كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مصطفى العقاد ..

خدم الإسلام بـ"الرسالة" وعمر المختار" ..

فقتلوه في تفجيرات الأردن باسم الإسلام!

بقلم: محمد الأمير

عن رحيل أمير الأحلام

مصطفى العقاد

   
 
 
 
 

قبل سبعين عاماً تقريبا ، استقبلت أسرة فقيرة في حلب عضواً جديدا ، قبل أن ينخلع قلب من بقي من هذه الأسرة بعد سماعهم بأنباء تفجيرات عمان التي وقعت مساء الأربعاء أثناء زيارة ابنهم - الأمريكي الجنسية السوري الأصل والهوية - مصطفى العقاد للعاصمة الأردنية ، وعلموا من وسائل الإعلام نبأ إصابته في التفجيرات ، ليتابعوا دقات ذلك القلب قبل ان يتوقف عن النبض ، ليرحل العقاد متأثراً بجراحه.

قتل العقاد ضمن سلسلة التفجيرات الانتحارية التي ضربت ثلاثة فنادق في الأردن باسم الدين ، ولم يتذكر أحد من أولئك الذين نفذوا عمليات التفجير أو خططوا لها أنه قد يكون من بين الضحايا مخرج قدم للإسلام والمسلمين ما كان صوته مدوياً ليسمعه العالم كله باحترام فاق دوي انفجاراتهم ، رغم أن أعماله لم تزد عن فيلمين فقط.

فقد لا يتذكر كثيرون صاحب الاسم ، لكن ذكر فيلميه "الرسالة" و"عمر المختار" كفيل بإثارة مزيج من الدهشة والإعجاب والتقدير والتعجب حول من قد يعده كل عربي ومسلم أعظم مخرجي السينما العالمية ، رغم إقلاله الرهيب الذي وصل إلى حد الندرة في تقديم أعماله ، بعد أن كان الإخراج حلمه منذ الصغر.

كان ذلك الطفل الحلبي يعشق الذهاب إلى جاره صاحب دار العرض السينمائي ، ليشاهد الأفلام الجديدة ، ويتعلم منه كيف يقطع المشاهد الممنوعة ، ليقرر فجأة السفر إلى هوليود لدراسة الإخراج ، رافضاً كل عبارات الاستهزاء والتقليل من قدراته مثل "إحلم على قدك" ، أو رجاء والده له "بالتعقل" نظرا لفقر الأسرة ، لكن القدر يشاء أن يُقبل طلب العقاد بالدراسة في كلية UCLA في هوليود ، ليبدأ العمل لمدة سنة كاملة ليوفر نفقات رحلته ، وهناك يقابل تحديا آخر ، باعتباره شابا عربيا يقيم في قلب هوليود في ظل تأزم المسألة الفلسطينية – الإسرائيلية.

يقول العقاد إنه "قابل أمريكا بمركب النقص الموروث لدى كل عربي يبهره ذلك المجتمع فجأة" ، لكن وسيلة العقاد في مواجهة الصدمة كان بالهرب إلى داخله ، وإلى الموروث الثقافي والديني الذي انشأه عليه والده ، الذي كان آخر ما أعطاه إلى ابنه مصحفاً ومائتي دولاراً اقتطعها من دخل البيت ، ثم استمر الهروب إلى الداخل ، ليصل الشاب السوري الذي حصل على الجنسية الأمريكية لاحقاً إلى التحول من إقناع نفسه إلى إقناع من حوله بأن ما قدمه العرب والمسلمين يدعوه للفخر باسمه مصطفى ، ويجعله يرفض تغيير آخرين لأسمائهم ولهجتهم العربية.

أخرج العقاد وأنتج في عام 1976 فيلمه "الرسالة" ، والذي روي فيه قصة مولد رسالة الإسلام ، وكان ذلك في نسختين : عربية وإنجليزية ، مع أسماء لها وزنها على رأسهم أنطوني كوين ، ليعلن أنه اختار السينما وسيلة يسمع بها العالم صوت الإسلام الحقيقي ، ولكن بأعين غربية ، وممثلين وكتاب سيناريو غربيين ، وذلك انطلاقاً من قناعة شخصية بأن "إقناع العقل الغربي لابد أن يتم من خلال ما تعود عليه وبلغته وأدواته".

يعود العقاد في بداية الثمانينيات بفيلمه الشهير أيضا عن أسد الصحراء "عمر المختار" ، والذي حقق نجاحاً كبيراً كنظيره السابق ، وحظى بترحيب البلدان العربية والإسلامية ، كان أوفر حظاً من "الرسالة" الذي منع عرضه في سوريا ومصر ، رغم موافقة الأزهر الشريف على الفيلم ، وقول داعية بحجم الشيخ محمد متولي الشعراوي له : "نريد منك المزيد" ، كما قال العقاد في أحد حواراته.

وبعد "الرسالة" ، حاول العقاد تقديم فيلم عن صلاح الدين الأيوبي" ، لكنه لم يجد له ممولاً حتى قضى نحبه ، خاصة مع ضخامة ميزانيته التي رصد لها العقاد مبلغا أوليا وصل إلى 80 مليون دولار ، ليظل سيناريو كاتبه الأمريكي جون هيل حبيس الانتظار.

رغم أعمال العقاد القليلة إلا أنه حقق النجاح التاريخي مع تحفتيه ، وحقق أيضاً النجاح التجاري مع سلسلة أفلام الرعب والإثارة " Halloween" ، لكن العقل العربي لم يعرفه إلا حينما تكلم العقاد بلسانه ، رغم أنه لا يجد مسانداً له في مشاريع عديدة تدور في رأسه لتقديم الإسلام في صورته الحقيقية ، وتقديم تراث العرب الثقافي مثل مشروعي "صبيحة الأندلسية" ، وفيلم عن ملك إنجلترا جون الثالث الذي راسل خليفة المسلمين في قرطبة لكي يضع إنجلترا تحت الحماية الإسلامية ، وكذلك فيلم عن العالم العربي والإسلامي حالياً باسم "تلج فوق صدور ساخنة" الذي كتبه الدكتور مدكور ثابت ، إلا أنه تراجع عن الأخير بعدما لم يجد من يساعده على سرد الماضي ، فكيف سيكون الحال مع الحاضر الذي يخشاه الكثيرون.

العقاد الذي انتقلت علاقة الجمهور العربي معه من شاشات السينما إلى الندوات الثقافية ، والتجمعات اليسارية الرافضة ، واجه هجوماً من كثيرين منهم بدعوى أنه لا يستثمر عالميته بالشكل الصحيح لخدمة العالم الإسلامي والعربي ، كقول مواطنته السورية الدكتورة وفاء سلطان إنها حينما بحثت عنه "لم أستطع أن أتقفى من آثاره سوى صوراً له تملأ موائد الحفلات المقامة على شرف المسعورين ، غليونه ودخانه يملآن مساحة وجهه".

وكما لم يجد العقاد من ينصفه من أؤلئك الذين صفقوا لأفلامه ومحاولته في تقديم صورتهم ، لم يجد من ينقذه من تفجيرات من ضغطوا على زر التفجير باسم الإسلام.

موقع "في البلد" في

10.11.2005

 
 

العقاد مخرج 'الرسالة'، اهم فيلم عن الاسلام، يقتل على يد متشددين اسلاميين

وفاة المخرج السوري مصطفى العقاد بعد اصابته في تفجيرات عمان

الملك عبدالله يؤكد ان الاردن لا يخاف ولا يقبل الابتزاز، واعتقال مشتبه بهم عرب واردنيين

عمان - توفي المخرج السوري الذي يتمتع بشهرة عالمية مصطفى العقاد (68 عاما) في احد مستشفيات عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات التي استهدفت مساء الاربعاء ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية، حسبما ذكر احد اقربائه.

وجرح المخرج السوري في حين قتلت ابنته ريما في تفجير انتحاري استهدف فندق "غراند حياة" في عمان مساء الاربعاء.

وقد وصل العقاد الى الاردن لحضور حفل زفاف الجمعة المقبل في العقبة كما وصلت ابنته ريما من بيروت.

وكان العقاد في بهو الفندق يستقبل ابنته لحظة وقوع الانفجار ما اسفر عن مقتلها على الفور.

واكدت اقارب له ان العقاد اصيب بجرح كبير في الرقبة وفقد الكثير من دمه.

والعقاد اشهر مخرج عربي حقق شهرة على الساحة العالمية بعمله في هوليود نفسها.

ولد في حلب (شمال سوريا) العام 1934 وانتقل لدراسة السينما العام 1954 في الولايات المتحدة. ودرس الفنون المسرحية في جامعة لوس انجليس في كاليفورنيا وتخرج منها العام 1958.

ومن اشهر افلام العقاد "الرسالة" (1976) الذي يعتبر اهم فيلم عن الاسلام انتج حتى الان وشارك في بطولة نسخته الانجليزية انطوني كوين الذي جسد شخصية حمزة عم الرسول.

كما اخرج العقاد فيلم "عمر المختار اسد الصحراء" (1980) الذي قاد ثورة مسلحة ضد الاستعمار الايطالي في ليبيا واعدم العام 1932 من بطولة الممثل الاميركي انطوني كوين ايضا.

في العام 1978 بدأ انتاج سلسلة افلام الرعب "هالوين" (ثمانية افلام) التي حققت نجاحا كبيرا.

ومنذ سنوات كان العقاد يحضر لاعداد فيلم عن صلاح الدين.

ومن جهة اخرى اوقفت السلطات الاردنية الخميس اعدادا كبيرة من المشتبه فيهم من اردنيين وعرب ضمن اطار التحقيق في الاعتداءات.

وقد استهدفت التفجيرات الانتحارية الاربعاء ثلاثة فنادق يرتادها المغتربون والغربيون المتوجهون الى العراق من الاردن الذي يعتبر من اقوى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

وقد زعزعت التفجيرات الهدوء النسبي لواحدة من اكثر الدول استقرارا في المنطقة والتي كانت تعتبر سابقا المأوى الامن من الاضطرابات في العراق.

واثارت التفجيرات استنكارا دوليا واسعا.

واضاف مصدر امني طلب عدم الكشف عن هويته انه "تم توقيف عدد كبير من الاشخاص بغرض التحقيقات وهم اردنيون وعرب بينهم عراقيون".

وكان بين قتلى التفجيرات 12 شخصا من بينهم مواطن اميركي، وخمسة عراقيين وثلاثة صينيين وسعودي وفلسطيني واندونيسي. فيما ذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان رجل اعمال اسرائيليا كان بين القتلى. وجرح في التفجيرات 102 شخصا.

وقد اعلن تنظيم القاعدة بزعامة المتشدد الاردني ابو مصعب الزرقاوي مسؤوليته عن الهجمات المتتالية وذلك في بيان له على الانترنت، محذرا من مزيد من الهجمات.

وقال التنظيم انه استهدف الفنادق الثلاثة لانها "مراكز للحرب على الاسلام"، مضيفا انها "اصبحت المكان المفضل لعمل اجهزة المخابرات وخاصة الاميركية والاسرائيلية وبعض دول اوروبا الغربية".

الا ان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني قال في كلمة الى الشعب الاردني ان "الاردن لا يخاف ولا يقبل الابتزاز" لتغيير مواقفه.

وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي ان "الاردن لا يخاف ولا يقبل الابتزاز ولا يمكن لهذه الاعمال ان تدفعنا الى تغيير مواقفنا او قناعاتنا او التراجع عن دورنا بمحاربة الارهاب بكل اشكاله".

ودان مجلس الامن الدولي التفجيرات "باقسى العبارات" وذلك في بيان صدر قبيل زيارة الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الى الاردن الجمعة في اطار جولة يقوم بها في المنطقة.

واعرب الرئيس الاميركي جورج بوش عن "فظاعة" التفجيرات الدموية، وقال انه اجرى مكالمة هاتفية مع العاهل الاردني.

وقال "علينا التزام وواجب بان نظل اقوياء وحازمين وان نقدم هؤلاء الاشخاص للعدالة".

وصرح المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان انه لم يتضح بعد من هم المسؤولون عن الهجمات الانتحارية الا انه قال انها "تحمل بصمات القاعدة".

وكان الاردن قد اعاد فتح حدوده بعد اغلاقها عقب الهجمات، فيما عززت الاجراءات الامنية في المطارات وانتشرت قوات اضافية من الشرطة امام فنادق عمان.

وخرج الاف الاردنيين حاملين الاعلام الى شوارع العاصمة وغيرها من مناطق المملكة للتعبير عن غضبهم لاعمال العنف وهاجموا الزرقاوي.

وقال الطالب حسام (15 عاما) "هذه اعمال شريرة قام بها جبناء".

وفي اكثر التفجيرات دموية فجر انتحاري نفسه عند مدخل صالة افراح في فندق راديسون ساس حيث كان يقام حفل زفاف. وتوفي في الحفل والدا العروسين. واصيب العروسان بجروح.

وفجر انتحاري اخر نفسه عند مدخل فندق غراند حياة كما فجر اخر نفسه في فندق "ديز ان" في ضاحية الرابية.

والغى الملك عبد الله الثاني زيارة كان من المقرر ان يقوم بها الى اسرائيل يوم الاثنين لاجراء محادثات حول عملية السلام.

يشار الى ان الاردن هو واحد من ثلاث دول عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل وتمكن في السابق من تفكيك عدد من الشبكات المرتبطة بالقاعدة التي اشتبه بتخطيطها لشن هجمات ضد اهداف اميركية وغربية في الاردن.

وقد تعرض ميناء العقبة الى هجوم صاروخي في اب/اغسطس الماضي القيت مسؤوليته على جماعة الزرقاوي.

موقع "ميدل إيست أنلاين" في

11.11.2005

 
 

مصطفى العقاد... يعود في كفن

مضى في غربة طويلة... وحلم على قده وطاله الإرهاب

نصر المجالي من لندن

صعقت اليوم ساحات إعلامية وسياسية وفنية كبيرة على امتداد العالم بإعلان وفاة المخرج العالمي السوري مصطفى العقاد (68 عاما) في احد مستشفيات عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات التي استهدفت مساء الاربعاء ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية. وعلمت "إيلاف" من مصادر طبية أردنية في المركز العربي لجراحة القلب غرب العاصمة الأردنية عمان ان المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد توفي متأثرا بجراحه. كان المخرج العقاد قد حضر للاردن قبل يومين من وقوع الانفجارات قادما من الولايات المتحدة الاميركية لحضور مناسبة اجتماعية كان من المقرر ان تصادف اليوم الجمعة وقبل حوالي ساعة من وقوع الانفجار في الفندق. وصلت ابنته ريما من بيروت وعندما كان والدها في استقبالها وقع الانفجار وراحت ضحية، فيما أصيب والدها بشظايا الانفجار في وكسور في الصدر والرقبة.

مضى العقاد الراحل، حيث لم يكن يدري أن منيته ستكون بشظايا إرهاب طائش طالما تحداه في أعمال مرموقة لها ابعاها سينمائيا وسياسيا وإعلاميا عبر العالم ولعل أهم مثلين هما: فيلمي الرسالة وعمر المختار، وهو كان يتجهز فخراج فيلم صلاح الدين الإيوبي ال>ي كان محتمل أن يثير جدالا كبيرا على ساحات عربية ودولية، في ظل ما يدور الكلام عنه من صراع بين الحضارات.

يشار إلى أن المخرج الراحل كان ييعتزم تقديم فيلم سينمائي يتناول من خلاله حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لكنه كان تحدث في الكويت التي زارها في الأوان الأخير نوه إلى أن هناك اختلافاً في تعريف من يكون بن لادن . يذكر أن المخرج العالمي العقاد ضيف الكويت للمشاركة في أحد البرامج الرمضانية التي تعرض على القناة الأولى بتلفزيون الكويت.

وتوفي المخرج السوري مصطفى العقاد في احد مستشفيات عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات التي استهدفت مساء الاربعاء ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية.

وكان المخرج العقاد قد حضر للاردن قبل يومين من وقوع الانفجارات قادما من الولايات المتحدة الاميركية لحضور مناسبة اجتماعية كان من المقرر ان تصادف اليوم الجمعة وقبل حوالي ساعة من وقوع الانفجار في الفندق وصلت ابنته ريما من بيروت وعندما كان والدها في استقبالها وقع الانفجار وراحت ضحية, فيما لا يزال والدها العقاد في حالة (حرجة جدا) في المستشفى جراء اصابته بشظايا الانفجار.

وهو كان أول مخرج قدم سبقا إعلاميا حيث أخرج في بث تلفزيزوني مباشر العام 1981 قمة الطائف التي كانت استضافتها المملكة العربية السعودية، حيث لم تكن خدمات الأقمار الاصطناعية عبر قنوات فضائية متوفرة في كم هائل كما الان، واستطاع العقاد وقتها توفير خدمة بث مباشر من قاعات القمة الإسلامية عبر المحطات الأرضية.

ويقضي مصطفى العقاد بتفجير إرهابي، كان ظل على الدوام من المناهضين له، ولم يكن يدور في خلده أن يرى كريمته التي قضت بين يديه في تفجير فنادق عمان الإرهابي للمرة الخيرة من بعد طول غياب،

هكذا كان قال مصطفى العقاد ويضيف "كان لدينا جار يعرض الأفلام السينمائية و كان يأخذني في الصغر لأتابع كيفية عرض الأفلام و كيفية قص المشاهد الممنوعة ومع مرور الوقت أصبحت مولعاَ بالسينما، و عندما بلغت الثامنة عشرة من عمري قررت أن أصبح مخرجاَ سينمائياَ و في هوليوود تحديداَ ويا لها من ردة فعل كانت لأهالي حلب بعد أن بحت لهم بأحلامي فقد أضحيت أضحوكتهم ...

قالوا : " احلم على قدك، اذهب الى الشام أو مصر لتدرس الإخراج هناك " ... لكني كنت مصمماَ على هوليوود !!

في آخر مقابلة صحافية للمخرج الكبير الراحل العقاد مع مجلة (عربيات) قال الآتي "عندما أعود الى الوراء أجد أن ما كنت أفكر فيه آنذاك كان ضرباً من الجنون.

فأولاً.. أبي رجل فقير "على قد حاله" .. نعم اياها فلا اعرف اصل للحرف ايه.

ثانياَ.. الفكرة كانت مرفوضة اجتماعياَ ..

لكنني قررت و عقدت العزم ... كنت حينها طالباَ في احدى المدارس الأمريكية عندما قدمت طلباَ لجامعة " يو سي ال آي " شاء الحظ أن أحظى بالقبول ... عندها قال لي والدي " افعل ما تشاء لكنني غير قادر على اعانتك مادياَ " و مكثت عاماَ كاملاَ أعمل لكي أوفر ثمن بطاقة الطائرة، و قبل رحيلي أعطاني والدي مصحفاَ و 200 دولار فهذه كانت أقصى قدراته"

وعن رحلته قال: "الرحلة كانت شاقة، فلقد ذهبت فقير مادياَ لكنني غني دينياَ وتربوياَ وقومياَ وهذا كان رأسمالي ... وعندما وصلت إلى أمريكا وعرفت المجتمع هناك قدّرت قيمة الأخلاقيات التي ربّاني عليها والدي، لكنني لا أنكر أني حملت معي بعض مركبات النقص وعلى مقاعد الدراسة ومع الاختلاط بعدة جنسيات اكتشفت أنه لا ينقصني شئ كوني مسلم وعربي ... وبعد هذا الاكتشاف حدث انقلاب في تفكيري ومركب النقص تحول الى ثقة، ومن هذه النقطة بدأت أنقل الخبرة إلى وطني وصممت أن أقدم لأمتي خلاصة تعبي وتصميمي وذلك عن طريق الأفلام السينمائية، وتوجهت الى التاريخ ففي يوم من الأيام حكمنا الأندلس وعلمنا " الهمج " الأروبيوون ! نحن من علّم الفلك والطب واكتشف الأبجدية".

وتابع: "كان طريقي شاقاَ بمعنى الكلمة فلولم أكن عربياَ لكان الأمر أسهل بكثير فكون اسمي "مصطفى" هذا وحده يشكل صعوبة كبيرة كان بامكاني أن أغيره لأمارس عملي بسهوله لكن كيف أغير اسمي الذي أورثني اياه أبي ؟!، فلقد كنت ولا أزال متشبثاَ به ... وتابعت عملي باصرار وفرضت على الجميع في هوليوود وخارجها احترام اسمي فلقد كنت أحترم نفسي لذلك فرضت على الآخرين احترامي .... انني أشمئز من بعض العرب الذين يأتون الى أمريكا ويغيرون أسمائهم العربية ويتنكرون للغتهم العربية فقد لتسهيل أعمالهم".

وحين سئل عن اليهود ماسكي زمام الأمور في هوليوود، أجاب: "اليهود هم المتحكمون لأنهم يمسكون هوليوود من عصبها وهو "المال"، ويجيدون السيطرة عليها مالياَ لكن ابداعياَ لا! ... فسيطرتهم مالية لا ابداعية ... واليهودي في النهاية يهمه فقط كسب المال بغض النظر عن الوسيلة، لكن لديه خطوطه الحمراء والويل لمن يتخطاها وهي معروفة .. منها عدم التطرق بأي شكل كان لقضية فلسطين واسرائيل" ...

أضاف: "مشكلتنا دائماَ هي عدم اعترافنا بأخطائنا ودائماَ لدينا " الشمَاعة " التي نعلق علينا أخطائنا ... نحن شعوب عانت من الاستعمار ولا نزال نعاني منه، فنحن مستعمرون من الداخل لأننا ببساطة لسنا من صناع القرار في أوطاننا ... نحن لا نتعب في أي نوع من أنواع التصويت فالقرار مأخوذ عوضاَ عنا ... هذا يعني أننا نخضع لعملية " تقليص " لعقولنا ... وازاحة عملية التفكير عنها! .... انظري الى الكثافة السكانية في بلادنا العربية ولا نزال لا نقوى على ردع إسرائيل الضئيلة من ممارسة طغيانها ... فقط الآن بدأت عملية البحث عن سبب لهذا التخاذل بعد ما جرى مؤخرأ ... ربما يحصل تغيير الأن أولاحقاَ، فللحضارة دورات وربما تعود الكرة الى ملعبنا من يدري".

ولدى سؤاله عن رأيه بالرئيس العراقي المخلوع صدام حسين والأزمة التي يعاني منها العراق، وفيما اذا كانت تربطه علاقه بالقيادات العربية في مجال عمله، قال العقاد "ربما تصدمين لوقلت لك أن ثمة علاقة شخصية كانت تربطني بـ " صدام حسين " ولقد رأيت منه خيراَ، ففي يوم من الأيام أراد أن يتولى تمويل فيلم " صلاح الدين " لكن ظروف حرب الخليج آلت دون تحقيق هذا المشروع ... وأيضاَ تربطني علاقة شخصية بالرئيس الليبي معمّر القذافي، فالقذافي عرف حاجة الإعلام وقال لي :" السينما سلاح أقوى من الدبابات" ... وهومن قام بتمويل فيلمي " الرسالة " و "عمر المختار".

أكمل حديثه: "الشعب العراقي مثقف وعظيم لكنه " تعتّر " أي أُضعف ... ومن من شعوبنا لم يتعتّر ؟!". ثم صمت قليلاَ ... وأعاد اشعال غليونه واستطرد حديثه بلهجة مصحوبة بنبرات الأسف: "اليوم توجد موجة تطرف خطيرة وبدأت تظهر في العراق بشكل فجائي، فالتطرف هوعين الجهل ولا أقصد التطرف الديني فقط فالتطرف في مفهومه العام هوعامل إضعاف للكائن البشري ... سأروي لك قصة لأصور لكِ جهل الإنسان المتطرف، شائت الظروف أن أتحدث مع أحد الأشخاص المتطرفين بشأن سيناريويتعلق بأحد أفلامي وبينما كنا نتحدث..

وقال: "ان ما تفعله حرام في حرام وسيجازيك الله على أفعالك المشينة، كيف تقدر أن تخلق في الصور روحاً لتحركها؟!"

موقع "إيلاف" في

11.11.2005

 
 

لتحيا السينما

مصطفى العقاد وداعا

بقلم نجيب نصير  

لسنا في وارد الموقف الإيديولوجي المعلن للمخرج السوري / الأمريكي مصطفى العقاد، فالموقف يستحق التعزية من القلب للذين أحبوه عن قرب أو بعد، رجل أحب السينما وبلاده..           

لسنا في وارد الموقف الإيديولوجي المعلن للمخرج السوري / الأمريكي مصطفى العقاد، فالموقف يستحق التعزية من القلب للذين أحبوه عن قرب أو بعد، رجل أحب السينما وبلاده، وحوى بين طيات نفسه غاية من أصعب الغايات تحقيقا: هي تغيير الصورة المرسومة ظلما عن شعبه وبلاده، فقتله بعض من هذا الشعب وبعض من هذي البلاد.

هل هو التراث الذي بدأ بنبشه باحثا عن صحوة ما قتله من حيث لا يدري ؟ أم هي غلواء التعصب التي تجتاح كل من في طريقها بغض النظر عن موقفه، أم ان حسابه عند رب العالمين فان كان مظلوما أو ظالم له حسابه العادل.

خسرنا مصطفى العقاد وهو في الحساب الأخير بشر يساوي أي بني آدم تقتله آلة الدمار الفكرية هذه، إي أننا مسؤولون كلنا بقضنا وقضيضنا عن دمائه لأنها سالت برصاص الفكر الذي من غير المهم ان كان منحرفا أو سديدا، متطرفا أو معتدلا، رشيدا أم فاجرا، انه عملية تراتبية تراكمية، يبدأ بمقدمات بسيطة وينتهي إلى نتائج مهولة يحرسها الخوف المضخم في لحظة الاختيار الافتراقية بين الأرض والسماء، بين الحاضر والماضي.

مصطفى العقاد وداعا كمبدع وسينمائي ( السينما والسينمائيون آثمون حسب قاموس القتلة ) كم كنا سنكون سعداء لو تابعت رحلتك إلى مهرجان دمشق السينمائي الذي سينطلق في العشرين من هذا الشهر.... ولكن لتحيا السينما في وجه كل ظلام العالم. مصطفى العقاد وداعا...فالسينما أهم بكثير من كل قنابل العالم، وأبقى بكثير من كل سياسة.

فولتير نت في

12.11.2005

 
 

الشهيد مصطفى العقاد .. خاطب العالم بنفس منهجه وتفكيره ومنطقه

بقلم حمد الحجايا , محمد ابو علبة 

لم تكن عمان السلام .. عاصمة الوفاق والاتفاق .. حاضنة العرب ترغب ان تنال يد الغدر المخرج العملاق للروائع الاسلامية مصطفى العقاد وابنته ريما . ريما القادمة اللحظة من لبنان كان الشوق يقودها إلى أبيها الحاني بخطى سريعة لتعانق في قاعة فندق جراند حياة ذلك الفنان السبعيني العريق، لكن اليد الآثمة صادرت مشهد اللقاء الحميمي بكل جبن وقسوة وألم. وكان الشهيد العقاد قد اعلن في مؤتمر صحفي في الكويت وخلال مشاركته في أحد البرامج الرمضانية بانه يرغب في صناعة وتقديم فيلم سينمائي يتناول من خلاله حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لكنه نوه إلى أن هناك اختلافاً في تعريف من يكون بن لادن، كما كان يحضّر لإخراج فيلم "فارس الاندلس". الفنان الشهيد انطلق من مدينة حلب الشهباء مغامرا يرتاد البر والبحر ويخترق الأجواء ليصنع لنفسه اسماً عاليا في عاصمة السينما العالمية هوليوود.. متكئا على مقومات شخصيته العربية والإسلامية التي منحته القدرة الإبداعية في الفن السابع مؤكدا حضوره الفني على المستوى العالمي ليتمكن فيما بعد من أدواته التقنية العالية ولغته السينمائية المبدعة أن يستحضر ويستنطق بيت التاريخ وذاكرته الحية في فيلميه .. الرسالة و عمر المختار. وتفوق مصطفى العقاد في التعامل بذكاء ايديولوجي واع مع تقنياته لخدمة قضاياه وقيمه وأفكاره العربية والاسلامية منطلقا من مفهومه بأن السينمائيين الذين هم همزة الوصل بين الفكرة والفن وبين الجمهور عليهم ان يحوّلوا الجمهور من مجرد مشاهد إلى متفاعل. ويشعر وهو يعمل بحرية انه يخدم في أعماله الأمة العربية وتراثها لذلك طالما انطلق للعالمية وليس العليائية وهو يتخصص كمخرج عربي مخاطبة العالم بنفس منهجهم وتفكيرهم ومنطقهم. وقال في تصريحات صحفية سابقة انه "نتيجة أحداث سبتمبر أصبح هناك ربط بين الاسلام والارهاب، ونجح الاعلام الصهيوني في وضع اليهودية والمسيحية في كفة واحدة ضد الاسلام". وأوضح ..انه "اذا كان هناك أي إرهاب باسم الدين فهي الحروب الصليبية ولكن لا نتهم المسيحية كما يفعلون بالإرهاب ..ولكن أشخاصا معينين منهم فقط، وبهذه المقارنة نستطيع ان نخاطب العالم لأنهم ومن مصادرهم جاء قادتهم وذبحوا الرهبان وأشعلوا الكنائس". ويرى ان الجنسية الأمريكية التي يحملها مجرد وثيقة فقط تعني تجمع شعوب العالم كشركة مساهمة والمجتهد يدخل للمشاركة حسب نص الدستور وليس حكم الأغلبية. وكان العقاد يمارس طقوسه الدينية بكل حرية في أمريكا، فوالده كان قاسياً جداً في تربيته الأخلاقية والدينية والبيئية ولكنه يشكر الله على هذا الأب الذي جعله يذهب لأمريكا فقيراً معدماً مالياً لكنه غني دينياً وأخلاقياً وتراثيا وهذا ما جعله يحافظ على شخصيته بسبب هذه التربية الجادة. ويقول عن بيته في ولاية لوس انجلوس ان الداخل اليه يشعر انه يعيش في حلب من حيث اللغة، الدين، المأكولات، الموسيقى، وعندما يخرج من البيت ويغلق الباب يصبح أمريكياً في التفكير والطريقة العملية والمنطقية ونظام العمل وكل شيء ورفض تغيير اسمه كما طلبوا منه مراراً في هوليوود. أما فيلم الرسالة الذي أنتجه وأخرجه العقاد يعد من أفضل الأفلام الدينية العربية التي أنتجت في تاريخ السينما، ولذلك للاستعدادات الكبيرة التي قام بها المخرج وانتقائه أفضل الكفاءات الفنية من ممثلين ومصورين وديكورات وأزياء ومواقع تصوير، وقد حرص على الحصول على موافقة الأزهر على سيناريو الفيلم الذي اشترك في كتابة السيناريو والحوار له أدباء مصر الكبار مثل توفيق الحكيم ويوسف إدريس بالإضافة إليه. ومنذ البداية عمل العقاد على تجاوز المشكلة الكبيرة التي واجهت معظم منتجي الأفلام الدينية السابقة وهي تقديم الفيلم باللغة الأجنبية، ولكن هذه المرة ليس بطريقة الدبلجة وإنما بطريقة إنتاج الفيلم مرة ثانية بممثلين أجانب، مستثمرا جميع مواقع التصوير السابقة والديكورات وغير ذلك. وقد أظهرت طريقته قدرة الممثل العربي على القيام بدوره على أفضل وجه وبما لا يقل كفاءة عن زميله العالمي، بل أن الكثير من النقاد العرب والأجانب أشاروا إلى هذا الموضوع فضلا عن تصريحات الممثلين الأجانب أنفسهم. ولعل مرد ذلك كله إلى الإحساس العميق الذي شعر به الممثل العربي في تقديمه لموضوع الفيلم ومسؤوليته كمسلم وعربي إزاء هذا الموضوع، وهو ما صرح به أغلب المشاركين في الفيلم. كما كشف العقاد من خلال موضوع الفيلم المحبك عظمة الدين الإسلامي وقدرته في البقاء والانتشار ورفضه كل أشكال العنف ودعوته للتسامح. ويقول العقاد "أنا مسلم، عربي لا أستطيع الإساءة للإسلام، ولهذا حرصت أن يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة سواء من ناحية القصة والسيناريو أو ناحية التصوير وفريق الممثلين والإخراج". وبعد أحداث 11 سبتمبر تم بيع 100 ألف نسخة من فيلم الرسالة للقوات الأمريكية وأجرت معهم إحدى المجلات حوارا لمعرفة سبب ذلك فقالوا إنهم أرادوا معرفة الإسلام. 

بترا (الاردن)

فولتير نت في

12.11.2005

 
 

زفاف الموت..الفيلم الأخير لمصطفي العقاد في الأردن

قصة مخرج الرسالة وعمر المختار الذي حارب الإرهاب وراح ضحيته

من يحقق حلمه بظهور فيلم "صلاح الدين الأيوبي"؟!

أسدلت التفجيرات الاخيرة التي وقعت في الاردن الستار علي حياة المخرج العربي العالمي مصطفي العقاد الذي عاش مسيرته الفنية فخورا بجذوره الإسلامية والعربية رغم أنه يحمل الجنسية الامريكية ويعيش هناك بشكل دائم حتي انه رفض ان يحقق حلمه الاكبر بتقديم فيلم عن صلاح الدين الايوبي بتمويل أجنبي وكانت وجهة نظره التي أعلنها عدة مرات أن التمويل الاجنبي شبهة لا يجب السقوط فيها.

من مفارقات القدر أن العقاد الذي حضر الي الاردن خصيصا لحضور حفل زفاف في مدينة العقبة مات أو لفظ أنفاسه الاخيرة متأثراً بجراحه بعد التفجيرات التي أودت بحياة ابنته ريما ولحق بها بعد 24 ساعة فقط في اليوم المحدد للزفاف.

ومن مفارقات القدر ايضا أنه اعلن في نفس المكان الذي مات فيه أنه اختار الاردن لتصوير فيلم صلاح الدين الايوبي بعد ست سنوات من البحث عن التمويل العربي الخالص.. وكانت له مقولة يرددها دائما وقد سمعتها بنفسي منه خلال لقاء جمعني به في دمشق منذ سنوات حيث قال "لم يعد العالم العربي يملك الان في لوحة الشرف سوي التاريخ".

أسد الصحراء

في عام 1976 قدم مصطفي العقاد فيلم الرسالة وكان التحدي الاعظم في هذا الفيلم أنه قدم دعوة النبي محمد عليه الصلاة والسلام دون أن يظهر صورته أو صوته ولم يكن هذا غريبا علي العقاد الذي سافر الي أمريكا ليدرس هناك منذ 50 عاما تقريبا وهو لا يحمل معه سوي المصحف الشريف ومائتي دولار هي كل ما جمعه والده الفقير في حلب وقد أوصاه ايضا وهو يودعه بألا ينسي ان اسمه مصطفي وقد عرضت عليه المؤسسات الامريكية ان يغير اسمه ولكنه رفض باعتزاز بالغ ومن أجل ان يعيش انتج سلسلة من افلام الرعب حققت له نجاحا ماديا هائلا بعنوان " هالوين" في عدة اجزاء وهي تتناول حياة قديس أمريكي يحيط به الغموض والرعب ويحتفلون به سنويا.

حوار مع متطرف

والرجل الذي قدم عمر المختار 1981 بعنوان أسد الصحراء ولعب بطولته أنطوني كوين كان يفخر دائما بالمشهد الاخير الذي يتم فيه اعدام المختار وسط زغاريد النساء لهذا البطل وهو المشهد القريب جداً من مشهد الختام في حياة العقاد نفسه حيث ذهب الي الاردن بقلب متفائل ليشارك في الفرح الذي لم يلحق به ويكاد يلمس حلم صلاح الدين بيديه وكان يحكي دائما عن حوار مباشر جري بينه وبين متطرف اتهمه فيه بأنه يخلق الصور المتحركة ويبث فيها الروح ولكن العقاد أقنعه بأن هذه مجرد خيالات الهدف منها تقديم العبرة ولقنه درسا عندما كشف له أن مخترع نظرية التصوير هو العالم المسلم الحسن بن الهيثم.

دعوة الي القاهرة

وكان من المقرر ايضا أن يحضر مصطفي العقاد بعد أيام الي القاهرة للمشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي وقبلها يشارك في مهرجان دمشق ومراكش وكان قد اعلن خلال زيارة أخيرة لعدة عواصم عربية أنه يعد ايضا لفيلم عن فترة ازدهار الاندلس وكيف طلب الحاكم الانجليزي سنة 1213 ان تكون انجلترا تحت الحماية الاسلامية وان تكون دولة مسلمة ولكن حاكم الاندلس رفض هذا العرض وقد تردد العقاد علي عدة عواصم عربية طلبا للتمويل لاخراج هذه الافلام للنور وكان يري أن الفن بصفة عامة والسينما بصفة خاصة ينبغي أن تقدم للعالم صورة متحضرة وراقية عن الاسلام وقال معلقا علي عمليات إرهابية أخيرة جرت هنا وهناك أن محاربة الارهاب بالفن هدف قومي لكل فنان يعتز بقوميته وعروبته وقال للأسف نحن قوم نائمون ولا نتحرك دائما إلا بعد فوات الاوان.

هذا الشبل

من الغرائب ايضا في حياة مصطفي العقاد ان له ابنا يدرس السينما ويمارس العمل بها ويرفض تماما الاعتماد علي اسم والده ودعمه مفضلا ان يشق طريقه بنفسه كما فعل الاب الذي كان يصرخ دائما وابدا أنا أشمئز من الذين يتنكرون لهويتهم العربية مقابل حفنة دولارات وتكريمات فارغة تدير الرءوس في مهرجانات متواضعة.

كان للعقاد اشتباكات شبه دائمة مع المخرج يوسف شاهين بصفة خاصة وكان يؤكد دائما وابدا أن المؤسسات الصهيونية تتحكم في صناعة الفن داخل امريكا والويل لمن يتحدث عن فلسطين والمسلمين ومع ذلك أصر العقاد أن يكون صلاح الدين صرخته الاخيرة وأن يموت بيد الارهاب الذي حاربه حتي النفس الاخير.

الجمهورية المصرية في

12.11.2005

 
 

أما بعد

العقاد أم الزرقاوي؟

بقلم :حسين درويش

غادر مصطفى العقاد حلب وفي جيبه مصحف كريم ومبلغ مئتي دولار، هي كل ما استطاع أن يوفره الأب البسيط لابنه الطموح.

ذات يوم منتصف الخمسينات حين قرر مصطفى أن يذهب إلى هوليوود ليصبح مخرجاً كان يسمع عبارات التهكم من حوله تقول له »احلم على قدك« ولكن أمام الإصرار للشاب العشريني المتحمس للسينما، والذي أنهى للتو دراسته الثانوية لم يجد والده سبيلاً إلى ردع ابنه عن فكرة السينما سوى بتوفير المئتي دولار ليغامر بعدها الشاب صوب المجهول مخترقاً عالماً صعباً في مدينة الأضواء حيث ينتشر اللوبي اليهودي انتشاراً قوياً داعماً السينما الموجهة لخدمة قضايا الصهيونية.

كان رد العقاد على ذلك بفيلمين دخل من خلالهما بوابة الأسطورة والحلم ففي عام 1976 قدم فيلم »الرسالة« وفي عام 1981 قدم فيلم »أسد الصحراء«، وقد تحول الفيلمان إلى قمتين من قمم السينما العالمية الجادة التي ترسخ في ضمير وذاكرة الأجيال.

حلم العقاد بفيلم ثالث عن صلاح الدين تبدد مرة لعدم توفر التمويل وأخرى لتشرذم الأمة وثالثة لأسباب محبطة وما أكثرها.

لقد رحل مصطفى العقاد (68) بطريقة تراجيدية صدمت مخيلة العالم فهو لم يكن شخصاً عادياً وكان له الكثير من الرصيد الإيجابي في قلوب الناس، ولم يخطر ببال أحد أنه سيكون هدفاً لأحد ما أو في مكان ما، لكن الإرهاب الذي يلاحق الأبرياء في كل مكان وجد في العقاد صيداً سهلاً، لكي يحصده مع العشرات في تفجير فندق »الحياة« مع ابنته.

ترى هل أدرك الانتحاري الذي فجر نفسه بالعشرات أية خدمة يقدمها لأعداء أمته ودينه، وهل أدرك أن هؤلاء الذين أقدم على قتلهم هم أبناء أوفياء لأوطانهم، وإنه لم يكن يعرف أحداً منهم، ولكنه يعرف طريقاً واحداً للموت، فقد أعماه البغض والحقد عن جميع الطرق الأخرى.

لقد قدم العقاد خدمات جليلة للعرب والمسلمين، فهو عبر فيلم الرسالة حول الشريط السينمائي إلى قصة روحية يتأثر بها كل من يشاهدها، وأسهم عبر ذلك الفيلم بتعريف الغرب بالإسلام ونقل إليهم روحانيات عالية وأخلاقاً كريمة تنهي حتى عن قطع شجرة، فما بال الإرهابي يقتل العشرات دون ذنب.

كما ساهم العقاد في تحويل قصة عمر المختار الشخصية المشهورة في التاريخ العربي من مجرد بطل في الصحراء الليبية إلى بطل في الحياة، منه تستلهم الأجيال عبراً وحكماً وأخلاقاً، وعلى خطاه سارت الملايين.

أي عمل جبان هو الذي يزهق أرواح الناس دون حق، وأي خدمة لقضية عادلة لا تقوم إلا بقتل الأبرياء ومن يقبل بعمل كهذا في أي دين أو عرف.

لا أحد في ظني يفعل ذلك سوى الذين يخدمون مصالح أعداء وطنهم ويقدمون لهم الخدمات المجانية على أطباق ذهبية. وبخسارة العقاد خسر العرب والمسلمون الكثير وخسرت قضاياهم أكثر، فقد كان الرجل صاحب رؤية عميقة لنقل حضارة وتاريخ أمته إلى العالم ولكنهم لم يروا من ذلك شيئاً سوى السواد الذي ملأ أعينهم فحجب عنهم ضوء الشمس.. أيهما خدم الإسلام؟

مصطفى العقاد، أم أبو مصعب الزرقاوي

البيان الإماراتية في

12.11.2005

 
 

العقاد.. وداعـا

عمان- ناجح حسن 

ان يقع رجل مبدع مثل المخرج السينمائي العالمي مصطفى العقاد ضحية بسبب الانفجار الغادر وان تسقط ابنته الشابة ريما ضحية ايضا من بين ضحايا الاعتداء الآثم امر له اكثر من اشارة ومعنى، فلو عرف هؤلاء الغادرون ذلك الدور الكبير الذي قدمه العقاد طيلة سنواته الطويلة في المهجر وهو يعمل على تحسين صورة امته العربية والاسلامية ويعبر عنها بكاميرته السينمائية المحترفة عن ذلك الجانب الحضاري لتاريخ الامة، ويجهد بكل ما اوتي من علم ومال جيبه الخاص في الارتقاء بها الى آفاق رحبة من التسامح والرفعة والنهوض من براثن التخلف والتطرف والتهور الاعمى.

ان مصطفى العقاد الذي كان قادما الى الاردن لزيارة البتراء مع ابنته ريما لم يكن يعرف عن نفسه في كل محطة ومناسبة الا كونه عربيا على مدى الخريطة وجند نفسه ناطقا ومعبرا عن آمال أمته وحضارته الممتدة في التاريخ، وكان لنتاجه السينمائي الملحمي الذي ارخ لفترات مضيئة من حياة امته بدءا من «الرسالة» التي حملها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وطاف فيها ارجاء المعمورة موضحا ومصححا صورة الاسلام السمحة التي طالما شوهتها سلوكيات فظة من فئة قليلة من المنتسبين اليها وانطلق بعمله «الرسالة» الذي اضطلع بادواره نجوم من بلدان العرب قاطبة، واضعا اياهم على قدم المساواة مع اولئك النجوم العالميين المكرسين ولم يكتف بذلك بل حمل سائر اعماله اكثر من رسالة ومعنى عن حب الناس والاندماج في واقعهم البسيط والانغماس في همومهم وتطلعاتهم بالتحرر والاستقلال من نير الاستعمار كما كان بتحفته الخالدة ايضا «عمر المختار» الذي عبر من خلاله عن دروس في الوطنية، وفداء الوطن ووصل بعمله هذا الى كل اسرة حتى صارت اعمال العقاد جزاء من ضروريات البيت العربي ومقتنياته ودأبت المحطات التلفزيونية العربية على اعادة عروض تحفتيه «الرسالة» و«عمر المختار- اسد الصحراء» في كل مناسبة دينية او وطنية.

لقد احب العقاد شعب الاردن وفي اكثر من مناسبة وجدته فيها سواء بالمهرجانات العربية والدولية او هنا بعمان التي طالما عشقها واحب انسانها الطيب وتحدث لي عن علاقاته الوطيدة مع الكثير من الاسر الكريمة في الاردن، وفوق هذا كله تلك التسهيلات والدعم والمساندة التي وجدها من قيادة البلد الحكيمة عندما شجعته على توزيع فيلم «الرسالة» الذي وقفت ضده بعض قوى التطرف والتخلف وسمحت بعرض نسختيه بعمان ومن ثم انطلقت عروضهما في كل اصقاع الامة.

بشغف وحب نادرين كان مصطفى العقاد الذي وجدته ذات يوم على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورتيه الاخيرتين مهموما بالتحضير عن عمل ملحمي ضخم يتناول سيرة القائد صلاح الدين، وتقف صعوبات مالية تعيق من دوران كاميرته لتسجيل حياة هذا القائد في محاكاة لاعمال عالمية تناولت هذه الشخصية في نتاج هوليوودي.

المخرج العالمي مصطفى العقاد الذي سقط شهيدا امس في احد مستشفيات عمان، نأمل من الله العلي القدير ان يتغمد روحه وروح ابنته الشهيدة ريما والهم اسرته الصغيرة وعائلته الكبيرة في ارجاء الوطن الكبير الصبر والسلوان.

الرأي الأردنية في

12.11.2005

 
 

العقاد يودع الحياة بكبرياء الفرسان

عمان - الرأي - جاءت بداية مصطفى العقاد السينمائية عندما غادر بلدته الاصلية في مدينة حلب السورية الى الولايات المتحدة وهو لا يتعدى العقد الثاني من عمره. وهناك التحق بجامعة جنوب كاليفورنيا ونال شهادته في حقل الدراسات السينمائية، مما مكنه من العمل مع اشهر مخرجي السينما العالمية مثل المخرج الاميركي سام بكنباه احد ابرز الاسماء في الفن السابع باميركا والذي كانت افلامه تحمل سمة العنف الموظف دراميا، وهو الذي اعتبر في نظر النقاد من جيل التلفزيون، قام العقاد بالعمل مساعدا لبكنباه في اكثر من عمل قبل ان يقرر الى المضي بعيدا في عالم السينما ويأخذ على عاتقه تحقيق افلامه الخاصة به وهي لا تتجاوز عادة الافلام البسيطة المستقلة ذات التكلفة المتواضعة في ميزانياتها، ولكنها مكنته لاحقا من القيام من الدخول الى حقل الانتاج السينمائي وفي هذا الاطار قدم بالتعاون مع مخرجين مكرسين مثل جون كاربنتر سلسلة افلام العنف والرعب التشويقي المسماة «الهالوين» وهذا ما جعله يجني مردودا لا بأس به من ايرادات شبابيك التذاكر نظرا للنجاح التجاري الطاغي الذي كانت افلام هذه السلسلة تثير اعجاب مشاهديها في مناسبات آخر السنة كل عام وتحديدا في مواسم الاعياد.

لكن الهاجس الوطني والقومي الذي شغل مساحة لا بأس بها في حياة الراحل العقاد ومشواره في الحياة الاميركية كمبدع عربي هناك قاده الى البحث والاشتغال على انجاز مشروع سينمائي ملحمي ضخم يسير على نهج واساليب السينما الهوليوودية ذات الميزانيات الكبرى، وكان ان اختار موضوعا يحكي عن الجانب المشرق لأمته العربية عبر فيلم يحكي رسالة الاسلام ينقلها ليس الى ابناء امته فحسب، بل الى العالم باسره موضحا وشارحا الجذور الاولى للدين الاسلامي، ورسالته الحضارية الى العالم اجمع.

فمنذ بدايات العقد السابع من القرن الماضي، سافر العقاد الى اكثر من بلد عربي شارحا سيناريو فيلمه واهميته الفنية والفكرية وكاشفا عن الاماكن التي ستجري فيها تصوير الاحداث، ولم يكن ذلك بالامر السهل فقد عاش فترة مليئة بالقلق والحيرة على مصير مشروعه قبل ان تتضافر جهود ودعامات من اعلى المستويات حتى تمكن من تحقيق فيلم «الرسالة» الذي صار اليوم وثيقة ومرجعية اساسية في الكثير من بلدان العالم لدراسات العالم الاسلامي، ورسالته الدينية.

عقب تحقيق فيلم «الرسالة» 1976 الذي عرض بنجاح في عدة دول عربية من بينها الاردن، والذي ظهر في نسختين احداها عربية والاخرى اجنبية اضطلع ببطولتها النجم العالمي انتوني كوين، وايرين باباس، وفيها شاهد العالم باسره للمرة الاولى جوانب حضارية مشرقة لرسالة الاسلام لكن ذلك لم يحول ان تمنع اجهزة الرقابة في اكثر من بلد عربي هذا العمل الهام ولكن في عصر طوفان اجهزة الفيديو والستالايت واشرطة الـ«سي.دي» والـ«دي.في.دي» أمكن اخيرا من وصوله الى مساحات واسعة من الناس.

لقد استعان العقاد في كتابة فيلمه «الرسالة» على قامات رفيعة بالكتابة والادب العربي مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ واخرين وكان حريصا على دقة التفاصيل والمعلومات في البدايات الاولى للتاريخ الاسلامي ومتلافيا الوقوع في محاذير ما اختلف بشأنه المذاهب الاسلامية، من هنا حضر فيلم «الرسالة» بنسختيه طافحا بتفاصيل الدعوة الاسلامية ومركزا على دور حمزة بن عبدالمطلب كشخصية رئيسية محورية تتحرك من حولها شخصيات معروفة في التاريخ الاسلامي.

اختار العقاد اسلوبية الفيلم الهوليوودي في تنفيذ مشاهد الصمود والمواجهة امام الغزوات وصور معارك ملحمية بين معسكر المسلمين ومعسكر كفار قريش رغم الفارق بينهما من عدة وعتاد واشخاص، ومحافظا على اجواء تلك الحقبة التاريخية من ملابس واكسسوارات وديكورات واناشيد.

ويحسب للعقاد ايضا ابرازه لطاقات ومواهب تمثيلية عربية مثل عبدالله غيث، ومنى واصف، واحمد مرعي، ومحمود سعيد وسواهم.

في بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي حمل العقاد مشروعه السينمائي الضخم الثاني وكان عن شخصية المجاهد الليبي «عمر المختار» وصوره تحت عنوان «عمر المختار- اسد الصحراء» مبينا فيه ملحمة نضالية فخمة من حلقات الصراع في المنطقة العربية ضد الاستعمار خلال حقبة الاربعينات. تتبع فيه تفاصيل الممارسات الاحتلالية والتسلط التي اقامتها ايطاليا الاستعمارية في ليبيا وقيام عمر المختار ومعه حفنة من المجاهدين في التصدي الى تلك الممارسات في مسعى لدحر الاحتلال ولنيل الاستقلال.

اظهر العقاد بفيلمه هذا اصرار وتصميم شعب عربي على نيل حريته من خلال شخصية محورية مثل عمر المختار امام جنرال ايطاليا مثل غراتزياني وصورهما في مواجهة على الأرض وفي داخل زنزانة المختار التي سيق اليها عقب القبض عليه وبين فروقات رئيسية ما بين المقاتل كصاحب قضية ورجل استعماري وضع كل منهما حجته في مواجهة الآخر وكيف انتصر منطق الحق على القوة. وكان فعلا واحدا من أهم الافلام العالمية التي نجح العقاد في تقديمها سينمائيا دون اي ديموغوجية او بروباغندا.

عقب هذين العملين عمل العقاد جاهدا على تحقيق فيلم ثالث يتناول حياة صلاح الدين الايوبي ودوره في توحيد شتات الأمة والسير بها الى الانتصار على اعدائها، لكن ذلك اصطدم بمعوقات التمويل الضخم الذي درجت عليه افلام العقاد وفي سبيل ذلك مكث طويلا مسافرا عارضا على جهات كثيرة المساهمة في انتاجه بميزانية تتجاوز 100 مليون دولار، وفكر ايضا في فيلم آخر بسيط عن اجواء الأندلس والحضور العربي فيها، لكنه ايضا عجز عن تحقيقه حلمه بأحد هذين العملين وظلت تتملكه حسرة العجز والفشل قبل ان يداهمه الحادث الأليم في احد فنادق عمان ويودع الحياة بمثل ما يليق بكبرياء الفرسان.

الرأي الأردنية في

12.11.2005

 
 
 
 

مقتل الــمـــخــــــرج السوري مــصــــطـــــفــى الــعــــقـــاد

أحلام كبيرة وموت مجاني

جيرار سليمان

هذه المرة، تمتد يد الارهاب الاثم الذي يزرع الخوف والهلع في كل مكان، الى احد كبار المخرجين الذين كثيراً ما دافعوا عن القيم الانسانية والمبادىء السامية. من كان ليقول ان مصطفى العقاد، ابن السبعين، صاحب الامجاد في السينما العربية، والذي خاض معارك شرسة دفاعاً عن اقتناعاته النبيلة، وذاق طعم الحلم الاميركي أكثر مما ذاقه الاميركيون أنفسهم، سيستحق هذا الموت المجاني الخبيث في انفجارات عمان؟

لم يكن العقاد مخرجاً "عالمياً"كما يصنفه مواطنوه العرب، بمعنى انه لم يدخل في نسيج المجتمعات الاخرى للذهاب بقصصها الى العالمية، ولم يتطرق كذلك الى موضوعات عامة تكريساً لمفاهيم العولمة الحديثة. ومع انه انجز ملحمتين بموازنة عالية تتضمنان ألوف الكومبارس، لم يصبح سيسيل ب. دو ميل العرب، لأن الظروف لم تساعده كي ينبثق من محيطه الخاص ويبلور تجربة الفيلم التاريخي العربي، رغم تمكنه من مفاصله.

في المقابل، كان فيلماه "الرسالة" (1976) و"عمر المختار" (1981)، عملين مهمين جدا على المستويين الانتاجي والمشهدي، وكان لهما دور تفاعلي حرّك المياه الراكدة، وأثار سجالات. ولكن بقدر ما كانا فاتحة خير لمصير السينما العربية،  رفعا من سقف الطموحات لدى المخرج الذي سقط في فخ العجز الانتاجي، مما حال دون تحقق حلمه الأكبر، ذلك الحلم الشعري والوجداني والسينمائي في انجاز ملحمة جديدة يقودها هذه المرة صلاح الدين الايوبي. لتحقيق مشروع العمر هذا، لم يستطع العقاد تجميد المال المطلوب ولا ايجاد الممثلين الذين كان يريدهم، وتبدد الحلم أكثر عندما استيقظ منه ذات يوم ورأى ان ريدلي سكوت اتمه على أكمل وجه وبأدق التفاصيل. وقد دفعه حبه للقائد العربي الى التشهير بالفيلم على الفضائيات، قائلاً: "انهم يشوهون صلاح الدين".

خلافاً للكثير من المخرجين الذين عملوا في المنفى الاختياري، ظل العقاد مخلصاً لارضه وترابه، رغم الاغراءات المادية الكثيرة التي تلقاها، وكان بامكانه ان يركب أول موجة تصادف طريقه، لكنه ظل قريباً من ناسه الذين كانوا يسخرون منه، سابقاً، عندما كان يعلن رغبته في الذهاب الى هوليوود لدراسة السينما، قائلين له: "اجعل احلامك على قياسك". مئتا دولار، هو المبلغ الذي كان في حوزته عندما وصل الى القارة الجديدة، وانخرط بثقافات من مختلف الاعراق والجنسيات. وبسرعة البرق تحولت عقدة النقص العربية التي كان يعانيها في بداياته الى ثقة متزايدة في الذات. وأعلن في أكثر من مناسبة تعلّقه بأصوله وافتخاره بانتماءاته، مؤكدا انه "يشمئز من العرب الذين يأتون الى أميركا ويغيرون أسماءهم ويتنكرون للغتهم لتسهيل أعمالهم".

كان العقاد غالبا ما يتباهى بأمجاد العرب وفتوحاتهم في الاندلس وعبر التاريخ، وقد جعل من هذا المحور اختصاصه وشغله الشاغل، فضلا عن أن سلسلة "هالووين" الشهيرة بأجزائها الثمانية (ظل الجزء الاول منها من أكثر الافلام مردوداً لسنوات طويلة)، صارت مع الوقت علامة سينماه المسجلة.

لا احد كان يتوقع ان يرحل العقاد هكذا فجأة، فيتربع مجده على عرش موت غادر. ورغم اننا كنا نعلم في قرارة انفسنا ان كل المشاريع التي كان يحلم بها، أصبحت "دون كيشوتية" مع الزمن، لكن الحلم بانتصارات التاريخ، كان ضرورياً لعافيته، اذ كان يبقيه على قيد الحياة.

النهار اللبنانية في

12.11.2005

 
 

في الثانية والسبعين وجعبته ملأى بالسيناريوات وأحلام الأندلس وصلاح الدين...

 مصطفى العقاد نشر رسالة الاسلام سينمائياً وسقط ضحية التطرّف

بيروت - عبده وازن

مصطفى العقاد، السينمائي العربي الكبير الذي نشر صورة جميلة عن الاسلام الحقيقي في العالم، عبر فيلم «الرسالة»، قضى في انفجار ارهابي نفذه من ينتحلون الصفة الاسلامية. قاوم العقاد الموت ساعات، بعدما عاشه عن قرب لدى وفاة ابنته ريما في تلك اللحظة المأسوية.

في الثانية والسبعين من عمره مات وفي جعبته سيناريوات واحلام لم يتسنَّ له ان يحققها، هو العربي الذي استطاع ان يغزو «هوليوود» من غير ان يبدل اسمه أو يتناسى جذوره العربية والاسلامية، محققاً افلاماً ذات مستوى عالمي. وسُئِل مرة: لماذا لا تغيّر اسمك في هوليوود؟ فأجاب: «كيف أغيّر اسمي وقد أورثني إياه والدي؟».

مات مصطفى العقاد ميتة سينمائية، فالمشهد المأسوي بدا كأنه في فيلم عن الارهاب،

لشدة ما شهد من عنف وقتل ودم... هذا السينمائي الذي نشأت اجيال عربية على فيلمه الشهير «الرسالة» (1976) وحفظ كثيرون مقاطع من حواراته البديعة، لم يكن يخيّل اليه انه سيكون ضحية من ضحايا التطرف الذي وصفه مرة بـ «عين الجهل». لكن عزاءه ربما انه مات في مدينة لا تبعد كثيراً عن مسقط رأسه: حلب التي ولد فيها العام 1933، وفيها نشأ وتعرّف الى السينما. قصته مع الافلام عندما كان صغيراً تشبه قصص الشخصيات السينمائية نفسها، فهو كان لديه جار يدير احدى الصالات كان يأخذه معه ويطلعه على كيفية عرض الافلام وقص المشاهد الممنوعة... ومنذ ذاك الحين نما الولع السينمائي في نفسه وقرر في الثامنة عشرة ان يصبح سينمائياً واختار وجهة هوليوود التي كان يحلم بالسفر اليها. وعندما سافر العام 1954، بعدما عمل سنة بكاملها ليوفر ثمن بطاقة السفر، لم يستطع والده الا ان يمنحه 200 دولار ومصحفاً.

ولم تمضِ اربع سنوات حتى تخرج العقاد في جامعة كاليفورنيا واستطاع خلال تلك الفترة ان يتابع اعمال بعض المحترفات والاستوديوات. اول افلامه كان «الرسالة» في نسختيه العربية والاميركية. هذا الفيلم قدم العقاد كمخرج كبير في العالم العربي وكأول سينمائي يعالج رسالة الاسلام على الشاشة الكبيرة، جامعاً بين الامانة والموضوعية والجمالية والمشهدية والبعد التاريخي. وقدمه الفيلم ايضاً كسينمائي كلاسيكي وحديث في الغرب، لا سيما بعد تعاونه مع الممثل الكبير انطوني كوين في النسخة الاميركية. وكان أدى الدور ذاته في النسخة العربية الممثل المصري القدير عبدالله غيث. حينذاك برزت قدرة العقاد في انجازه نسختين من الفيلم، تتشابهان وتختلفان، ونجح في العمل مع مجموعتين من الممثلين، عرباً واجانب.

حقق فيلم «الرسالة» نجاحاً كبيراً، ثقافياً وفنياً وسرعان ما اصبح من «كلاسيكيات» السينما العالمية المعاصرة. وعرف العقاد كيف يخاطب المشاهدين، مسلمين وغير مسلمين، وكيف يعالج الرسالة الاسلامية مستنداً الى المعطيات التاريخية والدينية الراسخة. وساهم انتشار الفيلم في نشر صورة بهية عن الاسلام، تاريخاً وعقيدة.

الفيلم الثاني الذي حقق نجاحاً بارزاً ايضاً هو «عمر المختار» او «اسد الصحراء» وانجزه العقاد العام 1980 وكان في بطولته انطوني كوين واوليفر ريد. وهذا الفيلم لم يكن اقل جمالية وقوة من السابق، ولا يمكن من شاهده ان ينسى المشهد الذي يستشهد فيه عمر المختار وقد رافقته الزغاريد. وفي هذا الفيلم تجلت اكثر فأكثر هوية العقاد السينمائية واسلوبه الخاص في معالجة المواضيع التاريخية. وبين هذين الفيلمين انجز افلاماً عدة، روائية ووثائقية منها «هالوين» العام 1978 وهو فيلم رعب من انتاج «يونيفرسال ستوديو»، وبلغ مع العقاد الرقم الثامن في السلسلة.

امضى العقاد نحو عشرين سنة يبحث عن منتج لفيلم طالما حلم بتحقيقه عن صلاح الدين. كان السيناريو جاهزاً والرؤية الاخراجية مكتملة... لكن الفيلم ظل حلماً مثله مثل فيلم عن «الاندلس» وسواه. كان العقاد يرى في شخصية صلاح الدين صورة عن القائد الاسلامي الذي استطاع ان يوحد الشعوب وان يواجه الاحتلال وينتصر. اما «الاندلس» فكانت تمثل في نظره مرحلة من المجد العربي، سياسة وثقافة وفناً، لكنه المجد الذي لم يدم طويلاً.

امضى مصطفى العقاد سحابة من عمره يحلم ويحلم، وآخر احلامه كان بناء مدينة سينمائية عالمية ذات مناخ عربي واسلامي. ولم ييأس يوماً من عدم تحقيق احلامه، وكأن السنوات السبعين لم تخمد فيه شعلة الحماسة التي انطلق بها الى هوليوود من مدينة حلب حين كان في العشرين.

الحياة اللبنانية في

12.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)