حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فاتن.. وبس

بقلم   سمير فريد

٢٧/ ٦/ ٢٠١٣

 

تسلمت فاتن حمامة يوم الجمعة ١٤ يونيو شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية فى بيروت، مع المفكر الأمريكى العالمى نعوم تشومسكى، وعالم الفضاء الأمريكى اللبنانى الأصل شارل العشى، ورجل الأعمال اللبنانى العالمى راى عيرانى.علمت بذلك من الحوار الذى أجراه الزميل أشرف شرف مع الفنانة الكبيرة بعد عودتها من بيروت، ونشر فى جريدة «الفجر» عدد الخميس الماضى، وذهلت من عدم اهتمام الصحافة والتليفزيون فى مصر بمتابعة وتغطية هذا الحدث الكبير.

وفى هذا الحوار عبرت فاتن حمامة عن شعورها بـ«قمة السعادة» لأن الجامعة منحتها هذه الدرجة الرفيعة عن مجمل أفلامها، ولأنها تناولت قضايا المرأة ودافعت عن حقوقها. وقالت إنها سبق أن فازت بنفس الدرجة من الجامعة الأمريكية فى القاهرة عام ١٩٩٩، ولكن هذه المرة فى ظروف مختلفة، يعانى فيها المبدعون والمثقفون فى مصر، وترتفع أصوات تحرم الفنون، ووصل الأمر إلى الاعتصام فى مكتب وزير الثقافة، احتجاجاً على محاولات تشويه ومحاصرة الإبداع. وقالت إنها اعتبرت قرار الجامعة الأمريكية فى بيروت رداً مناسباً وبليغاً على هذه المحاولات، ولذلك أهدت هذا التكريم إلى الفن والفنانين والأدباء والشعراء والمثقفين فى ظل وجود اعتصام مفتوح فى وزارة الثقافة.

وهذا الموقف القوى فى الدفاع عن الثقافة المصرية الوطنية فى مواجهة من لا يعترفون بها، ليس غريباً عن فاتن حمامة، فهى من أعمدة هذه الثقافة فى القرن العشرين مثل نجيب محفوظ وأحمد زويل ومحمد البرادعى، الذين فازوا بجائزة نوبل، ولو كانت هناك «نوبل» للسينما لفازت بها فاتن حمامة. إنها رمز كبير من رموز «مدرسة السينما المصرية» من ١٩٣٣ إلى ١٩٦٣، والتى تعتبر من مفاخر الثقافة المصرية ومن أهم مدارس السينما فى العالم فى القرن العشرين، قرن السينما.

عندما وافقت فاتن حمامة على تكريمها فى المهرجان القومى للسينما المصرية عام ١٩٩٥، وكان المهرجان يصدر كتاباً عن كل شخصية من الشخصيات المكرمة، طلبت من وزير الثقافة آنذاك، الفنان فاروق حسنى، أن أكون مؤلف هذا الكتاب، وكان هذا الطلب «وساماً» بحق أعتز به كثيراً. وقد اعتاد مؤلفو كتب المكرمين أن يكون لكل كتاب عنوان، ولكنى جعلت العنوان «فاتن حمامة»، وكنت فى ذلك أقتدى بمقال زكى طليمات، رائد فن التمثيل فى مصر والعالم العربى عنها، وكان عنوانه «فاتن.. وبس».

 

فى انتظار العائدين من سوريا

بقلم   سمير فريد

٢٥/ ٦/ ٢٠١٣

فى الفيلم الأمريكى «حرب شارلى ويلسون» إخراج مايك نيكولز عام ٢٠٠٧ يعبر فنان السينما الكبير عن قرار الإدارة الأمريكية بدعم «المجاهدين» ضد الغزو السوفيتى لأفغانستان الذى بدأ عام ١٩٧٩ وانتهى بانسحاب السوفييت عام ١٩٨٩، وينتهى الفيلم بأن تكاليف هذا الدعم كانت أكثر من مليار دولار. بينما رفض الكونجرس الأمريكى تقديم مليون دولار إلى أفغانستان للمساعدة فى إنشاء المدارس بعد الحرب، ويتساءل شارى ويلسون: ولكن ملايين الأطفال سوف يعودون من معسكرات اللاجئين فى البلدان المجاورة، فأين يتعلمون، وماذا سيتعلمون، ولا يجيب الفيلم عن هذا السؤال، ولكن الإجابة فى الواقع كانت فى ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١.

تذكرت تساؤل شارلى ويلسون عندما شاهدت مؤتمر استاد القاهرة لنصرة المجاهدين فى سوريا ودعوة شباب مصر للقتال معهم ورغم أن الجهاد فى سوريا ليس فقط ضد نظام الأسد الديكتاتورى الذى يقتل شعبه ويدمر بلاده، وإنما ضد ثورة الشعب من أجل الحرية أيضاً. ورغم أن شباب مصر يجب أن يعمل لبناء مصر والقتال دفاعاً عن مصر، وعلى أرض مصر، ودعوته لترك البناء والقتل خارج مصر «جريمة كاملة»، إلا أن أهم ما تثيره هذه الدعوة وجود تلك المدارس أو المعسكرات التى تغسل عقول الشباب منذ طفولتهم فى مصر، كما حدث فى أفغانستان بعد انسحاب السوفييت، وكانت النتيجة ١١ سبتمبر.

وقد سمعت فى أحد برامج التليفزيون أحد «رموز» الإسلام السياسى من غير الإخوان يعقب على تلك الدعوة بقوله لقد قالوا لنا منذ ثلاثين سنة اذهبوا للقتال فى أفغانستان لتصبحوا من الأبطال المجاهدين، وعندما عدنا وجدنا أنفسنا فى السجون فيما عرف بقضية «العائدون من أفغانستان» أو قضية «العائدون من ألبانيا». ورغم أننى ضد ربط الدين بالسياسة، وأرى أن هذا الربط يضر بهما معاً، إلا أننى تعاطفت مع هذا الشخص كإنسان دفع ثمناً غالياً بسبب غسيل العقل الذى تعرض له فى شبابه المبكر، ووجدت فى حديثه لمسة تراجيدية شكسبيرية.

وأخطر ما يثيره مؤتمر استاد القاهرة ليس فقط قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ولا حتى الدعوة المضللة إلى الجهاد فى سوريا، وإنما أن هذه الدعوة أتت من رئيس جمهورية مصر، وصورة الرئيس وحوله على المنصة والصف الأول أمامه هذا الجمع من الرجال الملتحين أصحاب اللحى المشذبة وغير المشذبة تلخص حال مصر اليوم، فإذا كان هؤلاء هم من يحكمون الوطن، فلا غرابة إذن أن يصل إلى ما وصل إليه من بؤس.

 

لمصلحة من يلغى المهرجان الوطنى الوحيد للسينما المصرية؟

بقلم   سمير فريد

١٥/ ٦/ ٢٠١٣

كان من المقرر أن ينعقد المهرجان الوطنى السنوى للسينما المصرية يوم الأربعاء المقبل ١٩ يونيو الحالى بعد أن توقف لمدة عامين بعد ثورة ٢٥ يناير، وقد بدأ الإعداد لهذه الدورة فى صندوق التنمية الثقافية فى وزارة الثقافة منذ عدة شهور، برئاسة المخرج السينمائى الكبير سمير سيف، وهو أيضاً أستاذ دكتور فى معهد السينما ومن النقاد والباحثين المتميزين، وفجأة أعلن فى الأسبوع الماضى إلغاء المهرجان إلى أجل غير مسمى، ومن دون أسباب!

أى مهرجان سينمائى فى أى بلد يقام أساساً وأولاً لتطوير صناعة السينما الوطنية، وكلمة السينما لا تعنى إنتاج الأفلام المحلية فقط، وإنما تعنى دور العرض وكل ما تعرضه بما فى ذلك الأفلام الأجنبية، وتعنى استوديوهات ومؤسسات السينما الحكومية وغير الحكومية، وإذا كانت المهرجانات الدولية تساهم فى تطوير السينما، فإن المهرجانات الوطنية، أى التى تخصص للسينما المحلية، هدفها الوحيد تطوير هذه السينما، ومن هنا وإذا كان هناك اختيار بين إقامة مهرجان دولى وآخر وطنى، فإن الأولوية للمهرجان الوطنى، وكما قلنا ونكرر دائماً أن الثقافة ليست وزارة الثقافة، وإنما تعبر الوزارة عن العلاقة بين الدولة والفنون والآداب والتراث الثقافى الوطنى، ومهرجان الأفلام المصرية هو الشكل الذى يعبر عن العلاقة بين الدولة والسينما، وجوائزه هى الجوائز المالية الوحيدة التى تدفع من ميزانية الحكومة، أى من أموال دافعى الضرائب.

ولمصر أن تفخر بأنها أول دولة فى العالم خصصت جوائز حكومية مالية لأحسن الأفلام، وذلك منذ بداية الأفلام المصرية الناطقة عام ١٩٣٢، وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢ وإنشاء وزارة الثقافة أصبحت الجوائز تمنح فى إطار مسابقة سنوية، وتحولت إلى مهرجانات وطنية منذ عام ١٩٧٠، وتوقفت وعادت وتغيرت العناوين أكثر من مرة طوال العقود السابقة ولكن ظلت مستمرة، وكان من الغريب حقاً أن يتوقف المهرجان الوطنى فى العامين الماضيين، وكأن الثورة قامت ضد السينما وليس ضد نظام مبارك.

والآن مهرجان ٢٠١٣ لأفلام عامى ٢٠١١ و٢٠١٢ جاهز تماماً، وقد حاولت أن أعرف من وراء قرار الإلغاء ولماذا، فلم أتوصل إلى نتيجة محددة، وأياً كان من أصدر القرار وأياً كانت أسبابه، فوزير الثقافة الجديد علاء عبدالعزيز هو المسؤول، ونطالبه بإقامة المهرجان فى موعده إذا كان لم يأت لإطفاء الأنوار كما يقول، فالخاسر من عدم إقامته السينما والثقافة فى مصر.

 

من هنا وهناك

بقلم   سمير فريد

١٣/ ٦/ ٢٠١٣

كتب قارئ لم يذكر اسمه على موقع «المصرى اليوم» تعليقاً قال فيه إن فرقة باليه أوبرا باريس وفرقة باليه أوبرا براج لم توقفا عروضهما، احتجاجاً على المطالبة بمنع الباليه فى مصر كما جاء فى هذا العمود، عدد الأحد الماضى، وأن موقعى الفرقتين يؤكد عدم توقف أى عرض، ونحن نعتذر عن هذا الخطأ، وكان مصدرنا مقالاً للزميل الكبير الأستاذ محمد سلماوى.

وسألنى قارئ آخر لم يذكر اسمه أيضاً: «لماذا لا تشترك مع المعتصمين فى مكتب وزير الثقافة وأنت تدافع عن الثقافة المصرية الوطنية مثلهم؟!»، وأقول له إننى مع كل من يدافع عن هذه الثقافة، وقد وقعت البيان الذى صدر قبل الاعتصام، ولكنى لا أوافق على الاعتصام فى مكتب الوزير. لقد شاركت فى اعتصام الفنانين فى نقابة السينمائيين عام ١٩٨٧، وأصدرت عنه كتاباً كاملاً، فالاعتصام من الحقوق المشروعة فى الاحتجاج، وكنت أوافق عليه، لو كان فى النقابة أو ساحة الأوبرا، ولكن ليس فى مكتب الوزير، وقد كان الاعتصام للمطالبة باستقالة الرئيس السابق مبارك، أثناء ثورة ٢٥ يناير، فى ميدان التحرير وليس فى القصر الجمهورى.

الثورة من أجل التغيير، وليست لتعطيل العمل فى مؤسسات الدولة، وليس هناك أى فرق بين حصار المحكمة الدستورية أو حصار مدينة الإنتاج الإعلامى، وبين حصار مكتب وزير الثقافة ومكتب أى وزير أو أى مسؤول فى الدولة.

أتابع بإعجاب كبير تعليقات الدكتور يحيى نورالدين طراف، التى ينشرها العزيز المجهول «نيوتن» فى عموده الشائق، وللدكتور يحيى الحق فى الاعتزاز بنشر اسمه كاملاً، ولمن لا يعرف، فوالده كان من وزراء مصر العظام فى عهد عبدالناصر.

وقد حال حضورى مهرجان كان فى مايو الماضى، دون نشر رسالة منه، تعليقاً على ما نشر فى «صوت وصورة» عن تزوير التاريخ فى مسلسل تحية كاريوكا، وفيما يلى نص الرسالة:

أنا أيضاً شاهدت بالمصادفة منذ أيام مقطعاً من إحدى حلقات المسلسل التليفزيونى «تحية كاريوكا»، وكان مشهد النهاية لهذه الحلقة، وهو مشهد اغتيال أمين عثمان، إذ ظهر فى المشهد أنور السادات، مختبئاً ليلاً، منتظراً عودة أمين عثمان لبيته، فلما ترجل الأخير من سيارته وهم بدخول منزله، برز له السادات، وناداه من الجهة المقابلة من الشارع، فلما التفت «عثمان» لمصدر النداء، بادره السادات بإطلاق الرصاص، فأرداه قتيلاً.

ثم أسرع السادات بالفرار جرياً على قدميه فى الشارع الخالى، وفى إثره عسكرى شرطة كاد يلحق به، ويقبض عليه، لولا أن سيارة توقفت بجانبه التقطته، وهربت به بعيداً عن متناول الشرطى الذى يطارده. كانت تحية كاريوكا هى التى تقود السيارة، وسألت السادات، بعد أن ركب بجوارها، وعرف شخصيتها: «كان عايز إيه منك ابن الكلب ده؟»، فصمت برهة، ثم أجابها بقوله: «أنا اسمى محمد أنور السادات». هنالك انتهت الحلقة، على أن تستكمل أحداث المسلسل لاحقاً، ولم أشهد تتمة الأحداث، لعدم متابعتى له.

فهل أصاب المسلسل الحقيقة فيما صوره من أحداث فى ذلك المشهد؟ وقبل ذلك المشهد كانت هناك مشاهد تصور الملك فاروق يوعز إلى كبار خاصته بقتل أمين عثمان، ويلح فى ذلك، وهم يعدونه بالتنفيذ! فهل أمر الملك بقتل أمين عثمان صراحة كما جاء فى المسلسل، أم أن ذلك يعكس وجهة نظر أصحابه ورأيهم فى الأحداث؟

وإذا كان هذا حصيلة عشر دقائق لا أكثر عرضت لى مصادفة من المسلسل، فما الوضع لو انقطعت له، وشاهدت كل حلقاته؟

 

«هرج ومرج».. مولد مخرجة مبدعة فى علامة جديدة للسينما المصرية المستقلة

بقلم   سمير فريد

١٢/ ٦/ ٢٠١٣

بدأ فى دور السينما عرض الفيلم المصرى الروائى الطويل «هرج ومرج» إخراج نادين خان، والذى كان عرضه العالمى الأول فى مسابقة الأفلام العربية الطويلة فى مهرجان دبى ٢٠١٢ حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم.

يعلن الفيلم مولد مخرجة مبدعة فى أول أفلامها الطويلة بعد عدة أفلام قصيرة. وسواء فى أفلامها القصيرة أو فيلمها الطويل تعتبر نادين خان التى تخرجت فى معهد السينما بالجيزة عام ٢٠٠١ من مخرجى السينما المصرية المستقلة التى بدأت فى العقد العاشر من القرن العشرين الميلادى، وتبلورت فى العقد الأول من القرن الجديد، ويعتبر «هرج ومرج» علامة جديدة من علامات هذه السينما التى خرجت بالسينما المصرية إلى العالم فى ذلك العقد.

جميع صناع الفيلم أمام ووراء الكاميرا من الفنانين الشباب الموهوبين: كاتب السيناريو محمد ناصر على، ومدير التصوير عبدالسلام موسى، والمونتيرة دينا فاروق، وهى منتجة الفيلم، ومصمم الديكور عاصم على، ومصممة الأزياء مروة عبدالسميع، ومؤلف الموسيقى حسن خان، وعازف البيانو محمد عبدالله، ومصمم الصوت محب عز، ومصمم المؤثرات الخاصة سيد هاشم، ومصمم الماكياج سيد بلال.

وجميع الممثلين من الفنانين الشباب المتميزين: أيتن عامر (منال)، ومحمد فراج (زكى)، ورمزى لينر (منير)، وهانى المتناوى (الكوتش)، وأسامة أبوالعطا (توك توك)، ومعهم المخضرم صبرى عبدالمنعم (الحاج سيد)، إنه فيلم طازج تماماً وجديد تماماً. ومثل كل علامات السينما المصرية المستقلة لا ينفصل عن السينما المصرية المتطورة فى الثمانينيات والتسعينيات، ولكنه يتجاوزها إلى التفاعل مع تيارات التجديد فى السينما العالمية.

دائرة مغلقة

تدور أحداث الفيلم فى مكان ما غير محدد، لكنه فى مصر، لأن شخصياته مصرية تنطق باللهجة العربية المصرية، وربما لا توجد على هذا النحو الذى نشاهدها عليه إلا فى مصر. والزمان أيضاً غير محدد، ولكنه فى الزمن الحاضر، وقت إنتاج الفيلم، مثل أى فيلم لا يحدد زمانه.

موضوع الفيلم البؤس الذى يعانى منه أغلب الشعب المصرى وشعوب كثيرة أخرى، ولا جديد فى الموضوع، ولكن الجديد دائماً فى الشكل. يبدأ الفيلم وينتهى بشباب وصبية وسط أكوام من القمامة يقومون بفرز محتوياتها، ويبدأ وينتهى بجنازة، وعلى حين لا نعرف من يكون الميت فى البداية، نعرفه فى النهاية. وهناك لافتات مكتوبة (أبيض وأسود فى فيلم مصور ديجيتال بالألوان) تحدد زمان الأحداث على مدى أسبوع كامل من فجر الاثنين إلى فجر الاثنين مروراً بصباح الثلاثاء وظهر الأربعاء وعصر الخميس ومغرب الجمعة وليل السبت وليل الأحد. إنها دائرة مغلقة بإحكام شديد يصبح معها البؤس قدراً لا مفر منه ولا فكاك، وتصبح معها الحياة زمنا يمضى فى انتظار الموت.

الصراع من أجل البقاء

هذه مجموعة بشرية تعيش فى مكان تتوسطه ساحة كبيرة، لا قرية ولا مدينة، لا حى عشوائى أو حى مخطط. وهم يعيشون حياة بدائية مثل الإنسان الأول فى صراعه من أجل البقاء، قبل الحضارة، وقبل الأديان، وإن وصلت إليهم بعض نتائج التقدم العلمى والتكنولوجى مثل الميكروفون والتليفون المحمول وألعاب الفيديو.

يوم الاثنين تأتى إليهم عربة نقل وتوزيع المياه، ويوم الثلاثاء عربة أسطوانات الغاز، ويوم الأربعاء عربة الخضروات، ويوم الخميس عربة عصائر الفواكه، ويوم الجمعة عربة اللحوم، ويوم الأحد عربة الحلوى. وفى كل هذه العربات كميات قليلة تجعلهم يتنازعون عليها، ولا تدرى هل توزع عليهم بالمجان أم يدفعون أثمانها، هل هى عربات «الدولة»، أم جمعيات ومؤسسات خيرية.

وفى كل يوم من أيام الأسبوع تتطور الأحداث التى تدور حول الحاج سيد البقال «كبير» المنطقة الأرمل الذى يقيم علاقة فى الخفاء مع أم هند، وهى زوجة عاطل ومدمن مخدرات يعلم بهذه العلاقة، ويصمت تجاه استمرارها. وحول منال ابنة الحاج سيد «جميلة» المنطقة التى يتنافس على حبها شابان عاطلان، هما زكى الذى تبادله الحب، ومنير الذى يريدها كرهاً فى زكى وليس حباً لها. وبينما يشارك زكى صديقه مدرب كرة القدم «الكوتش» فى شراء أجهزة رياضية، ويتدرب عليها لتقوية جسده، يقود منير جماعة من الشباب والصبية الذين يقومون بعمل أى شىء وكل شىء ليعيشوا، ومنهم الشاب «توك توك» الذى يوحى لكل من زكى ومنير والحاج سيد بأنه يعمل لحسابه، ويسخر من الجميع.

ونصل إلى «الذروة» عندما يسرق منير تليفون الحاج سيد المحمول، الذى سجل عليه لقطة لأم هند وهى ترسل له قبلة فى الهواء، ويهدده بفضح أمره، ويتفق معه على إقامة مباراة كرة قدم بين فريقه وفريق زكى، فإذا فاز يتزوج منال، ويعيد له التليفون فى الحالين. ويفوز منير، ويموت الكوتش بالسكتة القلبية بعد انتهاء المباراة، ويحمل زكى نعش صديقه فى جنازته، بينما تلقى منال بمقعد من شرفة منزلها ليجلس عليه منير.

لافتات الأيام والموسيقى

تلتحم لافتات الكتابة على الشاشة من فجر الاثنين إلى فجر الاثنين بالدراما التحاماً عضوياً تاماً، فهى تربط الأحداث وتطورها، وليست مجرد حلية شكلية، وينتهى كل مقطع بالاختفاء التدريجى للصورة، وتساهم هذه الطريقة فى الانتقال بين المقاطع فى صنع إيقاع الفيلم الذى يدفع المتفرج إلى التأمل الممتزج بالشجن.

وموسيقى الفيلم القائمة على البيانو، آلة «الموسيقى الكاملة»، لا تستخدم إلا مع كل لافتة جديدة، أى مع كل انتقال من مقطع إلى آخر، وتبدو أقرب إلى موسيقى البيانولا أو موسيقى الأفلام الصامتة حيث يكتب الحوار على لافتات، وهى بدورها تلتحم عضوياً بالدراما، وتجعل الفيلم مثل الحكايات الخيالية، وتساهم فى صنع ذلك الإيقاع التأملى.

وعدم استخدام الموسيقى داخل أى مقطع من المقاطع الثمانية يؤكد الدور الذى تقوم به عند استخدامها. ومن ناحية أخرى يجعل المؤثرات الصوتية، وخاصة مؤثرات التزاحم على العربات أكثر تأثيراً. والعالم الذى يعبر عنه الفيلم عالم من دون موسيقى، يغيب عنه القانون، وهو جوهر الحضارة، ويغيب عنه الإيمان، فلا مسجد ولا كنيسة ولا معبد. إنه عالم لا يفكر فيه العقل ولا تحلق الروح، ومن دون أفق، ولا تعدو الطبيعة سوى تعاقب الليل والنهار والغبار.

ويربط بين أحداث الفيلم أيضاً «الإذاعة» الداخلية للمنطقة التى تؤكد عزلتها، ومن خلالها يعلن المذيع فى «الميكروفون» عن وصول هذه العربة أو تلك من عربات نقل الطعام والشراب، أو ما يحفظ مجرد البقاء على قيد الحياة، كما يصف مباريات كرة القدم، وينبه إلى بعض الأحداث، مثل الحريق الذى يشعله عدد من الصبية مستخدمين «المولوتوف» حتى يسرقوا بعض اللحوم أثناء انشغال الجميع بالحريق. والفيلم يبدأ قبل العناوين بلقطة لصبيين يحملان بندقية فى الظلام، وهى لقطة مبهمة ولا ضرورة درامية لها.

مسرح وملعب وسيرك

الساحة التى تأتى إليها العربات، وتقام فيها المباريات، وتنشر فيها الملابس المغسولة لتجف، ويعبرها الناس فى طريقهم إلى هنا وهناك، تبدو مثل مسرح أو ملعب أو ساحة سيرك لا ينقصها سوى الحيوانات. وهناك لقطات عامة فى أكثر من مقطع لهذه الساحة من أعلى، أى من زاوية تصوير «موضوعية» تعبر عن وجهة نظر المخرجة التى ترى كل شىء. ودور هذه اللقطات مزدوج، فهى من ناحية تؤكد الدعوة إلى التأمل، ومن ناحية أخرى تؤكد عزلة المكان كعالم كامل فى ذاته، ومصغر كاشف لحال الأغلبية من المصريين، ولحال كل بؤساء الدنيا.

ونحن لا نحب ولا نكره أى شخصية من شخصيات الفيلم، فهم لا يعرفون الحب ولا يعرفون الكراهية أيضاً. حتى الحاج سيد، وعلى خلاف النمط المشابه فى الأفلام السائدة ليس ذلك الزعيم الذى يفرض سطوته على من حوله، وإنما هو رجل بائس بدوره، ويفتقد السعادة مثل كل الشباب، رغم إمكانياته «الكبيرة» نسبياً، وحتى الزوجة الخائنة، التى تحاول الانتحار عندما تعلم بسرقة التليفون المحمول، ليست شريرة، وإنما تعانى من الحرمان على كل المستويات، وتبدو أكثر الشخصيات بؤساً.

تحب نادين خان كل شخصياتها، وتحنو عليهم، ولكنها تدعو جمهورها إلى التأمل والتفكير طوال ٨٧ دقيقة هى مدة عرض الفيلم: هل يتكيفون مع البؤس ولا يحاولون الخروج من عالمهم، أم لا يجدون الطريق إلى الخروج؟ هل هم ممنوعون من الخروج أم لا يقدرون أم لا يرغبون؟

ربما كان من الأفضل المزيد من التعمق فى العلاقات بين الشخصيات، وربما يرجع ذلك الاهتمام بالبناء الدرامى الدائرى واكتماله أكثر من أى شىء آخر، ولكن نقطة الضعف الأساسية التى يمكن أن تؤخذ على الفيلم ذلك الاحتشام المفتعل فى تصوير العلاقات الجنسية، الذى يقتصر على قبلة فى الهواء مصورة على تليفون الحاج سيد المحمول.

هذا فيلم مكتوب بلغة السينما الخالصة، وعلى نحو شعرى، ويعبر عن نظرة إنسانية لعالم يفقد فيه الإنسان إنسانيته.

المصري اليوم في

12/06/2013

 

تسقط شرعية «الحرامى» وشريعة «العبيط»

خالد محمود

الخميس 27 يونيو 2013

بدون شك يحمل فيلم «الحرامى والعبيط» أبعادا سياسية رغم محاولات صناعة التأكيد على انه مجرد فيلم يرصد علاقات انسانية فى مجتمع أشبه بالعشوائيات.

فالعمل يحاكى واقعا أليما بصورة سينمائية شفافة، يطغى فيه الحرامى او الانتهازى على كل حقوق المواطن الذى هو يحمل صفه «العبيط» نتيجة فقدانه الوعى، وعيشة داخل إطار حياة المجازيب، بعدما قست عليه الدنيا، وتم اغتصاب عقله وجسده واحلامه بفعل فاعل.

رغم أن الحوار كان يعكس لغة مألوفة لواقع فقير تقليدى بشخوصه وانماطه ومفردات طبيعية افرزها هذا المناخ خلال السنوات الاخيرة، الا ان المؤلف احمد عبدالله كان يلقى من حين لآخر على لسان بطله الاول الحرامى البلطجى فتحى روسى، بعض العبارات التى لا يمكن ان تمر مرور الكرام.

وربما يكمن بداخلها رسالة العمل السينمائى، مثل عبارة «العبط فى البلد دى بقوا اكثر الفراخ» وذلك تمهيدا لسهولة استغلال فتحى العبيط، فى بيع اعضائه البشرية لأحد الاطباء تارة، ولأحد المتاجرين الجدد فى الاتجار بالأعضاء تارة اخرى، وفى جملة اخرى قال فيها الحرامى للطبيب «اعتبر فتحى سوبر ماركت قطع فيه زى ما انت عايز».

ولان الجملة لم تفارق مخيلتى عبر سير الاحداث دراميا، لأتيقن انه طول ما فى عبيط، سيكون هناك حرامى، وان العبيط الحقيقى هو الشخص الذى يسمح للحرامى بسرقة آدميته.

اعود لأحداث الفيلم التى تبدأ فى الحارة التى يسكن بها صلاح روسى البلطجى الفتوة، حيث اختار المخرج محمد مصطفى ان يجعله يستعرض امام الكاميرا فى مشهد يقدم فيه نفسه وجيرانه وبأنه وزير داخلية المنطقة، وبأنه لا يستطيع احد ان يقف امامه هو وأسلحته البيضاء وغيرها.

صلاح روسى او خالد الصاوى بدا مغاليا وانفعالينا فى الاداء بعض الاحيان، رغم انه يؤدى دورا جديدا عليه وثريا، ربما تأثر اكثر بمفردات الشخصية الشكلية التى حاول ان يعيشها، لكنه ايضا اجاد عدة مشاهد اخرى، وخاصة فى المواقف الانسانية التى جمعته بفتحى العبيط الذى جسده خالد صالح بنعومة وانسانية شكلا ومضمونا وحتى فى طريقة نطقه المتعثرة وغير المفهومة.

وهى شخصية صعبة لتقديمها عشرات المرات فى الاعمال السينمائية والدرامية لكن خالد صالح هنا عاش الشخصية التى ظل ينهشها المجتمع ليفقد ادراكه مستسلما بمصير المجذوب او العبيط الذى ينام تحت الكبارى ويأكل من الزبالة، وهو العالم الذى اجاد تصويره المؤلف صاحب تجارب «كباريه والفرح وساعة ونص».

من حين لآخر تنفجر مشاعر الماضى لاستعراض جزء من تاريخ شخصية ذلك العبيط، لنشاهد انه كان مواطنا عاديا متزوجا وله طفلة فى المدرسة، وشاهدنا رؤيته لخيانة زوجته فى الفراش مع رجل اخر، ثم مشهد مجموعة من اقاربها ينهالون عليه ضربا، وراح فى حضرة دينية، ثم اوراق يمسكها دائما بيديه ربما يكمن فيها حقيقة ماضيه الطبيعى، ومرة اخرى نجده يمسك بعروس لعبة يحتضنها كأنها ابنته.

تلك المراحل فى السرد عبر عنها سيناريو احمد عبدالله والمخرج محمد مصطفى بصدق وهما ينقلان لنا واقعا يجيدان تصويره، وساعد على ذلك كاميرا سامح سليم التى شعرنا معها كأن الشخصيات تعيش بيننا ليس فقط الحرامى والعبيط، لكن باقى الشخصيات مثل ام الحرامى التى جسدتها باقتداء عايدة عبدالعزيز.

وكذلك ناهد التى قدمتها «روبى» وقد جسدت شخصية تضيف اليها كممثلة، وهى الممرضة التى تعيش مع خالها الحرامى سيد رجب التى تنتمى لبيئة شعبية تبدو مكافحة من تأسيس زواجها ولعوب، وانتهازية باتفاقها مع الاطباء فى الاتجار بالأعضاء البشرية وحتى خيانتها لخطيبها صلاح او هكذا هو اوحى لنا.

المباراة فى الاداء بين الصاوى وصالح تتجلى فى قصة صلاح البلطجى الذى يفقد احدى عينيه بطلقة رصاص من اشقياء مثله، ثم يعوضها بعين بديلة من فتحى العبيط، وبالفعل يذهب للطبيب وتنجح عملية نقل القرنية، ليتسع المشهد لنلمس قضية اكبر حينما يتفق الطبيب مع صلاح على نقل اعضاء جسد العبيط كله مقابل مائة الف جنيه ولتكن البداية بفص كبد وشريانيين، ولكن ناهد خطيبة صلاح تقنعه بأن هناك من يدفع بالدولار، وبالفعل يتفق صلاح مع احد مقاولى تجار الاعضاء البشرية على تسليم فتحى مخدرا.

وحينما يأتى موعد التسليم كان صلاح الحرامى قد شك فى خيانة خطيبته وسمسرتها من ورائه فيقوم بتخديرها هى ويسلمها للمقاول بدلا من فتحى.. ويأتى مشهد النهاية لنجد صلاح وفتحى فى مكان مرتفع يقول صلاح ومن خلفه بيوت واشجار ستعيش يا عبيط، وهنا تنطلق رصاصة من العبيط عبر مسدس فتحى لتنفذ فى قلب الحرامى، ليقتل العبيط الحرامى دون قصد وهو مسلوب الارادة والعقل وكأن حتى لحظة الخلاص من الحرامى تأتى بالصدفة من المواطن المغيب عن الواقع الذى تم اغتصاب حقوقه.

واقع الامر ان الفيلم الذى شاهدته بمفردى فى قاعة العرض فى حفل الواحدة ظهرا، يعد تيمة مغايرة لما هو سائد فى سينما الصيف، بل يعد مغامرة ايجابية سواء لمنتجه او لبطليه اللذين يمشيان بخطى ثابتة نحو نجومية حقيقية بخوضهما تلك التجربة وغيرها ومما يسكن فى احلامهما المستقبلية. فالتجربة الثرية فى معظمها بصورتها وماكياجها وديكوراتها واضاءتها وموسيقى تصويرية تعكس واقعها حتى وان افتقد السرد السينمائى لبعض الملامح التفصيلية الخاصة بماضى فتحى العبيط.

فقد اشارت إلى انه لا بقاء او شرعية لحرامى مهما توغل وسيطر، بعدما تخلص العمل منه فى النهاية، والحقيقة ان حالة الانفجار والثورية التى يعيشها المجتمع توحى انه لا بقاء ايضا للعبيط، لأنه بشريعته الفاقدة للوعى بما يدور حوله سوف يمنح فرصا جديدة لاستغلاله والاتجار بكيانه كله.

 

كردستان تناجى السينمائيين المصريين بعد سنوات طمس الهوية

خالد محمود

الثلاثاء 18 يونيو 2013

أعترف أننى وقفت كثيرا أمام جملة وزير ثقافة كردستان د. محمود كاوا: «إننا نمر بمرحلة انتقالية، وأخطر شىء فى هذه المرحلة أن يموت الماضى ولا يولد الجديد»، فالصورة الذهنية لدىّ انتقلت من قلب لقائنا بالوزير فى أربيل إلى قلب مصر وما يحدث له، فهو بحق يحتاج للحظة ميلاد جديد كى ينبض بمستقبل ننشده، وألا تتأخر لحظة الميلاد هذه حتى لا يحتضر بفيروس ماضٍ آثم أو حاضر تؤلمه أطماع وانتكاسات.

وبينما استطرد الوزير كلامه: لكى نولد من جديد نسعى للانتفاح على العالم، وبالتحديد مصر التى تعلمنا من أفلامها ومسلسلاتها وفنانيها وتقاليدها.. فمصر كانت ملهمة لكل شعوب المنطقة، ولا ننظر لها من خلال بؤرة ضيقة لما تمر به فى الوقت الراهن.. فدورها التاريخى ناتج عن إبداع شعبها فى جميع المجالات، وفى تصورى أن هذا الوضع القائم فى مصر هو وضع مؤقت لأن القيم المدنية بها متأصلة وليست عابرة أو طارئة.. ومن هنا أدعو فرق الباليه المصرى الرائعة التى تواجه دعوات بالمقاطعة والتحريم لتقديم عروضها فى جميع أرجاء كردستان.. فهى وغيرها فخر لنا جميعا».

هنا عدت إلى اللحظة الراهنة وأدركت إلى أى مدى يمثل الفن لهذا البلد قوة ناعمة بين شعوب أغلب دول المنطقة. فوسط الحديث عن تراجع قوة مصر الناعمة فى مختلف المجالات والتى خلقت عدة أزمات بينها سد النهضة، جاءت زيارة وفد من السينمائيين المصريين إلى إقليم كردستان فى محاولة لفتح آفاق جديدة للسينما المصرية مع هذا البلد بطبيعتها البكر، ورغم أن الزيارة كانت بهدف توقيع بروتوكول لتعاون فنى لتبادل الممثلين والاستفادة من أماكن التصوير فضلا على إنتاج أعمال سينمائية وتليفزيونية مشتركة وورش للتدريب وبناء استوديوهات ودور عرض وأسابيع للأفلام، فقد كانت فرصة للجانب المصرى ليلمس إلى أى مدى لا تزال السينما والدراما المصرية مؤثرة فى وجدان مواطنى هذا البلد، فلم تخلُ جلسة مع فنان أو مسئول أو حتى مواطن بسيط دون التطرق إلى أفلام ومسلسلات زمن الفن الجميل، وكيف تربى عليها بعض أبناء هذا البلد، وكانت سببا فى التعلق بمصر وشعبها ولهجتها رغم آلاف الكيلو مترات التى تفصل بينهما. فمع اللحظة الأولى لوصولنا أرض مطار أربيل الدولى فوجئ المخرج محمد فاضل بأحد موظفى الجوازات يلتف حوله ويقول له إنه لن ينسى فضة المعداوى فى مسلسل الراية البيضا، وهو المسلسل الذى تجاوز عمره 25 عاما، وسألنى المخرج الكبير: إذن ما الذى يحدث فى مصر؟ ولم أجب ولا هو، مكتفين بإحساس بالحسرة على ما يواجهه الفن عندنا من نظرات ظلامية وصلت لحد وزير الثقافة.

المهم خرجنا من المطار وداخلنا إحساس بأننا فى بلد بعشق ويشتاق ويقدر الفن المصرى، وضرورة التفاف نجومه وصانعيه حولهم ليشاركوهم وضع حجر أساس جديد لنهضة سينمائية ودرامية وموسيقية، ولم يكن هذا هو مطلب المسئولين عن نقابة فنانى كردستان فقط، بل وسياسى الإقليم المستقل الذى يريد أن يتجاوز معاناة الماضى وجراحه، ويفتح ذراعيه للعالم.. وكانت البداية مع وفد الفنانين المصريين، وهو ما فطن إليه مسعد فودة نقيب السينمائيين ورئيس اتحاد الفنانين العرب الذى فتح مجالا خصبا لصناع الفن فى مصر، ومعه المخرجون على بدرخان ومحمد فاضل وعمر عبدالعزيز ومحمد أبوسيف وهانى لاشين ود.فاروق الرشيدى ود. سمير فرج وأحمد رمضان سكرتير نقاية الموسيقيين، ليساهموا عبر بروتوكول مشترك فى تصوير أعمال سينمائية وتليفزيونية، وتدريب الكوادر الفنية وإرساء لمبدأ المعاملة بالمثل أى أن يعامل الفنان الكردستانى فى مصر معاملة الفنان المصرى والعكس، وتقديم جميع التسهيلات للمنتجين والمخرجين لتصوير أعمالهم بين مصر وكردستان، وكذلك المساهمة فى بناء دور عرض واستوديوهات على هذه الأرض البكر والمساهمة فى بناء جيل جديد من الفنانين فى كردستان.

فودة هذا الرجل الطموح الذى يحلم بمستقبل أفضل للسينما المصرية ومسلسلاتها وصناعها، هذه القوة الناعمة التى اجتاحت العالم العربى من قبل، ومن المنتظر أن تكون بداية الطريق الآن.

ورغم عدم الدعم الحكومى وموقفه هو وجموع الفنانين من وزير الثقافة الحالى، فإنه أبى ألا يقوم بدوره كنقيب للسينمائيين المصريين، وكان هذا هو التحدى الذى واجهه بقوة من خلال هذا البروتوكول الواعد، وهو ما لمحته كذلك فى لقاء آخر مع وزير الثقافة الكردستانى بأن الفنان فى حاجة إلى مستوى آخر من العيش كى يستمر ويدافع عن أهدافه، وقال الوزير: «نتمنى أن يجد المستثمرون المصريون فى المجالات الفنية لدينا سوقا مناسبة بتوجهات صادقة لدينا.. فقد مررنا بتجارب قاسية عانى منها الشعب الكردى، ونحن نتطلع إلى التدريب وورش العمل، ونحتاج أيضا إعادة تأهيل الكفاءات وخلق أرضية لصناعة السنيما المفقودة الآن، وإنشاء دور عرض بمساعدة مصرية، وإقامة مدينة إنتاج إعلامى بكفاءات مصرية وفتح سوق للأفلام المصرية الحديثة مع توفير كل التسهيلات.

وفى تلك اللحظة أكد د.سمير فرج رئيس جهاز السينما أن دور العرض التابعة للجهاز يمكنها أن تستقبل أسبوعا للفيلم الكردى وتدعمه.

حرص د.سمير فرج على عمل بروتوكول خاص مع فنانى كردستان على تبادل التصوير فى ستديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى، وعمل الدوبلاج والمونتاج وتوفير المعدات للاعمال الكردية، مؤكدا فتح آفاق جديدة لمخرجى كردستان على أرض مصر، خاصة أن نقيب الفنانين هناك نياز نورى أكد حرص بلاده على خلق جيل سينمائى جديد يرتوى من خبرة مصر.

المخرج على بدرخان الذى زار كردستان أكثر من مرة وله جذور كردية وكان له مشروع فيلم كبير عن تاريخ البشمركة ونضال الشعب الكردى مازالت المفاوضات تدور حوله، قال: «البلد مازال بكرا وغنيا بطبيعته الخلابة، واللغة بدون شك ربما تشكل صعوبة كبيرة، فنحن نريد الحفاظ على اللغة الكردية التى تم طمسها سنوات، وفى الوقت نفسه نريد أن نسوق، فنحن نريد صناعة تصب فى مصلحة الطرفين عبر منتج حقيقى، كما أنه لابد أن يكون للفن عائد كى يستمر.

المخرج عمر عبدالعزيز وكيل نقابة السينمائيين، كان بمثابة الروح الداعمة لإبرام هذه الاتفاقية، مؤكدا ضرورة الانفتاح على مثل هذه الدول وإطلاق العنان لخيال السينمائيين المصريين لتقديم أعمال سينمائية مشتركة مع كردستان وغيرها من الدول التى تملك مناطق خصبة وجديدة تعد بمثابة استوديوهات مفتوحة، وسيتم العمل بالتنسيق مع الجهات الفنية فى إقليم كردستان على تنظيم القوافل الثقافية وتفعيل الإنتاج المشترك ووضع بروتوكولات للتعاون بين نقابة المهن السينمائية والمؤسسات المماثلة فى الإقليم لما يعزز العلاقات الثقافية والفنية والاجتماعية بين الشعبين.

عبدالعزيز أيضا اهتم بشكل خاص بورش التدريب المشتركة فيما اتفق المخرج محمد أبوسيف فى أنه إذا تم تفعيل البروتوكول بجدية ستكون هناك استفادة مشتركة، مشيرا إلى عدم ترك الساحة للغير ليغزوا ما حققناه فى الخطوة الأولى، وأكد المخرج محمد فاضل الذى أبدى إعجابه الشديد بالمناطق المفتوحة كاستوديوهات تصوير قال: «المهم هو ماذا بعد تلك الخطوة، لا نريد أن نفتح السكة ونتركها، فكردستان بالنسبة للعاملين فى الصناعة كانت تبدو غامضة، ولابد أن تقترب للناس سواء للعاملين أو الجمهور.

ويعود المخرج على بدرخان ليؤكد كلام د.فاروق الرشيدى فى أن من مصلحة الأكراد أن يستفيدوا من مساحة التسويق المتاحة للفن المصرى بعيدا عن الطموحات التاريخية الكبيرة وذلك عبر اختيار موضوعات اجتماعية تعبر عن ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع لتنفيذها.

المخرج هانى لاشين أشار إلى أن النقابات الفنية لابد أن يكون لها دور بعيد عن الوزارة فى إرساء قواعد للتعاون، وقال: المشكلة فى التسويق والتوزيع، فهناك فجوة بين أفلام المهرجانات وأفلام الجمهور العادى، ولابد أن نوجد المكان الذى يعرض فيه الفيلم داخليا ويحقق ذاته، فالتفكير يأخذنا للاعتماد على إيراداتنا الداخلية فى المقام الأول لتحقيق الاستمرارية، وبالتالى لابد أن نكثر من نوعية الأفلام الاجتماعية ذات التكلفة البسيطة، وأن نكون تيارا للإنتاج المشترك يتقدم بنا وبالجمهور بدلا من الذين تركنا لهم الساحة وأفسدوا الذوق.. ويتدخل المخرج محمد فاضل، قائلا: كى تستعيد مصر مكانتها ثانيا، لابد من أن يعود الإنتاج المشترك، كما أن السينمائى المستقل الحقيقى هو أنه غير سائد.

قال جمال مصطفى مسئول العلاقات بالسفارة العراقية بالقاهرة: فى كردستان كل شىء موجود.. نهر، جبال، أماكن مفتوحة، صحراء، أرض خصبة تتحمل كل أنواع الفنون، واستطرد: عانينا كثيرا لوقوعنا بين أربعة توجهات حضارية مختلفة التركية، والإيرانية، والعراقية، والسورية، بالإضافة إلى ما حدث للشعب من صدام حسين الذى سوى 4500 قرية و5 آلاف شخص بالأرض، وقد دفن 80 ألفا أحياء، ومن الممكن عمل فيلم كبير عن هذه المأساة وكفاح الشعب ضد الطغيان، والوثائق موجودة.

وأضاف: إنماء الفن والثفافة ضرورى حتى أثبت وجودى، ونحن شعب مستحيل أن ينتهى.. قد يتم تقسيمنا، أو نضطهد أو يتم قتلنا بكل أنواع الإرهاب الفكرى والسياسى والجسدى، لكن عندما انشغل بالسينما والموسيقى والمسرح هذه ستكون قامتى حتى أقول إننى موجود بين محاصرتى بأربع دول، والواقع أن السينما تخلق هوية مجتمع، فهناك أفلام تركية تسافر المهرجانات تخلق هوية للإنسان الكردى.. نحن فى صراع البقاء للمواطن الكردى.. السرب لدينا يغرد بالداخل والخارج بصدق.. الفنان أخلص وأطهر من أى شخص آخر.

نقيب الفنانين فى كردستان نيازى محمود قال إن السينما الكردية بدأت عام 1991، عقب الانتفاضة، وكان ذلك بأعمال قصيرة ووثائقية، ثم أفلام طويلة لكن عددها قليل، وأشار إلى أنها تطورت وأصبحت تنتج أفلاما تشارك فى المهرجانات وتحصد جوائز، ونحن نرضى بأى خطوة تساعد السينما الكردية، وقطعا المهرجانات المصرية مهمة لنا، إن الفن الكردى ضعيف وضيق والحكومة تدعم السينما عن طريق وزارة الثقافة، وهذا العام لم يتم سوى افتتاح دار عرض واحدة، بينما عدد الأفلام أصبح يتراوح بين 10 و15 فيلما هذا العام.

كان القنصل المصرى فى كردستان السفير سليمان عثمان بمثابة حلقة وصل دبلوماسية رائعة فى هذا الحدث، شعرت بطمأنينة كبيرة فى الإقليم بعد أن التقيت هذا الرجل النشط الذى يعى الدور المهم للدبلوماسية المصرية فى هذا الوقت الحرج، حيث قام بتسهيل مهمة الوفد الفنى، مهد له الطريق لاتمام مفاوضات ناجحة تبناها وخاصة فى اللقاء الذى تم مع محافظ الإقليم نوزاد هادى والوزير فلاح مصطفى مسئول العلاقات الخارجية بكردستان، والذى أكد أهمية الفن فى تعزيز العلاقات وبإمكانية أن يكون جسرا لمد علاقات الصداقة والتعاون بما فيه المصلحة المشتركة، وأن حكومة إقليم كردستان تنظر إلى الجانب الفنى باهتمام بالغ لدور الفن السينمائى وصناعة الأفلام، وبإمكان الإقليم الاستفادة من التجارب والخبرات المصرية فى هذا المجال. وأوضح فلاح مصطفى أن سياسة الانفتاح التى تنتهجها حكومة الإقليم فى مجال العلاقات الدولية على أساس المصلحة المشتركة وتنميتها، وكانت التطورات السياسية وزيارة رئيس وزراء العراق الفيدرالى للإقليم والتنمية الاقتصادية والأمن والاستقرار فى الإقليم محورا آخر فى هذا اللقاء.

 

شرارة المهرجان صنعتها اللحظة الراهنة

خالد محمود

الثلاثاء 11 يونيو 2013

منذ لحظة افتتاح مهرجان الاسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية وهو يرتدى ثوبا جديدا، امتزجت فيه السياسة بالفن ليكونا شاهدين حيين على نبض الشارع الفنى وانتفاضته لما يحدث فى مصر.

بل والعالم أيضا الذى كشفت شاشة المهرجان عن أنه أصبح أقل من قرية صغيرة بل شارع ملىء بأحداث وأطروحات وأزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية واحدة، وهى العيش والحرية والكرامة الانسانية، وإن اختلفت ألوان وجنسيات الوجوه البشرية والقصص التى شاهدها وعايشها جمهور المهرجان عبر أفلامه.

تصرف كمال عبدالعزيز رئيس المهرجان ومحمد حفظى مديره بذكاء عندما سمح الأول لوفد السينمائيين والمثقفين الذى أتى بقيادة المخرج مجدى أحمد على ليهتف داخل صالة العرض ضد وزير الثقافة وضد حكم المرشد ويعلن مطاردة من السينمائيين له فى كل المحافل والمهرجانات السينمائية ليمنعوا الوزير من الحضور أو الدخول أو المشاركة، بينما كان حفظى شديد الذكاء عندما قال ما حدث هو فعاليات افتتاح المهرجان ليؤكد موقف مهرجان الاسماعيلية الداعم لانتفاضة السينمائيين ضد تدمير الوزير للهوية الثقافية والفنية المصرية، واكتفى حفظى بما حدث ليضيف اليه المخرج هاشم النحاس وصفا للمهرجان بأن دورة هذا العام شعارها المقاومة، وما الذى يمكن السينمائيين غير مقاومة كل من يعبث بمصير الفن والثقافة فى مصر.

سألنى محمد حفظى: ما رأيك؟، وأجبته: ان شرارة انطلاق المهرجان صنعتها اللحظة الراهنة، وهى صورة سينمائية تسجيلية لواقع مؤلم سوف توثق فى عمر المهرجان.

اما واقع مهرجان الاسماعيلية نفسه، فهو ورغم حماس ادارته الجديدة الواعية والتفاف السينمائيين حوله إلا أنه لايزال يشهد حالة ارتباك خاصة فى عروضه داخل صالة العرض، والمسألة تحتاج لوعى ونظام وادراك لقيمة الحدث، فمعظم الأفلام ــ ومن بينها الافتتاح ــ تعرض بصورة تسىء اليها، والعيب ليس فى النسخ ولكن لمن يقف وراء تشغيل آلات العرض التى ربما لها جهاز كمبيوتر، والسؤال هو لماذا ترك هذا الزخم من الاعمال السينمائية ليعبث بها هواة أثناء التشغيل؟.

فى كل مهرجانات العالم، هناك شخص مسئول ومتخصص يجرب الافلام ويشاهدها قبل العرض أمام النقاد والجمهور وصناع السينما حتى يطمئن على جودة صورتها وصوتها وترجمتها، وللحق كانت هناك أعمال سينمائية متميزة تحسب للجنة الاختيار، من بينها «المحتال» فيلم الافتتاح المأخوذ عن واقعة حقيقية لنصاب فرنسى تعود أن ينصب باسم أناس آخرين، وقد أضفى المخرج يارت لايتون رؤية واقعية لمسار النصاب الذى يتصرف بحرفية شديدة، وأفلام «رجل السكر» و«البحث عن النفط والرمال»، و«عالم ليس لنا»، و«البنات دول».

وبمثل تلك الأفلام المبدعة والفعاليات الفنية سيكون هناك يقين لانتصار صناعة الفن فى النهاية لأنهم يؤمنون بأن أصل الصراع هو صراع ثقافى.

 

قوة أنجلينا جولى

خالد محمود

الثلاثاء 4 يونيو 2013

ما هذه القوة التى تملكها أنجلينا جولى؟

عقب الجراحة التى قامت خلالها باستئصال الثديين تجنبا لإصابتها بالسرطان مثل أمها وخالتها التى رحلت قبل أيام، حيث اكتشفت أنه جين وراثى، تقرر تجسيد شخصية والدتها ومعاناتها حتى توفيت بالسرطان عام 1977 فى فيلم من إنتاجها.

عند قرار العملية لم تعمل حسابا لمستقبل لنجوميتها ولا لأنوثتها الجذابة وهى تنزع جزءا منها.. لم تخش موقف زوجها النجم براد بيت، وكيف سيستقبل الفكرة أو أن يتعايش معها.. كان كل تفكيرها أن تضرب مثالا شجاعا لكل نساء العالم ونجماته اللائى من الممكن تعرضهن مستقبلا للمرض اللعين، قالت لهن: «كن أكثر قوة من الواقع، ومن مفاجآت الزمن الخبيثة، قاومن قهرها مثلى وأخذن القرار فى وقته المناسب».

كانت نجمة هوليوود تدرك قيمة الحياة، وهى فى شبه عشرة يومية مع الموت بصحبة أمها المريضة وحتى بعد رحيلها، حين ظلت تحكى لأطفالها عن جدتهم والسرطان الذى حرمهم منها، وكانوا يسألونها: هل سيأخذك هذا المرض بعيدا عنا أيضا؟ وتطمئنهم «سأبقى من أجلكم»، هنا ومن أجل تلك النظرة فى عيون أطفالها قررت إجراء العملية رغم أنها لم تصب بالمرض بعد.

فى رسالتها للعالم قالت: «اتخذت خيارا قويا لا ينقص من أنوثتى شيئا، الآن أستطيع أن أقول لأطفالى إنه ليس عليهم الخوف من فقدانى بسبب سرطان الثدى».. حاولت أنجلينا أن تنتصر للحياة والحب وتضع زوجها أمام أمر واقع، فهى لم تنسَ انفصال أمها عن أبيها الممثل جون فويت بسبب خيانته لها وعدم قدرته على تحمل ألم رفيقة عمره، بل وقررت أن تعيد تلك القصة فى فيلمها الجديد وتعيش قسوة اللحظة بعد أن تغلبت عليها وتجاوزتها.

القصة كما شبهتها أنجلينا بفيلم خيال علمى، تأتى من شخصية قاومت عقبات كثيرة حتى تحقق حلم تألقها كممثلة من العيار الثقيل.. حلم الإحساس بذاتها وقدرتها على أن يؤمن بموهبتها مخرجون كبار بعيدا عن إثارة الجسد ليقدموها فى أفلام مثل «السيد والسية سميث، جيل، لارا كروفت changeling،girl interrupted،واستبدال، وهو الحلم الذى نضج إلى الإحساس بأناس آخرين يعانون حياة الفقر والجوع والتشرد، يعيشون فى أماكن منكوبة بالحروب والكوارث ومحاولة تحسين أوضاعهم وصولا لتبنى ثلاثة أطفال من كمبوديا وفيتنام وإثيوبيا.. إنها نجومية متكاملة.

الخيار الصعب الآن أمام أنجلينا، الحاصلة على أوسكار أحسن ممثلة عام 1990، والعديد من جوائز جولدن جلوب أنها تريد أن تواصل عملها بقوة حتى يكتمل درس عشق الحياة، وقد اتفقت مؤخرا مع الأخوين كوين ليكتبا لها قصة فيلم جديد ليكون تجربتها الثانية فى الإخراج بعد «أرض الدم والعسل» الذى واجهت فيه انتقادات شديدة لكشفها مجازر صربيا، وفيلمها الجديد أيضا يدين مجازر الحرب العالمية الثانية، حيث تكشف قصة حقيقية لحياة بطل أوليمبى سابق يدعى لويس زامبرينى تم أسره أثناء الحرب.

قوة أنجلينا تكمن فى خياراتها فى الحياة مهما كان مستقبل الأيام والأحلام.

الشروق المصرية في

04/06/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)