حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تاريخ "غاتسبي العظيم" على الشاشة ليس عظيماً

محمد رضا:

 

تنطلق عروض فيلم “غاتسبي العظيم” في أنحاء دولة الإمارات في اليوم التالي لاختيار الفيلم لافتتاح الدورة السادسة والستين لمهرجان “كان” السينمائي .

الفيلم هو الأول المقتبس عن هذه الرواية منذ أن قام المخرج جاك كلايتون بنقلها إلى الشاشة سنة 1974 في فيلم تولّى بطولته روبرت ردفورد لاعباً الشخصية الرئيسة فيه . شخصية جاي غاتسبي الذي لاحق المال والشهرة من ناحية، وحبّه لامرأة يعشقها اسمها ديزي (لعبتها الممثلة ميا فارو) واكتشف متأخراً أنه لا يستطيع التوفيق بينهما .

النسخة المذكورة قد تكون بلاستيكية الإخراج، كونها نقلت العالم المنشود من دون معايشة، لكن الفيلم الجديد الذي افتتح “كان” ليس بلاستيكياً فقط، بل بلا روح أيضاً . أخرجه الأسترالي باز لورمان الذي دائماً ما اعتقد أن السينما قفزات بهلوانية بالكاميرا . الفارق بينه وبين أفلامه السابقة ومنها “مولان روج” و”أستراليا” أن الفيلم الجديد مضاف إليه الأبعاد الثلاثة التي تزيد بعد الفيلم عن أي أحساس درامي بالرواية، كما وضعها فرانسيس سكوت فتزجرالد .

“غاتسبي العظيم” حسب لورمان هو واحد من ستّة محاولات قدّمتها السينما في تاريخها عن تلك الرواية التي قال فيها النقاد إنها واحدة من أفضل الروايات التي تمثّل الولايات المتحدة، والحيرة بين الواقع والطموح وما ينتهي إليه من يخلط الحدود بين الاثنين فيخفق في الاثنين معاً .

المرّة الأولى وردت سنة 1926 عبر الفيلم الصامت الذي أخرجه هربرت برينون وقام ببطولته وورنر باكستر في دور جاي غاتسبي ودايزي بوكانن في دور حبيبته . النسخة مفقودة اليوم، لكن ناقدة صحيفة “ذ نيويورك تايمز” كتبت حينها بعنوان “ذهب وكوكتيل”: “هذه النسخة السينمائية ترفيه جيّد لكنها في الوقت نفسه من الواضح أنها كانت تستطيع استخدام الخيال أكثر مما فعلت” وعن أداء باكستر وبوكانن قالت إنهما كانا يمثّلان “بتكلّف” .

النسخة الثانية وردت بعد 23 سنة عندما قام إليوت نوجنت بتقديمها في فيلم من إنتاج باراماونت مع ألان لاد وبيتي فيلد . وهي نسخة اختلف حولها النقاد بين معجبين ومنتقدين، لكن الثابت، بعد مشاهدتها قبل سنوات معروضة على محطة TCM، أن السيناريو لم يستطع حمل ثقل الرواية ولا روحها الساخرة، ولا عرف المخرج ممارسة إلمام فعلي بالكتاب، فجاء الفيلم مسطّحاً في معظم جوانبه . كذلك فإن الممثل آلان لاد لم يكن معتاداً على تجسيد شخصيات مختلفة عن شخصياته المغامراتية التي عُرف بها، لذلك لم يختلف هنا في طريقة تمثيله عن أفلامه الأخرى رغم أن الشخصية ومساراتها مختلفة تماماً .

النسخة الثالثة (1974) هي الأشهر وأنتجتها أيضاً باراماونت مع بطولة لروبرت ردفورد وميا فارو، مع لفيف من نجوم ووجوه السبعينات من بينهم كارن بلاك وبروس ديرن وسكوت ويلسون . العناية بالفترة التاريخية (العشرينات) وبالأجواء البيئية جيّد في هذه النسخة، كذلك تمثيل ردفورد المناسب ولو أنه ليس من أفضل أدواره .

كتب السيناريو فرنسيس فورد كوبولا وهو كاتب ماهر ولو أنه لم يستطع التعامل جيّداً مع تلك السخرية التي انسابت بين أسطر فيتزجرالد، ولا استطاع المخرج كلايتون تنفيذ الكتابة على نحو من ينقل المضمون وأبعاد الفكرة على نحو صحيح . بالتالي بدا الفيلم اصطناعياً ما جعل مقارنة الفيلم بالرواية يميل لمصلحة الأصل على نحو حاسم .

هناك نسخة خرجت سنة 2000 متمثّلة بفيلم صنع لحساب التلفزيون وتبع منهجه حيث الدراما تتحوّل إلى “سوب أوبرا” . هذا الفيلم كان من بطولة توبي (اسمه توبي ستيفنس) والممثلة ميرا سورفينو .

في صورة شاملة، تكشف هذه الأفلام التي اجتمعت على تقديم رواية فيتزجرالد المهمّة على كم الصعوبة التي واجهتها لهذه الغاية وكانت من بين النتائج السريعة التي تداولها البعض خلال فترات متلاحقة أن السينما لا تستطيع أن تنقل الرواية الأدبية جيّداً . لكن الحقيقة مختلفة، فالذي حدث هو أن هؤلاء المخرجين- وآخرهم باز لورمان- هم الذين لم يقدروا على نقل تلك الرواية إلى الشاشة . لم يتمتّعوا بالرؤية الجيّدة ولا بالفهم الكامل ولا يبدو أن قضيّة الكاتب الاجتماعية (نقده الثراء وتسلّطه على الأنفس الضعيفة وتوجيهه لهم حتى الدمار) عنتهم كثيراً . في أحسن الحالات اكتفوا باستنساخها، لكنهم لم يقدّموها على النحو الصحيح .

يُقال أن أرملة فيتزجرالد خرجت من نسخة الأربعينات التي مثّلها آلان لاد بعد عشرين دقيقة من بدء الفيلم غير قادرة على التحمّل . أغلب الظن أن فيتزجرالد نفسه لو شاهد نسخة لورمان الحالية لتبرأ من الرواية أصلاً .

سينما عربية

السينما والحدث السياسي

واكبت السينما المصرية خلال الخمسينات المتحوّلات التي طرأت على مصر خلال ذلك العقد، فأنتجت أفلاماً عن النكبة وأفلاماً عن العدوان الثلاثي وأخرى لازمت قضايا مختلفة سبقت أو تلت الثورة المصرية. لكنها في الستينات عادت أكثر من مرّة لتبيان الفوارق الاجتماعية المختلفة بين الحياة قبل الثورة وبعدها، وباركت، في العديد من إنتاجاتها، الخطوات الإشتراكية وساندت العمل العسكري في أفلام أخرى دارت حول العدوان الثلاثي، أو أفلام أخرى تشرّبت بالمفاهيم الثورية لذلك الحين والتفتت إلى خارج مصر للتعبير عن موقفها (والموقف الرسمي) من الأحداث .

من هذه الأفلام “جميلة الجزائرية” الذي أخرجه يوسف شاهين سنة 1958سارداً جزءاً من قصّة حياة ونضال الجزائرية جميلة بوحريد، فيما لا يزال الفيلم الروائي الوحيد عنها إلى اليوم . آنذاك، كان القرار لتحقيق هذا الفيلم سياسياً عززه ما يفترض به أن يكون إيمان المخرج الراحل بعمله ورسالته .

ساعد ذلك الفيلم كثيراً في فتح العين العربية على ما كان يجري في الجزائر في الحقبة الاستعمارية. كان بمثابة الجهاز المصوّر للعرض وأحد جهازين استيقظ الناس عليهما ليل نهار، الآخر هو الراديو، بعده بثمانية أعوام، قام المخرج الإيطالي جيلو بونتوكورفو بتحقيق فيلمه الكلاسيكي “معركة الجزائر” الذي نقل الحدث إلى العالم.

لكن الفارق ليس إلى توجّه كل فيلم فحسب، بل أساساً في وظيفة كل فيلم تبعاً للموقف السياسي الراهن. فيلم شاهين عني بتعريف ما يدور في الجزائر عن سيناريو شارك في كتابته نجيب محفوظ، في الوقت ذاته كان منبراً للممثلة ماجدة التي سعت لتجسيد الدور الصعب في طموح مشروع وشاركت بإنتاجه. الغاية كانت عربية عامّة مستفيدة، مما عرفته السينما المصرية من شيوع وتأثير في كل أرجاء العالم العربي آنذاك، وهو بالفعل لم يعرض تجارياً خارج عدد من الدول العربية إلا في اليونان وفرنسا أساساً. أما “معركة الجزائر” فله قصّة مختلفة.

شاشة الناقد

"ميسو كافيه" موضوع جيّد فقد البوصلة

هناك أكثر من فرصة في فيلم جعفر عبدالحميد الطويل الأول “ميسو كافيه”، الذي شهد عروضاً محدودة حتى الآن، لصنع فيلم جيد ومهم ما يجعل الناقد يشعر بالأسف أن تضيع هذه الفرص بسبب أخطاء في الكتابة والتنفيذ . هناك سعي لطرح وضع مثير للاهتمام لم يسبق لفيلم عربي (أو غير عربي أيضاً) أن طرحه، وهو موضوع الضرر الذي حصده الشعب العراقي من جراء إجراءات المقاطعة التجارية التي سادت قبيل غزو العراق .

حكاية عراقي اسمه يوسف (نصري صايغ) ترك العراق العام 2003 . معاد لنظام صدّام بالطبع، لكنه أيضاً ضد قرارات الأمم المتحدة التي شملت منع الدواء والخدمات الإنسانية على حد سواء ما حرم العراقيين من أسس لا غنى عنها، ودفعهم لوضع معيشي صعب . هذا الطرح جديد وأعلى مستوى من أفلام سابقة من حيث إنه لا يحمل يافطات تنديده بالنظام والدعوة للإطاحة به، رغم معارضته له بل يلتفت إلى الحالات والظروف الإنسانية التي زادتها قرارات الغرب تعسّفاً وضرراً . لكن ما يتبع هذا التأسيس للحكاية هو سيناريو مكتوب بلا دراية كافية لا يحتوي على ما يكفي من مواقف تنتقل بالموضوع قُدُماً على نحو متواصل ومتصاعد .

الإخراج مشكلة أخرى، ففي حين لدى المخرج الفكرة الكاملة عما يريد إنجازه، يصطدم بعائق عدم إلمامه بشحن شخصياته بما هو وراء الفعل والانفعال الأولين . ليس هناك من دراما تحت السطح ولا تلك التي فوق السطح مميّزة بحسن تمثيل او إدارة .

هناك قصّة حب بين يوسف وفتاة بريطانية ذكية (دافني ألكسندر) تؤيده في الموقف وتشعر صوبه بعاطفة كبيرة . معظم لقاءاتهما تتم في المقهى في العنوان (ولو أن الشطر الأول من الكلمة “ميسو” غير واضحة ولا تبدو ضرورية) الذي تديره سيّدة عراقية مهاجرة .

مجموع المشاهد في هذا المقهى (وعموماً في باقي المشاهد) كانت تحتاج لنبش المدفون من القدرات والابتعاد عن تلك الأداءات التلفزيونية الحاضرة .

أخبار المخرجين

“فينكس” هو عنوان فيلم آخر في سلسلة أفلام تعود بحثاً عن القصص الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية، سيقوم بإخراجه كرستيان بتزولد الذي شهد فيلمه الأخير “باربره” نجاحاً كبيراً وكان ترشيح ألمانيا لأوسكار أفضل فيلم أجنبي .

المخرج الروسي المعروف ألكسندر زوخوروف وصل إلى باريس لتحضير تصوير فيلمه الجديد “فرانكوفونيا” الذي سيباشر العمل به الشهر المقبل . آخر أعمال زوخوروف كان “فاوست” الذي عرضه مهرجان برلين .

فاز مخرج جديد اسمه نوام مورو باختيار شركة وورنر له لأجل القيام بتحقيق جزء ثانٍ من فيلم “300” الذي كان زاك سنايدر أخرج الجزء الأول منه قبل أربعة أعوام .

أوراق ومشاهد

جيمس دين غائباً

العنوان الكامل لهذا الفيلم الذي أنجزه المخرج الراحل روبرت ألتمن في مطلع الثمانينات هو “عد إلى دكان الخمسة والعشرة سنتات يا جيمي دين”، وأساسه مسرحية سبق للمخرج نفسه أن اقتبسها عن نص لإد كرايجك . على الشاشة تذكير واضح بالأصل المسرحي، لكن في الوقت ذاته سينما حيّة .

قوام الفيلم لقاء ضم عضوات جمعية منحلة بعد عشرين سنة على موت الممثل جيمس دين، الذي كان “معبود” المراهقات في الخمسينات ومات في حادث سيارة . اللقاء يتم في دكان صغير يقع على أطراف بلدة صحراوية والنساء الصديقات يسترجعن تلك العلاقة بينهن وبين تلك الذكرى البعيدة، ويعشن الواقع والوهم في تمازج غريب .

زيّن المخرج المحل بمرآة كبيرة، وهذه المرآة تصير اللوحة التي تعكس الماضي والأوهام والذكريات . حين يريد المخرج الحديث عن الماضي نراه يصور نساءه وهن معكوسات على المرآة، أما حين ينتقل معهن إلى الحاضر يعشن اليوم، أو إلى الحدث الآني، يختار أن يصورهن من دون تلك المرآة . شخصياته بين الواقع الذي يصوره من دون المرآة وفي حاضر تلك الشخصيات . إنه خيط عاطفي ونفسي يتجسد في شخصية مونا (ساندي دنيس التي كانت بارعة دوماً في أدوارها) التي تدعي أنها كانت قد التقت بجيمس دين حينما كان يمثل آخر أفلامه “عملاق” أمام اليزابيث تيلور، وإنها كانت من “كومبارس” الممثلين ووقفت وراء اليزابيث تايلور في أحد المشاهد، وأن علاقتها بجيمس دين تطورت فحبلت منه ولداً نسمعها تتحدث عنه وتناديه، ولكننا لا نراه كما لو أنه بدوره نتيجة حلم لم يتحقق .

هذا فيلم درامي جاد وعميق وداكن في الوقت ذاته . وما يجعله أكثر قيمة أن المادة التي تتداولها الصديقات وينطلقن منها هي السينما . ونحن بعد أن نغوص قليلاً في استعراض ألتمن ندرك أنه قد اختار هذا الميدان لنقده . ألتمان يتحدث عن الأسطورة وراء الممثل، عن كيف تصنع المجلات الكبيرة الهالات الكبيرة، وكيف تغذيها السينما الجماهيرية التي  في الواقع  لا تستهوي ألتمن ولا هو يستهويها . ألتمان يفتح جرحاً صغيراً في أسطورة جيمس دين والإيمان الغريب الذي امتلك نساء الفيلم به، وإحدى عبارات الفيلم الدالة على هذا تقول: “الإيمان شيء غريب إذا لم يكن من تؤمن به يدري أنك موجود” .

م.ر

Merci4404@earthlink.net

الخليج الإماراتية في

19/05/2013

 

وبدأت فعاليات مهرجان كان الـ‏66‏

سعيد عبدالغني

يوم الأربعاء الماضي‏15‏ مايو‏..‏ بدأت فعاليات مهرجان كان هذا العام رقم‏..66‏ الذي ستستمر دورته حتي يوم الأحد‏26‏ مايو أيضا‏..‏ وخلال هذه الأيام التي تبدأ دورة المهرجان وحتي نهاية فعالياته‏..‏ التي يصل عدد أيامها إلي‏11‏ يوما‏..‏ يعيشها نجوم ونجمات الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية‏..‏ والأخري في المهرجان‏..‏ في قلق مستمر مع حلم الأمل في الحصول علي جائزة السعفة الذهبية هذا العام‏.‏

وهناك‏19‏ فيلما في المسابقة الرسمية كل أبطالها يعيشون حلم القلق الساحر الجميل‏..‏ حصولا علي السعفة الذهبية من مهرجان كان‏..‏ بلد النخيل‏..‏ الذي استمد شكل جائزته من سعف النخيل الذي يزين هذه المدينة الفرنسية الجميلة كان‏.‏

والأفلام التي تنتظر حلم الفوز بسعفة النخيل الذهبية هي‏:‏ داخل لويس دافيس‏..‏ إخراج الأخوين إيثان وجويل كوين‏..‏ والفيلم الفرنسي قلعة في إيطاليا‏..‏ تأليف وإخراج وبطولة فاليري بروني‏..‏ والفيلم الألماني ميشيل كولهاس إخراج إرناد ديسباليري‏..‏ و حياة ميلادي للمخرج التونسي عبداللطيف كشيش‏..‏ والسحر للمخرج محمد صالح هارون‏..‏ و العلاج النفسي في سهول الهند‏..‏ والفيلم الإيراني الماضي للمخرج أصغر فرهادي‏..‏ و المهاجر للمخرج فرنسوا أوريني‏..‏ وفيلم فراء فينوس للمخرج رومان بولانسكي‏..‏ وفيلم وراء الشمعدان للمخرج ستيفن سودبرج‏..‏ وهو عن أشهر عازف بيانو في الستينيات‏..‏ و ليبراشي صاحب الملابس الغريبة الفخمة‏..‏ وفيلم الله فقط يغفر للمخرج نيكوس‏..‏ وباقي الأفلام الـ‏19‏ التي في المسابقة الرسمية‏.‏

وهناك مسابقة أسبوع النقاد‏..‏ ونصف شهر المخرجين‏..‏ ومسابقة الأفلام القصيرة التي يتنافس فيها‏9‏ أفلام من فلسطين‏..‏ واليابان‏...‏ وكوريا الجنوبية‏..‏ والدنمارك‏..‏ وبلجيكا‏..‏ وهولندا‏..‏ وقسم الأفلام الكلاسيكية‏..‏ وهو علي هامش المهرجان ويعرض فيه‏20‏ فيلما منها أفلام‏..‏ كليوباترا‏..‏ والأميرة مارمو‏..‏ وفيدرا‏..‏ وفيلم مايو الجميل‏.‏

وكانت هناك في أحداث المهرجان واقعة دخول لجنة تحكيم المسابقة الرسمية من الباب الخلفي لقاعة المهرجان‏..‏ وفي فترة النهار قبل حفل الليل‏..‏ ولحق بهم عدد من الجماهير تحييهم وهم يصعدون إلي داخل القاعة علي سلالم عديدة‏..‏ وكان علي رأسهم رئيس لجنة التحكيم المخرج الكبير ستيفن سبيلبرج‏..‏ والنجمة الكبيرة عضوة لجنة التحكيم نيكول كيدمان‏..‏ وباقي أعضاء اللجنة‏..‏ ويبدو أنهم كانوا في طريقهم لعقد اجتماع خاص بهم‏..‏وبأسلوب التعامل مع أفلام المسابقة وجوائزها‏.‏

وكان هناك عدد كبير من نجوم المهرجان علي السجادة الحمراء كعادة المهرجانات‏..‏ وهم‏:‏ لينوردو كابريو‏..‏ صاحب وبطل فيلم الافتتاح جانس العظيم‏..‏ والنجمة ماريون كوتيار الممثلة الفرنسية‏..‏ ولها فيلمان في المهرجان‏..‏ والفيلمان من الإنتاج الأمريكي هما المهاجرة للمخرج جيمس جراي‏..‏ والثاني فيلم روابط الدم أول إخراج للفرنسي جيم كانيه‏..‏ وماريون كوتيا حاصلة علي جائزة أفضل ممثلة عن تجسيدها لشخصية المطربة الفرنسية الشهيرة إديت بياف في فيلم الحياة الوردية‏..‏ والنجم مايكل دوجلاس بطل فيلم خلف الشمعدان‏..‏ والممثلة البريطانية كاري ماليجان التي تشترك بفيلمين في المهرجان‏..‏ الأول جانس العظيم خارج المسابقة‏..‏ والفيلم الثاني يعرض في المسابقة وهو الأمريكي داخل لويس ديفيس‏..‏ والممثلة البريطانية بطلة أفلام هاري بوتر إيما واطسون‏..‏ وهي بطلة في فيلم عصابة بلينج الذي سيعرض في قسم نظرة ما‏..‏ والممثل مات ديمون الذي يمثل شخصية صديق عازف البيانو مايكل دوجلاس‏..‏ والممثلة برنيس بيجو بطلة الفيلم الصامت الفنان الحاصل علي‏5‏ جوائز أوسكار‏..‏ ويعرض لها الفيلم الإيراني الفرنسي الماضي للمخرج أصفار فرهادي‏..‏ والممثل ريان جوزلينج الذي يشارك في فيلم الله فقط يغفر في المسابقة الرسمية‏.‏

طبعا إلي جانب نجوم آخرين مشاركين في المهرجان بأفلام في المسابقات‏..‏ وضيوف المهرجان‏..‏ ومن المشاركين المشهورين الممثل الهندي الشهير أميتاب باتشان‏..‏ والنجمة الهندية الشهيرة أيضا إيشواريا راي‏..‏ وعدد من نجوم السينما الهندية أبطال أفلام بوليوود الهندية‏..‏ والهند هي ضيفة شرف مهرجان كان هذا العام‏..‏ وكانت السينما المصرية هي ضيفة شرف كان العام الماضي‏..‏ وكان لها دور مهم في مساعدة مهرجان كان في كل دوراته بعد توقفه أيام الحرب العالمية الثانية‏..‏ ولنا لقاء مع أيام كنا في كان‏..‏ الأحد المقبل يوم إعلان جوائز مهرجان كان هذا العام وكانت إدارة المهرجان قد اعلنت سرقة صندوق مجوهرات النجوم إلا انها إكدت أن السعقة الزهبية لم تسرق.

يوميات ممثل

الجريمة‏..‏ وأفلام الرعب

يقدمها‏:‏ سعيد عبد الغني

بعد حوار طويل بيني وبين صديقي النجم الهادئ‏..‏ كان لابد أن أنصرف إلي بيتي لألحق بعض النوم في ساعات قليلة بعد الليلة الغريبة وأحداثها‏..‏ وإن كان التفكير فيما حدث قد جعل النوم يهرب من عيني‏..‏ وبعد ساعات من التفكير هزمني النوم‏..‏ وفجأة استيقظت علي رنين التليفون في صباح اليوم التالي وأنا علي سريري في منزلي‏..‏ وبصعوبة أسكت التليفون‏..‏ وكان علي الطرف الآخر صوت وهو يطلب مني الذهاب إليه فورا لحدث مهم ولم يكمل حديثه‏..‏ أو يوضح ما هو هذا السبب المهم‏.‏

المهم وضعت يدي علي جرس باب شقة صديقي النجم بعد أن هرولت إليه‏..‏ ولم أكمل ضغطي علي الجرس‏..‏ فتح الباب ووجدت أمامي زوجته ومعها الشغالة التي اكتشفت الهيكل وشواله‏..‏ وهربت‏.‏

نظرت إليهما‏..‏ ماذا يحدث؟‏!‏ قالت الزوجة‏..‏ غريبة أنكما لم تكتشفا سر هذا الهيكل العظمي ووجوده في حجرة الخزين‏..‏ ولم يحاول أحد منكما أن يفكر بهدوء أو يبصر تفكير الآخر عن تفسير كل هذه الاحتمالات الغريبة التي رواها لي زوجي أن هناك جريمة قتل‏..‏ وعليكما التصرف في جثة القتيل بالصورة المضحكة التي عشتما فيها ليلة رهيبة كاملة مع جريمة القتل واحتمالاتها وكيفية الهروب من مسئوليتها‏!!‏

ولم يتذكر زوجي أن جارنا الذي يقطن في الشقة التي أسفل شقتنا لديه ابن كان طالبا في كلية الطب‏..‏ والآن هو طبيب كبير‏..‏ وأن هذا الهيكل خاص به‏..‏ وأنني عندما أخبرت والدته أننا عثرنا علي هيكل عظمي في الحجرة‏..‏ صاحت قائلة‏..‏ شكرا لعثوركم عليه‏..‏ وأن هذا الهيكل خاص بابنها‏..‏ وأنها مع ابنها كانا يبحثان علي هذا الهيكل الذي في حجرتكم‏..‏ وكانت هي وابنها يبحثان عنه كثيرا ولم يخطر ببالنا أن الشغالة التي كانت عندنا أيام كان طالبا هي التي وضعت هذا الشوال والهيكل العظمي في حجرة التخزين الخاصة بكم‏..‏ وهي الآن تتسلم الهيكل العظمي والشوال‏..‏ وتشكرنا كثيرا‏..‏ وأكملت زوجة صديقي النجم الهادئ كلامها وقالت‏:‏ والأهم و الغريب أن هذا الهيكل ليس عظما‏..‏ لكنه مصنوع من البلاستيك الذي يشبه العظام تماما‏..‏ وكان الابن يدرس عليه مع زملائه التشريح الطبي‏..‏ وهو مستورد من إحدي الدول المتخصصة في صنع هذا النوع من الهياكل للدراسة في كليات الطب العالمية‏..‏ وكان من المهم أن يحصل ابنها الطبيب علي هذا الهيكل في هذه الأيام بعد أن أصبح أستاذا في كلية الطب ليشرح عليه لطلبة الكلية‏..‏ وهو يشكرنا جدا علي العثور علي هذا الهيكل العظمي‏.‏

ونظرت إلي صديقي النجم الهادئ‏..‏ ونظر هو إلي‏..‏ ثم انفجرنا في ضحكة هستيرية انتهت بخجل كبير مما تصورناه‏..‏ ونظرت إلينا زوجة صديقي وقالت‏:‏ يبدو أن عملكما في السينما وأفلام الرعب التي كنتما تقدمانها وتشاهدانها وتعيشان شخصياتها قد احتلت مكانها من تخيلاتكما وذهبت بها إلي حيث الجريمة والحلول الخاصة بها والتخلص منها‏..‏ ومن جثتها‏..‏ ولم تترك أفلامكما فرصة التفكير في غيرها بهدوء وصولا إلي الحقيقة‏..‏ حتي إنكم لم تلحظا أن الهيكل عبارة عن بلاستيك وليس عظما بشريا‏..‏ وامتلككما الرعب أنتما والشغالة التي أخبرتني بما حدث‏..‏ وهربت من الموقف‏..‏ وأغلقت الموبايل الخاص بها وقررت عدم الرد علي أي مكالمة قادمة من هذا الصديق الهادئ‏..‏ وأنني أسرعت بسيارتي إلي منزلي‏..‏ لكي ألحق ساعة من النوم الهادئ قبل أن أذهب لتصوير أحد أفلام الرعب التي أشترك في بطولتها‏!!‏

نجوم الفن‏..‏ خلف نجوم الكارتون‏..‏ صوتا

الفن ليس له حدود يحاصر نفسه فيها‏..‏ فهو حالة رائعة من الإبداع مساحتها مفتوحة في مجالات عديدة‏..‏ وانطلاقات رائعة وبلا حدود‏..‏ ومن خلال فروعه العديدة التي قد يتأخر اقتحامها بشكل مؤثر بدرجة كبيرة‏..‏ وجذب بلا حدود‏..‏ لنجوم الفن من جميع فروعه‏..‏ للمشاركة في أحد فروعه التي قدمت بعض التجارب ونجحت عالميا‏..‏ واستغلت هذه الفروع نجوم العالم السينمائيين‏..‏ والمسرحيين‏..‏ والتليفزيونيين‏..‏ إلي هذا الفرع الذائع الصيت‏..‏ الذي ظهر بقوة علي شاشات السينما والتليفزيون في العالم السينمائي العالمي‏..‏ الذي أطلق عليه فن الكارتون‏..‏ وهو الذي يقدم أفلاما كارتونية لنماذج لأبطالها كارتونية تؤدي رسالة في غاية السهولة والإبداع بواسطة أبطال الكارتونية‏..‏ التي جذبت من خلال أعمالها المشاهدين بقوة من الأطفال‏..‏ والكبار لمشاهدة ومتابعة هذه الأفلام الكارتونية بأصوات أشهر نجوم السينما الصامتة بلا تردد‏.‏ بل بمنافسة من أجل حصول كل نجم أو نجمة علي البطولة الصوتية للنجوم الكارتونية في الأفلام أو المسلسلات‏.‏

وكنا نحن في مصر لا نشعر بأهمية هذا الفرع الفني الجذاب جدا‏..‏ لكننا فجأة أصبحنا نقتحم مجال الأعمال الكارتونية بسيل من القصص التاريخية والحديثة‏..‏ وظهرت هذه الموجة الرائعة للمشاركة الفنية من نجوم السينما والتليفزيون والمسرح‏..‏ صوتا خلف الأبطال الكارتون‏..‏ وأصبح اختيار النجوم والنجمات أمرا طبيعيا من خلال منافسة جديدة يدخلها نجوم السينما أخيرا وبطوفان رائع‏..‏ وبإبداع محبوب‏..‏ ليقدموا هذا الفرع من الفن الجذاب للمشاهد‏.‏

وإذا كنا نعتبره جديدا‏..‏ فإنه فعلا جديد وظهر بعد نجاح أول الأعمال الكارتونية التي قدمها النجم يحيي الفخراني في مسلسل الحيوان في قصص القرآن‏..‏ وحقق المسلسل نجاحا كبيرا‏..‏ وقدمها في رمضان قبل الماضي‏..‏ وهذا العام كانت المفاجأة السعيدة من يحيي الفخراني أيضا أن يقدم في رمضان هذا العام المسلسل الكارتوني قصص النساء في القرآن‏..‏ وهو من إعداد محمد بهجت‏..‏ وإخراج الدكتور مصطفي الفرماوي‏..‏ والتسجيل الإذاعي لطارق سعيد‏!!‏

والمفاجأة التي تؤكد أن الفن له فروع عديدة وليست له مساحة محدودة يحبس فيها نفسه‏..‏ حدث طوفان رائع من نجوم ونجمات السينما للمشاركة في بطولة هذا العمل الكارتون‏..‏ خلف الأبطال الكارتونيين صوتا مبدعا‏..‏ ويشاهده جمهور من الأطفال والشباب والكبار‏..‏ وبأصوات نجوم ونجمات يعرفون أصواتهم‏..‏ ويقومون بتمثيل صوتي للنجم أو النجمة الكارتونية في شكل جديد‏..‏ ورؤية جديدة‏..‏ منهم النجمة حنان ترك‏..‏ وسوسن بدر‏..‏ وهند صبري‏..‏ وروجينا‏..‏ ولقاء سويدان‏..‏ ونهال عنبر‏..‏ وليلي طاهر‏..‏ ورجاء الجداوي‏..‏ وغسان مطر‏..‏ وسامي مغاوري‏..‏ وماجد كدواني‏.‏

وقد تم تسجيل‏15‏ حلقة من المسلسل بعد تركيب الصوت علي الشخصيات الكارتون بعد تجهيزها من شركة كارتونيل‏..‏ وطبعا سيتم الانتهاء من تركيب الأصوات علي الشخصيات الكارتونية التي وصلت تسجيلات الأصوات إلي‏25‏ حلقة‏.‏

وطبعا لم يقف الأمر عند مسلسل الفخراني الكارتوني‏..‏ لكن ظهر هناك مسلسل تاريخي باسم أمير ورحلة الأساطير‏..‏ إخراج خالد عبدالعليم‏..‏ وإنتاج مدينة الإنتاج الإعلامي‏..‏ وتأليف فتحي الجندي‏..‏ وبه شخصيات تاريخية أمثال صلاح الدين‏..‏ وكليوباترا‏..‏ وأحمس‏..‏ ويشترك في هذا العمل صوتا خلف الأبطال الكارتونيين النجوم يسرا‏..‏ وهاني سلامة‏..‏ وأحمد السقا‏..‏ وأحمد عز‏..‏ وهاني رمزي‏..‏ ودنيا سمير غانم‏.‏

ومازال الطوفان الكارتوني مستمرا‏..‏ وجاذبا لطوفان نجوم السينما‏..‏ والتليفزيون‏..‏ والمسرح للمشاركة في هذا العالم الجديد من الإبداع الفني الذي ليست له نهاية‏.‏

عيون‏..‏ لاتنام‏!!‏

صرخة جين فوندا‏..‏ علي رصيف الشهرة في هوليوود

أخيرا صرخت النجمة الكبيرة الشهيرة الحاصلة علي جائزتي أوسكار كأفضل ممثلة‏..‏ التي لها تاريخ طويل مع السينما‏..‏ والسياسة‏..‏ صرخت عندما وضعت يديها علي أسمنت رصيف الشهرة في هوليوود أمام المسرح الصيني التاريخي في هوليوود مع نجوم هوليوود ومن بينهم شقيقها بيتر فوندا‏..‏ وجيم كاري‏..‏ ووالدها الراحل النجم هنري فوندا‏..‏ وقامت جين فوندا بطبع آثار قدميها ويديها في لوح من الأسمنت سوف يوضع جنبا إلي جنب مع اللوحة الخاصة بوالدها النجم الراحل هنري فوندا‏..‏ وعلقت وهي تقوم بتخليدها علي رصيف الشهرة قائلة‏:‏ الجميل في الأمر أن لوحتي ستوضع جنبا إلي جنب مع لوحة والدي‏..‏ وأنا الآن أشعر بوجوده لأنه كان يقول لي دائما‏:‏ لا تسمحي للمدينة أن تسير فوقك‏..‏ والآن أقول له‏:‏ الآن المدينة كلها ستمشي فوقنا يا أبي‏.‏

المخرج كلينيت إستوود‏:‏ أتمني الاستمرار إخراجا‏..‏ لعقدين من الزمان‏!!‏

النجم الكبير‏..‏ الممثل‏..‏ المنتج‏..‏ المخرج كلينيت استوود‏..‏ صاحب التاريخ الطويل في التمثيل والإنتاج والإخراج‏..‏ الذي حصل علي‏4‏ جوائز أوسكار في الإخراج‏..‏ منها فيلما‏:‏ الا نسيان‏..‏ وفتاة بمليون دولار‏..‏ والبالغ من العمر الآن‏82‏ عاما‏.‏

صرح في أثناء مشاركته في مهرجان تريبيكا الماضي بأنه أبدا لن يعتزل حياة الفن السينمائي‏..‏ والإخراج علي وجه الخصوص‏..‏ مادام حيا‏..‏ وبصحة جيدة‏..‏ وقال‏:‏ أتمني أن أظل قادرا علي الإخراج لعقدين مقبلين‏..‏ مثل المخرج صديقي البرتغالي مانويل دي أوليفيرا‏..‏ الذي مازال يقوم بصناعة الأفلام الآن برغم أنه بلغ من العمر‏104‏ أعوام‏.‏

وأعلن أنه يستعد هذه الأيام لإخراج فيلم جديد بطولة نجوم جدد ونجوم كبار عشت معهم سنوات مع كاميرات أفلام السينما‏..‏ حياتي‏!‏

كلام‏..‏ قالوه

‏*‏ كانوا يعرفونني في المهرجانات الدولية بأصغر منتجة في مصر بالنسبة للوسط السينمائي‏..‏ وكم كنت أسعد وأفخر بهذا التعريف‏..‏ كنت أيضا أتخوف من ضخامة اللقب ومن أن أحبس فيه وينسي الجميع أن مهنتي الأساسية هي التمثيل‏..‏ لذلك قلت إنني ممكن أن أعود للإنتاج مستقبلا وليس الآن علي الإطلاق‏!!‏ أصغر منتجة في مصر‏..‏‏!!‏

الممثلة بشري

‏*‏ الشعب المصري طول عمره إيد واحدة‏..‏ ولن يتغير ولن ينهزم أمام أي صعاب‏..‏ والتفاؤل يملأ حياتي‏..‏ وأنا ضد مقولة البعض بأن السيدة المصرية ينقصها الوعي‏..‏ وللأسف هناك حرب لإعادة المرأة المصرية لعصور الظلام‏..‏ لكنها ستنتصر لأنها صانعة حضارة‏..‏ وأن وعي المرأة المصرية موجود وظهر جليا في الفترات العصيبة التي مرت بها مصر‏!!‏

النجمة الكبيرة‏..‏ فاتن حمامة

‏*‏ أعترف بأن الحجاب يقيد الفنانة‏..‏ والناس تمل من شكل الممثلة بالحجاب‏..‏ لذلك فقد تعمدت تغيير شكل الحجاب حتي لا يصاب المشاهد بالملل‏..‏ وأذكر أنه في مسلسلي السابق حبيب الروح لاقي شكل الحجاب الذي ظهرت به إعجاب المشاهدين حتي إن بعض المجلات عرضت حجابا مماثلا‏..‏ وكتبت عليه حجاب سهير رمزي‏..‏ وأنا أظهر في مسلسلي القادم بمظهر جديد وشخصية جديدة‏..‏ أتمني أن ينال المسلسل بأبطاله إعجاب المشاهدين‏.‏

النجمة‏..‏ سهير رمزي

الأهرام المسائي في

19/05/2013

 

رانيا ورائد رافعي: مناضلين كنّا

فريد قمر 

بين نبرة الوثائقي والروائي، يستعيد رانيا ورائد رافعي صورة لبنان السبعينيات الذي عاش حراكاً طلابياً انتهى إلى خيبة امتزجت بالحرب الأهلية. فيلم «74 ــ استعادة لنضال»، يفتح ذاكرة الماضي في ضوء حاضرٍ يعيش خيبات أكبر

إلى العام 1974، يعيدنا رانيا ورائد رافعي. إلى تلك الحقبة التي كان فيها اللاعبون في لبنان يستعدّون لنكسته الكبرى. إلى زمن تمخض فيه الحراك أملاً، فولد حرباً. إلى حيث التغيير بدا وشيكاً، يوم انتفض الطلاب في «الجامعة الأميركية في بيروت» على محاولات الاسقاطات الثقافية الأميركية ومقاومة الغزو الثقافي التعليمي من خلال احتلالهم للجامعة. الحدث لخّص اللعبة السياسية التي أدّت إلى اجهاض محاولة الجامعة التي انتجت قادة الوطن وعملاءه على السواء كما يشير الشريط نفسه.

هل فعلاً كان ذلك الزمن ذهبياً بالنسبة إلى الحركات الطلابية؟ هل فعلاً كان نوراً أخفتته ظلمة الحرب الأهلية؟ كُتب الكثير عن تلك المرحلة، عن الشباب والكفاح الفكري والمسلح، كتب الكثير عن الحركة الطلابية آنذاك، وعن حداثة الفنون في تلك الحقبة، لكن كل تلك الكتابات شابتها نوستالجيا منعت موضوعيتها. قلة تمردت على تلك الأحكام المسبقة الى أن جاء النقد من حيث لم يتوقع كثيرون.

يستعير رانيا ورائد رافعي في فيلمهما «74 ــ استعادة لنضال»، شكل الوثائقي في عمل روائي بسيط من الناحية التقنية، لكنه جريء في استعادته لتلك الحقبة. عبيدو باشا الكاتب والناقد المسرحي سبقهما الى تعرية تلك الحقبة. باشا نقد في كتابه «هكذا» كل ما قيل عن التاريخ الذهبي للمسرح. لاحق كل من صنعوا الاسطورة وفضح أدوارهم، وأثبت أنّ الأسطورة أسطورة لا أكثر. واليوم، ينقلنا الثنائي الى نقد الحركة الطلابية وما شابها من حماسة زائدة، وطيش غير مبرر. الواقع كان كفيلاً بالاجهاز على الأمل من حرم الجامعة. هذا وطن لا يصلح للتغيير ولا للأفكار الكبرى، ولا مكان لليوتوبيا حتى على مقاعد جامعاته، مهما تأدلج طلابها وتحمسوا.

رانيا ورائد قررا خوض مغامرتهما السينمائية من الصفر. ضعف الميزانية أملى عليهما تقشفاً في التقنيات وطريقة العمل: كاميرا واحدة، مكان تصوير واحد. لم يفكر المخرجان في اختيار بديل منطقي لمبنى الجامعة وغرفة مدير أكثر المؤسسات التعليمية ارستقراطية. بدا المكان أفقر من أن يُصدّق. الجهد كله كان على الممثلين، ومعظمهم ناشطون سياسيون. لكنّ أداءهم كان مقنعاً اكثر من معظم الأسماء في الساحة التمثيلية المحليّة. أما السيناريو والحوارات، فكانت كلها ارتجالية بلا نص مكتوب مسبقاً، ما جعل العمل صادقاً بعيداً عن التكلّف. جهد جبّار يُحسب للممثلين. لولا أعمارهم الشابة ولولا الفارق الزمني بين القصة الحقيقية والعمل المصوَّر، لاعتقدنا أنّهم فعلاً الشخصيات الحقيقية لتلك الاحداث التي احتلوا فيها الجامعة وغرفة المدير رفضاً لزيادة الأقساط شكلاً، ورفضاً للدور الذي اتهمت الجامعة بممارسته بشكل أعمق.

اللافت في الفيلم أنّه اتخذ شكل الأفلام الوثائقية، كأنّه صوِّر في تلك الحقبة. كأنه من أفلام الواقع. تتابع الكاميرا حياة الطلاب المنتفضين داخل حرم الجامعة، وداخل مكتب المدير تحديداً. تتابع نقاشاتهم وخلافاتهم وانفعالاتهم ورؤيتهم للواقع. تظهر هشاشة مواقفهم وعدم قدرتهم على قياس الفعل ورد الفعل، وحتى ضياعهم حول تحديد سقف للمطالب والتحرك، وأساليبهم التي تتجه نحو القمع الذي يثورون عليه أصلاً، فضلاً عن تخلي السياسيين عنهم وتحديداً أولئك الذين يتبنون مواقفهم. تُرك الطلاب في المعركة، وليس معهم شريك سوى أحلامهم، ورغباتهم اليوتوبية في تغيير الواقع بلا أدوات حقيقية. ما زاد العمل واقعية أنّ المخرجَين عمدا الى مقابلات فردية مع أبطال العمل، وبدت الشهادات كأنّها حقيقية، حيث يخبر كل واحد من الطلاب السبعة عن تجربته وسبب اندفاعه.

إنّه عمل جاد رغم كونه تجربة لا أكثر، ولكن لماذا كل هذا الفقر في الإخراج، لا موسيقى تصويرية ولا كادرات فنية، ولا حتى لقطة واحدة من الشارع أو من الأرشيف حيث التفاعل الحقيقي مع الطلاب؟

العمل الذي يعرض قريباً في الصالات المحلية، يستحق المشاهدة رغم نقاط الضعف التي تشوبه. هناك أهمية لكتابة التاريخ بموضوعية تنقصنا كثيراً، ربما لنفهم الحاضر ونقرأ المستقبل بصورة افضل.

رانيا ورائد رافعي أنتجا فيلماً مهماً من الصفر. فهل ينجحان في الصالات السينمائية، فيجنيان بعض المال الذي يؤهلهما لصنع فيلم أكثر احترافاً؟ لا نعرف ما إذا كان الجمهور اللبناني مستعداً لأن يقرأ تاريخه من خلال أعمال مماثلة. الفيلم هو مغامرة، لكن مع هامش انتاجي يقيهما الخسارة المادية. لكن يمكن القول إنهما جرّبا أن يقدما قراءة مقنعة في الفيلم، وأن يأملا نجاح الشريط تجارياً. أليس الأمل قضية الشريط نفسه؟

بيروت 2013 | أين الطلاب؟

روي ديب 

في مقابل «الربيع العربي»، فشلت حملات إسقاط النظام الطائفي في لبنان في تحقيق إنجاز، بل إنّ نواب الأمة يقترحون اليوم قانون انتخابات يكرّس الطائفية. لعلّ هذا الإفلاس والركود الذي أصاب الحركات الطلابية في لبنان هما اللذان دفعا رانيا ورائد رافعي إلى العودة إلى بيروت ١٩٧٤ في «٧٤ ـ استعادة لنضال». بين آذار (مارس) ونيسان (أبريل) ١٩٧٤، قام بعض طلاب «الجامعة الأميركية في بيروت» باحتلال مباني الجامعة احتجاجاً على ارتفاع رسوم التسجيل. يومها، كانت الاحتجاجات تعمّ البلاد، وكانت التظاهرات تنطلق من حرم الجامعات إلى الشوارع. فترة شهدت نشاطاً طلابياً متأثراً بحركة الطلاب في فرنسا الـ ٦٨، وربيع براغ، وتفاعل الساحة اللبنانية مع «منظمة التحرير الفلسطينية». هكذا، احتلّ الطلاب حرم الجامعة، ما استدعى تدخّل الجيش، واعتقال الطلاب. مشهد يختتم به المخرجان «٧٤ ــ استعادة لنضال». خلال بحثهما، عاد رائد ورانيا إلى الوثائق المتوافرة حول تلك الاحتجاجات من صور وأفلام ومقالات. أجريا لقاءات مع أناس شاركوا في احتلال الجامعة. لكن قرارهما كان بعدم إنتاج وثائقي تقليدي يعيد جمع مواد الأرشيف في رؤية إخراجية، بل استعادة تلك الحقبة مع شباب ناشط سياسياً اليوم. هكذا عملا مع نسيم عرابي، ونزار سليمان، وريتا هدرج، وأسعد ذبيان، ويسري الشامي، وساندرا نجيم، ومعروف مولود. خيار «الواقعية الجديدة» بعدم العمل مع ممثلين لإعادة تمثيل الحادثة، إنما مع نشطاء سياسيين فعليين، خدم الفكرة العامة للطرح الفني، لكنه أوقع الفيلم في لحظات فراغ بعدما عجزت الشخصيات عن ملء الصمت السينمائي بحضور دينامكي، أو حتى ضعف بعض المشاهد الحواريّة المرتجلة.

تدور الأحداث في غرفة واحدة، هي مكتب رئيس الجامعة المحتل حيث يعيش، وينام، ويجتمع أعضاء مجلس الطلبة. نرافقهم على مدى ٣٧ يوماً من التخطيط والنقاشات. أيام لن تخلو من سهرات فرح ورقص وسكر «ملتزم» على أغنيات الشيخ إمام، وسيّد درويش. لن تخرج الكاميرا (تصوير نديم صوما) خارج الغرفة، بل سنتابع تطور الأمور في الخارج من خلال نقاشات أعضاء المجلس. خيار يضفي بعداً مسرحياً على الفيلم في انحصار المكان بغرفة واحدة. تلك الصفة المسرحية أكّدها المخرجان عند اللجوء إلى صيغة أخرى طوال الفيلم: يظهر الممثلون في لقطات فردية، يتكلمون فيها إلى الكاميرا. لحظات بريختيّة. مشاهد تختلط فيها العناصر. تلك الضبابية في الزمان والمكان، وتحديد الشخصيات، تبقى أقوى عناصر «٧٤ ــ استعادة لنضال».

برعاية «الخواجه»

بيار أبي صعب 

هناك من يريد تحويل قضيّة زياد دويري إلى معركة حريّات، ومن يختلق الأسباب التخفيفيّة لـ «فيلم شجاع وجميل»، داعياً إلى محاسبة المخرج على ابداعه بمعزل عن «الشكليّات». لكن هل يمكن فصل حيثيّات تنفيذ الفيلم عن موضوعه وأسلوبه وخطابه؟ وبغضّ النظر (إذا أمكن!) عن اشكاليّة التصوير في إسرائيل ومعها، هل حقق دويري من خلال «الصدمة» ذلك الفيلم «المناصر لفلسطين» الذي يدّعيه؟ لا شك في أن قرار سحب الرخصة، أحاط الشريط بهالة رومنسيّة، وجعل من مخرجه بطلاً قوميّاً، وأجّل طرح السؤال الجوهري حول رسالته الايديولوجيّة. إذ كيف نساجل فيلماً لا يحقّ لنا مشاهدته؟ غير أن منتقدي دويري والمتعاطفين معه يلتقون عند نقطة على الأقل: الطريقة المتعالية والكيديّة والرعناء التي خاض بها معركة الدفاع عن فيلمه في لبنان. ما قاله وفعله زياد خلال الأشهر الماضية، يسيء له ولعمله أكثر من كل الحملات التي شنّت ضدّه. وها هو يؤكّد صورة الفنّان المستلب الذي يفكّر وينتج و«ينجح» برعاية «الخواجه» ودعمه وحمايته. مراهق «بيروت الغربيّة» الذي انتزع مكبّر الصوت ليغنّي النشيد الوطني اللبناني في الليسيه الفرنسي، يستقوي على الدولة اللبنانيّة بوساطة فرنسيّة، كي يجبرها على السماح بعرض فيلمه الممنوع. وزيرة الفرنكوفونيّة تحديداً تمارس الوصاية علينا، وتعمل على كسر قرار سيادي، وفرض الشريط الذي يدشّن في بيروت التطبيع الثقافي مع اسرائيل. كنّا نفضّل أن تتدخّل يمينة بنغيغي في ما يعنيها، وتضغط من اجل اطلاق جورج عبد الله القابع ظلماً في غولاغ الاشتراكيين الفرنسيين. زياد دويري، العربي النظيف برعاية أجنبيّة. مدخل لقراءة فيلمه بتأنّ وعقلانيّة، بعيداً عن التكفير والتخوين.

حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل»:

زياد دويري كفى تمسكناً!

تصويباً للمغالطات التي أدلى بها المُخرجُ السينمائيّ زياد دويري في مقابلاته منذ قرار وزير الداخلية اللبناني منْعَ فيلمه "الصدمة" من العرض في صالات السينما اللبنانية، يهمّ حملةَ مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان أن تدلي بملاحظات إيضاحيّة. وهذه الملاحظات هي من قبيل تأكيد الحملة بيانَها الصادرَ في 16 شباط (فبراير) من هذا العام 1 لجهة اتّهام دويري بالتطبيع مع الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائمَ حربٍ في فلسطين ولبنان، ويمارسون القمعَ والفصلَ العنصريّ في فلسطين.

أولاً ـ الفيلم لم يُمنعْ بسبب بسبب إشراك "ممثّلين يهود" على ما زعم المُخرج2، وإنّما للأسباب الآتية:

أ) إشراكُ ممثّلين إسرائيليين (وتعميةُ الفارق بين "اليهود" و"الإسرائيليين" متعمّدةٌ لدى دويري).

ب) إشراكُ طاقم فنّي إسرائيلي.

ج) دخولُ المخْرج إلى الكيان الصهيوني وتصويرُه مقاطعَ من فيلمه هناك على امتداد 11 شهرًا.

كلّ ذلك قاله دويري في مقابلةٍ أجرتها معه جريدةُ "الحياة"3. وبحسب مقابلةٍ أخرى أجرتْها معه جريدةُ تايمز أوف إزرايل الإسرائيلية4، فإنّ الفيلم ثمرةُ "تعاون سينمائيّ فريد بين الإسرائيليين والفلسطينيين واللبنانيين". إنّ الجريدة الإسرائيليّة نفسَها تعْلم أنّ دويري "خرق قانوناً لبنانيّاً صدر عام 1955 يحظّر التعاونَ مع المؤسّسات الإسرائيلية داخل إسرائيل أو خارجها". ودويري نفسُه يعْلم أنّه خرق القانونَ اللبنانيّ حين وافق على الاتصال بالجريدة المذكورة لأنّ ذلك الاتصال في رأيه قد "يدمّر الإنجازَ" المتمثّل في سماح السلطات اللبنانيّة (قبل مدّة) بإجازة فيلمه "لأنها قد تزعم أنّ زياد متفق مع الإسرائيليين"!5 ومع ذلك، فإنّ دويري لم يعتذرْ عن خرقه المتعمّد للقانون اللبناني ولمعايير مقاطعة إسرائيل، وعن إهانته لمشاعر الناس الوطنية والقومية، بل أعلن في تلك الجريدة، وفي أماكن أخرى، عن مشاركته في مهرجان القدس السينمائي في تمّوز (يوليو) القادم.

الجدير ذكرُه أنّ مئات الفنّانين والمثقّفين العالميين يقاطعون أيّ نشاطٍ داخل الكيان الصهيوني؛ وأنّ داستن هوفمان وميغ رايان تحديداً لم يشاركا في مهرجان القدس الإسرائيلي في حزيران 2010 على خلفيّة مجزرة أسطول الحرية6.

ونودّ أن نذكّر بأنّ قانون مقاطعة إسرائيل لعام 1955 ينصّ على أنّ "امتلاك أو المساهمة في مؤسّسات أو أعمال إسرائيلية داخل إسرائيل أو خارجها" يُعتبر من الأمور المخالفة التي تجب مقاطعتُها7. ولقد عاش دويري في تل أبيب "سنةً" (أو 11 شهراً)على ما يؤكّد في مقابلته مع "الحياة"، فهل إقامتُه هناك لم تشملْ أيَّ تعامل مادّيّ أو تجاريّ مع الإسرائيليين؟ وهل اقتصر تعاملُه هناك على الممثّلين والفنّيين الإسرائيليين في فيلمه، الذين يزعم أنّهم "يساريون مؤيّدون للقضية الفلسطينية" كما سيأتي بعد قليل8؟ وهل إسرائيل، بأسْرها، كيانٌ مثاليّ، حيث البقّالُ ومالكُ الشقّة وصاحبُ الفندق وسائقُ التاكسي وصاحبُ المطعم وصاحبُ محطّة الوقود... يساريّون مؤيّدون للقضية الفلسطينية؟

ثانياً ـ يزعم دويري، في مقابلته مع البي. بي. سي9، أنّ مشاهدة الفيلم هي التي تقرّر إنْ كان يَخدم التطبيعَ (كي يستوجبَ المنعَ الرسمي اللبناني) أم لا. حقيقة الأمر أنّ مبدأ المقاطعة هو الأساس، لا مضمونَ الفيلم (أو تاريخَ المُخرج ومواقفَه). فحتى لو نادى هذا الفيلمُ أو أيُّ فيلمٍ آخر بتحرير كامل فلسطين، ولكنّ وسيلته إلى ذلك تمّت عبر توظيف ممثّلين وفنّيين إسرائيليين، وعبر خرقِ معايير"الحملة الفلسطينية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل"، وخرقِ القانون اللبناني لمقاطعة إسرائيل، فذلك لا يشكّل خدمةً فعليةً لهدف التحرير كما قد يتوهّم دويري أو غيرُه. إنّ الاجتهادات الشخصية تُفسد هدفَ التحرير (إنْ آمن به المُخرجُ أصلاً) حين تتعارض مع قرارات الإجماع الشعبي والرسمي العامّ.

ومع ذلك فإنّ بعضَ مَن شاهدوا الفيلم فعلاً لم يروْا أنّه "يخْدم" القضية الفلسطينية. فالناقد بيار أبي صعب جزم بأنه يساوي بين الجلّاد والضحية10؛ والناقد إميل شاهين لم يؤيّدْ ترشيحَه للأوسكار11. لقد زعم دويري أنّ شاهين "قد حاكم الفيلمَ سياسيّاً لا فنيّاً"، ولكنْ كيف يحاكَم العملُ الفني "فنيّاً" فقط إذا كان يعالج مسألةً ساخنةً كالصراع العربي ـ الصهيوني؟ وإذا كان "الفنّ" هو هاجسَ دويري الأوحدَ أو الأبرزَ، فلماذا حرص على إنتاج فيلم سياسي في الصميم؟ ولماذا إصرارُه على تغليب "الفنّ" على مشاعر الناس ومعاييرِ الغالبيّةِ العظمى من ناشطي المجتمع الفلسطيني؟

ثم إنّ دويري نفسه لا يزعم دائماً أنّ الفيلم "مؤيّدٌ" للقضية الفلسطينية. يقول لقناة أو. تي. في. اللبنانية: "هيْدا الفيلم ضدّ إسرائيل"12. لكنّه في حديثه (ونكرّر أنّه مخالفٌ للقانون اللبنانيّ) إلى "تايمز أوف إزرايل" الإسرائيلية يقول: "الفيلم لا يَتّخذ الجانبَ الإسرائيلي ولا الجانبَ الفلسطيني، لكنّ مسحاتِه الباطنة (أنْدِرْتونْز) تميل إلى الفلسطينيين"13. ويقول في لقاءٍ صحفي في كولكووا (لوس آنجيليس) إنّ العرب سحبوا تمويلَهم لأنّ الفيلم "بيّن المنظوريْن...لقد عشتُ مع الشعارات طوال حياتي في لبنان، وكان عليّ [في الفيلم] أن أبيّن أنّ لكلّ طرفٍ وجهةَ نظر". ويضيف: "كنتُ أخاف كثيراً من الإسرائيليين. اليوم، زالت هذه الأسطورة. إنّني أتعامل معهم كأنداد... والوضع سيّء على الطرفين!"14 من الواضح أنّ ثمّة فارقاً بين "تأييد" القضية من جهة، و"تبيين المنظوريْن" و"ووجهتي النظر" من جهةٍ ثانية، والميْلِ بالـ "أندِرْتونز" فقط إلى الفلسطينيين من جهةٍ ثالثة، والتعاملِ مع الإسرائيليين "كأنداد" من جهةٍ رابعة. وبالمناسبة، يا سيّد دويري، ما هي "وجهة النظر" الإسرائيلية في تبرير الاحتلال والعنصرية والمجازر والاستيطان ومنع حق العودة وتدمير لبنان والاعتداءِ على سوريا ومصر والأردن والعراق وتونس؟

ثالثاً ـ يزعم دويري أنّ خدمة القضية تكون بمعرفة "وجهة نظر الآخر". حسناً! غير أنّ الكيان الإسرائيلي ليس مجرّدَ آخر، بل محتلّ وعنصري ومجرم و.. (إلى آخر صفات اللغة الخشبية التي يمقتها دويري وسائرُ مَن يسمّيهم "الفنّانين الحسّاسين الشفّافيّين"ـ بتضعيف الياء ثلاثَ مرات)15. وقد حدّد المجتمعُ المدني الفلسطيني أسلوبَ المواجهة الثقافية العربية والعالمية مع هذا العدوّ بمقاطعته، ورفضِ التطبيع معه، وسحبِ الاستثمارات منه، وفرضِ العقوبات عليه. وجاء في نداءٍ أصدرتْه "الحملةُ الفلسطينية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل"، في 15/7/2010، العباراتُ الآتيةُ تحديدًا:

"إننا نحترم ونقدّر بعمقٍ المواقفَ والمبادئَ المناهضةَ للتطبيع، التي تتبنّاها الاتحاداتُ في الوطن العربي، والتي ترفض بشكلٍ مبدئيّ أن يزورَ الإخوةُ والأخواتُ العربُ فلسطينَ بإذنٍ من المحتلّ... نرفض تنظيمَ أيّة أنشطة مشتركة، مباشرةً أو غير مباشرة، مع أيّ طرف إسرائيليّ تحت أيّ ذريعة، وبغضّ النظر عن الطرف المنظِّم لهذه الأنشطة... نرفض استقبالَ أيّ أكاديميّ أو فنّانٍ أو مثقفٍ عربيّ من المؤسّسات الأكاديمية والثقافية الفلسطينية بعد زيارة أو إقامة علاقاتٍ مع أطراف إسرائيلية"16.

رابعاً ـ يزعم دويري أنّ الناحية الفنّية هي التي أمْلت عليه تصويرَ مقاطع من فيلمه في تل أبيب، وفَرضتْ عليه اختيارَ ممثّلة إسرائيلية لأداء دور "الانتحارية" الفلسطينية التي تفجّر نفسَها فتقتلُ أطفالاً إسرائيليين. ويؤكّد أنْ لا مدينة تشبه تل أبيب، وأنْ لا ممثّلة فلسطينية قبلتْ أن تمثّلَ في فيلمه بحجّة "وجودِ مشهدِ تعرٍّ"17. لا نريد أن نجادلَ المُخرجَ في خياراته الفنّية، لكنّنا نعتقد أنّه كان في مقدوره أن يوفّق بين هذه الخيارات من جهة، وبين مشاعر الناس والقانونِ اللبناني لعام 1955 ومعاييرِ المقاطعة (المتعاظمة عالميّاً) من جهةٍ ثانية. فكيف "يَخدم القضيةَ" فيلمٌ إذا كان موضعَ تشكيكِ أصحابها أنفسِهم؟! وإذا كان دويري يستخفُّ بكلّ تلك المشاعر والمعايير والقوانين والحملات العالمية، فلماذا يستفظع أن يواجَهَ بالاعتراض والاستياء والمقاطعة؟

ثم إنّ دويري اختار أن يغيّر في تفاصيل الرواية التي استند إليها في سيناريو الفيلم: فقد أبقى البطلَ حيّاً (رغم غضب صاحبِ الرواية الجزائري)؛ كما غيّر طائفةَ الممثّلة "الانتحارية" من مسلمةٍ إلى مسيحيّة لكي يقول "إنّ القضية الفلسطينية ليست مسألةَ دين بل مسألةٌ قومية"18. لقد غيّر دويري النصّ الأصليّ لخدمة فيلمه، إذن؛ فلماذا لم يفكّرْ في تغييراتٍ أخرى تُطاول الممثّلات والديكورَ والمكانَ والطاقمَ الفنّي لخدمة مجتمعه ومعاييرِ المقاطعة؟ أمْ أنّ "الفنّ" أهمُّ من الناس؟

وهل حاول دويري البحثَ عن ممثّلين فلسطينيين يتْقنون العبرية، وهم كثر؟ أوَلمْ يشاركْ في إخراج مسلسلٍ تلفزيوني أميركي يؤدّي فيه إسرائيليٌّ دورَ العربي الإرهابي19؟ وهل الممثّلات الإسرائيليات وحدهنّ في العالم يقْبلن التعرّي؟ وهل الممثّلة الإسرائيلية، دون سائر خلق الله، هي أفضلُ مَن يؤدّي دورَ "الانتحارية" الفلسطينية؟ وهل على مخرجي أفلام الخيال العلميّ على سطح القمر، مثلًا، أن يسافروا إلى القمر؟ أمْ أنّ هذه الأسئلة جميعَها أسئلةٌ تطعن في قدسيّة الفنّ الدويريّ؟

خامساً ـ يجزم دويري أنّ الممثلين والفنّيين الإسرائيليين الذين شاركوا في فيلمه "يساريّون إلى جانب القضية الفلسطينية، ومخطئٌ مَن يعتقد أنّ جميع الإسرائيليين يؤيّدون التوطين [يقصد الاستيطان]"20. شكراً للمعلومة "الجديدة" الأخيرة، ولكنّ المسألة يا سيّد دويري ليست عقائدَ الإسرائيليين المشاركين في فيلمك (ولو كانت "يساريةً") بل مبدأ الذهاب للتصوير في كيانٍ غاصب، وتحديداً في بلدةٍ هُجّر أهلُها منها بالتطهير العرقيّ عام 1949.

ثم مَن قال إنّه يكفي أن يكون إلإسرائيليُّ "يساريّاً وضدّ التوطين [الاستيطان]" كي يصبحَ "مؤيّداً للقضية الفلسطينية"، فتَسقطَ عنه دعوتُنا إلى مقاطعته؟ لو عاد دويْري إلى أسس المقاطعة (وكان من واجبه أن يفعلَ ذلك قبل الذهاب إلى تل أبيب) لاكتشفَ أنّ مبادئَ حملة المقاطعة العالمية ثلاثة: رفضُ الاحتلال في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، ورفضُ التمييز العنصري داخل فلسطين 48، والموافقةُ على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وأراضيهم في كلّ رقعةٍ من فلسطين التاريخية. فهل طلب دويري إلى الإسرائيليين "اليساريين" الذين تعامل معهم أن يَجْهروا، علناً، وفرداً فرداً، بتأييد عودة كلّ لاجئ فلسطينيّ إلى بيته في حيفا ويافا واللد والقدس مثلاً... علماً أنّه حتى لو فعل ذلك لما برئ من خرقه قانونَ المقاطعة اللبناني على الأقلّ؟!

سادساً ـ ينعى دويري على الدولة اللبنانية أنها خذلتْه بعدم ترشيح فيلمه للأوسكار. نعم، إنّ لجنة الأفلام في وزارة الثقافة اللبنانية رفضتْ ترشيحَه21. ولماذا لا تخذلكَ وترفض فيلمَكَ يا دويري؟ لقد خرقتَ القانونَ اللبناني بدخولك دولةً عدوّةً؛ وأنت تعْلمُ أنّك خرقتَه وإلّا لما دخلتَها بجواز سفرك الأميركي. ثم إنّ طاقمَك الفنّي إسرائيلي؛ وممثّليك بينهم إسرائيليون. فكيف تروّجُ الدولةُ اللبنانيةُ، أيّاً كانت كراهيّتنا لطبقتها السياسيّة الحاكمة، فيلماً ليس "لبنانيّاً" فيه، على ما يظهر، إلّا أنتَ وزوجُك؟

سابعاً ــ يتّكئ دويري، في معرض إدانته للقرار الرسمي اللبناني، إلى إعجاب "العالم" بهذا الفيلم، بدليل عرضِه في 19 مهرجاناً وحصدِه عدداً من الجوائز22. لكنّ الجوائز "الدولية" لا تلغي تهمةَ التطبيع التي أُلحقتْ بدويري عن جدارةٍ واستحقاق؛ بل إنّ نيلَ الحفاوة "الدولية" (إقرأْ: الغربية) قد تبعث على الشكّ العربي، لا التهليل، لأنّ القضية الفلسطينية (كما كان دويري يردّد على الأرجح زمنَ الشعارات الخشبيّة وقبل أن يكتشف "وجهة النظر" الإسرائيلية) ضحيّةٌ تاريخيةٌ لمؤامرات دولية على مستوياتٍ شتّى. ويزداد شكُّنا حين يقول في غير مكان إنّ عدداً من المموّلين العرب سحبوا تمويلَهم للفيلم بسبب خشيتهم من أن يُتّهموا بالتطبيع، ومن بينهم: دولةُ قطر التي "مَنعتْ عرضَ الفيلم في مهرجان الدوحة (تربيكا)" على الرغم من أنّها كانت الطرفَ الرئيسَ في إنتاجه وتمويله23. وفي مؤتمر صحافيّ عقده المُخرج غيرُ الخشبيّ في كولكووا أضاف إلى القطريين "امرأةً مصريةً" (؟) سحبتْ تمويلَها هي أيضاً، وكذلك "عرباً آخرين"، وحدّدا الأردنَ ودبي من ضمن المنفضّين عن الفيلم. والسبب ـ على ما يقول متبجّحاً ـ أنّه "بيّن المنظوريْن [الإسرائيلي والفلسطيني]". وهو يقول صراحةً إنّه يتمسّكُ بعرض فيلمه في لبنان لأنّ العالم العربيّ "كلّه" قد رفضه24. بمعنًى آخر، زياد دويري يريد من لبنان، وهو البلدُ الذي قاوم وما يزال يقاوم إسرائيل، أن يوافق على ما رفضه العالمُ العربيُّ "كلّه"، بما في ذلك الدولُ المطبّعةُ مع العدوّ!

ثامناً ـ لم يكتفِ دويري بتجاهل مشاعر العرب والقانونِ اللبناني ومعاييرِ المقاطعة حين أخرج فيلمَه، بل راح في مقابلاته اللاحقة، وفي معرض أدائه البائس لدور الضحيّة، يهزأ بالعرب الذين يدّعي خدمتَهم. فإذا اللبنانيون لا يصدّرون إلى العالم سوى "الحمّص والفلافل" (ومن هنا ضرورةُ أن تُرشّح وزارةُ الثقافة اللبنانية، في رأيه المتواضع، فيلمَه للأوسكار)25. وإذا "التعلّقُ بالقضية الفلسطينية" عند العرب "أمرٌ مقدّسٌ غيرُ قابل للجدال"26. وإذا أنصارُ المقاطعة "متطرّفون" و"متخلّفون" و"مبتذلون" و"مزايدون"27 و"خشبيّون" و"أصحابُ شعارات"28 (هي، على ما يبدو، الشعاراتُ عينُها التي عاش معها دويري "كلَّ حياته في لبنان" قبل أن يقرّرَ أنّ للإسرائيلي المجرم "وجهةَ نظر"). المفارقة أنّ مَن يزعم حرصَه البالغَ على "خدمة فلسطين" و"سمعة لبنان" لا يكفّ منذ منع فيلمه عن تشويه صورةِ أنصارِ فلسطين والمقاطعة في لبنان والوطن العربي.

على دويري أن يعلم، في هذا الصدد، أنّ الوطن العربي ليس فريداً في منع الأفلام حين تتعارض مع القوانين، أو حين تتعرّض للاحتجاجات الشعبية أو اعتراضات النّخَب المحليّة. فإدارةُ مهرجان نيويورك للسينما، مثلاً، منعتْ عرضَ فيلم "إسكندريّة نيويورك" للمخرج يوسف شاهين من دون ذكر الأسباب (علماً أنّ الفيلم ينتقد السياسات الأميركيةَ تجاه العرب)29. وفي العام 2010، رفضتْ صالاتُ السينما الفرنسية عرضَ الفيلم الإسرائيلي "على بُعد 5 ساعات من باريس" بسبب مجزرة أسطول الحرية التي ارتكبتْها إسرائيل30. وفي العام التالي أوقفت السلطاتُ الألمانية عرضَ الفيلم التركي "وادي الذئاب فلسطين" بتهمة معاداته للساميّة، لكونه يتناول المجزرة الإسرائيلية عينها31.

إنّ دويري يعيش في الغرب منذ سنوات طويلة، وهو يعْلم أنّ المنع ليس من خصائص العرب الاستثنائية، وأنّ المُخرج هناك قد يلاحَق بدعاوى قانونية وفق قوانين "محاكمة الإرهاب" أو "معاداة الساميّة". وهذا لا يعني أنّنا نؤيّد الرقابة على الأعمال الفنية؛ على العكس، نحن ضدّها، وبشراسةٍ أيضاً، إلّا في ما خصّ أيّ عمل فنّي يُسهم في الدعاية للعدوّ الإسرائيلي أو التطبيع معه.

تاسعاً ـ يحاول دويري، عبر شاشة أو. تي. في، امتصاصَ غضب جمهور المقاومة بالزعم أنّ حزب الله موافقٌ على الفيلم32. غير أنّ الشيخ علي ضاهر، مسؤولَ الأنشطة الإعلامية في الحزب المذكور، قال إنّ "هذا الكلام لا أساسَ له وغيرُ دقيق، ولم تتمّ مراجعةُ الحزب في هذا الموضوع، وهذا الأمرُ بالنسبة لحزب الله خطّ أحمر، وزياد دويري طبّع مع العدوّ، وحزبُ الله لا يقبل التطبيع"33. وفي كلّ الأحوال، فإنّ رفضَ التطبيع ليس حكراً على حزب الله، الذي نقدّر موقفَ مسؤول أنشطته الإعلامية أشدَّ التقدير، بل يطاول ملايينَ الأحرار العرب وغير العرب من مختلف المشارب السياسية والعقائدية.

عاشراً ـ يقول دويري إنّ لبنان "عرض عدّة أفلام في لبنان سبق أن صُوّرتْ في إسرائيل وبتمويل إسرائيلي وبممثّلين إسرائيليين". الردّ الطبيعيّ على كلام دويري هو القول إنّ هناك فارقاً بين فلسطينيّ يعيش في حدود فلسطين 48 (ما يسمّى "دولة إسرائيل") ويَخضعُ لقوانين الدولة الغاصبة كأيّ سجينٍ داخل سجنٍ كبير، وبين لبنانيّ يَخْرقُ قانونَ بلاده ومعاييرَ المقاطعة ويذهب (بقدميْه) إلى دولة الاغتصاب الصهيوني فيقضي فيها سنةً كاملةً (أو 11 شهراً) ويدفع للإسرائيليين وللمجتمع الإسرائيلي "اليساري" أجوراً وأموالاً طوال هذه الفترة!

***

لقد انتهك زياد دويري القوانينَ والمعايير كافّةً، فلا ينبغي أن "يتمسكن" ويؤدّي دورَ الضحيّة، أو ينصّبَ نفسه معلّماً للفنّ أمام جمهور المتخلّفين المبتذلين من أنصار فلسطين والمقاطعة واللغة الخشبية. وأنْ تنفضَّ عنه الدولةُ اللبنانية، والجامعةُ العربية، وناشطو فلسطين والمقاطعة، لهو أمرٌ مفهومٌ ومطلوبٌ. نأمل أن يتّعظ كلُّ فنّانينا في المستقبل من تجربة مخرجٍ موهوبٍ استخفّ بناسه وبلدِه، فحصد الجوائزَ "الدولية"...وخيبةَ قسمٍ كبيرٍ من مجتمعه.

حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" ـ لبنان

15/5/2013

الأخبار اللبنانية في

19/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)