». وفي مواجهة هذين الممثلين الوحيدين للسينما العربية في «مراكش» هذا العام، هناك افلام جديدة من قرزخستان («سرطان» لعبد جباروف) وفنلندا «ارض مجمدة» لآكو لوهمبياس) والولايات المتحدة («رجل يدفع ورقة» لرامين بهراني) وبلجيكا (ايسبرغ») وبريطانيا («تجمد» لجوليت ماكون) واسبانيا («ضربات») والصين وهونغ كونغ وتشيكيا وفرنسا وانكلترا والمانيا... وهي افلام من المؤكد انها، سواء ربحت في المسابقة أو لم تربح، ستكون شغل اهل السنيما الشاغل خلال الشهور المقبلة. والملاحظ هنا، هو غياب أي اثر للسينما المصرية، وكذلك غياب روسيا واميركا اللاتينية اللتين مدتا دورة العام الماضي ببعض اجمل ما عرضته.

زينة الاطلسية

خارج المسابقة، ولكن ايضاً في العروض الرسمية هناك 11 فيلماً من الدول نفسها التي ذكرنا تقريباً، اضافة الى ايطاليا («13 على طاولة واحدة» لانريكو اولديوني) والشيلي («القمر الاخير» لميغيل ليتين، احد اعمدة السينما في هذا البلد، والذي تعود اصوله العائلية الى فلسطين)، وحال ليتين هنا هي حال المغاربي – الفرنسي بورلم غردجو، الذي يعود بفيلم مغامرات وغراميات تدور احداثه في عمق اعماق جبال الاطلس وتاريخها. اسم الفيلم هو «زينة فارسة الاطلس» وهو انتاج فرنسي عرض اخيراً في الصالات الباريسية ولفت الانظار بجماله التشكيلي الباهر وقوته التقنية، حتى وان كان البعض قد رأى في موضوعه شبهاً بالمسلسلات التلفزيونية السورية.

واذا كانت تظاهرة «ضربة قلب» تقدم مجموعة من افلام جيدة لم يتسع لها مجال المسابقة الرسمية والعروض خارج المسابقة، فإن التظاهرة الموازية الاهم تبقى «بانوراما السينما الاسبانية»، حيث اختار نورالدين صايل، ان يقدم ما يشبه العرض التاريخي للسينما الاسبانية كما تجلت خلال اكثر من نصف قرن، وتحديداً منذ العام 1951، وحتى العام 2004، أي منذ فيلم «المقتلعون» لخوسيه انطونيو كوندي، وحتى فيلم «البحر في الداخل» لاليخاندرو امينابار (صاحب «الآخرون» و«افتحوا اعينكم»). والحال ان هذه التظاهرة تأتي هنا لتقول كل ما يمكن قوله حول سينما باتت تزداد حضوراً اكثر واكثر في الساحة العالمية. اما الاسماء التي تطالعنا فلا تقل عن لويس غارسيا برلانغا، وخوان بارديم، ولوي بونويل وكارلوس ساورا وفكتور ايريس وماريو كامو وبدرو المودوفار وبيغاس لونا وغيرهم من اصحاب الاسماء اللامعة في فضاء السينما العالمية، من الذين بات حضور افلامهم في المهرجانات العالمية، يشكل ضرورة قصوى. وهكذا مثلاً، في انتظار مشاهدة فيلم المودوفار الجديد «ريفولفر» في العام المقبل (في «كان»؟) يمكن للهاوي ان يشاهد فيلمين له في مراكش، واحد هو «زهرة الرغبة» يعتبر من اول افلامه وبالتالي من اول اطلالاته الجدية على هواة السينما، والثاني رائعته «كل شيء عن أمي». أما محبو بونويل فإن في امكانهم ان يختاروا بين فيلمين كبيرين له هما «ترسيتانا» و«فيريديانا»... ناهيك بـ «كارمن» و«البيت» لكارلوس ساورا و«مارسيلينو، خبز ونبيذ» الذي كان واحداً من اشهر الافلام الاسبانية اواسط خمسينات القرن العشرين.

ومن المؤكد ان الترتيب الذي تعرض به هذه الافلام على مدى ايام المهرجان العشرة سيتيح للحضور متابعة تاريخ السينما الاسبانية عاماً بعام وتاريخ تطورها مع توقف مهم عند المرحلة الفاصلة في ذلك التاريخ، بين ما قبل فرانكو وما بعده.

من المجتمع الى السينما

والحقيقة ان هذه البانوراما الممتعة والمفيدة تأتي لتعطي مهرجان «مراكش» طابعاً تثقيفياً استثنائياً، يتخذ كل اهميته ان هو تضافر مع استعادة سينما مارتن سكورسيسي وسينما عباس كياروستامي وحميدو، من خلال عروض تكريمية لافلامهم. ويقيناً ان هذا الجانب يأتي معادلاً وموازناً للجانب الآخر الذي تمثله المسابقة الرسمية وملحقاتها، من اطلالة – بانورامية هي الاخرى – على سينمات العالم، بل على سينمات آتية من بلدان لا يكاد الناس يعرفون شيئاً عنها او عن سينماها. وهذا في حد ذاته يضعنا امام التطور الكبير الذي طرأ على هذا المهرجان - الذي يقام تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس عاهل المغرب، معبراً عن اهتمامه الخاص بالسينما في وقت يزداد اقبال المنتجين الاجانب على تصوير افلامهم في العديد من مناطق المغرب -، ناقلاً اياه من بداياته كاحتفال فرنسي الصبغة بدأ قبل سنوات كنوع من تعزيز العلاقة بين الحياة الاجتماعية الفرنسية ونظيرتها المغربية، من دون أية أبعاد حقيقية تتعلق بواقع السينما في العالم، الى مهرجان دولي بدأ، على رغم عمره المبكر يتخذ مكانته وسط ابرز المهرجانات السينمائية في العالم.

الحياة اللبنانية في

11.11.2005

 
 

ويرفع الستار عن الدورة الـ5 لمهرجان مراكش

دونوف تعوض ديكابريو في تكريم سكورسيز

الدار البيضاء أحمد نجيم:  

يرفع مساء اليوم الجمعة بقصر المؤتمرات بمراكش الستار عن الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيلم. يعرف حفل الافتتاح الذي ستقدمه الفكاهية المغربية المقيمة في فرنسا رشيدة خليل، تكريم المخرج الأميركي الكبير مارتن سكورسيز والممثل المغربي حميدو بنمسعود.

وعبر الممثل حميدو عن سعادته الكبيرة لتكريمه، وصرح شارحا غبطته وفرحته "كيف يمكن للإنسان أن لا يفرح، وبلاده تتذكره بعد 35 سنة من الهجرة بهدف ترويج الفن المغربي". وأضاف " هذا اعتراف من الوطن بمساري، اعتراف بلادي بالمجهود الذي عملته كي أمثل بلادي أحسن تمثيل في فرنسا". واعتبر تكريمه وسكورسيز في يوم واحد "فخرا له وتأكيدا أن المغرب يعترف بفنانينه المبدعين". وأوضح حميدو أنه يجهل الاسم الذي سيقدم له التكريم "لا أعرف من سيقدم لي التكريم، ربما يخفون لي المفاجأة". وأضاف "المهم أن أعيش هده اللحظة، وأهدي هذه الفرحة لبلادي ولملكي".

لباس النجم المغربي لن يكون مختلفا "سأرتدي لباسي العادي، ولم أهيئ هنداما خاصا". وأضاف بخصوص كلمته خلال تكريم اليوم الجمعة "أعددت كلمة للحفل سأكشف عنها خلال الحفل، أريدها أن تظل سرية"، واعترف أنه مزق محاولات كتابة كلمة "لقد غيرت وأضفت جملا كثيرة".فرحة حميدو بالتكريم يعكرها حزنه بفقدان ابنه قبل أيام "يختلط الحزن بالفرح".

تعرف الدورة الحالية عرض قرابة 124 فيلما منها 16 فيلما في المسابقة الرسمية و14 فيلما لتكريم السينما الإسبانية، كما تشهد الدورة إقامة أول محترف سينمائي لفائدة 8 مخرجين مغاربة من الشباب و8 مخرجين نيويوركيين. من جهتها أوضحت مديرة المهرجان ميليتا توسكان دوبلانتيي، أن الدورة الحالية تشكل امتدادا للدورات السابقة، وأوضحت أن الإدارة بصدد بحث سبل إقامة سوق سينمائية في مهرجان مراكش الدولي، وذلك لاستقطاب الأسماء السينمائية الكبيرة.

من جهته أعلن نائب رئيس المهرجان نور الدين الصايل، أن من مزايا المهرجان الدولي للفيلم بمراكش "اكتشاف سينما جديدة غير سينما المركز"، وأضاف أنه يدافع عن هذا الاختيار ويشاطرني المدير الفني للمهرجان، يجب أن يكون مبدأ الاكتشاف ميزة المهرجان، فلهذا" قال الصايل "فنحن نركز على كل التجارب السينمائية الجديدة بنفس الأهمية التي نقدمها للسينما المركزية المعروفة".

وشهدت الدورة الحالية اعتذار النجم السينمائي ليوناردو دي كابريو في آخر لحظة عن حضور تكريم صديقه المخرج السينمائي سكورسيز، وحتى كتابة هذه الكلمات، مازال لم يحسم بعد في مشاركة سلمى الحايك في هذه الدورة.

جدر الإشارة إلى أن حفل الافتتاح ستقدمه رشيدة خليل، الفنانة المغربية الساخرة المقيمة بفرنسا، واختيرت هذه الحسناء الريفية لتقديم واحدة من أقوى لحظات المهرجان.

ويشهد الحفل كذلك عرض الفيلم البريطاني "السادة هينديرسون يقدمون" بحضور المخرج ستيفن فريرس والممثل جودي دينش وبوب هوسكينس وويل يونغ.

موقع "إيلاف" في

10.11.2005

 
 

افتتاح رائع لمهرجان مراكش الخامس

غابت الأفلام المصرية وحضرت الثقافة

رسالة مهرجان مراكش ـ سمير فريد

افتتح مهرجان مراكش السينمائي الدولي الخامس الذي تعلن جوائزه مساء السبت القادم. جاء حفل الافتتاح يوم الجمعة الماضي رائعا واختتم بتوجيه التحية إلي اسم المخرج الأمريكي السوري الاصلي مصطفي العقاد الذي توفي صباح نفس اليوم نتيجة اصابته في الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له العاصمة الاردنية مساء الاربعاء 9 نوفمبر. ولحق بابنته التي توفيت لحظة الهجوم.

غابت الأفلام المصرية عن المهرجان الذي يعرض 123 فيلما طويلا من مختلف قارات العالم داخل وخارج المسابقة وفي البرامج الخاصة. ولكن الثقافة المصرية كانت حاضرة. فقد اختارت إدارة المهرجان الجملة الأولي من لحن عبد الوهاب لاغنية أم كلثوم "انت عمري".. لتكون لحن الافتتاح ولحن شعار المهرجان السينمائي الذي يسبق كل عرض. وبدأ اليوم الثاني بالفيلم السوري "باب المقام" إخراج محمد ملص ومحوره الدرامي اغنية أم كلثوم "شمس الأصيل". وبدأ اليوم الثالث بالفيلم المغربي "العايل" اخراج مؤمن السميحي. والذي يعلو فيه صوت أم كلثوم بأكثر من اغنية في اطار تعبيره عن تأثير الأغاني والأفلام المصرية في طنجة الخمسينيات من القرن الماضي حيث تدور الأحداث. وهكذا كانت أم كلثوم القاسم المشترك بين الأيام الثالثة الأولي من المهرجان.

الفيلمان السوري والمغربي يمثلان السينما العربية في المهرجان داخل المسابقة وخارجها حيث لم يتم اختيار فيلم عربي ثالث.. وقد كان من الضروري علي الأقل عرض الافلام العربية الثلاثة التي مثلت السينما العربية في المهرجانات الكبري الثلاثة هذا العام. وهي "ماروك" إخراج المغربية ليلي مراكش الذي عرض خارج المسابقة في مهرجان كان. و"الجنة الآن" إخراج الفلسطيني هاني أبو اسعد الذي عرض في مسابقة مهرجان برلين. وفاز بجائزة احسن فيلم أوروبي. وأفردت له "نيوزويك" 3 صفحات. ويوزع في أمريكا قبل نهاية العام. و"انتظار" إخراج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي عرض في مهرجان فينسيا خارج المسابقة.

امتدحت صحيفة "التجديد" في عدد الاحد عدم وجود افلام اسرائيلية في الدوره الخامسة من مهرجان مراكش. وهاجمت الصحيفة الناطقة باسم تيار الاسلام السياسي ما وصفته باستعلاء المسئولين الاجانب الفرنسيين في إدارة المهرجان. وقد شاهدت في حفل الافتتاح المخرج الإسرائيلي أموس جيتاي. وتوقعت عرض فيلمه "منطقة محرمة" الذي عرض في مسابقة كان في مايو الماضي. والذي صور في الاردن وبدعم من الحكومة الاردنية. ولكن البرنامج لم يتضمن الفيلم.

ومن المنطق أن تكون هناك حساسية تجاه المسئولين الأجانب الفرنسيين في إدارة مهرجان مراكش. فالمهرجان تنظمه جمعية يرأسها الأمير رشيد بن الحسن الثاني. وبدعم من شقيقه الملك محمد السادس. ولرئيس الجمعية نائبان نور الدين صايل مدير المركز القومي للسينما. وفيصل العرايشي مدير التليفزيون. ولكن مديرة المهرجان الفرنسية مليت توسكاف دو بلانتييه. والمدير الفني الفرنسي برونو بارد. وبالطبع فإن أهم منصبين في أي مهرجان هما المدير والمدير الفني. فالرئاسة في اعراف المهرجانات السينمائية الدولية تقرر الأمور الاستراتيجية مثل الميزانية "ميزانية مراكش 3 ملايين دولار أمريكي" ولكن اختيار الأفلام والضيوف ووضع البرنامج والمطبوعات مسئولية المدير والمدير الفني كما في مهرجان كان. أو مدير المهرجان كما في مهرجان برلين ومهرجان فينسيا حيث لا يوجد مدير فني. ولست أدري لماذا لا يكون نور الدين صايل مديرا لمهرجان مراكش. ويساعده السيد بارد والسيدة دو بلانتييه.

بدأ مهرجان مراكش فرنسيا خالصا في دوراته الثلاث الأولي. بدأ تعريبه مع الدورة الرابعة العام الماضي. ولكن لاتزال الفرنسية هي اللغة الأولي تليها العربية ثم الانجليزية في حفل الافتتاح. ولا تزال النشرة اليومية فرنسية خالصة. ولست اتصور أن هناك أي درجة شمن الاستعلاء في تعامل المسئولين الاجانب الفرنسيين في المهرجان مع المغاربة. فالمغرب يحتفل هذا الأسبوع بمرور نصف قرن علي الاستقلال من الاحتلال الفرنسي. ولست ضد الاستعانة بخبراء أجانب في أي مجال في أي دولة ولكن عند الحاجة اليهم.

حميدو وسكورسيزي

تميز حفل الافتتاح بديكور بسيط وانيق واضاءة متغيرة للديكور لم اشهد مثيلا لجمالها وكأننا في معرض فني علي أعلي المستويات العالمية "صمم الديكور برونو كرازياني والاضاءة فيليب هات". وبعد فيلم فيديو قصير عن دورات المهرجان السابقة قدمت رشيدة خليل لجنة التحكيم برئاسة المخرج الفرنسي العالمي الكبير جان جاك أنو "المخرج "اسم الوردة" 1986. "العاشق" 1991. "ستالينجراد" 2001" وعضوية الممثلات التونسية هند صبري. والايطالية ستيفانا روكا. والبرتغالية ليونورا سيلنيرا. والمخرج الهندية ديبا ميهتا. والمنتجة الأمريكية ماري سويني "منتجة افلام دافيد لينش". والمخرجين ادريس ادو راوجو من بوركينا فاسو. وكيم جي وون من كوريا الجنوبية. والكاتب المغربي بن الكريم الخطيب.

وشهد الحفل تكريم الممثل المغربي العالمي حميدو الذي مثل في 14 من افلام كلود ليلوش في فرنسا. كما مثل مع دي نيرو وبراد بيت في هوليوود. وقد قدمت له شعار المهرجان الذهبي ابنته الممثلة سعاد. ووقف حضور الحفل له وهم يصفقون طويلا مرتين عند دخوله وعند مغادرته للمسرح. كما صفقوا له مرة ثالثة عندما أهدي رمز التكريم إلي اسم ابنه الذي لقي مصرعه في حادث سيارة منذ شهور وهو في العشرين من عمره قال الممثل الفنان لقد قررت ألا أبكي. ولكنه بكي. وآثار انفعال الجميع.

وكما سبق تقديم حميدو عرض مشاهد مختاره من افلامه. سبق تقديم سكور سيزي عرض مشاهد مختارة من افلامه ايضا. وهو الشخصية الثانية التي كرمت في الافتتاح. بينما يتم تكريم الايراني عباس كياروستامي في الختام.

ومن المعروف أن المخرج الأمريكي الكبير مارتين سكورسيزي من كبار المخرجين في السينما الأمريكية والعالمية منذ الربع الأخير من القرن الماضي. وفي تاريخ الفن السينمائي بصفة عامة. وقد ألقي كلمة مكتوبة عن نفسه وعن السينما وعن المغرب تعد نصا هاما. ووجه فيها التحية إلي مخرجنا الكبير يوسف شاهين.. ومن بين ما ذكر سكورسيزي في كلمته. وإن لم يترجمها المترجم العربي إنه نشأ في اسره من الطبقة العاملة لم تكن لديها مكتبة في البيت. ولكن كان هناك التليفزيون. ومن خلال الأفلام التي شاهدها في التليفزيون عرف السينما واحبها. وعرف العالم الذي يعيش فيه.

السيدة هيندرسون تقدم

كان فيلم الافتتاح خارج المسابقة الفيلم البريطاني "السيدة هيندرسون" تقدم.. اخراج فنان السينما البريطاني العالمي ستيفن فريراس في عرضه العالمي الأول بعد عرضه عرضا خاصا في مهرجان تورونتو في سبتمبر الماضي. وهو احدث افلام الممثلة البريطانية العالمية جودي لينش. وفي حضورها مع المخرج. والفيلم من الأفلام المتوقع أن ترشح لأكثر من جائزة أوسكار العام القادم.

مهرجان مراكش السينمائي الدولي مهرجان حقا وسينمائي حقا ودولي حقا. وفي مدينة دولية حقا.

الجمهورية المصرية في

16.11.2005

 
 

شريط أخبار مهرجان مراكش الدولي للفيلم

الفيتارة الإسبانية في قصر المؤتمرات والهنود في جامع الفنا

مراكش أحمد نجيم

شهد اليوم السادس من أيام مهرجان مراكش الدولي للفيلم تكريم السينما الإسبانية، نجوم كبيرة صنعوا مجد الفن السابع حضروا للاحتفال بهذا الحدث السينمائي، ورافق هؤلاء النجوم وفد إعلامي إسباني كبير. تقديم الاحتفال بالإبداع السينمائي الإسباني أوكل إلى السينمائية المغربية فريدة بليزيد، تحدثت صاحبة "كيد النساء" عن ذكريات طفولتها مع السينما الإسبانية بطنجة، غير أن الترجمة التي رافقت كتابتها شوشت على الجمهور الحاضر أكثر مما ساعدته، فلم تتزامن كلمتها القصيرة مع الترجمة، ورغم ذلك كان تقديم المخرجة بليزيد للحفل أكثر صدقا وحميمية من تقديم رشيدة خليل خلال حفل الافتتاح.

أجواء اليوم الإسباني كانت حاضرة إخراجا وسينوغرافيا، فموسيقى الفلامينكو عوضت ليلة اليوم السادس موسيقى أم كلثوم التي يسمعها مهرجانيو الدورة الحالية قبل عرض كل فيلم.

إذا كان نجوم الشاشة الكبيرة في الجارة الشمالية للمغرب قد حضوا باستقبال كبير من قبل جمهور قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات بمدينة مراكش، فإن النجمة السينمائية فيكنوريا أبريل حضيت باستقبال حار، أبريل لم تفقد من نشاطها وحيويتها شيئا دائمة الابتسامة والتواضع، نقلتها سيارة ليموزين من إقامتها من المامونية إلى قصر المؤتمرات، ولبت رغبات المصورين. الحفل الاسباني الذي نقل مباشرة على شاشة التلفزيون المغربي من اللحظات القوية خلال الدورة الحالية، رقصات النجوم الإسبانيين وتجاوبهم الكبير مع تصفيقات الجمهور الحاضر بث الحرارة في دورة هذه السنة التي فقدت بعضا من بريق الدورة الرابعة. سينمائيا شهد الحفل عرض فيلم لمخرج يمثل الجيل الجديد في السينما الإسبانية، وهو فيلم "تاباس". قصص إنسانية بسيطة لسكان حي بإحدى المدن الإسبانية، فيلم عن الصداقة والعلاقات الإنسانية، ف"لولو" صاحب المطعم صغير جشع يبحث عن المال تتركه زوجته التي كانت تطبخ له، ولا يبالي بالأمر ليعوضها بطباخ صيني ماهر جاء إلى إسبانيا للقاء حبيبته، وراكيل امرأة تعوض حرمانها عبر الانترنيت قبل أن تلتقي سيزار، ابن إحدى زبوناتها. صديقه المهووس ببروسلي يحب السفر والفتيات الإيطاليات. أقوى القصص في الفيلم قصة المرأة كونشي وزوجها المريض. يعيش الزوجان حياتهما بشكل عادي، غير أن الزوج المريض الذي يكتفي بالاهتمام بالحديقة، يقرر أن يضع حدا لحياته، استشارة كوتشي مع رجل الدين لم تقنعها، بعد ليلة جميلة تناولا فيها نخب الحياة وألذ الأطعمة تحقن الزوجة حبيبها المريض بجرعات زائدة من "المورفين" ليموت ميتة هادئة بلباسه الجميل وقبعته التي اشتراها خصيصا لهذه المناسبة. كان الفيلم سيكون أكثر قوة لو اقتصر المخرج خوسي كوبراتشو على قصة الزوجين فقط، لكونها ترصد رغبات الذات الإنسانية وتتجنب الموعظة. نهاية غير سينمائية كما حدث في فيلم "كولبيس" لمواطنه المخرج خوان فيشنتي كوردوبا الذي يشارك في المسابقة الرسمية.

استمرت ليلة الاحتفال على الطريقة الإسبانية إلى الساعات الأولى من يوم الخميس، ففكتوريا أبريل غنت في حفل راقص في "الباشا" بمراكش، لتكتمل الاحتفالات كان لا بد من حضور الفلامينكو إلى سهرة الأربعاء، بذلك يختتم اليوم الأكثر احتفالا في الأيام الست الأولى للدورة الخامسة من مهرجان مراكش الدولي للفيلم.

إذا كان الإسبان قد أمدوا الدورة الحالية بطابع احتفالي استفاد منه على الخصوص المهرجانيون، فإن الهنود اختاروا عينة أخرى من الجمهور للاحتفال معه لدقائق معدودات، فليومين متتاليين خصص المراكشيون وغير المراكشيين بساحة جامع الفنا استقبالا كبيرا للإبداع السينمائي الهندي، من خلال المخرج الكبير ياش شوبرا يوم الاثنين والنجم الهندي سيف علي خان في اليوم الموالي، جمهور تسمر في الصفوف الأولى لساعات من أجل مشاهدة نجومه السينمائيين المفضلين، غير مكترث لانخفاض درجة الحرارة والبرد القارس ليلا بمدينة النخيل. صفق جمهور ساحة جامع الفنا لنجومه وصفق جمهور قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات لنجومه، وبذلك نجحت إدارة المهرجان، إلى حد ما، في الجمع بين اتجاهات سينمائية مختلفة ومتباينة أحيانا.

المخرج السوري محمد ملص: فيلمي غير ممنوع في سوريا

فوجئ المخرج السوري محمد ملص بخبر نقلته إحدى القنوات الفضائية مفاده أن فيلمه "باب المقام" ممنوع. وقال في حوار ننشره يوم الأحد المقبل "لم أطلع على هذا الخبر، لكنني أؤكد أن الفيلم لم يعرض على السلطات السورية حتى ترفضه، وأضاف أنه حصل سوء فهم لكلامه خلال الندوة الصجافية التي عقدها بعد عرض فيلمه المشارك في المسابقة الرسمية، إذ قال أن هذا الفيلم فد لا يقبل عرضه على الجمهور السوري، لكنه شدد على أنه وإلى حدود الساعة لم يقدمه لأية جهة كي تمنع عرضه أو توافق عليه. وأوضح ملص أنه لا يخشى العودة إلى سوريا مؤكدا أنه ظل يعبر عن أفكاره داخل بلده وينتقد التضييق على الحريات وأسلوب الاعتقالات.

تجدر الإشارة إلى أن فيلم "باب المقام" مستمد من قصة حقيقية عن جرائم الشرف في سوريا حدثت في العام 2001، إيمان، الفتاة المتزوجة والأم لطفلين، العاشقة للغناء والموسيقى، خاصة أغاني أم كلثوم، يبحث عمها، رجل السلطة السابق، عن ذرائع يوهم بها أخيها الأصولي وأبيها المريض المقعد بأنها سافلة تجلب العار للعائلة، لذا توكل مهمة الاغتيال إلى أخيها. الفيلم إدانة ليس فقط لجرائم الشرف والتقاليد الاجتماعية المغلفة بالدين، بل كذلك إدانة لبنية النظام المبني على القمع والخضوع. فيلم ملص عرى النظام السوري، السياسي والاجتماعي. ف"إيمان" التي جسدتها سلوى جميل تعيش رفقة زوجها وابنيها وبنت أخيها المسجون، تعشق الحياة والأغاني. عمها المتعطش للسلطة والدم ورجل أمن سابق يفرغ فشله في فرض هيبته على عائلته وعائلة أخيه المريض المقعد. زوج إيمان يركظ وراء وهم السياسة، هذه الأخيرة تتلخص في سماع نشرات الأخبار التي تنقلها إذاعة سوريا عن الوكالات العالمية والصحف الدولية حول مستجدات الوضع في العراق، كما أنه أضحى متخصصا في حضور المسيرات المنددة بأميركا، غير مبال لما يحدث. الانتخابات المحلية تحضر في الفيلم من خلال ملصقات ونشرات إذاعية عن الديموقراطية "السورية". هكذا يقدم جانبا من العمل السياسي في سوريا. الجانب الآخر المسكوت عته يعرضه المخرج من خلال الحياة اليومية لشخصيات تعيش قمعا داخليا في البيت وفي الشارع، الكل يراقب الكل. البطلة "إيمان" مراقبة من قبل أخيها وعمها وأبناء عمها وأبنائها. يراقبونها ليس لأنها تمارس السياسة بل لكونها تعشق الغناء، التقت بواحدة من أشهر الفنانات الشعبيات في مدينة حلب، ونسجت بينهما علاقة حب، العم أوهم الجميع أن لخروجها إلى بائع الأشرطة وزيارتها للفنانة الشعبية أغراض أخرى تمس شرف العائلة.

الدنمارك يقدم أقوى اللحظات السينمائية في الدورة الخامسة

لم يتردد مخرج سينمائي مشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش الدولي للفيلم في القول أن الفيلم الدنماركي "رجل الصين" للمخرج هنريك روبين كنز، وإلى حدود اليوم الخامس، لن يجد منافسة كبيرة لنيل الجائزة الكبرى للمهرجان الخامس. لم يكن هذا الرأي مقتصرا على هذا المخرج، بل شاطره غالبيه من تابع الفيلم الدنماركي صباح أول أمس الأربعاء على الساعة الحادية عشر.

"رجل الصين" فيلم  يرصد قصة حب بين كيلد، الدنماركي، وبين الصينية "لينغ" قدمت للعلاح. يقترح أخ الصينية وصاحب المطعم "فينغ" على كيلد زواجا أبيضا من أخته للحصول على الإقامة، طبعا هذه الخدمة لبيست مجانية. تزامن هذا العرض بانفصاله عن زوجته "راي" بعد خمسة وعشرين سنة من العشرة الزوجية. كيلد أو "رجل الصين" يكتشف طريقة جديدة للحياة مع الفتاة الصينية، عنايتها به واهتمامها اليومي بحياته تغير مشاعر هذا المواطن الوحيد. هذه اللحظات لم تدم طويلا، إذ ستموت حبيبته نتيجة مضاعفات على قلبها المريض، ليكتشف كيلد أنه جيء بها إلى الدنمارك من أجل العلاج.

قوة هذا الفيلم تكمن أساسا في قدرة مخرجه هنريك روبين التغلل في الذات الإنسانية وكشف الجوانب الجوانية فيها، ينقل المشاهد إلى تلك الشخصيات، التي تخفي برودتها الظاهرة أحاسيس إنسانية رقيقة.

لا يمل المشاهد طيلة مدة الفيلم من الاستمتاع بسينما دول الشمال الأوربي، سيناريو محبوك وممثلون نجحوا في تقمص تلك الشخصيات ولوج عوالمها الداخلية.

فيلم "رجل الصين" توفق إلى درجة في أن يصل إلى الربط بين الخاص والعام، بين حالة كيلد المواطن الدنماركي الذي قبل الزواج الأبيض الشكلي مقابل مبلغ مالي ليصبح عاشقا وبين رغبة الذات الإنسانية التي لم تصمد أمام مشاعرها لتقع في الغرام، استطاع المخرج أن يستبطن حالة كيلد ببراعة.

موقع "إيلاف" في

17.11.2005

 
 

أفلام الدورة الخامسة لمهرجان مراكش تبحث عن الحنان والقيم والعائلة...

سينما الحياة الحقيقية للجمهور العريض وللنجوم السهرات

مراكش – إبراهيم العريس

ما هي آخر أخبار الإنسان في هذا العالم؟ للاجابة عن هذا السؤال قد يكون في وسع المرء أن يقرأ صحف العالم، أو يشاهد محطاته التلفزيونية، إن لم يكن ذا قدرة جبارة تمكنه من زيارة شتى أنحاء هذا العالم. لكن هذا سيبقي المرء على ظمئه، لأن هذه الأنواع من الإطلال على العالم، لن تمكن المرء من مشاهدة ما هو أعمق من السطح الخارجي لشؤون الانسان وشجونه. فما العمل؟ العمل هو الجلوس أمام الشاشة الكبيرة ومشاهدة آخر ما حققه مبدعو الفن السابع المنتمون الى بلدان العالم. وربما بخاصة الى بلدان لم يعهد فيها ضخامة الانتاج السينمائي وعراقته، بل صعوبة الفرص التي تتيح للمبدع في الفن السابع ان يحقق فيلمه. إذ مع تلك الندرة وهذه الصعوبة، يحرص هذا المبدع، عادة، على ان يضمن ما يحقق من أفلام قليلة، قدراً كبيراً من الصدق في تعبيره الشخصي عن الحياة.

والنتيجة تكون عادة، مماثلة لما نرى حتى اليوم وقد وصلت الدورة الخامسة لمهرجان مراكش السينمائي الى أيامها الأخيرة. إذ حين تصل هذه السطور الى القارئ، سيكون قد بقي لعروض المهرجان يومان، قبل إعلان نتائج المسابقة الرسمية، التي هي التظاهرة الأساس في المهرجان. ومع هذا، على رغم الأسئلة والتكهنات، لا يبدو ان ثمة اهتماماً كبيراً حقاً بمعرفة من سيفوز. الاتجاه الرئيس هو متابعة ما يعرض بدقة... لأن ما يعرض فيه، عموماً، بعض الاجابة عن السؤال حول آخر أخبار الانسان.

قيم خيبة وعائلات

وعموماً، اذا نظرنا الى أخبار الانسان من خلال الأفلام المعروضة في مراكش سنكتشف في المقام الأول انسان عصرنا هذا متصارعاً مع القيم العائلية، باحثاً عن الصداقة، مرتعباً أمام احتمال فقدانه عمله، خائب المسعى ازاء وعود لم تتحقق وعالم يزداد عنفاً وشراسة، و «آخر» يزداد ضراوة. ترى، يسأل المرء، أين راحت حكايات الحب الرومانسية؟ أين ذهب الأبطال المحملون بالطموحات؟

«كريزي»... وهو فيلم من كندا، قد يكون أفضل ما عرض حتى الآن في مراكش، ثمة «ساغا» عائلية تمتد على مدى ثلاثين عاماً، محورها أسرة فيها خمسة صبيان وأم خانعة وأب بات عاجزاً تماماً عن فهم ماذا يريد أبناؤه وهم يكبرون أمام عينيه. انها صورة قاسية لمشهد عائلي نمطي، محطاته أعياد الميلاد واحتفالات الزواج وفقدان التواصل الحقيقي بين الأفراد. الجديد هنا، تلك اللغة النابضة التي استخدمها مخرج الفيلم مستفيداً من آخر تجديدات الفيديو كليب، ومن توليف ساير موضوعه الذي يلامس كل ما هو خطر في حياة انسان اليوم.

وفي الفيلم السوري، المميز، لمحمد ملص «باب المقام»، هناك أيضاً الحياة العائلية، ولكن في مدينة حلب ومن خلال ما يشبه وقائع الموت المعلن لامرأة كان كل ذنبها انها تسمع أغاني أم كلثـوم، ما أثـار شـكوك الأهـل والأخوة، فتـضـافـرت العـائـلة لتـنـفيذ حكم الإعدام بالكائن – المرأة – الذي يبدو اليوم محط اسقاطات كل احباطاتنا العربية.

والعائلة أيضاً في الفيلم التشيخي «مدينة الشمس»، من خلال محاولة أربعة عمال طردوا من المصنع ويحاولون ان يبنوا مشروعهم الخاص. من خلال بناء هذا المشروع الذي ينتهي الى الفشل، يغوص «مدينة الشمس» في حياة العائلات الأربع. وهو ما يفعله فيلم اسباني عنوانه «الضربات» في الجهة المقابلة: اذ يقدم الحياة المرتبكة والخائبة لخمس فتيات بسيطات يحاولن بدورهن بناء حياة أكثر جدوى وطموحاً... فتيات مدريد هاته ينجحن الى حد ما، لكن الثمن يبدو مرتفعاً.

حياة السينما الطويلة

في المقابل ينجح «أليكس» في الفيلم الفرنسي الذي يحمل اسمها عنواناً له، في بناء البيت الذي تسعى الى بنائه. الثمن بالنسبة اليها ليس مرتفعاً. فقط هناك عزلتها وافتقارها الدائم الى الحنان. والحنان هذا شيء لا يعرفه ولا يسعى اليه، حتى، الطفل محمد العربي، الذي يبدو في صورة الأنا – الآخر لمؤمن السميحي، مخرج فيلم «العايل» المتحدث، عبر صورة جميلة، ولكن بإيقاع مضجر عن طفولته في طنجة وتوزع حياته بين أب متزمت، ومجموعة نساء يعشن الحياة بكثافة أكثر.

طبعاً هذا ليس ما عرض في هذه الدورة الغنية – بالأفلام – والسيئة – بالتنظيم -، وهي الخامسة لمهرجان «مراكش»... لكنه نماذج لسينما تزداد التصاقاً بالحياة وهموم انسان هذه الحياة. والغريب الغريب في الأمر كله هو أن الجمهور، إذ ازداد عدداً وحضوراً يوماً بعد يوم في قاعات «قصر المؤتمرات» الفخم وسط مراكش، لم يبال بما اذا كان هناك نجوم يقومون بالأدوار الاساسية في هذه الأفلام. والحقيقة ان احداً لم يتنبه حقاً لما اذا كان هناك نجوم كبار وحقيقيون على الشاشة. طبعاً كانوا حاضرين في الافلام القديمة التي عرضت هنا على شكل تكريمات (في عدد كبير من أفلام استعرضت تاريخ السينما الاسبانية، وكذلك في أفلام قدمت تاريخ سينما مارتن سكورسيسي الذي حضر في المهرجان بقوة)... على تلك الشاشات القديمة كان هناك كاترين دونوف وروبرت دي نيرو وكثر من هذا المستوى الأول. ولكن على الشاشات الجديدة لا شيء من هذا.

ومع ذلك لم يغيبوا عن مراكش، فهم هنا ضيوف شرف، يملأون الساحة الفسيحة بين فنادق المهرجان وقاعات عروضه. وحفلات الصخب الليلية. وبرامج الحوارات التلفزيونية... كما يملأون بتوقيعاتهم دفاتر وأوراق المعجبين. ومن الضيوف الكبار كاترين دونوف التي بدت متألقة صبية منذ مشاركتها الأساسية في سهرة الافتتاح، وحميدو وميشال بلان وهند صبري وجان – جاك آنو وفكتوريا آبريل. غير ان نجم النجوم كان، من دون منازع مارتن سكورسيسي، الذي تفاعل الجمهور حتى مع ثرثرته التي لم تتوقف حين كرم في ليلة الافتتاح.

وكيف لا يتفاعل جمهور مراكش مع واحد من أكبر سينمائيي العالم، وقد جاء، ليس فقط لينال تكريماً ملكياً في هذا البلد الذي صوّر فيه بعض أفلامه و«أحببته كثيراً» كما قال، وليس فقط ليعرض بعض أروع أفلامه، بل أيضاً ليهتم شخصياً بدورة تدريب سينمائية تضم 16 شاباً وشابة من المغرب ألقى عليهم طوال أيام المهرجان محاضرات في السينما، على أمل أن يواصل الاهتمام بتدريبهم هنا محلياً، ومن ثم يساعد على انتقالهم الى الولايات المتحدة حيث يتابعون دورة تدريب مكثفة؟

كان واضحاً ان هذا يشكل جزءاً من هوس سكورسيسي بالفن السابع. وهو هوس معد بالتأكيد... شاركه فيه، في «مراكش» هنا «صديقه» عباس كياروستامي، الذي كرم بدوره... وشاء، من تلقائه أن يشارك سكورسيسي الاشراف على الدورة الاستثنائية التي سيستفيد منها سينمائيو الغد في المغرب.

ولكن هل هناك حقاً غد للسينما؟ الحقيقة ان من يتابع دورة مراكش لهذا العام، سيطلع بيقين واحد وهو ان المهرجان إذ يعرض أفلام العالم، وأحوال العالم، يقول كم ان السينما لها حياة طويلة أمامها بعد...

الحياة اللبنانية في

18.11.2005

 
 

مصطفى العقاد ...

المخرج الذي بنى سينماه على التاريخ

هوليوود - محمد رضا

«أنا الآن في التاسعة والستين من عمري. إذا لم أحقق «صلاح الدين» الآن، لن أستطيع تحقيقه حين أصبح في الخامسة والسبعين. إنه سن التقاعد وكتابة المذكرات».

قال مصطفى العقاد هذا أكثر من مرة، وقبل يومين من مغادرته لوس أنجيليس الى عواصم عربية أضاف: «مدعو على فرح في الكويت. بعد ذلك سأبقى في بيروت بعض الوقت ثم أقصد حفلة عرس في عمّان». صمت قليلاً ثم تابع: «سأراك إذاً في القاهرة». كنت أريد أن أقول له: لم كل هذه الدعوات؟ أين أصبح «صلاح الدين»؟ هل هناك من دعوة عمل لبحثه؟ لكنني كنت أعلم، من لقاءاتنا المتكررة الدائمة، أن كل الدعوات السابقة التي تلقّاها لم تثمر عن نتيجة.

مع «صلاح الدين» لم تكن المرة الأولى التي حلم فيها المخرج الذي وصل هوليوود في أواخر الستينات قادماً من حلب وفي جيبه بضع عشرات من الدولارات ومصحفاً كريماً وحقيبة ملابسه. كان حلم بهوليوود. حلم بدخول صناعة السينما. حلم بلقاء المشاهير والعمل معهم. حلم بتحقيق الأفلام وبتكوين شركة إنتاج أو أكثر وفي سنوات قليلة حقق كل تلك الأحلام. «صلاح الدين» هو الحلم الوحيد الذي لم يستطع تحقيقه. أستعصى عليه. كبّده الكثير من البحث والعمل والسفر واللقاءات... ولم يتحقق.

عثرة ونجاح

في مطلع السبعينات، وبعد دراسة السينما في «جامعة لوس أنجيليس» في كاليفورنيا الشهيرة UCLA (حيث التقى هناك مع الإعلامي الكويتي محمد السنعوسي الذي شاركه لاحقاً إنتاج فيلم العقاد الأول «الرسالة») استلم العقاد رسالة من محطة تلفزيونية ردّاً على طلب عمل كان بعث به. المحطة خيّرته بين أن يتقاضى مبلغاً كبيراً من المال او بين أن يتقاضى أجراً محدوداً وأسم على الشاشة كمنتج منفّذ وذلك لإحدى الحلقات التلفزيونية التي كان يعمل عليها.

«كنت شاباً صغيراً وأحترت في أمري: هل أقبل المال او اللقب؟. توجهت الى سام بكنباه وسألته ما العمل. نظر إلي وقال: يا لقيط. ماذا ستصنع بالمال؟».

ليس أن العقاد في ذلك الحين لم يكن بحاجة الى المال، لكنه كان بحاجة الى تكوين نفسه وبكنباه دلّه كيف يضع الأسس. «أولاً تبني الإسم ثم يأتي المال إليك». وفي نظرة سريعة على تاريخ مصطفى العقـاد السينمائي نجده فعل ذلك بنجاح باستثـناء عثـرة «صلاح الدين».

في العام 1974 وصل مصطفى العقاد الى لبنان وجلس في الهورس شو وأخذ يتكلم عن فيلم اسلامي كبير أسمه «الرسالة» يتحدّث فيه عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ورسالته الى البشر. بدا مؤمناً بما يقوله. في أول لقاء بيننا جلست استمع إليه وأفكر كيف سيستطيع سينمائي له خلفية تلفزيونية في حلقات «ألفرد هيتشكوك يقدّم» وفي بعض أعمال سام بكنباه وداني توماس التلفزيونية، إنجاز فيلم يقول أن موازنته ستتجاوز الثلاثين مليون دولار؟

هذا السؤال وجد طريقه الى مقال حين اختاره رئيس تحرير القسم الثقافي (المرحوم بلند الحيدري) عنواناً بعد أسابيع قليلة. حين بوشر بتصوير الفيلم في ليبيا بعث العقاد الى مكتبه في لندن رسالة ورد فيها: «ابعثوا وراء هذا المحرر الذي تساءل كيف أستطيع إنجاز فيلم بثلاثين مليون دولار»... بعد أيام، كنت في ليبيا أحضر تصوير أحد أكبر إنتاجات السينما العربية وأكثرها أهمية الى اليوم.

العقاد لم يكتف في فيلم «الرسالة» بمشاهد التجسيد الإيحائي طوال الفيلم بل عمد إليها في مطارح محددة فقط. باقي الفيلم أريد له أن يكون بحجم إي إنتاج ملحمي هوليوودي تاريخي وديني، وللغاية تم حشد عشرات المئات من الممثلين الثانويين والفرسان وتصوير مشاهد المعارك بإدارة متخصصة وجهود سينمائية صرفة لم تكن السينما العربية خاضتها على هذا النحو (وبهذا البذل) من قبل.

تجربة مصطفى العقاد، غير السهلة تنفيذياً وتبعاً للمعوقات الرقابية حيث مُنع الفيلم في أكثر من موقع عربياً وعالمياً، كانت - على رغم ذلك - ناجحة. أرسى العقاد مستوى من العمل لم تكن السينما العربية وصلت إليه. حملها، كما اتفق معظم النقاد العرب، الى العالمية. وفي خلال ذلك أيضاً، حمل الإسلام أيضاً الى الغرب والشرق البعيد.

... الى العالمية

بينما توزع مشاهدو الفيلم بين مؤيد لا يرى ضيراً مما أقدم عليه المخرج الكبير ومعارض على أساس أن الفيلم لا يزال في حكم «البدع المخالفة للشريعة»، كان العقاد يحضّر لفيلمه التاريخي الثاني: «عمر المختار» او «أسد الصحراء».

العقيد محمد القذّافي هو الذي طلب هذا الفيلم. وكان هو الذي سمح للمخرج - المنتج العقاد بالتصوير في ليبيا بعدما كانت المغرب قررت إيقاف التصوير بعد أسابيع قليلة من بدئه على أراضيها. مصطفى العقاد أختار قصة المناضل عمر المختار لسببين كما قال لي: «الأول هو أنني لم أكن أرغب في شخصية عربية معاصرة في زمننا هذا، بل كنت أبحث عن شخصية تستطيع أن تفرض أهمّيتها على المشاهد العالمي تماما كما هي الحال في فيلمي الأول. السبب الثاني، هو أنني كنت أريد مواجهة كل هذه الإدعاءات بأننا شعب مهزوم لا يُقاتل ولا ينتصر وكنت أريد أن أوضّح كيف أننا عانينا من الإحتلال الفاشي والإستعمار ومعسكرات التعذيب تماماً كما اليهود. إنها صفحة مجهولة في التاريخ إن لم نقدّمها ضاعت».

«عمر المختار» كان أفضل من «الرسالة» سينمائياً ودرامياً. هنا أبرز المخرج قدراته بشكل كامل. لم يكن عليه إعتماد وجهة نظر والتلاعب على قوانين الممنوع والمسموح بالنسبة لظهور شخصية النبي وباقي الخلفاء الراشدين على الشاشة، بل وضع في المواجهة أنطوني كوين مؤدياً شخصية المناضل الليبي، وبتحرر من القيود نفّذ الفيلم الملحمي- التاريخي الكبير بحسب القواعد الهوليوودية كاملة: «عليك كمشاهد أن تلتقي عاطفياً والشخصية التي تختارها كبطولة. عمر المختار كان أستاذاً في القرية. كان إنساناً حكيماً ومدركاً ومسالماً. مال الى السلاح دفاعاً عن الوطن والعقيدة. أي مشاهد في أي مكان من العالم سيتلاقى وهذا البطل وسيؤيده».

فيلما العقاد «الرسالة» و «عمر المختار» يختلفان عن الأفلام التاريخية العربية سواء كنا ننظر الى «صلاح الدين الأيوبي» كما أخرجه يوسف شاهين او «المسألة الكبرى» لمحمد شكري جميل او «القادسية» للمرحوم صلاح أبو سيف. ليس إنتقاصاً من جهود هؤلاء، لكن ما خصّه وحشده العقاد من تقنيات وعناصر إنتاجية لم يكن سبب التميّز الوحيد. السبب الآخر والموازي في أهميّته هو أنه كان يعرف لغة التواصل مع الجمهور ويعمد إليها من دون وضع الذات وسط العلاقة المرصودة بين الجمهور والمخرج. بذلك كان ينفّذ ما قاله ألفرد هيتشكوك ذات مرة حين قال لفرنسوا تروفو: «لا شيء يجب أن يدخل بين المشاهد والفيلم. ولا حتى المخرج».

لكن شيئاً إنتهى عندما أنجز الراحل «عمر المختار» سنة 1981. الفيلم دفع بالمؤسسة العامة للسينما في العراق للتحوّل صوب أعمال مشابهة أخفقت في الوصول الى الجمهور العريض كما فعل فيلما العقاد.

العقاد نفسه اختلف بعد هذين الفيلمين. عاد الى قواعده في هوليوود وأنجز، منتجاً ومنتجاً منفّذاً، ثمانية أفلام من سلسلة رعب أسمها «هالووين». السلسلة التي بدأت بفيلم أخرجه جون كاربنتر سنة 1978 بموازنة قدرها 325 ألف دولار وجلب عائدات وصلت الى 47 مليون دولار ضمنت للعقاد حرّيته: «بعد «عمر المختار» انهالت عليّ العروض المختلفة لكنني رفضتها جميعاً».

سألته: «لماذا؟». أجاب: «أولاً كانت عن رؤساء وملوك إما هم أحياء اليوم او أنهم رحلوا لكنهم لم يتركوا آثاراً حضارية وإنسانية تثير إهتمام المشاهدين. وأنا ملتزم بأن أحمل الإسلام والعروبة كقضية وليس كمواقف او سير شخصية او سياسية. ثانياً، لأن إذا ما حققت فيلماً عن هذا الرئيس او ذاك تم تصنيفي لحسابه. وأنا إنسان مستقل ولا أريد وصاية أحد».

سلسلة «هالووين» لم تؤمن له العيش رغيداً طوال حياته فقط، بل منحته تلك الإستقلالية التي كان يصبو إليها. لم يكن عليه القبول بأي عمل لا يتم بحسب رؤيته هو. ومع أنه جال كثيراً بحثاً عن التمويل لتحقيق «صلاح الدين» مؤمناً بأنه الفيلم المناسب للمرحلة الحالية وذلك قبل أن ينجز ريدلي سكوت فيلمه الأخير «مملكة السماء»، الا أنه تراجع في كل مرة أرتبطت فيها الموافقة بشروط.

لا عجب أنه كان محط أهتمام العرب الحالمين بأفلام ضخمة من منوال فيلميه السابقين، ولا لوم على أن العرب حلموا بـ «صلاح الدين» مثله. اللوم على كل تلك الظروف التي لم تخلق سينما عربية مماثلة، او - بالنظر الى موقعها اليوم - حيّة.

الحياة اللبنانية في

18.11.2005

 
 

لقطات.. لم يصورها مصطفى العقاد ..

شعر: يوسف رزوقة*

لقطة مبكرة:
قبل اصطفاق الباب خلف فراشتين
أقام كاميكاز جنته الآخيرة 
وارتمى في نارها العظمى
وقد أكلته..
حتى لم يعد ليديه سلطان ليحكم
أو مجرد رجفة
ليحسّ ¯ و هو مفخخ ¯
بسعادة امرأة لها حق اللجوء إلى أب ..
ما عاد غبّا من هناك
مدججا بالحلم الاّ كي يموا
بطعنة في القلب
قبل بلوغه السبعين /
قبل بلوغه ريما
- وقد سقطت على مرمى يديه ¯
ولم تقل حتى سلاما للمكان
¯ هذيان مرحلة:
كأن رسالة العقاد, كاميراه, كل جنونه الورديّ..
توطئة لفيلم قادم,
عنوانه: عرس الدم
لقطة جانبية:
لا تسألوا ريما فريما قد قضت
لا تسألوا العقاد
كيف تعقّدت أرواحنا
حتى انتهى تاريخنا الدموي
عقدتنا اليتيمة
- نحن أبناء النظام الفوضوي-

أسطورة العرب انتهت
معها انتهى ¯ من حيث ندري ¯
كل شيء, كل شيء, كل شيء ممكن لنكون 

هل لنكون ..
يلزمنا هنا و الآن, حتما,
مثل هذا الانتحار ?
أو الشعور بأننا نبلاء من فئة الطغاة ..
نموت
حتى لا نرى امرأة تقود قبيلة ?
ونحب لوركا راقصا في عرسه الدموي?.
هل لنكون ..
يلزمنا الصعود إلى الحضيض
بمثل هذا الاشتباك الانتحاري, الدخيل
مع الحياة ?
أو الحياة
بمثل هذا الموت في صحراء لا تفضي
- إذا أفضت غدا ¯
إلا إلى الصحراء ?.
هل لنكون.
يلزمنا التحصن, مرة أخرى, بأندلس الجدود
وكل سكان الخريطة من فلاسفة إلى علماء
- لو يدري الغراب ¯ جدودنا ?
 
لا تسألوا ريما فريما قد قضت
لا تسألوا جرش بن عبد الله
عن حمّى عروس ما احتمت بعريسها
إلا لينفجرا معا
في صرخة مادت لها
في كل عمان الجبال السبعة ..
اسألوها الآن ..
كيف تململت قهرا
مساء الاربعاء, جبال عمّان ..
أسألوها
كيف دبّت رجة في كل شيء قائم
فتهالكت من ثمة امرأة على بيت من الشعر القديم
و من على الكرة, الكؤوس تدحرجت
حتى تشقق, في الطريق إلى الشفاه, فراغها ..
لا تسألوا ريما فريما قد قضت

أما أبوها
- وهو يجلس بين كاميراه و التاريخ ¯
ينتظر انهمارة ضوئها
في ليل لحظته الأخيرة ..
فأسألوه..
* تونس

الرأي الأردنية في

18.11.2005

 
 

بالدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش 

تكريم المخرج الامريكي مارتن سكورسيزي

عمر الفاتحي *

خلال الحفل الافتتاحي للدورة الخامسة لمهرجان الفيلم الدولي بمراكش ، تم تكريم المخرج الامريكي الشهير مارتن سكورسيزي MARTIN  scorsese  . من أشهر أعماله: ("من الذي يطرق الباب" 1968- "الازقة الشريرة" 1973-  "لم تعد اليس تسكن هنا" 1974 - "نيويورك، نيويورك" 1977 - "الثور الثائر" 1988 -  "ملك الكوميديا" 1983-  "لون المال" 1986 - "أخر إغراء للمسيح" 1988 - "لطيفوا العشرة" 1990 - "رأس الراهب" 1991 - "سن البراءة" 1993 - "كوندون" 1997 - "إستحضار الموتى" 1999-  "عصابات نيويورك" 2002 - "الطيار" 2004، وهو اخر فيلم له عرض بالمهرجان خارج المسابقة الرسمية.

خلال أيام المهرجان   11 19 نوفمبر 2005   حظي مارتن سكورسيزي بتغطية

إعلامية من واسعة لم يحظ بمثلها أحد غيره من المشاركين أو المكرمين ، فقد استتبع مؤتمره الصحفي بعقد مائدتين مستديرتين أجاب فيهما عن كل أسئلة الصحفيين.

فيما يلي نص الحوار الذي خصنا به لفائدة "سينماتك":

·     الطابع الغالب على كل أفلامك أنها مستوحاة من الخيال ، لكن فيلمك الاخير مستوحى من سيرة ذاتية حقيقيية للطيار هوارد هيوز.

ليس صحيحا على الاطلاق ، فقد أخرجت العديد من الافلام مستوحاة من قصص واقعية. أما عن فيلم الطيار "the aviator" الذي تطرقت فيه لشخصية هوارد هيوز، فأنا معجب بهذه الشخصية، فهي اخر الرواد العصاميين الذين هاجروا الى الغرب الامريكي وساهموا في تأسيس أمريكا الحديثة . لقد فمت بإدخال بعض التغييرات الطفيفة على سيناريو الفيلم للتعبير أكثر عن نظرة الرجل الى المستقبل.

·         يلاحظ أغلب النقاد الذين يتابعون اعمالك أنك ليس غزير الانتاج، فهناك فترات متباعدة بين الافلام.

نعم كل أفلامي متباعدة لانها تستغرق وقتا طويلا حتى تصبح جاهزة. فيلم "الطيار" استغرق سنتين ونصف، ستة أشهر للتحضير ، وخمسة أشهر للتصوير وتسعة أشهر للمونتاج والتوزيع هذا فضلا عن عملية جمع المعلومات حول شخصية الفيلم. حينما انتهي من تصوير فيلما ما ن أخلد الى الراحة لإبدء في قراءة سيناريو جديد.

·     ما هي إنطباعتك حول مهرجان الفيلم الدولي يمراكش وهل سيرقى الى مستوى بعض المهرجانات العالمية كمهرجان "كان" ومهرجان "برلين" مثلا.

اعتبر أن المهرجان منتدى مفتوح للنقاش حول السينما وقد لمست ذلك من خلال الورشات التي نظمها مجموعة من المخرجين والتي سيكون لها اثرا محمودا ليس فقط للشباب من المغرب ولكن كذلك من أمريكا. إن السينما لاتدرس، لإنها إبداع. لقد أطلعت مجموعة من الشباب على تجربة السينمائية.

* كاتب صحفي وناقد سينمائي من المغرب

OMAR_elfatihi@YAHOO.FR

ملاحطة: تم نعريف مارتن سيكورسيزي بموقع " سينماتك"

موقع "سينماك" المصرية في

19.11.2005

 
 

الفيلم القيرغيزي ساراتان يفوز بالنجمة الذهبية لمهرجان مراكش:

قصة بلدة جبلية يقلب حياتها رأسا علي عقب حكم بالاعدام علي سارق للأغنام!

مراكش ـ عبد الغني بلوط 

خطف الفيلم القيرغيستاني سارتان لمخرجه أرنيست عبد الجبار (عبد جاباروف) الأضواء بالمدينة الحمراء، وفاز بالنجمة الذهبية للمهرجان الدولي الخامس للفيلم بمراكش الذي شهد مشاركة 15 فيلما في المسابقة الرسمية، فيما خيب الفيلم المغربي المشارك في المسابقة الرسمية الآمال واحتل مركزاً متخلفاً.

ويحكي فيلم ساراتان قصة سكان بلدة في جبال قرغيستان يئسوا من إمكانية تحسين ظروفهم الاجتماعية وظل كل واحد منهم يبحث عن أحسن السبل للحصول علي مستقبل أفضل، إلا أن الحياة اليومية للبلدة ستنقلب رأسا علي عقب حين يعتقل سارق للماشية ويصدر في حقه حكم بالإعدام. وهو فيلم رفيع المستوي سواء من ناحية السيناريو أو التمثيل أو اللقطات السينمائية الرائعة المليئة بالأحداث والمواقف الإنسانية، والخالي من اللقطات الفاضحة التي تخللت بعض الأفلام، ولم يجبر الكثير من العائلات التي تتبعته علي مغادرة القاعة كما حدث مع أفلام أخري.

وبدا عبد الجبار مخرج الفيلم متأثرا كثيرا وهو يتسلم جائزته الذهبية بادئاً كلامه بكلمة السلام عليكم التي حرص كثير من غير العرب والفرنسيين الذين صعدوا المنصة علي النطق بها احتراما للجمهور المراكشي الحاضر. ولم يتوقع كثير من الجمهور والمتتبعين حصول الفيلم علي الجائزة خاصة مع حضور أفلام جميلة أخري مثل الأحمق و رجل الصين و أغنية جاك روز نظرا لجودة هذه الأفلام من حيث جودة الإخراج والسيناريو والتمثيل ومقارنة مع ما تقدم من الأفلام المعروضة ضمن المنافسة.

أما بخصوص الفيلم المغربي العايل أو ولد طنجة الذي خرج خاوي الوفاض ولم تحابه لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج والمنتج الفرنسي جان جاك آنو، وضمت إلي جانب آخرين الكاتب والباحث المغربي عبد الكير الخطيبي، فيتضح ان مومن السميحي مخرج الفيلم بذل مجهودا لا بأس به واحترم المشاهد المغربي بالحديث عن الإسلام بكثير من الاحترام والتقدير وعدم تصوير لقطات فاضحة، لكنه أخطأ الموضوع الذي تكرر كثيرا في السينما المغربية والمغاربية، حتي بدا الأمر وكأن كل مخرج سينمائي يريد أن يحكي عن طفولته المتمردة أو المغتصبة بطريقته الخاصة وتدوينها في تاريخ السينما المغربية دون الالتفات إلي مضمونها السينمائي وقوته التشويقية الجاذبة لاهتمام المشاهد ومعالجتها لهموم واقعية وتحريك الأسئلة الدفينة في قلب وضمير كل متلق، وهو فيلم نجح في تصوير لقطات متقطعة جميلة لكنه تواضع في صنع فيلم سينمائي جدير بالمتابعة محاولا أن يسقط نظرية فرويد الجنسية علي فيلمه دون الالتفات إلي جدواها في معالجة مثل هذه المواضيع، إضافة إلي أنه وقع في أخطاء منهجية قاتلة بتذبذب مواقف الشخصيات، فهو مثلا يحكي عن طفل أبوه فقيه وإمام وطني متحضر لكن لا يجد غضاضة في إرسال ابنه إلي المدرسة الفرنسية إبان الاستعمار كما لا يقدر أن يصف السينما بكونها حراما يدخل في إطار الممنوعات، وفي حين نجد المعاملة مفتوحة بين الأب والابن إلي أقصي الحدود والحديث عن مسائل جنسية مثلا خاصة بالبالغين إلا أن الطفل أو اليافع يتمرد علي وضعه الاجتماعي دون مبرر وينتقد عادات أصيلة دون مسوغ ، وكأن المخرج يريد أن يقول إنه لا التربية الدينية المتفتحة ولا التربية الفرنسية جعلت من الابن ولدا صالحا بالرغم من الدعوات منقطعة النظير للأب بأن يحفظ ابنه من السوء، بل وصل الأمر بالابن، التي ظهرت أمه في صورة سلبية لا تجيد غير الاهتمام بمظهرها وقص شعرها، إلي التسكع في الشوارع وتعرضه للاغتصاب من طرف أبناء الحي. أما علي المستوي الفني وبالرغم من أن بعض النقاد حاول أن يلتمس الأعذار إلي السميحي الذي حاز فيلمه العايل علي منحة لجنة دعم الإنتاج السينمائي الوطني قدرت بمبلغ مليونين و100 ألف درهم قدمته شركة الإنتاج إيماغو فيلم انترناسيونال، وقالوا إن الإمكانيات غير متوفرة لإنجاز فيلم في المستوي، إلا أن كثيرا من المتتبعين استاؤوا من ضعفه السينمائي حتي أن بعضهم صرح للتلفزة المغربية هل اختيار مثل هذه الأفلام الرديئة هو عن قصد أم ماذا؟ يذكر أن جائزة لجنة التحكيم منحت للمخرجين الكندي جان مارك فالي عن فيلمه أ.ح.م.ق وللمخرج السوري محمد ملص عن فيلم باب المقام ، فيما حصلت الممثلة شورلي هاندرسن علي جائزة أحسن دور نسائي لمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. وفاز الممثل دانييل دي لويس بجائزة أحسن دور رجالي. كما كرم المهرجان الدولي الخامس للفيلم بمراكش في حفل الاختتام المخرج الإيراني المتميز عباس كيروستامي، وذلك في حفل اختتام فعالياته مساء السبت الواقع في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005.

من جانب آخر لم يستسغ عدد من النقاد السينمائيين مستوي عدد من الأفلام المعروضة في المهرجان علي هامش أفلام المسابقة وتساءلوا إن كانت اللجنة قد وضعت معايير لانتقاء هذه الأفلام علي غرار أفلام المسابقة. وشوهد عدد من النقاد السينمائيين والصحافيين والفنانين المغاربة والأجانب يتجولون في أروقة قصر المؤتمرات ويجلسون في المقاهي المجاورة حين بث عدد من هذه الأفلام، كما لوحظ فراغ القاعات التي كانت تبث هذه الأفلام رغم كثرة الدعوات الموزعة.

ومن الجانب التنظيمي فقد أسدل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الستار علي دورته الخامسة أول أمس السبت بقصر المؤتمرات وسط انتقادات شديدة اللهجة حول تهميش اللغة العربية والكفاءات الوطنية المغربية وكثرة أخطاء إدارته الفرنسية، وبإقصاء عدد من الصحافيين المغاربة عن حضور حفله الاختتام لأسباب تحكمت فيها الزبونية والمحسوبية.

وتساءل عدد من المهتمين بالشأن السينمائي هل حان وقت تغيير هذه الإدارة الفرنسية للمهرجان التي لم تستطع أن تضيف أشياء مهمة للمدينة وكثرت أخطاؤها القاتلة سواء بتهميش اللغة العربية أو بالاستهتار بالمشاركين المغاربة مشيرين الي أن العقد الذي يجمعها بمؤسسة المهرجان انتهي منذ الدورة الثالثة في حين ما تزال تهيمن علي المهرجان وتسير بلغة غير اللغة التي يفهمها عامة الشعب المغربي بل وتحضر له أفلاما أقل ما يقال عنها أنها مخلة بالحياء العام.

وذكر أكثر من صحافي ومهتم في تصريح لـ القدس العربي ان عدم حمل الأفلام المعروضة في المهرجان إلي أي إشارة لنوعيتها جعل الأسر المغربية في حيص بيص وهو ما أدي إلي مغادرة هذه الأسر للقاعات عند بدء لقطات مخلة بالحياء، بل قال بعضهم إن بعض الأفلام تضمنت لقطات بورنوغرافية فاضحة لا تشرف المدينة الحمراء ولا جمهورها، وكان بالأحري أن يحترم المنظمون خصوصية المدينة والبلد أثناء اختيار الأفلام وإلا تحول مهرجان السينما من أداة للرقي بالحس المرهف والشعور الإنساني الجميل إلي وسيلة لنشر الرذيلة وهروب العائلات المغربية المحترمة من القاعات السينمائية وهو ما يعكس حالها فعلا.

ومن الأمثلة الواضحة حول جهل الإدارة الفرنسية لتاريخ المغرب ما صرح به أحد المهتمين أيضا حين قال إنه من الغريب أن يمر المهرجان والشعب المغربي يحتفل بالذكري الذهبية ومرور خمسين عاما علي استقلاله دون أن ينتبه المنظمون إلي ذلك،وبرمجة أفلام جديرة بالمناسبة أو علي الأقل الإشارة إليها في المطبوعات التي وزعت بالملايين والتي لم يطبع فيها أي حرف عربي يشير إلي أن المهرجان ينظم في مدينة مغربية أصيلة. وكان الأجدر بالمنظمين الفرنسيين الذين حان ولا شك وقت رحيلهم أن يعرفوا بالجمهور الحاضر فضل وأمجاد هذه الذكري الخالدة الغنية بالدروس والعبر التي تؤكد سعي وحرص المغرب علي صيانة ذاكرته الوطنية وأمجاد كفاحه الوطني، دون أن ننسي أن مثل هذه الإشارة كفيلة باستلهام الأجيال الحاضرة والصاعدة لأسباب بناء صرح الوطن وكسب رهانات التنمية الشاملة والمستدامة وإنجاز المشروع المجتمعي الديمقراطي الذي ينشده المغرب.

من جانب آخر، وكما كان غياب أفلام صهيونية عن المهرجان قد اثلج صدور الجمهور المراكشي، فإن المسؤول عن الإعلام في المهرجان أصبح شغله الشاغل هو نفي الأخبار الرائجة في كواليس المهرجان حول تواجد شخصيات صهيونية سواء أكانت من الصحافيين أو المدعوين أو المشاركين، واعتبر أن اسم الصحفي المنسوب للدويلة العبرية الغاصبة للأراضي الفلسطينية و الوارد ضمن لائحة الصحفيين الذين يغطون المهرجان إنما يأتي في إطار الأسماء التي طلبت الاعتماد لتغطية المهرجان والتي تخلفت عنه لسبب أو آخر. ومن الجدير بالذكر هو وجود إجراءات أمنية مكثفة واستثنائية تمثلت في وجود فرق أمنية خاصة بالمتفجرات تستعين بكلاب مدربة علي استكشاف هذه المواد تجول في محيط قصر المؤتمرات وفندق كيمبينسكي،كما لوحظ تشديد المراقبة علي المحيط الخارجي للفنادق القريبة من قصر المؤتمرات من خلال تواجد قوات أمنية رابضة في أماكن متفرقة، ولا يستثني أي زائر لفضاء قصر المؤتمرات المحتضن للمهرجان من التفتيش الدقيق سواء أكان مدعوا أو مشاركا من خلال المرور عبر الجهاز الفارز ووضع المتاع عبر جهز الكشف.

القدس العربي في

25.11.2005

 
 

على الخشبة سكورسيسي وكياروستامي وبيلوتشي وداي لويس...

والجوائز بالعدل والتسامح...

مهرجان مراكش: حوارات الكبار وأفلام الصغار المدهشة

مراكش – ابراهيم العريس

لسنا هنا في «كان» ولا في «البندقية»... وطبعاً لسنا في «برلين». ومع هذا ها هي صالة قصر المؤتمرات مملوءة بأكثر السيدات اناقة وبأكثر السادة تحذلقاً. وها هم واقفون فوق خشبة المسرح في قاعة «الوزراء» الرئيسة، مخرجون وممثلون سينمائيون قد يحلم «كان» او «برلين» او غيرهما من المهرجانات السينمائية في جمعهم في مكان واحد وزمان واحد. وكأن هذا لا يكفي: اذ ها هما مارتن سكورسيسي، المعتبر اكبر مخرج سينمائي حي في عالم اليوم، وعباس كياروستامي، عميد السينما الإيرانية وأحد كبار سينمائيي «الدول النامية»... ها هما يتبادلان امام صالة تتأرجح بين الصمت العميق والتصفيق المدوي، عبارات تحية وإعجاب تكشف حقاً، خلف المجاملات الودية، كم ان كلاً منهما يعرف سينما الآخر حق المعرفة. بل ان في عبارات سكورسيسي على قصرها وتلعثمها المحبب ما يمكن اعتباره نظرة تقويمية تدخل في صلب الأسس الفنية لبعض اجمل افلام صاحب «عشرة» و «أين منزل صديقي».

هذا المشهد كان واحداً من اجمل المكافآت التي حصل عليها المشاركون في الدورة الخامسة لمهرجان مراكش السينمائي الدولي في المغرب، الذي اختتم فاعلياته على ذلك النحو الممتع قبل ايام قليلة. كان ذلك في حفلة الاختتام، قبل اعلان اسماء الفائزين في المسابقة الرسمية. والآن اذا أضفنا الى سكورسيسي وكياروستامي، جان جاك آنو (صاحب «اسم الوردة» و «ستالينغراد» و «الدب») في دور رئيس لجنة التحكيم، والى جانبه رهط من فنانات وفنانين عالميين وعرب كبار، من بينهم التونسية التي صارت منذ سنوات نجمة اولى في السينما المصرية، هند صبري.... يصبح من حقنا ان نتساءل مندهشين: كيف تمكن المدير الفني للمهرجان ولولب حركته الناقد نور الدين صايل، ان يؤمن هكذا خلطة لمهرجان لا يزال يحبو في سنواته الأولى، ووسط فوضى تنظيمية مخجلة تبدأ منذ الاستقبال في المطار، حتى مغادرة البلاد؟!

لم نحاب احداً

عندما وقف آنو ليعلن بدء منح الجوائز، قالها بكل وضوح: «لم نحاب احداً، ولم نتبع اية معايير سوى المعايير السينمائية الخالصة. لم نعاقب الناجحين اصحاب السينما المزدهرة، ولم ننظر بعين العطف الى البائسين... جعلنا الفن معيارنا الوحيد»... والحال ان اعلان النتائج جاء مؤكداً هذا الكلام. اذ حتى وإن كان ناقد من هنا، وفنان من هناك، اعلن انه كان يفضل ان تذهب هذه الجائزة الى هذا الفيلم بدلاً من ذاك... او ان تفوز الممثلة الفلانية بدل زميلتها الأخرى، فإن قدراً كبيراً من الإنصاف ومن حس المسؤولية طبع اختيارات المحكمين. اذ علينا ألا ننسى – في نهاية الأمر – ان الأذواق هي التي تحكم اصحابها. وأن الإجماع في مجال الفن مستحيل... وخصوصاً حين تكون الاختيارات للمتبارين في المسابقة، أصلاً، محيّرة، اذ لمرة نادرة.. كان مستوى الافلام الخمسة عشر المتبارية مرتفعاً ومتقارباً، حتى وان اتجهت التكهنات منذ البداية وجهات محددة، حيث برزت نصف دزينة من افلام شغف بها الحضور، من دون ان يسهو بالهم عن تميز ما تبقى. والحقيقة اننا اذا استثنينا حسرة عامة على عدم فوز الفيلم الدنماركي «رجل الصين» بأي جائزة (وبخاصة بالجائزة الكبرى «النجم الذهبي») ستجدنا امام رابحين استحقوا حقاً جوائزهم، بما في ذلك فيلم الجائزة الكبرى «ساراتان» الآتي من بلد لا يعرف كثر شيئاً عن سينماه، هو قيرغيزستان (احدى جمهوريات آسيا الوسطى المتفرعة عن الاتحاد السوفياتي)... ومع هذا شكل فوز هذا الفيلم الظريف والعميق (سياسياً) مفاجأة لم تكن متوقعة تماماً، ما دفع البعض الى القول ان لجنة التحكيم – بعد كل شيء – سايرت الجنوب بعض الشيء. على عكس ما اكد رئيسها. ويمكن القول هنا ان هذا الكلام صحيح وغير صحيح في آن واحد: صحيح لأن «ساراتان» من منظور ما، لا يتفوق على افلام مثل «كريزي» الكندي و «باب المقام» السوري و «رجل الصين» الدنماركي... لكنه غير صحيح، من منظور آخر، لأن هذا الفيلم بفضل غرابته و«دقة» معالجته الفنية للمصير الاجتماعي لشعب ودولة، كما بفضل انتمائه الجغرافي، ما كان يمكن الا ان يلفت الانظار ويكرم، ليكرم من خلاله نوع سينمائي يبدو اليوم بعيداً من الانظار ومن الصالات ومن الجمهور العريض. واذا كان محمد ملص قد قال، حين منح من جانب لجنة التحكيم، جائزة النقاد الخاصة – مناصفة مع الرائعة الكندية «كريزي» -، ان جائزته هذه ستساعد فيلمه «باب المقام» كثيراً، فان قوله هذا ينطبق اكثر على «ساراتان» وجائزته. ويمكن لـ «رجل الصين» طبعاً ان يحظى بفرص اكبر، في مهرجانات مقبلة... كما في صالات العرض.

العائلة الفائزة

منذ البداية كان واضحاً ان «باب المقام» – وهو واحد من فيلمين عربيين عرضا في المسابقة الرسمية، والثاني هو «العيّل» للمغربي مؤمن سميحي – سوف لن يخرج من المولد بلا حمص... بل كانت بعض اوساط لجنة التحكيم قد سربت، انه مرشح جدي للجائزة الكبرى. فاذا اضفنا الى هذا التجاوب المدهش للجمهور العادي مع الفيلم حين عرض في صالة «كوليزيه» عرضاً مهرجانياً – جماهيرياً، هو غير عرضه الرسمي في «قصر المؤتمرات»، يمكننا ان ندرك سريعاً، المكانة التي احتلها هذا الفيلم في مهرجان مراكش، بخاصة وان الفيلم، الى ابعاده الفنية التي اتضحت وترسخت تدريجاً منذ ما قبل منتصف الفيلم بعد بداية فيها شيء من التكرار والتلعثم، يحمل موضوعاً هو اليوم في منتهى الراهنية والخطورة في العالمين العربي والاسلامي: مكانة المرأة ومكانة الفن واضطهادهما في مجتمعاتنا. مع هذا، لن يكون من الانصاف في حق سينما محمد ملص «احد كبار سينمائيي التجديد العربي منذ ربع قرن واكثر، ان تقول ان موضوع الفيلم يقف وراء نجاحه... فالفيلم يتميز – في نهاية الأمر – بلغة فنية عالية وبقدرة على متابعة موضوعه من دون مواربة، أو سيطرة على لعبة الممثلين (معظمهم اتى لعبه استثنائياً)...

في هذا الفيلم أوصل محمد ملص، في معظم الأحيان، لغته البصرية الى ذروة تذكر بالتجديد الذي كان هو نفسه قد أدخله على السينما العربية في «أحلام المدينة» فيلمه الدمشقي... علماً أن «باب المقام» حلبي. ونحن نعرف ان ملص استعار حكاية «باب المقام» من حادث حقيقي عن امرأة قتلت على يد أخيها بتأليب من العائلة لأنها تمضي وقتها وهي تستمع الى أغاني أم كلثوم. غير ان محمد ملص، وكسينمائي كبير وراصد يقظ للمجتمع، تمكن بسرعة من تجاوز موضوعه ورسالته السياسية والاجتماعية، ليقدم عملاً سينمائياً يشي لديه بتطور كبير في التعامل، خصوصاً، مع المكان... وهو أمر سنعود اليه لاحقاً بالتأكيد.

«باب المقام» فيلم «عائلي» أي أنه واحد من تلك الأفلام التي تسلك دروباً جديدة في الحكي عن العائلة... وهي دروب كانت واضحة الحضور في معظم أفلام الدورة الأخيرة لمهرجان «مراكش». موضوع العائلة غلب على كل المواضيع الأخرى كماً ونوعاً. غير أنه في «كرايزي» للكندي (كوبيك) جان مارك فالي، كان كلي الحضور. فالفيلم – الذي تقاسم مع «باب المقام» جائزة لجنة التحكيم الخاصة، «ساغا» عائلية حقيقية. ولكنها صورت من خلال ولادة وتحرر واحد من أبناء العائلة هو الرابع من بين خمسة صبيان أنجبهما زوج وزوجته – التي كانت تتمنى أن ترزق فتاة فلم توفق – وكلمة «كريزي» التي أعطت الفيلم عنوانه، تتألف من الأحرف الخمسة الأولى من أسماء الصبيان تباعاً (وتعني في الوقت نفسه: مجنون، في الانكليزية).

والجنون في الحقيقة سمة أساسية في هذا الفيلم الذي يتابع حياة هذه العائلة المتوسطة، على مدى ثلث قرن تقريباً، متوقفاً عند الأعياد الدينية وأعياد الميلاد ومناسبات الخطبة والزواج وما شابه ذلك. ان المرء يحس منذ البداية بتعاطف مع هذه العائلة، متأرجحاً تجاه هذا الفيلم بين دور المتلصص على حياة الآخرين، والشاهد المتورط على مشاكلهم.

ولئن بدا لوهلة ان موضوع الفيلم غير جديد، بما في ذلك تحولات الصبي الرابع «زاك» ورحلة خلاصه – المسيحية جداً – في الديار المقدسة، فإن اللافت في هذا الفيلم انما هو لغته السينمائية المتفجرة والنادرة والتي تستفيد من كل التجديدات التقنية، بما في ذلك فن «الكليب»، في توليف بين الموسيقى والصورة والتمثيل – الرائع لكل ممثلي الفيلم، وخصوصاً لدى الفنانة التي لعبت دور الأم – وضروب الحنين والتمرد ومرور الزمن، والعلاقات المواربة والمباشرة... كل هذا في بوتقة فيلم من المؤكد اننا سنسمع عنه كثيراً خلال المرحلة المقبلة، اذ انه شكل، حقاً، مفاجأة مهرجان «مراكش» الأساسية لهذا العام.

لكنه، طبعاً، لم يكن المفاجأة الوحيدة... هناك أفلام – مفاجآت أخرى، أتت داخل الفوز بالجوائز وخارجه. إذ حتى، لو لم يفز فيلم «غرفة الجليد» (آيسبرغ) البلجيكي بأي جائزة، فإنه بدوره كان فيلماً كبيراً ولافتاً. هو فيلم كوميدي، لكنه انساني في أعماقه، عن سيدة تدير مطعماً للأكل السريع يحدث لها ذات ليلة ان تعلق في غرفة التبريد وتبقى فيها، على شفير الموت حتى الصباح من دون ان يتنبه اليها أحد. ثم حين تُنقذ وتعود الى بيتها صباحاً، تدرك ان زوجها وولديها لم يتنبهوا بدورهم الى غيابها. فتفقد كل مذاق العيش... وتتبع تلقائياً وفي ضياع تام رحلة بيكارية تقودها الى القطب المتجمد الشمالي، باحثة عن دفء انساني تفتقده في بلاد الصقيع.

لحظات موت معلن

هذا الفيلم لم يفز بأي جائزة... وكان يمكن ان تذهب جائزة افضل ممثلة اليه، لكنها ذهبت الى فنانة أخرى، تستحقها بدورها، وربما أكثر. هذه الفنانة هي شيرلي أندرسون، الانكليزية الصغيرة التي حملت وحدها فيلم «متجمد» عن مراهقة تـفـقد اخـتها في ظـروف غـامضة لتبقى عامين وهي تـبحث عنها، غير واثقة من غيابها، غير واثقة من حضورها. هي بالأحرى تبحث عن نفسها في عالم سوداوي كافـكاوي متـخـبـط. وسـلاحها شريط فيديو صور آني – الشقيقة الميتة – في آخر لحظات حياتها، وإذ شاهدته كيث – بـطلة الفيلم – آمنـت بأن اخـتها كانت تـريد ان تتوجه اليها بالحديث في اللحظات الأخيرة.

في طول هذا الفيلم وعرضه، في أزقة المدينة المرفئية الضيقة، عند الميناء، في الشقق المظلمة، قرب أناس غامضين في أماكن غامضة، نحن لا نرى سوى كيث... أو بالأحرى، لا نرى سوى كيث وقد تلبست آني، أو آني وهي تهرب في كل لحظة من مطاردة كيث لها. «متجمد» هو الفيلم الأول للمخرجة جوليت ماكون. ويعد، طبعاً، بمستقبل كبير للمخرجة ولممثلتها التي حين اعتلت الخشبة لتنال جائزتها، بدت مندهشة غير مصدقة ان تمثيلها لفت الأنظار.

وفي تواضع مماثل اعتلى الخشبة نفسها، ولينال الجائزة نفسها، ولكن على التمثيل الرجالي، واحد من أكبر ممثلي السينما في العالم حالياً، وهو الانكليزي – الايرلندي الأصل دانيال داي لويس، الذي نال اعجاباً عاماً في دور بيلي الجزار في تحفة مارتن سكورسيسي «عصابات نيويورك» قبل ثلاث سنوات. دانيال فاز، هذه المرة، عن دوره في فيلمه الجديد «انشودة جاك وروز» من اخراج زوجته المخرجة الأميركية ريبيكا ميلر.

الفيلم في حد ذاته عمل ثالث كبير لمخرجته، لكن الأهم فيه كان تألق داي لويس في دور رجل يقترب من الخمسين من عمره، ومن حافة الموت أيضاً... وها هو يستعيد العلاقة مع ابنته المراهقة، ليعيشا معاً أيامه الاخيرة في بيت منعزل في جزيرة منعزلة. هو ينتظر موته المعلن مناضلاً ضد ملوثي البيئة والبانين عشوائياً، وهي تنتظر برعب موته المحتم... وتقاوم كل من يحاول الدنو منه، بما في ذلك امرأة تعشقه وانتقلت مع ولديها الشابين لتعيش معهم. في النهاية يموت جاك على سريره في عزلة مستعادة مع ابنته. وتتابع هي حياتها بعد ان تحرق البيت والجثة معاً. فيلم غريب وحميم هذا العمل عن علاقة بين ابنة وأبيها... لكنه، بالتأكيد، فيلم صيغ ليدور من حول بطله... وهو امر أدركه دانيال داي لويس، فقدم فيه اداء استثنائياً حميماً وواقعياً، حنوناً وطريفاً، قوياً وهشاً... كما يمكن للفن الحقيقي ان يكون.

والطريف الطريف ان دانيال داي لويس حين نال جائزته من بين يدي الفاتنة مونيكا بيلوتشي في حفلة الاختتام، قال بكل تواضع انه لم يكن يتوقع الفوز، مهدياً الجائزة الى مخرجة هذا العمل «الذي احببته كثيراً. لذلك مثلت فيه وأنا أعلم انه يضيف كثيراً الى رصيدي!».

وبهذا الفوز المستحق وأكثر، اختتم مهرجان مراكش دورته الخامسة وسط تصفيق وحضور سينمائي حقيقي انسيا الضيوف عيوب التنظيم، وأظهرا كم ان فن السينما فن كبير... وفن تسامح ايضاً.

الحياة اللبنانية في

25.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)