تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

التقليد والتطويل يعيبان جهود الشباب

مخرجون بلا خبرة يقودون السينما الخليجية

محمد رضا

بعد نحو خمس عشرة دقيقة من بداية الفيلم اليمني الجديد “الرهان الخاسر” هناك لقطة جميلة التصميم والتنفيذ لكاميرا تصعد من الأرض وتعلو فوق الشجرة ثم تهبط تدريجياً بعدها لتنتهي بلقطة ثابتة عن باب مكان اجتمع فيه بعض الناس. الحركة ذاتها، ثم سرعتها وتوقيتها تلفت النظر وتبقى مميزة حتى اللحظات الأخيرة من الفيلم كونها  فنياً  أفضل ما فيه.

مع أن من صممها وحققها هو ذاته الذي حقق باقي الفيلم، الا أنها تبدو، نظراً لمشكلاته الفنية، كما لو كانت لحظة استنشق فيها “الرهان الخاسر” هواء منعشاً قبل أن يكتفي منه ويعود إلى هوائه الخاص.

“الرهان الخاسر” لوليد العلفي إنتاج يمني نادر في زمن نشاهد فيه ولادة السينما في أكثر من دولة خليجية، وبل تاريخها من الأفلام كله إذا ما كانت من تلك الدول التي تتسلل إليها السينما حديثاً. الجامع بين العديد منها هو أن تلك الرغبة في صنع الأفلام وتقديمها إلى الجمهور تأتي على حساب المعرفة والخبرة في الكثير من الحالات. “الرهان الخاسر” هو أحد بضعة أفلام أنتجت في الأشهر القليلة الماضية يعمل فيها المخرج ببوصلة من صنعه عوض الاعتماد على ذخيرة من ثقافة فنية يستطيع أن يعيل عليها. الفيلم يمضي ليصيغ بتبسيط ساذج عملاً يريد أن يواجه فيه التطرف الذي يهدد بعض أنحاء اليمن بقصة مأهولة بشخصيات سوداء بيضاء وأحداث متوقعة على طوال الخط.

بعض هذه الأفلام يعمل على صياغة منوالها ونوعيتها بتقليد ما يمر على شاشات صالات السينما من أفلام مستوردة. أحد هذه الأفلام التي تعاني من هذا الوضع هو “الغرفة الخامسة”، وهو فيلم إماراتي لماهر الخاجة. فيلم رعب على طريقة البيوت المسكونة حول عائلة صغيرة تنتقل إلى فيلا خارج المدينة ومن حين وصولها تبدأ بالتعرض إلى أرواح غاضبة تعتليها شياطين كانت تسكن كتباً مهملة وانتقلت الآن إلى ابنة العائلة. التطويل والضجيج الناتج لا يُحتملان، رغم أن المخرج حافظ لعبته الفنية إلى حد لا بأس به. يضيع الفيلم بين يديه حين يحتار لمن يوجه اللوم، الفتاة التي ابتعدت عن الدين أو أمها (ليست أمها فعلاً) التي عاملت الفتاة بقسوة ولم تشعرها بحبها يوماً.

من الإمارات أيضاً فيلم “صوت الحياة” الذي أخرجه الإيراني علي شاه حاتمي حول صبي يحب السينما، لكنه يعيش في رأس الخيمة وفيلمه المفضل “هاري بوتر” لم يعد يُعرض هناك. في صبيحة يوم كان عليه فيه أن يخلف أباه ليؤذن الظهر في المسجد يأخذ تاكسي إلى دبي لمشاهدة الفيلم، لا يهم أن الصالات لا تفتح قبل الظهر ولا يهم أنه جلس يرسم الناس ليجمع ثمن التذكرة، ولا يهم أنه دخل وشاهد بعض الفيلم. كله كان يمكن أن يهون لولا أن الصبي يستقل تاكسي آخر ويسارع بالعودة إلى رأس الخيمة ويلحق بأذان الظهر في الوقت المناسب، فيلم كهذا كان عليه، على الأقل، تصوير استمتاع الصبي بمغامرته، عوض الالتهاء بحركته الدؤوبة ومحاولة لي الحقيقة لتناسب رغبة الفيلم في تقديم الحكاية من دون مبررات كافية لتجاوزاتها.

الحال ليس واحداً فيما تبقى من تلك الأفلام الجديدة التي خرجت مؤخراً. من الإمارات أيضاً فيلم مناف الجناحي “الدائرة”، وهو شريط بوليسي لا يقلد “هوليوود” بل يملك الجرأة على أن يتحدث، أحياناً بتطويل، عن شخصياته في قصة تحدث في ليلة واحدة يعالجها المخرج الشاب بدراية تقنية وفنية مثيرة للإعجاب. الكتابة كانت لا تزال تشكو من بعض الاسئلة غير المجاب عليها حين شرع المخرج في التصوير، لكن المرء يمكن له أن يقدر الجهد المبذول لتحقيق عمل جيد من دون تنازل.

ومن أجمل ما شوهد حديثاً كذلك، الفيلم السعودي “الانتقام” لوليد عثمان، ليس لأنه جيد في مجالاته الفنية على نحو خالص، بل لأنه، إذ يستعرض قصة حول أربعة أشقاء يعيشون في فقر مدقع وعليهم الآن مواجهة خطأ جنائي ارتكبه أحدهم، يحاول  بميزانيته الضئيلة للغاية  رسم ملامح للحياة الاجتماعية بصدق وواقعية.

 

 

مهرجان "سان فرانسيسكو" يستعيد بريقه

أقدم المهرجانات الأمريكية هو مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي الذي باشر عروضه في السابع والعشرين من الشهر الماضي ويستمر حتى السابع من مايو/ أيار الجاري ليتيح لمن يرغب حضور المهرجان الفرنسي “كان” فارق أربعة أيام قبل أن يستقل الطائرة ويجتاز الأطلسي إلى المدينة القابعة على البحر المتوسط.

ومهرجان سان فرانسيسكو، تأسس قبل 52 سنة قدم خلالها مئات الأفلام التي لم يكن لتتاح مشاهدتها لولاه. بدأ، كمعظم مهرجانات السينما، كنافذة صغيرة، قبل أن يوسع إطاره والنافذة تتحول إلى شاشة كبيرة شاملة تعرض “بانوراما” من الأفلام القادمة إليه من كل أنحاء العالم.

أفضل سنواته، باعتراف إدارته، كانت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي عندما كان العالم يعيش شباباً سينمائياً خالصاً أثمر عن ولادة جيل جديد من السينمائيين ذوي الأفكار والأهداف والقضايا. استفاد “سان فرانسيسكو” من حقيقة أنه قريب من جامعة بيركلي التي كانت عصب الحياة الجامعية الأمريكية في ذلك الحين، وما لبث أن أصبح رديفا لحياة ثقافية وسينمائية جامعة شملت مجلات وكتباً وانتاجات مختلفة وتيارات لم تعرفها السينما الأمريكية من قبل. تحت إدارة الراحل ألبرت جونسون، وكان من مؤرخي ونقاد السينما، عرف المهرجان كيف يحافظ على تنويع محلي وعالمي وتبوأ عالم السينما متقدماً على مهرجانات أمريكية منافسة مثل مهرجاني نيويورك وشيكاغو.

بعد ذلك، مر في فترة صعبة خلال الثمانينات والتسعينات. اليوم يبدو أقوى مما كان عليه في هذين العقدين واستعاد قيادته خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

هذا العام لديه 148 فيلماً ممارساً معياراً ديمقراطياً. حسب المكتب الإعلامي، فإن الاختيار كان تبعاً لجودة الفيلم في المقام الأول والأخير. وهذا أمر ما عادت تلتزم به مهرجانات دولية كثيرة أخرى تبعاً لرغبتها تحويل الفيلم الواحد إلى مناسبة استعراضية مليئة بالنجوم والدعايات والمؤتمرات الصحافية والحملات الإعلامية. ومع أن المهرجان دولي، يفضل الافتتاح بفيلم ذي صبغة محلية مستقلة. لذلك فإن الاختيار وقع على فيلم “البيت”، وهو من إخراج بيتر برات وبطولة شقيقه الممثل بنجامين برات ويتناول موضوع الثقافة اللاتينية بين المهاجرين اللاتينيين في أمريكا.

ويعرض المهرجان أيضاً مشاهد من فيلم فرنسيس فورد كوبولا الجديد “تيترو” لجانب عدد من أفلامه الصغيرة السابقة وذلك في احتفاء خاص يُقام له. و”تيترو” هو أول سيناريو يكتبه بنفسه منذ أن كتب سيناريو فيلمه السبعيناتي “المحادثة”.

المهرجان يأتي حافلاً بالأفلام الجديدة، إلا أنه يحرص على أن يكون مناسبة لعرض بعض القديم الجيد. لجانب أفلام كوبولا المختارة مثل “رامبل فيش” و”واحد من القلب”، هناك فيلم للممثل روبرت ردفورد (وهو رئيس المهرجان المنافس “سندانس”) هو “بوتش كاسيدي وسندانس كيد” الذي لعب بطولته لجانب بول نيومان في مطلع السبعينات أيضاً.

وقائمة الأفلام المستعادة تطول، لكن من بينها  مثلاً  فيلم الراحل جون كازافيتيس “امرأة تحت التأثير” الذي لعبت بطولته زوجته الممثلة جينا رولاندز. أيضاً في الجوار “حدث ذات مرة في الغرب” لسيرجيو ليوني و”ليالي كابيريا” لفديريكو فيلليني.

الجديد موزع جيداً بين أفلام عدة. المخرج الكندي أتوم إيغويان يعرض “عبادة” حول الدوافع الأخلاقية والحاجة التي تعصف بنا بحثاً عن الأمان في كنه العائلة. المخرج الفرنسي أوليفييه أساياس يعرض موضوعاً عائلياً آخر في فيلمه “ساعات صيفية” بدوره حول ثلاث شقيقات يلتقين للمرة الأولى من سنوات عديدة بمناسبة وفاة والدتهن. الفيلم من بطولة جولييت بينوش.

من فرنسا أيضاً فيلم جديد من المخرجة الباحثة عن المتاعب كاثرين ببريات التي دائماً ما تبحث في مسائل شائكة. فيلمها الجديد “لحية زرقاء” يتناول الجذور النفسية التي تؤدي إلى تشويهات عاطفية. هذا الموضوع لا يبدو بعيداً كثيراً عن الفيلم الكندي “35 قدحاً من الروم” أو من الفيلم السويدي “قلب الجنة”، بينما يجنح الفيلم الياباني “مشي بلا حركة” من المخرج هيروكازو كور  إيدا إلى التأملات الروحية المخلوطة بالمواقف الاجتماعية.

 

شاشة البيت

الرحلة الخطرة

**** The Wages of Fear (1953)

المخرج الفرنسي هنري جورج كلوزو عُرِف بأعماله التي كثيراً ما تطلبت مهارة هيتشكوكية لصياغتها على نحو مثير، بل لُقب لسنوات عديدة ب”هيتشكوك فرنسا”. وفيلمه “أجور الخوف” لا يزال بعد 55 سنة على إنتاجه نموذجياً في هذا الإطار.يدور حول ثلاثة رجال عليهم قيادة شاحنة محملة بالنيتروجين من موقع في أمريكا اللاتينية إلى موقع آخر. الطريق التي بين الموقعين تبدأ معبدة، لكنها تزداد وعورة وتنقلب خطرة.

الفيلم الذي نال سعفة مهرجان “كان” في ذلك التاريخ قام ببطولته الفرنسي إيف مونتان والإيطالي فولكو لوللي والألماني بيتر فان آيك. والمخرج الأمريكي وليام فرايدكن عاد اليه سنة 1977 وصنع نسخة محدودة النتائج بل وتزداد انضماراً كلما شاهد المرء نسخة كلوزو الأصلية.

 

 

أفلام القمة

تغيرات محدودة

بينما لم تتغير الأفلام التي تحتل قمم الأسواق العالمية كثيراً، باستثناء انضمام الفيلم الصيني “مدينة الحياة والموت” إليها محتلاً المركز الثالث، فإن السوق الأمريكية شهدت في الأسبوع المنصرم اقتحام أربعة أفلام جديدة كل منها يختلف عن الآخر اختلافاً كبيراً.

الفيلم الذي تربع على قمة الإيرادات محققاً قرابة 29 مليون دولار هو الدراما العاطفية “مهووسة” الذي تؤدي فيه آلي لارتر دور سكرتيرة جميلة تخترق حياة مدير المكتب (إدريس إلبا) وتقلب هناءه الزوجي رأساً على عقب.

الفيلم الكبير الثاني الذي دخل المنافسة لكنه استوى في المرتبة الرابعة هو “العازف المنفرد” جهد تمثيلي جيد من قِبل جايمي فوكس في دور عازف كمان أسود كانت له شهرته وجولاته الناجحة إلى أن تخلت عنه الحياة.

 

أوراق ناقد

مواجهة العدو بالثقافة

م.ر

لا يهم إذا كان المرء سياسياً معتدلاً أو متشدداً حيال الدولة المؤسسة الصهيونية بقدر ما يهم أن يكون المفهوم المشترك بينه والآخرين هو أن هذه المؤسسة، وكما كان يُقال دوماً وأثبتته الأحداث دائماً  لا يمكن لها أن تكتفي بمساحتها على الأرض، بل تريد المزيد منها كما تريد المزيد من السيطرة المعنوية والثقافية والفنية لذلك فإن التطبيع أمر مهم جداً لها.

المعركة، كما قال أحد المثقفين السينمائيين من عقود، ولو في مجال مختلف، معركة أفكار. من يملك الفكر لا يملك الحاضر فقط بل يملك المستقبل. ومن يملك الفكر لا يدافع عن حاضره فقط، بل عن حاضر الجيل الذي سيخلفه. ثم من يملك الفكر يسود ويلين المواقف المعادية.

من يملك الفكر يستطيع أن يُجيد ويُبدع ويكسب العالم إلى صفه. الفكر هو الثقافة والفن والعلم. وللأسف، وكما نعلم، فإن التقدم في هذه المجالات غير متكافئ.

مهرجان “كان” السينمائي المقبل يحتوي، بين ما يحتويه، على ثلاثة أفلام مقدمة باسم “اسرائيل”، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة للأسف. وليس “كان” وحده الذي يستقبل أفلام المؤسسة بل معظم المهرجانات الأخرى. واحد فقط مهم جداً هو فيلم إيليا سليمان الجديد “الزمن الذي يتبقى” إذ هو، وعلى الرغم من موضوعه المتحدث عن الاحتلال من 1948 وإلى اليوم، من تمويل “إسرائيلي”  فرنسي. الأرجح أن فرنسا وضعت معظم التمويل و”اسرائيل” أمنت ما عليها تأمينه من عناصر إنتاجية. لن أتبنى كثيراً القول إنه كان على إيليا سليمان، كما على أي مخرج فلسطيني رفض الدعم “الإسرائيلي” لأن القول يعني، وبغياب سينما عربية يمكن الاتكال عليها، ألا يصنع المخرج فيلمه أساساً. وبين أن ينجز فيلماً يقول فيه ما يريد، ولو بمال المحتل، وبين أن يقبع في بيته ويترك الحياة تمضي به، فإن الخيار الأول يبدو لي هو الصحيح، لكن المؤسسة “الإسرائيلية” التي تستغل كل منفذ اليوم لتبرهن عن الحرية والعدالة والديمقراطية المزعومة، تستغل الفيلم، رغم رسالته (على الأقل في شكلها النظري إلى الآن)  لكي تقول للعالم إنها لا تعارض نقداً ولا تعبيراً.

هي تكذب بالطبع، فهناك أبرياء بالآلاف في سجونها ولا تكترث لحرية التعبير أو للعدالة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. ولو كانت تملكه لما زاولت رياضة تدمير البيوت وتهجير السكان.

لا لوم للمهرجانات فهي تقول لنا: اصنعوا أفلاماً جيدة نعرضها. اللوم على البعض الذي حين يصنع أفلاماً يصنعها لجمهور يترنح بكؤوس الترفيه وحده. ويا ليته يصنعها جيداً. واللوم على البعض الذي فقد بوصلة النضال من أجل المبدأ والحق، وعلى البعض الذي يريد اختطاف الجماهير لمصلحته السياسية أيما كانت. اللوم على عالم ما زال يعيش منتشياً بلا مبالاته.

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

03/05/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)