(جاله عتابه ما ينولد غير ولهان بحب الأرض والأوطان، ولهان لو أبعدوني عن
بني وين هان فداي حب الوطن والتراب).. هكذا بدأ فيلم القدس بموال فلسطيني
يعبر عن التمسك بالوطن إلى النهاية "أول ما سمعت هذا الموال في شوارع القدس
بكثرة انعزلت عن جميع الأصوات وبكيت لأن الموال يعبر عن الحالة فوضعته في
بداية الفيلم، ولم أضع أي تعليق صوتي، لقطات الفيلم تركتها للمشاهد يفكر
فيها".
ويرصد على مدى سبع دقائق المخرج عز الدين سعيد في فيلمه التسجيلي "القدس"
حال القدس في ظل الاحتلال الصهيوني لها، ولم يغفل إبراز محاولات الاحتلال
المتكررة لتهويد القدس والضغط بكل السبل على الشعب الفلسطيني لطمس هويته
العربية ومدى إصرار الشعب الفلسطيني في الحفاظ على هويته.
"عز الدين سعيد" مخرج أفلام روائية قصيرة وأفلام تسجيلية بقطاع قنوات النيل
المتخصصة بالتلفزيون المصري، حصل على العديد من الجوائز في مهرجانات محلية
ودولية ومنها فوز فيلمه التسجيلي «البرلس» بالميدالية البرونزية في مهرجان
القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 2001، وقد حصل الفيلم نفسه على جائزة أحسن
فيلم إفريقي من مهرجان إفتزانو بإيطاليا في نفس العام.
وأيضا حصل فيلم "القدس" بجائزة المهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام
2003، وحصل مؤخرًا فيلمه الروائي القصير "الرهوان" على جائزة لجنة التحكيم
بمهرجان ساقية الصاوي للأفلام الروائية القصيرة عام 2008.
في رحلة استغرقت أيامًا قليلة صور عز الدين سعيد مواد تصلح لأكثر من فيلم
عن حياة الشعب الفلسطيني، سواء في القدس أو في غزة والمأساة التي يعيشها
هذا الشعب.
فكرة الفيلم
يقول عز الدين سعيد عن فكرة الفيلم "في البداية كانت عبارة عن فيلم وثائقي
عن "باب العمود" أحد أبواب المسجد الأقصى؛ لما له أهمية كبيرة في التاريخ
الإسلامي، ولهذا الهدف تم التنسيق من مصر مع معد فلسطيني لعمل الفيلم عنه".
ويضيف بقوله: "وبالفعل أنجزنا كل الأمور الإدارية وتصريحات الدخول والتصوير
والأمن وسافرت ومعي مدير التصوير حاتم عبد العاطي، وفجأة عندما وصلت إلى
القدس وجدنا أن هذا المعد الفلسطيني تم حبسه في رام الله من قبل السلطات
الإسرائيلية، وكنت في موقف صعب ولا أستطيع العودة بعد وصولي إلى القدس التي
أحلم بعمل فيلم عنها".
تغير مجرى الأحداث
كان لحبس المعد الفلسطيني أثر في تغيير مجرى الفيلم "وجدت نفسي في مشكلة
كبيرة فقررت أن أصور كل ما تقع عيني عليه، بداية من طرقات القدس المميزة
والمباني القديمة والعمال والناس في الشارع والحواري والمطاعم".
مضيفا: "حاولت أن أنقل المشاعر التي تنتاب أي مسلم عموما داخل المسجد
الأقصى أو في مسجد قبة الصخرة، بالإضافة إلى تصويري كنيستي العذراء
والمهد".
وعن أكثر ما أثر فيه يقول عز الدين: "صورت عدة مشاهد وأنا أقف على الجبال
فظهرت القدس وهي بين أغصان الزيتون وكأنها قطعة من الجنة بالفعل لم أر بلدا
بهذا الجمال".
وانطلاقا من إيمانه بلغة التكثيف حاول المخرج الذي صور على مدى الأيام التي
تواجد بها في القدس مادة فيلمية تصنع فيلما مدته 3 ساعات أن يقدم رؤيته
للمدينة في خلال ساعة واحدة بمصاحبة تعليق صوتي، غير أن الأحداث ظلت لها
اليد العليا في تحريك مسار صناعة الفيلم يوضح سعيد ذلك قائلا: "بعد أن جهزت
كل شيء من الموسيقى والتعليق الصوتي، ولكن فجأة سمعت خبر اغتيال الشيخ أحمد
ياسين؛ فتأثرت وتذكرت عبارة للإمام ابن النفري شيخ المتصوفة والتي تقول:
(كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)، فشعرت حينها أن التعليق الصوتي على
الفيلم لن يجدي، ولن يضيف فالمشاهد في القدس تتحدث عن نفسها وعيون الشعب
الفلسطيني تحكي مأساته بشكل تعجز الكلمات عن وصفه. فعملت فيلم 7 دقائق عن
القدس وتم تأليف موسيقى خاصة له بمصاحبة أوركسترا كاملة بكمان وتشيلو
وعود".
غزة
تضمن الفيلم مشاهد من مدينتي القدس وغزة؛ وذلك لإصرار عز الدين على السفر
إلى غزة في هذا الوقت وتزامن مع عيد الفطر وكانت الرقابة على الحدود إلى حد
ما أسهل من ذلك.
يقول سعيد عن تلك الرحلة: "دخلت غزة ووصلت إلى رفح الفلسطينية رأيت الناس
تعيش في بيوت هدمتها الصورايخ وهم يترقبون الموت في كل لحظة وأصوات المدافع
مستمرة بلا توقف.
وهناك لم أتمكن من التفريق بين إحساسي كإنسان ومشاعري وإحساسي كفنان، فأنا
دائما كفنان أعيش بالعين اليمنى داخل الكاميرا، ولا أستطيع الخروج من حالة
الكاميرا في أحيان كثيرة، ولكن في القدس وفي غزة تحديدا كفرت بالكاميرا
تماما؛ إذ تتجاوز مشاعرك حدود الفن والشهرة والعمل، ويصبح الموضوع أكبر من
مجرد فيلم أو تلميع إعلامي، في غزة شعرت أني لا أرغب في عمل فيلم ما احتجت
إليه فعلا هو أن أكون معهم وأقاوم معهم فقط".
وأوضح عز الدين سعيد أن التصوير واجه أصعب المشكلات في غزة على الحواجز
و"تمت معاملتنا أسوأ معاملة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية".
صحفية مصرية
إسلام أنلاين في
14/05/2009 |