هوليوود .. العجز عن تقديم محتوى عميق والاكتفاء بالتفاهة
خاص ـ «سينماتوغراف»
تميل الأفلام الأميركية في السنوات السبع الأخيرة إلى التبسيط
والاستسهال والتعامل السطحي مع أفكار عميقة كان لها أن تنتج
أفلاماً رائعة لو أنها ظهرت في أزمنة أقدم قليلاً. أفلام مثل «لازالت
أليس-Still
Alice» و«القديس
فينسنت-St.
Vincent» و«القاضي-The
Judge» تعتبر
من أهم أفلام العام 2014 ووجدت احتفاء كبيراً على المستويين النقدي
والجماهيري بدعوى أنها أفلام عميقة، لكن القليل من التأمل في
جوهرها سيكشف لك أنها سطحية ولا تملك العمق الكافي الذي يبرر
الاحتفاء الهوليوودي بها والذي لا يمكن تفسيره إلا بأن هوليوود
باتت فقيرة فنياً إلى درجة احتفالها بالتفاهة.
في فيلم مثل
Still Alice
عناصر تكفي لإنتاج عمل نفسي رائع، يصور معاناة امرأة في بداية
رحلتها مع مرض الزهايمر، لكن الفيلم اكتفى بقشور الحالة النفسية
ولم يغص إلى الأعماق التي يتيحها أصل الموضوع، وذات الأمر مع فيلم
St. Vincent
الذي أراد أن يصنع شخصية ملهمة لكنه فشل في ذلك فشلاً كبيراً، أما
فيلم
The Judge
فلقد تاه بين الابن المحامي والأب القاضي ولم يظهر العلاقة بينهما
إلا بشكل سطحي لم يخل من «الكليشيهات» الهوليودية
المعتادة. الملاحظ في هذه الأفلام الثلاثة، وفي أفلام غيرها أنتجت
في السنوات القليلة الماضية، أنها باتت تصنع بطريقة مُعلّبة وفي
قوالب سردية جاهزة كما لو أنها مواد بلاستيكية تصنع بشكل آلي بلا
طعم ولا رائحة.
لماذا لم تعد استوديوهات هوليوود قادرة على إنتاج أفلام جيدة فنياً
بذات الوفرة التي كنا نراها قبل عشر سنوات؟. حالياً بالكاد تجد في
السنة الواحدة أربعة أو خمسة أفلام يمكن وصفها بالأفلام الرائعة
شكلاً ومضموناً وهذا فقر طارئ على السينما الأميركية وانهيار يمكن
تحديد بدايته من عام 2007 الذي شهد آخر الأفلام العظيمة حقاً في
تاريخ هوليوود وهو فيلم «ستكون
هناك دماء-There
Will Be Blood» للمخرج
بول توماس أندرسون، حيث لم تظهر بعده إلا حفنة من الأفلام الرائعة
الخالية من آداءات وشخصيات ملفتة.
فما الذي تغير في هوليوود منذ العام 2007 حتى أصبحت عاجزة عن
احتمال العمق؟. هناك متغيرات عامة طالت«حياة» جمهور
السينما في أميركا وفي العالم، وهناك متغيرات خاصة بهوليوود نفسها
وبطبيعة المناخ الذي تعمل داخله. فيما يتعلق بهوليوود فإنه لا يمكن
إغفال أزمة كتاب السيناريو التي هزت هوليوود نهاية العام 2007
والتي أدت إلى تسرب الكثير من الكتاب إلى القنوات التلفزيونية،
ويمكن قياس الأثر مباشرة في مستوى أفلام العام 2008 ومقارنتها
بمستوى المسلسلات التلفزيونية الأميركية مثلا في ذلك العام. لقد
أدت هذه الأزمة إلى تسرّب «العمق»من
السينما باتجاه التلفزيون ومنذ ذلك الحين أصبحت الشخصيات المهمة
والسيناريوهات المميزة من اختصاص التلفزيون لا السينما في سابقة لم
تحدث منذ ميلاد التلفزيون الأميركي قبل أكثر من ستة عقود.
لسنوات كان التلفزيون الأميركي يقدم مسلسلات خفيفة على غرار
Cheers
وساينفلد وفريندز، مسلسلات «سيت
كوم» للتسلية
لا تجرؤ على الخروج عن القالب الترفيهي المرسوم لها، إلا أن الحال
تغيرت بعد مغامرة شبكة
HBO
الأميركية منتصف التسعينيات حين أنتجت مجموعة من الأفلام
التلفزيونية المختلفة والمتميزة مثل «غوتي-Gotti»والتي
منحتها الجرأة لإنتاج مسلسل المافيا «آل
سوبرانو-The
Sopranos» ابتداء
من العام 1999 مدشنة بذلك بداية التطور النوعي للتلفزيون الأمريكي،
لتتبعه بمسلسل رائع آخر عام 2001 بعنوان
Six Feet Under
إلى أن جاء عام 2008 حاملاً معه أهم المسلسلات التلفزيونية على
الإطلاق؛ مسلسل
Breaking Bad
الذي أنتجته سوني وAMC
لتؤكدان من خلاله أن التلفزيون بات مصدر الجودة والقيمة والعمق
الفني في أمريكا وليس السينما، حيث بدأت من ذلك العام تحديداً
الشبكات التلفزيونية بإنتاج جملة من المسلسلات الممتازة التي بلغت
مستويات عليا من العمق لم يكن متخيلاً أن يبلغها التلفزيون في يوم
من الأيام.
ولهذا الانتقال من التلفزيون إلى السينما أسباب كثيرة، ابتدأت
بأزمة كتاب السيناريو في هوليوود، وتزامنت مع رغبة الشبكات
التلفزيونية العملاقة بضخ المال لإنتاج متميز، لكن السبب الذي قد
لا يبدو واضحاً بشكل جلي هو أن طبيعة المشاهدة التلفزيونية في
المنزل قد تحسنت كثيراً مع تطور شاشات التلفزيون بشكل أتاح الفرصة
للمشاهدين بأن يحضوا بمشاهدة أفضل داخل منازلهم تغنيهم عن الذهاب
إلى صالة السينما، الأمر الذي منح شبكات التلفزيون العملاقة سوقاً
أكبر تضمن لها تحقيق عوائد من المسلسلات عالية الإنتاج، ومنحها
أيضاً القوة لتقديم محتوى إبداعي يتفوق على ما تقدمه استوديوهات
هوليوود التي لم تجد أمامها سوى تقديم أفلام ذات مؤثرات بصرية
باهرة لا يمكن مشاهدتها سوى في صالة السينما علّها تمسك بما تبقى
من ولاء زبائنها.
وقد تزامنت معاناة هوليوود مع تحسن واقع التلفزيون إنتاجاً
ومشاهدة، معاناتها أيضا مع القرصنة الإلكترونية التي أخذت طوراً
خطيراً ابتداءً من العام 2007 مع تطور سرعات شبكة الإنترنت إلى
مستويات تسمح بنقل الأفلام عبر برامج المشاركة وبشكل خاص «التورنت» الذي
كان قد ابتكره الشاب الأميركي برام كوهين عام 2001. لقد أدى شيوع «التورنت» إلى
تعزيز مبدأ المشاهدة المنزلية على حساب صالة السينما، ولم تجد
هوليوود أمام ذلك سوى الاستمرار في البذخ البصري في أفلامها بشكل
لا يمنح فرصة الاستمتاع بها حق الاستمتاع سوى في صالة سينما ضخمة،
وهذا الحل وإن بدا ناجحاً حتى الآن على مستوى الأرباح إلا أنه أدى
إلى ضمور الأفلام الفنية وانحسارها عن ميدان السينما.
أما بشكل عام فإن حياة البشر قد تغيرت بعد مجيء الإنترنت، واتجهت
نحو السرعة والتبسيط بعد غزو أجهزة الاتصال الذكية -خاصة الآيفون
الذي انطلق عام 2007- وما جاء معها من تطبيقات –مثل تويتر وفيسبوك-
أضعفت من قدرة احتمال الجمهور للموضوعات الجادة وجعلتهم يميلون
للكبسولات المعرفية الخفيفة، وهنا لابد أن نذكر كتاب «انحطاط
الحضارة الأمريكية» مثالاً
مهماً يؤكد التأثير المدمر لتطور التقنية على وعي البشر، إذ يروي
فيه الكاتب موريس بيرمان فصولاً من معاناة المثقف أمام الطوفان
الاستهلاكي الذي اجتاح الحياة الأميركية وترك آثاره السلبية على
الثقافة والفنون وكافة مجالات الإبداع، ومن ذلك القراءة
الإلكترونية عن طريقة شاشة الكمبيوتر –الكتاب منشور عام 2000-
والذي قال الكاتب إنها تؤثر بشكل خطر على جهاز الاستقبال في الدماغ
البشري ولا تسمح له بالتفاعل الحي والعميق مع الكلمات والأفكار
بالشكل الذي يملكه الكتاب المطبوع، وهذا جعل البشر بعد سنوات من
الضجيج التقني ينقادون للقراءة السطحية ويكرهون العمق في كل شيء،
وقد تأثر صناع هوليوود بهذا الأمر كما تأثر الجمهور فكانت النتيجة
العجز عن تقديم محتوى عميق، والاكتفاء بالتفاهة. وإن كان التلفزيون
قادراً على الصمود حتى الآن لاعتماده على كتاب سيناريو مهووسون بما
يقومون به ومنعزلون عن كل ما يشغلهم عنه، إلا أنه في الطريق حتماً
نحو حفلة التفاهة.
الفائزون في «السرد الإبداعي» يتحدثون عن تجاربهم ومكتسباتهم من
المهرجان
دبي ـ خاص«سينماتوغراف»
اختتمت قبل أيام فعاليات الدورة الثانية لمهرجان «السرد
الإبداعي» لأفلام
الطلبة، والذي تنظمه كلية محمد بن راشد للإعلام بالجامعة الأمريكية
في دبي. المهرجان شهد تطورا ملحوظا في دورته الثانية، اتسعت قاعدة
الاختيار، ارتفع عدد المشاركين، وأقيمت أنشطة موازية كمسابقة
السيناريو وورش العمل وجلسة التعارف السريع.
وضمن الشراكة التي جمعت المهرجان بـ «سينماتوغراف»،
الشريك الإعلامي للمهرجان، خصت إدارة المهرجان الموقع بحوارات مع
المخرجين الأربعة المتوّجين بجوائز المهرجان، عن خبرتهم في
المهرجان وفي دبي، وما تعنيه الجائزة لهم، وما هي خططهم لمستقبلهم
المهني كصنّاع أفلام.
تعرفوا معنا على الفائزين الأربعة، فسيكون لهم شأن في المستقبل
السينمائي القريب.
أوجوستو بيكالو روكي (البرازيل)..
الفائز بمسابقة الرسوم المتحركة عن
«Cartoon Away»
«لم
أعتقد أني سأفوز، كان سقف طموحي أنا أنال تنويها خاصل، وبعد
التنويه بفيلم آخر قلت: حسنا.. ربما ليست هذه المرة، فقد كان هناك
الكثير من الأفلام الجيدة، لذلك كانت فرحتي كبيرة جدا بالجائزة.
فيلمي يدور حول شخصية تحاول الهروب من تحكم صانعها والتحرر من ورقة
الرسم.
إنه شيء عظيم أن أكون هنا في دبي المثيرة للإعجاب في حد ذاتها،
وكذلك مقابلة العديد من الأشخاص الموهوبين ومشاهدة الأفلام
الممتازة المشاركة. لقد كان وقتا مميزا للغاية بالنسبة لي ربحت منه
معرفة وأصدقاء وشبكة إتصال.
أتمنى حضور المهرجان في العام القادم. أعلم أنه لأفلام الطلبة فقط
وأنا قد أنهيت دراستي، لكني سأبدا الدراسة من جديد لنيل درجة
الماجستير في الإخراج، لذلك قد أستطيع تقديم فيلم آخر في الدورة
القادمة».
بوريس نيكولوف (بلغاريا)..
الفائز بمسابقة الأفلام الروائية عن
«Yana»
«يحاول
الفيلم لفت الإنتباه إلى العنف العائلي، عن طريق إمرأة من أوروبا
الشرقية تعيش حبيسة مثل الطائر في القفص، وتتوقع حدوث أمور رهيبة
لها في كل مرة يعود فيها زوجها من العمل.
لم أتوقع الفوز على الإطلاق، كانت مفاجأة عظيمة، لدرجة أني لم
أنتبه لذكر اسمي حتى لفت الجالسون جانبي نظري للصعود إلى خشبة
المسرح.
أنا معجب جدا بهذا الحدث، وقد تم إختيار الأفلام بمقياس رفيع، ففي
بعض الأوقات يتم عرض أفلام سيئة في المهرجانات، لكن بهذه المرة لم
أشاهد إلا أفلام جيدة، وأعتقد بصراحة أن المشاركين هنا إذا إستمروا
في صناعة الأفلام فسوف يقدمون أعمالا ضخمة.
بعد إنتهائي من دراسة الإخراج السينمائي لخمسة أعوام في الأكاديمية
الوطنية ببلغاريا، إنتقلت إلى براغ لدراسة صناعة الأفلام لعام
واحد، وصنعت فيلم «Yana» هناك.
تواصلت مع المهرجان عن طريق مدرستي السينمائية الأولى، الذين
أرسلوا عدد كبير من الأفلام أختير منها فيلمي كي يشارك في مهرجان
السرد الإبداعي.
استمتعت جدا بجلسات التعارف السريع، وإن كنت أتمنى أن تصبح مدة
الجلوس مع كل شخص خمس دقائق بدلا من ثلاث، أنه تمرين مهم جدا لصانع
الأفلام».
طارق رفول (لبنان)..
الفائز بمسابقة الفيلم الوثائقي وجائزة اختيار الجمهور عن «أحمر
أبيض أخضر»
«يدور
الفيلم حول إمرأة مسنة في السبعينات من عمرها ولديها إبن في
الثلاثينات من عمره، يعاني من متلازمة داون وتحاول المرأة إيجاد
مكان له.
مشاركتي في المهرجان كانت مدهشة، فأنا لم أكن أعرف أنهم محترفون
وودودون لهذه الدرجة. ربحت العديد من الأصدقاء في دبي وخارجها، كما
استمتعت بمشاهدة أفلام أخرى من بلاد وثقافات مختلفة.
عمري 25 عاما، حصلت على البكالوريوس في لبنان ودرست ماجستير صناعة
الأفلام الوثائقية في أوروبا، وصنعت الفيلم الذي شاركت به في
المهرجان في بودابست كجزء من مشروعي الجامعي. وقد تعرفت على
المهرجان من خلال الموقع الإلكتروني».
بيتر موسى (لبنان)..
الفائز بمسابقة السيناريو عن «هيليوم»
«يدور
السيناريو في جزيرة معزولة لا يعرف سكانها أي شيء خارج جزيرتهم،
وعندما يعثرون على قنينة هيليوم، يحاول أحدهم إستنشاق الغاز ويتغير
صوته، فيعتقدوا أنها روح شريرة، ويحاول رئيس القبيلة إستغلال الروح
الشريرة بأية طريقة ممكنة.
لم أكن أتوقع الفوز بالمسابقة فالسيناريوهات الأخرى كانت جيدة جدا.
كان المهرجان كذلك جيد جدا وخاصة أنني عملت متطوعا طوال الوقت،
بذلت مجهودا كبيرا لكنه كان جهدا ممتعا.
حصلت على العديد من ردود الأفعال للسيناريو، وأصبح لدي أفكار
للكتابة بشكل أفضل وتطوير السيناريو للأحسن، واكتسبت خبرات مغايرة
لدراستي، فهنا في كلية محمد بن راشد للإعلام بالجامعة الأمريكية
نتعلم التقنيات فقط، بينما في ورش العمل بالمهرجان قابلت سينمائيين
بمنظور تعليمي وتقنيات مختلفة.
لدي طموح بالوصول للعالمية عندما أبدأ في صناعة الأفلام، وقد بدأت
في كتابة هذا السيناريو في صف بالسنة الثانية، تحت إشراف نادية
عليوات التي أرشدتني إلى الطريق الصحيح وجميع الصيغ اللغوية». |