الاستفادة من خبرات العواصم العربية الأخري في النشاطات
السينمائية
فيما بات يعرف بعصر ثقافة الصورة ازدادت بشكل كبير مكانة السينما ودورها في
المكون الثقافي للحضارات والقوميات والأوطان المختلفة فإذا كانت السينما قد
ظلت لقرابة قرن من الزمان وعاء لأشكال من الإبداعات المختلفة كالأدب
والموسيقي والتشكيل والتمثيل إلا أنها استطاعت ومنذ نهاية خمسينيات القرن
الماضي أن تشكل تياراً بدأ نخبوياً يدعو لدمج عناصر العمل السينمائي في
رؤية واحدة لمبدع واحد هو المؤلف المخرج وصانع الفيلم.. ورغم أن الكيانات
السينمائية الضخمة في صناعة السينما الأمريكية لم تتحمس كثيراً لما اطلق
عليه سينما المؤلف الا ان هذه الموجة فعلت فعلها عبر أجيال من المخرجين
الجدد الذين حولوا الفيلم الي منتج ثقافي مستقل له لغته وتأثيراته وقوانينه
الخاصة.. ورغم المنافسة الشرسة في عالم ثقافة الصورة ما بين التلفزيون
والأعداد اللامتناهية من القنوت وشبكة الانترنت والسينما إلا أن الأخيرة
استطاعت أن تستفيد من التقنيات الحديثة في توسيع تأثيرها الثقافي بحيث
أصبحت اليوم مكوناً أساسياً معتمداً من مكونات أي ثقافة وطنية أو إقليمية..
ومناسبة هذه المقدمة هي الاحتفالية الضخمة والمهمة التي تستعد لها الدوحة
منذ الآن والتي سوف تحتل فيها مع بداية العام المقبل صدارة المشهد الثقافي
والإعلامي العربي كعاصمة للثقافة العربية طوال العام المقبل وبحكم المكانة
البارزة التي احتلتها الدوحة في المشهد السياسي والإعلامي طوال السنوات
الماضية فإن المتوقع والمأمول هو أن تتألق الدوحة خلال هذه الاحتفالية بما
يليق بمكانتها تلك ولتحقيق ذلك في كل المجالات وفي مجال السينما بشكل خاص
لا بد من استقراء خبرات ونشاطات العواصم العربية الأخري التي سبقت الدوحة
كعاصمة للثقافة العربية مثل القاهرة والجزائر ودمشق والخرطوم والقدس
للاستفادة من الخبرات المتراكمة من هذه التجارب والبدء من حيث ينتهي
الآخرون.. ومن استقراء برامج العواصم السابقة في مجال السينما فقد كان
التركيز الأساسي علي تظاهرات تبرز وتركز علي دعمه بلدان هذه العواصم في
مجال السينما خصوصاً من العواصم التي تمتلك صناعة حقيقية وقوية في هذا
المجال مثل القاهرة ودمشق والجزائر وتونس مع إغفال شبه كامل لقضايا ومنجزات
وروابط السينما العربية ككل وحتي الإقليمية مثل السينما المغاربية.. حين
كانت الجزائر وتونس والرباط عواصم للثقافة العربية أو السينما الخليجية في
حالة الشارقة ومسقط والرياض وإذا كانت صناعة الأفلام ظاهرة وليدة نسبياً في
قطر إلا أنها شهدت في السنوات الأخيرة نشاطاً واضحاً يفترض أن يتوج بإنجاز
أول فيلم روائي قطري طويل لا بد وأن يتصدر الاحتفالية السينمائية التي
ستنظمها الدوحة بجانب عرض كل ما تم إنجازه من قبل من أفلام تسجيلية أو
روائية قصيرة من قبل رواد هذا الفن في قطر.. أما علي المستوي الإقليمي فإن
تنظيم تظاهرة للسينما الخليجية ومنجزاتها خصوصاً في السنوات الأخيرة التي
نشطت فيها سوف يمثل اضافة حقيقية للاحتفالية ككل يمكن من خلالها تبادل
الخبرات في مجالات الإنتاج والتقنيات كما في مجال المهرجانات ونوادي
السينما ومناقشة آفاق الإنتاج الخليجي المشترك في مجال السينما. أما علي
المستوي العربي فإن تنظيم تظاهرة أو أكثر تعرض لدور السينما في الروابط
الثقافية العربية وفي حوار الحضارات سيمثل بالقطع فرصة لتبادل الأفكار
والخبرات لزيادة التفاعل بين مراكز الإنتاج السينمائي وبين المبدعين
والباحثين في هذا المجال.