حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

زوم

البطل هو هو يتكرر ونحن نصفق بغباء!!

بقلم محمد حجازي

 

اعتقدنا لفترة أن البطل المغوار المدجج بالأسلحة والذي لا يموت إن جرح، ولا يتوقف إن صادفته عقبات، ولا يهتم إن واجهته الدنيا كلها فالمهم الغاية التي يعمل من أجلها ولا شيء غيرها، إنما هو مطلب لدى جمهورنا العربي، أو على العموم لشعوب دول العالم الثالث.

لكن عندما صدر الـ (Top 5) لأفضل الأفلام إيرادات في الصالات الأميركية واحتل شريط (Elysium) من بطولة مات دايمون المركز الأول بعدما حقق في يومي عرضه الأولين (في 8 و9 آب/ أغسطس) رقم الثلاثين مليوناً و400 ألف دولار، عرفنا أكثر أن البطل مطلوب في كل مكان، وهذا يعني أن الأميركيين لم يشبعوا من رامبو، وروكي، ورينغو، وماشيستي والمدمِّر، وسوبرمان، وسبايدرمان، ورجل الثلج، ورجل الحديد، وكل الرجال المدهشين.. لا بل هم يبحثون عن شخصيات جديدة تكون رمزاً ونموذجاً لما يطلبونه من يومياتهم، كي تظل مشاريعهم والصور الكثيرة المزروعة في أذهانهم حيّة لا تمحى.

البطل بالنسبة لنا بات متعباً على الشاشة، وما عاد يهم سواء كان دايمون، أو بروس ويليس، أو ذي روك، أو مارك والبرغ، أو أي إسم جديد آخر، فالنموذج النمطي هو الحاضر وبصورة رتيبة ما عادت تقدّم أي جديد على ما هو سائد. يعني هوليوود تكرر أبطالها ولا تخجل من كونهم نسخاً واحدة متشابهة، كل هذا والإيرادات رائعة، والأرباح تتضاعف، ولا ينزعج سوى المتابعين لمسار الإنتاج لأنهم يعرفون ما يصوّر ويعرض وهو لا يكف عن الصورة طبق الأصل.

ينطبق على صورة البطل الرتيبة العبارة المصرية المشهورة: «سينما أونطة رجعولنا فلوسنا». نعم هي كذلك... لكن السؤال لماذا نذهب إليها وندفع من أجلها المال ولا نتراجع عن دعمها؟! مع ملاحظتنا الواضحة أن ما يصلنا هو منتوج واحد، مع تغيّر الأسماء والعناوين، فيما المضمون واحد إلى حد مذهل، لا بل إن هناك أفلاماً تتجاسر وتنقل الأحداث نفسها لكن بمسميات مختلفة.

كل هذا لأن السينما في عرف هوليوود (Entertainment).

تسلية.. بكل بساطة هي مجال رحب لكي يمضي الناس وقتاً لا يملون فيه، لكن ما الذي يحصل لو أن هذا النموذج كان مفيداً، ونحن نقرأ كم تكلّف هذا الفيلم وذاك، فعندما يقال إن شريط دايمون الذي صوّر في كندا وتكلّف مئة مليون دولار، ثم نرى الكثير من المشاهد التي تم إبتكارها ورسمها بالغرافيك، نسأل أين ذهبت الميزانية، خصوصاً وأن جودي فوستر لا تأخذ أكثر من دايمون أجراً، فالمعروف أن النجوم الرجال هم أفضل اجراً من زميلاتهن النجمات، إذن أين وظّفت الميزانية الكبيرة؟

الجواب... في الهواء، إنه رقم للاستهلاك ولا ضرورة لأن يكون حقيقة واقعة، فالعملية برمّتها «بلوييف في بلوييف».

نعم هناك خدعة، والمشكلة لم تعد في هدف هذا الفيلم أو ذاك بقدر ما هي، لماذا لا تقول هذه الأفلام شيئاً، بل السؤال لماذا لا تقول وهي تجني الأرقام الخيالية من الايرادات؟! يعني لماذا لا تخصص بعض المال الإضافي لنص هادف، جاد، له طعم ورائحة وفائدة، لكن ماذا نفعل والأميركيون هم خير من يصنع سينما في العالم؟!

المشكلة هنا أن هذه السينما علّمت الجمهور في كل مكان: الحب الخاطئ، والكراهية المدمّرة، والعنف المتفنن به، وقلة الأدب، وقلة المعرفة، ثم حيث تجري حساباتها نفاجأ أن المليارات التي تجنيها باهظة، كثيرة جداً وكلها من جيوبنا، لكننا ندفع ونحن فاغري الأفواه، وعندنا الاستعداد لدفع ثمن بطاقات دخول جديدة لأفلام تدّعي انها جديدة إلا أنها سبق وعرضت وحفظناها، ونراها على الدوام دونما شعور بالملل...

«دايمون» يحاول إعادة العدل بين الأغنياء والفقراء.. و«دو نيرو» يأخذ حق المسلمين

«إستحضار» للماليزي جيمس وان.. وصراع مع شيطان يستدعي تدخّل الفاتيكان

بدءاً من الاحتفال بالعيد، وما تلاه بدأت العروض المتميّزة تغزو صالاتنا، وأحدها (Elysium) للمخرج نايل بلومكامب الذي يراهن على مات دايمون في سيناريو يحكي عن واقع حال البشر في العام 2154 متصوّراً أن أثرياء الأرض يغادرونها إلى محطة متنقلة بين الكواكب يعيشون فيها أزهى حالات عمرهم، تاركين الأرض على حالها أثاراً ودماراً وأوساخاً ولا تضم إلا الفقراء ويظهر شاب شجاع يقرر عودة الأمور إلى مجاريها وعيش الجميع مع بعضهم البعض إما على الأرض أو في كوكب آخر. هذا الشاب ما هو سوى ماكس (مات دايمون) في شريط وضع نصه المخرج نفسه وفي فريق الممثلين: جودي فوستر، شارلتو كوبليه، آليس براغا، دييغو لونا، ويليام فيشتنر، وفاران تاهير.

{ (Killing Season)

للمخرج مارك ستيفن جونسون عن نص وضعه إيفان دوغرتي، جمع فيه وجهين مميّزين في هوليوود: روبرت دو نيرو في دور عقيد سابق في الجيش الاميركي الذي هاجم الجيش الصربي الذي كان يرتكب المجازر بحق مسلمي البوسنة في يوغوسلافيا السابقة، وجون ترافولتا في شخصية أحد أفراد ميليشيا الصرب التي قاتلت الأميركيين عندما هاجمهم حلف الناتو الذي قرر منع المجازر هناك ضد المسلمين.

بنجامين فورد (دو نيرو) هو اليوم مصوّر فوتوغرافي يعيش وحيداً في منطقة يوغوسلافية، يقوم برصد الحيوانات البرية النادرة والتقاط صور لها بالغة العفوية والدقة، يعلقها في المنزل الذي يقيم فيه، ويصادف ان الشاب إميل كوفاك (ترافولتا) كان لوحده في غابة قريبة من منزله وحصل عطل في سيارة الجيب التي يقودها بنجامين، فتدخّل الرجل وساعد في جعلها تدور من جديد، ورغم حذر فورد إلا أنه يدعوه لكي يوصله معه مع وجود غزارة في المياه الهاطلة،  ثم يدعوه للدخول وتناول طعام العشاء إلى مائدته.

يبدأ الإثنان في التحدث، ويماط اللثام عن شخصية كل منهما، فورد كان عقيداً فاعلاً في الجيش الأميركي الذي هاجم المواقع الصربية وقام بضربات موجعة لوقف جرائم الصرب التي رفضها العالم في العام 1995، ولم يكن كوفاك سوى مقاتل صربي ارتكب الكثير من عمليات الإغتيال والتطهير العرقي المنظم ضد المسلمين.

فوراً يسحب كوفاك بندقية ويطلق منها النار على فورد الذي يهرب ويروح يحتمي محاولاً تفويت الفرصة على الشاب من أن يقتله أو يصيبه، وتحصل مطاردة خارج المنزل، في الغابة، ويقع كل منهما في فخ الآخر، وتروح المطاردة بين كر وفر حتى يرهق كلاهما، من دون ان يفوز أي منهما على الآخر.

وفيما كان فورد اعتذر من نجله كريس (ميلو فانتيميجليا) عن عدم قدرته على حضور الاحتفال بعمادة إبنه، وإذا به يفاجئه وهو يطرق باب منزله ومعه هدية لحفيده، فيما زوجته التي هجرها منذ عشرين عاماً لم يرها ولا مرة بعدما تزوجت من الرجل الذي كان اشبيناً للعريس حين زواجهما أول مرة. ودو نيرو في الفيلم حلَّ مكان نيكولاس كيج في الدور.

{ (The conjuring):

للمخرج جيمس وان (36 عاماً) وهو مخرج ماليزي، كان يعيش في ملبورن أوستراليا... استحضار، وضع نصه شاد وكاري هايس، استطاع في 112 دقيقة وبميزانية 13 مليون دولار فقط تنفيذ فيلم جميل، جاذب مختلف عن الذي عرفناه من أشرطة الرعب مع سواه.

كل شيء كان عادياً عندما جاء روجر بيرون (دون ليفينغستون) مع زوجته كارولين (ليلي تايلور) وبناتهن الخمس: آندريا (شانلي كازويل)، نانسي (هايلاي ماك فارلاند)، كريستين (جوي كنغ)، سيندي (ماكنزي فوي) وأبريل الصغيرة (كيلا دافر).

روجر اشترى منزلاً رحباً لكي يعيش فيه مع عائلته وهو كل ما جناه، لكنه ما إن وطئ المكان حتى بدأت المشاكل غير المنتظرة، البنات يشعرن بأن هناك من يسحبهن من أرجلهن خلال النوم، ثم يتم دفعهن لضرب إحدى الخزائن برؤوسهن.

ويتم إكتشاف مستودع تحت المنزل يتبيّن أن فيه رائحة عفنة قوية، يعتبرها الزوجان لورين وارن (فيرا فارميغا) وإد (باتريك ويلسون) اللذين يعملان في مجال مطاردة الأرواح خصوصاً الشريرة ودفعها بعيداً بالاتكال على إيمانهما، وهما زارا منزل آل بيرون وسرعان ما لاحظوا أنه مسكون بالأرواح والاشباح، وقرروا البدء في مراقبة كل شيء لرفع تقرير إلى كاهن الكنيسة في المكان مع أدلة لجعل الفاتيكان يوافق على تدخّل ديني لطرد هذا الشيطان من منزل العائلة.

لذا تمت عمليات تصوير لكل ما يتحرك في المنزل وعُرفت العديد من الأسرار ليتضح أن هناك فتاة شابة تم شنقها عند الشجرة في الحديقة الخارجية، وهي نفسها تتحوّل شبحاً باحثة عن الذين دفعوها إلى هذا.

يخوض الجميع معركة العائلة: الزوجان وارن، البوليس، الكاهن، ويتم القضاء على روح الشيطان الموجودة في المكان قبل أن تصل الموافقة من الفاتيكان.

الشريط رائع، مؤتر، وجاذب كثيراً رغم أنه يعتمد أدوات غير التي عرفناها، وبأقل قدر من التكاليف.

كرتون لا يقدّم ولا يؤخّر مغامرات لا تقول شيئاً..

لم يمض وقت طويل على الجزء الأول من (Smurfs) حتى ظهر الثاني، فالماكينة هي هي، وان تكن شركة التوزيع عريقة من مستوى كولومبيا مع المخرج راجا غوزنيل، وتوقيع 5 أسماء على السيناريو: ج. ديفيد ستيم، ديفيد. ن. وايس، جاي شبريك، ديفيد رون، وكاري كيركباتريك، مع وجود 15 مساعد مخرج لا ندري لماذا كثرتهم في شريط مدته 105 دقائق، صوّر في باريس لأن بطل الفيلم الساحر السلبي والشرير أراد عرض مهاراته أمام أوسع نطاق جماهيري في أوروبا، فاختار باريس.

إنه غارغاميل (هاينك آزاريا) الذي يستطيع بعصاه تكبير أو تصغير أي جسم أمامه، وبالتالي فهو ساعٍ إلى معرفة سر خلطة سحرية لها ميزات أعمق لكنه لا يتوصل إليها، وتكون هناك منافسة بين الـ (Smurfs) خصوصاً بعدما أوجد لهم «سمارفز» أنثى وجعلها جاسوسة على بني جنسها مع تمتعها بجاذبية أنثوية جعلت رؤوس الجميع تلتفت إليها دونما سؤال.

أسماء كثيرة، في الشريط البعض يظهر بوجهه الحقيقي (نايل باتريك هاريس، بريندان غليزون، جايما مايس، جاكوب ترمبلاي، نانسي أوديل) أو بالصوت مثل كاتي بيري التي أدت بالصوت شخصية سمارفيت، وكذلك (كريستينا ريتشي، وجورج لوبيز).

لقطات سينمائية

{ أحتفل داستن هوفمان بعيد ميلاده الماسي (75 عاماً) مع إعلان بقدرته على التخلص من مرض السرطان جراحياً، والعمل حالياً على منع عودته مجدداً، هوفمان يصوّر حالياً مع روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن شريطاً بعنوان: ستيف، من إخراج جون فافرو.

{ المخرجة ليال راجحة تنجز شريطها: حبة لولو، لعرضه في أيلول/ سبتمبر المقبل مع نزيه يوسف، زينة ملكي، إيلي متري، لوريت قديح.

{ وينن، عنوان الشريط الذي أخرجه طلاب الـ (NDU) سيدة اللويزة عن نص لـ جورج خباز، ويشارك في لعب أدواره لطيفة وانطوان ملتقى، كارمن لبس، كارول عبود، دياموند بو عبود، طلال الجردي، ندى أبو فرحات، وليليان نمري، يفتتح عرضه التجاري الشهر المقبل أيضاً.

{ الزميل سمير فريد عيّنه وزير الثقافة محمد صابر عرب رئيساً للدورة 36 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وترك له حرية إختيار من يساعدونه في عمله، وهو وجّه تحية إلى زميله أمير العمري الذي كان الوزير السابق علاء عبد العزيز رئيساً للمهرجان نفسه، وأعلن فريد أن أولى مهامه بعد العيد مباشرة هي تشكيل مجلس لإدارة المهرجان تمهيداً لتحويله إلى مؤسسة من مؤسسات وزارة العامة الثابتة.

{ مات دايمون اعترف بفضل ميكي روك عليه عندما نصحه أن يركز في عمله ولا يدع أي أمر يؤثر عليه أبداً... الإعتراف جاء في البرنامج التلفزيوني الشهير لـ جاي لو.

{ مهرجان نيويورك السينمائي الدولي سيقام بين 27 أيلول/ سبتمبر و13 تشرين الأول/ أكتوبر المقبلين. وقد تحدد فيلم: (Her) لـ سبايك جونز للعرض في حفل الختام مع جواكين فينيكس، آمي أدامس، روني مارا، أوليفيا وايلد، وسكارليت جوهانسون.

{ شريط جنيفر أنستون (We are The Millers) جنى في أول يوم عرض له في الصالات الأميركية ستة ملايين و800 ألف دولار.

{ ميريل ستريب، روبرت دو نيرو يصوران قريباً أحداث الشريط الجديد (The Good house).

{ برادلي كوبر وحيداً مع مشروعه الانتاجي والبطولي «القناص الاميركي» عن حياة القناص المعروف كريس كايل، لأن المخرج ستيفن سبيلبرغ انسحب من المشروع.

{ أمس الأول في السابع عشر من الجاري اختتم مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي فعاليات دورته الأخيرة، بعدما قدّم 300 فيلم، منها 20 في المسابقة الرسمية. وارنر هيرتزوغ المخرج الألماني الشهير نال جائزة لوكارنو الشرفية.

{ «بروس ويليس انسحب، وهاريسون فورد سيشارك، نبأ رائع» هذا ما كتبه سيلفستر ستالون على موقعه على «تويتر» مؤكداً أنباء «هوليوود ريبورتر» بأن ويليس لم يعد في مشروع «Expendables» وحلَّ مكانه فورد.

{ الدورة 38 من مهرجان تورونتو السينمائي الدولي ستقام في الفترة من 5 إلى 15 أيلول/ سبتمبر، ومن مميّزاتها أنها تستقبل أفلاماً تتناول سير المشاهير أمثال: نيلسون مانديلا، جوليان أسانج وجيمي هندريكس

... وتلفزيونية

محمد صفاء عامر: لم يودّعه الفنانون...

مؤسف أن وداعه كان عائلياً فقط. لم يشارك فيه، فنانون أو فنيون، أو عاملون في الوسط الفني أساساً.

السيناريست محمد صفاء عامر غاب عن 72 عاماً متأثراً بجلطة دماغية داهمته وهو في المستشفى في يومه العاشر. وليس غريباً أن يقضي كاتب بتوقف الدم في دماغه، خصوصاً في الظروف الصعبة جداً التي تعيشها مصر هذه الأيام.

يقضي الكاتب عامر بعدما ترك نتاجاً درامياً فيه من طبيعة الريف، الصعيد الرائع ما يجعل القلب ينفتح على آخره، ولن يجد في وقت قريب واحداً أقرب منه إلى هذا المناخ الشعبي أفضل منه..

هو صاحب: ذئاب الجبل، الضوء الشارد، مسألة مبدأ، أفراح إبليس، عدَّى النهار، نقطة نظام، الميراث الملعون، حق مشروع، حدائق الشيطان، الحب موتاً، أمس لا يموت، حبيبي الذي لن أحبه، الفرار من الحب، جسر الخطر، المهمة، ضد التيار، الوديعة، النصيب، مخلوق إسمه المرأة، حلم الجنون.

ومن الأفلام التي كتب نصوصها: الشيطان يقدّم حلاً، صعيدي رايح جاي، الهروب إلى القمة، الطيب والشرس والجميلة، إتفرج يا سلام، وكيل النائب العام.

الكاتب الراحل ترك نصاً جاهزاً للتصوير عن أجواء العلاقة المعروفة بين شفيقة ومتولي، وكان ينتظر منتجاً لانجازه

اللواء اللبنانية في

19/08/2013

 

فاصلة

أعياد الحقد

نديم جرجورة 

أن تكون فنانا، لا يعني بالطبع أن تجيد القيام بعملك فقط على أكمل وجه. فإن كنت رساما لا يتوقف الأمر على أن تجيد الرسم بمهارة. وإن كنت كاتبا لا بدّ من أن شيئا آخر يقف خلف هذه الكلمات التي تبحث عنها لتضعها في أسلوب حقيقي وكبير. وإن كنت مُغنيا، فهناك ما هو أبعد من إجادتك الغناء.. الخ. بمعنى آخر، يجب على الفنان الحقيقي أن يتميز أيضا بهذا الحسّ الإنساني الذي يجعله على الأقل مختلفا عن بقية الجماد الذي يحيط بهذا العالم.

موقفان في هذه الأيام الأخيرة لفنانين أحدهما من الجزائر والآخر من لبنان. الشاب خالد مغني الراي البارز، يقرر تأجيل حفله الذي كان سيقام في لبنان، بسبب تضامنه مع الضحايا الذين سقطوا في انفجار الضاحية. موقف شريف ونبيل من شخص يجيء من سياق تاريخي لا يمكن إنكاره، قصدت أنه واحد من أبناء الثورة الجزائرية التي عرفت الويلات، مثلما هو واحد من الذين عرفوا "السنوات السوداء" في تسعينيات القرن الماضي في الجزائر، أي يعي جيدا معنى أن يسقط أبرياء في انفجارات الحقد.

الموقف الثاني من "فنانة" لبنانية، أثارت اللغط في تصريحها مع بداية حفلها الذي أقامته نهاية الأسبوع المنصرم في وسط بيروت، معلّلة ذلك بالعديد من التبريرات – تناقلتها وسائل الإعلام كلّ على طريقته، لدرجة انك لن تفهم الواقع لأنك لم تكن موجودا هناك – وإن كان كلامها أثار حفيظة العديد من الحاضرين الذين غادر بعضهم احتجاجا عمّا قالته.

المشكلة ربما ليست في ما قالته الفنانة اللبنانية. لست بالتأكيد في وارد الدفاع عنها بتاتا، إذ لا يشرفني الدفاع عمّن لا يمتلكون أدنى حس، أقله، بالتضامن مع هؤلاء الذين غادروا ورحلوا غيلة، بل أن المشكلة الحقيقية تكمن في منظمي الحفل وهذه الأعياد "التافهة" الذين يرغبون في استمرار برنامجهم من دون أيّ شعور بالذنب، بل ربما كان الذنب الوحيد الذي يفكرون به خسارتهم هذه "الحفنة من الدولارات" التي سيكسبونها من جراء استمرار "أفراحهم" حتى ولو أن جزءا من العاصمة احترق. وكأن المكان الذي اشتعل لا يقع على بعد عدة كيلومترات صغيرة من القلب، بل كأنه في عالم آخر. ربما هنا، يكمن جزء كبير من مشكلتنا القائمة، منذ "نهاية الحرب الأهلية"، أقصد هذا الشرخ الذي لا يريد لأحد أن يردمه

والأنكى في التصريح، هذا المنطق "عندهم وعندنا"، و"اللي صار فيهون صار فينا". منطق غريب فعلا في هذا الوصف الذي لا يشبه سوى تمييز عنصري بامتياز. منطق غريب فعلا، من إنسان يعتبر نفسه فنانا. أي معنى للفن حين يكون طائفيا بهذا القدر من الانحطاط؟ أي معنى للغناء ولنقل للإنسان حين تأخذه ميوله السياسية من دون تفكير حقا، بأناس يشكلون إخوته في الوطن (على الأقل هذا هو المفترض)، إلا إذا كانوا يعتبرونهم أدنى منهم؟

لا أريد أن أقول إنها سقطة، ولا "حرية تعبير". ليس في هذا الكلام سوى ما يثير الغثيان. انفجار الحقد وأعياده لا يكون أحيانا بالسيارات المفخخة فقط!!

السفير اللبنانية في

19/08/2013

 

الوليد بن طلال: لا مكان لـ «الإخوان» بيننا

دجى داود 

فعلها الأمير الوليد. عبر «تويتر» أعلن طرد مدير عام قناة «الرّسالة»، الدّاعية الكويتي طارق السّويدان، متسبباً بسجال ضخم على الموقع. للمرّة الثالثة، يتحوّل الأمير السّعودي إلى نجم على موقع التدوينات القصيرة. فبعد شرائه الفانيلاّت بناءً على طلب متابعيه، وتصدّره حملة «مداعبة سمو الأمير» إثر تقديمه الهدايا للممثل فايز المالكي الأسبوع الماضي (راجع «السفير» 8/8/2013)، شغل المغرّدين بطرده السويدان.

ففي تغريدة نشرها أمس الأوّل على حسابه الرسمي (700 ألف متابع)، نشر الوليد صورة عن رسالة طرد السويدان من عمله، لأنه «إخواني». وقال الوليد في التغريدة التي أعيد تغريدها أكثر من 6 آلاف مرّة: «لا مكان لأي إخواني في مجموعتنا. مرفق إقالة الإخواني طارق السويدان الذي اعترف بانتمائه للحركة الإخوانية الإرهابية». ويقول الوليد في «رسالة الطرد»: «لقد ساءني ما اطلعت عليه من آراء نشرتموها أخيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، تعبّر عن توجهات لكم تخالف توجّهاتنا التي بنينا عليها قناة «الرسالة» منذ انطلاقتها حيث أردناها غير منتمية لأي حزب أو أفكار أو جماعة»، ويضيف: «طالبناكم بالحرص على لمّ الشمل وجمع الكلمة، وعدم التفرق، كما حذرناكم مراراً بضرورة إيقاف التوجهات المتطرفة وغير المقبولة لدينا نهائياً، ولكن لا حياة لمن تنادي». ودعا بن طلال السويدان لتسليم إدارة القناة إلى رئيس القطاع التلفزيوني في مجموعة «الرسالة» تركي الشبانة

و«الرّسالة» هي قناة إسلامية تأسّست العام 2006 «كبادرة من الوليد بن طلال»، ويديرها طارق السويدان منذ تأسيسها، وتنتمي إلى مجموعة «روتانا» التّي تضمّ قنوات فنّية. ويعمل في القناة مجموعة من «العلماء» منهم خالد المصلح، عائض القرني، محمد راتب النابلسي، علي العجمي، حنان القطان، لينا الحمصي وغيرهم.

وكان السويدان قد أعلن انتماءه لجماعة «الإخوان المسلمين» في محاضرة ألقاها في اليمن مؤخراً. ويعرّف الداعية الكويتي عن نفسه عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي بأنّه «مؤسس مشروع التغيير الحضاري، باحث ومفكر وداعية إسلامي، مدرب محترف في مجالات الإدارة والقيادة، ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الإبداع».

يعتبر الداعية الحائز على دكتوراه في هندسة البترول من «جامعة تولسا» في أوكلاهوما الأميركية، أنّه «ولد في أمّة متخلّفة». وهو كثير الكلام عن الثّورات. كما يرى أن «الحريّة أساس الرّيادة». وفي المحاضرة التي ألقاها في اليمن، أعلن السويدان صداقته بالناشطة اليمنية صاحبة نوبل توكّل كرمان، موضحاً أن «الأخت توكل ثائرة وتملك سحراً خاصاً». 

قدّم السويدان خلال مسيرته 23 برنامجاً تلفزيونياً، آخرها كان «تاريخنا في الميزان» على قناة «الرسالة». وله أيضاً 25 مؤلفاً مطبوعاً عن مواضيع مختلفة، وهو رئيس مجلس إدارة 5 شركات ومجموعات إعلامية حالياً، ورئيس مجلس إدارة 3 مجموعات لها علاقة بالإدارة العامة والتعليم. كما أعدّ 6 برامج إذاعية، وكتب في 6 مطبوعات عربية، منها جريدة «الأهرام» المصرية، و«عكاظ» السعودية.

وفي مقابلة له مع صحيفة «الوطن» نشرت في حزيران الماضي، يؤكّد الداعية الكويتي انتماءه إلى جماعة «الإخوان»، ويثني على فضلهم عليه «لأنهم ربّوه». ويؤكّد أيضاً أنّ انتماءه للجماعة لا يؤثّر على رأيه أو أفكاره، كما أنّه يدعو «الإخوان» للانسحاب من السّياسة. رغم ذلك، لم يتردّد الدّاعية في إعلان مواقف سياسية داعمة لـ«الإخوان المسلمين» في مصر، داعياً الرئيس المصري المعزول محمد مرسي للعودة إلى الحكم، ما تسبب بطرده من «الرسالة». 

وعبر حسابه الرسمي على «تويتر» (مليون و900 ألف متابع)، ردّ السويدان على الأمير بتغريدة أعيد تغريدها أكثر من ألف مرة، قائلاً: «أشكر سمو الأمير الوليد على الفرصة الغالية التي تشرفت بها لإدارة قناة «الرسالة» حتى الآن، وتحقيق ما وصلت إليه من وسطية ونجاح يستمر بإذن الله». ثم أردفها بتغريدة أخرى قال فيها: «لا يخاف على الرزق إلا ضعيف التوكّل، ولا يتنازل عن المبادئ إلا من كان همّه الدنيا».

وقبل تغريدة الطرد، كان السويدان قد كتب على صفحته «فايسبوك»: «ليس كل من يعارض الإخوان ضد الدين. وليس كل من يعارض الانقلاب يكون من الإخوان».

طرد السويدان شغل المغرّدين من السعودية إلى مصر مروراً بالكويت. وفي وسم بعنوان «الوليد بن طلال يطرد السويدان»، غرّد مصريون غاضبون من «الإخوان»، مهلّلين لما قام به الوليــــد، وقال أحـــد المغــــرّديــن «صفعـــة قويـــــة للإخونجـــي طـــارق ســـويدان، خايـــن الأمـــة، يســـتاهل». 

لكنّ مغرّدين خليجيين غاضبين من الوليد، غرّدوا مهلّلين للسويدان، وقال أحدهم متوجّها للأمير: «علاقة السويدان بـ«الإخوان» جريمة، أجل، علاقة شريكك اليهودي روبرت مردوخ بإســـرائيل وش تسميها؟». وقال آخر: «خوفاً على فقدانه المُزَزْ، يحارب «الإخوان» كي يعيش حياة طبيعية مليئة بالفجور». وتفرّع من هذا الوسم وسوم أخرى منها: «إقالة السويدان»، «لك الشرف طارق السويدان»، و«الوليد يقيل طارق السويدان»، «الوليد يطرد طارق السويدان»، و«شكراً طارق السويدان»، و«الوليد يقيل السويدان من قناة «الرسالة».

الأكيد أن طرد السويدان بهذه الطّريقة، هو طرد تعسّفي، لأغراض سياسية.. خصوصاً بعدما دعا العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الوقوف «ضدّ من يحاول زعزعة استقرار مصر». كما أنّ اختيار الوليد بن طلال «تويتر» لنشر رسالة الطرد عبره، دليل على أثر الموقع في الفضاء الخليجي، كوسيلة إعلاميّة جديدة ونافذة.

السفير اللبنانية في

19/08/2013

 

أقال الوليد بن طلال مدير فضائية «الرسالة» طارق السويدان

«رسالة» الوليد لن تكون اخونجية

محمد عبد الرحمن/ القاهرة 

 48ساعة من الأحداث الساخنة شهدتها الفضائيات المصرية والعربية التي تتابع الشأن المصري المتأزّم كل دقيقة منذ أن فُضّ اعتصاما رابعة العدوية ونهضة مصر فجر الأربعاء الماضي. بشكل عام، لا يمكن تصنيف الأحداث بحسب أهميتها، لأن جميعها يتّسم بالأهمية ولكن في اتجاهات مختلفة. على سبيل المثال، تداول المصريون على نطاق واسع خطاب الأمير الوليد بن طلال الذي قضى بإقالة مدير فضائية «الرسالة» الكويتي المؤيّد للإخوان طارق السويدان من منصبه.

قد تكون هذه المرة الأولى التي تُفرج فيها «روتانا» عن مستند بهذه الخصوصية عبر حساب الوليد الرسمي على تويتر، إذ نشر الملياردير السعودي صورة البيان الذي وقّعه، وجاء فيه «لقد ساءني ما اطلعت عليه من آراء نشرتموها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعبّر عن وجهات لكم تُغاير وجهاتنا التي بنينا عليها قناة «الرسالة» الفضائية، إذ أردناها منبراً للوسطية غير منتمية لأيّ حزب ولا لأيّ أفكار جماعة». وكشف البيان «لقد حذرناكم مراراً بضرورة إيقاف تلك التوجهات المتطرفة وغير المقبولة لدينا، لكنّنا لم نلمس ذلك».

وكان السويدان أعلن انتماءه إلى الإخوان ومساندة نظام الرئيس المعزول محمد مرسي قبل أسابيع عدة، وبشكل علني و«فجّ»، حسب وصف المعارضين للرئيس المعزول. لهذا، يقول البعض إنّ قرار الوليد صدر بعد كلمة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز الذي أعلن صراحة انحيازه إلى النظام المصري ضدّ الإخوان، فلم يترك أيّ فرصة لبقاء السويدان، وسط توقعات بأن تتخلّص المؤسسات الإعلامية السعودية من أيّ قيادات إخوانية تعمل فيها. ودافع الداعية الكويتي طارق السويدان عن الإخوان المسلمين في مصر، مطالباً الكويتيين بالخروج إلى الشوارع تأييداً للإخوان في مصر ورفضاً للانقلاب، حسب وصفه.

أما القنوات المصرية الخاصة الأبرز، على غرار «الحياة»، و«النهار»، و «سي بي سي»، فقد أعلنت مساء الجمعة الماضي استجابتها لاقتراح يقضي بوقف بثّ المسلسلات التركية إلى أجل غير مسمّى، بعد تكرار تدخل الرئاسة التركية في الشأن المصري (الأخبار 17/8/2013). أما «أون. تي. في.» و«المحور» فأطلقتا للمرة الأولى خدمة الترجمة الفورية باللغة الإنكليزية في محاولة للوصول إلى الجمهور الغربي، بعدما تأكّد نجاح الإعلام العالمي المنحاز إلى الإخوان في تشويه قرارات النظام المصري. «أون. تي. في.» دخلت مرتين في «مصارعة» مباشرة على الهواء مع قناة «الجزيرة» في أسلوب هو الأوّل من نوعه يؤكّد حجم الحرب الإعلامية بين الفريقين. فجر السبت الماضي، كانت «الجزيرة» تنقل استغاثات المحاصرين داخل مسجد «الفتح» في القاهرة واتهاماتهم للأمن بمحاول اقتحام المسجد، فقامت «أون. تي. في.» بنقل ما يجري خارج المسجد الذي يثبت أنّ المحاصرين هم الذين بدأوا بالاعتداء. كذلك كرّرت «أون. تي. في.» بثّ مداخلة هاتفية مع مذيع «الجزيرة» أيمن عزام سخر من متّصلة معارضة لمرسي ترفض أكاذيب القناة القطرية. وفي اليوم التالي، ركّزت «أون. تي. في.» على فيديو بثته «الجزيرة انترناشيونال» يظهر فيه مصاب منتم إلى الإخوان، وقد تبيّن إدعاؤه للإصابة أمام الكاميرا. وسط كل هذه الفوضى، تقدّمت قناة «سكاي نيوز عربية» خطوات إلى الأمام، خصوصاً داخل الشارع المصري، حاصدةً الانتشار الذي حققته «الجزيرة» خلال «ثورة يناير»، وبات بعض المصريين يعتبرونها مصدراً مُحايداً للأخبار تليها «بي. بي. سي. عربية» و«العربية».

الأخبار اللبنانية في

19/08/2013

 

آن ماري جاسر تعيد البوصلة إلى فلسطين

فريد قمر 

إنّه دواء ضد ألزهايمر التاريخ. فيلم «لما شفتك» الذي طُرح أخيراً في «متروبوليس أمبير صوفيل» جال المهرجانات والعواصم المختلفة، حاملاً مأساة النكسة، لكن أيضاً قصة الأمل التي يعيشها الطفل طارق مع دخوله مخيّم الفدائيين

ليس هذا العام عام فلسطين، وبالتأكيد لم يكن العام الذي سبقه كذلك. العالم العربي هشم بوصلته، أدار ظهره للحراب المسننة وأخذ يتلهى بأشواك عالقة بين أصابعه. فلسطين لم تعد قضية، والاحتلال والتهجير والتهويد تفاصيل صغيرة لن تفسد للثورات قضية. أما النكسة، فهل تذكرونها؟ عندما هجّر من لم تهجِّره النكبة، عندما ولدت مصطلحات مثل «حق العودة» و«الأونروا» وغيرهما، هل تعني تلك العبارات شيئاً؟

هي تعني الكثير لمن رفضوا تصفير الذاكرة، كالمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر. في باكورتها، عادت الى بلادها تبحث عن حق من بين حقوق كثيرة سلبت، فكان فيلمها الروائي «ملح هذا البحر» (2008) أقرب الى التوثيق. بحثت في عيون المحتل عن حيل اعتاد اختراعها ليهرب من المواجهة، عن فن تزوير التاريخ. واليوم، تعود مع فيلم «لما شفتك» (2012) الذي بدأ عرضه في «متروبوليس أمبير صوفيل». عنوان وحده يحمل التأويل، لا يبدو أنّ هناك علاقة واضحة بين عنوان الفيلم ومضمونه، لكن «لما نشوف الفيلم» يظهر بوضوح أنّ المخرجة لا تساير، لا شيء في بالها غير فلسطين، لا شيء لدرجة الفظاظة أحياناً، فلا عقد داخلية ولا قصص مركبة، ولا شيء خارج صراط القصة المستقيم: العودة.

يتحدث العمل عن أسرة من بين عائلات كثيرة تهجّرت بعد نكسة الـ 1967. غيداء (ربى بلال) هربت مع ابنها طارق (محمود عسفة) الى أحد مخيمات اللاجئين في الأردن في انتظار زوجها، غير أن طارق يرفض الانتظار والتأقلم مع الواقع الجديد وتبقى إرادة العودة شاخصة أمام عينيه، فيهرب ليجد نفسه في مخيّم تدريب للفدائيين الذين يتجهزون للعودة الى أرضهم كمقاتلين. هنا تبدأ قصة الأمل. قصة قتل الإحباط في مهده الذي يسمى أمراً واقعاً. حتى أنّ تسمية الفدائيين انكفأت كما انكفأت معالم المقاومة الأولى، حين لم تكن تتلطى تحت الشعارات الدينية، ولم تتخذ غير الحرية قضية لها. في تلك المقاومة، كان اليساري والإسلامي رفيقي سلاح، والنساء شريكات حقيقيات في صراع البقاء. كانت المقاومة أقرب الى التحرّر من الحرية ومقاتلوها أقرب الى الأرض من السماء.

هذا الواقع اليوتوبي نجحت المخرجة في تظهيره، وأنقذها هذا النجاح من أخطاء كثيرة، لا سيما أنّ العمل تنقصه الكثير من اللمسات الإبداعية التي ترتقي بالشريط ليصبح أكثر احترافاً، من كتابة السكريبت إلى صياغة الشخصيات والعلاقة بينها مروراً بكتابة الأحداث، وتمثيل البعض الذي أظهر ضعفاً كبيراً، فضلاً عن بعض اللقطات التي تظهر نقداً غير مبرر كالسخرية من اللبنانيين وفظاظتهم في مقابل انسانية الأردنيين (مع العلم أنّ الأردن حيث صوِّر الشريط ما لبث أن طرد الفدائيين ليحطّوا في لبنان). لكن كل تلك «الهفوات» يمكن غضّ الطرف عنها بسبب القوة التعبيرية المتمثلة في شخصية طارق الذي أبدع تمثيلاً فيما أبدعت جاسر (كاتبة الفيلم أيضاً) في كتابة شخصيته بالذات دون سواها. طارق بدا مقنعاً جداً في أدائه ومتنقلاً بسلاسة بين المشاهد التراجيدية والأخرى الكوميدية. أما التصوير فتولته السينماتوغراف الفرنسية ايلين لوفار الحائزة جائزة «غاودي» الاسبانية عن فيلم «هنا حيث أعيش» لمارك ريشا، فكان أيضاً تصويرها تقنياً بلا أي قيمة إبداعية مضافة كأنها كانت تقوم بدورها من دون إضافة أي شيء ذاتي منها.

رغم كل هذا، إلا أنّ إعادة إحياء قضية كقضية «لما شفتك» وتطعيم المكتبة السينمائية الفلسطينية والعالمية بالمزيد منها، هو عمل فدائي بحدّ ذاته. إنّه دواء ضد ألزهايمر التاريخ الذي اختار كتّابه أن يطمسوا الهوية، مستوطنة تلوَ مستوطنة.

«لما شفتك» لآن ماري جاسر: «متروبوليس أمبير صوفيل» (الاشرفية، بيروت) ـ للاستعلام: 01/204080

جوائز بالجملة

إلى جانب مشاركاته في أهم المهرجانات العالمية والعربية مثل تمثيله فلسطين رسميّاً في «الأوسكار» 2013، و «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي»، حصل شريط آن ماري جاسر «لما شفتك» على «جائزة شبكة تعزيز السينما الآسيوية» (NETPAC) عن فئة أفضل فيلم آسيوي في «مهرجان برلين السينمائي 2013»، وجائزة «لجنة التحكيم» في «مهرجان القاهرة السينمائي 2012»، و«جائزة لجنة التحكيم» في «المهرجان الدولي للفيلم العربي 2012»، و «جائزة دون كيشوت» في «مهرجان قرطاج السينمائي 2012»، و جائزة «أفضل فيلم عربي» ضمن مسابقة «آفاق جديدة» في «مهرجان أبوظبي السينمائي» العام الماضي، كما فاز بالجائزة الأولى في «مهرجان سالونيك الدولي» في اليونان.

الأخبار اللبنانية في

19/08/2013

 

 

بحثاً عن «بيتنا» وراء الشمس

رشا حلوة/ عكّا 

في «لما شفتك» (إنتاج شركة «أفلام فلسطين»)، تقف آن ماري جاسر على بعض التغييرات التي طرأت على حياة أشخاص عاديين في ظلّ ظروف غير عادية تُفرض عليهم: احتلال وتهجير وفقدان. انطلقت المخرجة هذه المرّة من التفاصيل الحياتية الصغيرة التي لم توثّقها السينما الفلسطينية كثيراً على مدار تاريخها منذ النكبة عام 1948. يُسرد الشريط بعيون طفلٍ بريء يسأل:«ليش أنا موجود هون (في المخيم) وبيتي هناك (في فلسطين)؟»، ويفسّر حياته ببساطة من دون تعقيدات ايديولوجية ومخاوف أو لغة يتقنها «الكبار فقط»، كأنّ حُلمه الطفولي الصادق يُحارب اليأس الذي تعيشه والدته.

يأخذنا العمل إلى النكسة، وأجواء ومراحل تهجير الشعب الفلسطيني وعبوره من وطنه إلى الأردن، من خلال سرد حكاية الطفل طارق (محمود عسفة) وأمه غيداء (ربى بلال) اللذين كانا قد انفصلا عن الأب (صالح بكري) أثناء الحرب، ليجدا نفسيهما في مخيم «حرير» للاجئين الفلسطينيين في انتظار عودتهما إلى فلسطين. لكن فترة الانتظار لم تكن قصيرة، بل امتدت لسنوات عديدة، كما حصل مع الجيل الذي مرّ بالتهجير عام 1948. لكن الانتظار والأمل والرغبة بالحرية المتجسدة في حاجة الطفل وشوقه إلى والده، تحمله على الانضمام إلى معسكر سري للفدائيين الفلسطينيين.

تسيطر على الفيلم اللغة الرومانسية التي عزّزها السيناريو كما فعل العنوان، وهذا ما لا يختلف كثيراً عن خيارات آن ماري جاسر في فيلمها «ملح هذا البحر» (2008)، هي التي تعتبر أنّ التعامل برومانسية مع النكسة أمرٌ لا يتناقض مع الواقع النضالي. إلى جانب هذا، أعطت أغنيات وموسيقى الشريط الروائي بعداً نوستالجياً أيضاً، أهمها أغنية «يا ليل لا تروح» التي كتبت كلماتها، ولحنتها وغنّتها الفنانة الفلسطينية ربى شمشوم. هنا، يصف مطلع الأغنية فلسطين بأنّها «جنة مليانة ألحان» فيها «بساتين الياسمين والبرقوق والرمان والصبر والتين»، المقطع الذي شاركت ربى في غنائه مجموعة من طاقم الفيلم، يقول خلال مشهد في الظلمة: «شوي شوي يا ليل لا تروح/ إذا بان النهار/ بتبان الجروح...» لتُختتم بجملة: «أسود/ ولا مرة الليل بيدوم».

من خلال قصة هذه العائلة الصغيرة المكونة من طفل ووالديه، استطاع العمل الفلسطيني/ الأردني المشترك أن يحكي قصص مئات العائلات الفلسطينية التي لا تزال تعيش حتى اليوم في سؤال الأم غيداء «ليش خسرنا كلّ إشي؟»، كما لا تزال تملك الأمل في العودة. كلّ هذا لا يبتعد أيضاً عن القصة الشخصية لآن ماري جاسر المقيمة في عمّان اليوم بعدما منعها الاحتلال من دخول فلسطين قبل خمس سنوات تقريباً. من خلال ذكرياتها عن المكان ووادي الأردن (غرب الأردن) المطلّ على فلسطين، تمشي آن ماري جاسر في مسار إجابة الأم على سؤال ابنها طارق «وين بيتنا؟»، فتقول له «عند الشمس... وين بتروح الشمس، هناك بيتنا».

الأخبار اللبنانية في

19/08/2013

 

الصدفة تعيد المنشرة صالة سينما

من سينما "فؤاد" إلى سينما "دوما"

بيروت- الجزيرة دوك

في الوقت الذي تصارع فيه دور السينما في المدن من أجل البقاء، تفتتح في بلدة دوما اللبنانية الجبلية صالة سينما، تحيي عشرات الأفلام التي مضى عليها عشرات السنين، ومنها ما لم يعرض سابقا.

والصالة ليست جديدة، فقد كانت تستخدم كسينما أوائل الخمسينات من القرن الماضي، لكن ظهور التلفزيون، وعناصر أخرى غير جلية، لعبت دورا في إقفالها، لتستخدم منشرة تصنع الحاجيات الخشبية.

وقد لعبت الصدفة دورا في إعادة الصالة إلى دورها السابق كدار للسينما، في قبو منزل جبلي تراثي البناء. وتعرض فيها اليوم عشرات الأفلام مجانا، حيث تضافرت عناصر متعددة لإعادة إحيائها، فأمكن تجهيزها مجددا بالكراسي، والعارضات (بروجكتورات)، والشاشة، بعد إعادة ترميم البناء الذي لحقت به التشوهات الكثيرة مع مرور الزمن.

القيم على المشروع هو المهندس المعماري أنطوان فشفش، وهو متخصص في تنظيم المدن وترميم الأبنية الأثرية، ويحتل منصب رئيس قسم الهندسة المعمارية في جامعة الكسليك، كما أنه مستشار لوزير الثقافة بما يخص الأبنية التراثية. يروي فشفش أنه منذصغره، كان عندنا مبنى يسميه العامة السينما، ويقولون نحن ذاهبون إلى السينما، أو عائدون من السينما من دون أن تكون هناك سينما، بل منشرة. كنت أتساءل كيف هي سينما لكنها منشرة. تحولت السينما إلى منشرة وظل الناس يسمونها السينما. إلى أن كبرت وعلمت أن أحد ابناء البلدة كان يعمل في نطاق السينما ببيروت، اسمه فؤاد صوايا، نقل تجربة السينما إلى البلدة، وأسس الصالة وأطلق عليها اسم سينما “فؤاد”، وهي صالة سفلية في منزلنا سمح أهلي لأحد أبناء البلدة باستخدامها كمنشرة".

اكتشاف السينما

يتابع فشفش راويا قصة السينما: "عندما تخصصت بالهندسة المعمارية بحثت كيف يكون هذا المبنى سينما؟ تبين لي أن أرقام الكراسي ما زالت مطبوعة على الجدران، والغرف التي كانوا ينفذون العرض منها (بروجكشن) موجودة، ونافذة بيع البطاقات مصنوعة من الحجر، والأرض تحولت إلى شكل منحدر بحيث لا يسد الجالس من الأمام المنظر عن الجالس من الخلف. كل عناصر السينما كانت موجودة. كان ذلك اكتشافا، ومنذ ذلك الوقت اتفقت مع النجار الصديق لنا، واشترطنا عليه تفريغها عند حاجتنا لها، وكان ذلك منذ 15 سنة، وأقمنا احتفالات عديدة في السينما بعد ترميمها، واستخدمنا بداية الكراسي البلاستيك، وآلة عرض "أل سي دي”. 

تكرار استخدام الصالة كسينما مجددا لفت نظر الجمهور إلى ضرورة إعادتها إلى سينما، وكان وزير من أبناء المنطقة هو وزير الطاقة جبران باسيل يتردد على البلد. يقول فشفش أن باسيل كان كل مرة يصر على أهمية تشغيلها كسينما، ويركز على ترميمها. قلت له أن ذلك صحيح لكنه مكلف، وأخبرته أن أستثمر اليوم في السينما فهذا صعب وليس من الأولويات، فتبرع بالمساعدة، وجاءني لاحقا برفقة وزير السياحة فادي عبود، ومعهما ماريو حداد صاحب شبكة أمبير السينمائية Circuit Empire، وذلك منذ سنتين”.

دخل الجميع الصالة ودهشوا لما رأوه، فتبرع حداد بتقديم كل التجهيزات مجانا، أما وزير السياحة فقرر تأمين "عقد تشغيل" للسينما من موازنة الدولة. يقول فشفش: "نقلنا النجار إلى مكان آخر، وتوليت عملية الترميم بنفسي، وعند الانتهاء من الترميم، أتت مؤسسة شبكة أمبير، وجهزت الصالةب70 كرسي من المستوى الجيد جدا، مع احدث التجهيزات التي تعمل بها أفضل سينمات بيروت. ولا نزال ننتظر وصول المساعدة التي وعدنا بها الوزير عبود وهي عقد التشغيل لنطور العمل". 

ويبدو أن فؤاد صوايا ترك العمل في بيروت لسبب ما، وقرر أن يفتح سينما في دوما سنة 1951، تسع سنوات قبل ظهور التلفزيون بلبنان. يلاحظ فشفش أنه "لم يكن الناس معتادين على رؤية شاشة عليها حركة. كانت السينما اكتشافا كبيرا لسكان الريف” ذاكرا أن "أول فيلم عرض فيها يومذاك كان "عنترة وعبلة”. 

ويتحدث فشفش عن ظواهر ظريفة رافقت انطلاق السينما نقلا عن القدماء منها أن شخصية ظهرت في الفيلم تركض باتجاه الناس على الحصان، فسقط الحصان مما أدى إلى هرب الجمهور إلى الخارج. وكان الفيلم يعاد عرضه من البداية عند وفود أي مشاهد جديد وصل متأخرا بعض الوقت عن موعد التشغيل. وعندما يشتد الحر، كان مدير السينما يطلب من الجمهور رفع الأرجل ليصب الماء تحتها للتبريد

ويذكر أن العمل بالسينما استمر 8-9 سنوات، وبعد ذلك أقفلت ويرجح أن السبب هو التلفزيون، وتم افتتاح السينما العام المنصرم، وكانت باكورة الأعمال استضافة الممثلة والمخرجة نادين لبكي مع فريق عملها.

تطور العمل

بعد عودة الروح إلى الصالة، ووضعها على سكة التشغيل أطلق عليها اسم سينما "دوما"، ارتأى فشفش وفريقه البحث عن أفلام قديمة، من جهة ترضي ذوق الجمهور، ومن جهة ثانية تعيد إلى كثيرين الحنين لمرحلة صعود السينما. يقول فشفش أنه من الطبيعي أن أطرق باب وزارة الثقافة حيث أعمل، واخترت عشرة أفلام وطعمتها بفيلم لشوشو وآخر لفيروز مما هو متوافر في السوق. وبدأنا تقديم العروض مطلع الصيف، وكل اسبوع هناك أفلام جديدة للعرض المجاني. الجمهور نخبوي إجمالا. الأسبوع المنصرم عرضنا فيلم "الأخرس والحب"، لمنير معاصري وريمون جبارة وسميرة بارودي، وفيليب عقيقي، حضر الفيلم عدد قليل لكنهم خرجوا جميعا مسرورين وعبروا عن سرورهم بمشاهدتهم لوجوه بارزة لم يشاهدوها منذ أربعين عاما. الفيلم لم يكن أحد يعرف به. الممثلون أقوياء وأصحاب مواهب كبيرة، والسيناريو ذكي، ويكفي ذلك لتأسيس فيلم ناجح”. 

ماذا بعد؟ يختم: "هذا الشهر سنعرض عشرة أفلام، وبعد ذلك نتجه لعرض أفلام جيمس بوند لمختلف أبطاله.  وفي حال حصلنا من الدولة على عقد التشغيل، سنجهز الصالة بالمدافيء لكي نواصل العروض شتاء فنحن على ارتفاع كبير وتعيش البلدة حالة من البرد الشديد. المسألة فرضت نفسها ونحن تلقفنا اللحظة عن غير سابق تصميم”.

الأفلام المختارة للصيف الحالي هي:

"الفرق نمرة" لشوشو، و"بياع الخواتم" لفيروز، "الأخرس والحب" لمنير معاصري وريمون جبارة، "عروس من دمشق" لسميرة توفيق، "الجكوار السوداء" لإحسان صادق وطروب وسمير شمص، "أمي العزيزة" لشوشو، "بنت الحارس" لفيروز، "حسناء البادية" لسميرة توفيق، "و.س.” لشوشو.

الجزيرة الوثائقية في

19/08/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)