فوجئت برفع الفيلم بعد اسبوع واحد فقط وغضبت بسبب المشوار الذي
تحملته راضية لا ينقصني الحماس لأنني علي موعد مع فيلم حاصل علي
عدد من جوائز الأوسكار "2015" ومخرجه من مبدعي الأفلام الممتعة جدا
بالنسبة لي.
أتحدث عن فيلم الرجل الطائر
"Birdman"
للمخرج المكسيكي اليخاندرو جونزاليس اناريتو صانع روائع "بابل" و"بيوتفيل"
"وافوراس بيروس" و"21 جرام"..
وفوجئ مرة ثانية وان كانت هذه المرة مفرحة انني وجدت الفيلم علي
الانترنت كاملا.. ورغم الفارق الطبيعي في الاحساس بين الوسيطين.
الشاشة الكبيرة وشاشة الكمبيوتر إلا انني رضيت بالقسمة والنصيب
وكان همي في البداية الإجابة علي سؤال مهم طالما طرحته في كل مرة
حول ردود فعل الجمهور أعني أسباب اقدامه أو إحجامه عن عمل سينمائي
بغض النظر عن القيمة الفنية والجوائز العالمية!
الفيلم ليس من الأفلام التي يمكن استيعاب مضامينه المركبة بسهولة
ولا اسلوب حكيه الذي يمزج بدون قطع ولا فواصل بين ما يدور داخل
العقل وداخل المسرح الذي تدور فيه الأحداث ولا امكانية التواصل
السريع والمباشر مع أزمة البطل المركبة مع نفسه ومع مشواره الفني
ومع زوجته التي انفصل عنها أو ابنته التي أصبحت خارج عالمه ولا
تؤمن بقضية حياته وجوهر أزمته التي يصارع من أجل تجاوزها.
انه عمل مركب جدا يحتاج إلي أكثر من مشاهدة حتي تتسلل بذهنك إلي
ثنايا حالة نفسية إنسانية متعددة المستويات فضلا عن ان الممثل بطل
الفيلم "مايكل كيتون" الذي اشتهر بدوره في "الرجل الوطواط باتمان"
غاب لسنوات بعيدا عن الشاشة ومن ثم عن الجمهور المصري.
انه ليس من أفلام الأكشن التقليدية ولا "العصابات" ولا "الرعب" ولا
"الكوارث" أي ليس من أنواع الفيلم ذات الشعبية الجارفة هنا وفي أي
مكان.
الشخصية الرئيسية كانت ذات يوم "بطل خارق" سوبر هيرو يرتدي قناعا
وملابس خيالية ولم يظهر للجمهور بملامحه الحقيقية يعرفه الناس
كمخلوق خيالي وقد اكتسب شهرته وجماهيريته كشيء مصنوع وليس كإنسان
من لحم ودم.. اختفي عن الشاشة وتوقف عمدا عن الاستمرار في أداء نفس
الشخصية فنسيه الناس. ربما يتذكرون "الرجل الطائر" وليس الممثل
الذي ارتدي زيه ووضع قناعه.
الفيلم يبدأ بصوت داخلي لبطل الفيلم بينما يدير ظهره للكاميرا
يرتدي قطعة واحدة من ملابسه الداخلية ويجلس فوق منضدة في مواجهة
نافذة تطل علي أحد شوارع نيويورك داخل غرفة في مسرح من مسارح
برودواي.
الصوت الداخلي قد يكون "مونولوج" أو لعله ديالوج مع "الرجل الطائر"
الذي يسكنه ويعبر فيه عن استيائه من المكان ورائحته وما آلت إليه
حياة البطل نفسه ومسيرته الفنية.
انه بطل يصارع أزمة متعددة الوجوه وهو الآن يخوض معركته الأخيرة
للعودة إلي الأضواء والشهرة من جديد ولكن ليس في رداء "الرجل
الطائر" وانما باعتباره ممثلا مبدعا قادرا علي الوجود داخل هذا
المعبد الفني العتيد "برودواي".
انه الآن يقوم بإخراج مسرحية من تأليفه عن قصة لمؤلف كان قد أعجب
به في صباه وبشره بأنه سيكون ممثلا مرموقا.
المسرحية بعنوان "ما الذي نتحدث عنه عندما نتحدث عن الحب". الفيلم
نفسه مركب.. انه مسرحية داخل فيلم! و"الحب" في العنوان لم يأخذ
بدوره طبعات متعددة بعيدة عن التجسيد المباشر أو العلاقة بين الرجل
والمرأة في تنويعاتها وتجلياتها العادية أو الشاذة انه خليط معقد
جدا من شتي المشاعر . علاقات مضطربة مصطنعة. محمومة. عصبية. عنيفة.
ونادرا ما تكون سلسة أو صافية أو حتي يمكن وصفها.
فهكذا تابعنا العلاقة بين "ريجان" "مايكل كيتون" وابنته "سام"
"ايما تومسون" التي خرجت لتوها من مستشفي للتأهيل ولكنها لم تقلع
عن تدخين الحشيش وتعتبر والدها الذي كان مشهورا شخصا غير موجود في
عرف الزمن الحاضر فهو لا يؤمن بالمدونين ولا "بالتويتر" وليس له
حساب علي الفيسبوك. اذن هو لا ينتمي إلي عالمها!!
ومسرحيته التي سوف تعيده إلي مجده الغابر حسب اعتقاده عمل قديم
مكتوب من ستين سنة لجمهور أبيض وغني ومهموم فقط بالقهوة والكيك..
إذن جسور التواصل بين عالم الأب والابنة الشابة مهدمة وكذلك الجسور
التي ربطت بينه وبين زوجته التي لا تعرف علي وجه التحديد سبب
انفصالها وأيضاً مع عشيقته الممثلة الشابة التي تجد نفسها امرأة
ليست مؤهلة للأمومة رغم توقها أحيانا إلي ذلك الوضع الطبيعي..
فالصراع هنا ليس فقط بين الرجل وماضيه وانما بين الزمن الآتي وزمن
ما قبل تكنولوجيا الاتصالات سريعة التقدم وفي مدينة تشهد بحاضرها
وماضيها عن الايقاع اللاهث المتسارع وأيضاً عن التباين الصارخ بين
حجم الشهرة وحجم الأزمة النفسية التي يعاني منها "سوبر مان" صنعت
منه هوليود اسطورة رغم هيافة وضحالة جوهر ما يقدمونه من أعمال
ترفيهية وربما يبرر ذلك اختيار العنوان الفرعي للفيلم إلي جانب
العنوان الرئيسي "الرجل الطائر" أو "الفضيلة غير المتوقعة للجهل"
وهو العنوان الذي اختارته الناقدة المسرحية "ثابيتا" "ليندساي
دنكان" التي تمثل مقالاتها القول الفصل في قبول المسرحية أو رفضها.
الصراع يمتد أيضاً بين "البطل السوبر" وبين الناقدة المتعسفة التي
تمتلك نفوذا تمارسه باستخدام معاييرها الذاتية.. لعله موقف المخرج
من النقد والنقاد.
ويشكل الصراع بين بطلي المسرحية "ايجان" وهو نفسه المؤلف وبين
"مايك" الذي يلعب دوره بمهارة شيطانية ورشاقة راقص باليه الممثل
ادوارد نورتون "نايت كلوب" والاثنان يشكلان مستوي من الصراع الذي
يتجاوز التنافس المهني إلي الصدام حول القيمة الفنية لممثل تراه
الناقدة الفنية "ثابيتا" مجرد مهرج في رداء طائر مثله مثل جميع
"السوبر هيرو" الذين تصنعهم هوليود.
ادوارد نورتون في الفيلم يجسد شخصية فنان متحرر بالكامل من الكوابح
يتجاوز الخطوط المتعارف عليها محطما قيم الاحترام ومعايير السلوك
السوي وفي تعبيره عن الشخصية بأبعادها وملامحها الغريبة يلجأ
المخرج وهو نفسه كاتب السيناريو ومعه ثلاثة آخرون إلي حوار صريح
ومكشوف وصادم بالنسبة للجمهور المصري حتي العاشق للسينما وأنا أشير
إلي النسبة الأكبر من جماهير السينما.. ولعل ذلك من بين الأسباب
التي باعدت بين الفيلم والجمهور في مصر.
الفيلم يعتمد اسلوبا للحكي يتماشي مع تيار الوعي. ينتقل بأسلوب
عفوي تلقائي متدفق بين حالات البطل العقلية والنفسية والشعورية
وبين حالاته العصبية وانفعالاته ومخاوفه وبنفس السلاسة والحركة
المتصلة في المكان الواحد من خلفية المسرح إلي خشبته. وبنفس
المرونة عندما تنتقل الكاميرا إلي الشارع والزحام حين يضطر البطل
إلي الخروج خارج المسرح شبه عار.
ومن الصعب أن تتأمل هذا النسيج الفني الدقيق أو التشكيلات الذهنية
التي تمزج بين قصة رجل مسكون بماضيه الفني ويواجه أزمة وجود حقيقية
ويشتبك مع الشخصيات التي تمثل خيوطا عضوية رئيسية في هذا النسيج
مثل ابنته التي أصبحت مساعدته بعد تعافيها نسبيا من الادمان ومع
زوجته أو طليقته التي مازالت قادرة علي الفهم والتعاطف مع مخاوفه
من النسيان والاهمال ومع منافسه الممثل الجديد الذي يشاركه
والتهديد الذي يطول علاقته الحميمة مع منتج مسرحيته وصديقه ومحامية
"زاك جاليفيانكس" ثم مع هذا العالم الذي شهد عظماء وأسماء كبيرة
تحركت فوق خشبة هذا المسرح نفسه.
اشكاليات عميقة يعبر عنها الفيلم تكشف كواليس العالم المعقد جدا
للحياة الفنية والأزمات النفسية التي تعشش في ثنايا الشهرة
والنجومية مع الجوهر الفارغ الضحل الذي يتواري وراء شخصيات النجوم
الكبار.. ومن هنا يتذكر اليخاندرو المخرج وكاتب السيناريو بعض
أبيات شكسبير في مسرحيته الخالدة "ماكبث" حول الحياة التي هي ليست
سوي ظلال سائرة لا تعني شيئا وعن الممثل المسكين الذي يملأ المسرح
ضجيجا ثم ينتهي دوره ولا يسمع عنه أحد!
اليخاندرو جونزاليس اناريتو مخرج تشاهده بعيون العقل وتقرأ لغته
البصرية والمسموعة باعتبارها سيمفونية تستدعي عيون كل الحواس. انه
صانع فيلم عظيم وعميق وان كانت أفلامه لا تنجح دائما مع جمهور
السينما في مصر.
رنات
لماذا فعلاً؟؟
بقلم: خيرية البشلاوى
سألتني الملحقة الثقافية لسفارة الصين عن الأسباب وراء تراجع
السينما المصرية الآن وكانت رائدة دوما في الاقليم العربي.
جاء السؤال في معرض حديثها عن السينما الصينية الجديدة والأجيال
التي ربما تعتبر الجيل الثامن بعد الجيل الرابع والخامس الذي أذكر
منهم المخرج العالمي الفذ زانج بيمو الذي زارنا بدعوة من مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي في الدورة قبل الأخيرة.
انه الآن يعمل كمصور ومخرج وفنان مبدع ومتفرد في إخراج عروض فنية
موسيقية راقصة وبفرق متقدمة جدا في فنون الرقص والموسيقي يتم
تصويرها في الأماكن الطبيعية في ربوع الصين المترامية.. أي ان
المشهد الطبيعي يشكل خلفية لهذه العروض تمنحها بالضرورة ثراء بصريا
وزخما جماليا رائقا يمنح المشاهدين فسحة للعين ورياضة للروح وسط
تابلوهات رائعة الجمال من صنع الطبيعة إلي جانب الابداع الفني
لفنان يمتلك حاسة بصرية وحساسية مرهفة تلتقط مظاهر الجمال الخام
يغذيها ويقويها بإبداعات الفنان وتطور التكنولوجيا والتي تغازل
وتستثير حاستي السمع والبصر عند المستقبل وتقوي ضمنيا الانتماء
والروح الوطنية لدي الشعب الصيني وترفع قيمة هذا البلد خارج حدوده.
ولم استطع الرد علي سؤالها حول تراجع السينما المصرية لأنني فعلاً
لا أملك إجابة محددة.. فعلاً لماذا؟؟
هل لأن الفيلم كوسيط ترفيهي يعجز عن تحقيق النجاح التجاري الذي
يضمن استمرارية صناعه وبالذات المنتج أو ان الصناعة لا تحظي بالعدد
الكافي من المنتجين الداعمين لوسيط الفيلم إلا باعتباره عملا
للترفيه الاستهلاكي السريع محدود القيمة.
لقد أثبتت السنوات القليلة الماضية ان الفنان السينمائي المصري
يستطيع بالفعل تقديم أعمالا جيدة المستوي فنيا وقادرة في نفس الوقت
علي الوفاء بعنصر الترفيه من دون الهبوط إلي درجة الابتذال
والاسفاف.
فهل لم يعد الفيلم المصري قادرا علي الصمود أمام الدراما
التليفزيونية التي تضخ فيها رءوس أموال كبيرة وتوزع علي عشرات
القنوات التليفزيونية؟!
إذن لماذا لا يتجه جزء من هذه الأموال إلي صناعة الفيلم؟ علماً بأن
الانتاج يباع لاحقا إلي القنوات التليفزيونية التي أصبحت تستوعب
الانتاج السينمائي كله القديم منه والحديث.
لقد انتهي زمن "القطاع العام" بالنسبة لصناعة الفيلم ولا يوجد قطاع
عام في سينمات السينما المتقدمة. ربما توفر الدولة أحيانا دعما
لوجستيا للانتاج الضخم الذي يتناول موضوعات قومية كبري مثل الحروب
التي تخوضها الدولة دفاعا عن أمنها القومي أو تمجيدا لكبريائها
العسكري وفي كل الأحوال للدعاية عن قوة الدولة ومؤسستها العسكرية
مثلما يحدث في بعض الانتاج الهوليودي.
هناك مؤسسات ثقافية وصناديق لدعم الأفلام والتجارب السينمائية
الخاصة ولهذه الجهات شروط ومواصفات للفيلم وبالتأكيد ليس من هذه
المواصفات أن ينتمي العمل إلي نوعية العمل الاستهلاكي التجاري.
ونحن لا نريد ولا نشجع تجربة فاشلة أخري مثل تجربة فيلم "المسافر"
للمخرج أحمد ماهر الذي تكلف ملايين دفعتها الدولة ولم يحقق ملاليم
ولم يفز برضاء الجماهير ولا المهرجانات الدولية أي انه لم يعد بربح
مادي أو أدبي ولم يغط تكلفته ولم يوفر لصانعه سمعة فنية تضمن له
عملا آخر.
ما الذي يجعل الانتاج المصري أقل كميا عن سنوات سابقة.. هل اختلاف
السوق ومزاج الجمهور المستهلك لسلعة الفيلم؟!
هل السنوات العجاف التي ارتبطت بما يسمي الربيع العربي تحولت إلي
خريف سينمائي عاصف بمكتسبات صناعة كانت رائجة ومستبدة وسط محيطها
العربي والإقليمي.
هل ثمة ظروف مؤقتة تنجلي مع الوقت وبعدها تنطلق الصناعة؟؟ هل نحتاج
إلي تفكير من خارج الصندوق أو إلي جيل جديد يجد دعما من الجمهور
وتشجيعا من قبل الجهات المنوط بها تشجيع الأعمال الفنية المحترمة.
فعلاً لا أمتلك إجابة.. ولكن أشعر بالغيرة من فنان مثل زانج ييمو
حريص علي تخليد وطنه المكان والزمان والتاريخ والجغرافيا بلغة الفن.
سينما 2015
تقدمها خيرية البشلاوى
الدورة الـ 22 لمهرجان السينما وفنون الطفل..
افتتاح آثار البهجة يليق بالقاهرة 2015
أول أمس ـ الجمعة ـ عشت في دار الأوبرا أمسية جميلة ملأتني بالأمل
والتفاؤل.. آمنت بأننا بالإرادة والعزم الصادق نستطيع أن نواجه
العالم.. فالتحديات حين تتوفر الإرادة تصبح مجرد ريشة خفيقة نزيحها
بسواعدنا وعقولنا المبدعة.. ولن تغيب الفنون عن ميادين التحدي وسوف
يشارك الأطفال مع الأجيال الأكبر في صد معوقات المسيرة فكل شيء
يبدأ في العقول أولاً ومن الأفكار السليمة البناءة تثمر الحياة.
صناعة البهجة تتطلب من يستطيع توفيرها ويؤمن بها كغذاء روحي ومعنوي
تغذي البدن الإنساني وقد امتلأت ساحة الأوبرا مع حفل الافتتاح
بالألوان وبفيض من المسرح الطفولي وفوق المنصة الواسعة المفروشة
بالسجاجيد الحمراء والخضراء قدمت فرقة الأطفال نمرا استعراضية
لأطفال من كل صوب إلي جانب عروض الأراجوز.. الميكروفونات تصدح
بالأغاني والأناشيد حالة من المرح والفرح نحتاجها.
فعلاً لا شيء يعوق الإرادة في بعد توقف بسبب الأحداث اللعينة التي
مرت بها مصر تعود الأضواء والصخب المنقم ويتواري المتقاعسون.
المتشائمون بإرادتهم أو رغماً عنهم.
داخل القاعة الكبري في هذا الصرح الفني الرائع بإرادة فنانة مصرية
جميلة الملامح والروح "ايناس عبدالدايم" وقفت نماذج من أطفال
المصريين يتحدثون بالعربية وبلغة انجليزية وصحيحة ورصينة وبثبات
وابتسامة رائعة.
أعضاء لجان التحكيم ومجموعة من الفنانين يمثلون رموزا فنية مصرية
جديرة بالتكريم في هذه المناسبة "مهرجان فني للطفل" أذكر محمد
صبحي. هاني شاكر. ياسمين عبدالعزيز. هاني شنودة. بوسي وسليم سحاب
وشيري عادل وكتاب الأطفال دكتورة عفاف طبالة والدكتور محمد المنسي
قنديل والشاعر شوقي حجاب ونوال الدجوي وعبدالتواب يوسف والراحلة
ماجدة موسي التي تولت رئاسة مجلس أمناء مدارس مصر اللغات فهؤلاء
جميعا لهم حق التكريم لقاء ما قدموه من أعمال ومشاريع تنشر المعرفة
والوعي التربوي وتشيع البهجة وهم جميعا يقدرون ما عليهم من مسئولية
ازاء الشعب والمجتمع وما يطرحه الحاضر من تحديات.
سهير خبيرة المهرجان
وقبل هؤلاء المكرمين تقتضي الموضوعية أن أذكر السيدة سهير
عبدالقادر المرأة الدينامو وراء مهرجانات القاهرة ومهرجان الطفل
منذ مولده الأول والعديد من المهرجانات الناجحة خارج القاهرة..
سنوات من الخبرة الطويلة والعمل الدءوب المخلص والنشاط الخالص لوجه
الفن والوطن جعلها تحمل لقب خبيرة بجدارة في صناعة المهرجانات
وتنظيمها ومنها المهرجان الخاص بسينما وفنون الطفل الذي بدأت
فعالياته يوم 20 مارس وينتهي يوم 27 منه.. انها شخصية لا تعرف
المستحيل أقولها شهادة لوجه الله.. صحيح ان دموعها قريبة وعصبية
وأحيانا تصاب بالإحباط ولكن بالإرادة الفولاذية التي تملكها تواصل
وتواجه التحديات بروح لا تهن لأنها تعشق العمل كقيمة بغض النظر عن
المكسب المادي.
بداية إنسانية رائعة
فيلم الافتتاح الفرنسي "بكل قوتنا
De toute nos force"
عمل بديع. قوي ومؤثر بطله شاب صغير في السابعة عشرة قعيد علي مقعد
متحرك يسير انه معاق هذا صحيح ولكنه نموذج للإرادة النافذة وتجسيد
حي ومقنع للممثل المصري "لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة"
مقولة الزعيم مصطفي كامل علي ما اذكر.
"جوليان"
وهذا اسمه من اسرة متوسطة حظي برعاية أمه وحبها ولتشجيع شقيقته
وايمانها بقدرته رغم الإعاقة أهمله والده يأسا من شفائه.. ولكن "جوليان"
نفسه لم يعرف اليأس استطاع بالإرادة أن يشحن والده من جديد وأن
يوقظ عنده مشاعر التحدي وعطف الأبوة وذلك عندما أصر علي الاشتراك
في مسابقة "الرجل الحديدي" التي تنظمها مدينة نيس الفرنسية علي
البحر المتوسط وهي مسابقة يشارك فيها العشرات وتتطلب لياقة ومهارة
في رياضات السباحة والجري وركوب الدراجات وحتي يحقق الأب أمنية
ابنه الذي يأمل أن يكون رفيقا لوالده في هذه المسابقة الأمر الذي
يستدعي قدرته علي التحمل وتحدياً نظرا للأخطار التي سوف يواجهها
الاثنان عندما يشاركان كشخص واحد.. وبعد كفاح وجهد جهيد من قبل
الأب والابن فضلا عن تدريب متواصل في البحر والبر يفوز الاثنان ضمن
الفائزين ومعهما تفوز الأسرة الصغيرة بنجاح غير مسبوق.. أعني الأم
التي تحملت بحب رعاية ابنها والشقيقة التي لم تتوقف عن تشجيعه..
الجميع يفوز بالحب والإرادة والايمان. صفات تصنع المعجزات.
الفيلم عمل فني نموذجي متكامل يطرح موضوع الإعاقة بقدر كبير من
الصدق والمتانة الفنية لا توجد ثغرة في بنائه ولا لحظة ملل أثناء
متابعته بالإضافة إلي شحنات من الفرح مع كل انتصار يتحقق في البحر
أثناء العوم وعلي الطريق السريع أثناء الجري وعلي الدراجة التي
تتسع لاثنين الأب ـ الابن. أيضا رسم الشخصيات والأداء العالي
المقنع لكل واحد فيهم خصوصا البطل "جوليان" وبهذه البداية القوية
للمهرجان التي تمنح الأمل وبهذا التنظيم المشرف يحق لوزير الثقافة
أن يتفاءل ولأمين المجلس الأعلي للثقافة الدكتور محمد عفيفي أن
يبتهج. |