حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تغيب ثم تظهر من جديد

سينما جزائرية جديدة مرشحة لغزو المهرجانات العربية

لندن: محمد رُضا

 

من المبكر لأوانه التأكيد، لكن مهرجانات السينما العربية تستعد حاليا لكي تفحص ما لدى السينما الجزائرية من أعمال جديدة. هذا هو الحال في كل سنة، باستثناء أن الاختيارات عادة ما كانت محدودة. أما هذا العام، وتبعا لنشاط لم تشهد السينما الجزائرية مثيلا له منذ سنوات بعيدة، فإن هناك أكثر من عشرة أعمال يمكن لأي مهرجان سينمائي أن يختار منها.

نبيلة زرايق، رئيسة دائرة السمعي البصري في «الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي»، تعيد هذا النشاط إلى قرار الدولة الجزائرية ضرورة إحياء الصناعة السينمائية بعد سنوات عجاف. تقول: «خلال السنوات الماضية وجدت الإدارة السياسية أن المصلحة القومية تقتضي مساعدة السينما الجزائرية التي كانت في إحدى الفترات ذات رصيد شعبي كبير».

كخطوة رئيسة تمت استعادة الهيئات العاملة في الشأن السينمائي من وزارة الداخلية، كما كان الحال منذ سنوات، وإسنادها إلى وزارة الثقافة. إلى ذلك، تم تخصيص ميزانيات تكفي لإنتاج ستة أفلام كل سنة على أساس أن يشمل الإنتاج أفلاما تصور في الجزائر وأخرى تصور خارجها: «إسناد المهام السينمائية لوزارة الثقافة كان مطلبا من قبل العاملين ورغبة من الدولة في نفض التجاهل الذي أصاب السينما خلال الفترات السابقة». وتحدد السيدة نبيلة بعض تلك الفترات: «بعد الأزمة المالية والعنف السياسي الذي امتد من عام 1988 إلى عام 1999 ثم تبعا للغياب المؤسف للسينما الجزائرية عن المحافل العالمية كان لا بد من استعادة المبادرة».

* الأكثر طرحا

* في الواقع، لم تغب السينما الجزائرية تماما إلا في سنوات متباعدة. كل عام كان هناك فيلم أو - في الأقصى - فيلمان من إنتاج جزائري. في أحيان كثيرة كان الفيلم يحمل اسم الدولة لمجرد مساهمة لوجيستية بسيطة، أو لاشتراك مؤسسة إنتاج خاصة، في حين أن التمويل الرئيس آت من فرنسا. هكذا كان الحال مثلا عندما قدم رشيد بوشارب فيلمه «البلديون» (سمي كذلك بـ«أيام المجد» سنة 2008، وهو الفيلم الذي تحدث عن الإسهام المغاربي في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، وعندما قدم مرزاق علواش أعماله مثل «باب الواد سيتي» (1994) و«الحراقون». الأمر نفسه ينطبق على المخرجة الجزائرية جميلة صحراوي التي أقدمت على تحقيق فيلم صارخ حول أم فقدت ابنها المحارب مع القوات النظامية على أيدي مجموعة إرهابية ينتمي إليها ابنها الآخر عنوانه «يما» («الأم» بالفصحى).

رشيد بوشارب ضمن الخطة الجديدة وحاليا ينجز تصوير فيلم أميركي التصوير بعنوان «طريق العدو» يقود بطولته فورست ويتيكر في دور رجل مسلم يمد يد الصداقة إلى رجل بوليس. هارفي كايتل وإلين بورستين ولويز غوزمان من بين الممثلين الآخرين في هذه الدراما.

المخرج بوشارب بات الأكثر طرحا بين كل الجزائريين على نحو دولي نظرا لأفلامه السابقة، وهو بالتأكيد سيشكل احتفاء متواصلا للسينما الجزائرية، لكن ذلك يجب أن لا يطغى على أهمية ونشاط عدد كبير من المخرجين الجزائريين العاملين داخل الجزائر نفسها.

هناك علي موزاوي الذي يقف وراء فيلم جديد بعنوان «الكاذب»، وهو واحد من عدة أفلام تتمحور حول المرأة. فيه نجد ليلى، ابنة مناضل جزائري يعيش مع ذكرياته الشاحبة، تتعرف على شاب غير صادق في حبه ثم على شاب يحبها لكنه مرتبط بزوجته المقعدة، ما يخلق وضعا استثنائيا لدى الجميع.

المرأة أيضا في صدارة «البطلة» لشريف أغيون، وهذا له صلة أيضا بأوضاع إرهابية حيث تناضل بطلة الفيلم، في أحداث تقع في التسعينات، للحفاظ على استقلالها بعد هجوم إرهابي على بلدتها الريفية. في «حلال شرعا» حكاية حول فتاتين، واحدة فرنسية ستتزوج بجزائري، والأخرى جزائرية، تقرران مناهضة الزواج العشائري والتقاليد الصارمة التي تفرض على المرأة الاقتران بمن لا تحب.

هذا الفيلم من المخرج المعروف محمود زموري الذي سبق وقدم أعمالا سابقة لها علاقة بالقرى والتقاليد، من بينها «شرف القبيلة» (1993) و«جيل أبيض أحمر» (2006). اسم آخر معروف يعود إلى التصوير حاليا هو بلقاسم حجاج الذي ينتقل من جديد إلى فترة الاستعمار الفرنسي في «الراية المشتعلة»، ومثله في هذه العودة فيلم لليث سالم عنوانه «الوهراني»، كلاهما يستمد من حرب الاستقلال وظروفه مادتهما الأساسية.

تلك الحرب كانت موضوع السينما الجزائرية مباشرة بعد نيل البلاد استقلالها سنة 1962 عبر أفلام مثل «الفحام» و«فجر الملعونين» و«الأفيون والعصا» و«قائع سنوات الجمر» الفيلم العربي الوحيد لليوم الذي فاز بسعفة مهرجان «كان» الذهبية، وذلك سنة 1975. لكن ما فات السينما الجزائرية لاحقا الاستمرار في درب كانت خطت فيه بضع خطوات ثم توقفت، وهو اللجوء إلى مخرجين غير جزائريين لتمويل أفلامهم. هكذا ولد مثلا فيلم كوستا - غافراس «زد» (1969) ولاحقا «الصالة» لإيتوري سكولا (1983). وهكذا أيضا تم بناء تعاون مع المخرج المصري الراحل يوسف شاهين استمر لبعض حين.

في الوقت ذاته، يلفت كم تراجعت السينما الجزائرية بعد تلك الفترة لدرجة تحولها من بلد منتج وحاضر دائم في مهرجانات عربية وأوروبية، إلى أرض جافة لمعظم التسعينات والعشرية الأولى من هذا القرن. أمر يعد القائمون عليها أنه انتهى.

* الفيلم - البداية

* إذا ما كان هناك فيلم واحد يصلح لأن يكون البداية الفعلية للسينما الجزائرية، فهو فيلم أنتجه الجزائري سعدي يوسف وقام بإخراجه الإيطالي جيلو بونتيكورفو سنة 1966 بعنوان «معركة الجزائر». ذلك الفيلم الواقعي في نبضه وأحداثه تناول أحداث الثورة من وجهتي النظر الجزائرية والفرنسية، وأرخ كذلك لتلك السنوات التي سبقت الاستقلال وأدت إليه.

المشهد

فيلمان جديدان حول نهاية العالم

* لم يبدُ على مايكل دوغلاس، حين قابلته في فندق «أوتيل دو كاب» على نحو عابر، قبل أسابيع قليلة، أنه يعاني من أي وضع صحي وإن كانت خطواته بدت غريبة بعض الشيء. لم يستمر مكوثه طويلا على الطاولة التي جمعتني ورئيس مؤسسة «CBS» لسلي مونيز، تركنا بعد أن أشاد بالرئيس ومدح إقدامه على إنتاج فيلمه المقبل «آخر فيغاس»، وشأننا. وبالطبع لم يتحدث عن مسألة إصابته بالسرطان - الموضوع الذي شغل بال كثيرين قبل أيام عندما حدد، مازحا أو جادا، ما رآه السبب الذي أدى إلى إصابته. وهو شغل البال لأنه حدد علاقة لم يسبقه إليها أحد بين الجنس والسرطان.

* الموضوع يشهد حاليا نقاشات جادة وهناك علماء وأطباء يريدون بحثه، ومن يدري؟ فقد يتحول إلى فيلم لاحق. فيلم من النوع الكوميدي لأن الموضوع يبدو (الآن على الأقل) كذلك، ولا يمكن الخروج منه بعمل جاد أو بفيلم رعب أو موسيقى غنائية.

* إلى أن يحدث ذلك، إذا حدث، فإن الفيلم الذي بات حاضرا ووشيكا ويتعامل مع فيروس ما هو «الحرب العالمية ز» (World War Z) الذي ابتاع براد بت حقوقه (عبر شركته «Plan B Entertainment») وقام ببطولته إلى جانب ميرييل إينوس وإريك وست وإيليس غابل. قصته مقتبسة عن رواية وضعها ماكس بروكس قبل بضع سنوات. صحيح أن هناك روايات وأفلاما كثيرة تناولت سقوط البشر عرضة لفيروس يحولهم إلى وحوش نهمة، لكن رواية بروكس، التي تبعت جزءا سابقا بعنوان «دليل السلامة من الزومبي» (The Zombie Survival Guide) يضع الفكرة على إطار دولي وعلى خلفية سياسية: إيران وباكستان تشنان حربا نووية كل ضد الأخرى، الحكومة الإسرائيلية تغلق أبواب الملاحة الجوية والبحرية وتغلق حدودها مع مصر والأردن. نيويورك تسقط في قبضة الزومبيز. عشرات الملايين من الناس تتوجه إلى القطب الشمالي لأن الزومبيز لا يستطيعون العيش في البرد، لكن ذلك يخلق مجاعة ينتج عنها موت ملايين منهم.

* إنه سيناريو مخيف حتى من قبل أن نرى الفيلم، لكن من المثير للفضول أن نرى، حين عرضه، كيف تعامل المخرج مارك فورستر («أغرب من الخيال»، «عداء طائرة الورق» والجزء ما قبل الأخير من حكايات جيمس بوند «كم الأسى»)، وكتابه مع مضامين الرواية السياسية التي تقف للند من الحكومات والمؤسسات وبعض الشعوب.

* سيشهد «الحرب العالمية ز» عروضه العالمية الأولى وذلك في الثامن عشر من الشهر الحالي، وذلك في الإمارات العربية المتحدة ومصر والكويت ولبنان وبوسنيا من بين أخرى. لكنه لن يعرض في الولايات المتحدة وبريطانيا قبل الحادي والعشرين من الشهر، وآخر الدول المدرجة على لائحة العروض هي إسبانيا واليابان وفنزويلا التي اختارت عرضه في الأسبوع الثاني من أغسطس (آب).

* وإذا كان الفيلم يتنبأ بنهاية العالم فإن «هذه هي النهاية» يصورها ولو لأسباب أخرى. إنه فيلم كوميدي جديد لمخرج بلا سوابق هو إيفان غولدبيرغ (عمل كاتبا ومنتجا من قبل) وبطولة جيمس فرانكو وجونا هيل وسث روغن (من بين آخرين) وحبكته تدور حول مجموعة من الأصدقاء يلتقون في منزل الممثل فرانكو (يؤدي شخصيته الواقعية) في حفلة ساهرة في الليلة التي تشهد قيام الساعة! م. ر

بين الأفلام

Byzantium (5 from 2) لعل أفضل أعمال المخرج نيل جوردان هي القديمة فعلا، تلك التي كانت محط تساؤل هذا الناقد لكنها وجدت بين معظم النقاد الآخرين ترحيبا كبيرا مثل «مونا ليزا» (1986) و«لعبة البكاء» (1992). في السنوات العشر الأخيرة خفت الاهتمام به كسينمائي يحدث رهجا كلما حط له فيلم جديد و«بيزنتيوم»، فيلمه الأخير، هو أحد أسوأ إخفاقاته. فيلم رعب حول امرأتين تحولان فندقا مهجورا إلى بيت دعارة، لكن هذا ليس كل شيء: إحداهما قاتلة والثانية مصاصة دماء عمرها الآن مائتا سنة. ليس أن المخرج يفتقد الدراية، لكنه يفتقد الحماس. لديه مشاهد بارعة التكوين لكن ما في داخلها بارد وغير مثير. «بيزنتيوم» في مجمله ليس فيلما جماهيريا ممتعا، ولا هو عمل فني ينشد جمهورا من غير السائد ليمنحه بديل سعر تذكرته.

The Hangover III (5 from 3) هناك وعد بأن هذا الجزء الثالث سيكون الأخير، لكن ما سيجعله الأخير حتما هو أن المشروع قرر الانتحار عندما أقدم تود فيليبس على جمع حاشيته من الممثلين المعتادين في هذا المسلسل (برادلي كوبر، إد هلمز وزاك غاليفاناكيس وجوستين بارثا) والعودة بهم إلى مدينة لاس فيغاس، التي وقعت فيها أحداث الفيلم الأول. ليس أنه لم يكن هناك احتمال أن يصنع فيلما جيدا حتى في الموقع ذاته، لكن المهم هو أنه لا يفعل، والممثلون يبدون في هذه المغامرة الكوميدية كما لو أنهم قاموا بواجبهم لا أكثر. هناك المفارقات الغريبة ذاتها التي كانت مصدر نكات ناجحة في الجزء الأول وناجحة أقل في الفيلم الثاني وأقل من ذلك بكثير في هذا الجزء.

The Dance of Reality (5 from 1) أليخاندرو يودوروفسكي، الذي كان موضوع فيلم «كثبان حسب يودوروفسكي» الذي عرضناه هنا في الأسبوع الماضي، لديه فيلم من إخراجه هذه المرة هو «رقصة الواقع» يسرد فيه حكايته الذاتية على نحو يختلف عن السرد الذاتي التقليدي: الصبي هنا هو يودوروفسكي صغيرا، ووالده هو أبو المخرج، ولو حسب قوله، الذي كان شيوعيا ملتزما (ولو أنه هاجر من روسيا إلى تشيلي) ثم فقد هويته السياسية وانتهى معدم الهوية. يودوروفسكي يظهر معلقا في مشاهد معينة والنتيجة بأسرها هي خلطة فنية مميزة على الرغم من سلبيات عدة تعترض أسلوب المخرج القائم على تفعيل الرمزيات لدرجة الوضوح والإكثار من المشاهد الغرائبية لذاتها.

شاشة الناقد

باب شرقي

الفيلم: باب شرقي 

إخراج: أحمد عاطف ممثلون: أحمد ملص، محمد ملص، لويز عبد الحكيم النوع: دراما / تشويق | مصر (2013) تقييم الناقد: (5 from 2)

فيلم المخرج المصري أحمد عاطف الجديد «باب شرقي» أفضل من ذاك الذي كان حققه قبل نحو خمس سنوات تحت عنوان «الغابة» في جوانب متعددة، لكنه لا يزال أقل قدرة من أن يسجل الأهداف المطلوبة على صعيد إيصال المضمون كما يجب أن يصل.

وفي حين كان السبب في «الغابة» يعود إلى فوضى كتابية وتنفيذية، فإن المشكلة الأولى هنا تكمن في السيناريو الذي كتبه الأخوان أحمد ومحمد ملص (ليس محمد ملص المخرج السوري المعروف) وشاركه به المخرج عاطف، والقائم على اجتهادات في الكتابة ومنوال من الأماني والتمنيات في دراما كانت تطلب، حسب مادتها الجادة، ما هو أكثر واقعية.

إنه عن أخوين توأمين سوريين (أحمد ومحمد ملص) علمهما والدهما كره الواحد للآخر، طالبا من كل منهما أن يقوى على أخيه، وبذلك زرع في ذات كل منهما كرهه للآخر. حاليا هما في القاهرة، أحدهما مناوئ للرئيس بشار الأسد والثاني مؤيد له. الأول يعمل في منظمة إعلامية تلاحق أخبار ونشاطات الثورة السورية، والثاني مرسل من قبل النظام لكي يصفي شقيقه. والمعركة الكبيرة بينهما تنتظر المشاهد في النهاية لكنها بلا غالب أو مغلوب. في الوقت ذاته ها هو الأب الذي كان يصدح شعرا وثناء على كل النظام ورئيسه يكتشف أنه خدع تماما، واكتشافه (المتأخر) هذا يقوده إلى الانتحار بعدما تركته زوجته التي كانت مع صف الثوار.

وزيادة على ذلك، هناك الضابط العامل في قصر الرئاسة الذي يكتشف أيضا مساوئ رئيسه فيقدم على قتله. حسب الفيلم إذن، فإن بشار الأسد مات قتلا برصاص أحد رجال مكتبه، ما يترك المشاهد حائرا ما إذا كانت هذه أمنية أم نبوءة. والأرجح أنها أمنية، لكن إذا ما تم قتل الرئيس يوما فسيتبنى الفيلم أنه تنبأ بذلك فعلا.

«باب شرقي» هو فيلم لصالح الثورة السورية، خطابه يصب فيها. لكن الثورة السورية ليست بحاجة إلى فيلم تملؤه الافتراضات وتغيب عنه المبررات الدرامية الصحيحة. فيلم ضعيف في خطابه وخالٍ من التحليل السياسي. يتجاهل ما هو أقرب إلى الوقوع، متبنيا ما هو افتراضي. انقلاب الأب على أعقابه لأن الرئيس شتمه هو أضعف من أن يكون دافعا كافيا. التكلف في التمثيل هو أيضا مشكلة تنتاب من مثل دور الأب ومن أخرج مشاهده التي تصور أزماته. حتى تمثيل الشقيقين متفاوت مع تكلف واضح بالنسبة لذاك الذي قام بدور الشرير بينهما.

حين يصل الأمر إلى الإخراج فإن المدهش التزام أحمد عاطف بالمكتوب دون تطوير فعلي أو حضور شخصي. هذا ما يجنبه التعامل مع تفاصيل الكتابة، وفي الوقت ذاته يبعده عن الحضور الذي يتمناه المرء له. يعتمد الفيلم على الكثير من «الكليبات» الواقعية وعلى عدد من تلك الممثلة لحشد الموقف السياسي أو تبنيه إنما بصورة بديهية كان الأجدى تغييبها لصالح مواقف تستلهم عمقا فعليا. العناصر التقنية، ضمن ميزانية إنتاجية محدودة، لا بأس بها، والمخرج يعرف كيف يسرد الموقف قصصيا. ما كان ينقص الفيلم فعل إيمان بأن فكرته (الجيدة) كانت تستحق معالجة أفضل.

سنوات السينما 1934

في هذا العام أقدمت هوليوود على تحقيق رواية أخرى من أعمال الكاتب البوليسي داشيل هاميت (1961 - 1894) هي «الرجل النحيف» (The Thin Man) التي قامت على شخصية تحرٍّ سابق يعيش حياة رغيدة ويغرق نفسه بالكماليات لكنه لا يستطيع، لا هو ولا زوجته ولا كلبه الصغير، التوقف عن ملاحقة الجرائم. ويليام باول انبرى للبطولة برشاقته المحسوبة واجدا مفتاح التفاهم بينه وبين المادة المكتوبة، والفيلم أنجز نجاحا كبيرا في عروضه التجارية وتبوأ مركزا متقدما في لوائح النقاد. ربما على نحو أكثر مما هو جدير به فعلا.

إذ حط «الرجل النحيف» خامسا بين نجاحات ذلك العام، جاء فيلم «فيفا فيلا» (بطولة والاس بيري) في المركز الأول، وهو دراما تدور حول الثورة المكسيكية حققها جون كونواي. ونسخة سيسيل ب. ديميل من «كليوباترا» وبطولة كلوديت كولبرت أنجزت المركز الثاني.

الشرق الأوسط في

07/06/2013

 

كيم نوفاك تعترف:

أنا ممثلة محدودة المواهب

باريس - نبيل مسعد 

دخلت كيم نوفاك تاريخ السينما العالمية منذ نهاية خمسينات القرن العشرين، بفضل فيلم «فرتيغو» (دوامة) الذي أخرجه عملاق أفلام الإثارة ألفريد هيتشكوك، وتقاسمت بطولته مع جيمس ستيوارت. ويعتبر مؤرخو الفن السابع ان هذا العمل هو من أهم أفلام هوليوود، بل ربما أبرز الأفلام من دون تمييز في الجنسية أو في اللون السينمائي. وظهرت نوفاك ذات الجاذبية الطاغية، في ما بعد، في أفلام عدة سمحت لها بالحفاظ على مكانتها كنجمة مرموقة، مثل «غرباء عندما نلتقي» و «الجرس والكتاب والشمعة» و «قبّلني أيها الغبي» و «عبودية الجنس البشري» و «صاحبة البيت الشهيرة»... وغيرها من الأعمال التي شاركها بطولتها أكبر نجوم هوليوود، إلى أن اعتزلت الفن مطلع تسعينات القرن الفائت، لكن لتظل أسطورة سينمائية حية.

جاءت نوفاك، وعمرها الآن 80 سنة، إلى فرنسا لحضور التكريم الذي خصصه لها مهرجان «كان» الأخير، فالتقتها «الحياة» وحاورتها:

·     أنت معروفة برغبتك في العزلة، فهل كان من السهل عليك القدوم إلى مهرجان «كان» في هذا العام، وبالتالي حضور التكريم الذي خصص لك ولفيلم «فرتيغو»؟

- لا، فقد ترددت كثيراً قبل أن أوافق على السفر من الولايات المتحدة إلى فرنسا، خصوصاً أنني مثلما ذكرت أنت، أحب عزلتي الفنية وصرت لا أميل إلى الدخول في اللعبة الإعلامية ولا أُدلي بأحاديث ولا أخضع لجلسات تصوير لمصلحة المجلات والصحف والوكالات المتخصصة. لكنني لم أستطع في النهاية الرفض الكلي في شأن الدعوة الموجهة إليّ من إدارة مهرجان «كان»، وأعطيت رأيي الإيجابي لسبب واحد أساسي يخصّني مباشرة، لكنه يمس الراحل ألفريد هيتشكوك وفيلمه «فرتيغو» الذي أطلقني في سماء هوليوود والعالم. لقد شعرت بواجب تجاه هيتشكوك، وبالتالي تجاهلت موضوع العزلة لأيام قليلة وسافرت.

·     حدّثينا عن علاقتك بألفريد هيتشكوك أثناء تصوير فيلم «فرتيغو»، إذ من المعروف عن أستاذ أفلام الإثارة أنه كان يهوى تعذيب الممثلات نفسياً وعقلياً؟

- لن أدعي أنه كان ألطف الرجال، وإلا لكذبت عليك. لكنني من ناحية ثانية لن أقول إنني شخصياً إمرأة سلسة وسهلة المزاج، فقد عذبته بمقدار ما عذبني، بمعنى أنني كنت أفرض عليه رؤيتي للسيناريو وللشخصية التي كنت أؤديها في الفيلم، ولم يكن هيتشكوك يحب تصرفاتي هذه بالمرة، لأنه كان معتاداً ممارسة السيطرة الكاملة والديكتاتورية على أفلامه، خصوصاً ممثلاته. فكم شكت الراحلة غريس كيلي (أميرة موناكو في ما بعد) منه ومن معاملته لها، وكيف انهارت تيبي هيدرين عصبياً أثناء تصوير فيلم «الطيور». أنا صمدت بفضل قوة شخصيتي، لكن أيضاً لسبب آخر خفي أبوح به في شكل استثنائي الآن، لأن الأعوام مرت وصرت لا أبالي بالقيل والقال، ألا وهو قدراتي المحدودة كممثلة والتي جعلتني أمثل الدور على طريقتي وليس مثلما كان يأمرني هيتشكوك بتمثيله، وهو ما كان يصعب عليّ فعله.

·        هل تعنين أنك ممثلة رديئة؟

- لم أستخدم هذا اللفظ، وما أقوله هو أنني ممثلة محدودة الموهبة.

·        لكنك رُشحت مرات عدة للفوز بجائزة أفضل ممثلة؟

- أنا فعلت أكثر من ذلك، بما أنني فزت بهذا اللقب ذات مرة، وأنا جيدة بالفعل إذا تم استخدامي في إطار محدد ولأداء شخصيات معينة. لكنني لست قادرة على إنجاز كل شيء من دراما وكوميديا ومغامرات وعواطف ملتهبة مثل عمالقة التمثيل.

خلافة مارلين مونرو

·        قيل عنك إنك مارلين مونرو الجديدة في وقت من الأوقات، لكن يبدو أن الحكاية لم تدم. لماذا؟

- لقد تأثرت إلى درجة كبيرة جداً برحيل مارلين مونرو، وابتعدت عن هوليوود إثر وقوع تلك الحادثة المروعة، وبالتالي لم أترك مسألة قيامي بتولي خلافتها، مثلما قيل وكتب في ذلك الحين، تؤثر فيّ وتدفعني إلى إعارتها أدنى جدية، وفضلت الاعتزال إلى أن هدأت الأمور ونسي العالم السينمائي فكرة مارلين مونرو الجديدة هذه.

·        لماذا؟ علماً أن جاذبيتك الطاغية أدارت الرؤوس وجعلتك محط أنظار الجماهير في العالم؟

- لأنني مثلما قلت تواً تأثرت بنهاية مارلين مونرو التعيسة ولم أرغب في الحلول مكانها أو تولي خلافتها في أي شكل من الأشكال.

·        كيف كان تصرفك مع الرجال في ذلك الحين؟

- أعجز عن الدخول في تفاصيل مثل هذا الموضوع، فأنت تقول إنني كنت موضع اهتمام الرجال، لكن دعني أقول لك إن هذا اللفظ ضعيف بالمقارنة مع ما كان يحدث فعلاً. من الطبيعي أن تتلقى أي إمرأة تتميز بشيء من الجمال بعض العروض من الرجال، لكن الأمر إذا حدث في هوليوود وإذا كانت صاحبة الشأن ممثلة معروفة بكونها فاتنة فلا يمكنك أن تتخيل الجنون الذي تحاط به هذه المرأة بالتحديد. وأنا إذا فعلت كل ما كان بوسعي حتى أتفادى التحول إلى مارلين مونرو ثانية، فالحكاية ليست غريبة عن الإلحاح الذي كنت أواجهه من الرجال والذي دفع بي إلى الاقتناع بأنني لو كنت قد وقعت في فخ خلافة مارلين مونرو لكنت فقدت رشدي كلياً وفي وقت قصير جداً، على رغم قوة شخصيتي وصلابتي العقلية والعصبية. والجمهور يعتقد بأن الجاذبية نعمة، وهي قد تكون كذلك بالفعل في حالات ما، لكنها في هوليوود، وعلى الأقل في الزمن الذي عاصرته أنا، كانت لعنة أكثر من أي شيء آخر.

·        كيف تمضين الوقت في عزلتك؟

- أسكن في مزرعة ضخمة مع زوجي الطبيب المتقاعد، نربي الخيل وحيوانات أخرى ونهتم بأمور هذه المزرعة على كل الصعد.

·        ألا تفتقدين السينما؟

- نعم إنني أفتقدها، وكم من مرة شعرت برغبة في معاودة التمثيل وكدت أن أبذل الجهود من أجل الحصول على دور في فيلم هنا أو هناك، إلا أنني عدلت دوماً عن قراري في اللحظة الأخيرة.

·     وهل فتح تكريمك في مهرجان «كان» شهيتك على الانغماس في بحر شعبيتك التي لا تزال في أوجّها مهما طال اعتزالك؟

- وجودي في المهرجان أثبت لي بالفعل أنني لا أزال في عقول محبي السينماً. لكن الانغماس من جديد في متاهات الشعبية وعلى المدى الطويل، قد لا يعجبني أو يناسب مزاجي وطباعي.

الحياة اللندنية في

07/06/2013

 

«الصدمة»:

طلب انتساب إلى سينما الأسئلة الحارقة

باريس - إبراهيم العريس 

في البداية حكاية قد لا تبدو صلتها بفيلم «الصدمة» واضحة تماماً: في أواسط سنوات الخمسين من القرن العشرين، تسلل صحافي مصري مقدام يدعى إبراهيم عزت، إلى داخل ما كان لا يزال يسمّى بكل جدية وحماسة «فلسطين المحتلة»، ليقوم هناك بجولة مدهشة بعد أقل من عقد من «ضياع فلسطين» عاد منها بكتاب عنونه «كنت في إسرائيل». انتشر الكتاب حينها على نطاق واسع وصدر في طبعات عديدة واعتبر «فضحاً» للصهيونية وما إلى ذلك. ولقد روى الصحافي يومها في مقدمة كتابه، كيف أنه حصل على جنسية أرجنتينية واسم مستعار مكَّناه من ذلك التسلل. لم يعترض أحد في ذلك الحين على ما فعله عزت، بل استُقبل استقبال الأبطال، واعتُبر كتابه مرجعاً.. مع أن مكتب «مقاطعة إسرائيل» كان لا يزال نشطا لم يغرق في سباته العميق بعد.

بعد ذلك بنحو ستين عاماً، «تسلل» إلى داخل ما بات يدعى بكل «موضوعية» و «أريحية» إسرائيل، المخرج اللبناني حامل الجنسية الأميركية زياد دويري، ليحقق هناك فيلمه الروائي الطويل الثالث «الصدمة» -وفق الترجمة غير الدقيقة المعتمدة في العربية-. في البداية لم يخيّل إلى المخرج أن السجال والمنع سيطاولان الفيلم لمجرد أنه دخل «الأراضي المحتلة». كان يريد لفيلمه نفسه أن يثير السجال ويفتح أسئلة وجروحاً، لكن ما أتيح لإبراهيم عزت في الخمسينات أُنكر على دويري في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فكان أن أُوقظ مكتب مقاطعة إسرائيل من نومه ليمنع الفيلم في إجماع عربي مدهش: 22 دولة عربية منعته، أي اكثر من عدد الدول التي وقفت إلى جانب الشعب السوري ضد نظام يذبحه واحتلال إيراني يدمّره. وللتاريخ، سيبقى أن المسؤولين العرب رأوا أن فيلم «الصدمة» أخطر على القضايا العربية من تدخل حزب الله وإيران ضد الشعب السوري. رأوا أن دخول سينمائي عربي إلى إسرائيل لتصوير فيلم عربي تدور أحداثه فيها، شيء آخر غير تعامل محطات التلفزة العربية اليومي مع مسؤولين إسرائيليين ورجال استــخبارات فيها وتعيين مراسلين بمرتبات تُدفع بالشيكل الإسرائيلي. كل هذا بالنسبة الى العقل العربي الراهن، طبيعي...

مَن الرابح ومَن الخاسر

من ناحية الربح والخسارة، قد لا يكون دويري وفيلــمه الخاســـرين الأكبرين، فالفيلم يعرض الآن في أنحاء عديدة من العالم ويلــقى إقبالاً في الصالات كما بيعت نسخه إلى نحو خمسين بلداً ومنطقة حتى الآن.

ولنضف إلى هذا أيضاً أن قطر، التي كانت -وفق المخرج- ساهمت بستين في المئة من كلفة إنتاج الفيلم، منعته بدورها، ولكن قال مسؤولوها إنهم لا يريدون استعادة ما أنفقوه...!

ومع هذا، لا بد من أن نذكر هنا أن «الصدمة» كان فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان مراكش السينمائي في المغرب قبل شهور. أما بالنسبة إلى ردود الفعل النقدية عليه، فإن كتّاب الصحف الكبرى ونقّادها في العالم، لا يتوقفون منذ عرضه العالمي الأول في مهرجان تورنتو عن مدحه وإعطائه علامات عالية، معتبرينه -الى جانب قوته السينمائية التعبيرية- واحداً من الأفلام العربية القليلة التي تريد أن تثير نقاشات حقيقية من حول بعض القضايا الشائكة المرتبطة بالقضية الفلسطينية... بل كذلك بقضية القضايا في أيامنا هذه، قضية الإرهاب.

وهنا لا بد من أن نقول منذ بداية الانتقال الى الحديث عن الفيلم لا عمّا يحيط به، إنه فيلم يقف حقاً على حبل مشدود، وإذ نقول هذا نسارع إلى التوضيح بأننا لا نعتبر هذا الوقوف ضعفاً في الفيلم بل قوة له.. نحن الذين نتطلع منذ زمن بعيد إلى أن يحل إبداع السؤال الشائك والصعب محل فنون اليقين السهل والمريح. لقد حان أوان الأسئلة... بعد أن مارسنا الإجابات الواثقة والجاهزة عقوداً من السنين. وربما كان هذا بالتحديد ما يمكن المرء أن يخرج به من «الصدمة»، كما سنفصّل بعد سطور.

طبيب ناجح وزوجة غامضة

في هذا الفيلم، الذي اقتبسه دويري ومشارِكته في كتابة السيناريو جويل توما بتصرف وحرية من رواية معروفة للكاتب الجزائري ياسمينا خضرا صدرت العام 2005، تطالعنا حكاية الطبيب الفلسطيني أمين الجعفري، الذي على رغم أنه من فلسطينيي الضفة ويعيش ويعمل في تل أبيب، مثله مثل الألوف من فلسطينيي الداخل، تمكن بدأبه وكفاحه من أن يؤمن لنفسه مكانة داخل المجتمع الإسرائيلي كجرّاح ناجح، وتمكن من أن يحقق مستوى عيش متميز لنفسه ولزوجته الحسناء. ونحن نشهد معه عند بداية الفيلم حفلاً تكريمياً كبيراً يقام له ويمنح فيه جائزة إسرائيلية كبيرة. ولئن استبد بنا العجب لغياب زوجته عن الاحتفال، فإننا سرعان ما سننسى ذلك الغياب، إذ نجد الرجل محوطاً بأصدقاء ومعجبين حقيقيين. لاحقاً سنعرف سرّ غياب الزوجة، ولكن قبل ذلك سيستدعى أمين الجعفري إلى المستشفى على عجل، لأن تفجيراً انتحارياً وقع في تلك الأثناء في مطعم أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. يقوم أمين بإنقاذ الجرحى حتى من دون أن يطرح على نفسه تساؤلات... لكن تساؤلات من نوع آخر سوف تنطرح عليه ليلاً، حين سيستدعى إلى المستشفى مرة أخرى، إنما هذه المرة لإعلامه أن زوجته قتلت في التفجير، وأن عليه أن يتعرف الى جثتها في المشرحة. يفعل ذلك طبعاً وسط صدمته وحزنه القاتل ويبدأ في استعادة بعض ذكرياته معها غير قادر على تصديق أنها رحلت هكذا.

غير أن هذا سيبدو هيّناً أمام الصدمة التالية: أمام الاستدعاء الجديد، من قبل الشرطة هذه المرة، زوجته هي التي نفذت العملية الانتحارية، التي أسفرت عن مقتل 17 شخصاً، بينهم 11 طفلا كانوا يحتفلون بعيد ميلاد أحدهم في المطعم المستهدف. هذه المرة يرفض أمين التصديق كلياً. لا يمكن أن تكون زوجته الفاعل، فهذا الإرهاب هو -عادة - من فعل المتشددين الإسلاميين، وزوجته ليست متشددة، ولا حتى مسلمة، إنها مسيحية، ومنذ أن تعرّف عليها لم يبد عليها أي اشارة تنمّ عن استعداد ما لفعل ما تتهمها الشرطة به. وأثناء ذلك، سيكون الكل تقريباً قد تخلوا عنه، ستكون حياته قد باتت على وشك الانهيار، فبالنسبة إلى الشرطة، كما بالنسبة إلى المجتمع المحيط بأمين الجعفري في تل أبيب، لم يعد هذا فقط ارمل الراحلة «المخدوع»، بل لا بد أنه هو الآخر متواطئ معها... وهكذا يصل إلى جحيمه. ولا يعود ما يهمه مكانته وعمله وحياته، بل صار كل ما يهمه الآن أن يعرف لماذا؟ لماذا وكيف حولت زوجته الحبيبة الجميلة السعيدة جسدها قنبلة قاتلة؟ كيف ومتى حدث هذا؟ من حرّضها؟

رحلة إلى الجذور الرافضة

وهكذا، يبدأ رحلته وسط شكوك الشرطة وعداء معارفه السابقين من اليهود، الذين كانوا عالَمه و «أهله» قبل أيام، ليتوجه إلى نابلس، حيث عرف أن زوجته كانت تتردد بين الحين والآخر... وهو في رحلته النابلسية هذه يلتقي أخته وبعض أفراد عائلته من الذين «حرمه» نجاحه المهني في «المكان الآخر» من لقائهم منذ عشرين سنة وأكثر... لكن الفيلم ليس فيه هنا متسع من الوقت لإدانته على جحوده. في الفيلم يريد أمين أن يتبع خطوات زوجته، في الوقت الذي يعيش استعادة ماضيهما معاً، ولكن دائماً بقصد أن يفهم. إنه الآن لا يريد أكثر من أن يفهم ما الذي حدث... لكنه مع انتهاء الفيلم لن يكون قد روى ظمأه كثيراً، فهناك في فلسطين حيث تتحدث الملصقات عن زوجته كشهيدة بطلة، لم يجد كثراً يرحّبون به، بعضهم لأنه لم يستسغ نجاحه «الغامض» لدى العدو، وبعضهم لأنه يخشى أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية هي من أرسله لتقفّي آثار شيخ أصولي يدعى مروان عرف أن زوجته كانت على اتصال به، وأنه هو مَن جنّدها. وأمين حين يحاول لقاء هذا الأخير يُطرد بقسوة ويُضرب ويُهدد. لكن الطريف هنا، والذي لا يجد المتفرج تفسيراً له، هو أن أمين يستدعى ذات لحظة إلى لقاء سري، يجد نفسه فيه من دون مقدمات سينمائية منطقية، في حضرة قسيس مسيحي يحاضر أمامه حول القضية وضرورة الإرهاب -طبعاً لا يسميه هذا إرهاباً، بل «نضالا»-... والغريب أن امين بعد هذا اللقاء سيجد نفسه كمن فهم فعلة زوجته بشكل أفضل وعثر على الإجابات التي كان يتطلع إليها، إذ إنه سيعود بعد ذلك إلى تل أبيب متجهماً رافضاً منطق معارفه... إنما من دون أن نعرف ما الذي ستكون عليه خطواته المقبلة. نعرف فقط أن رفضه الأول لما فعلته زوجته لم يعد الآن على مثل ذلك الوضوح.

سينمائيا، يبدو هذا التبدل ضعيفاً من ناحية بناء السيناريو، خاصة أنه يتلو اللقاء المفتعل والمقحم مع القسيس، كبديل للقاء مع الشيخ مروان. والحال أن المرء يجد نفسه هنا، للتعامل المنطقي مع الفيلم، مضطراً إلى التغاضي عن هذا اللقاء، معتبراً إياه تنازلاً ما من المخرج.. فإن فعل، سيستعيد نظرة إلى «الصدمة» تجد فيه مساهمة في الدور الجديد الذي بدأ يلعبه نمط معيّن من سينما تنتج منذ سنوات في فلسطين، كما في إسرائيل، تسعى إلى العبور من اليقينيات القديمة إلى مجابهة الوضع الحقيقي بكل تشعباته.. ونعرف أن هذا النوع السينمائي يسير دائماً وسط الرمال المتحركة، لأن المعضلة الأساس تكمن في الهوة الكبيرة التي تفصل بين منطق العقل الذي لا بد له أن يتسم ببرودة هائلة إزاء أحداث ومواقف شديدة السخونة ودائمتها، وعالم العواطف والغرائز والأحكام المسبقة.

في إسرائيل اعتبرت أفلام هذا النوع (من «زيارة الفرقة» إلى «العروس السورية» و «بستان الليمون» مروراً بـ «لبنان» و «فالس مع بشير» وشرائط كثيرة غيرها) خنجراً في خاصرة الصهيونية واليمين الإسرائيلي، وربما وجود دولة إسرائيل نفسها كقوة احتلال وقهر، ولكن عندنا لم تحظ السينما المقابلة (من أفلام ميشال خليفي المتسائلة حول مسؤولية الذات في ما حدث، إلى أفلام إيليا سليمان الناقدة للذات بقوة وتهكم، مروراً بسينما شيرين دعيبس ونجوى نجار وهاني أبي أسعد ذات الأسئلة الحارقة) لم تحظ بما يكفي من تفاعل ونفوذ في الأذهان والذهنيات. كلها لا تزال أقرب إلى أن تكون سينما ملعونة في بيئة يصعب عليها أن تفيق من غفلة اليقين الجاهز.

وزياد دويري بفيلمه الجديد هذا، ضمّ نفسه إلى هذا العالم المشاكس... فهل سيجد الفيلم عزاءه، إذ منع عرضه لدى جمهوره الطبيعي، الجمهور العربي الذي يريد الفيلم أن يحرضه على السؤال، هل سيجد عزاءه إن أكدنا أنه فيلم مشغول بشكل جيد من الناحية السينمائية، يؤكد من جديد قوة ودينامية لغة سينمائية متحركة تشتغل على نمط يوازن بين التقطيع خلال التصوير والتقطيع خلال التوليف، ويعطي أهمية كبيرة لدور الممثل. في ثلاثة أفلام حتى الآن -»بيروت الغربية» و «ليلى قالت هذا» قبل «الصدمة»- أثبت دويري حضوره القوي في السينما العربية الشابة، بلغة سينمائية شديدة التنوع، كما في اختيار للمواضيع يبدو للوهلة الأولى انتقائياً، لكن ما يؤمن له وحدته ذلك الهم الذي تحمله سينماه مهما نوعت في جغرافيتها ودنوّها أو بعدها من الذات.

الحياة اللندنية في

07/06/2013

«الكعكة الصفراء»:

صراع الاستخبارات و«القاعدة»

بغداد – عبد العليم البناء 

يتواصل تصوير الفيلم الروائي العراقي الجديد «الكعكة الصفراء» ضمن سلسلة أفلام بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، بوصفه أول فيلم «أكشن» عراقي. والفيلم يتوقف عند حكاية أسلحة الدمار الشامل المزعومة، عبر قصة تاجر سلاح أوزبكستاني وعميل للاستخبارات الروسية، يزور بغداد للاتفاق مع النظام السابق على بيع قنبلة نووية، وفي هــذه الأثناء تقع البلاد تحت الاحتلال الأميركي، عندها تقرر أجهزة الاستخبارات الإيرانية والإسرائيلية والأميركية، فضلاً عن تنظيم «القاعدة»، ملاحقة التاجر في بغداد في مسعى للحصول على القنبلة المزعومة، لتأتي المفاجأة الكبيرة عند نهاية هذا الفيلم، الذي هو من قصة وسيناريو وحوار المخرج الدكتور طارق الجبوري، أحد مخرجي السينما والدراما التلفزيونية المعروفين في العراق، والأستاذ في قسم السمعية والمرئية في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد. وهنا حوار معه:

·     قد يرى بعضهم ان موضوعة الفيلم تشكل ملامسة للخطوط الحمر، فما دلالات اختيارك لهذه الموضوعة، التي تتصدى لها السينما العراقية للمرة الأولى؟

- يعيش العالم الآن هوس أسلحة الدمار الشامل، التي سيكون العالم كله ذات يوم ضحية لها. لقد اردنا عبر هذا الفيلم أن نعالج واحدة من أكثر الموضوعات إنسانية، لنثبت للعالم أن هذه القضية هي صنيعة بعض الدول، التي تحاول النيل من العراق والاستحواذ على ثرواته، وبما يجعل منها أكذوبة كبيرة... ففي أيام النظام السابق، كانت هناك معلومة شائعة عربياً وعالمياً وحتى عراقياً، أن العراق يمتلك القنبلة النووية أو مشروع القنبلة النووية، فاخترنا الثاني الذي هو أكثر صدقية وبنينا عليه افتراضنا، لكون السينما واقعاً افتراضياً.

وقد أكسبنا الموضوع واقعية أكثر من طريق تشكيلة قصصية ذات صدقية، تتمحور حول احتياج نظام صدام إلى منظومة صناعة قنبلة نووية تكتيكية، أو ما يسمى بالقنبلة النووية القذرة، ليحاول من طريقها إيجاد نوع من التوازن بين إسرائيل والعرب. ففكر بأن يستحصل على هذه المعلومات من شركة عبدالقدير خان «أمة تعمير نو»، أو الاستخبارات الروسية «كي جي بي» أكبر مافيا عالمية لترويج المخلفات العلمية والعسكرية للاتحاد السوفياتي بعد سقوطه، وهي التي تباع لمن يدفع أكثر.

فتعاون مع شخصية «علييف» أحد عناصر «كي جي بي» وأحد أفراد شركة «ماكاروف كروب»، ليجلب مشروع القنبلة النووية مقابل «100» مليون دولار، فتم دفع «50» مليون دولار. وبعد وصول «علييف» إلى العراق، حدث ما حدث، وحين حصل الغزو الأميركي للعراق... عرف «الموساد» و «اطلاعات» و «سي آي إي» و «القاعدة» بوجود هذه المخططات العراقية ليبدأ البحث عنها والصراع للحصول عليها.

انطلاقاً من تجربتنا

·        وما المعالجة السينمائية التي اعتمدتها لصوغ المعادل الصوري وتطبيقه بآفاقه المعروفة؟

- بصراحة نحن في العراق نمتلك تجربة سينمائية عمرها سبعون عاماً، لكنها لم ترتق إلى سينما احترافية تصل الى شباك التذاكر، بمعنى انها كانت مجرد أفلام غير جماهيرية وليست فيها مسحة تجارية واقتصادية. نعم فيها فن، ولكن تنقصها الحلقة التسويقية فتتوقف عند حدود العراق، لهذا فكرت بتقنية جديدة وشكل جديد، إذ يصور الفيلم بكاميرا «فور كي»، ومع مصور عراقي (عبدالخالق الجواري) الذي هو من مديري التصوير الجيدين، ومقيم في كندا، وهو أحد الخبراء بهذه الكاميرا. واعتمدنا أسلوب الأكشن الأميركي، المدعوم بشيء من الإغراء والتشويق والإثارة... وأعتقد أن هذه المكونات تدفع بالفيلم الى الترويج وعرضه في الأسواق العالمية.

وبغية عدم حصول تغريب فيه، لجأت إلى اختيار ممثلين جدد تماماً، فمن سيشاهد الفيلم لن يعرف من هو الممثل، بهدف تحقيق عملية الإيهام المتكاملة. وهذه مغامرة قد يظن البعض أنها تُفشل الفيلم، لكنها مغامرة محسوبة.

·        على ذكر الممثلين، كيف كانت خياراتك... لا سيما أن الشخصيات من جنسيات مختلفة؟

- لجأنا الى البحث عن ممثلين جدد، لأن الفيلم ينطوي على أنماط عدة من الشخصيات هي: الاوروبية والاميركية والايرانية والاسرائيلية والروسية. وهذا ما دفعني الى اختيار شخصيات غير معروفة لتعزيز عملية الإيهام، على رغم صعوبتها الشديدة، كما لجأنا أيضاً الى مدربين على اللغات: العبرية والأميركية والروسية والفارسية... ووفرنا دروس تمثيل لتهيئة الممثل وإعداده لأداء الدور في الشكل المطلوب... فبطل الفيلم جمال أمين يؤدي شخصية «علييف» الاوزبكستاني الروسي، وساندرا النعيمي (مقيمة في بريطانيا) تمثل «داليا» العميلة المزدوجة لـ «كي جي بي» و «الموساد»، إضافة إلى الفنانين:علي ريسان، وذو الفقار خضر، وعبدالجبار الشرقاوي، والأخير هو الممثل الوحيد المعروف.

أماكن متنوعة

·     وماذا عن مواقع أحداث الفيلم التي امتدت إلى خارج العراق، ولعله الفيلم العراقي الوحيد الذي امتاز بذلك؟

- تطلبت أحداث الفيلم التصوير في أماكن في أميركا وروسيا وإيران، لكن وبسبب الموازنة المتواضعة التي لا تكفي لسد تكلفة التصوير الكبيرة في هذه الدول، لجأنا إلى خيار معقول تمثل بمدينة «انطاليا» التركية، التي تمتلك ميزات وخصائص وأجواء الشرق والغرب، بما فيها نوعية المباني والشوارع والبشر، التي لها علاقة بأحداث الفيلم كالكرملين. وسيتم، إضافة الى ذلك، تصوير بعض المشاهد في طهران، بهدف إعطاء الفيلم الصدقية المطلوبة.

·     في نظرة إلى طاقم التصوير وفريق العمل الفني، اعتمدت خيارات محترفة من داخل العراق وخارجه أيضاً...

- بما أننا نصور بتقنية الديجتال، والتي نحن بحاجة إلى من يتعامل معها، لهذا استقدمنا من يتعامل معها، أمثال: عبدالخالق الجواري مدير التصوير وبمعيته طاقم جيد جداً، وفي الصوت دانار آزاد، ومحمد الجبوري في المكياج وهو من المحترفين في هذا المجال، وآخر أعماله مسلسل «عمر»، وسيتم تحويل الفيلم إلى شريط سينمائي، في استوديوات في تورنتو، أو إيران أو تركيا.

·     وفقاً لذلك كله، ما الرسالة التي ينطوي عليها الفيلم، في وقت لا تزال تداعيات موضوعته قائمة الى اليوم؟

- رسالة الفيلم الكبيرة أن العراق عاش، ولا يزال، الكثير من الحروب والويلات والتأخر والمعاناة، سببها السياسات المحلية والعالمية. وكان المواطن العراقي هو الضحية الاكبر، بحيث يظهر العراقيون في الفيلم، يدور حولهم القتل والمطاردات والمؤمرات، ولكنهم لأنهم يحبون الحياة ومندمجون فيها، فإنهم لا يعبأون بما يحدث، لأنهم ملّوا هذه السياسات وهذه الألاعيب. كما أن الفيلم يبعث رسالة الى كل الدول، كي تعمل على نزع أسلحة الدمار الشامل، لتعيش البشرية بسلام.

·     وكيف تنظر إلى الدعم والحراك السينمائي الراهن المتزامن مع الاحتفاء ببغداد عاصمة للثقافة العربية؟

- هنالك يقظة ثقافية وإعلامية كبيرة في العراق لإنشاء سينما جادة، ومهما كانت الأسباب فهي عملية صحيحة. وأعتقد أن هذا الكم سيولد نوعاً، على رغم وجود عدم دقة في التنظيم السينمائي، وفي اختيار بعض العناصر في الإخراج والتصوير، وكان بالإمكان أن نمحص حتى السيناريوات والأشخاص والموازنات، التي كان فيها عدم توازن وتكافؤ.

·        أخيراً، ما الذي تتوقعه للفيلم في ضوء ذلك كله؟

- نحن لسنا في صدد عمل فيلم أميركي، لأننا لا نستطيع تحقيق ذلك، ولكننا في صدد خلق منظومة عمل إنتاجية سليمة، تجعلنا نتطور بالاتجاه الصحيح، ومع هذا أعتقد أن هذا الفيلم سينال قبولاً كبيراً، محلياً وعربياً، لقصته الجميلة وما فيها من تشويق وإثارة، فضلاً عن حساسية الموضوع وخطورته وسخونته.

الحياة اللندنية في

07/06/2013

مشاكل سردية وفكرية بالجملة

القاهرة - أمل الجمل 

تورا بورا هي منطقة جبلية وعرة تقع شرق أفغانستان، وتعني الغبار الأسود، كما أنها عنوان فيلم روائي طويل للمخرج الكويتي وليد العوضي 2011، وهو فيلم حصد بعض الجوائز في مهرجانات آخرها مهرجان سينما مجلس التعاون الخليجي في دورته الثانية المنعقدة في الكويت أيار (مايو) 2013، ويعتبره بعضهم امتداداً للمخرج خالد الصديق بفيلمه المميز للسينما الكويتية «بس يا بحر» 1972.

يحكي فيلم العوضي عن أبو طارق الثري الكويتي المُسن، وزوجته، ومعاناتهما النفسية والجسدية أثناء رحلتهما إلى أفغانستان بحثاً عن ابنهما الشاب المراهق أحمد، في محاولة لاستعادته بعد أن تم تجنيده من قِبل جهاديين في طالبان بمعقل تورا بورا.

يتقاطع مع هذه الرحلة محاولة ابنهما الأكبر طارق العثور عليهم، فقد جاء هو الآخر إلى الحدود الأفغانية الباكستانية بحثاً عن والديه وأخيه، ولا ندري على وجه اليقين أين كان هذا الابن قبل ذلك ولماذا تركهما منذ البداية ليخوضا في تلك المخاطر!

الراهن ومنطقه

اختار العوضي لفيلمه موضوعاً راهناً له أهميته كونه يتعلق بـ «طالبان» والإرهاب، وحاول معالجته بأسلوب سينمائي يستند على مقومات الجذب الجماهيري من خلال التشويق السردي، بحشد أكبر قدر من المخاطر التي يتعرض لها الأبطال، وإطلاق الرصاص والتهديد والوعيد بغزارة لبث الخوف والفزع في نفوس الناس، والتركيز الزائد عن الحد على الجوانب الإنسانية، مع ظلال تاريخية سياسية شاحبة - لا تسمن ولا تغني - في خلفية الأحداث، فهل نجح المخرج المؤلف في تناول تيمته بعمق أو على الأقل في جذب المتلقي؟

بعيداً من الأمور التقنية التي تكفّل بها فريق أجنبي، من تصوير ومونتاج وتصحيح ألوان... إلخ، وبعيداً من فشل صُنّاع العمل في إقناع المتلقي بأن الأحداث تدور في أفغانستان نظراً لأن التصوير قد تم في المغرب وسط أماكن منبسطة بينما تضاريس أفغانستان وتورا بورا جبلية وعرة، فإن المشكلة الأساسية لشريط العوضي تكمن في السيناريو المشوه الذي هو العمود الفقري للفيلم.

جاء الإيقاع مترهلاً نتيجة التكرار الممل، وإعادة شرح ما سبق ورأيناه وعايــشناه بصرياً عبر حوار رتيب وساذج أحياناً، فمثلاً أبو طارق يترك زوجته في أحد فنادق باكستان – في بداية الرحلة - ويهبط إلى السوق فيرى أشكال الفساد كافة يتم الترويج لها علناً، وعندما يعود إلى زوجته يُعيد قص ما رآه.

ثم في منتصف الشريط يطلب منه المصور الفلسطيني الشاب أن يسرد أمام الكاميرا مأساته، فيُعيد الرجل حكي القصة التي سمعناها مرات عديدة. كما أن هذا الشاب أحمد الذي يُكرر الجميع أن الجهاديين قاموا «بغسل دماغه» والذي لا نرى فعلياً كيف يحدث ذلك، وما طرق غسيل المخ هذه، عندما يتم تقديمه للمرة الأولى على الشاشة يحدث ذلك وكأنه هو الأمير حيث يخطب في الآخرين من حوله برباطة جأش ومهابة دون مبرر درامي، ثم سرعان ما نكتشف أنه ليس الأمير وأن الأخير جالس إلى جواره ينُصت إليه في انبهار، وبعدها يخبره باختياره لتنفيذ عملية انتحارية ضد العدو.

وسرعان ما نكتشف أيضاً - عن طريق الحوار فقط ومن دون أي صورة - أن هذا الموقع كان يخص مدرسة للأطفال ولذا رفض أحمد عملية التفجير. المثير للدهشة والغرابة أن الأمير ونائبه يُصران على أن يقوم أحمد بإعادة تنفيذ العملية الانتحارية ويواصلان إقناعه وتعذيبه وكأنه لا يوجد أحد غيره في هذا التنظيم الإرهابي.

المصادفات غير المقنعة هي الأخرى لعبت دوراً جوهرياً في شريط «تورا بورا»، ففي البدء يهاجم مقاتلون من الطالبان الباص الذي يُقل أبو طارق وزوجته ويكتفوا بقتل الدليل وترويع الركاب وخطف حقيبة أم طارق، ليعودوا مجدداً فيما بعد بحثاً عنهما عندما يكتشفان جوازات السفر الخاصة بها وبزوجها لاعتقادهم أنهما جواسيس لأميركا. ثم تتوالى الصدف دون رادع في جو غارق في الميلودرامية، فبعد مرض الأم والإيهام بأنها ستلقي حتفها، تتعافى، ويجتمع شمل الابن الأكبر بوالديه وهنا يُطلق الرصاص على الابن طارق ويُصبح في حالة خطرة، لكن الطبيب ينجح في استخراج الرصاصة من لحمه بطريقة شديدة الفجاجة والوحشية عبر تصوير مفعم بالركاكة. وعندما تلتئم جراح طارق تسقط الأم ميتة فجأة ودون سابق إنذار.

ومن أجل تحميل الفيلم مزيداً من الرمزية لا يتورع المخرج - في المعركة الأخيرة المفتعلة بين طالبان وقبائل البشتو - عن إطلاق رصاصة على الشاب الملفع بالكوفية الفلسطينية ليسقط مدرجاً في دمائه.

لا لوم لأحد

إضافة إلى أن رسم الشخصيات يتسم بالأحادية والبساطة فهي إما خيرة أو شريرة، وبعيدة من تلك التعقيدات الإنسانية، فإن السرد يشوبه الارتباك والسطحية والخلط بين القاعدة وطالبان، فطوال الوقت هناك حديث عن الطالبان بينما ما تم تجسيده على الشاشة هو تعبير عن فكر القاعدة. كما أن المؤلف - المخرج الذي درس في أميركا - لم ينجح في تقديم رؤية عميقة بشأن هذه التنظيمات الإرهابية، أو مسؤولية الدول الكبرى والمجتمع الدولي، وكل ما استطاع أن يقوله بــشكل مباشر على لسان أبو طارق: أنا لا ألوم أحد، ولا أحمل مسؤولية ما حدث لابني لأي شخص، فأنا المسؤول عما حدث له».؟!

طوال هذه الرحلة نرى سلسلة من عمليات القتل الوحشية والهمجية للنساء والأطفال بشكل عشوائي ومجاني وغير مبرر في كثير من الأحيان، وجميعها تتم على أيدي العرب، بينما الأطباء الأجانب هم مَنْ يُنقذون المصابين ويُداون الجرحى، ثم يأتي مشهد الختام لنرى المخلص والمنقذ مُجسداً على شكل طائرة هليكوبتر أميركية تحلق في الجو قبل أن تهبط وتنتشل أبو طارق وولديه من تلك البقعة الملغومة بالإرهاب. أميركا راعية الإرهاب في العالم، والداعم القوي لكل من طالبان والقاعدة - في مرحلة ما - هي مَنْ يُنقذ هذه الأسرة الكويتية من براثن الإرهاب. أليس في هذه الرؤية ما يُفسر لماذا احتفى الغرب بالفيلم؟

الحياة اللندنية في

07/06/2013

«الإسكندرية» ينطلق ووعود دعم حكومية

القاهرة – «الحياة» 

تعقد إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي، مزيداً من الاجتماعات بهدف وضع الترتيبات النهائية للمهرجان في دورته الـ29 التي تقام خلال الفترة من 11 إلى 16 أيلول (سبتمبر) المقبل.

وأوضح محمد قناوي المدير الإداري للمهرجان الإسكندرية السينمائي، أن الإدارة بدأت تستقبل الأفلام المشاركة من الدول المطلة على البحر المتوسط والبالغ عددها 15 دولة. وأضاف أن إدارة المهرجان، بدأت تحدد أسماء الفنانين والنجوم الذين سيتم تكريمهم وعددهم 20 فنانا يتم اختيار 4 منهم، إضافة إلى الأسماء المشاركة في المهرجان من أجل «خروج المهرجان بصورة مشرفة لمصر» كما قال.

وأوضح أنه سيتم استقبال الأفلام «الديجيتالس المشاركة بداية من أول حزيران (يونيو) المقبل والبالغ عددها 20 فيلماً سيتم اختيار 3 أفلام من بينها لتحصل على جوائز قيمتها 32 ألف جنيه لكل فيلم، مشيراً إلى أن هذه الأفلام جميعها مصرية «من أجل إعطاء المخرجين والنجوم الشباب فرصة المشاركة في المهرجانات الدولية».

وكانت الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، قد وقع اختيارها على الفنان محمود عبدالعزيز، ليكون رئيساً شرفياً لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الـ 29 التي تنظم من 11 إلى 16 أيلول (سبتمبر) المقبل، ووافق محمود عبدالعزيز على ذلك.

من جهة اخرى، وافق وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود، على تقديم دعم لمهرجان الإسكندرية، جاء ذلك خلال استقبال الوزير بمكتبه للناقد السينمائي الأمير أباظة، رئيس المهرجان، ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما التي تتولى تنظيم المهرجان.

ووافق الوزير علي استمرار تقديم الجوائز الإعلانية للأفلام المصرية المشاركة في المهرجان، وقيمتها مائة ألف جنيه، إضافة إلي منح رعاة المهرجان خصمًا 50 في المئة من قيمة الإعلانات بجميع قنوات التلفزيون، كما وافق الوزير على نقل حفلي الافتتاح والختام على الهواء مباشرة على الفضائية المصرية وإحدى القنوات الأرضية، إضافة إلى توفير التغطية اللازمة للمهرجان في قنوات قطاع التلفزيون وقطاع القنوات المتخصصة والفضائية المصرية.

الحياة اللندنية في

07/06/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)