أحاول أن
أعبر فوق أيام المرارة والأسي، وأطوي صفحات تقطر
حزنا ودماء سطرتها أرواح الشهداء الضحايا، وأمحو أياما صبغتها آهات الجرحي
وصرخات
المكلومين بلون الليل الحزين.. أيام زادتها الفرقة والشتات والصراعات هما
علي هم، وقهرا علي قهر، تلك الأيام التي ارتفعت فيها صيحات التقاتل،
والحروب
والمصالح لتغيم سماء الأمة العربية..
تركوا السفاح يمزق الجسد الجريح البرئ ،
وراحوا يتناحرون ويتراشقون ويتسابقون علي القمم
، ويتاجرون بالقضية الفلسطينية
ويملأون الشاشات صراخا، وعويلا وسبابا بلا استحياء!
أتحدث هنا عن تلك الحروب
الكلامية العربية العمياء التي قادتنا إلي حالة من الإنسحاق، وجعلت من
العرب
ظاهرة صوتية جوفاء تثير ضجيجا
بلا طحين! فلطالما حلمت في سنوات مضت بإعلام
عربي قوي يتصدي لإدعاءات وأكاذيب الإعلام الغربي وتضليله،
إعلام يعرف كيف يطرح
قضايانا العادلة،
ويكسب تأييد الرأي العام العالمي لمواقفنا،
وليس إعلاما مثل
خنجر مسموم يطعن
وحدة الأمة العربية ويخترقها،
لكني أبدا لم أكن أتصور أننا
سننفق الأموال الطائلة لكي نصنع ماردا
ضخما يحول الفضاء العربي إلي ساحة معارك
عربية .. ساحة تتحول فيها القنوات الفضائية العربية إلي أسلحة دمار شامل،
ومنصات لإطلاق الحملات الدعائية التي تخدم أجندة مصالح ومخططات وأهواء
أنظمة
وتنظيمات وجماعات
ما أنزل الله بها من سلطان،
ويصبح الإعلاميون مجرد حفنة من
الجنود المرتزقة ينقادون لأوامر قيادتهم العسكرية،
ويعدون العدة للهجوم علي أرض
المعركة!
لقد سقطت
ورقة التوت عن تلك القنوات التي تلعب بمشاعر وعواطف
الجماهير لتخدم لوبي المصالح الذاتية الضيقة والتنظيمات والانظمة
التي تقود
المنطقة للجحيم !
> > >
لا أعرف
ما هذا العبث والهراء الذي
قاد أصحاب العقول المريضة إلي إختزال الكارثة التي حلت بأهل غزة، والهم والغم
والأيام السوداء التي كنا نعيشها، ونحن نري الموت والدمار الذي نصحوا وننام
عليه، وأجساد الأطفال الأبرياء والنساء والشيوخ العزل تتمزق أمام أعيننا..
وأصبح كل هاجسهم تكفير الفنان عادل إمام وإصدار فتاوي إهدار دمه.. وتنظيم
مؤتمرات عنترية تليفزيونية للشجب والسب، والتشكيك في عروبة الرجل والطعن في
وطنيته! هكذا وبمنتهي البساطة يخرج علينا أحد الذين يدعون أنهم من حماة
الدين،
ورافعي رايات الإسلام ليصدر فرمانا من الطراز »القاعدي« باستباحة دم رجل مسلم
لمجرد أنه قال كلاما لا يعجبه!
هكذا يتحول إنسان مسلم بين عشية وضحاها إلي زنديق
كافر مرتد لأنه تجرأ وعبر عن رأيه!
كيف
يمكن أن يتحول الناس في بلادي إلي
أضحية تذبح بكلمة.. ويستباح دمها بفتوي؟! ألم تشبع ظمأهم أنهار الدماء
العربية المسالة في فلسطين وبغداد ولبنان؟!
وإذا كان هذا هو حال العرب
والمسلمين فلماذا نستنكر الصورة الوحشية التي يرسمها لنا الغرب
في اعلامهم اليهودي
الهوي والتمويل؟!
إنني أرفض
أن نلجأ إلي
تبرئة عادل إمام بدعوي أن
تصريحاته فهمت علي نحو خاطيء.. فالرجل حر في أرائه وأفكاره فهذا حقه..
كما أن
من حق أي
أنسان أن يختلف معه، ولكن الخلاف يجب أن يكون بالكلمة وليس بالسكين!
و ديننا
الحنيف يقول: وجادلهم بالتي هي أحسن.. ولم يقل اذبحهم إذا اختلفت
معهم! فلا أعرف عن أي دين يتحدثون..
عن الإسلام.. دين الرحمة والمودة
والسلام.. آه يا أمة محمد..
كم من جرائم ترتكب باسم
الإسلام.. والإسلام
منها براء!
والحق
إنني لا أجد في تصريحات عادل إمام ما يجافي الحقيقة أو
يغضب ملوك الفتاوي وأمراء المزايدات، فقد انتهي بالفعل عصر الشعارات،
ولن
تنقذ أرواح الفلسطينيين، أو تحقن الدماء العربية أو تعود الأراضي المحتلة
بهتافات »بالروح بالدم « التي كانت شعار مرحلة ولت وانقضت ولم تحصد فيها
أمة
العرب سوي
الانكسارات والهزائم! كما أنه ليس هناك عاقلا واحدا في وطننا الكبير
يرضي بهذا التشتت والتشرذم والانشقاق العربي الذي تجسده الفصائل الفلسطينية
في أبشع
صوره، ولا أجد عجبا فيما قاله عادل أمام عن التحركات
والاختراقات والأيادي
الخفية التي جرفت حركة حماس لمعركة
غير متكافئة لا تخدم سوي مصالح تلك المخالب
القذرة..
معركة دفع ثمنها الآلاف من أهل غزة، ولم يحصدوا سوي دمار وحطام
خلدته
جريمة الحرب الشنعاء التي ارتكبتها حفنة من شياطين بني صهيون وأبالسة
الدولة العبرية بمنتهي البشاعة والنازية،
تلك الحرب الهمجية المدمرة التي
استخدموا فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة ، وتحدوا بها المجتمع
الدولي، وضربوا عرض الحائط بقراراته، ووقفوا يلهون فوق المقابر الجماعية في
غزة التي صارت كاملة العدد!
أما الأمر
الغريب حقا في تلك الحملة الشعواء التي
اشتعلت نيرانها شرقا وغربا للنيل من الفنان عادل إمام، هو تسابق بعض
الفنانين
العرب علي الدخول في تلك المعمعة،
ليباركوا هذه الأفكار السلفية.. ويعضدوا
تلك الآراء الدموية..
ويرفعوا رايات الإرهاب الفكري عالية خفاقة..
ويوجهوا
طلقاتهم النارية
ورصاصاتهم الكلامية في قلب فنان قدير كل تهمته أنه تصور أنه
يعيش في وطن حر يتسع للجميع ولكلمة الحق والحقيقة!
> > >
أحترم
وأقدر الفنانين الذين يقومون بأدوارخيرية،
وإنسانية دون ضجيج وبعيدا عن الأضواء
والعدسات، أقول ذلك تقديرا للدور الذي لعبته في صمت النجمة الشابة حنان ترك
التي بادرت بالاتصال بالإعلامي عمر أديب تطلب منه جمع تبرعات من خلال
برنامجه
التليفزيوني الأشهر »القاهرة اليوم« للمساهمة في شراء سيارتين إسعاف
لإرسالهما
إلي غزة، ضمن 14 سيارة تسعي مع جهات أخري لتوفيرها وبادر عمرو
أديب علي الفور مستجيبا.. ليس هذا فحسب بل إن الثقة والحب والجماهيرية التي
حققها
هذا الاعلامي الموهوب وفريق برنامجه جعلتهم ينجحون في شراء 26 سيارة إسعاف
كانت من نصيب قطاع غزة، شكرا لحنان ترك التي تعمل في صمت
ولقناة أوربت التي
فرضت احترامها ومصداقيتها علي جميع مشاهدي
الفضائيات في الوطن العربي.. يا ليت
هواة البروبجندا الكاذبه والبحث عن الأضواء المبهرة،
وكاميرات الشهرة الزائلة
يتعلمون من هذا النموذج الذي سخر حب الناس لخدمة الناس.
> > >
تابعت
جانبا من البث الموحد الذي نظمه إتحاد المنتجين العرب تحت شعار
»وطن واحد..
إعلام
واحد« الأسبوع الماضي وتحدث فيه الدكتور حاتم الجبلي وزير
الصحة المصري والفنان السوري جمال سليمان والفنانة التونسية لطيفة، وقد أسعدتني
الموضوعية والصراحة والمباشرة التي تحث بها د.الجبلي بعد فاصل من
الانفعالات،
والشعارات والأفكار الساذجة والثرثرة، قال الوزير: إن مساعدة أهل غزة لن
تتأتي بالأغاني والانفعالات والحناجر والنضال في فنادق الخمس نجوم! ولكن
أهل
غزة يحتاجون إلي توفير سبل المعيشة الأساسية من مواد
غذائية ووقود وأدوية، ثم
يأتي بعد ذلك إعادة بناء البنية التحتية، فلا يمكن أن ندفع في لاعب كرة
198مليون
دولار، ونكتفي بمنح أهل غزة الفتات! وردا علي اعتراض لطيفة علي ما
قاله
الوزير عن أهمية الأغاني في دفع الجماهير للتبرع قال الوزير: نحن
لابد أن نكون واقعيين ونترك الكلام العاطفي.. فللأسف بعد عشر أيام من وقف إطلاق
النار لن يتحدث أحد عن غزة، وستتحمل مصر وحدها العبء الأكبر مرة أخري،
وإذا
كنا نتحدث اليوم عن شهداء
غزة فلا يمكن أن ننسي شهداء مصر.. أكثر دولة دفعت
ضريبة الحرب مع إسرائيل
وفقدت 120 ألف شهيد وخاضت 4 حروب.. لكن يبدو أن
الناس نسيت، ولم يفت الوزير أن ينعش ذاكرة أصحاب الشعارات
والحناجرويذكرهم
بالفرص الضائعة حينما قال:
نحن العرب نرتكب أخطاء سياسية فادحة، وعلينا أن
نتذكر مؤتمر ميناهاوس وقتها كان سيحصل الفلسطينيون علي قطاع
غزة، والضفة
الغربية دون مشاكل،
لكن جبهة الصمود والتحدي العربية رفضت المبادرة المصرية
آنذاك.. فماذا قدمت لهم
بعد 30 عاما وماذا فعلت من أجلهم؟!
وبقدر ما
جاءت
كلمات جمال سليمان هادئة وعقلانية كانت انفعالات لطيفة حادة وعصبية ومبالغ
فيها، وأرائها في الغالب كانت تفتقد للموضوعية،
صحيح أنها فنانة تعشق العمل
العام، لكن الصحيح أيضا أن هذا لا يعطيها الحق في فرض أرائها علي الجميع
وعدم
اعطاء الآخرين فرصة للتعبير عن أرائهم!
> > >
بمناسبة
دفاع
الفنانة
لطيفة المستميت عن مصر ودورها العربي والقومي، وتشنجها في لقائها
التليفزيوني مع وزير الصحة والسكان المصري تلقيت رسالة من القاريء ضياء
المنسي..
تكشف تلك الرسالة حالة من التناقض والانفصام الوطني في عالمنا العربي..
يقول
القاريء في رسالته:
»أنا
شاب مصري قررت منذ أيام الانضمام لعائلة محبي لطيفة
بعد أن استمعت إلي ألبومها الأخير الذي لاقي نجاحا طيبا،
لكن صدمتي جاءت عندما
عرفت أن الأخوة الفلسطينيين لايرشقون المصريين بالحجارة عند معبر رفح
الحدودي فقط،
ولكن أيضا علي موقعها الإليكتروني والذي يديره شخص فلسطيني
يدعي أدهم سكيك،
وما
لفت انتباهي واستغرابي أن هناك بعض الأعضاء
غير المصريين في هذا الموقع ومنهم أخت
موالية للشيخ حسن نصرالله تدعي رشا، وقد استباحت لنفسها أن تنعت المصريين
بالعملاء، وكلما حاولت الدفاع عن مصر والمصريين تظهر نغمة إن هذا الموقع
ليس
للمزايدات ونحن هنا في لطيفة »أون
لاين« في حين أن الموقع مفتوح ليل نهار
لاطلاق
سهام الحقد ضد مصر والمصريين!
كيف يحدث
هذا في موقع لطيفة التي لم تحقق
نجاحها وشهرتها إلا في مصر وبمساندة المصريين؟!
وهل تعلم لطيفة بما يحدث؟!
وهل
ما
ينشر علي موقعها يحمل وجهه نظرها؟! واذا كان الحال كذلك فلماذا تكره هذه
الفنانة التونسية مصر«؟!
انتهت
رسالة القاريء العزيز، ولن أعلق عليها إلا
بعد أن يصلني رد لطيفة إذا كان يعنيها أن توضح موقفها وتدافع عن نفسها.
أخبار النجوم المصرية في
22
يناير 2009 |