تنطلق في
مركز الحسين الثقافي بعمان الشهر المقبل فعاليات اسبوع الفيلم الروسي
بالتعاون مع الهيئة الملكية للافلام وتتضمن مجموعة من احدث الافلام التي
انجزت خلال السنوات القليلة الماضية ولاقت اهتماما نقديا واقبالا في العديد
من المشاركات بالمهرجانات الدولية بدءا من كان بفرنسا وفينينيسيا بايطاليا،
ومرورا بقرطاج والقاهرة وانتهاء في مهرجان دبي . حازت السينما الروسية
الجديدة على جوائز واعجاب المتفرجين ولا زالت تستقطب اهتمام النقاد
ومتابعتهم لجهود صانعيها، مما اعاد بريق لسينما ازدهرت في حقبة الاتحاد
السوفياتي السابقة قبل ان تنطفىء بانهياره، لكن اجيالا جديدة لرواد تلك
السينما او من في حكمهم ممن عاصروا تلك الاعمال التي وضعت بصمتها على نتاج
المشهد السينمائي العالمي عادوا اليوم باعمال جديدة متسلحين بافكار وتقنيات
سينمائية نضرة ونافسوا بقوة في المهرجانات الكبيرة. الافلام المشاركة في
الاحتفالية المنتظرة لا تزال مشدودة الى الفن الاكثر تعبيرا عن العصر،
وتتميز بقدرة صانعيها على تجسيد لوعة المبدع والتعبير عن احوال معيشية بغضب
وحب وتمرد وقسوة ورقة تصل الى حد الشفافية الشعرية. ان فيلما مثل بارك الله
المرأة الحاصل على جائزة الهرم الفضي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،
واحد من بين الأعمال السينمائية الروسية التي تصطف بقوة الى جوار تلك
الكلاسيكيات السينمائية التي حققها مخرجون مكرسون لما يقدمه من نموذج فريد
يسبغ فيه على المرأة قدرا من الاحتفاء والتكريم ومكانة لائقة في المجتمع
تقف ندا متكافئا لشريكها الرجل في اقسى الاوقات واحلك المواقف الصعبة، وكل
هذا يجري في اسلوب سمعي بصري خلاب مبتكر بالجماليات والبناء الفني والدرامي
الدقيق، يزيده جاذبية وسحرا اداء ممثليه المتقن والفائق الالمام بحساسية
الكاميرا في فترات الضعف والقوة وتبدل الاحوال والمكان. اختار مخرج الفيلم
ستنسلاف جوفركين فترة الحرب العالمية الثانية وما قبلها وبعدها بقليل اطارا
لاحداث فيلمه ولامس فيه تلك المشكلات الممتدة من دواخل النفس الانسانية
وخصوصية المرأة في الحياة والعلاقات المتباينة ما بين العائلة والاصدقاء
وتبدلها السريعة المتزامنة مع تحولات سياسية واجتماعية عاشها آنذاك بلد مثل
الاتحاد السوفياتي السابق، فالمخرج الذي جاء للسينما من معهد فن السينما
وكان احد اعضاء اتحاد السينمائيين السوفياتي على اطلاع واسع ودراية بجزئيات
الفترة التي يناقشها العمل، مسلطا الضوء على الكثير من حالات البطولة
والفساد والمطبات التي يصنعها اشخاص يتنافسون على الاستحواذ بمقدرات
الآخرين بالرغم مما كان يقدمه البعض من شهامة ونبل واندفاع بالواجبات في ظل
ظروف شديدة جزئية من تفاصيل الحرب التي عصفت بالاتحاد السوفياتي آنذاك دون
ان يمنحها ابعادها الواقعية ومن دون ان يصدم المشاهد بلحظات ميلودرامية
زاعقة تفيض فيها مشاعر بليغة من الحزن والتعاطف مع شخصياته العديدة الذين
يحنو عليهم العمل، ويبرزهم في هيئة الضحايا الذين طحنتهم الحروب.
اسبوع
الفيلم الروسي المنتظر يخاطب المتلقي بلغة العقل والعاطفة عن المسيرة
المرهقة والصعبة في الحياة وعن الوحدة التي تقود الى ممارسات مفرطة من
التعب والشقاء الانساني والحزن العميق، انه ايضا يكشف عن اكثر من تحفة
بصرية محملة بدراما ثرية.
الرأي الأردنية في
25
يناير 2009 |