كنت قد
كتبت آخر مقال عن محمد هنيدي بعنوان »هنيدي يفقد
لياقته الكوميدية« وذلك بعد مشاهدتي لفيلم »عندليب الدقي« آخر الأفلام التي
»وقعت«
له.. لكنه تعلم الدرس جيدا ليستعيد لياقته الكوميدية في فيلمه الجديد
»رمضان
مبروك أبوالعلمين حمودة« وهو عنوان طويل من الصعب أن تحفظه كما أنه لا
يثير الضحك!
ومنذ ١١
عاما تقريبا قدم هنيدي فيلم »اسماعيلية رايح جاي«
الذي حقق نجاحا غير متوقع استطاع به أن يغير مسار السينما في هذه الحقبة من
الزمن.. ثم قدم بعده »صعيدي في الجامعة الأمريكية« الذي لقي نجاحا جماهيريا
كبيرا.
وتبعه في
نفس المدرسة كل من علاء ولي الدين ومحمد سعد وأحمد حلمي
والاخير استطاع أخيرا أن يطور نفسه.. ثم هاني رمزي وطلعت زكريا..
وأصبح هؤلاء
الكوميديانات نجوما وحققت أفلامهم النجاح الجماهير لخلو الساحة السينمائية
من
الأفلام الجيدة..
واحتكرت السينما هؤلاء النجوم من الرجال دون النساء باستثناء
عبلة كامل التي لقيت الكثير من النجاح الجماهيري في فيلم
»اللمبي« مع محمد
سعد.. لكنها حين استقلت بنفسها كبطلة سقطت أخيرا في بحر
»بلطية العايمة«.
وفرض نجوم الكوميديا شروطهم المادية والدعائية التي تعتمد علي البطل
الأوحد.
ومنذ ذلك الوقت أصبح محمد هنيدي هو نجم الكوميديا الأول.. فهو يتمتع بوجه
طفولي.. وخفة ظل.. ويقدم الكوميديا بشكل تلقائي دون مجهود أو »حزْق«..
لكن
هنيدي لم يطور نفسه علي مدي السنين واعتمد علي حب الجمهور له.. كما اعتمد
أيضا
في
أدواره علي أداء اللهجة الصعيدية أو الخليجية..
وكذلك ارتداء ملابس النساء
وهي أدوار عفي عليها الزمن..
كما اعتمد
علي تقديم أكثر من شخصية في الفيلم ليقوم
بمفرده ببطولة الفيلم كاملا وتتصدر افيشات الفيلم صورة للبطل الأوحد..
وتبعه محمد
سعد في تقديم شخصيات كثيرة ثم أحمد حلمي مع الفارق في أداء كل
منهم..
وتقديم أكثر
من شخصية أيضا وسيلة قديمة قدمها محمد عوض علي المسرح في
»نمرة ٢ يكسب«. ولم
يأت نجوم الكوميديا بالجديد الذي يمكن أن يقدموه فالافيهات محفوظة
ومتوقعة.
ومع ظهور
أفلام جيدة في السنوات الأخيرة علي المستوي الفني
والانساني.. والمشاكل الحقيقية وهموم الانسان المصري.. بدأت أفلام
الكوميديانات
تتراجع - خاصة بعد أن حققت الأفلام الجيدة نجاحا فنيا وجماهيريا.
وبعد
غياب سنوات وجاءت فيلمه الجديد
»رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة« سيناريو يوسف
معاطي واخراج وائل احسان
: يقدم الفيلم شريحة طلابية من أبناء الوزراء وأعضاء
مجلس الشعب في مدارس اللغات الخاصة الذين يعتمدون علي حصانة آبائهم
وثرواتهم..
وهو ما جعل المدرسين يخشونهم ويعاملونهم بحرص شديد مما نشأ عنه تدليل هؤلاء
الشبان
المراهقين لدرجة سخريتهم من بعض مدرسيهم..
وهنا يقدم يوسف معاطي نموذجا لمدرس
اللغة العربية.. وهي اللغة التي لا تهتم بها مدارس اللغات الخاصة كما يدرس
الدين الذي يعتبر في بعض المدارس مادة اختيارية مثل المدارس في الدول
الأجنبية..
ولأن المدرس يتكلم بالعربية الفصحي فهو مثار ضحك بالنسبة للأولاد الذين
يتحدثون
الانجليزية بطلاقة..
لكن »مستر« رمضان مبروك.. يعاملهم بقسوة ويمسك لهم
العصا .. كما يعلق ابن وزير التربية والتعليم ويربطه في السقف.. وحين يذهبون به
الي الوزير يظن أنه سيأخذ جزاءه ربما السجن أو
غيره.. لكنه يفاجأ بأن الوزير
يشكره ويفوضه لتربية ابنه بعد أن فشل وزير التربية والتعليم في
ذلك والمفروض أنه
يربي جيلا بأكمله.. وهو ما جعله يتشجع بالأسلوب الذي يعاملهم به. وقد اختار
يوسف معاطي مدرس اللغة العربية الذي يسخرون منه في الكثير من الأفلام منذ
كان يلبس
الجبة والقفطان..
وقد أدخل
المؤلف شخصية مغنية لأغاني الكليبات وهي الظاهرة
التي انتشرت خاصة ما تقدمه جميلات لبنان. وهي شخصية »نجلاء وجدي« علي وزن
»هيفاء
وهبي« التي ترمز الي هؤلاء النجمات.وتؤديها اللبنانية الجميلة »سيرين
عبدالنور« الذي ترك لها هنيدي جزءا من مساحة دوره لانجاح الفيلم.. فالطلبة
المراهقون يضعون صورها في الكتب المدرسية.. وتقيم لها المدرسة حفلات غنائية
يسرع اليها الطلبة التي تصبح صديقة لهم..
وقد أضفت الجميلة »سيرين عبدالنور«
الكثير من البهجة والجمال.. ويذهب رمضان الي بيتها ليمنع الطلبة من لقائها
فيقع
في
حبها.. وبدون مبررات أو منطق تقع هي في حب المدرس وتترك عالم الأضواء وتضحي
بالنجاح الذي حققته لتتزوجه وتعيش معه في القرية وتلبس زي الفلاحات .. من
أجل »أمير الأحلام«!!والفيلم
يدعو الي العودة للجذور الي اللغة العربية التي أهملتها
الكثير من مدارس اللغات.. مع تقديم أغنية لسيرين عبدالنور أو نجلاء وجدي
مطلعها:
»باللغة
العربية الفصحي.. اتكلم.. وركز.. واصحي« والفيلم يقدم الضحك
الراقي.. بعيدا عن الابتذال وهز الأرداف..
وقد اعتمد يوسف معاطي في الضحك علي
كوميديا الموقف وليس كوميديا الافيهات التي استهلكت..
فحين يتعرف المدرس علي
الطلبة نعرف أن معظمهم أولاد وزراء ومع ذلك يعاملهم بشدة ولكن
حين يقدم أحد الطلاب
نفسه كابن لوزير الداخلية.. يتغير موقفه ويشعر بالخوف..لا ننكر وجود
الممثلين
الكبار مثل لطفي لبيب
»المنافق« و»عزت أبوعوف« وزير التربية والتعليم..
وليلي طاهر »أم رمضان« الفلاحة.وهناك ثلاث ممثلين جدد من الوجوه الشابة
استطاعوا أن يقدموا الكوميديا بشكل جديد..
وعملوا توازنا مع الكبار فكانت مباراة
رائعة في الأداء بينهم وبين هنيدي.. وكان يهمني أن أعرف أسماءهم لكن للأسف
لا
توجد أسماؤهم في الدعاية التي هي حق لهم.. وأذكر منهم ابن وزير التربية
والتعليم
الذي أدي دور »رمزي«.. وهم يتحدثون الانجليزية بطلاقة لا يفهمها
المدرس.
لقد أصبح
اسم المؤلف يوسف معاطي علي الفيلم دليلا علي تقديم كوميديا
راقية بدون ابتذال أو هز أرداف.
كما استطاع المخرج وائل احسان الذي يتمتع بحس
كوميدي أن
يقدم الضحك من خلال الموقف في مشاهد كثيرة متتابعة.. وأري أن هذا
الفيلم يعيد هنيدي الي لياقته الكوميدية..
كما يعيد
الفيلم الكوميدي للوقوف أمام
الأفلام الجيدة الهادفة.
أخبار النجوم المصرية في
22
يناير 2009 |