أربع حكايات هوليودية عن الأبوة والشيخوخة!
بلال فضل – التقرير
تألمت حين قرأت حوارا للممثل الكبير نك نولتي مع مجلة “جي كيو”،
تحدث فيه عن تجربته المؤلمة مع الشيخوخة، معترفا أنه يبكي كل يوم،
نولتي البالغ من العمر 74 عاما يقول أنه لا يواجه أي تفاصيل
مأساوية تدفعه للبكاء، “إنها الحياة فقط، أبكي حين أحاول النهوض من
السرير، لأنني في السبعينات من عمري، وجسدي اللعين يؤلمني، بمجرد
أن تتحرك عضلاتي، أصبح بخير، لكن لا بد لكي يحدث ذلك من البكاء على
غيار الريق”، لكن ذلك البكاء يهون إلى جوار البكاء الكثير المرير
الذي يخوضه نك نولتي كلما توفي أحد أصدقائه أو رفاق مشواره الفني
الطويل.
يتذكر نولتي آخر مرة حدث له فيها ذلك، في العام الماضي، حين توفي
الكاتب والمخرج الكبير بول مازورسكي. يقول “في عزائه وإلى جوار
جثمانه، رأيت وجوها لم أرها منذ سنين، ميل بروكس، ريتشارد درايفوس،
كان عزاءا عظيما، لكن في مناسبة كتلك، لا تستطيع أن تتوقف عن
التفكير في جنازتك”.
نك نولتي صاحب المشوار السينمائي العريض، والذي حصل في يوم من
الأيام على لقب “أكثر الرجال إثارة في العالم”، يجد أن أكثر ما
يؤلم في التقدم في العمر هو أن “ترى أبناءك منخرطين في حياتهم
الخاصة، بحيث يبتعدون عنك شيئا فشيئا، “ابني لديه 28 عاما، كان
لدينا علاقة وثيقة طيلة حياتي، لكنه تزوج الآن، وأصبح لديه أسرته،
وأصبح ميالا لأن يكون لديه أسراره الخاصة، وأصبحت أسمع منه كثيرا
عبارة: بابا هذا ليس من شأنك، دعني وشأني، هذا أكثر ما يحزنني، أن
تجد نفسك بعيدا عن أطفالك، الذين لم يعودوا أطفالا، وأصبح لا بد
عليهم أن يضعوا مسئولياتهم وأسرهم أولا، هم لم يعودوا ملكا لك،
لأنهم لم يكونوا ملكا لك منذ البداية، أنت الذي كنت تتصور ذلك”.
مفهوم كهذا عن الأبوة، لم يصل بعد إلى النجم شين بين البالغ من
العمر 54 عاما والحاصل على جائزة الأوسكار مرتين، برغم أن لديه
ولدا وبنتا قريبين في العمر من ابن نك نولتي، أنجبهما من زوجته
السابقة الممثلة روبن رايت التي تحقق نجاحا ساحقا الآن مع مسلسلها
“هاوس أوف كاردز”، ومع ذلك فهو لا زال يتعامل معهما بوصفهما طفلين
حتى الآن، مما جعله يعترف في حوار مع مجلة “اسكواير” أنه يعتقد أنه
سيصبح “حما” مخيفا جدا، لأنه لا زال يخاف عليهما كلما خرجا من
البيت، وأنه لم يغير عاداته في الخوف عليهما كلما تأخرا خارج
البيت، برغم أنهما لم يعودا يعيشان معه في منزله، يتذكر قبل سبعة
أعوام حين خرجت ابنته ديلان في أول موعد غرامي لها، وهي في السادسة
عشر من عمرها، وكيف قام بتدريب نفسه طويلا على ضبط أعصابه، حين
يستقبل الشاب الذي سيأتي إلى منزله لكي يصطحبها، وبمجرد أن دق جرس
الباب، نسي كل ما تدرب عليه، وطلب من ابنته أن تصعد إلى غرفتها،
وحين فتح الباب، فوجئ الشاب بشين بين يستقبله بوجه مكفهر، قال وهو
مرتبك “أهلا مستر بن”، قال له بجفاء “نادني شين”.
يقول شين “كان واضحا من رؤية ملامح الشاب أنه تذكر حين رأى وجهي كل
المشاهد العنيفة والدموية التي رآني أمثلها في الأفلام التي لا
أبتسم فيها كثيرا، وقال لنفسه: إذن هو شخص مخيف كما يظهر في
أفلامه”، لم يعط شين بين الشاب فرصة لكي يصحح له الإنطباع، بل
انتهز الفرصة لكي يضع بعض القواعد قبل أن يسمح لابنته بالنزول من
غرفتها، فقال للشاب بصوته الواثق المخيف “اسمع، أنا أريدكما أن
تقضيا وقتا لطيفا الليلة، لكن أفضل أن تعودوا مبكرا إلى المنزل، لن
تشرب الكحول مع ابنتي، أليس كذلك؟”، فرد الشاب بصوت متحشرج “طبعا
يا سيدي”، فأنهى شين بين تعليماته قائلا “طيب، دعني أقل لك شيئا
أخيرا: أيا كان ما ستفعله مع ابنتي الليلة، سأفعله معك حين تعيدها
إلى البيت”.
تجربة مختلفة مع الشيخوخة أكثر إيجابية وواقعية عن تجربة نك نولتي،
تقدمها النجمة البريطانية الكبيرة جودي دينش الحاصلة على جائزة
الأوسكار، والتي بلغت من العمر ثمانين عاما، حيث قالت في حوار نشر
الأسبوع الماضي أنها تفعل كل ما بوسعها لكي تتفادى آثار الشيخوخة،
فهي تأخذ أدوية ومكملات غذائية لتتفادى أعراض فقدان الذاكرة،
بالإضافة إلى حرصها على أن تجعل دماغها نشيطة، بأن تتعلم الجديد كل
يوم، حتى أنها سألت محرر الديلي تليجراف الذي أجرى معها الحوار “هل
تعلم إسم الشخص الذي يقوم بصناعة السهام؟.. اليوم تعلمت أن اسمه ذي
فليتشر”، ومع ذلك فهي تقر أنها لم تعد قادرة على أن تسيطر على
تدهور أبصارها، “لم أعد قادرة على أن أسافر بمفردي هذه الأيام،
لأنني أحتاج إلى شخص يقول لي طيلة الوقت احترسي هنا درجة سلم، وفي
حالة عدم وجوده تجدني أسقط على السلالم كسيدة مخمورة مجنونة”.
وبرغم هذا الإعتراف الحزين، تقول جودي دينش أنها ليس لديها خطط
بالتوقف عن التمثيل، قائلة أنها تعتبر “التقاعد” كلمة وقحة، مثل
كلمة “عجوزة” أيضا، وكلمة “عتيق”. “لا أسمح بكلمات مثل هذه في
منزلي. لا أريد كلمات قديمة مثل هذه في عالمي”، تقول دينش ساخرة
قبل أن تضيف “أعرف أنه لا يوجد الكثير من الأشياء الإيجابية في
كونك تتقدم في العمر، لكن عليك أن تصنع طاقتك الإيجابية بنفسك.
سيكون عليك أن تفكر: اليوم على الأقل لا زلت أستطيع عبور الغرفة”،
وحين يسألها المحاور عما إذا كانت تعتبر حصولها على هذه الحكمة في
سنها أمرا إيجابيا في حد ذاته، تقول بعد تنهيدة “بصراحة أفضل أن
أكون أصغر في السن، حتى لو كان ما أعرفه أقل”.
حكايتنا الأخيرة مع النجم ويل سميث الذي قرر أن يروج لإفتتاح فيلمه
الجديد “focus”
بالظهور مع المذيع الشهير ديفيد ليترمان، والذي أصبح على شفا ترك
موقعه كمقدم لبرنامجه الليلي الكوميدي الشهير، ليحل محله المذيع
ستيفن كولبير الذي انتقل من محطة “كوميدي سنترال”، إلى قناة سي بي
إس ليخلف ليترمان في موقعه الذي شغله لسنوات طويلة، من يتابعون
البرنامج يعرفون أن مجيئ ويل سميث إليه كل مرة يتحول إلى حدث
تلفزيوني، لأن ويل سميث يكون على راحته على الآخر، فتشعر أنه يجلس
مع ليترمان على كوفي شوب وليس في برنامج تلفزيوني، وصل الأمر في
إحدى المرات إلى أن تبادل الإثنان قبلة دعنا نقل أنها كانت مريبة،
بحيث تم تبادلها ملايين المرات عبر شبكة الإنترنت، هذه المرة كان
واضحا أن ويل سميث المقل في ظهوره الإعلامي، كان حريصا على “عمل
واجب” تضامنا مع صديقه الذي سيرحل عن البرنامج، حيث غنى بشكل
تلقائي أغنية بمجرد دخوله إلى الاستديو بصحبة الجمهور، لتشتعل
القاعة بالغناء والتصفيق، وبدأ في التأكيد على صداقته بليترمان،
وبأن ديفيد يوجد بداخله “زنجي صغير” يجعله قريبا إلى قلبه، وأن هذا
هو الذي يجعل ليترمان لا يشيخ أبدا.
كان واضحا أن اللقاء سينحو منحى لطيفا للغاية بسبب قرب رحيل
ليترمان، لولا أن ديفيد عبر بشكل تلقائي عن إعجابه بالممثلة الشابة
مارجوت روبي التي شاركت ويل بطولة فيلمه الأخير، والتي كانت قد
لفتت إليها الإنتباه بدورها الجرئ في فيلم (ذئب وول ستريت)، ليبدأ
سميث في توجيه تعليقات متتالية تسخر من ولع ليترمان بمفاتن البطلة،
وقيامه بمشاهدة الفيلم في شاشة “آيماكس”، ليبدو كل شيئ هناك أكبر،
على حد تعبيره، حاول ديفيد أن ينقل الحوار إلى مستوى جاد، ليتحدث
عن أنه معجب بجمالها وأدائها معا، فجاراه ويل في الجدية في
البداية، حيث قال أن مخرجي الفيلم حين رأيا صور مارجوت طلبا منه أن
يبدأ فورا في ممارسة الرياضة بجدية، لكي لا يظهر فارق السن بينهما،
حيث أن ويل لديه 46 سنة، لكن ويل لم يتحمل البقاء جادا في الأمر،
فعاد للسخرية من ولع ديفيد العجوز بجمال مارجوت ومفاتنها، كما يحدث
لكل الرجال العواجيز الذين يرونها.
وبرغم أن ليترمان معتاد بحكم خبرته الطويلة ككوميديان على مواقف
كهذه، إلا أنه بدا مرتبكا أمام تعليقات سميث المتتالية، سميث ختم
الفقرة بتحية لليترمان مقتبسة من فقرة “توب تن” الشهيرة التي
يقدمها برنامجه دائما، حيث يخترع في كل حلقة شيئا مرتبطا بعشرة
أشياء يرتبها بشكل تصاعدي، وهو مافعله ويل سميث الذي كتب عشرة
أسباب سيفتقد من أجلها ديفيد ليترمان، كانت كالآتي “الجاذبية
الجنسية الكهربية التي تجمعنا سويا ـ تذكيري له في كل مرة آتي
للبرنامج بأنني لست جيمي فوكس ـ الطريقة التي يغني لي بها وهو يربت
على شعري أثناء الفواصل الإعلانية ـ فكرة أن تجد رجلا عمره 67 عاما
يصمم على ارتداء نظارات هاري بوتر ـ كيف يقوم بإرسال منتج البرنامج
بيف هندرسون إلى غرفة الملابس التي أجلس فيها، وهو عارٍ ليسألني
إذا كنت أحب أن ألتقي “الرجل الصغير ذو الملابس السوداء” (يكتسب
الإفيه معنى مختلفا حين أظهر البرنامج صورة المنتج وهو يضحك لنكتشف
أنه أسود) ـ رائحة عطرك (أضاف ويل بعدها: لا انتظر المفروض أن هذه
قائمة الأشياء التي سأفتقدها، لكن رائحة الكولونيا التي تضعها لا
يمكن أن يفتقدها أحد) ـ كيف تصفر الريح بين فتحة أسنانك الأمامية
في كل مرة تنطق فيها إسم سميث ـ الطريقة التي تخبرني بها أنك أحببت
أحدث أفلامي في حين تهز رأسك بطريقة تفيد أنك لم تحبها ـ الطريقة
التي تصطحبني بها عقب كل حضور إلى البرنامج لتصعد بي إلى السطح
وتريني النجوم ثم تقول: لا أصدق أنني فعلا سأصبح السيدة ديفيد
ليترمان سميث”، ليضج الجمهور بالتصفيق والضحك.
وحين قال ديفيد لويل ماذا تقول أن هذه المرة الأخيرة التي ستأتي
فيها إلى برنامجي، رد ويل بإيحاء ساخر “لأن هذه المرة كانت
الأفضل”، فرد عليه ديفيد بنفس الطريقة الساخرة “هل تريد أن تقول
أنني رجل عجوز ولا أستطيع أن أكرر معك نفس الأداء في مرة قادمة”،
ليرد عليه ويل “من يدري، أنت برجلك زنجي صغير يستطيع أن يفعل أي
شيئ”، لتنتهي الفقرة التي كان واضحا برغم ضحك ديفيد وويل الشديد
خلالها، أنه كان ضحكا مختلطا بالشجن، لأن لقاءهما سيكون الأخير على
الهواء.
الإخفاقات التي جلبتها مواقع التواصل الاجتماعي لحياتنا
منة الله فهيد – التقرير
جميعنا نذكر فيلم “You’ve
Got Mail”
والجلبة التي أحدثها عندما تحدث لأول مرة، منذ أكثر من 16 عامًا،
حول علاقة الحب التي يمكن أن تنشأ عبر شبكات الإنترنت بين اثنين
يكرهان بعضهما البعض في العالم الحقيقي، ليتبع هذا الفيلم سيل من
العلاقات المبنية على أساس المحادثات عبر الإنترنت في مجتمعاتنا.
تلى هذا الفيلم غيره من الأفلام التي تحدثت عن العلاقات
الإلكترونية ونسب فشلها من نجاحها مع الإشارة لمواقع المواعدة/
الزواج. حتى جاءت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، فكان فيلم “The
Social Network”
الذي تناول قصة إنشاء الموقع الشهير “فيس بوك” والذي ساعد لاحقًا
في إشعال ثورات الربيع العربي، وبالأخص ثورة 25 يناير التي بدأت كـ
“حدث” على صفحات الـ “فيس بوك”، اختار أن يشارك فيها الكثيرون.
فيلم “Men,
Women
&
Children”،
فيلم آخر يتحدث عما جلبته ثورات التكنولوجيا ومواقع التواصل
الاجتماعي فوق رؤوسنا، هذه المرة عبر تسليط الضوء على أثر تلك
المواقع على الأفراد والعائلات.
يدور الفيلم حول مجموعة من طلاب الثانوية وآبائهم، أسر مفككة مكونة
إما من أب وأم وأولاد، أو أب/أم وابن/ابنة هجرهما الوالد الآخر.
عائلة “تيربي”
هي عائلة “دون” و”هيلين” اللذان لعبا دورهما “آدم ساندلر
Adam Sandler”
و”روزماري ديويت
Rosemarie DeWitt”.
“دون” و”هيلين” هما مثال للزواج الفاشل الخالي من العاطفة، والذي
يبدو متماسكًا -رغم ذلك- للحفاظ على صورتهما أمام ولديهما
والأصدقاء.
اعتاد “دون” مشاهدة المواقع الإباحية لتعويض الحرمان الذي يعانيه
مع زوجته حتى امتلأ حاسوبه بالفيروسات، فلجأ لحاسوب ابنه “كريس”،
ليجد تاريخ متصفحه مليئًا بالمواقع الإباحية هو الآخر.
اعتاد “كريس”، الذي يلعب ضمن فريق كرة القدم بالمدرسة، على مشاهدة
هذه الأفلام منذ أن كان في سن العاشرة حتى بلغ الـ 15، وأصبح لا
يمكنه القيام بعلاقة طبيعية مع إحداهن دون المحتوى الفج الذي اعتاد
عليه.
بالرجوع إلى “دون” و”هيلين”، اللذين اعتادا تمضية الوقت الذي يسبق
النوم في سريرهما في اللعب على الـ “Ipads”،
كل بمفرده، بدلًا من التحدث معًا، يظهر على التلفاز إعلان لأحد
مواقع المواعدة فيجذب انتباههما.
في الصباح، تقوم “هيلين” بفتح الموقع وترسل صورة لها دون إظهار
وجهها، وتكتب أنها زوجة تشعر بالملل وتبحث عن أنيس.
في نفس الوقت، وأثناء تصفحه لأحد المواقع، يظهر لـ “دون” إعلان
للمرافقة؛ يقوم فيه بإدخال الصفات التي يريدها في مرافقته ليختار
ممن تنطبق عليهن شروطه مقابل حفنة من الأموال.
تلقت “هيلين” ردًا على إعلانها من رجل يخبرها أنه يبحث عن نفس
الشيء الذي تريده، تتردد قليلًا عند قراءتها للرسالة، ولكنها تقرر
الرد عليه في النهاية. في المساء، تدعي “هيلين” أنها ذاهبة لتمضي
بعض الوقت مع أختها وربما ستقضي الليلة هناك، لتذهب وتقابل هذا
الرجل صاحب الرسالة.
على الجانب الآخر، خرج “دون” لمقابلة الفتاة التي قام بانتقائها
لتقضي الليلة معه مقابل مئات الدولارات.
لاحقًا، وبعد عدة مقابلات، اكتشف “دون” صفحة زوجته على موقع
المواعدة، الذي تعرف عليها في الحال من ملابسها، ليتبعها إلى
وجهتها بعدما أخبرته أنها ستقابل شقيقتها مرة أخرى ويظهر في المطعم
الذي تقابل فيه الرجل الآخر، ويريها نفسه ويذهب.
في اليوم التالي، تسعى “هيلين” للتحدث معه عما حدث الليلة الماضية،
إلا أن “دون” يصر على تحويل الموضوع نحو الفطور. تصر “هيلين” على
أهمية الحديث، فيخبرها “دون” أنه ارتكب العديد من الأخطاء هو الآخر
ربما أكثر منها، وأن أمامهما خيارين: الأول أن يجلسا ويتحدثا
لساعات طويلة عما فعلا ليذهب كلاهما في المساء إلى سريره بصور حية
عن خيانات الآخر، والثاني أن يتحدثا عما تريده على الفطور.
على هذا النحو المثير للغثيان، تنتهي قصة عائلة “تيربي” باختيارهما
للصمت -كالعادة- عن التحدث سويًا.
عائلة بالتيماير/ باتريشا
تتمركز هذه العائلة حول “براندي”، الابنة الوحيدة لـ “باتريشا”
و”راي”. تقوم “جينيفر جارنر
Jennifer Garner”
بدور الأم المسيطرة المهووسة بسلامة ابنتها من مصائب “الإنترنت”.
ترى “باتريشا” أن عالم التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي ماهي
إلا خطر داهم يحيط بابنتها، وعليه؛ فيجب أن تخضع “براندي” وحاسوبها
وهاتفها لدورة تفتيش أسبوعية، تقوم فيها بتقديم جميع حساباتها
وكلمات سرها لأمها لتقوم الأخيرة بتفقدهم جميعًا وقراءة كل تعليق
وكل كلمة قامت البنت بإرسالها أو استقبالها خلال الأسبوع.
لا تكتفي الأم بذلك فقط، بل تقوم بإيصال جهاز “تجسس” يقوم بنسخ كل
الرسائل التي تستلمها “براندي”. يكتفي الزوج بتوجيه النصائح
المتفرقة لزوجته برفع يديها عن ابنتهما وتركها لتعيش كأي مراهقة في
سنها، إلا أن “باتريشا” لا تلقي بالًا لنصائحه، وتستمر في ممارسة
دور “شيرلوك هولمز”، أو بالنظر لزماننا هذا فدور “المفتش كرومبو”
(وهو شخصية خيالية مصرية كوميدية كارتونية عن مفتش هزلي)، يبدو
لائقًا عليها أكثر.
لا تتوقف “باتريشا” عند حياة ابنتها فقط، بل تقوم بإنشاء مجموعة
لتوعية الآباء كي ينتبهوا لأولادهم ويلاحقوا أفعالهم على مواقع
التواصل الاجتماعي مثلما تفعل هي.
لا تخضع “براندي” لسلطة أمها، وتقوم بالحصول على شريحة هاتف لا
تعلم عنها أمها وتنشئ حسابًا على موقع “تمبلر”، تقوم عليه بإرسال
صور لنفسها بشكل مختلف تمامًا عن هيئتها الحقيقية. هذا الحساب الذي
لا يشبهها، تعتبره هو المكان الوحيد الذي تشعر فيه بالحرية بعيدًا
عن تسلط أمها. تبقي “براندي” هذا الحساب سرًا، ولا تخبر عنه أحدًا
سوى “تيم” فيما بعد، كوسيلة للاتصال بعيدًا عن جهاز تجسس أمها الذي
تستطيع عبره قراءة رسائلها ومسحها قبل أن تراها هي.
تقع “براندي” في حب “تيم” وتبقى علاقتها به سرًا آخر عن أمها.
تتواصل معه عبر حساب “تمبلر”، الذي لا تدري أمها عنه شيئًا، وتخرج
لمقابلته بعدما تخبر أمها أنها ذاهبة لمقابلة صديقتها، والتي تترك
عندها هاتفها في حال أرادت أمها تعقب مكانها عبر “الجي بي إس”.
لاحقًا، تقع في يد “باتريشا” إحدى محادثات “براندي” مع “تيم”،
يتحدثان فيها عن حسابها السري. تدخل عليه لتصدم بصور ابنتها التي
لا تدري عنها شيئًا. تتفقد الرسائل، فتجد أغلبها من “تيم”؛ تقوم
بتغيير كلمة المرور وتفتيش غرفة ابنتها رأسًا على عقب للبحث عن أية
أسرار أخرى.
لدى عودة “براندي” للمنزل، تخبرها أمها أنها باتت تعلم بشأن حسابها
وتطلب منها هاتفها بدلًا من أن تقوم بإجراء اتصال لوقف الخدمة
تمامًا. تنفعل “براندي” على أمها وتخبرها أنها هي من تمثل خطرًا
على حياتها وليس مواقع “الإنترنت” كما تظن، إلا أنها لا تجد أمامها
خيارًا آخر سوى أن تعطيها الهاتف.
قامت “باتريشا” بالرد على “تيم”، الذي أرسل في طلب رؤية “براندي”
عبر هاتفها، أخبرته أنها تجده مملًا وأنها لا تريد رؤيته ثانية.
تسللت “براندي” خارجًا، للذهاب إلى منزل “تيم” لتشكي له أمها، إلا
أنها وجدته ملقى على الأرض وبجانبه علبة حبوب مضادة للاكتئاب. جاءت
الإسعاف لنقله (تيم)، في الوقت الذي خرجت فيه “باتريشا” للبحث عن
ابنتها، فتتبعت عربات الأسعاف إلى المشفى فوجدت (تيم) ممددًا على
السرير تحتضنه “براندي”. استوقف هذا المشهد “باتريشا”، وأدركت أنها
كادت أن تقضي على حياة هذا الولد من فرط حبها وحمايتها لابنتها.
عائلة “موني”
هذه الأسرة مكونة من الأب “كينت” والابن “تيم”، التي هجرتهما زوجة
الأول وأم الثاني للذهاب برفقة رجل آخر إلى “كاليفورنيا”، الأمر
الذي جعل “تيم” يعيد التفكير في كل شيء مرة أخرى، وارتاح إلى نظرية
“كارل ساجان” صاحب كتاب “نقطة زرقاء باهتة
Pale Blue Dott”
أن العالم مصنوع من ملايين الجزيئات تولدت نتيجة انفجار عظيم، وهذه
الجزيئات ستبقى حتى ينسحق الكون إلى اللاشيء. لذا؛ لا يوجد شيء
مهم، لا هجران أمه له ولا تركه للعبة كرة القدم الذي تفوق فيها
فيما سبق.
قضى “تيم” ما يفوق الألف ساعة يلعب إحدى ألعاب الفيديو جيم على
حاسوبه، خالقًا لنفسه “أفاتارًا” متحدثًا لأصدقاء افتراضيين لم ولن
يقابلهم يومًا خارج شاشة جهازه. أثار هذا قلق والده “كينت”، فذهب
لمجموعة التوعية التي تقيمها “باتريشا” التي أخبرته عن مدى خطورة
هذه الألعاب على عقل ولده وأنها ستمحي شخصيته وتحوله إلى مجرد
“أفاتار”، وعرضت عليه المساعدة بتعليمه كيف يمكنه محو هذه اللعبة
من على جهاز ابنه للأبد.
وجد “كينت” “باتريشا” مبالغة بعض الشيء، ووافقته في رأيه “دونا”
الأم العازبة التي جاءت لحضور المجموعة. شعر “كينت” بانجذاب نحو
“دونا” لم يشعر به نحو امرأة منذ هجرته زوجته، فدعاها للخروج؛ حيث
حكى كل منهما للآخر عن نفسه، ووجدا نفسهما منسجمين أكثر مما كانا
يظنان.
وجه أحد زملاء “تيم” السابقين في الفريق ضربة بكرة اللعب إلى
“براندي” أثناء جلوسها مع “تيم” بغرض مضايقته، فما كان من الأخير
إلا أن قام وأبرحه ضربًا، الأمر الذي جعل والده يصحبه إلى أحد
الأطباء النفسيين لقلقه عليه. أخبر “تيم” الطبيب ما أخبره سابقًا
لمدير الفريق ولوالده ولـ “براندي” أن لا شيء بات مهمًا، وأن
اللعبة التي يقضي أغلب ساعات يومه أمامها هي كل ما تعنيه الآن،
غافلًا عن ذكر علاقته بأمه التي تبدو قد خطبت للرجل الذي هجرتهما
هو وأبيه من أجله، ولم يعلم بالأمر إلا عن طريق صور نشرتها على
صفحتها على الـ “فيسبوك” قبل أن تقوم بحجبه. أعطى له الطبيب علاجًا
مضادًا للاكتئاب على الرغم من عدم شعور “تيم” بأنه مكتئب.
الشيء الوحيد الذي بدا مهمًا لـ “تيم”، بقدر اللعبة التي يلعبها،
هو علاقته بـ “براندي”. وعلى الرغم من تضييق أمها عليها، إلا أنهما
استطاعا إيجاد حل للتواصل والالتقاء دون علمها.
كل شيء كان يسير على ما يرام حتى اختلف “كينت” مع “دونا”، فعاد
للمنزل غاضبًا، فتح جهاز ابنه فقرأ محادثاته مع أصدقائه
الافتراضيين من اللعبة، كان يخبرهم فيها عن خبر خطوبة أمه لرجل
آخر. جن جنون “كينت” وقام بحذف اللعبة من على جهاز “تيم” وإلغاء
الاشتراك.
عاد “تيم” للمنزل فوجد والده متحفزًا. نشب خلاف بينهما، أخبره
“تيم” أن أمه لم تهجره وإنما هجرت أبيه، إلا أن الأخير أصر على
أنها هجرتهما هما الاثنان؛ حيث لم ترسل لابنها دعوة زفاف ولم تقم
بدعوته للعيش معها أيضًا. حاول “تيم” إنهاء الحديث والذهاب للجلوس
أمام لعبته، ففاجأه أباه أنه قد مسح اللعبة وألغى الاشتراك وأنه
سيعود للعب كرة القدم مرة أخرى.
أرسل “تيم” رسالة لـ “براندي” يخبرها أنه يريد رؤيتها، فردت عليه
أمها، التي استولت على حسابها، أنها لا تريد رؤيته بعد الآن؛
فتناول “تيم” جميع الحبوب المضادة للاكتئاب خاصته، بغرض إنهاء
حياته.
عائلة “كلينت”
تتكون هذه الأسرة من “دونا” وابنتها “هانا”. حبلت “دونا” من أحد
منتجي “هوليوود” أثناء محاولتها لتصبح نجمة، عادت بعد خمسة أشهر
لموطنها بطفلة وسيارة مرسيدس وشيك لإعالتهما. ربما تخلت “دونا” عن
حلمها في أن تصبح نجمة، ولكنها سعت لتحقيق هذا الحلم عبر ابنتها
“هانا”؛ فقامت بإنشاء موقع إلكتروني تنشر عليه صورها. لاقت الصور
إعجاب الكثيرين، وزاد عدد المشتركين به، بل إن الأمر تطور لطلب
البعض لجلسات تصوير خاصة كانت تقوم بها الأم بمقابل مادي لم تكن
تعلم به “هانا”.
بالصدفة، وأثناء قيامهما بالتسوق، قابلت “دونا” وابنتها برنامجًا
لاكتشاف المواهب، فقامت “هانا” بالخضوع للاختبارات المطلوبة وملء
ورقة التطبيق، وطلب منهما القائمون على اختيار المواهب تصوير فيديو
تقوم فيه “هانا” ببعض التمثيل وإرساله إليهم. شعرت كلتاهما أن
الفرصة قد أتت لتنطلق “هانا” لعالم الشهرة، ولكن البرنامج اتصل
لاحقًا بـ “دونا” وأخبروها أنه تم استبعاد “هانا” من البرنامج بسبب
موقعها الإلكتروني. حاولت “دونا” الدفاع عن حق ابنتها في إنشاء
موقع إلكتروني خاص بها، إلا أنهم أخبروها أن المشكلة لا تكمن في
الموقع نفسه، وإنما في تلقيهما أموالًا مقابل صور “هانا”.
شعرت “دونا” أنها المسؤولة عن ضياع فرصة ابنتها في الشهرة، فقامت
بإلغاء الموقع، وذهبت للتحدث مع “كينت” وإخباره بالأمر كله. صدم
“كينت” من تصرفاتها وعرضها لصور ابنتها مقابل المال، وأخبرها بأنه
عليهما أن يبطئوا الأمور فيما بينهما قليلًا.
أخبرت “دونا” “هانا” بنصف الحقيقة فقط، فثارت الأخيرة لما علمت أن
أمها قد أزالت الموقع الذي اتضح أنه سيكون أقصى قدر من الشهرة
ستحصل عليه يومًا وتركتها وذهبت.
عندما علمت “دونا” بمحاولة “تيم” للانتحار، ذهبت إلى المشفى؛ حيث
استقبلها “كينت” بود وأمسك يدها.
على الرغم من أن الفيلم لم ينجح جماهيريًا ولم يتلق مراجعات
إيجابية من النقاد أيضًا، إلا أنه يمثل صفعة على وجه المشاهد الذي
سيتسق مع أحد أبطال الفيلم ويرى فيه نفسه. فمن منا لا يمضي أغلب
ساعات يومه أمام شاشة حاسوبه أو هاتفه الذكي؟ ومن منا لا يمتلك
حسابات على أغلب مواقع التواصل الاجتماعي؟ البعض سيعاني من تضييق
أسرته مثلما فعلت “باتريشا”، والآخر سيخرج بحثًا عن الشهرة أيًا
كان ثمنها مثلما فعلت “هانا” و”دونا”. البعض سيقضي أيامه مرتبطًا
بإحدى الألعاب، والآخر سيبحث عن الحب والزواج عبر مواقع المواعدة.
الحقيقة أني أرجع إخفاق الفيلم (المأخوذ عن كتاب بنفس العنوان
بالمناسبة) إلى تناوله للإخفاقات الحياتية، دون بذل جهد لوضعها في
قالب درامي؛ فنجد الإخراج متواضعًا، لم يستطع التركيز على تيمة
معينة طوال الفيلم. وأيضًا، مستوى التمثيل جاء عاديًا جدًا، وأخص
بالذكر أداء “Adam
Sandler”
الذي جاء باهتًا للغاية، بل ربما استطاع القيام بالدور ممثل
مغمورعلى وجه أفضل منه.
الفيلم إنتاج سنة 2014. سيناريو وإخراج: “جايسون رايتمان
Jason Reitman”،
مخرج الفيلمين الشهيرين “Juno”
و”Up In The Air”.
مدة عرضه: 119 دقيقة، وتقييمه على موقع
IMDbالعالمي:
6,7. |