حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيلم "هرجْ ومرج".. ولعبة الدوائر المغلقة

محمود عبد الشكور

 

اختارت نادين خان فى فيلمها الروائى الطويل الأول "هرج ومرج" أن ترسم ملامح عالم مغلق ومنعزل، شخصيات بسيطة محدودة الطموحات، تعيش حياتها يوماً بيوم، وتكاد تكون محاصرة فى دائرة مقفولة لا يمكن أن تبرحها، عالم المهمشين من جديد فى تجربة خاصة بها لمسة سخرية واضحة، ولكنها أيضاً مغلّفة بكثير من التعاطف.

لا يعنى ذلك أن التجربة كاملة الأوصاف، هناك ملاحظات بالطبع خصوصاً على طريقة رسم الشخصيات، ولكن معناه أن مخرجة جديدة حاولت أن تقدم شيئاً مختلفاً، نجاحها الأهم فى أنها نقلت الى مشاهد الفيلم حالة الكثيرين الذين لا يفعلون شيئاً تقريباً، يعيشون على هامش المدينة، أقصى مايسمح لهم أن يستفيدوا من قمامتها، يرتبون حياتهم فيما بينهم، يتحايلون على الرزق، ويخلقون مباهج صغيرة، ولكنهم يفشلون بالقطع فى أن يصنعوا من الهرج والمرج نظاماً متماسكاً.

لم أتعامل مع الفيلم الذى كتبت نادين خان قصته، وكتب له السيناريو والحوار محمد ناصر على، باعتباره عملاً يقدم معادلاً خيالياً محلّقاً لمنطقة عشوائية وأشخاص مهمشين، هناك لمسات من هذا الخيال هنا وهناك، مثل تلك الإذاعة التى تبث  الأغنيات وتقدم أخبار السرقات والحوادث، ومثل تلك السيارة التى تنقل الى المكان المياه والحلوى وأنابيب البوتاجاز واللحوم.

تعاملت مع هذه اللمسات باعتبارها إطاراً كاريكاتورياً لتفاصيل واقعية تخفف من خشونة المعالجة، كل العلاقات واقعية، الشخوص الجالسون فى الطرقات يمكن أن تراهم فى أى مكان، الأطفال الذين يصنعون عالمهم وقانونهم موجودون أيضاً، بناء الفيلم واقعى تماماً، حتى تلك السيارات التى تنقل المؤن لها أصلها فى مناطق لا يصل إليها الماء إلا عن طريق "الجراكن"، ظل الواقع قوياً بتفاصيله الى درجة أن اختيار مكان مغلق ومحدد، وتجريد الزمان والمكان،  لم يستطعا أبداً أن يلامسا حدود الفانتازيا، الحقيقة أن أغرب ما ينقله الخيال يمكن أن يكون فقط مجرد كاريكاتير لأصل واقعى فى تلك المناطق المصرية الهامشية المليئة بأعجب مما رأيناه فى الفيلم.

ولدان وبنت

سيكون من التلخيص المخلً أن نقول إن الصراع فى "هرج ومرج" لا يزيد عن محاولة ولدين الفوز بإحدى البنات، ليس هذا معنى الحكاية، وليس هذا الصراع سوى الوسيلة لرسم ملامح شخصيات ومكان يحاول أن يصنع قانونه بلا جدوى، الهدف أن تصل إليك حالة الفوضى وأن تدور فى إطار محدد متكرر، يفترض أنها سبعة أيام فى حياة هؤلاء الذين لا يغادرون أماكنهم، وإذ نظن أن السرد سيقطع المسافة من بداية الأسبوع الى نهايته، نكتشف أخيراً أن السرد لم يكن سوى عودة عكسية، من نهاية الحكاية والأسبوع الى بدايته.

فى مشهد قبل العناوين، نسمع أصوات أطفال دون أن نرى وجوههم، يحملون بندقيتى صيد، ويتداولون حول الأهداف المطلوبة، تنزل العناوين مع موسيقى البيانو، سيبقى هؤلاء الأطفال على مدار الفيلم نموذجاً للفوضى القادمة من فوضى حالية، من صيد الحمام الى السرقة وضرب قنابل المولوتوف.

فى الفجر تظهر لمبة واحدة مضيئة تعلن عن ليل لا يريد أن يذهب، أمام بقايا المدينة من عبوات بلاستيكية فارغة، يقوم زكى (محمد فراج) بتوجيه الأطفال غاضباً الى عملية فرز العبوات، غريمه منير (رمزى لينر) يستقبل مقعداً ألقته إليه منال ( آيتن عامر) من بلكونة قريبة، يسأل زكى عن سيجارة، تمر جنازة مجهولة فى ضباب بداية اليوم.

الولدان هما زكى ومنير، والبنت هى منال، والجنازة هى التى ستفتح أمامنا باب الرحلة الى المكان والناس، يستمر السرد فى اختيار فترات من أيام الأسبوع، ثم تنغلق الدائرة فى المشهد الأخير، عندما يتكرر مشهد البداية، نكتشف أننا عدنا فى فلاش باك طويل ولم نتقدم الى الأمام، وأن يوماً مثل الإثنين أو الأحد ليس إلا الإثنين والأحد السابقين، الحقيقة أن لعبة ايام الأسبوع المكتوبة على مساحات سوداء خادعة تماما، كل الأيام متشابهة إذا كنت  خارج الزمن. 

تخدم هذه البداية معنى الدائرة المحكمة التى حدثتك عنها فى بداية المقال، الإنطلاق من نقطة لتعود إليها من جديد، يقدم هذا المشهد أيضاً أبطال الحكاية الثلاثة، ويرسم ملامح المكان المنعزل الذى يبدو خارج الخريطة.

لا نعرف الكثير عن منال، لا نعرف ما إذا كانت متعلمة أم جاهلة، كل ما نراه فتاة جميلة تعيش مع والدها كبير الحتّة المعلم سيد (صبرى عبد المنعم)،  من الواضح أنها شخصية متقلبة، فى مشهد نراها أقرب الى زكى، وفى مشهد آخر تتقبل  منير سواء عندما ينقل لها الأنبوبة من خلال أحد مساعديه، أو بأن تلعب معه بلاى ستيشن، حضور آيتن عامر على الشاشة واضح، ولكن الشخصية كانت بحاجة الى لمسات إضافية تبرر تقلباتها الغريبة بين زكى ومنير.

زكى لديه حجرة صغيرة لممارسة التمرينات الرياضية مع شريكة الكوتش، نستطيع أن نخمن أنه يرتزق من بيع عبوات القمامة الفارغة مثلما رأيناه فى مشهد البداية، موقفه من منال أيضاً متقلب، يحبها بالتأكيد ولكنه يعتقد أنه تلعب به وبالآخرين، يقول إنه لايمكن أن يرتكب جريمة من أجل إنسانة مثلها، عندما يلتقيان يتشاجر معها، تبكى ثم تضحك، يبدو تقلب الشخصيات جزءا من حالة الهرج والمرج فى الفيلم، ولكنه كان فى حاجة الى مقدمات وأسباب.

منير لا يفعل شيئاً تقريباً سوى الجلوس على مقعد فى الشارع، حوله بعض الشباب أبرزهم توك توك (بأداء مميز من أسامة محمد عطية) الذى يرتزق فيما يبدو من تنظيم مباريات كروية بين منير وزكى، والحصول على نسبة من الجائزة (قد تكون لحوماً أو عصائر)، ومن المراهنات أيضاً، فى خلفية اللوحة يظهر الطفل بندق شقيق الكوتش وأصدقاؤه من الأطفال، يصيدون الحمام، ويسرقون، ويحرقون إذا استدعى الأمر، أما الصلة الوحيدة بين هذا العالم المغلق والعالم الخارجى فهى تلك السيارات التى تحمل الوقود والطعام والحلوى، يتدافع الجميع للحصول على نصيبه منها، وينقل الميكروفون أخبار وصولها وكأنه عيد الأعياد.

المعلم سيد

إذا كنا قد أخذنا على الفيلم نقص بعض اللمسات فى شخصية منال  بالتحديد، فإن نقطة الضعف الواضحة فى البناء كله هى شخصية المعلم سيد، يفترض أننا أمام سيد الحتّة، ولكننا نشاهد طوال الوقت رجلاً عادياً تماماً، لديه محل صغير للدخان، ولديه عشيقة متزوجة يطلقون عليها أم هند، يزورها ويقيم معها علاقة بعلم زوجها نظير بعض علب المعسّل ! هناك توتر واضح بينه وبين ابنته التى تناديه باسم المعلم سيد، ربما بسبب عشيقته المتزوجة.

أقصى ما يفعله المعلم سيد لصالحه هو أن يتخطى الدور فى الحصول على أنابيب البوتاجاز، نراه أيضاً  يتفق مع توك توك على تنظيم مباريات الكرة بين فريقى منير وزكى فى مقابل الحصول على كميات من اللحوم، ليس لشخصية سيد هذه السطوة المفترضة للسيطرة على هذه المنطقة المجردة من الاسم.

يتضح ضعف الشخصية درامياً عندما تخضع لابتزاز منير الذى سرق جهاز سيد النقال، وهدده بإذاعة ما سجله عليه لعشيقته أم هند، اعتبر منير أن إعادة الجهاز الى سيد ثمنه الوحيد الزواج من منال، ولكن بعد أن يكسب منير مباراته ضد فريق غريمه زكى، كبير الحتة يسقط ضحية الإبتزاز الغريب بمنتهى السهولة، ورغم أنأهلالحتة كلها والزوج نفسه يعرفون علاقة سيد وأم هند، إلا أن سيد يخشى الفضيحة، وأم هند تسكب الغاز على جسدها فى محاولة فاشلة للإنتحار!

ساهمت الطريقة المرتبكة التى قدمت بها شخصية سيد فى إضعاف الحبكة، بدا الصراع وهمياً لأن المعلم ضعيف وخفيف، منير وفريقه سيكسبان المباراة، وفجأة يموت الكوتش (رأيناه فى مشهد سابق يحقن نفسه بمادة غامضة)، نعود الى مشهد البداية لتظهر معالم الجنازة، وداع الكوتش، منال تلقى المقعد لمنير، ربما يكون قد فاز بها بمنطق الإبتزاز، وتحقق له ما قاله فى مشهد سابق عندما طلب من زكى أن ينتقل الرهان من العصير الى اللحم الى منال، ولكن هل يمكن الحديث عن انتصار وسط هذا الهرج والمرج؟ وهل يفرق كثيراً ان تتزوج منال من منير أو من زكى والجميع يعيشون داخل دائرة أقرب الى السجن الكبير؟

عناصر جيدة

رغم الملاحظات التى كان يمكن أن تقدم للفيلم ضبطاً أفضل للشخصيات، إلا أن المخرجة نجحت الى حد كبير فى خلق هذا الجو الخانق، وقدمت أيضاً لمسات ساخرة خففت كثيراً من المعالجة، كل مشاهد وصول سيارات المؤن  ومباريات الكرة قدمت بإتقان بمساعدة مونتاج دينا فاروق، هناك ما يقترب من مذاق المشاهد التسجيلية، الصورة ثرية بإضاءة عبد السلام موسى  الذى ابتعد عن الألوان الدافئة، وديكور عاصم على، وملابس مروة عبد السميع، لدينا عناية واضحة بالتفاصيل وبحضور المكان وارتباط البشر به.

أداء الممثلين كان أيضاً جيداً، محمد فراج الموهوب لديه إمكانيات واضحة لتقديم أطياف واسعة من الشخصيات الشعبية المتنوعة، رمزى لينر الذى قدمه فيلم "بالألوان الطبيعية" يرسخ أقدامه بدور مميز، آيتن عامر كانت ملائمة فى شخصية الفتاة المتقلبة، الثلاثة نجحوا بالتعبير بالوجه والإيماءة وحركة الجسد بديلاً عن الكلمات فى مشاهد كثيرة، ربما ساهمت شخصية المعلم سيد المرتبكة فى الأداء الفاتر من صبرى عبد المنعم، ولكن أسامة محمد عطية خطف الأضواء من الجميع فى كثير من الأحيان، لديه حضور كبير، وقدرات كوميدية واضحة.

لابد من التنويه كذلك بتميز حوار الفيلم مما منح الفيلم هذه الواقعية الحميمة، وبموسيقى حسن خان،  قد لا تكون التجربة مكتملة تماماً ، ولكنها تكشف عن مخرجة تعرف كيف تستخدم أدواتها، أراها متأثرة بالطبع بعالم والدها  المخرج محمد خان فى الإهتمام بالإنسان فى المكان، وفى نقل الحالات والأجواء لا الحواديت، وفى الإهتمام بثراء الصورة وشريط الصوت،  لدينا فقط فى "هرج ومرج" قوسان من سخرية لاذعة وغرابة مقبولة، ولكنها لم تجعل الفيلم خارج دائرة سينما التفاصيل الصغيرة، والتى تمنح البطولة دوماً للشخصيات العادية.

عين على السينما في

06/06/2013

 

الفيلم الذى افتتح مهرجان كان:

«جاتسبى العظيم»..عندما يتحوّل الحلـم إلـــى كابـــــــوس!

محمود عبدالشكور 

باستثناء بعض التطويل، وبعض الغموض والإضطراب فى الثلث ساعة الأخيرة، فإن فيلم «The great gatspy» أو جاتسبى العظيم، الذى افتتح مهرجان كان، هو تجربة هامة ولافتة للغاية، بل إنه أكثر نسخ الأفلام المأخوذة عن رواية «سكوت فيتز جيرالد» الشهيرة بنفس الفيلم إبهارًا وثراء من الناحية البصرية، ليس لأنها صورت بتقنية البعد الثالث، ولكن لأن هناك عناية واضحة بالتعبير عن الدراما بالصورة واللون، رغم أن الرواية الأصلية التى صدرت عام 1925 محدودة الأماكن، الملاحظ أيضًا أن «جاتسبى العظيم» فى نسخته الحديثة التى أخرجها الاسترالى «باز لورمان» تنجح إلى حد كبير فى وضع يدها على أهم مفاتيح الرواية، ويرسم بطله كشخصية تراجيدية يكشف فشلها فى تحقيق حلمها الخاص، وفشل الحلم الأمريكى العام، فالصورة اللامعة البراقة تكشف عن مأساة أكثر تعاسة مما تتوقع.

رواية «جاتسبى العظيم» صغيرة الحجم، ولكنها مازالت تعتبر من أهم روايات القرن العشرين، قدمتها هولييود فى عدة أفلام أشهرها بالقطع فيلم «جاتسبى العظيم» الذى لعب بطولته «روبرت ريدفورد» و«ميا فارو» فى السبعينيات، الأحداث معروفة للكثيرين، الراوى «نيك كاراواى» (توبى ماكجواير) يروى لنا عن شخصية غامضة هى «جاى جاتسبى» (ليوناردو دى كابريو)، بنى قصرًا ضخمًا وأقام الحفلات الصاخبة لأشهر أثرياء ونجوم نيويورك، كان «نيك» قد أستأجر منزلًا صغيرًا بجوار «جاتسبى»، وقرر «نيك» أن يزور قريبته الجميلة «ديزى» (كارى مورلجان) وهى زوجة وأم لطفلة، وزوجها ثرى بالوراثة هو «توم بوكانان»، تتم دعوة «نيك» لحضور حفلة صاخبة يقيمها «جاتسبى»، وهناك يلتقى الاثنان، هناك كلام كثير يتردد عن كون «جاتسبى» من أبطال الحرب العالمية الأولى، وهناك من يقول إنه قريب قيصر ألمانيا شخصيًا، والبعض يقول إنه قاتل ومجرم ومهّرب للخمور، وعندما يقترب «نيك» من «جاتسبى» يكتشف وراء كل ما يراه قصة حب حزينة.

لقدد اختار «جاتسبى» أن يكون صديقًا لـ «نيك» حتى يكون الأخير وسيطًا له فى لقاء حبه القديم «ديزى» كان الاثنان على علاقة حب منذ خمس سنوات، ولكن «جاتسبى» ذهب إلى الحرب ولم يعُد، بعث برسالة لـ «ديزى» يقول فيها إنه لن يعود قبل أن يصبح ثريًا، ولكنها تتزوج من الثرى الجاهز «توم بوكانان»، الآن وقد نجح «جاتسبى» فى تكوين ثروة هائلة مجهولة المصدر، فقد عاد من جديد لاسترداد حبيبته، وكل الحفلات الصاخبة ليست إلا محاولة لكى يلفت انظارها، يوافق «نيك» على أن يكون رسولًا لاستعادة حكاية حب قديمة، كما توافق «جوردون بيكز» صديقة «ديزى» على أن تقوم بنفس المهمة، وينجح «جاتسبى» بالفعل فى استعادة علاقته القديمة مع «ديزى»، وعندما شعر زوجها «توم» بما يحدث، تحدث مواجهة بينه وبين «جاتسبى»، ويقرر الزوج التفتيش فى ماضى «جاتسبى» ليكتشف أن اسمه الأصلى «جيمس جاتز» وهو من أسرة فقيرة، ولكنه أنقذ أحد الأثرياء من الموت، ثم بدأ فى تجارة تهريب الخمور، والتلاعب فى سندات البورصة فى وول ستريت مع المغامر الثرى الداهية «مايرو ولفيشام» (أمتا باتشان»، ورغم أن «توم بوكانان» له عشيقة هى زوجة الميكانيكى الفقير «ويلسون»، إلا أنه مازال متمسكًا بـ «ديزى»، ورغم أن «ديزى» تصطدم بالسيارة بزوجة «ويلسون» فتقتلها، إلا أن «جاتسبى» يتحمل المسئولية ويجهز للهرب مع «ديزى» التى سرعان ما تتأثر بكلام زوجها عن ماضى «جاتسبى»، وينتهى الفيلم بمقتل جاتسبى على يد «ويلسون» الميكانيكى بعد أن ابلغه «توم» أن «جاتسبى» هو الذى صدم زوجة الميكانيكى فقتلها!

أحداث الفيلم والرواية فى العشرينيات من القرن العشرين، بعد أن انتهت الحرب العالمية الأولى، شهدت الولايات المتحدة رواجًا اقتصاديًا مذهلًا، انتعشت بورصة وول ستريت، ورغم تحريم الخمور إلا أن طبقة من الأثرياء ظهرت بسبب تهريب الخمور والتجارة فيها، أعظم ما فى رواية «سكوت فتزجيرال» رسمها البارع لشخصيات تبدو فى الظاهر سعيدة وبراقة فيما هى أقرب إلى التعاسة، «جاتسبى» وهو بطل تراجيدى بإمتياز، مشكلته أنه اعتبر طموحه الشخصى فى الثراء وحبّه للفتاة «ديزى» شيئًا واحدًا، ولكن المال لم يستطع أن يمنحه الحب الضائع، هو أيضًا فشل فى أن يعيد الماضى من جديد، عندما عاد لم يستطع أن يتجاوز السنوات الخمس التى غاب فيها عن أمريكا، أما «توم بوكانان» فهو غنى بالوراثة، كل نجاحه فى تحقيق كؤوس فى رياضة البولو، وخائن لزوجته، «ديزى» أيضًا تبدو شخصيته مترددة بين المال والحب، فوافق على الزواج، ولكنها تشعر بتعاسة مع «توم»، وتقول إنها سعيدة لأنها أنجبت طفلة جميلة وغبية، إنها الوسيلة الوحيدة للحياة فى نيويورك، حتى «جوردون بيكر» صديقة «ديزى» ليست إلا فتاة تعرف كيف تفوز فى مباريات الجولف، والراوى «نيك كاراون» حائر كذلك بين أن يشتغل فى وول ستريت، وبين أن يكون كاتبًا، ونراه فى بداية الفيلم فى إحدى المصحّات هناك استيحاء واضح من معاناة «سكوت فيتزجيران» نفسه، نيك كاراون هو الذى سيكتب فى النهاية حكاية جاتسبى، ورغم أنه يعتبر «جاتسبى» أكثر ثقافة من «توم» و«ديزى» لأنه لم ينس حكاية حبه، إلا أن «جاتسبى» استحق موتًا عشوائيًا، لأنه أعتقد أن المال يمكن أن يعيد الزمن إلى الوراء، ويمكنه أن يشترى الحب من جديد.

لم أشعر بالمضايقة المعتادة فى أفلام البُعد الثالث ربما لأن فكرة الرواية نفسها قائمة على إزدواجية الصور والمعانى والشخصيات، كما أن تلك «الزغللة» فى مشاهد الحفلات الملونة هى هدف «جاتسبى» المحورى لاسترداد «ديزى»، «بازلورمان»المفتون دومًا، بالألوان الصاخبة كما شاهدنا فى فيلمه الشهير «الطاحونة الحمراء» نجح بجدارة فى تحويل عالم الاثرياء إلى كرنفال مزيف سرعان ما تغلب عليه فى النهاية الألوان السوداء والزرقاء بعد سيادة الألوان الحمراء النارية البرتقالية، أداء الممثلين بصفة عامة كان جيدًا وخصوصًا «ليوناردودى كابريو» هناك استخدام رائع للموسيقى خاصة بعض المقطوعات الحديثة للإيحاء بأن قصة «جاتسبى» معاصرة تمامًا وإنها مأساه أن تحقق حلم الثراء دون أن نحقق حلم القلب، ولكن «جاتسبى» يثير التعاطف لأنه كان يحلم بضوء أخضر وسط الضباب لم يصل إليه على الإطلاق!.

أكتوبر المصرية في

06/06/2013

 

الطريـــــــق إلى النجومية ..يبدأ بتقبيل الأيـــــــادى!

محمد رفعت 

عندما رأيت الطريقة التى يتعامل بها نجوم الكوميديا مثل محمد سعد وأحمد رزق وأحمد مكى مع المنتج أحمد السبكي، وكيف يتوددون له ويطلبون منه الرضا والسماح، فى نفس الوقت الذى يتعاملون فيه بتعالى وعجرفة شديدة ليس فقط مع بعض الجمهور الذى يصادفهم فى بعض الأماكن، ولكن أيضاً مع فرق التصوير فى الأعمال التى يقومون ببطولتها، بل ومع زملائهم الأحدث سناً أو الأقل شهرة.

حينما رأيت أحد المواقف التى جمعت الفنانين الثلاثة مع المنتج، تذكرت على الفور الفنانة الراحلة تحية كاريوكا فى موقف شبيه مع المخرج عادل صادق..كانت تحية فى آخر حياتها، وانصرف عنها المخرجون والمنتجون بعد ان بلغت من العمر عتيا..ولم تعد تجد ما يقيم أودها ويساعدها على ان تجد قوت يومها فى آخر أيامها، فراحت تتمسح وتتذلل للمخرج لعله يعطيها دورا فى أحد مسلسلاته، وعندما يأست من أن يسند لها أحد اى عمل، وافقت على الظهور فى برنامج تليفزيونى لبنانى مقابل مبلغ كان كبيرا بالنسبة لها فى ذلك الوقت، وفتحت النار على الفن والفنانين المصريين.

وقد كانت تحية معذورة لأنها لم تكن تملك وقتها شيئا..أما هؤلاء النجوم فلا معنى ولا مبرر للطريقة التى يتعاملون بها مع السبكي، فهم لا ينقصهم المال، ولا يستطيع أحد أن يقول إنها «راحت» عليهم ، وأفلامهم لا تزال تحقق أرباحاً، حتى فى ظل أزمة السينما الحالية، وفى ظل حقيقة تقول إن السبكى هو الوحيد الذى تجرأ هذا العام على إنتاج خمسة أفلام دفعة واحدة رغم الظروف السياسية والاقتصادية التى نمر بها.

فهذه هى مشكلتنا فى المجتمعات العربية، فالعلاقة بين صاحب العمل «أى عمل» وبين من يعملون معه، أو بين المدير والمرؤوس، أو بين صاحب رأس المال والمستفيدين منه، دائما ما يشوبها قدر كبير من الاذلال.

ومهما كان حجم موهبتك أو قدراتك فهى وحدها غير كافية لكى تأخذ حقك والمكانة التى تستحقها، ولذلك يتراجع الموهوبون من أصحاب الكرامة والاعتداد بالذات أمام أنصاف وأرباع المواهب الذين يجيدون التزلف و«المحلسة»..والطبع يغلب التطبع، والنجم أو النجمة التى بدأت طريقها بالتنازلات بكل أنواعها سيظل يقدمها مهما بلغ من شهرة ونجومية وثراء.

أكتوبر المصرية في

06/06/2013

 

إسرائيل تحكـــــم بالمــوت علـــــى «THE ATTACK» اللبنانـــــــــــــــى

سمر شافعي 

بسبب شهرته الكبيرة التى حاز بها المخرج اللبنانى زياد دوايرى بفيلمه الجديد «الهجوم» «TheAttack»، خارج بلاده منعت السلطات اللبنانية عروض السينما بأمر من جامعة الدول العربية بالقاهرة عرض أفلامه ولاقى هجوماً كبيراً من قبل نقاد السينما اللبنانية والفنانين العرب ، فشهرته أخدها من تصوير جزء كبير من فيلمه فى إسرائيل مما أثار الشكوك حوله وحول وطنيته واتهامه بالتطبيع مع إسرائيل للحصول على لقب الشهرة العالمية مما أحبط محاولاته لدخول فيلمه لتمثيل لبنان ليصبح ضمن الأفلام المنافسة على جوائز الأوسكار الموسم القادم.

العام الماضى كان المخرج الفرنسى اللبنانى الأصل زياد فى إسرائيل وقام بتصوير فيلمه الذى بنى على حبكة مستوحاه من قصة حياة الناشطة الجزائرية ياسيمنة حادرا، بالحديث عن طبيب فلسطينى يدعى أمين كان يعمل فى مستشفى ايخيلوف الإسرائيلية، كان يعيش فى دوامه بسبب الصراع العربى الإسرائيلى الدائر حوله فى تل أبيب، فهو يستقبل كل يوم جرحى وقتلى إثر علميات انتحارية، ويكتشف خلالها أسرارا مفاجئة عن زوجته ، التى تحولت إلى مفجرة إنتحارية لمهاجمة العدو الغاشم.

وعلى الرغم من أن الفيلم كان تصويره بإنتاج مشترك بين لبنان وقطر وفرنسا وبلجيكا إلا أن تصويره فى غالبه كان بالعاصمه الإسرائيلية تل أبيب بمشاركة ممثلين إسرائيليين، وبالتإلى أصبح فيلم زياد فيلماً منبوذاً داخل إسرائيل محكوماً عليه بالإعدام مقدماً.

وقرر زياد عدم الاعتذار عما قام به، واصفاً موقف السلطات اللبنانية بأنه تصرف غبى وغير عادل واعتبره عقبة أخرى توضع أمام نجاحاته، وأن هذا سيرسم صورة للبنان أمام العالم على أنها دولة متخلفة، يعيش بها كتلة من المنبوذين والمجرمين ، مبرراً موقفه بأنه قام بتصوير هذا الفيلم داخل إسرائيل للحصول على مزيد من المصداقية لأن قصة الفيلم كلها تدور داخل إٍسرائيل وضم ممثلين إسرائيليين للفيلم كان ضمن الخيارات الفنيه للإنتاج ، فلهذا هو ليس نادماً عما قام به وليس مديناً لأحد بالإعتذار هذا وفقاً ما جاء على لسانه فى حديثه مع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، لأنه يهاجم لتصوير فيلم لبنانى داخل إسرائيل فى حين أن الفلسطينيين أنفسهم يقومون بتصوير أفلامهم داخل إسرائيل ويستعينون هم أيضاً بممثلين إسرائيليين وبتمويل إسرائيلى أيضاً.

و الرغم من إنكار شعبية فيلم«الهجوم»، وإحباط السلطات اللبنانية من محاولاته للحصول على جائزة الأوسكار، استطاع زياد أن يحصل على جائزة الثناء وحصل على شهادة تقدير فى مهرجان سان سيباستيان، وثلاث جوائز بمهرجان الفيلم الفرنسى فى هوليوود، كما حصل على جائزة خاصة فى مهرجان مراكش الماضى.

وقد اشتهر زياد من قبل من وراء فيلمه الكوميدى « غرب بريوت» أحد أكثر الأفلام نجاحاً فى السينما اللبنانية النامية، و الذى أخرجه بخبرته الواسعة فىسينما هوليوود التى عمل بها كمساعد مصور فى ثلاثة أفلام من إخراج كوينتين تارانتينو .

أكتوبر المصرية في

06/06/2013

 

وحيد حامد: أيمن نور يلعب دور «لا مؤاخذة»..

وعمرو موسى يتبع أسلوب «البيضة والحجر»

حاتم سعيد

قال الكاتب وحيد حامد، إن «هناك أناسًا ستكون مهمتهم خلال الفترة الجارية وحتى 30 يونيو هي حمل ألواح الثلج لإلقائها في الماء الساخن الذي يعيش فيه المجتمع المصري بقصد تبريده»، مشيرًا إلى أن «على رأسهم (المدعو أيمن نور) المعزول سياسيًا وينضم إليه ببسالة شديدة جدًا السيد عمرو موسى»، بحسب قوله.

أضاف «حامد»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، مقدم برنامج «القاهرة اليوم»، الذي يذاع على قناة «اليوم»، مساء الأربعاء: «لقد أشبعني عمرو موسى مراوغة كلامية كشأنه دائمًا، ولم يمل من اتباع أسلوب البيضة والحجر، ولا تستطيع أن تأخذ منه أي شيء قاطع تمامًا، هذا الرجل أكن له احترامًا شخصيًا وأدعوه لأخذ استراحة، لأن هناك أناسًا قلت كفاءتهم السياسية».

ووجه «حامد» حديثه إلى عمرو موسى، قائلًا: «يا دكتور عمرو يا موسى، لم نعد قادرين أنا أو أنت أو كل العواجيز على حمل راية الشعب المصري، الشباب هم من يحملون الراية الآن، أنت لا تستطيع أن تعبر عنه ولا تعيش معه».

وتابع: «لو عزمك فريق (تمرد) فلتذهب ولتأكل معهم، لكن لم يكن من المفترض أن تذهب إلى عشاء أيمن نور، لأنك لا تنتظر (عشوة)، لقد ذهبت إلى لقاء سياسي تتفاوض خلاله مع خصم يمثل نظامًا دمّر البلد تدميرًا شاملًا، أرجوك ارحمنا واسترِح أنت وأمثالك، لأننا كنا نحمل في يوم ما مواقف طيبة، أنتم لا تصلحون، لا تكسروا الهمم، أنا أعلم أن هناك أناسًا سيحاولون شق الصف».

واستكمل: «عمرو موسى قال إن 30 يونيو الغرض منه كشف حساب، لا يا عمرو يا موسى، هدفه خلع الإخوان وإعادة مصر لمكانتها الطبيعية، لكن هذه الأمور المائعة التي تقصد عن عمد أنك (تميع) الأشياء الأصيلة، أو تحبط الثورة المقبلة، أو تلقي فيها بألواح الثلج، فأرجوك إبعد عنا واجعل صورتك الحلوة تظل قائمة».

واختتم وحيد حامد المداخلة الهاتفية قائلًا: «أما الأخ أيمن نور فده بيلعب دور نطلق عليه في السينما (لا مؤاخذة)، كان صلاح أبو سيف يطلب من الذي يجسد الشخصية الجلوس على كرسي ويضع فوقه صورة كلنا نعرفها».

المصري اليوم في

06/06/2013

 

مفارقة السينما البديلة بين تحدي «عمّار» وحضور «اليوتيوب»ـ

خالد ربيع السيد* 

قبل أن يُخرج فيلمه «سكراب» ويعرضه في مهرجان الخليج السينمائي 2013م وينال عنه الجائزة الثانية في مسابقة الأفلام الخليجية القصيرة، بدا أن المخرج الشاب بدر الحمود كان على أعتاب ترسيخ الاشتغال على الأعمال «اليوتيوبية»، ففي العام قبل الماضي عرض فيلمه التسجيلي «التطوع الأخير»، وفي العام الماضي عرض «منوبولي»، اللذين لاقيا إقبالاً كبيراً من المشاهدين، وفي ذات التوقيت عرض قبل عدة أشهر فيلم «عمار»، الذي لقي بدوره تعاطفاً جماهيرياً جعله هدية المراسلات الإلكترونية، وفي ذلك استثمار واستعاضة مؤكدة للدور الذي يمكن أن تلعبه السينما التي بات تحقيق وجودها في السعودية أمراً واقعاً. ولكن إلى أي مدى يمكن اعتبار ما يفعله بدر الحمود سينما؟ وهل يمكن فعلاً الاستغناء عن السينما الروائية الفنية بمثل هذه الأعمال المتأرجحة بين الدراما التوثيقية الاجتماعية وبين التحقيق الصحفي المصور؟

بدر الحمود لم يقل إن هذه سينما، وربما، والحقيقة كذلك، لكن هناك من يرى أن الحاجة لم تعد ملحّة لوجود سينما ـ بالمعنى العام ـ في المملكة، ويبرر أصحاب ذلك الرأي قولهم بأن طبيعة الحياة والثقافة لا تحتم وجودها كي تكون نافذة فنية للتعبير عن بوح الإنسان السعودي والتنفيس عن همومه وطرح رؤاه. فحراك العصر ووسائله الإعلامية والتثقيفية تجاوزت حلم السينما المستحيل.

لا حاجة لسينما سعودية؛ لأنها ثقافة غير متأسسة في الوجدان الجمعي، ولا في الكيان الاجتماعي لحراكه، ولأن الحمود و»اليوتوبيين السعوديين»، ومنهم منتجو الحلقات النقدية المنتمية لـ «الكوميديا الارتجالية Comedy Standing» عرفوا طريق الانطلاق الذي يغري مليون مشاهد، على الأقل، من الشباب لمشاهدة فيلم يبث على قنوات اليوتيوب، وتأكدوا أن هذا الطريق يفتح لعشرات المعلنين الطامحين نافذة جديدة للإعلان ولتسويق منتجاتهم أو خدماتهم.

هذا الطريق «اليوتيوبي» هو في المقام الأول وسيلة جذابة لهواة السينما لكي يمرروا فنهم الجديد/القديم وقضاياهم المؤرقة عبر إنتاجهم المنخفض التكاليف، وهو مع هذا وذاك وسيلتهم المتاحة بسهولة لعرض أعمالهم. فهم استطاعوا التحريض على خلق الرغبة في مشاهدة عروض على اليوتيوب ليس لها علاقة بفن السينما، وهي أقرب في مادتها وأسلوبها الى البرامج التليفزيونية الصحافية، ولكنها شيقة وسريعة ومثيرة للتفكير اللحظي ودافعة إلى التحفيز والانطلاق، وربما تخصصت في شأنين لا ثالث لهما: الشان الاجتماعي العام والشأن الإنساني المتعلق بالاجتماعي. وهما الوتران اللذان لعب عليهما الحمود. في أفلامه الثلاثة.

على هذا النحو وفي خضم هذه القراءة الافتراضية التي تقول بعدم الحاجة للسينما السعودية في الواقع، تعرض المخرجة هيفاء المنصور فيلم «وجدة» أول فيلم سينمائي طويل لشابة سعودية في مهرجانات فينيسيا السينمائي الدولي، ودبي السينمائي والخليج السينمائي، لتقول: لا، هناك ألف حاجة لسينما فنية بلغة روائية احترافية تعبر عن العام من خلال الفردي والذاتي، بأخذ عينة من المجتمع والتسليط عليها لتكشف عن تأثيرات ثقافة عامة أو تتناول قضية ما.. هكذا هو الحال في راهن الحاضر السعودي: شباب يجد لغته الفيلمية من خلال عروض يوتيوبية طارئة، وآخرون يتبعون قواعد السينما التقليدية المعروفة، منهم كما أسلفنا هيفاء المنصور وعبدالله آل عياف ومؤخراً محمد مكي في عمله اليوتيوبي المسلسل «تكّي».

بالعودة الى فيلم «عمار».. فقد ركز على قصة الشاب المقعد عمار، وهو يذكر بالعالم البريطاني استيفن هوكنغ، أبرز عالم في الفيزياء النظرية على مستوى العالم، المعاق بالكامل عدا رأسه بما يحتويه. هوكنغ كعمار تماماً. إلا أن هوكنغ ولد في إنجلترا عام 1942م، ودرس في جامعة أكسفورد ـ وهو معاق ـ وحصل منها على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، ثم أكمل دراسته في جامعة كامبريدج للحصول على الدكتوراة ـ أيضاً وهو معاق ـ في علم الكون، ثم أعد أبحاثاً نظرية في علم الكون وأبحاثاً في العلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية، وله دراسات في التسلسل الزمني.

الفارق بين هوكينغ وعمار أن الأول أصيب بمرضه العصبي المميت وهو في عمر الحادية والعشرين، وقد ذكر الأطباء أنه لن يعيش أكثر من سنتين، ومع ذلك جاهد المرض وحقق تفوقاً عبقرياً، وهو الآن في السبعين، وبالطبع فإن هذه المدة أطول مما ذكره الأطباء، مرضه «التصلب الجانبي» جعله مقعداً تماماً غير قادر على الحراك، لكن مع ذلك استطاع أن يتفوق على أقرانه السليمين من علماء الفيزياء ويفخر بأنه حظي بذات لقب وكرسي الأستاذية الذي حظي به من قبل السير إسحاق نيوتن مكتشف قانون الجاذبية.

عمار المولود في أمريكا، بعجزه وعدم قدرته على الحركة، عاش هناك حتى التاسعة من عمره، بعدها عاد إلى المملكة ليكمل دراسته، لكنه واجه الرفض بأن يكون له مكان على مقاعد الدراسة. فاضطر إلى الانتساب وبالإصرار وحده نال شهادة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتخرج بتفوق. بعدها حاول الالتحاق بجامعة الملك عبدالعزيز لكنه قوبل بالرفض والممانعة ومع إصراره التحق بقسم الإعلام في الجامعة.

إلى هنا وقصة التحدي يختصرها الفيلم في ومضات سريعة يرويها عمار بصوته، ينتهي منها المشاهد بدهشة وإكبار للعزيمة التي تمسك بها لمواصلة تعليمه رغم عجزه الحركي.

ولكن في بُعد ثالث لو تأملنا قصة حياة وكفاح جد عمار، التربوي والمعلم والإداري الشيخ عبدالله عبدالمطلب بوقس الذي كان له فضل كبير في تأسيس كثير من القرارات الإدارية التعليمية في منطقة الحجاز بل وفي المملكة بأكملها، لوجدنا أن صفة التحدي متأصلة فيه، وربما انتقلت الجينات الوراثية من الجد إلى الحفيد.. وحقيقة فإن قصة عبدالله بوقس جديرة بأن تروى وتؤخذ منها القدوة والأمثولة.

فعبدالله بوقس هو الذي أسهم في وضع اللبنات الأولى للتعليم مع الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- في أول وزارة تعليم بالمملكة، لا سيما أنه من بيت اشتهر بالعلم ودعم العلم والتعليم. فقد كانت ولادته، يرحمه الله، في عام 1930م بمكة المكرمة، وكغيره من أبناء جيله بدأ حياته التعليمية بحفظ القران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة في أوائل سنين عمره مقتديا بوالده، يرحمه الله، الذي كان يدرس القرآن الكريم والحديث الشريف في المسجد الحرام.

توفي والده وهو في الخامسة من عمره فلم يعد قادرا على مواصلة المسيرة لكن الإصرار والعزيمة نحو النجاح قاداه إلى أن يسعى لطلب العلم متنقلا من مدرسة إلى أخرى حتى التحق بمدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة التي أهلته للابتعاث إلى جامعة القاهرة ليدرس في كلية اللغة العربية ويتخرج فيها متفوقاً، فيلتحق بعدها بالمعهد العالي للتربية في جامعة عين شمس ليحصل على شهادة الدبلوم.

عاد بعدها إلى المملكة مبتدئاً حياته الوظيفية الأولى كمدرس لمواد التربية وعلم النفس إضافة إلى اللغة العربية في المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة عام 1373هـ، وبعد عمله بالتدريس عمل موجهاً تربوياً، وبعدها مديراً عاماً للتعليم في منطقة جدة راسماً من خلال موقعه كثيراً من الخطط والبرامج التطويرية، وظل في منصبه هذا قرابة العشرين عاماً.

ثم بتكليف من عبدالوهاب عبدالواسع، رحمه الله، انتقل من مجال التربية والتعليم إلى مجال الرقابة؛ إذ عُيِّن مشرفا على أعمال المركز الرئيس لهيئة الرقابة والتحقيق في جدة وفروعه بمكة المكرمة والطائف وأبها وظل بهذا المنصب لمدة خمس سنوات انتقل بعدها إلى مجال الدبلوماسية؛ إذ عين في عام 1395هـ مستشارا ثقافيا في السفارة السعودية بألمانيا، وظل بها لمدة أربع سنوات. ومن وظيفة المستشار الثقافي في ألمانيا عاد إلى المملكة ليعين وكيلاً لوزارة الحج والأوقاف لشؤون الحج ويظل بمنصبه هذا حتى تقاعده في عام 1411هـ.

وخلال فترة عمله في وزارة الحج ظهرت مساهماته الواضحة في مجال تطوير خدمات الحجاج من خلال بروز مؤسسات الطوافة ومكتب الوكلاء الموحد والمؤسسة الأهلية للأدلاء في المدينة المنورة ومكتب الزمازمة الموحد، وكما أبدع في مجالات التربية والتعليم والحج وخدمات الحجاج أبدع في المجال الأدبي وخدمة الأدباء فعرف كأحد رموز القصة السعودية والكتاب الجيدين رغم قلة كتاباته، وكان له دور واضح في تأسيس نادي مكة الثقافي الأدبي، إضافة إلى إصداره عدة كتب أبرزها كتاب «الرحلة المقدسة لبيت الله الحرام» الذي تناول من خلاله بأسلوب القاص والأديب رحلة الحج إلى البيت الحرام. توفي في الثاني من شهر ذي الحجة عام 1430هـ ودفن في مكة المكرمة ـ رحمه الله.

هذا هو جد عمار، وهو يمثل الخلفية الوراثية لهذا الشاب المتفوق العنيد، وهو ما غفل ذكره فيلم بدر الحمود «اليوتيوبي» ولم يُشر إليه في فيلمه القصير الذي لم يكن توثيقياً بقدر ما كان «رسالة ملهمة»، كما جاء في إعلانه عن الفيلم في الحملة الترويجية التي سبقت ورافقت طرح الفيلم.. وبعد ذلك يتحتم أن نتساءل: هل الثقافة السعودية تحتاج إلى سينما متكاملة ترسخ في الذاكرة والوجدان وتتناول المواضيع بشكل معمق ونافذ؟ أم أنها ستكتفي ببرامج فيلمية خاطفة تثير دهشة مؤقتة سرعان ما تنمحي من الذاكرة ولا تترك سوى صور مبتورة؟

* كاتب وناقد سينمائي سعودي

الشرق السعودية في

06/06/2013

 

... ونجح رهان السينمات العربية في بمرسيليا

أحمد بوغابة / فرنسا 

"اللقاءات الدولية للسينمات العربية" التي احتضنتها مدينة مرسيليا (جنوب فرنسا) من 28 مايو إلى 2 يونيو الجاري لا تشبه التظاهرات الأخرى باعتبارها جاءت بكثير من الجديد في رؤيتها واستراتيجيتها. وبالتالي لا يمكن اعتبار حفل يوم الثاني يونيو كاختتام للتظاهرة في انتظار الدورة المقبلة وإنما بداية للعمل طيلة السنة. لهذا حمل إسم "اللقاءات" صيغة الجمع وليس فقط ملتقى محدد في المكان والزمن. الهدف هو أن تمتد تلك اللقاءات نحو أقطار عربية أخرى بها مؤسسات سينمائية مدنية تجمعها بها علاقة ثقافية وفنية، وتتقاسم معها نفس الهموم في الترويج للفيلم العربي وتطويره فنيا، لخلق شبكة تعاونية في الأهداف المذكورة مثل الخزانة السينمائية بطنجة ومهرجان بجاية بالجزائر والخزانة السينمائية بالقاهرة - التي ستفتح أبوابها قريبا - وكذا قاعة ميتروبوليس ببيروت - وهي قاعة الفن والتجربة - في انتظار إلتحاق أخرى بهذه الحركة السينمائية الوليدة التي مازالت في طور التأسيس كشركاء فِعْلِيين في اللقاءات وفي اختيار الأفلام التي سيعرضونها في فضاءاتهم حسب متطلباتهم ورغبات جمهورهم. وعليه فهذا لا يعني إطلاقا أن اللقاءات ستترحل بكل مضمونها وبرامجها بين الفضاءات المذكورة إذ لكل منها حرية اختيار ما يناسبها لكن يبقى الهدف هو تمديد حياة الأفلام بعرضها على الجمهور. ويمكن أن تقترح بدورها أفلاما للقاءات بمرسيليا.  

كما شملت صيغة الجمع أيضا السينما نفسها باعتبار أن السينما العربية متعددة في كل أبعادها وليست متجانسة في دائرة واحدة كما يعتقد الكثيرون ويفرضون عليها تعسفا لونا واحدا وهي الغنية باختلافاتها: تاريخها، لهجاتها، مؤسساتها، مواضيعها... إلى آخره. وتبقى الخريطة الجغرافية هي القاسم المشترك الوحيد بينها. حين تشاهد كثير من الأفلام المُنتجة في هذه الخريطة تظهر بشكل جلي تلك الفواصل ذات أهمية قصوى في التحليل السينمائي وما جاوره. وتظهر أكثر حين نتوقف عند سينمات جديدة ظهرت في السنين الأخيرة كالأمازيغية والكردية... احتوى البرنامج على أفلام تمثل تقريبا جميع الجنسيات العربية، من المغرب والجزائر وتونس إلى الإمارات العربية واليمن والسعودية مرورا بمصر وسوريا ولبنان ووصولا إلى العراق.

حملت اللقاءات الأولى للسينمات العربية بمرسيليا الأسئلة المذكورة أعلاه وطرحتها في ندوات وأيضا عند مناقشة الأفلام المُبرمجة، وفي كل لحظة من لحظات التظاهرة، خاصة وأن النقاشات لم تتم بين العرب فقط وإنما بمشاركة مكثفة وعلمية من لدن الأوروبيين: سينمائيين ونقاد وصحفيين ومثقفين وجمهور متتبع ومهتم وفاعل في جو حر وهو ما ميزها عن غيرها التي عادة ما يكون النقاش يدور بين العرب أنفسهم. فقد صرح لنا المدير الفني للقاءات، الناقد التونسي الطاهر الشيخاوي، بأن النتائج الإيجابية فاقت إنتظاراته وتخوفاته التي كانت لديه عند الإعداد خوفا من أن تسقط التجربة في التكرار والملل أو ينبذها الجمهور. إلا أن هذا الجمهور كان في الموعد وهو عمل طويل النفس أسسته "جمعية أفلام" طيلة عقد من وجودها يؤكد الطاهر الشيخاوي

إذا كانت بلدية مرسيليا لا ترى بعين الرضى لهذه التظاهرة لكونها عربية بينما تساند تظاهرات أخرى ذات جنسيات مختلفة فإن العكس بالنسبة للجهة التي دعمت اللقاءات جيدا. كما وجدت في المناسبة الأوروبية المتمثلة في كون مدينة مرسيليا هي عاصمة الثقافة الأوروبية لسنة 2013 دعما حقيقيا. لقد استغرق التفكير في هذا المشروع الثقافي الفني المتمثل في تنظيم تظاهرة سينمائية عربية كبيرة يرجع إلى أزيد من أربع سنوات. وكان التفكير ينكب حينها على أن يكون مهرجانا تنافسيا يتضمن  مسابقة على شاكلة باقي المهرجانات إلا أن الإمكانيات الكبيرة التي يتطلبها حسب ما أكده ايضا لنا المدير الفني حالت دون ذلك من قبل بينما فضل هو – الطاهر الشيخاوي - الاشتغال على الجوانب الثقافية حين إلتحق بفريق العمل في بداية السنة الجارية بالتخلي عن فكرة المسابقة.

"اللقاءات الدولية": تتويج لنجاح "جمعية أفلام"

تقف "جمعية أفلام" وراء هذا المشروع. وهي جمعية فرنسية تأسست سنة 2000 وتهتم بالسينما العربية بالعرض والدعم والترويج وخلق مناسبات كثيرة يلتقي فيها السينمائيون العرب مع زملائهم الفرنسيين. وقد أصبحت "جمعية أفلام" مرجعا في المنطقة (سبق أن عَرَّفْتُ بها في نصوص سابقة بموقع الجزيرة الوثائقية) ليس بنظرة خارجية أو فوقية بل بوجود صُنَّاعِها الفنيين والمفكرين فيها.

حضر افتتاح الدورة الأولى من هذه اللقاءات وزير الثقافة السابق في عهد الرئيس فرانسوا ميتيران والرئيس الحالي للمعهد العربي بباريس السيد جاك لانغ لدعم التظاهرة واعتبارها خطوة أساسية ومهمة في المرحة الراهنة مؤكدا في كلمة له أنه سيبقى وفيا لها مستقبلا وأن حضوره في انطلاق الدورة الأولى هو لاصطحاب هذا المولود الجميل. وهو نفس الكلام الذي ذكره أيضا في جلسة خاصة مسائية مع السينمائيين والنقاد ضيوف اللقاءات قبل انطلاقها والتي كان هدفها هو الحديث عن موقع هذه التظاهرة والسينمات العربية من خلال تبادله النقاش حولها ورغبته في إعادة إحياء مهرجان السينما العربية الذي كان المعهد العالم العربي ينظمه في التسعينات من القرن الماضي (توقفت سنة 2002). ويريد السيد جاك لانغ أن يتعاون في هذا الإطار مع "جمعية أفلام" و"اللقاءات الدولية للسينمات العربية" بالبحث عن السبل الممكنة للتنسيق فيها. تركز النقاش طبعا على السينمات العربية وإنتاجاتها وروادها الذين تربطه ببعضهم علاقة صداقة كيوسف شاهين ويسري نصر الله. إن حضور السيد جاك لانغ في افتتاح التظاهرة رسميا والنقاش السابق له هو بمثابة دعم مفتوح لإنجاح هذه المبادرة القيمة.

كان فيلم الافتتاح من المغرب بعنوان "بيع الموت" لفوزي بن السعيدي وبحضوره لكونه يمثل سينما جديدة وجيل جديد من المخرجين العرب والذي حصل به على مجموعة من الجوائز من مهرجانات كبيرة ولها مصداقيتها. وهذا العرض هو أيضا إلتفاتة تكريمية للسينما المغربية التي احتلت مكانة متقدمة في السينمات العربية في العقد الأخير بتنوعها وتطورها إنتاجا وإبداعا وتسويقا

لقد تم التفكير في البرمجة بعناية فائقة امتدت على طول الخريطة العربية كما أسلفنا القول أعلاه حتى تتكون عند الجمهور الفرنسي بمدينة مرسيليا ونواحيها نظرة شبه متكاملة حول الإنتاج السينمائي في هذه الخريطة. كما تم التفكير أيضا في المبدعين المقيمين خارجها. ليس في أوروبا وحدها بل أيضا في كندا وآسيا.

ولابد من التأكيد بأن هذه التظاهرة لا تشمل على المسابقة إذ يقول لنا الناقد الطاهر الشيخاوي، مديرها الفني، بأنهم – في "جمعية أفلام" – فكروا كثيرا في الأمر فلا يريدون أن تكون لقاءاتهم منافسة بين المبدعين بقدر ما يريدونها فضاء للتفكير في السينما على نفس قدر المستوى في ما بين المشاركين وهو ما أعطى لها تلك الحميمية والحرية في التداول والنقاش والحوار. ويضيف الطاهر الشيخاوي، في نقاشنا معه، بأن هناك ما يكفي من المهرجانات في أوروبا والأقطار العربية التي تتضمن المسابقات وبالتالي فلا يرى أن لقاءات مرسيليا ستضيف شيئا جديدا على هذا المستوى لذلك لا يريد أن يتشتت الجهد في قضايا يعتبرها هامشية وليست من أولويات اللقاءات بل يريد التركيز على السينما والإبداع والفكر وثقافة الحوار أساسا بغرض الوصول إلى أجوبة تساعد الفيلم العربي على وجود سوق له عادية في أوروبا.

توزعت العروض على أربع فضاءات: قاعة فارييتي ومقر الجهة والمركز البيداغوجي وفيلا المتوسط كفضاء جديد بالمدينة تم تدشينه بمناسبة احتفالات مرسيليا عاصمة الثقافة الأوروبية. كان عليها كلها الإقبال في مختلف العروض والساعات التي تبدأ مع الثانية بعد الزوال (بعضها في الساعة 11 صباحا) وتنتهي في ساعة متأخرة من الليل خاصة وأن وسائل النقل العمومية تبقى بدورها ساهرة بالحدث الذي تعيشه المدينة. كما لاحظت الرغبة القوية للحضور لمناقشة الأفلام مع مخرجيها ومنتجيها وهم من أعمار مختلفة. نقاش يمس السينما كما يمس في ذات الوقت الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية للأقطار العربية. جمهور يريد أن يعرف أكثر جيرانه في الضفة الجنوبية من حوض المتوسط ويقترب إليهم ليفهمهم، وكثيرون من تلك الأصول يعيشون بينهم. وهذه النقطة برزت جليا في المسابقة التي جرت حول قراءة النصوص العربية من لدن تلاميذ، وهذه القراءات العربية قد دشنتها "جمعية أفلام" منذ شهر شتمبر الماضي الموازية لعروضها السينمائية الخاصة بالتلاميذ في المدارس والثانويات.

البحث عن الجمهور... عوض انتظاره

نجح المنظمون في الدورة الأولى من استقطاب جمهور كبير وواسع ومتنوع، من أعمار ومستويات علمية مختلفة، إلى مختلف القاعات لأنهم لم يقتصروا على الإعلان والإشهار بمحتويات التظاهرة فقط وتنظيم ندوات صحفية للإخبار بها بل ذهبوا للبحث عن جمهورهم في كل الأمكنة الممكنة والمفترضة أن يوجدوهم بها. وهي ممارسة حضارية في التواصل حيث انتقلوا إلى الأحياء الشعبية المحيطة بالمدينة، وإلى المؤسسات التعليمية والخيرية والمراكز الاجتماعية وكل مكان تجمع بشري للتعريف بالتظاهرة وبرامجها من جهة ومن جهة أخرى تشجيع الناس على المشاركة إذ وضعت إدارة اللقاءات تحت تصرفهم وحسب إمكانيات كل فئة تذاكر وجوازات بتعريفات تناسبهم طيلة التظاهرة. وهكذا لاحظنا حضور أفواج من الجمهور يتابع عن كثب عروض الأفلام. وشارك الشباب والمراهقين في المناقشات التي تلي العروض إلى حد أنه أحيانا يستمر خارج القاعات بينهم نظرا لتجاذبهم واختلافهم

وعلى ذكر الشباب والمراهقين فقد أُسندت لهم مهمة إعداد النشرات اليومية للقاءات التي كانت تحضر في موعدها كل صباح، فيها قراءات في الأفلام المعروضة وحوارات مع المخرجين وأخبار البرنامج اليومي والتعاليق حيث وجدوا فيها مساحة من النشاط الفكري ومتعة جميلة من لحظات المهرجان.

ومن الإبداعات الجديدة لهذه اللقاءات التي لم يسبق لي أن صادفتها في تظاهرة أخرى حيث لأول مرة أكتشفها وهو خوض مجموعة من المصورين تجربة فريدة من نوعها المتجسدة في أخذ الصور للجمهور مباشرة بعد خروجهم من عروض الأفلام كشكل من أشكال التعبير. فعوض أن يعبروا بالكلام كما جرت العادة أمام الكاميرات التلفزيونية والميكرفونات الإذاعية فقد تم اختيار عدسات المصورين لتلقط تعابير الوجوه كانعكاس للمشاهدة عند خروجهم مباشرة من القاعة (أنظر نموذج من الصور).

تعمد المهرجان في تركيزه على المخرجين الشباب دون أن يغفل الكبار سواء في أفلامهم القصيرة أو الطويلة أو الوثائقية. كما نجح أيضا في الجمع بين الأجيال دون أن يخلق صراعات هامشية بل نقاشا مثمرا ومتكاملا حضرت فيه السينما أكثر من أي شيء آخر وذلك خلال النقاشات الصباحية اليومية التي كانت موعدا جميلا حقا ومتعة ثقافية تفتح شهية فكرية تمتد طيلة اليوم مع عروض الأفلام ومناقشتها وتستمر على هامشها في مختلف أمكنة المهرجان فكانت فعلا لقاءات بصيغة الجمع في مضمونها وسمحت بربط علاقات مباشرة بعد ذلك بتعميق النقاش في مجموعات تتشكل حسب المواضيع. وبتلك اللقاءات الصباحية تم نسج علاقات مهنية ومشاريع مستقبلية لتكون التظاهرة قد خلقت أجواء مناسبة وسهلتها لتعيش للمستقبل ولا تنتهي بانتهاء التظاهرة

شملت النقاشات الصباحية مواضيع مختلفة تهم السينمات العربية في علاقتها ببعضها وبالأقطار الأوروبية، خاصة فرنسا، منها التوزيع والاستغلال والقاعات السينمائية والإنتاج المشترك. كما تم التطرق أيضا إلى النقد السينمائي ووظيفته في ظل تطور الوسائل الإعلامية الجديدة وانتشارها وسهولتها وعن نكوص هذا النقد وتراجعه. وتم أيضا تخصيص جلسة عن السينما التي نريدها اليوم مع تطور الوسائل التقنية التي فجرت سوق الإنتاج وتوفير الصور وعن معنى الفيلم السينمائي الآن. وأيضا مكانة الفيلم الوثائقي ومختلف الأجناس السينمائية. وأسئلة أخرى كثيرة تداولها الحضور بجدية في أمل صياغة معرفة جديدة للسينما المستقبل التي ستكون بالتأكيد مغايرة شكلا ومضمونا

كنت أتأمل كثيرا تلك النقاشات وأقارنها بالتي نعقدها في أقطارنا العربية التي لا نخرج منها بنتائج إيجابية إذ في الغالب تكون روتينية ومكررة ولا تحمل أراء واضحة وفي كثير من الأحيان تنتهي بدون هدف. بينما وجدت نفسي هنا في اللقاءات السينمائية بمرسيليا أمام متدخلين في مستوى عال جدا من المسؤولية. لا نفاق فيها إطلاقا. فلا شك أن ذلك يرجع إلى أجواء الحرية المحاطة بمجتمع يناقش بدون تردد أو حرج. كما أن المؤطرين للنقاش بالكلمات التي قدموها حول كل موضوع دفعت إلى التفكير العميق في الأسئلة المطروحة. إن المتعة الثقافية في السينما التي خلقتها اللقاءات خلال هذه الأيام تدفع بتشطيب المسلمات من الماضي وأن السينما فن حيوي يتطور باستمرار فينبغي مواكبته وإلا تجاوزنا الركب فنبقى في مؤخرة التاريخ

تضمن البرنامج اللقاءات الدولية للسينمات العربية 51 فيلما روائيا ووثائقيا طويلا وقصيرا تم عرضها 64 عرضا فضلا عن 6 عروض للائحة الأفلام القصيرة ضمن ثلاث مجموعات. كل الأفلام كانت ناطقة بالعربية مصحوبة بسطرجة بالفرنسية إلا إثنين أو ثلاثة أفلام ناطقة بالفرنسية وذلك في 5 فضاءات إلى جانب 5 لقاءات حوارية خلال 6 أيام. ونشير إلى أن كل عرض كان يليه النقاش مباشرة أينما عُرض وكلما تم إعادة عرضه أيضا إذ كل مرة يكون الجمهور مختلف باختلاف فضاء العرض زيادة على العروض الخاصة بالتلاميذ في إطار ورشات التحليل. وكان يشرف على تأطير النقاش مع الجمهور وإدارته مجموعة من النقاد العرب والفرنسيين صحبة المخرجين أو المنتجين فكان ثريا بحكم الثقافة السينمائية المنتشرة في المجتمع الفرنسي فيحصل التفاعل للاستفادة المتبادلة. إن الأفلام المختارة في هذه اللقاءات تمثل تنوع الإنتاجات العربية في مضامينها وأشكالها الإبداعية.

يمكننا القول بأن عناصر تاريخية وجغرافية كثيرة تؤهل مدينة مرسيليا لتكون المكان الذي يستقبل هذه التظاهرة غير التنافسية كمجال للقاء والحوار وهو ما أكده الجمهور عمليا بالرد على بعض الساسة الفرنسيين المسؤولين على المدينة لمعارضتهم مثل هذه الأحداث التي تجمع أطياف الناس حول قضايا إيجابية ودحض التخوفات المُفبركة بدون أساس.           

الجزيرة الوثائقية في

06/06/2013

 

غرفة صناعة السينما تنجح فى وقف قرصنة الأفلام المصرية على الفضائيات الأردنية 

أ ش أ: أعلنت غرفة صناعة السينما نجاحها فى الاتفاق مع السلطات الأردنية على معاقبة أى قناة أردنية تقوم ببث أفلام دون الحصول على شهادة رسمية من الغرفة، وذلك فى إطار جهود محاربة قرصنة الأفلام المصرية.

وقال سيد فتحى مدير عام الغرفة "بناء على الجهود المستمرة لغرفة صناعة السينما لمحاربة قرصنة الأفلام المصرية جرى التواصل مع المسئولين بالأردن الذى أسفر عن صدور تعميم يؤكد ضرورة الحصول على شهادة من غرفة صناعة السينما قبل بث أى مصنف مصرى". 

وأعرب فتحى عن شكره للمسئولين فى الأردن على حسن تعاونهم ودعمهم لشرعية بث الأفلام المصرية بطريقه قانونية

وأضاف أن المسئولين فى الأردن أصدروا تعميما طالب القنوات الفضائية الأردنية بعدم بث أى فيلم أو مسرحية ما لم تكن هذه القنوات حاصلة شهادة من المنتج الأصلى، وذلك بوثائق رسمية مصدقة من غرفة صناعة السينما المصرية فيما يتعلق بالأفلام العربية وحذروهم من مخالفة ذلك

وكانت الغرفة قد أعلنت الشهر الماضى نجاح جهودها فى وقف بث الأفلام المصرية المقرصنة على موقع شركة ياهو العالمية، خاصة أفلام "كابتن هيما" و"اتش دبور" و"حلاوة الروح" و"الشياطين فى إجازة". 

وكشف عن إخطار النائب العام بأسماء القنوات التى تقوم بقرصنة الأفلام، وتم إخطار نقطة الاتصال بها، مشيرا إلى ورود خطاب من الملحق التجارى المصرى فى البحرين والأردن لمتابعة موقف شركة "نور سات" التى تمنح الترددات لكافة القنوات موضوع المشكلة.

وأكد أن الغرفة ستواصل جهودها وهى مصممة على ملاحقة أوكار الخارجين على القانون ممن يعتدون على حقوق الملكية الفكرية فى الداخل والخارج

وكانت غرفة صناعة السينما أعلنت أنها بصدد اتخاذ إجراءات فعالة ضد القنوات التى تقوم بقرصنة الأفلام السينمائية المصرية، مؤكدة قيام 15 قناة بالقرصنة غير معروف هويتها حتى الآن

اليوم السابع المصرية في

06/06/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)