تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

هوليود لا تنفرد بالصورة

العربي إرهابي في السينما الفرنسية!

معاذ محمود

سر دفاعي..محاولة فرنسية لمحاكاة هوليوود

لم يكن النشاط السياسي الخارجي الذي قام به الرئيس الفرنسي ساركوزي باعتباره رئيسا للاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط  منعزلا عن الثقافي، وإذا كان الرئيس قد حضر إلى المنطقة المضطربة؛ فإن الشرق الأوسط -كما تصوره سينمائيون فرنسيون- قد حضر في قلب باريس بعدة أفلام عرضت مواكبة لزياراته ومازالت تلقى إقبالا حتى الآن.

وما كان للسينما الفرنسية أن تتجاهل هذا الاهتمام الدبلوماسي الاستثنائي بمنطقة الشرق الأوسط، فقامت دور العرض بعرض باقة من الأفلام ذات الصلة بالمنطقة، كالفيلم الفلسطيني "ملح هذا البحر" والفيلم الوثائقي الإسرائيلي "الرقص مع بشير" الذي يحكي عن حصار بيروت 1982، كما عرضت أفلاما فرنسية عن المنطقة منها (سر حربي) و(مراسلان خاصان جدا) و(جواسيس) وأجمعت الأفلام الثلاثة على التعامل مع العربي سواء كان في منطقة الشرق الأوسط أو في أوروبا باعتباره إرهابيا ولن يثبت العكس، وهو ما يشير إلى أن هوليوود وحدها لا تنفرد بالتصور المشوه عن العربي والمسلم.

بدأ عرض فيلم "سر حربي" ((secret defense بدور العرض في فرنسا في ديسمبر 2008 ويحكي عن شبكة إرهابية تترأسها شخصية غامضة تدعى "أبو الغضب" تقوم بعدة عمليات إرهابية في أوروبا، وتقرر تلك المجموعة استهداف فرنسا بسبب "محاربتها للإسلام واضطهادها للمسلمين"، وتقوم تلك المجموعة بتجنيد شقي فرنسي على يد مجموعة من السجناء من ذوي الأصول العربية، وبعد خروجه من السجن، ينتقل إلى معسكر تدريب في أفغانستان حيث يتلقي تدريبات مكثفة على استخدام الأسلحة والمتفجرات ثم يعود بعد ذلك إلى فرنسا من أجل تنفيذ عملية انتحارية في المترو، وفي نفس الوقت، تحاول الاستخبارات الفرنسية اختراق تلك المجموعة فتقوم بتجنيد طالبة فرنسية تدرس اللغة العربية وزرعها في الشبكة دونما نجاح كبير في أول الأمر، لكنها ما تلبث أن تنجح في إجهاض العملية الإرهابية في المترو.

ويحاول مخرج الفيلم فيليب حايم من خلال عرضه لتلك الشخصيتين أن يوضح أن أجهزة المخابرات والشبكات الإرهابية تتشابه كثيرا في أساليب عملها وإن اختلفت أهداف كل منها، فكلها تتلاعب بالمدنيين ولا تتورع عن خداعهم، وكلها تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة ومستعدة لأن تلعب "بقذارة" من أجل تحقيق أهدافها.

الفيلم يحاول أن يحذو حذو أفلام التجسس الأمريكية ذات الميزانيات الضخمة كفيلم" سيريانا "ومسلسل "24 ساعة"، لكن الفيلم الفرنسي لم ينجح إلا في تقليد المظهر الخارجي فقط، رغم الإشادة الكبيرة التي لقيها في الصحافة الفرنسية، فحبكة الفيلم اتسمت بالضعف الشديد وكثير من أحداث الفيلم غير منطقية وغير مبررة.

مراسلان

في حين كان العنف الدائر في العراق موضوع الفيلم الكوميدي "مراسلان خاصان جدا" (Les Envoyés Très (Spéciaux  الذي بدأ عرضه في قاعات العرض في آخر يناير2009. ويحكي الفيلم عن صحفي وتقني يعملان في إحدى محطات الراديو الفرنسية، تقوم إدارة المحطة بتكليفهما بالتوجه للعراق لتغطية أعمال العنف الدائرة هناك، يواجه الصحفيان بعض التعقيدات تمنعهما من السفر للعراق، ويضطران للإقامة لدى صديق في أحد الأحياء الباريسية المكتظة بالمهاجرين العرب والتظاهر بأنهما توجها فعلا إلى العراق.

ومن ذلك الحي العربي-الباريسي، يعمد البطلان إلى فبركة مواد إخبارية يرسلونها إلى محطتهما وكأنهما في قلب الحدث، فينقلان المعاناة الكبيرة التي يعيشها العراقيون بسبب غياب الأمن وانتشار العنف والإرهاب.

وما تلبث الأحداث أن تتعقد ليضطر الصحفيان بعدها إلى السفر فعلا إلى العراق حتى لا تنكشف خدعتهما، وهناك، يتعرضان للاختطاف على يد إحدى العصابات التي تطالب ذويهما بتسديد فدية مقابل إطلاق سراحهما، وينتهي الفيلم بعودة الصحفيين إلى فرنسا حيث ينتظرهما استقبال حافل من الجمهور.

الفيلم فكاهي يتسم أحيانا بالمبالغة، لكنه مليء بالمشاهد الموحية والإحالات إلى أحداث واقعية، فالمشاهد التي تصور الحي العربي في باريس بما فيه من زحام واكتظاظ والباعة الذين يشغلون الأرصفة والسيدات المحجبات يعطي المشاهد الانطباع أنه في حي شعبي في إحدى المدن العربية (ذكرني المشهد بحي العتبة في القاهرة).

كما يشير الفيلم بشكل ساخر لحملات التضامن التي نظمت في فرنسا للمطالبة بإطلاق سراح الصحفيين الفرنسيين جورج مالبرونو (مراسل صحيفة لو فيجارو) وكريستيان شينو (مراسل صحيفة ليبراسيون) اللذين تم احتجازهما مدة أربعة أشهر عام 2004 على يد الجيش الإسلامي في العراق.

جواسيس

الفيلم الثالث عنوانه "جواسيس" وبدأ عرضه في آخر يناير 2009 وتدور أحداثه بين باريس ولندن، يحكي الفيلم عن موظفين في مطار باريس اعتادا الاستيلاء على بعض المقتنيات من حقائب الركاب لبيعها بعد ذلك.

يقوم أحدهما بفتح حقيبة دبلوماسية سورية متجهة إلى لندن، ويستولي على زجاجة غريبة لا تلبث أن تنفجر وتودي بحياته. على إثر ذلك، يفقد "فنسان"، الموظف الآخر الذي بقى على قيد الحياة، وظيفته ولا يلبث أن يتعرض إلى ضغوط شديدة من قبل الاستخبارات الفرنسية. يضطر "فنسان" للقبول بصفقة تجنبه السجن مقابل أن ينخرط في عملية مشتركة مع المكتب الخامس البريطاني لملاحقة أصحاب الحقيبة الدبلوماسية في لندن.

وهناك، يحاول رجال المكتب الخامس تتبع شبكة إرهابية على علاقة وثيقة بدبلوماسيين سوريين، وتتتابع أحداث الفيلم حتى نرى في النهاية فشل هذا التحالف الاستخباراتي في منع التنظيم الإرهابي من تنفيذ عملية انتحارية في قلب لندن.

الفيلم لا يخلو من انتقاد لأساليب عمل المخابرات التي لا تتورع عن التلاعب بالمدنيين وتوريطهم بدعوى مكافحة الإرهاب، كما يلاحظ في الفيلم قيامه "بشيطنة" النظام السوري، حيث يظهر تورط دبلوماسيين سوريين كبار في دعم ورعاية الإرهابيين وتسهيل عملهم لضرب أوروبا.

هذا الاهتمام الكبير الذي توليه السينما الفرنسية للعالم العربي مرشح للاستمرار بل الازدياد، كما لم يعد ذلك الاهتمام مقتصرًا على المغرب العربي، بل بدأ ينسحب على مشرقه كذلك.

ناقد مقيم في فرنسا

إسلام أنلاين في

05/03/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)