حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بدأت حياتها العملية عارضة أزياء قبل أن تتحول إلى ممثلة

هالي بيري لـ «الشرق الأوسط»: أنا في رحلة متواصلة ما زالت تتبلور

لندن: محمد رُضا

 

فاجأت هالي بيري الكثيرين عندما تحوّلت من عارضة أزياء إلى ممثلة ثم فاجأت أكثر من هؤلاء عندما نجحت وكشفت عن موهبة أداء حقيقية. وبعد بداية تلفزيونية قصيرة الأمد، قوامها اشتراكها في حلقات من «سيتكوم» بعنوان «لعب حية» ظهرت في فيلم وضعها في أول خطوات الشهرة هو «حمى الغابة» (1991). بعده انتقلت إلى أدوار صغيرة لم تحسب لها في أفلام بعضها فشل تجاريا مثل «الكشاف الأخير» (1992) أو أنها نجحت تجاريا لكنها لم تفد مهنة الممثلة بشيء، مثل «مسدّس بكرة» Boomerang أمام إيدي مورفي سنة 1993.

استخدمها بمهارة المخرج والممثل وورن بايتي في «بولوورث» (1998) لاعبة دور الصحافية التي تبحث في حياة السياسي المرشّح للرئاسة، لكن الفيلم الذي منحها النجومية التي تستحق ورد سنة 2001 بعنوان «كرة الوحش» Monster›s Ball الذي خرجت منه بأوسكار أفضل ممثلة وكانت المرّة الأولى التي تمنح فيها الأكاديمية هذه الجائزة لممثلة أفرو - أميركية.

وما زالت الممثلة نجمة ناجحة ومطلوبة. حاليا نشاهدها في فيلم تشويقي بعنوان «النداء» وقبله ثلاثة أفلام خلال الأشهر الأخيرة ما يرفع عدد أفلامها الجديدة إلى أربعة. وقبل نهاية هذه السنة سنراها تعود إلى حلقات «رجال إكس» في الفيلم الجديد المعنون «رجال إكس: أيام المستقبل الماضي».

·     ظننت أنك قررت تقليل ظهورك على أساس الاكتفاء بفيلم كل عام أو عامين، لكننا نجدك في أربعة أفلام في أقل من عام.

- (تضحك) من أعطاك هذه الفكرة؟ أحيانا النسبة قليلة وأحيانا كثيرة. ذلك متوقف على ما هو متاح وما أريد القيام به. مثل «النداء» و«كلاود أطلس». لكل واحد سبب مختلف للقيام به أو أعتقد أن هناك أسبابا مختلفة وسببا واحدا رئيسا هو جودة الدور المتاح لي.

·        ماذا عن «موي 43»؟ هل ظهرت في الفيلم بسبب الدور أو لأن التجربة جديدة؟

- في الحقيقة للسببين معا. أولا الفيلم، كما يبدو أنك تعلم، مؤلف من أفلام قصيرة كثيرة. الفيلم الذي أديت فيه دوري جاء في فيلم «الحقيقة أو الجرأة»، و.. نعم أعتقد أن السيناريو مكتوب جيّدا ودور إميلي الذي لعبته كان مناسبة لدخول تجارب جديدة من هذا النوع.

·        «كلاود أطلس» يمكن اعتباره أيضا تجربة فنية مختلفة عما تقومين به عادة..

- صحيح. أحببت هذا الفيلم على الورق وأحببته حين شاهدته. لا يُصدق. كثيرا.. أريد أن أكون صريحة معك.. كثيرا ما يسألونني عن مغزى هذا الفيلم وردّي هو «هل سؤالك حقيقي؟» لأنه ليس ممكنا الدخول إلى عمق أفلام كهذا الفيلم. هذا الفيلم يدور حول فكرة أن كل شيء يقوم به فرد متصل بكل شيء يقوم به فرد آخر. إنه عن هذا الرابط فنحن جميعا على صلة بعضنا ببعض من الرحم إلى القبر. وكل فعل نقوم به سواء أكان فعلا طيبا أو خبيثا أو قاسيا يتمادى ليشملنا جميعا ولينتقل إلى الأجيال المقبلة.

·     إنه فيلم مختلف ليس فقط عن أفلامك الأخرى، بل عن الكثير من الأفلام.. كيف دخلت وخرجت من فترة زمنية إلى أخرى؟

- هذا نوع من الأفلام التي تأخذك إلى رحلة زمنية وفي الوقت ذاته إلى رحلة روحية تتجاوز الزمن. لقد أحببت أن أكون في القرن التاسع عشر وأحببت أن أنتقل إلى ثلاثة آلاف سنة بعد ذلك. خلال ذلك لم أتوقف عن طرح الأسئلة حول ما الذي يجمعنا جيلا بعد جيل. عن هذا التواصل الشاسع الذي نعيشه منذ مئات ألوف السنين.. لا أعلم.

·     كيف تنظرين إلى مهنتك كممثلة إذن؟ أقصد أن مثل هذا النوع من التفكير قد يصاحبه بحث في الذات عما تحقق أو لم يتحقق بعد من طموحات.

- أنا في رحلة متواصلة ما زالت تتبلور. لقد حظيت بفرصة تمثيل عدد كبير من المشاريع مع عدد رائع من المواهب. بعض هذه المشاريع لم ينجز ما حلمت به.

·        لماذا؟

- لأنه عندما تكون لديك مهنة تستمر لعقود فإن المؤكد أنك ستواجه صعودا وهبوطا خلالها. هناك أحيان تجد نفسك تنطلق صاعدا لحد التحليق أحيانا. ثم تأتي المرّات التي تجد فيها أن عملك لا يجد قبولا كبيرا أو أنك لم تحقق من خلاله ما أردت. الحياة هي نوع من ركوب الأمواج والنجاح هو للذين يتمسكون بما يقومون به ويجاهدون لإثبات مواهبهم وقدراتهم رغم العوائق. هذا ما آمنت به وما زلت أؤمن به إلى اليوم.

·        هل جعلك «كلاود أطلس» تفكرين في طفولتك؟

- أفكر في طفولتي على الدوام. ما جعلني هذا الفيلم أقوم به هو إدراك كم أنا محظوظة كوني أدركت مبكرا ذلك الحس العائلي الأليف والحميم. كنت دائما قريبة من والدتي ومن شقيقتي. لقد ربتني والدتي وحدها (لم تكن تزوجت) ولم نكن ميسورين ماديا. لكن أمي جعلتنا ندرك من البداية أن القيمة ليست في الأمور المادية.

·     كيف كانت أجواء التصوير بالنسبة لوجود مخرجين اثنين خلال العمل هم توم تايكور ولانا ووشوفسكي؟

- قاما بالعمل على نحو متكافئ وصدّق أو لا تصدّق لم تسط لانا على الإخراج كما أوردت بعض الصحف فالعلاقة بينهما كانت جيّدة مهنيا ورائعة. إذا ما اختلفا فإن ذلك لم يتم أمام الممثلين وفريق التصوير. لم نسمع صوتيهما عاليين ولم يبد أن هناك أي عدم اتفاق. بالنسبة إلينا كان لديهما صوت واحد. كان أحدهما يبدأ العبارة والآخر ينهيها.

·        من كان يصدر أمر البدء بالتصوير وأمر الانتهاء من تصوير اللقطة؟

- مدير التصوير عادة.

·     هذا غريب! - الطريقة التي صوّرنا بها كانت غير عادية. كانا عادة بعيدين عن مكان التصوير يتواصلان مع الفريق عبر الهواتف واللاسلكيات.

* بحث عن العمق

·     من هذا الفيلم إلى فيلم تشويقي.. دور مختلف تماما هو «نداء». يذكّرني بأفلام تشويقية سابقة وظفت قدرات الممثلين وليس المؤثرات البصرية..

- (مقاطعة).. وهذا ما جذبني جدّا إليه. كما قلت تشويق «أولد فاشن».

·        تلعبين دور موظفة سنترال تحاول إنقاذ ضحايا من قاتل متسلسل. كيف قمت بأبحاثك لهذا الدور؟

- لم أكن أعرف تماما ما تفعله موظفة استعلامات الطوارئ. لا أعتقد أننا شاهدناها من قبل في فيلم ما. نعم هناك أفلام يتصل الممثلون طالبين النجدة، لكن لا أعتقد أن هناك أفلاما حول الموظفين والموظفات في ذلك الجزء الحيوي من الحياة. دائما ما أخذنا الأمر على أنه من المسلّمات. لقد فتحت عيني على عالم لم أكن اهتممت به من قبل وتعلمت الكثير حول حياة وعمل هؤلاء الموظفين.

·        هل تعلمين إذا ما كانوا يخضعون للتدريب على مواجهة أزمة ما كتلك التي في الفيلم؟

- أعلم أن الموظفين يخضعون لتدريبات عامّة. عملهم لا شك يتضمن المرور في أزمات ومواقف ينتج عنها التوتر الشديد. وأعتقد أنهم في البداية يخضعون لفحص نفسي مركّز. عليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية التي يقومون بها. فأنت إما تستطيع أن تتحمل الأوضاع وساعات العمل الطويلة أو لا تستطيع. هذا ما أعرفه عن تدريباتهم لكن دوري لم يتطلب مني، بصراحة، بحثا عميقا في أي شخصية على حدة. مجرد العلم بالشيء ثم يستند الأمر على استعدادي ضمن أجواء واقعية يؤمنها الفيلم كالمكان وما فيه من موظفين وآلية العمل.

·        هل سبق لك أن طلبت النجدة (الرقم 911)؟

- نعم. قبل عام من هذا الفيلم اتصلت بـ911 لأن أحدا دخل منزلي عنوة. وكنت خائفة جدّا. هذه التجربة كانت في البال حين كنت أمثل الدور.

·     بالطبع الفيلم عن امرأة تمر في أزمة حين تكتشف أن قاتلا يلاحق فتيات يتصلن بها للنجدة. كيف تتعاملين مع الأزمات عموما؟

- لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يدرك أنني أمر بأزمة حين أمر بأزمة. أقصد أنني أنجح في معالجتها وإخفائها عن الآخرين بحيث لا يدرك أحد ما أمر به باستثناء من أريد إخبارهم بذلك. وأنا حذرة من أن لا أنفس عن متاعبي في تصرّفاتي. لا تجدني أثور في وجه أحد. لقد تعلّمت ذلك على حسابي الخاص وعلى نحو شخصي وعرفت كيف أتصرف كما لو أن شيئا لم يكن.

·     كيف تقررين أي مظهر ستمنحين الشخصية؟ هنا في «النداء» لديك شعر «منفوش» ومظهر فتاة عاملة لكنك في «كلاود أطلس» وطبعا في أفلام سابقة تنتقلين بين أشكال أخرى.

- دائما ما أبدأ برغبتي تغيير شكلي وتصميم شعري في كل فيلم. لا أريد أن أبدو أنا الحقيقية. وكلما ابتعدت عن شكلي الواقعي شعرت بأنني أنتمي إلى الشخصية التي أقوم بتمثيلها. لا مانع في أن يتعرّف علي المشاهد لكني أمانع في أن أبدو أنا.

·     سمعت أنك عزمت على وضع كتاب يتوجّه إلى المراهقات ويتضمن نصائح لهن في كيفية تجاوز محنة المراهقة.. هل هذا صحيح؟

- (تضحك) لم أفكر في ذلك ولو فكرت لرفضت الفكرة. أنا لست مؤهلة لتأليف كتاب كهذا. أنا لست طبيبة أو اختصاصية. أعرف كيف أمارس حياتي وكيف مررت بتجربة المراهقة، لكن أن أكتب ما يفيد الغير في هذا الخصوص، وربما في أي موضوع آخر، ليس أمرا أستطيع أن أدّعيه.

·        هل تحبين أفلام التشويق؟ بكلمات أخرى أي نوع من الأفلام تحبين أكثر من سواه؟

- أحب أن أخاف. لا أحب بالضرورة الأفلام الدموية وأفلام الرعب العنيفة. أحب أفلاما مثل «صمت الخراف» و«جاذبية قاتلة» كلاهما أبقاني على حافة المقعد.

الشرق الأوسط في

05/05/2013

 

"حب" ميشيل هنيكه فيلم عن آلام الوحدة والموت البطيء

محمد رضا

هواة السينما الذين سمعوا عن فيلم ميشيل هنيكه الأخير “حب” الذي لطش ذهبية مهرجان كان قبل عام كامل، سينقسمون، في الغالب، بين أكثرية تقدر الفيلم لموضوعه، وأقلية لن يعجبها كم الشقاء واليأس الذي يعلوه أو هل هو العكس؟

“حب” ليس مختلفاً عن أفلام المخرج الهولندي المعروف السابقة، ففي سياق مهمته المعتادة في إشغال المشاهد بمسائل إنسانية، يقوم ميشيل هنيكه بمعالجة فيلمه بطريقة رصد تكاد تكون ميكانيكية . هي بالتأكيد ليست تعاطفية  ولو أنها تدور حول العاطفة، بل هي معالجة باردة وإلى حد ما سادية لحكاية تدور حول حب يقترب من الموت . وهو عمل مصنوع بدقة لكي لا يخرج عن خط عمل المخرج ولا عن توقعات مشاهديه . هو فيلم عن علاقة رجل بزوجته . يعيشان وحيدين بعدما كبر ولداهما. والزوجة تصاب بعارض شللي يتركها غير قادرة على الحركة وحدها بل تتطلب عناية ممرضة، ولاحقاً تصاب بعارض آخر يتركها مشلولة تماماً وغير قادرة على النطق . كل هذا وزوجها يرقبها ويحاول أن يؤمن لها ما تحتاج إليه . لكنه أيضاً مخلوق ضعيف وقد يرى أن خلاص زوجته مما تعانيه بقتلها هو أفضل من بقائها على قيد الحياة . هل القتل حل صحيح؟ هل قتلها رحمة لها من الشقاء أو لأن وجودها حية بات معضلة بالنسبة إليه وعلى ذلك عليه أن يتخلص منها .

على المشاهد أن يعود إلى أفلام هنيكه السابقة لكي يفهم طبيعة العلاقات الأسروية التي تتحكم في أعماله: العلاقة المتوترة بين الأم وابنتها في “عازفة البيانو” . الموت انتحاراً وقتلاً في العائلة في “القارة السابعة”، وذبح الدجاجة في “مخبوء”، والحمامة في “ألعاب غريبة”، ليقف على أن هنيكه لا يزال يبحث في النقطة الفاصلة بين الألم الدفين والنتيجة القاتلة . معظم الوارد هنا في سياق الحكاية التي يرويها الزوج قبل تخليص زوجته من نفسها وتخلصه منها معاً يتحدث عن ذات الاختيار الصعب الآيل إلى التنفيذ بحتمية، وعن العالم المنزوي بأسره داخل جدران ذلك البيت الكبير الفارغ باستثناء الاثنين، هو ذاته في “مخبوء” حيث الشخصيات حبيسة جدرانها النفسية كما جدران البيت الداخلية . بل إن  اختيار اسمي جورج وآن هو ذاته الوارد في “مخبوء” كما في عدد من أفلامه الأخرى مثل “القارة السابعة” (1981) و”زمن الذئب” (2003) . المختلف البين هو أن مدير التصوير داريوش خوندي يمنح البيت في “حب” إضاءة خافتة وناعمة مقابل تصوير أكثر حدة قام به كرستيان برغر في “مخبوء” .

يوجهنا المخرج صوب زوج مُتفانٍ (جان لوي ترتنيان) وإمرأة (إيمانويل ريفا) تدرك أن نهايتها في ضعفها . قبل أن تفقد القدرة على الحركة لا تريد لابنتها أن تراها على هذه الحالة، وتتذمر مما تقوم به الخادمة الطيبة من خدمة . مع انتشار شللها تصبح أكثر انطواءً، وهذا متوقع فهي شخص مهزوم وخائف . وفي مشهد دالّ نراها تخاف من زوجها جورج نفسه الذي يصفعها حين ترفض الطعام من يده . ما الذي يحدث هنا؟ خوفها في عينيها من قبل الصفعة . لقد تحولت إلى طفلة وصار هو الأب ليس طوعاً بل عن قدر كبير من الإكراه .

تماشياً مع هذا التطور يطرد جورج الممرضة الأولى، ثم يصرف الثانية،  ويغلق البيت عليه وعلى زوجته . يرفض تدخل ابنته (إيزابل هوبير) ويقول لها في مشهد إن نوعية اهتمامها لا تفيده . جورج يغلق المنزل الكبير عليه وعلى زوجته . وهذا يواكبه- بصرياً- وجود معظم الأحداث داخل الشقة بإضاءة ناعمة .  الفترة الفاصلة بين تردي حالة الزوجة وبين تمهيدات النهاية في الجزء الأخير من الفيلم تبقى بالغة التوتر وأسلوب المخرج القابض على الأنفس ببساطته الظاهرة وتعقيداته الداخلية يستمر قوياً في دلالاته .

ثم هناك الحمامة في أحد المشاهد تحط حمامة في غرفة المدخل المطلة على فناء البناية وتبدأ بتناول طعام تجده على الأرض (واضح، لمن يعرف الحمام، أن المخرج أمر بنثر الطعام خصيصاً لجذب الحمامة، وأن الحمامة إنما ألفت البيت سابقاً) يكتشف جورج وجودها بينما كان يكتب فينصرف إليها ويخرجها من النافذة المفتوحة ثم يقفل النافذة .

لاحقاً، قبل النهاية سنرى الحمامة ذاتها وقد عادت وهذه المرة إلى غرف الشقة الداخلية،  تأكل ولا تهاب محاولات الزوج  القبض عليها . ترقبه وهو يحمل غطاءً سيرميه فوقها . الحمامة تحاول التوجه بعيداً، لكنها من الألفة بمكان أنها لا تفكر في الطيران . جورج يقبض عليها فعلاً وينتهي المشهد . بعد قليل إذ نراه يكتب لابنته، يخبرها بما حدث وأنه أطلق سراح الحمامة لكن هل فعل ذلك حقاً؟

الغالب أنه خنق الحمامة كما خنق زوجته، فحتى الطائر لم يعد مرغوباً به في عالمه الذي بات هو لاعبه الوحيد .

في حين يوفر المخرج قصة داكنة عن الحب الذي يقتل، فإن الدراما الناتجة ذات وقع جانح سيترك المشاهد منزعجاً . فهي من ناحية صادقة ومن ناحية أخرى إعلان عن أن الحب ليس سوى أكذوبة كبيرة يصدقها البعض للعيش تحت كنفها ولو إلى حين .

شاشة الناقد

لعبة مكارثي السياسية  ** Emperor

يجيد الممثل تومي لي جونز في “إمبراطور” Emperor  تعبيراً يستخدمه أكثر من سواه في الكثير من أدواره، ويستخدمه في هذا الفيلم الذي يؤدي فيه دور الجنرال دوغلاس ماكارثر . إنه تعبير من ضاق ذرعاً بكل شيء وبكل من حوله أيضاً . وهو تعبير يخدمه في بعض مشاهد هذا الفيلم لكن ليس في كلها . المشاهد يريد رؤية تعبير آخر تبعاً للحالة الدرامية التي لا تبقى على ما هي عليه طوال الحكاية، لكن جونز لا يؤمنها بل يكرر أداءه لدرجة الملل .

يدور “إمبراطور” حول البحث في مصير هيروهيتو، إمبراطور اليابان . الحرب انتهت والجنرال ماكارثي يريد برهاناً قاطعاً على أن الإمبراطور له يد عليا في إصدار قرار شن الهجوم الياباني الكبير على بيرل هاربور . من دون هذا الدليل لن يستطع ماكارثر إعدام الإمبراطور كما يرغب أعوان الجنرال، بل كما يرغب الجنرال نفسه كونه أخذ يحلم، حسب الفيلم،  بالعمل السياسي وربما برئاسة الجمهورية الأمريكية وهو يعلم أن الشعب الأمريكي يحبذ إعدام الإمبراطور الياباني سواء أكان مسؤولاً عن ذلك الهجوم أم لا .

من ناحية أخرى يتدخل مساعده الأول فلرز (ماثيو فوكس)،  للتحذير بأن الشعب الياباني سيثور في وجه الأمريكيين إذا ما تم تنفيذ الإعدام بهيروهيتو . هناك قصة حب بين فلرز وفتاة يابانية (إريكو هاتسوني) يستخدمها المخرج بيتر وَبر من باب التشكيل العاطفي، علماً أن وجودها لا ينقذ الفيلم من سقوطه في معالجة تكرر كل الأحداث على وجه منظم كما لو كان الفيلم درساً في التاريخ . أكثر من ذلك، ليست هناك مشاهد تستفيد من الدراما المنشودة من حقيقة أن الأمريكي الواقع في حب يابانية لابد شكلت معضلة عاطفية بين الاثنين . الخط الوحيد الذي يعتمده الفيلم هو إظهار أن بعض الضباط اعتقد أن فلرز تقصد عدم قصف حي معين في طوكيو لأن حبيبته تسكنه . لكن عدم الاستفادة من الموضوع على نحو تام، سريعاً ما يترك الفيلم بارد الأوصال وتقليدي المعالجة .

كان الفيلم، الذي حققه الإنكليزي بيتر وَبر، يستطيع الاستفادة من بعض الخيال في التنفيذ، لكن المخرج رغب في استنساخ سيناريو مكتوب بقدر كبير من القراءة الفردية للأحداث من دون أن يكون المعروض بالضرورة واقعياً .

في التصوير

السينما وسيلة للدعاية للكيان الصهيوني

يسجل في سنة  1932 تصوير أول فيلم روائي من صنع يهود تم تحقيقه في فلسطين، وكان عنوانه “أودد الجوال”  .Oded The Wonderer كان فيلماً صامتاً متأخراً عن ركاب السينما التي نطقت جزئياً سنة 1927 وكلياً في العام 1928 ثم اختفت السينما الصامتة كلياً، باستثناء من أحب التكملة أو العودة كتشارلي تشابلن سنة 1936 بفيلمه “أزمنة معاصرة” Modern Times .

على صغر شأنه، “أودد الجوال”  جاء كواحد من الأفلام التي كانت بدأت، كأعمال قصيرة وتسجيلية، عملية التأسيس للكيان الصهيوني في الثلاثينات، وبعض أهم عناصرها المخرج الأوكراني يعقوب بن دوف الذي حرص في النصف الثاني من العشرينات على تصوير الأحداث الواقعة في فلسطين والمرتبطة بالحركة الصهيونية وأجندتها . مثله في هذا المضمار نتان أكسلرود، وهو مهاجر من روسيا منتج “أودد الجوال”، لكن قبل ذلك الفيلم كان منتجاً لجريدة إخبارية لبضع سنوات . وقد سبق كل ذلك التقاط أفلام قصيرة من قبل شخصيات يهودية في مطلع القرن العشرين، بينهم على سبيل المثال، البريطانية موراي روزنبيرغ، التي قامت، سنة ،1914 برحلة تصوير فوتوغرافية ثم عادت بعد ست سنوات لتحقيق فيلم وثائقي قصير عنوانه “أول فيلم لفلسطين”، العنوان لا يعبر عن الحقيقة مطلقاً كون شركتا باتيه وغومون الفرنسيتان كانتا من بين أول من صور في فلسطين، وذلك في أواسط العقد الأول من القرن العشرين . وقبلهما، في العام 1904 تحديداً، أنتجت شركة بريطانية اسمها Charles Urban Trading Company فيلماً عنوانه “رحلة إلى فلسطين، يافا ومينائها”، بعد روزنبيرغ تسارعت خطا عمليات التصوير في فلسطين من قبل مؤسسات أو أفراد يهود، ما يكشف عن أن المنهج لتوطيد الاستقرار عبر تصوير “الوطن الموعود” وبعث فكرة العودة إلى “أرض الميعاد” هو استخدام السينما كأفضل سبيل لنشر تلك الدعوة . هذا في الوقت الذي كان فيه مثل هذا المشروع غائباً تماماً عن الفلسطينيين باستثناء الأخوين لاما اللذين قدما من كندا محملين بما تابعاه ودرساه وحطا الرحال في فلسطين لفترة قصيرة، قبل بلوغ مصر.

أسماء في تاريخ الفن السابع

جون واين

حين يتم ذكر سينما الوسترن الأمريكي، يُذكر جون واين تلقائياً، على الرغم من أنه لعب في أفلام عديدة من غير ذلك النوع . ولد في عام 1907 ومثل أول فيلم عام 1926 وحقق أول نجاح في شباك التذاكر عام 1939 حيث بقي نجماً مشهوراً إلى حين وفاته عام 1979 .

جون واين كان ممثلاً ينتمي إلى اليمين المحافظ وكانت له نشاطات في هذا الاتجاه عبر عدد من الأفلام التي مثلها والتي هاجم فيها الشيوعية كلما وجد لذلك مناسبة أو قصة سينمائية تصلح لتسجيل موقفه. كذلك اشترك في حملة مكارثي ضد السينمائيين اليساريين .

الخليج الإماراتية في

05/05/2013

 

سمير أبو النيل يتوه بين "دماغ" مكى..

ونمطية بهجت قمر.. وخلطة السبكى

علا الشافعى 

الرمادية تقتل الفيلم ومشاهد الوعظ ثقيلة وأسماء النجوم تنقذه من "الفشل"

لا يستطيع أحد أن ينكر نجومية أحمد مكى وأن له جمهوره الذى ينتظر جديده دائماً، خصوصاً أن مكى يقدم كوميديا من منطقة خاصة تختلف عن غيره من الكوميدينات فهو يميل فى عمله إلى الفارس أكثر والكوميديا التى تميل إلى المبالغات فى رصد ظاهرة بعينها وتوصيف ما يعانى منه المجتمع من مفارقات صارخة، وهى المفارقات التى اعتمد عليها مكى فى فيلمه الجديد «سمير أبوالنيل» والذى يرصد من خلاله وبشكل صارخ ما يشهده الإعلام من تجاوزات وكيف يستغل الكثيرون جهل الشعب المصرى فى ترويج أفكار بعينها والضحك عليهم، والمتحولون فى الإعلام وما يشهده الإعلام من انفلات حقيقى، حيث يتناول الفيلم الأجواء الخفية لعالم الإعلام والذى يستغله البعض فى عمليات غسيل الأموال وهى قضية تحمل بالفعل قماشه درامية كوميدية واسعة ويتحمل أكثر من معالجة فنية.

مشكلة الفيلم الحقيقية تتمثل فى توليفه صناعة «المنتج محمد السبكى والمخرج عمرو عرفة والمؤلف أيمن بهجت قمر وبطله أحمد مكى» والذى كان قال من قبل إنه فى بداية جلسات عمل «شعر أنهم مش لايقين على بعض»، ويبدو أن تلك هى المشكلة الحقيقية التى وضعت فيلم مكى فى منطقة رمادية، نعم توجد قضية مهمة ونعم هناك مفارقات كوميدية صارخة، ومكى اجتهد إلى حد كبير فى رسم ملامح شخصية سمير أبوالنيل الخارجية والداخلية ذلك الشخص شديد البخل، المتطفل ثقيل الظل صاحب العلاقات السيئة مع جيرانه وأهل منطقته والذى يعيش على ميراث تركه له والديه، ويتواصل مع شقيقه -يجسده علاء مرسى- مرة فى السنة وهو اليوم الذى يوافق الذكرى السنوية لوالدهما ويستغله ابن عمه الثرى -يجسده حسين الإمام- لكى يقوم بغسيل أمواله رغم كرهه الشديد له، إلا أنه يعطيه 550 مليون جنيه ليخبئهم عنده ويقنعه بأن هذا ميراث ابنته الوحيدة وأنه على وشك الموت بسبب مرض خطير ونادر ويخشى على ابنته من أشقائه فيوصيه بأن يستثمر لها الأموال ويأخذ حصته فى حالة المكسب، ويعطيه كارت لـ«ليلى» مساعدته -تجسدها نيكول سابا- لمعاونته فى أولى خطواته فى عالم البيزنس، وبالطبع نكتشف أنه يتستر وراء نشاطه، ويغسل أمواله القذرة.

لكن تلك الملامح العامة لسيناريو فيلم سمير أبوالنيل تاهت بين روح مكى المتمردة وبين التزام أيمن بهجت قمر وخلطة السبكى حيث جاء الفيلم باهتا ويحمل الكثير من المشاهد التى كان يمكن الاستغناء عنها ببساطة لأن المطلوب منها التأكيد على بخل سمير مثلاً مشاهد خلافه مع جيرانه «البقال الذى يناقشه فى ثمن المكالمة، مشهد خناقته مع صاحب عربة الفول والطعمية، اللقطات المتتالية لغلق التليفون فى وجه سمير من قبل كل من يعرفونه من أهله وأصدقائه ومعارفه) والاسترسال فى تأكيد بخله من خلال زيارته للسيدة التى تستأجر منه شقته -تجسدها عفاف رشاد- وكان يكفى مشهدان أو ثلاث لرسم ملامح بخل وكره المحيطين لسمير، ليبدأ المخرج فى سرد أحداث قصته وهى دخول سمير إلى عالم الميديا رغم جهله وعدم معرفته شيئا بهذا العالم، وإطلاقه لقناة فضائية «صبحة. تى فى» وتظهر المفارقات الكوميدية ولمسات مكى فى تلك المنطقة الدرامية عندما يرغب فى استثمار الأموال بطريقته، ويبدأ عالم البيزنس بمستحضرات تجميل فاشلة تدمر البشرة والجلد، وبعد فشله بمفرده تلجأ مديرة أعمال ابن عمه والتى تنصحه باستثمار الأموال فى قناة فضائية ويرغب مكى فى التعاقد مع أشهر الإعلاميين، فيجد أن هذا سيكلفه الكثير من الأموال، لذلك يقرر أن يقدم هو كل البرامج بنفسه بدءاً من التوك شو الرئيسى ومروراً بالبرنامج الرياضى وصولاً إلى برنامج المطبخ.

والفيلم بتلك المشاهد يكشف ويعرى الكثير من عورات الإعلام وقنوات بير السلم، «والتى يطلقها البعض بمنطق اللى تكسبه العب به» سواء كان ذلك عن طريق الرياضة أو إطلاق برامج المسابقات الخادعة أو توظيف الدين، واستغلال غلب المواطن المصرى البسيط، وكيف أن الجهل يكون سببا فى تحويل شخص تافه لا يعرف شيئا إلى نجم، ملء السمع والأبصار، ورغم ارتباك البناء الدرامى فى الفيلم وهو ما أدى إلى عدم وجود رؤية بصرية تميز الفيلم حيث انعكس الارتباك الدرامى على باقى عناصر الفيلم الفنية، حيث جاء باهتا فى كافة عناصره، إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أن لمسات مكى حاضرة بقوة -مشاهد دخوله إلى عالم السياسة وقراره بإنشاء حزب سياسى يسمى حزب البلبل وقراره بالترشح لمجلس الشعب وقيامه بتوزيع الزيت والسكر لكسب الأصوات- وهى من أكثر المشاهد سخرية وتحقق نسبة ضحك عالية.

لكن رغم ارتباك الفيلم ووجوده فى منطقة رمادية إلا أن سمير أبوالنيل يرصد التناقضات الصارخة التى يعيشها المجتمع المصرى منذ عامين مع الانفلات الأمنى، وتسيد الإعلام الدينى المتطرف -يكفى مشهد مأمور القسم الذى فر هاربا من القسم فى توك توك، والبلطجية الذين يحتلون قسم الشرطة- وإذا كان الفيلم قد بدأ بمشاهد كوميدية أقرب إلى الاسكتشات، فإن المشهد الوعظى قبل نهاية الفيلم جاء شديد الثقل ونمطى إلى حد كبير، وأيضاً الوعظ فى المشهد بينه وبين صديقته المقيمة فى أستراليا والتى كانت تتواصل معه عبر التليفون ثم جاءت لتنقذه من نفسه - جسدتها منة شلبى كضيفة شرف وحفظ بريق مكى والنجوم الذين شاركوه ومنهم محمد لطفى وإدوارد ونهير أمين وعلاء مرسى وغيرهم من الفنانين الفيلم من الفشل.

اليوم السابع المصرية في

05/05/2013

 

بعد 30 عاما من المنع وتهديد دار العرض "فلسطيـن المحتلة" يفتتح مهرجان الفيلم الفلسطيني بلندن

بقلم: خيرية البشلاوي 

أمس الأول الجمعة 3 مايو بدأ في لندن "مهرجان الفيلم الفلسطيني" الذي يستمر حتي يوم 15 من الشهر الحالي يضم المهرجان 38 فيلما ما بين روائي وتسجيلي ويشارك فيه 24 متحدثا. وكذلك يتضمن الكثير من الفعاليات المهمة ومنها المهرجان الأول الذي يقام في بريطانيا عن "فلسطين والصور المتحركة" الذي يستمر ليوم واحد هو 11 مايو وتنظمه "مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية" التابع لجامعة لندن School of ariental and mhrican shadies.

هذا الحدث الثقافي المهم الذي تشهده العاصمة البريطانية تتولي تنظيمه مؤسسة الفيلم الفلسطيني. وهي مؤسسة غير ربحية وتقوم علي دعم الأفراد وعلي التبرعات والهبات الثقافية.

فيلم الافتتاح "فلسطين المحتلة" للمخرج الامريكي دافيد كوف. وهو من مواليد 1939 في ولاية فيلادليفيا.. وقد امضي جزءا كبيرا من حياته ناشطا سياسيا إلي جانب الكتابة والبحث الاجتماعي والصحافة وقد شكلت اهتماماته بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية مشواره العملي. اهتم بحقوق الانسان وحركات المقاومة وبالاستعمار والاتحادات العمالية وأشكال القمع والاستغلال الذي يمارس علي العمال المهاجرين غير المسجلين في الولايات المتحدة.

بعد ذلك غير دافيد كوف اتجاهه من التركيز علي الاهتمامات السياسية المباشرة التي استغرقت فترة طويلة من حياته إلي الانشغال بعمل الافلام التسجيلية. فأخرج وشارك في انتاج فيلم "أناس الريح" "people of the wind" الذي رشح لجائزة الاوسكار كأحسن فيلم روائي ــ تسجيلي.

وبمناسبة المهرجان الفلسطيني نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية مقالا لافتا عن المخرج وعن فيلم الافتتاح "فلسطين المحتلة" الذي سبب عاصفة من الجدل ابان الثمانينيات حين عرض لأول مرة في سان فرانسيسكو عام .1981 وعن المهرجان نفسه الذي يعتبر حدثا فنيا ضخما في العاصمة البريطانية.

تتساءل الصحيفة: تري ماذا يفعل الجمهور اليوم ازاء هذا الفيلم؟؟ المخرج يتذكر ما جري من تهديدات منذ أكثر من ثلاثين سنة في حفلة العرض الأول يقول "كان في السينما ما يقرب من ألف متفرج.. وبعد عشر دقائق من بداية العرض. أعلن عن وجود قنبلة. وطلبوا من المشاهدين اخلاء المبني وتم استدعاء المطافئ والبوليس. فقد كانت هناك اجواءً ملحوظة داخل السينما عند عرض الفيلم".

مخرج الفيلم يبلغ من العمر الآن 74 عاماوقد نشأ في كاليفورنيا ودرس العلوم السياسية في جامعة ستانفورد وعمل في سيراليون. وغانا وكينيا وتنزانيا ولندن قبل أن يعود إلي الولايات المتحدة.. اثارت افلامه التسجيلية جدلا واسعا في بداية السبعينيات وبالتعاون مع زميله انطوني هوارت والموسيقار الشاب حينئذ بيتر فرامبتون اخرج ثلاثية تدور احداثها في شرق افريقيا أثارت جدلا واسعا وكانت بعنوان "أرض الرجل الأسود" تناولت بصدق وموضوعية دور الاستعمار البريطاني. والماو الماو وأول رئيس لكينيا وهو جومو كينياتا.

بعد ذلك سافر دافيد كوف §إلي لندن "وكانت بريطانيا في ذلك الوقت مكانا جيدا جدا لعمل الأفلام التسجيلية" حسب قوله.

وفي انجلترا ذاع صيته كثيرا بعد عرض فيلمه "بلاكس بريتانيكا" "Blacks Baitannice" بمعني "البريطانيون السود" عام 1978. انتجه لحساب محطة تليفزيون بوسطن "WGBTI". وقد استعان في تنفيذه لهذا الفيلم بمواد ارشيفية وبعقد لقاءات مع الباحث الاجتماعي كولين برسكود وهو من مواليد ترنداد إلي جانب آخرين. مستخدما موسيقي فرقة "ستيل بالس" steel pulse والفيلم يرسم صورة لبريطانيا كدولة شديدة العنصرية ومن ثم سبب عاصفة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة حيث تعرض للهجوم باعتباره مخرجا لديه "أجندة ماركسية".

"فلسطين المحتلة" occupied palestine الذي شاهده جمهور لندن في افتتاح المهرجان الفلسطيني أمس الأول يكشف عن المجهود الذي بذله هذا الفنان لكي "يفسح المجال لسماع صوت شعب نادرا ما كان يسمع صوته في السينما".

الفيلم يتناول التأثير الذي نجم عن اقامة المستوطنات الإسرائيلية في القري الفلسطينية.

يقول المخرج: "إن هذه القصة لم ترو واصبحت في حاجة لمن يرويها".

يقول: "اتذكر انني عرضت الفيلم للمفكر والمؤرخ الفلسطيني ادوارد سعيد وكان مصدوما امام درجة المقاومة التي صورها الفيلم من قبل الفلسطينيين".

الفيلم يتضمن مجموعة من اللقاءات مع الجانبين الضالعين في الصراع. والتي تكشف عن شدة دفاع كل طرف عن خندقه. وعن الجانب الذي يقف فيه. أحد المستوطنين وهو أمريكي يهودي يشير إلي "ما يسمي بالفلسطينيين" عندما يتحدث عن السكان الاصليين. في حين يتحدث مستوطن آخر شارحا: "عندما جاء إبراهيم إلي هنا وتلقي الوعد من الرب. كان هذا الوعد هنا تحديدا في "شيشم" "نابلس" وعلي العرب أن يتقبلوا ذلك".

في نفس الوقت يقول طالب فلسطيني "ظهرت الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر كحركة سياسية تمثل رأس المال اليهودي المتحالف مع رأس المال العالمي".

ويتذكر "كوف": لم نكن ندعم ما يقوله أي شخص في الفيلم ولكن ذلك الخط في التناول استخدم كعصا لضرب هذا الفيلم.

يقول: التهديد بتفجير قنبلة اثناء عرضه الأول عام 1981 مثل ضربة قوية ضد الفيلم. إذ احجمت دور السينما عن عرضه وحددت امكانية خروجه لاحقا في عروض عامة إلا داخل الجامعات.

يقول: لكن منذ ذلك الحين تغيرت اشياء كثيرة. واصبح هناك الكثير من الفهم الآن.

ان امكانية ترشيح فيلم مثل "5 كاميرات مكسورة" لجائزة الأوسكار عام 2011 الذي شارك في اخراجه كل من الفلسطيني عماد برنات والإسرائيلي جيي دافيدي وهو عمل يعالج نفس الصراع. هذه الامكانية تعتبر أمرا مدهشا فعلا. هذا إلي جانب العديد من مهرجانات الفيلم الفلسطيني التي تقام في كل مكان.

يري دافيد كوف ان اختيار فيلمه "فلسطين المحتلة" لافتتاح مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن يعد "مفاجأة ضخمة" ومثلما يقول مدير المهرجان نيك دنيس Nick Denes ان الفيلم وقتئذ كان يعتبر "شيئا جديدا جدا" كانت معظم الافلام الفلسطينية تركز علي نحو رئيسي علي المقاومة المسلحة ومخيمات اللاجئين والزعماء وكلها امور تتم خارج البلد اكثر من داخلها.

مخرج الفيلم "كوف" الذي أجده نموذجا للمحارب من أجل حقوق الانسان ومن اجل نصرة ما يراه حقا مستخدما اسلحة لا يقل تأثيرها عن البندقية وعن حتي "القنبلة" التي تم التهديد بها أثناء العرض الأول للفيلم. هذا المخرج ترك لندن حاليا وسافر إلي كاليفورنيا للعمل من أجل حقوق عمال الفنادق والمطاعم والوقوف إلي جانب اتحاد العمال. واغلبهم من المهاجرين القادمين من دول امريكا اللاتينية.

في فيلمه "نوافذ" windaws يحكي حكايات العمال المهاجرين والعاملين في المطاعم الامريكية الذين لقوا مصرعهم في هجمات 11 سبتمبر 2001 وآخر أعماله وهو فيلم تسجيلي بعنوان "غارات نيوهافن" The New haven Raids يتناول عمليات الاعتقال التي قامت إدارة الهجرة الامريكية للعمال من ابناء امريكا اللاتينية الذين يشتبه في اقامتهم غير الشرعية.

جميع اعضاء أسرة "كوف" من الناشطين. ابنته المولودة في لندن. استاذه في علم الاجناس والحقوق القانونية وتعمل في المحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة وقد عملت في رواندا ويوغسلافيا سابقا. وكتبت عن البشاعات وكشفت عنها عام 2004 في كتابها "المرأة المعظمة" أو "المرأة العضم" The Bone Woman.

دافيد كوف يقوم حاليا بكتابة فيلم خيال علمي حول البيئة ويقول انه كان يتطلع إلي رؤية فيلمه "فلسطين المحتلة" مرة ثانية. لأنه حسب قوله "لم يشاهده وسط جمهور كبير منذ عرضه الأول في سان فرانسيسكو ولذلك فانني مهتم جدا بمعرفة ردود فعل الناس الآن".

* * مهرجان "فلسطين والصور المتحركة" يعرض لمدة يوم كامل "11 مايو" ضمن فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني مجموعة من الأفلام السينمائية والتليفزيونية التي تتناول اساسا موضوع فلسطين في السينما والتليفزيون.

يشارك في تنظيمه إلي جانب "مدرسة الدراسات الشرقية والافريقية" مركز الدراسات الفلسطينية التابع لمعهد الشرق الأوسط في لندن" ويعد المهرجان الأول من نوعه الذي يقام في لندن.

من بين المتحدثين في المهرجان باحثون اكاديميون. وفنانون ورعاة.

سوف تتناول المناقشات اساليب الدعاية الاستعمارية من خلال شرائط الفيديو والقيم الجمالية في الأعمال العسكرية وحتي القيم الاخلاقية المرئية.. ويتوجه إلي عشاق السينما والدارسين وصناع الأفلام والمهتمين بالشأن العام والقضايا العالمية.

المساء المصرية في

05/05/2013

 

محمد عاطف يكتب:

 The Big Wedding عندما ينحت الكبار 

جرت العادة السينمائية أن البحث عن أفضل الأفلام التي تتناول "حفل الزواج" - كحدث رئيسي- هو البحث عن الأقل سوءًا بينها، وكذلك الأفلام كبيرة المشاركة من نجوم الصف الأول، أو أفلام الكوميديا الرومانسية، اللهم بعض الاستثناءات، في أفلام مثل Four Weddings and a Funeral (1994)، Mama Mia! (2008)، Silver Linings Playbook (2012)، وقد بدا تفهم العمالقة المشاركين بفيلم The Big Wedding بأنه مجرد محاولة لمحاكاة النجاح الذي حققته تلك الأفلام - الاستثنائية- بشكل أو بأخر، من أجل صنع خلطة تجارية على طريقة فرنسية جرى أمركتها قدر المستطاع، وهو الأمر غير المستغرب على المنتج والمخرج والمؤلف التجاري جاستين زاخام.

قدم "زاخام" أحدث اعماله The Big Wedding – المأخوذ عن الفيلم الفرنسي السويسري Mon Frère se Marie (2006)- بشكل لا يعدو مستواه حلقة رديئة داخل مسلسل سيت كوم متواضع، حيث لم يحمل The Big Wedding سوى كمية لا بأس بها من الإفيهات الكوميدية التي اعتمد أغلبها على التلميح الجنسي من أجل إخفاء الفقر الدرامي والحرفي للقصة مزدحمة الشخوص والخطوط، فقد أطل علينا "زاخام" في عمله الأخير بعدد من نجوم الصف الأول- بدوا للوهلة الأولى متفهمين ضعف ما عُرض عليهم- فلم يتردد أحد منهم في أن يُخرج بعض مما في جعبته القديمة، بأداء مماثل تمامًا لما قدموه، أو أثنى عليه الجمهور والنقاد من قبل في الأعمال الجيدة السابق ذكرها في الفقرة الأولى.

تدور القصة حول الشاب "اليخاندو/ بن يارنيس" الذي تبناه كلًا من الأب فنان النحت "دون جريفين/ روبرت دي نيرو" والأم "إيلي جريفين/ ديان كايتون" بجانب أبنائهم "جاريد/ توفر جريس"، و"ليلى/ كاترين هيجل"، عندما يقرر "اليخاندرو" الزواج من محبوبته "ميسي باري/ أماندا سيفيلد" تقابلهما عقبة تدين الأم الأصلية لأليخاندو "مادونا/ باتريشيا راي" التي ترى – وفقًا لطائفتها الكاثوليكية- أن الطلاق خطيئة في حق الله، فيقرر الزوجين السابقين "جريفين" إعادة زواجهما مؤقتًا حتى تسير الأمور على نحو جيد أمام الأم المتدينة ويمر حفل الزواج بسلام، برغم أن ذلك يأتي على حساب حضور "بيبي/ سوزان ساراندون" - الصديقة التي تعيش مع الأب "دون" منذ سنوات- لحفل الزواج، والتي كانت من قبل صديقة للأم "إيلي"، وتتوالى الأحداث، وتتعدد الخطوط الدرامية في زحام، بين أزمة الأخت "ليلى" مع زوجها بسبب صعوبة الإنجاب، وأزمة الأخ الطبيب "جاريد" الذي لم يمارس الجنس بعد، إلى أن قابل أخت "أليخاندور" الشبقة "آنا ايورا/ مادونا"، لكن تدخل الأم يحول دون تواصلهما إلى أن يقعا في الحب بالفعل، لتتزامن لحظة ممارستهما الجنس الأولى مع عودة "ليلى" إلى زوجها بعد أن علم بحملها، في نفس وقت كشف تشابك العلاقات غريبة الأطوار بين جميع أفراد الجيل الأقدم من عائلتي "جريفين" و"باري"، ليقرر الحبيبان "أليخاندرو" و"ميسي" - وسط كل هذا التشابك- الزواج في هدوء بعيدًا عن ذاك الصخب، كما يكتشف الجميع في النهاية أنه ما كان لكل هذا الكذب أن يحدث حيث أن "أليخاندرو" نفسه هو ابن غير شرعي من علاقة قديمة لوالدته مع رجل متزوج!!

أما عن نسج "زاخام" لقصة تشابك العلاقات بين عائلتي "جريفين" و "باري" فحري بمادته تصوير فيلم خيالات جنسية كي يُعرض من خلال أحد المواقع الإباحية التي تبيع تلك النوعية لزائريها نظير اشتراك قدره 5 دولارات شهريًا، فقد خانت الأم "ايلي/ والدة العريس أليخاندرو" زوجها "دون" من قبل مع صديقه "باري/ والد العروس ميسي"، كما اكتشفت "بيبي" أن "دون" استغل موقف التمثيلية التى تم نسجها أمام والدة "أليخاندرو" وأقام علاقة جنسية جديدة مع زوجته السابقة، لكن "بيبي" غفرت لهما ذلك لأنها هي التي اختطفت زوج صديقتها في بادىء الأمر، كما تقبلت "مافن/ والدة ميسي" خيانة زوجها "باري"، لكن لم يكن ذلك التسامح بسبب عرض الجميع عليها إقامة علاقة جنسية مع "دون" كي يصير الأمر متعادلًا، بل بسبب أنها ترى "إيلي" امرأة مثيرة.. وكذلك "بيبي"، وأنها لطالما حلمت بلقاء "جنسي مثلي" يجمعها بكلا من "إيلي" و"بيبي"!!

في أغلب الحالات الاحترافية، تعتمد الكتابة الكوميدية كي تُحقق أعلى قدر من الضحك المتواصل على تقمص المُتلقي لشخصية أحد الأبطال، أو على الأقل خلق مساحة تعاطف جيدة بين هذا المتلقي وشخصيات العمل، إلا أن ذلك مُفتَقد تمامًا في "العمل/ النحتاية" التجارية لـ "زاخام"، فلا يمكن بأي حال تقبل المتلقي – بغض النظر عن ثقافته أو خلفياته- تقمص أي من الأوضاع المحرجة لأبطال The Big Wedding، أو التعاطف مع هذا الحجم المهول من الجنسانية التي لم يجب أن تقطر بهذا القدر من فيلم ينتمي لنوعية أفلام الكوميديا الرومانسية بما لها من طابع عائلي.

من المعروف عن بعض النجوم تقبل جميع ما يُعرض عليهم، ولكل منهم وجهة نظره في ذلك، لكن تدور أغلب الأراء في فلك المثل المصري "الإيد البطالة نجسة" واعتمادهم أن التاريخ يتذكر الأعمال الجيدة فقط، واستنادًا إلى هذا فلا نرى من أداء أغلب طاقم العمل في تلك "النحتاية" سوى عرض لأدوار ناجحة لعبوها من قبل، فنجد روبرت دي نيرو مخرجًا من جعبته القديمة دوره في فيلم (Silver Linings Playbook (2012 مع تطعيمه ببعض الفجاجة، ونجد أماندا سيفيلد مخرجةً من جعبتها دورها في فيلم (2008) !Mama Mia، أما عن دور روبين ويليامز الذي لعب دور القس الكوميدي "الأب مونيجان" نسخة قد تكون طبق الأصل من دوره في فيلم License to Wed (2007) وهي نوعية من الأدوار محببة للجمهور تعكس سخرية شرائح عديدة في المجتمع الأمريكي من الكنيسة، ومن فكرة الدين ككل.

قدم The Big Wedding بشكل جيد حجم العري الفج الذي يعيشه المجتمع الراقي الأمريكي، ليس في تشابك علاقات عائلتي "جريفين" و"باري"، ولا في المشاهد الجنسية أو الاستعرائية الموجودة بالفيلم (تم حذفها بواسطة الرقابة)، لكن في بقايا العنصرية التى لازالت رواسبها مطلة بفجاجة في المجتمع الأمريكي وظهرت بوضوح في حوار الشخصيات، حول التخوف من الحصول على أبناء ملونين في نسل العائلة، أو النظرة الدونية لليهود واللاتينيين، كما كانت صورة الفيلم غاية في البراعة وهي تقدم أجواء العرس الراقي من حيث جمال الديكور، والألوان المبهجة، بالإضافة إلى أن التناغم بين طاقم العمل استطاع بيسر اقناع المتلقي بأنه أمام عائلة حقيقية، غريبة الأطوار لكنها خفيفة الظل.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر: @Atef_Cinemania

البداية المصرية في

05/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)