حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

إيناس الدغيدى:

خدعونا فقالوا إن الإخوان جماعة منظمة

حوار   محسن محمود

 

لا تكف عن إثارة الجدل، وكأن التمرد يسكن فى كرات دمها الحمراء، وربما كانت جرأتها سبباً فى تحقيقها الشهرة والنجومية، فعبر مشوارها الطويل مع الفن السابع، نجحت فى أن تفرض اسمها كواحدة من أهم المخرجات فى السينما المصرية، إنها المخرجة إيناس الدغيدى. وفى حوارها مع «المصرى اليوم» تواصل إيناس الدغيدى السباحة ضد التيار، وتكشف عن رغبتها فى عودة الجيش لمقاعد السلطة، وتؤكد أن التصريح ببيوت الدعارة هو الحل لمواجهة مشكلة التحرش.

كمخرجة سينمائية، هل يوجد سيناريو للخروج من المأزق الذى نعيشه حالياً؟

- لا توجد رؤية واضحة للوضع فى مصر حالياً، فأحلامنا ضاعت بعد أن فوجئنا بالواقع الأليم، وأتحدى لو أن هناك شخصاً فى العالم يملك رؤية لما يحدث فى مصر، بما فى ذلك الأمريكان أنفسهم، لأن مصر لها طبيعة مختلفة، ومن الصعب توقع ردود أفعال، لذلك لا أتوقع أن تحدث ثورة أخرى إلا بعد ٨٠ سنة على الأقل، لأن الإنسان المصرى «بيتشحن بصعوبة» ويتألم فى صمت، ويتأقلم على الأوضاع بالهذار والنكت.

لماذا اعترضت على الثورة منذ بدايتها؟

- الأيام أثبتت صحة كلامى، رغم أننى أصبت بالملل من الوجوه التى ظلت فى مناصبها لأكثر من ٢٠ عاماً، وفى المقابل لم أكن ضد جمال مبارك، لأنه الشخص الوحيد الذى اجتهد وعلم نفسه حتى يصبح رئيساً للجمهورية، وكنت أعلم أنه يحصل على «كورسات».

أفهم من كلامك إنك مؤيدة لخطة التوريث؟

- بالتأكيد كنت أرفض التوريث بكل صوره، وكنت أتمنى ألا يكون جمال ابن رئيس الجمهورية، لكن حالياً الوضع اختلف وأيقنت ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية رجلاً عسكرياً.

إذن أنت مع عودة الجيش للحكم؟

- بالتأكيد، فبعد ما رأيناه تأكدت أن الجيش هو الأصلح لإدارة شؤون البلاد بشرط وضع دستور متوازن، وألا يسيطر الجيش على البلد بشكل كامل، وألا ينتمى الرئيس لكبار السن أو الشباب، بمعنى أن يصل إلى مرحلة النضج، وبشكل شخصى لدى قناعة بأن الرئيس يجب أن يكون خلفه قوة تستطيع تنفيذ القانون، فنحن اكتشفنا أن الجيش هو المؤسسة الوحيد فى مصر التى لديها نظام.

لكن هناك من يرى أن الإخوان أيضاً جماعة منظمة؟

- خدعونا فقالوا إن الإخوان جماعة منظمة، فهى منظمة داخل كيان الجماعة فقط، ولكن ليس بالنسبة لدولة فى حجم مصر، وللآسف لا يوجد لدينا مؤسسة قوية أو حتى حزب قوى، لذلك الجيش هو الحل.

رأيك يتعارض مع الدستور الجديد الذى حّجم دور المؤسسة العسكرية؟

- الدستور الجديد «زوبعة فى فنجان» لأن الحكام لا يحترمون الدستور، فسبق أن غيّره السادات ومبارك، وسيغيره مرسى ومن سيأتى بعده، لذلك أعتبر الدستور مثل «الأستك» قابلاً للتعديل والتغيير من خلال مجلس الشعب، كما أنه لا يصلح أن يكون لفئة محددة أو يخدم مصالح جماعة معينة.

هل تشعرين بالغضب عندما يصفك البعض بـ«الفلول»؟

- «أنا مش فلول»، وكونى لست من مؤيدى الثورة لا يعنى أننى من أنصار النظام السابق، وموقفى من الثورة سببه أننى كنت أعلم أن النتيجة لن تصبح جيدة، وعندما أثبتت الأيام ما توقعته أيقنت أننى كنت على حق، كما أنه لم يكن يشغلنى النظام السابق لكن كان هدفى أن تكون مصر مفتوحة على الغرب، وكنت أرى أن مصر خلال السنوات الماضية فى طريقها لمرحلة جديدة، وعيب النظام السابق أنه لم يضع الفقراء فى اعتباره، وهى الطريقة التى يتبعها النظام الجديد.

لماذا قلت أن «كاريزمة» مرسى لا تصلح لرئيس؟

- كنت أتحدث عن مرسى درامياً، لأننى لن أقيمه سياسياً.

لماذا؟

- لأنه لا يمتلك المقومات الأساسية لأى سياسى، بينما الجماعات الإسلامية لديها هدف معينا وهو الخلافة الإسلامية الكبرى، ولا يفرق معهم مصر ولا سوريا ولا العراق، فهم تربوا على ذلك منذ البداية، كما أننا لم نسمع عن دور لمرسى داخل جماعة الإخوان المسلمين قبل انتخابات الرئاسة، فهو لم يكن مؤثراً أو صاحب قرار، لذلك الإخوان خسروا كثيراً بدفعهم به لانتخابات الرئاسة.

هل ترين أن الإخوان يتدخلون فى قرارات الرئيس؟

- بالتأكيد، وهو لا يستطيع أن يقول لهم «لا»، لكن لو كان خيرت الشاطر هو الرئيس لتمكن من فرض سيطرته على القرارات التى يصدرها، وأعتقد أنه كان سيستطيع أن يرفض أو يقبل النصيحة، كما أنه فضّل مرسى على نفسه، وقدم له المساعدة فى الانتخابات، لذلك لابد أن يرد مرسى له الجميل.

كيف تقيمين الرئيس درامياً؟

- مرسى لا يتمتع بمواصفات الرئيس الكلية، لذلك لا يصلح لـ«الكاستينج»، بينما الرئيس لا بد أن يتمتع بكاريزما وهيبة.

وما رأيك فى حواراته؟

- لفت نظرى أنه لا يسمع السؤال، وأنصحه بألا يرد بسرعة وأن يسمع جيداً، لأن السمع أهم من الكلام، كما أن قراراته سريعة جداً ومتغيرة، ومن السهل جداً الرجوع فيها، وهذا يؤثر بشكل مباشر على هيبة الدولة.

لماذا أعلنت تأييدك فى الانتخابات الرئاسية لعبدالمنعم أبوالفتوح رغم معارضتك للتيار الإسلامى؟

- تأييدى لأبو الفتوح لم يكن له علاقة بانتمائه للتيار الإسلامى، فأنا انتخبته لأنه متوازن وواضح وصريح، ولديه القدرة على مسك العصا من المنتصف، كما أنه كان أفضل من يستطيع التعامل مع الإخوان، لأنه «متربى معاهم»، لكن فى الجولة الثانية انتخبت شفيق لأنى ضد التيارات الإسلامية.

لماذا؟

- لأننى ضد الدولة الدينية، وضد خلط الدين بالسياسة، ومن المعروف أن السياسة لعبة قذرة ولا يمكن احترامها، ولابد أن يكون السياسى قذراً حتى يتمكن من ممارستها، ففى السياسة من الوارد أن يفعل أى شخص أى شىء حتى يصل إلى هدفه بصرف النظر عن القيم والأخلاق، لكن الدين له احترامه ومكانته.

وما حقيقة تفكيرك فى الهجرة من مصر؟

- لم أفكر فى ذلك، لكنى سأترك مصر إذا فرضوا علىّ الحجاب، فلن أرتديه «غصب عنى».

هل مازلت ضد الحجاب؟

- الحجاب حرية، وحتى الآن لم أقتنع به، وحتى لو اختلفنا عليه سواء كان زياً دينياً أو عادة، فالأمر بالنسبة لى مختلف لأنى تربيت دون حجاب، فما الذى سيدفعنى لارتدائه.

هل حكم الإخوان سيؤثر على جرأة أعمالك؟

- حكم الإخوان «عطّلنا» وتراجع حجم الإنتاج السينمائى، لكن حتى الآن لا يوجد تأثير، وأعتقد أنه لن يكون هناك أى تأثير، فحتى لو منعونا من التصوير فى بلدنا، «هنصور» ما نريده فى الخارج، وإن كنت أعتقد أن الإخوان لن يقتربوا من الفن والفنانين لأنهم يدركون جيداً قيمة الفنان وتأثيره على الناس الغلابة، لأن صوته عال ومعروف ومحبوب.

بعد وصول الإسلاميين للحكم، هل مازلت تطالبين بفتح بيوت للدعارة؟

- رغم أننى أعلم أنه من المستحيل أن يحدث ذلك حاليا لكنى مازلت مصرّة على كلامى، فلو شاهدت كم التحرش وحوادث الاغتصاب وزنى المحارم والمضايقات الجنسية التى تواجهها المرأة المصرية، فستتفق معى فى أن الحل هو تقليل الكبت لدى الشباب، والأهم من ذلك أن نحميهم من بيوت البغاء غير المقننة، والتى يمكن أن تتحول إلى كارثة صحية لا يمكن تداركها، ولو شئت الدقة لقلت إننى أطالب بتقنين أوضاع بيوت الدعارة الموجودة بالفعل، ونحن نغض البصر عنها.

كيف ستتناولين قضية زنى المحارم فى فيلم «الصمت» الذى تحضرين له؟

- مشروع هذا الفيلم بدأ قبل الثورة، ومشكلته إنتاجية أكثر منها رقابية، لكنى سأقدمه حتى لو ظل حبيس الأدراج لسنوات، كما أن القضية موجودة بالفعل فى المجتمع المصرى، وأنا أتناولها من الزاوية النفسية.

وما حقيقة خوضك تجربة الإخراج التليفزيونى لأول مرة من خلال مسلسل «عصر الحريم»؟

- أنا أفضل العمل فى السينما، ورفضت الكثير من العروض لتقديم مسلسلات، ربما لأن السينما تعتمد على التكثيف وتقدم الرسالة الدرامية خلال ساعتين، فضلا على أن بها هامش حرية أعلى بكثير من التليفزيون، لكنى هذه المرة تغلبت على حساسيتى تجاه الأمر، وبدأت فعلا التحضير للمسلسل الذى يتناول حق المرأة فى الحرية، وأعتقد أن العمل سيكون جريئًا جداً على المستوى الفكرى. بل ربما يكون الأجرأ فى تناول هذه القضية، وسيتم تصويرة لرمضان بعد المقبل وسيشارك فى بطولته مجموعة من النجوم، منهم نيللى كريم ودرة ورغدة، لكنى سأستعين بوجه جديد ليقدم دور البطولة.

ليوناردو دى كابريو «ذئب وول ستريت» 

محسن حسنى 

لأنه شريك فى الإنتاج، وليس مجرد ممثل فقط، ينتظر النجم الأمريكى ليوناردو دى كابريو عرض فيلمه الجديد «ذئب وول ستريت» بعد أن حددت الجهات المنتجة، التى تشاركه إنتاجه، يوم ١٥ نوفمبر المقبل موعداً نهائياً لعرضه داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

«ذئب وول ستريت» انتهى تصويره منذ فترة، وهو للمخرج الشهير مارتين سكورسيزى، وأعد له السيناريو تيرنيس وينتر، ويشارك فى بطولته كل من كريستين ميليوتى «تجسد شخصية تريزا بيتريللو»، وماثيو ماكونغى «يجسد شخصية مارك حنا»، وجون فافرى «يجسد شخصية مانى ريسكين»، ومايكل جيفرسون، وعدد كبير من نجوم السينما الأمريكية، ويجسد «دى كابريو» فى الفيلم شخصية جوردان بيلفورت، وهو اسم مؤلف الكتاب نفسه الذى أخذت عنه قصة الفيلم، الذى يعمل سمساراً فى البورصة ويقضى ٢٠ شهراً فى السجن بعد أن يرفض العمل فى أوراق مالية تنطوى على الفساد فى وول ستريت عام ١٩٩٠، الفيلم ككل يسلط الضوء على الفساد فى التعاملات المصرفية والبورصة، وكيف يتسلل الغوغاء وعصابات المافيا للوصول إلى هذه الأماكن.

«دى كابريو» يتابع حالياً أيضاً حركة إيرادات فيلمه «جاتسبى العظيم» للمخرج باز لورمان، الذى بدأ عرضه بالولايات المتحدة يوم ١٠ مايو الجارى، وحقق إيرادات عالية فى الأسبوع الأول لعرضه تخطت حاجز الخمسين مليون دولار و٨٥ ألفاً، كما تم عرضه فى افتتاح دورة مهرجان «كان» السينمائى الدولى بفرنسا، الذى بدأ الأسبوع الماضى وينتهى يوم ٢٦ مايو. الفيلم معروض حالياً بعدد من الدول حول العالم من بينها مصر، ويشارك فى بطولته ممثلون عالميون بينهم أميتاب باتشان من الهند، وريتشارد كارتر، وستيف بيزلى وماكس كولين ومال داى وعدد كبير من النجوم الأمريكيين.

المصري اليوم في

23/05/2013

 

"البطلة" وقفة سينمائية لحوريات العشرية السوداء

ضـاوية خـليفـة – الجزائـر 

يقال إن المخرج ابن بيئته ومن خلال الأفلام التي باتت تنتج في السنوات الأخيرة يتأكد من جديد أن عقدة العشرية السوداء لا تزال تحكم قبضتها على نفوس الجزائريين، على غرار صناع السينما الجزائرية الذين يعودون في كل مرة لسرد ذلك الماضي المؤلم الذي اختلط فيه الحابل بالنابل وأصبح الصالح طالحا، وبما أن السينما في أحد وجوهها هي سرد للواقع واستعراض للتاريخ برؤى وزوايا مختلفة يوحدها الموضوع، اختار "شريف عقون" تلك الفترة السوداء ليستنسخ من إحدى قصصها الواقعية موضوعا يلج به تجربة الأفلام الروائية.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن القول إن فيلم "البطلة" يضاف إلى سلسلة الأعمال السينمائية التي نقلت جانبا مما عاشه شعب ظن أن دماءه سوف لن تنزف ثانية بعد الاستقلال أو بالأحرى بعد ويلات الاستعمار كفيلم "رشيدة" ليمينة بشير شويخ، و"عطور الجزائر" لرشيد بن حاج، و"باب الواد سيتي" لمرزاق علواش وأفلام أخرى أدانت الإرهاب على طريقتها وبلغتها السينمائية، فبعد أن كرّم بعض المخرجين المرأة الجزائرية نظير ما قدمته إبان الثورة التحريرية وعلى فترات متقطعة، انطلق "شريف عقون" من هذه النقطة جاعلا إياها مبدأ للتأكيد من جديد أن المرأة الجزائرية لا يليق بها اسم سوى "البطلة" فاختاره عنوانا لأول عمل روائي طويل له، ملخصا ذلك في شخصية حورية التي تمثل حوريات الجزائر المدافعات عن الوطن، العائلة، والشرف، وكانت اللقطات الأولى التي انطلق منها العمل على وقع الرصاصات الطائشة التي لا تهدأ ليلة دالة على ما كان يحدث في جزائر التسعينيات من القرن الماضي، وبمشهد القميص الذي كانت ترتديه حورية وبه كلمة "الجزائر" بدأ المخرج قصته في محاولة لإظهار العلاقة التي تربط المرأة بوطنها، ليتعمق فيما بعد في سرد حكايتها مع الزمن.. حكاية وقعت على بعد بضع كيلومترات من العاصمة الجزائر لم يرد أن يحدد أي الجهات كانت مسرحا لتلك الجريمة

عاشور (خالد بن عيسى) إطار سابق في أحد البنوك بالعاصمة الذي يتحول إلى مزارع بحكم تعلقه بالأرض التي يسترزق منها وعائلته، حورية (سامية مزيان) البطلة الرياضة التي تهوى التصوير الفوتوغرافي. كلاهما تركا عيشة الرفاهية بالمدينة وشدا الرحال إلى حياة الريف وصفاء الطبيعة للاستثمار في الفلاحة، وفي عز أيام عشرية التسعينات يقرر الاثنان العودة مجددا للمدينة بعد تردي الأوضاع الأمنية وهذا ما لم يحدث فعلا بعد اغتيال عاشور ذات صباح على يد إحدى الجماعات الإرهابية التي تهدد سكان المنطقة باستمرار وتأخذ مالهم غصبا. وبعد أيام تقوم باقتحام بيته وتقوم بتصفية أهله واختطاف امرأتين من نفس العائلة بعد رفض هذه الأخيرة منحهم المال في كل مرة لاقتناء الأسلحة، فكانت ليلة لا تختلف عن سابقاتها ولم يتضح خيطها الأبيض من الأسود إلا بعد هدر دماء الأبرياء، ليلة نجت منها حورية التي وصفها أحد الضباط بالبطلة بعد انتصارها على أحد الإرهابيين، وأنقذت ابنيها وكذا الرضيعة (ابنة أخ عاشور) التي كانت أول من قاموا بإخفائها. وفي ذلك دلالة على أنهم إن اغتالوا البراءة فقد اغتالوا المستقبل، وهنا تمكن المخرج من نقل الحالة النفسية لمن تفصله عن الموت دقائق وتنجيه منها قدرة الله وحده.

لقد نجح المخرج في ملامسة أحاسيس الجمهور.  ساعد على ذلك أن الكاميرا كانت تتعامل مع ممثلة محترفة وأداء عال للبطلة سامية مزيان التي يتأكد في كل مرة أنها ورثت الفن من الوالدين المخضرمين الفنان الكبير في أدائه سيد أحمد أقومي وابنة الخشبة الفنانة القديرة صونيا، وفي حديثه للجزيرة الوثائقية أكد المخرج أن تلك اللقطة كانت الأصعب من ناحية التصوير فلو صورت في أستوديو لكانت أسهل، لكن لكل عمل، لقطة تظل الأكثر قوة. ولكن الموضوع أيضا له زواياه التي يجب أن يصور منها. كما أشاد عقون بأداء الممثلين الشباب الذين أعطوا للعمل روحا جديدة، كسامية مزيان أو خالد بن عيسى ونجيب أولبصير وأكرم جغيم وسهيلة معلم.. الذين يمتلكون طاقات فنية كبيرة وعالية المستوى تحتاج فقط الفرصة المناسبة لإثبات ما يمكن أن يقدموه لأي عمل وللسينما والفن عموما.

مع مرور الأيام وتطور الأحداث تنتقل كاميرا المخرج لموضوع آخر وهو العلاقات الأسرية المبنية على المادة، حيث يظهر وضعية حورية بعد عودتها إلى بيت أهلها وتغير معاملة والدتها لها وهي التي تفضل الابن على البنت في مجتمع ما يزال ذكوريا، من خلال تحسيسها بأنها وأبناءها عبء عليهم، عندئذ تقرر البحث عن عمل والاستقرار ببيت منفرد بعد أن استولى شقيقها على ميراثها وسخره لتجسيد مشروع أحد أبنائه. ورغم الصدمة التي نزلت عليها لم يرد المخرج إظهارها منهارة القوى في مبالغة لا تعكس الواقع لأن الإنسان لا يمكن أن يتجرد من أحاسيسه وماضيه، وبالمقابل تواصل الشخصية الرئيسية رحلة البحث عما تبقى من عائلة زوجها -الفتاتين المختطفتين- لكن دون جدوى. وهنا لمّح شريف عقون لموضوع المفقودين. وهو الملف الذي ما يكاد يطوى حتى يفتح من جديد فلا يزال من المواضيع المثيرة للجدل التي لم يتوقف عندها كثيرا ولم يعطها حقها، فكان مروره على بعض الأحداث الهامة متسارعا رغم أن القصة واقعية وتتوفر على كل التفاصيل الضرورية لبناء درامي سليم، وقد أرجع السبب لضعف الميزانية التي حالت دون الإلمام بجوانب عدة من الموضوع.

من خلال هذا العمل يتأكد أن هم المخرج وهدفه كان منصبا أكثر على تكريم المرأة الجزائرية وإبراز التضحيات التي قامت بها في سبيل الأرض والعرض، لأنه لم يقدم أي جديد في الموضوع بل اكتفى بنقل قصة حقيقية ووضع مجددا الإصبع على الجرح الذي لم نشف منه بعد ولم يغادر ذاكرة الجزائريين مثقفين كانوا أم مخرجين، ولم يقدم إجابة لأي سؤال طرح ليترك في الأخير النهاية مفتوحة على كل الاحتمالات دون أن يشير للحل الذي عرفته الأزمة في تلك الفترة من خلال الوئام المدني أو المصالحة الوطنية، ربما لعدم رغبته إبداء رأيه في القضية...

للإشارة فإن فيلم البطلة لشريف عقون الذي أنتجته سيليا فيلم والوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي سيكون ضمن الأفلام التي رافق هذه الأخيرة بالقرية الدولية لمهرجان كان السينمائي في دورته 66 رفقة فيلم "الكاذب" لعلي موزاوي، "تيتي" لخالد بركات، "أيام الرماد" لعمار سي فوضيل، "من حكاية لأخرى" لرابيا بن مختار وأفلام أخرى.

شـريـف عـقـون فـي سـطـور :

شريف عقون متحصل على شهادة ليسانس في الفيزياء، بدأ دراسة السينما بمدرسة التعليم العالي للفيلم بباريس سنة 1978 ، وفي سنة 1981 عاد إلى الجزائر واشتغل بالتلفزيون كمساعد مخرج أول، بينما قام بإخراج أول فيلم له بالأمازيغية سنة 1990، وفي العام الموالي اختير هذا الفيلم القصير في المهرجان الدولي للفيلم القصير بكليرمون فيران، واليوم فيلم "البطلة" يعد أول فيلم روائي مطول له، بعد الفيلم الوثائقي الذي أنجزه عن النوبة الأندلسية في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2012.

الجزيرة الوثائقية في

23/05/2013

 

شباب جدد أعادوا تمثيل الواقعة كأنهم صنعوها

«74، استعادة لنضال».. عمارة الذاكرة على وقع الراهن

نديم جرجورة 

تبدأ الحكاية قبل أشهر قليلة على بداية الحرب الأهلية اللبنانية، لكنها تنفلش على مساحة زمنية أوسع، تستلّ تفاصيلها من وقائع العيش اليومي على فوهة بركان بدا واضحاً أن انفجاره لن يتأخّر، وأن انفجاره هذا مستمرّ لغاية اليوم. تبدأ الحكاية داخل حرم «الجامعة الأميركية في بيروت»، لكنها تنبسط على مساحة البلد وانقلاباته، وعلى جغرافية الناس وانشغالاتهم، وعلى هواجس شباب والتزاماتهم. حدث هذا في العام 1974 (37 يوماً في آذار ونيسان): طلاب متمرّدون على قرار الإدارة القاضي بزيادة الأقساط بنسبة 10 بالمئة، يحتلّون بعض مكاتبها، مدعومين من عدد لا بأس به من زملائهم. هذه نواة الحبكة. هذا جوهر النصّ. أما الحكاية، فأبعد من هذا وذاك. أوسع وأشمل وأهمّ.

الشقيقان رانيا ورائد الرافعي حقّقا معاً واحداً من أجمل الأفلام الوثائقية اللبنانية وأهمّها، في الأعوام الفائتة: «74، استعادة لنضال». هل قلتُ إنه فيلم وثائقي؟ الشكل هنا مفتوح على أنماط متعدّدة، لأن المخرجين أعادا «تمثيل» الواقعة، بالتعاون مع عدد من الشباب الذين بدوا، في السياق الدرامي للفيلم، كأنهم هم أنفسهم من خاض معركة المصير الطالبيّ، في مبنى جامعي شكّل حيّزاً أكاديمياً يتعدّى تأثيره الحرم الداخلي. الـ«تمثيل» دعوة سينمائية صرفة إلى استعادة تلك اللحظات. إلى التنبّه إلى انفعال وموقف وحالة. دعوة إلى فهم تفاصيل حجبها الغليان العام حينها، وكادت الحرب الأهلية اللبنانية والسلم الأهليّ الهشّ والمنقوص الإطاحة بها. «74» إعادة ترميم جزء من ذاكرة تائهة، ومن حكايات يُفترض بها أن تكون فاعلة في الوجدان والمخيّلة. رانيا ورائد الرافعي جعلا التنقيب التوثيقي في عناوين تلك المرحلة وامتداداتها المتشعّبة في الثقافة والسياسة والتحوّلات، أداة كشف وإضاءة تطال أحد أسباب اندلاع تلك الرحب الأهلية، وتتناول مناخاً طالبياً وشبابياً مصبوغاً بعقائد وأفكار ورغبات، ومرتكزة على وعي معرفيّ تكوّن في ذوات هؤلاء الطلاب الشباب جرّاء انتماءاتهم التي صنعوها لأنفسهم، وارتضوها لذواتهم. التنقيب التوثيقي ذهب بالمخرجين الاثنين إلى أعماق حالات إنسانية أتقنا إعادة رسمها في فيلم يخرج من الوثائقي إلى الروائي، ويضع المتخيّل البصري في خدمة نصّ مشغول بحرفية وحساسية وتنبّه دائم إلى ما هو وراء الظاهر، وإلى ما هو أعمق من المكشوف.

حرفية واضحة في بناء فيلم سينمائي، تُشبه حرفية بنّاء يُشيّد عمارة الذاكرة على وقع الانفعال الراهن. 1974 أحد أبرز الأعوام التي صنعت خراب بلد وناس، مع أنها أعوام غليان طال كل شيء. الطلاب المتمرّدون على إدارتهم هم أنفسهم أولئك المتعطّشين إلى عيش حياة شبابية مفتوحة على ما يبغون صنعه. الشباب الذين أعادوا تمثيل الواقعة بدوا كأنهم يشبهون هؤلاء الطلاّب الشباب: بانفعالاتهم، وهواجسهم، ورغباتهم، ونزاعاتهم الداخلية، وأحلامهم المعطّلة. وأيضاً بانغماسهم في الفعل النضالي العمليّ، المستند إلى تنظير وفعل. بنقاشاتهم التي تقول ما قيل سابقاً، وما يُقال اليوم. كأن ممثّلي الواقعة لا يُفرّقون بين الـ«أبطال» الأصليين للحكاية وبين أنفسهم. كأنهم، بهذا، يقولون تشابهاً لا فرار منه بين أزمنة لم تتبدّل، وجغرافيا لم تتغيّر، وأسئلة لم يُعثر على أجوبة شافية لها. كأنهم، بهذا، يمارسون حقّهم الإنساني في المواجهة والتمرّد.

«74، استعادة لنضال» قابلٌ لنقاش مفتوح على أسئلة الهوية والعلاقات والالتزامات. على أسئلة الوجع والخيبة والانهيارات. قابلٌ لنقاش يبدأ من السينما أولاً وقبل كل شيء آخر، كونها الأصل في صناعة هذه الصُوَر البصرية، والرابط البصري بين ماض يُفترض به أن يبقى ماثلاً في الحاضر من دون تشويهه، وراهن يُفترض به أن يُطلّ على هذا الماضي، لألف سبب وسبب. كونها، ببساطة شديدة وأساسية، صانعة الفيلم.

أنوثة أنجلينا جولي الثانية

لينا هويان الحسن 

إنها أنجلينا جولي، تمزق كل التحفظات المحتملة بشأن سرطان الثدي، الممثلة المغرمة بالشهرة، كما يثبت تاريخها كنجمة، فلا تفوّت مناسبة يمكن أن تكون فيها مثار حديث العالم. مولعة بشكل جنوني بالأضواء إلى حد أنه يمكن أن يذهب الظن بنا إلى أنها قد تخلع أو تتخلى عن ثدييها مقابل أن تكون حديث وسائل الإعلام. لكن فعلتها نجمة «الإثارة»، التي رأيناها في مشاهد ساخنة للغاية، في أفلام كان قوامها جسد انجلينا جولي النحيل والعاري. وبالكاد يمكننا أن نسمي فيلما لها لم تظهر فيه عارية، وآخرها فيلم «السائح» الذي صورته في فينيسيا مع جوني ديب. وتظهر فيه عارية من الخلف

تخليها عن ثدييها، لمجرد شكوك طبية تحذر من احتمال إصابتها بسرطان الثدي، حالة جريئة ونادرة، وهاهي تعلن عن عملية جديدة وهي استئصال المبيضين بسبب المخاوف ذاتها

الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة حول مستقبل «أثداء» السيليكون في هوليوود، التي اعتمدت طوال تاريخها على استثمار مفاتن أشهر جميلاتها. فقبل ابتكار حشوات السيليكون، لم تكن الطرق إلى النجومية معبدة إلا للواتي يمتلكن نهوداً بارزة، كما، مارلين مونرو، وراكيل وولش واليزابيث تايلور. وكذلك الأمر في السينما الأوروبية، فمع فيلم «وخلق الله المرأة» للمخرج الفرنسي روجيه فاديم، الذي فجر قنبلة الإغراء بريجيت باردو وهي تمشي عارية على شاطئ البحر، أصبح الصدر الناهد من ضرورات النجومية. وفي السينما الايطالية لمع نجم جينا لولو بريجيدا بسبب صدرها البارز، بحيث أن أحد النقاد كان يقول: إن أهم ما يميز جينا لولو بريجيدا أنها عندما تستحم لا تتبلل سرّتها، تعبيرا عن نفور صدرها

وصنّاع أفلام جيمس بوند كانوا يقولون واصفين النجمة التي يجب ان تلعب دور البطولة «على صدر المرأة يأتي قبولها». وبذلك كرسوا صورة نمطية لأفلام الإثارة، في حين ظلت أثداء السيليكون بعيدة عن ترشيحات الأوسكار، وثمة اتفاق غير معلن عن شروط ترشيحات البطولات النسائية للأوسكار، حيث على البطلة أن تمتلك شكلا يثير الحب أكثر مما يثير الشهوة، وبذلك وضع صناع الفن الغرائز في الدور الثانوي والهامشي بحيث يضمن أفلاما مسلية تسجل مبيعات عالية في شباك التذاكر من دون أن تحصل على جوائز رفيعة المستوى

أنجلينا جولي التي عُرفت عنها سابقاً، خلال طفولتها ومراهقتها، الغرابة في التصرفات والهوايات، كأن صرحت بأنها تحب الجثث، وبأن الموت يثير افتتانها، وكان بودها لو عملت في مجال دفن الموتى. أيضا قامت بتربية سحلية وأفعى، وفي مراهقتها أسست مع زميلاتها «نادي التقبيل»، حيث كانت تقوم بملاحقة الفتيان وتقبيلهم عنوة، وانتهى الأمر عندما تدخلت إدارة المدرسة وحلت النادي المريب

لا شك في أنها تعيد طرح «الأنوثة» بشكلها الجديد: الجسد الأنثوي مستأصلا منه الثديان

ولم تخبرنا جولي حول رأيها بالبديل السيليكــوني لصـدرهــا، وربمــا الآن ستجد ذريعة مناسبــة لتظــهر بنــهد أكــثر امتــلاءً وبــروزاً، ولن تضطــر لتمــرير امتلائه المفاجئ كما حصل مع سلمى حايك، التي لجأت إلى كذبة مكشوفة سخرت منها وسائــل الإعــلام، عنــدما عزت امتلاء صدرها إلى إنجاب طفلتها.

السفير اللبنانية في

23/05/2013

 

وجهاً لوجه

كاميرا المهمّشين

رشا حلوة/ عكّا 

«لذكرى أولئك الذين لم يعودوا»، ليس من الحرب وساحة المعركة، بل من العمل... قرّر محمد بدارنة (عرابة، الجليل ـ 1987، الصورة) توجيه عدسة كاميرته إلى العمّال والكادحين في الأراضي المحتلة عام 1948. هكذا، ذكّرنا بأكثر من 60 عاملاً يموتون سنوياً من دون أن يلتفت إليهم أحد في معرضه «ترجعوا بالسلامة». حول أهمية عرض أعمال فنانين فلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1948 في عمّان والعواصم العربية المتاح زيارتها، يقول بدارنة لـ «الأخبار»: «هذه المعارض رسالة لنا كفنانين فلسطينيين في الداخل، من أجل التأكيد على وجود مساحات حرّة وجميلة للعرض. لسنا بحاجة إلى ختم من تل أبيب كي نكون في معارض مهمة، أو أن نكون مكياجاً لتجميل وجه إسرائيل».

بدأت فكرة العمل على المعرض مع موت أصدقاء بدارنة، مثل حمادة علاء الدين الذي دُفن تحت الرمل، ونضال شاويش ابن الحيّ الذي تسكنه عائلة المصور في قرية عرابة، والعديد من العمّال الذين لقوا حتفهم أثناء البحث عن لقمة العيش. يضيف بدارنة: «ما دفعني أكثر إلى ذلك هو اكتشاف ابتعادي عن طبقة العمال والكادحين. أنا ابن عامل، لكني لا أعرف عن حياة العمال سوى قشورها. نحن منفصلون عن طبقة الكادحين حتى لو تحدثنا عنهم. المعرض جاء من أجل إظهار القهر اليومي الذي يعيشه هؤلاء، والتوعية تجاه حقوقهم وضرورة تأمين سلامتهم». منذ أن أكتشف بدارنة شغفه بالتصوير قبل ست سنوات، تجول في أوروبا وآسيا والعالم العربي حاملاً كاميرته. ونتاج هذا التجوال كان أربعة معارض. الأول حمل الاسم «أثر» الذي جسد الخوف من موت الأهل، والثاني «تيه»، تحدث عن الجسد ورحلة الضوء فيه، والثالث «حافة الأمل» الذي أضاء على عمالة الأطفال، وأخيراً «ترجعوا بالسلامة».

تتميز عدسة بدارنة بملاحقتها تفاصيل الحياة الصغيرة، منها المهمش والخفي، وفي أحيان كثيرة يحاول أن يسلط كاميرته على تفاصيل وضع عليها المجتمع ممنوعات عديدة، لكنّ بدرانة يرى أنّ الكاميرا تمثل محاولة للتواصل مع ما هو داخله وما هو خارج الحيز الفردي. يؤمن أنّ الصور التي يلتقطها تجسيد لما يفكر فيه ويعتقده، سواء في صور الناس المهمشين أو في توثيق التفاصيل الصغيرة في حياة الناس، أو في قضايا حقوق الإنسان و«كذلك في غير المألوف». يضيف: «الكاميرا أداة أعيد فيها صياغة روحي وتجاربي». بعد عمّان، سيعود بدارنة مع «ترجعوا بالسلامة» إلى فلسطين. وفي بعض الشوارع، سوف توضع صور المعرض كي يراها العمال أثناء خروجهم إلى العمل وعودتهم منه.

الأخبار اللبنانية في

23/05/2013

 

يعود إلى الواجهة مرة أخرى وتعرضه جامعات في مصر وتونس

«برسبوليس».. مارجان بين الشاه والخــميني

علا الشيخ - دبي 

مع أقل من شهر من موعد الانتخابات في إيران التي بات اسمها مقترناً بشكل سلبي بالكثير من الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية، إضافة إلى سيطرة التيارات الاسلامية على فضاء «الربيع العربي» يعود فيلم الكرتون الايراني «بلاد فارس» أو (برسبوليس) بالأبيض والأسود باستثناء مشاهد قليلة ملونة لمخرجته وكاتبته مارجان ساترابي إلى الواجهة مرة ثانية، والتي تحكي فيه قصة حياتها منذ الانقلاب على شاه ايران، والفرح الغامر الذي أدى الى توحيد صفوف الشيوعيين والليبراليين مع الاسلاميين في هذا الحدث، ثم الارتطام بواقع سيطرة الخميني الكاملة على السلطة ومحاربة معارضيه، من خلال تصفيتهم واعدامهم بشكل جماعي، مع نفحة أمل تظهر كثيراً في انبثاق فجر جديد لا محالة في ايران عاجلاً أم آجلاً، من خلال شخصيات متشابكة تبدأ بها كطفلة متأثرة بعمها المعتقل في زمن الشاه، والذي اعتقل مرة ثانية في زمن الخميني، مروراً بجدتها ووالدتها اللتين يصران على ذهابها الى خارج ايران، لأنها يجب أن تكون حرة، اضافة إلى علاقات أدت إلى اكتئابها ومحاولتها الانتحار، وليس انتهاءً بقرارها الهجرة إلى فرنسا وإلى الأبد.

تاريخ وصدمة

الفيلم الذي نال جوائز عالمية عدة يحكي ببساطة، ومن خلال رسم كرتوني قصة حياة فتاة ايرانية اسمها «مارجان» التي تعيش أجواء الانقلاب الذي قامت به الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني عام 1979 على نظام الشاه محمد رضا بهلوي. من هنا تبدأ الحكاية، في مشهد شابة جميلة تميزها شامة في جنب أنفها تجلس في قاعة الانتظار في مطار وهران، تدخن السجائر، ليتحول المشهد إلى ذكريات هذه الشابة وهي طفلة «أتذكر أني كنت أعيش حياة هادئة خالية من الأحداث وأنا صغيرة. كنت أحب البطاطا المقلية بالكاتشاب، وكان بروس لي بطلي المفضل، وكنت ألبس أحذية أديداس الرياضية».

من خلال تفاصيل عدة في أحلام وهواجس «مارجان» يعرف المشاهد طبيعة عائلة هذه الطفلة المتحررة فكرياً من خلال سلوكيات لها علاقة بطريقة التعاطي مع الأفكار التي تخص المرأة تحديداً. في هذا الجو العائلي، تكون شرارة بدء الثورة في ايران ضد الشاه ايران قد بدأت، «يسقط الشاه يسقط الشاه» شعار وحّد صف جميع الايرانيين، الإسلامي إلى جانب العلماني. السعادة موجودة في كل بيت بسبب قدرة الشارع على الاطاحة بنظام فاسد استغل موارد الدولة لرصيده البنكي الخاص، فأوقع الشعب في جوع لفترات طويلة. الى هنا المشهد وردي وفي الكثير من العبارات المنوطة بحلم التغيير، ومستقبل ايران الزاهر، لتعلم الطفلة مصادفة أن لديها عماً معتقلاً في سجون الشاه بسبب آرائه الداعمة لتوزيع الثروات على المواطنين، في هذا المنزل، منزل الطفلة «مارجان» يوجد الأب، والأم، والجدة المنحدرة اصلاً من عائلة الحاكم الأول لإيران و«التي تحث حفيدتها دائماً على المشي وفق مبدأ النزاهة، ويظهر هذا الشيء في مشاهد لاحقة».

أوزة الشاه والخميني

مازالت «مارجان» طفلة تسمع كلاماً في منزلها وتسمع آخر في مدرستها، وآخر في الشارع، يصيبها حب السؤال باستمرار، في هذه المشاهد يظهر لـ«مارجان» شخصية لها علاقة بالسماء تأتيها كل يوم وتحثها على الخير، وتأكيد أن العدالة هي التي تنتصر دائما، تستيقظ «مارجان» على دق باب المنزل، فيكون العم الذي كان معتقلاً في زمن الشاه، تجري إليه، يحضنها ويعدها بأنها ستكون نجمته طوال عمره، تصر على معرفة الحكاية، حكاية اعتقاله فيلبي رغبتها بالحديث عنها كقصة قبل النوم، ويهديها «أوزة» مصنوعة من فتاة الخبر ايام وجوده في المعتقل، تمر الأحداث سريعاً، ويبدأ الناس الشعور بتغييرات لا تتناسب وحلمهم، ففرض الحجاب أصبح لزاماً، وكل من يعارض الخميني يزج بالسجن، وهذا ما حدث مع شخصية «العم» الذي يطلب رؤية ابنة اخيه التي تهرع إليه في داخل السجن، ليؤكد لها أن اليأس هو العدو الأكبر ويجب دائماً محاربته، ويهديها «أوزة ثانية» من فتاة الخبر، لكن هذه المرة من معتقل بعد الثورة الايرانية الاسلامية، وهي اشارة الى أن الديكتاتور هو الديكتاتور مهما لبس من عمامات أو لم يلبس.

الحرب العراقية الإيرانية

الفيلم يمر على تأثير الحرب العراقية الايرانية في الداخل الايراني، حيث استغلت الحكومة الايرانية هذه الحرب وقامت بعملية اطلق عليه«عملية تطهير» كل من يقف ضد الخميني، خصوصاً الموجودين في المعتقلات الايرانية، وقاموا بتخييرهم اما العدول عن افكارهم التحررية التي لا تتناسب والنهج المتشدد، واما الاعدام، وقرر الأغلبية أن يعدموا، اضافة إلى تمرير قوانين أكثر صرامة في المجتمع الايراني لضمان السيطرة كاملة على كل بيت.

هذا ما لخصه الأب لابنته بعد أن عادت من النمسا، التي قررت عائلتها ارسالها اليها كي لا تعيش الحرب أو الموت. لم تعد «مارجان» طفلة، بل اصبحت مراهقة متمردة في كثير من الأحيان، هي عادت بعد انتهاء الحرب، تقرر العودة الى مدرستها باللباس الرسمي المتمثل بحجاب ومريول طويل، لكنها تعلن عن تمردها بين الحين والآخر من خلال ارتدائها حذاء الرياضة «أديداس»، أو من خلال كتابة كلمات بالإنجليزية على سترتها، لكن التمرد الأكبر كان من خلال شرائها أشرطة موسيقية من مهرب، كأنها تشتري المخدرات، كانت تشعر بالفخر لقدرتها على التحايل على اللجان المنتشرة بالشوارع التي ترصد أي فعل لا أخلاقي من وجهة نظرهم. كانت لديها القدرة دائما على الانتصار عليهم، تهرع إلى غرفتها وترقص وهي ترتدي اللباس المفروض على النساء.

محاربة اليأس

تعود «مارجان» إلى الدراسة خارجاً مرة أخرى، «هذه المرة أعاني الانفصام الذي له علاقة بثقافات مختلفة»، إضافة إلى نظرة زملائها اليها كفرد آتٍ من بيئة «متخلفة» لا تعرف لغة الحوار، فتصبح من المنبوذين، وتصاحب الاقليات أو مدمني المخدرات والكحول، وتصل إلى حالة من الضياع تجعلها تقرر العودة إلى ايران، فالوطن مهما كان قاسياً سيظل هو الأبقى في القلب والنفس، تصل «مارجان» إلى المنزل بنفسية محطمة، تثير ذعر عائلتها التي تقرر ارسالها الى طبيب نفسي، يفضل معها حتى أنها حاولت الانتحار، وهي في حالة التعب الشديد يأتيها في الحلم الخيال نفسه المتمثل بالعدالة إلى جانبه «كارل ماركس» يحثانها على النهوض مرة أخرى، ويتفقان على أن الأمل يأتي في التحدي، تستيقظ «مارجان» بشكل مفاجئ وكأنها لاعبة كاراتيه تريد مصارعة الجميع، تأخذ حماما ساخناً وترتدي الملابس المفروضة، وتقرر الالتحاق بالجامعة، تجد فتيات من تفكيرها نفسه يقررن دائما التحايل على القانون من خلال إقامة حفلات في منازلهن، والرقص على موسيقى عالمية وأغاني مايكل جاكسون، تشعر «مارجان» أن هذه هي الثورة الحقيقية، حتى لو كانت مخبأة في المنازل، إلى أن يأتي يوم يدق قلبها لزميلها في الجامعة، والمحاولات المحفوفة بالخطر في كل مرة يحاولان اللقاء، وفي مرة تشعر الشرطة بهما فتضطر «مارجان» التي تضع ماكياجاً صارخاً على وجهها ان تزيح التفات الشرطة اليها، من خلال الصاق تهمة مضايقة من شاب يجلس في الكرسي، لكن هذه الحادثة تغضب جدتها منها التي قالت لها «ليس الكذب هو الوسيلة بل مواجهة الحقيقة، وهذه هي النزاهة» فتقول الجدة لها: « الخوف هو الذي يجعلنا نفقد الوعي عن الحقيقة»، ليأتي مشهد آخر يدل على تعلم «مارجان» الدرس، وهي تجري في الشارع فتوقفها دورية شرطة موبخة اياها ومتهمة اياه بمحاولة اغراء المارة، مع أنها قالت لهم أنها تريد اللحاق بالمحاضرة، فتصرخ في وجههم، وتقول: «ليست مشكلتي أن لديك نقصاً في رجولتك»، وتستمر في الجري.

شخصيات مؤثرة

يمر الفيلم بعلاقات عاطفية مرت في حياة «مارجان» انتهت بزواجها، بعد أن تم حجزها وحبيبها، بعد أن شاهد شرطي ديني الشاب وهو يضع يده على يد «مارجان» في السيارة، ويقرر الشرطي جلد «مارجان» ولا ينقذها سوى حفنة من النقود رشا بها «الأب» الشرطي. هذا الزواج السريع الذي ابكى والدة «مارجان» كثيرا، التي كانت تحلم طوال وقت الفيلم بابنتها حرة ومتحررة صاحبة قرار، ينتهي سريعا بعد شعور بالملل من قبل الطرفين، وتمر الأحداث سريعة بعد ذلك الى وقت تقرر فيه «مارجان» الهجرة الى فرنسا مع مباركة ودعم العائلة، وفي المطار المكان الذي ترى فيه «مارجان» جدتها لآخر مرة في حياتها.

ففي حياة «مارجان» هناك شخصيتان رئيستان في حياتها، هما شخصية عمها وجدتها، اللذين رغم دورهما الثانوي إلا أنهما يشكلان التأثير الأكبر في فكر مرجان وسير حياتها. فعمها كان مسجوناً لفترة طويلة خلال حكم الشاه، ثم أخرجوه من السجن بعد الثورة، ليأتي ويحكي لمرجان في مشهد مصور على طريقة الدمى المتحركة عن تاريخ شاه إيران، وكيفية وصوله للحكم بمساعدات الولايات المتحدة الأميركية. ما لبث العم آنوش إلا قليلاً في يد الحرية، حتى قبضوا عليه مرة ثانية، هذه المرة عبر الحكم الإسلامي، ليحكموا عليه بالإعدام، ولتبقى ذكراه مع «مارجان» طوال حياتها. أما جدتها، الشخصية الثانية المؤثرة في فكر «مارجان»، فقد أسست فكرة حب إيران وحب الآخرين في فكر «مارجان» منذ الصغر، وحين ودعتها في المطار «كوني صادقة مع نفسك»، وظلت هذه الفكرة تطارد «مارجان» الى اللحظة، وينتهي الفيلم مع صوت الأب ينصح الابنة عند رحيلها عن الوطن «لا تنسي من أنت ومن أين أتيتِ، فالمستقبل الذي يحتمل الجميع سيصنع بأيديكم».

إسقاط على الجديد

المشهد الذي تناول كيف توحدت الصفوف ضد الشـاه، وقف الشيوعي والقومي والإسلامي وخرجوا للهتاف: يسقط الشـاه! وسقطوا برصاص جنوده واختلطت دماؤهم في سبيل خلع الطاغية. إن إسلاميي تلك الثورة انقلبوا على حلفائهم في سبيل الاستحواذ على الحكم، شأنهم شأن كل قادة الثورات في منطقتنا المنكوبة، بل وتخلصوا منهم تحت ذريعة التطهير، وجاءت الحرب العراقية الإيرانية لتعطي النظام مبرراً للتخلص من أعداء الداخل، كي يتفرغ لأعداء الخارج.

لمشاهدة المزيد من المواضيع عن الفن السابع، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

23/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)