حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

خريف السينما العربية في ثورات الربيع

مخرجون عرب يتحدثون عن واقعها

لندن: محمد رُضـا 

 

بعد أيام يلتقي السينمائيون العرب في واحد من أهم الإطارات الإبداعية حول العالم، عندما تبدأ دورة هذا العام من مهرجان «كان» أعمالها في الخامس عشر من مايو (أيار). يتهادى سينمائيون كثيرون من مصر ولبنان والمغرب وتونس والجزائر والإمارات العربية المتحدة على ساحل المهرجان السينمائي في دورته المقبلة، بالإضافة إلى سينمائيين عرب من المهاجرين إلى فرنسا وهولندا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا. هذا دأبهم منذ عشرات السنين. ومهرجان «كان» إنما هو متنفس لحب الحضور والظهور والترويج، وإذا كان ذلك ممكنا، عرض أعمالهم المنجزة ضمن تظاهرات رسمية مع إبقاء باب التوزيع والبيع أو البحث عن التمويل المقبل مفتوحا.

التمويل ليس عملية ترفيهية، بل هو عصب كل مشروع ذاتي أو استهلاكي على نطاق واسع. والسينما الحاضرة، سواء أكانت عربية أو غير عربية، هي سينما إنتاجات تعتمد على تمويل تؤمـنه مؤسسات سينمائية، وأخرى مصرفية لقاء فوائد تجارية.

الفيلم، بصرف النظر عن وجهته ونوعه، فعل مكلف ويتطلـب تمويلا باهظا لكي يلبـي الحاجة لإنتاج الأفلام. والممولون يراهنون على جمهور شغوف وفضولي يعيش في أوضاع مستقرة في بلادهم. يحبون السينما وينشدونها في صالات مدنهم أسبوعا وراء آخر.

هذا الجمهور بالكثافة التي تستطيع تأمين تمويل، ولو محليا، لم يعد موجودا في الدول المضطربة، تلك التي تعيش تبعات ثوراتها أو حروبا بين نظمها ومعارضيها. عمليا حضوره المحدود في صالات السينما المصرية غالبا لا يحسـب. وانعدامه، أو شبه انعدامه، في الدول التي أصيبت بزلازل المتغيرات، لا يمكن له أن يؤدي إلى ثقة أصغر منتج محلي ولا أكبر طامح، مهما بلغت إمكانياته الفعلية واستعداداته الطيـبة لخوض التجارب وإنقاذ البلاد من الكساد السينمائي الذي يشهده.

* تهديد بالإضراب

* بالإضافة إلى ذلك، فإن تجاذب قوى الصراع أوضاع ما بعد الإطاحة بالنظم السابقة لم ينته بعد. وفي الأساس، كانت قدرة السينما العربية على مجابهة الظروف السياسية العامة، مع تعدد وسائط العرض، وتطور التكنولوجيا، وعزوف قسم كبير من المشاهدين عن دخول الصالات، ضعفت على نحو كبير في كل من مصر وتونس والجزائر، وهي بقيت ضعيفة حجما، وفي بعض الأحيان نوعا، في سوريا وكانت معدومة في ليبيا. مع وجود الاضطرابات السياسية الحاصلة اليوم، فإن الماضي الضعيف ذاك يبدو كما لو كان ازدهارا.

القدرة الإنتاجية لتلك الدول التي كانت محكومة بحذر رأس المال التقليدي من التعامل مع مخرجين معينين (هم الصفوة بين السينمائيين عموما) والرغبة في تشغيل الطيعين من المخرجين الباحثين عن الفرص، باتت أيضا محكومة بالأوضاع المستجدة.. تلك الصراعات بين مصالح سياسية ودينية مختلفة. وهي في كل الظروف كانت، ولا تزال، محكومة بالمؤسسات الرقابية، وحسب المخرج المصري محمد خان: «ضبابية».

يقول في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «الرقابة ما زالت على حالها من الغموض. ومعاييرها ما زالت غير ثابتة كما كان عهدها دائما». لكن المخرج يلاحظ أيضا أن «الأفلام الروائية التي تعاملت والثورة ما زالت قليلة ومتباعدة، وفي رأيي أنها غالبا لم تكن ناضجة في تعاملها ذلك، أما السينما التسجيلية فنجحت أكثر في هذا التعامل».

محمد خان هو أول مخرج مصري رئيسي، ومن عداد جيل السينما الواقعية في الثمانينات، الذي ينجز فيلما جديدا هذا العام. بعد أربع سنوات عن الانقطاع إثر تحقيقه «شقة مصر الجديدة»، انتهى قبل أسابيع قليلة من تصوير «فتاة المصنع». وهو يروي حادثة وقعت له خلال التصوير تكشف عن دلالة ذات أهميـة:

«كان من المفترض أن أصور في مصنع معيـن، ووافق صاحب المصنع على ذلك، لكنه فوجئ بموظـف لديه ينتمي إلى الإخوان المسلمين يهدد بالدعوة إلى الإضراب إذا ما وافق على أن يتم التصوير فيه. تعاطفت مع صاحب المصنع عندما فاتحني بالموضوع آسفا وتفهمت وضعه، ثم اتفقت مع صاحب مصنع آخر».

هذه ممارسة رقابية وسلطوية ما زالت مستقلة عن الحكم، كونها من فعل أشخاص من خارج الحكم، لكن بتأثير من أجوائه وتوجـهاته، كما هو تهديد بالآتي.. ما يجعل المخرج يميل لاحتمال توجـه المخرجين الجادين إلى «سينما الأندرغراوند»: «تهديد هيمنة الجماعات الإسلامية موجود، وأنا واثق من أن حركة (أندرغراوند) سوف تنشأ وتتسع، خصوصا أن التقدم التكنولوجي الحالي سماء مفتوحة».

* مسألة عرض وطلب

* الرقابة في دول «الربيع» هذه كانت دائما موجودة وتهيمن على صياغة القرار الذاتي للكاتب والمنتج والمخرج والفنان والمبدع عموما. المتغيرات الحالية تختلف بين نظام وآخر في التفاصيل، لكنها في النهاية تلتقي، حيال فن السينما، على ممارسة هيمنة تتماثل، إن لم تكن تتجاوز، تلك السابقة.

في سوريا، وحيال هذا الوضع، سنجد احتمال انتقال التركيبة الرقابية من النظام المتعسف الحالي إلى النظام البديل إذا ما وصل المتشددون الإسلاميون إلى السلطة، وهذا أمر بات مستبعدا. على ذلك، فإن الرقابة، بصرف النظر عن نتائج الحرب القائمة الآن في سوريا، ستبقى، والسينمائي السوري سيبقى يعمل بمقتضاها. إما هذا أو أنه سيمتنع عن العمل لمعظم سنوات حياته المهنية كما هو حادث الآن مع نبيل المالح ومحمد ملص وأسامة محمد. هؤلاء عملوا لحساب مؤسسة السينما السورية مرات قليلة في تاريخهم، ثم توقـفوا منذ بضع سنوات عن التعامل معها للأسباب ذاتها التي سيرفضون فيها العمل مع بديل متطرف مثلا.

وهناك آخرون، كالمخرج والمنتج أنور قوادري الذي اختار منذ أمد بعيد الاستقلال بنفسه والعيش خارج بلاده، وهو يقول في هذا الشأن:

«لا شك أن المؤسسة حققت الكثير من الأفلام، وأوجدت العمل للكثير من السينمائيين، لكن ضمن شروطها الخاصة بالطبع. المسألة هي أن سيناريو وصول المتطرفين إلى السـلطة في سوريا هو أمر مستبعد تماما. أراه غير وارد على الإطلاق. لكن إذا ما حدث فإن كل النشاطات الفنية مهددة بالتوقـف، بما فيها المسلسلات الدرامية السورية».

المسلسلات الدرامية السورية في الحقيقة جانب خاص ومنفصل إلا من حيث مصيره المحتمل. هي حقل تجاري قائم بذاته، كان حقق نجاحا كبيرا قبل سنوات، ولا يزال قادرا على إنتاج نحو ثلاثين مسلسلا في العام الواحد لحساب الأسواق الخارجية، أو كما يشرح المخرج القوادري:

«هناك أكثر من زاوية للنظر إلى مستقبل الدراما السورية. الأول هو أن العدد سيتقلـص بصرف النظر عما ستنتهي الأحداث الراهنة إليه. أعتقد أن عدد المسلسلات السورية لن يزيد على 7 أو 10 في العام. وهذه سيتم تصديرها إلى التلفزيونات الخليجية أساسا، وهي التلفزيونات التي طالما دخلت طرفا أساسيا في إنتاجها على شكل سلفة شراء مسبق. أظن أن الغربلة ستتم إنما على أساس من العرض والطلب، وهو أساس سليم».

من ناحية أخرى لا بد من النظر إلى حقيقة ارتفاع معدلات الإنتاج الدرامي في منطقة الخليج الذي وصل مؤخرا إلى نحو أربعين عملا سنويا. الكويت وحدها أنجزت عشرين مسلسلا في العام الماضي، «هذا سيقلص الاعتماد على الإنتاج السوري بصرف النظر عن الوضع الحالي»، كما يقول القوادري الذي كان عمل سابقا في إطار السينما المصرية والبريطانية واللبنانية والسورية. وهو عانى مؤخرا من الأزمة الدائرة حاليا: «كان عندي فيلم من إنتاج بريطاني- مصري مشترك سميته (راقصة شرقية) وكان من المفترض أن أدخل تصويره في العام الماضي، لكن المشروع وقف بسبب إحجام الطرف المصري عن المضي في مثل هذه الظروف».

غير قوادري المشروع وأعاد كتابته كمسلسل تلفزيوني، لكن، على حد قوله: «الوضع الحالي ينسف كل المخططات».

من ناحية مقابلة، عرض المخرج التلفزيوني السوري بسام الخطيب فيلما سينمائيا حققه بعنوان «مريم» في بعض صالات دمشق. لكن الوضع الحالي من التأزم بحيث لا أحد يعتبر أن هذه الخطوة على أي قدر من الأهمية. هي ليست دليل استتاب وضع، ولا تستطيع حتى أن تكون رمزا لإمكانية استمرار الحياة السينمائية، رغم كل العوائق. الحقيقة المجردة هي أن عرض الفيلم، بصرف النظر عن قيمته، إضاعة جهد في مثل هذه الظروف.

* مواقف مغاربية

* في غير مكان المشكلة ذاتها بأثواب أخرى. في تونس كان عدد الإنتاجات السينمائية قـل كثيرا عما كان عليه في السبعينات والثمانينات (من عشرة إلى اثني عشر فيلما) حتى من قبل وقوع التغيير الذي لا يزال يجر ذيوله. بالتالي لم يستطع المنتج، مع حدوث المتغيرات، الحفاظ على نسبته الدنيا من الإنتاج.

في العام الماضي أنجزت السينما التونسية أربعة أفلام طويلة، أحدها، وهو «نسمة» لحميدة الباهي، اعتمد كاملا على تمويل فرنسي (وخرج ناطقا بالفرنسية فعلا ولو تم تصويره تونسيا). المخرج نوري بوزيد يضع الكلمات في موضعها الصحيح حين يرد على السؤال حول مستقبل السينما في تونس وسط هذه الظروف بسؤال آخر: «ولماذا يكون الوضع مختلفا اليوم؟ كيف للسينما التونسية أن تتحرر وتزدهر إذا ما كانت البلاد تمر بأزمة حكم، وأزمة ثقة، وأزمة حرية، سببها تمادي الجماعات الدينية المنغلقة؟».

فيلمه الأخير «مانموتش» (2012) (الذي خرج بالجائزة الأولى من مهرجان «الأقصر للسينما الأفريقية» قبل أيام) تم إنتاجه في أعقاب الربيع التونسي، بينما تقع أحداثه في أتونها. دراما اجتماعية على خلفية الأحداث الدائرة، وفحواها تتمحور حول فتاتين صديقتين (سهير بن عمارة ونور مزوي) واحدة محجبة والثانية لا تؤمن بالحجاب، وكلاهما خامتان صالحتان وتعملان معا في مطعم. المحجبة تتحاشى الاحتكاك مع صاحب المطعم الذي يتحرش بها، أما الثانية فهي مخطوبة لتونسي عائد من هجرة سنوات في باريس. لكنه عائد بعقلية مثيرة فيما يتعلق بحرية الفتاة المخطوبة إليه، ففي حين هو أبعد عن ممارسة الشعائر ويسمح لنفسه بالشرب، إلا أنه يريد من خطيبته أن تتحجب مدعيا أن والدته هي التي تريد ذلك. يساعده شقيقها الخارج من السجن معتنقا الوجهة المتطرفة والذي يحب الصديقة المحجبة. يلج الفيلم من هنا مشاكل كل فتاة مع محيطها، ومشاكلهما معا مع المحيط العام، وهو بذلك عمل رئيسي يتجاوز عثرات أفلام تونسية ومصرية أخرى تناولت موضوع الحياة الاجتماعية في وسط الظروف الحاضرة. الفيلم ووجه بعاصفة نقدية من قـبل الجهات التونسية المحافظة، والمخرج تلقى تهديدات بالقتل والتشهير، ولم يتسن له أن يـعرض في أي من صالات تونس على قلتها.

ليس بعيدا عما عصف بالسينما التونسية تكمن سينما ثابتة رغم مستجدات سياسية أخيرة منحت الإسلاميين حضورا سياسيا واضحا. إنها السينما المغربية التي ارتفع عدد إنتاجاتها في السنوات العشر الأخيرة إلى ما معدله عشرون إلى خمس وعشرين فيلما في السنة. المدير العام للمركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل يرجع أسباب هذا الثبات إلى عاملين مادي ومعنوي. يقول في اتصال هاتفي:

«لا تداخل مطلقا بين الإنتاجات السينمائية وبين التيارات السياسية. هذا لم يحصل من قبل ولا يحصل اليوم؛ لأن هناك ثوابت وضمانات. أولا هناك السلفة المسبقة التي تدفع من بعد قراءة السيناريو ومعاينة المشروع من نواحيه جميعا. إنها سلفة تحددها لجنة وطنية مستقلة تعين كل سنتين، وهي التي تختار الأفلام وتمنحها السلف نظير الإيرادات التي سيتم تحقيقها من السوق. ثانيا، هناك ضمان ملكي بحريات التعبير، وهذا الأمر يمشي بموازاة العامل الأول ويؤازره». ويرى الصايل بحكم موقعه أن «هذه السياسة أدت إلى حالة نشاط للسينما المغربية، وإلى وضع ثابت لها لا يتغير؛ لأنه ليس مرتبطا بالتغييرات الحكومية، أو بسياسات مرحلية من أي نوع». ما يزيد من رسوخ هذا الوضع أن المجال مفتوح لإنتاجات لا تتوجـه للمركز السينمائي المغربي طلبا للتمويل، بل تؤمـن ميزانياتها عبر شركات، إما خارجية أو محلية مستقلـة، كما الحال مع فيلم «أيدي خشنة» لمحمد عسلي، و«الرجل الذي باع العالم» لسهيل وعماد نوري، و«النهاية» لهشام لعسري، من بين أخرى خلال السنوات الخمس الأخيرة تحديدا.

الشرق الأوسط في

01/05/2013

 

فيلم "رينوار" للمخرج جيل بوردو..

انطباعات مزوِّر عن الانطباعية

ترجمة: عباس المفرجي  

في صبيحة مشمسة من يوم عادي من أيام الأسبوع، في مقهى في بروكلين، كان المخرج الفرنسي يقلّب في اللاب توب بحثا عن غاليريهات الفن العالمية. كان هناك صورة فحمية لدراسة عن لاعبي الورق بريشة سيزان، صورة بالحبر لدون كيخوته لبيكاسو، مسددا رمحه بوجه شمس اسبانية؛ وعالم خيالي، أزرق اللون، عليه الدمغات المشكالية لمارك شاغال.

العديد منها تُعتبَر صور فن. السلطات تعتبرها إثباتات. جميعها من ملف قضية غي ريب، مزوِّر الفن الفرنسي المدان، الذي نسخت يداه بعضا من أعظم التحف الفنية العالمية وهو الآن نجم الفيلم الجديد لبوردو.

فيلم " رينوار "، الذي أُفتتِح نهاية الشهر الماضي في نيويورك ولوس أنجلس، هو دراما عائلية رفيعة، تدور أحداثها في عام 1915. تركّز على بيير- أوغست رينوار ( ميشيل بوكيه )، عملاق الانطباعية؛ ابنه جان، عملاق السينما المقبل؛ والمرأة التي ستصبح آخر موديل للأب والزوجة الثانية للابن. كاتبا عنه في النيويورك تايمز، وصفه الناقد ستيفان هولدن بأنه ((فائق الجمال، يتصوَّر العالم مراقبا من قبل فنان مضعَف، بقى حيا بالفكرة التي تسلطت عليه بأن يرى كيف تسلب الضوء بشرة امرأة جميلة. )) في القيام بذلك، يعالج فيلم بوردو واحدا من أكثر المواضيع غموضا في السينما، صناعة الفن.

يمكن للعبقرية الإبداعية أن تكون في حطام عربة، لكنها أكثر صعوبة على الاحتواء في فيلم. كان بوردو واعيا جدا بهذا، ومن أجل إلهامه الخاص به نظر الى كيف تناول مخرجان مختلفان جبارا آخر للفن الحديث، فنسنت فان خوخ. ((خلق فنسنت مينيللي من جديد عمل فان خوخ في نظرة فيلمه، وتأليفه أداة تعبير كيرك دوغلاس. )) قال بوردو، مشيرا الى فيلم " شهوة للحياة " ( 1956 )، وواصل قائلا (( متنقلا في فيلم " فان خوخ "، تجاهل موريس بيالا بالكامل تصوير اللوحات في هذا الفيلم من عام 1991. لهذا ما حاولت أن أفعله هو العثور على طريق ثالث. لم أكن أريد استخدام إعادة خلق بالكومبيوتر للوحات. كنت أريد لها أن تكون معروضة بكونها مبدَعة في لحظتها. ))

أقحم غي ريب، الذي كان سمع عنه من خلال خبراء فن عالميين. (( كان معروفا جدا في أوساط مالكي الغاليريهات، )) قال بوردو: (( ولسبب وجيه، كانوا اشتروا لوحاته. )) دعوة غي ريب بالشخصية النابضة بالحياة، هو أمر غير مغالى فيه. وُلِدَ هذا الرجل في مبغى من أم عاهرة وأب ينتمي للعصابات، وهو عضو سابق في الفيلق الأجنبي الفرنسي ومريد مزمن للرسامين للعظام. برغم أنه أبدع وباع أعماله الخاصة به في وقت أبكر، فإنه أيضا قدّم لوحات ’’ ملهَمة ‘‘ من أساتذة الرسم الى حلقة مجرمي الفن الذين باعوا لوحاتها على أنها أصيلة.

أكثر منها مجرد عملية نسخ لأعمال معروفة، أبدع ريب أعمالا كانت تحاكي الأسلوب، لوحات كانت يمكن أن تُرسَم بريشة بيكاسو أو شاغال أو رينوار، وكان يذبلها، إن صح القول، في مجموعة خاصة قبل ان تكون متاحة للمشترين السذّج. بسبب هذا، حوكم ريب، في عمر 61، بالسجن ثلاث سنوات، وخرج في كانون الأول عام 2010.

(( كنت في وضع غير مستقر الى حد ما عندما أُقترِح عليّ هذا المشروع. )) قال ريب في الهاتف من باريس، مشيرا الى وضعه المالي بعد السجن. استخدمه بوردو للعمل معه في مايس 2011، ووفر له مرسما مجاور لمكتبه، وعَمِلَ لمدة ستة أشهر على اللوحات التي تظهر في الفيلم – لا فقط إعادة خلق لوحات رينوار الموجودة، بل أيضا تلك التي يمكن أن يكون أنجزها.

(( كان من المهم جدا بالنسبة لنا أن نقوم بالإعداد لتلك الفترة المكثفة، )) قال ريب، الذي مُنِح، مع بوردو، امتياز الدخول الى مستودع متحف دورساي الذي يضم لوحات رينوار، التي لم يكن الكثير منها يُعرض بانتظام في غاليريهات المتحف الباريسي. كان قادرا ، على نحو أكثر قربا، على دراسة التقنية التي جعلت لوحات رينوار رينوارية.

في الفيلم يظهر بوكيه في الخارج، وفرشاة في يد المضمدة، المصابة بالتهاب المفاصل، واضعا اللون على  الكانفاس؛ بينما تقطع الكاميرا بلقطة قريبة على اللوحة؛ تلك هي يد ريب منكبة على الرسم. (( رأيت ان يده يمكن أن تُوَجّه بنفس الطريقة التي يوَجه بها الممثل، )) قال بوردو. (( عندما كان عليه أن يرسم لوحة لرينوار، كانت له طريقة دقيقة جدا في تحريك يده. كان عليه ان يتوافق مع إيقاع اللوحة، كي تصبح مضبوطة. )) طريقتا أداء بوكيه وريب كانتا يجب، بالطبع، أن تكونا متساويتي الأهمية. (( أصبحت مدربه، )) قال ريب عن بوكيه: (( مدرب مختلف عن جيل، لأنه كان يركّز على النص، وأنا كنت أريد التأكد من أن حركات يده تعكس حركات يدي. ))

برغم الكثير من لوحات رينوار المزوَّرة، 63 في المجموع، التي تظهر في " رينوار"، فإن الفيلم لم يواجه قضايا حقوق النشر والتأليف التي شوّشت أفلام الفن الأخرى، مثل " باسكيا "، حين لم تسمح إحدى الولايات باستخدام صور الفنان وكان يجب حذفها، أو يعاد رسمها ( في حالة أعمال جان- بابتيست باسكيا، من إخراج جوليان شنابل ). في رأي برودو، لوحات ريب أضفت على فيلم " رينوار " حيوية لم يكن بالإمكان إنجازها بطريقة أخرى، وساعدت على تجنب المشاكل التي واجهها إنتاج أفلام مثل " بيكاسو الحي "، فيلم ميرتشنت- ايفوري لعام 1996.

(( أتمنى لو كان في الجوار عندما كنا نصنع فيلمنا، )) قال جيمس ايفوري عن غي ريب. (( كنا ممنوعين بالمطلق من استخدام أي شيء أبدعه بيكاسو، وضمن ذلك ما كتبه. أعتقد أنه كان أمرا يبعث على الحزن. كان يمكن ان يكون، بصريا، فيلما مختلفا. ))

قال ايفوري إنه: تحاشى الحديث للصحافة عن هراء فيلمه حول بيكاسو الحقيقي، معتقدا في ذلك الوقت إن هذا يمكن أن يضرّ بقدرة الجمهور على فهم الفيلم. على نحو مخالف، يبدو إن بوردو كان فرحا بمساهمة ريب.

 (( إنه يمكن أن ينظر الى اللوحة ويرى روح الفنان، وهذا ما جعله مزوِّرا جيدا، )) قال بوردو. (( كان يمكن ان يكون ملما بعمله كرسام كلاسيكي، أو رسام من عصر النهضة، أو رسام تقليدي في رسم المادونات في كنيسة. رينوار كان يرى نفسه حرفيا، وتلك هي مقاربة غي كذلك. ))

في فرنسا، تحسنت صورة ريب من خلال مقابلة، بعد خروجه من السجن، مع الكاتب جان- بابتيست بيريتيه. وهما الآن يشتركان في تأليف كتاب. (( واحد من الأشياء التي نعلق الأمل عليها في نهاية عمله في الفيلم، )) قال بيريتيه، (( انه من المحتمل عمله في أفلام أخرى في المستقبل. )) (( أليس أمرا مضحكا، )) أضاف بيريتيه، (( إن نفس الشيء الذي أدّى به الى السجن، يدرّ عليه الآن مالا بشكل قانوني؟ ))

عن صحيفة النيويورك تايمز

"التأجيل La Demora" إضافة إبداعية كبيرة للسينما في أورغوَي

ترجمة / عادل العامل  

يشكل التقدم في السن قضيةً تؤثّر فينا جميعاً في وقتٍ ما. فلايزال لدى معظمنا قدرٌ من الوقت من أجل التهيّؤ لبدايته. و في أثناء ذلك، سيكون علينا، على كل حال، التلاؤم مع تأثيراته على أحبائنا من المتقدمين في السن و الضغوط التي يتضمنها ذلك. و ( التأجيل La Demora ) هذا فيلمٌ يحاول أن يستكشف التوترات في العلاقة بين أبٍ يشيخ و ابنته المخلصة، المختلة الأحوال، التي تخضع لتذبذبٍ قاسٍ جداً، و إنساني جداً مع هذا، كما جاء في العرض النقدي الذي كتبه عن الفيلم ليو نيكولَديس.

فالفيلم يؤكد سريعاً طبيعة سلوك ماريا المتّسم بخفة الحركة  كأمٍ عزباء. فأبوها، أوغَستين، يحتاج للمساعدة في الاغتسال، حتى و هو يستطيع القيام ببعضٍ منه؛ و طفلاها الصغيران يتناحران بصخب على لا شيء بينما هي تحاول أن تجهزهما للمدرسة؛ أما طفلتها الأكبر منهماً، فقد بلغت السن التي تكون فيها واعيةً ذاتياً لعدم إعطاء أمها لها مصروف الذهاب إلى المدرسة في حينه. و كما هو شائع بين الكبار في السن، لا يزال أوغستين يتشبث بشكلٍ ما من الكفاية الذاتية و إنكار ما يتعلق بمدى الاختلال العقلي الذي لديه. و تُلفت ماريا انتباهه ذات يوم إلى أنه يضع ملعقة إضافية من السكّر في شايه، فيقول لها بعدم ارتياح : " أعرف، إنني أحبه هكذا ". و يمضي بعدها في اليوم نفسه، و هو من دون إشراف عليه، ليجول في البلدة كي يأتي ببعض الخبز فيجد نفسه مرتبكاً نوعاً ما و ضائعاً و هو يحاول أن يعرف المكان الذي اعتاد على العيش فيه

و يأتي دخل ماريا من عمل حر بالأجرة في خياطة تفصيلات على أكياس قطنية. و تبدو هشاشة هذا الوضع واضحةً حين تسمع مصادفةً و هي تسلّم في المعمل شحنة منجزة من عملها. فبعض المستخدمين الدائمين يشكون من ظروف عملهم و يقترح أحدهم القيام بإضراب، و يوبخ آخر العمال المؤقتين لعدم إزعاج أنفسهم بالانضمام إلى أي نشاط نقابي و الشعور بالسعادة لفرصة الحصول على أجور مضاعفة تبعاً لذلك. فتثور ماريا، و تتذمر لهم من افتقارها إلى الأجرة في العطل، والتأمين الصحي، وسلامة العمل ــ حتى و هي تواصل العمل نفسه لمدة خمس سنين

و يتأكد افتقار ماريا إلى الدعم أكثر حين تحاول أن تتقدم بطلب من أجل دار تمريض حكومية التمويل. فيقال لها إن الأماكن محجوزة اعتيادياً لأولئك الذين هم أسوأ منها، و مع آباء أكثر مرضاً و اضطراباً من ناحية السكن من أوغستين، الذي ينام على الأريكة بينما تتشاطر بقية الأسرة الغرفة الأخرى. و بالرغم من كل تراكض ماريا هنا و هناك، فإنها لا توصف بقدّيسة. فهي ذات مزاج محدود و يمكن حتى أن تكون فظّةً و عديمة الإحساس، و تتحدث عرَضاً عن أوغَستين و كأنه غير موجود، لا يمكنه أن يسمع أو يفهم : " ليس هناك منه غير المتاعب أو أن علينا أن نضع جرس الأبقار في عنقه ". و لنا أن نقرر ما إذا كانت الكلمات تمضي لحالها أو أنها تسبب الأذى. فهناك لقطات يبدو فيها وجه أوغستين العجوز يتجعد بانفعالات متنازعة. و هو على الأرجح لا يعرف نفسه تماماً كيف يشعر، و الرائع هنا أن الدور يقوم به ممثل للمرة الأولى، كبقية الممثلين، بهذه القدرة على الظهور بهذا الغموض.  

و لقد أجمل المخرج رودريغو بلا Rodrigo Plá رأيه بالفيلم بقوله: إن الفيلم يستكشف شيئاً ما يدعى " الحدث العاطفي " لكن الفيلم ممتع و جدير بالمشاهدة حتى لأسباب أكثر من هذا.

و مع أن من الموجع حقاً رؤية رجل عجوز عذب الطباع مشوشا هكذا، فإن الأمل معقود بعدد من الناس العاديين الذين يشعرون بالسعادة لتقديم المساعدة، و الذين يتدبرون القيام بذلك بطريقة ذكية لا تشجعه على الاستمرار في وضعه المشوَّش و لا تُشعره بأنه عبء على غيره. و يمكن القول إن مزيج الفيلم من الجدّية القاسية و التفاعلات الإنسانية الأبسط يجعله إضافةً كبيرة للسينما في هذا البلد الأميركي اللاتيني، أورغوَي.

عن / SOUNDS and COLOURS

فتح باب المشاركة في مهرجان أبو ظبي السينمائي السابع

المدى /خاص

أعلن مهرجان أبوظبي السينمائي عن بدء استقبال طلبات تقديم الأفلام لدورته السابعة، التي ستقام فعالياتها بين 24 أكتوبر -2 نوفمبر 2013. وسيستمر المهرجان، الذي تدعمه twofour54 أبوظبي، باستقبال الأفلام لغاية 15 تموز القادم

بلغ عدد الأفلام التي تقدمت للمشاركة في مهرجان العام الماضي أكثر من 3,500 فيلم تمثل حوالي 75 دولة، ما يؤكد شهرته الكبيرة ومكانته الملحوظة كواحد من أبرز مهرجانات الأفلام في المنطقة والعالم. كما شهد في نفس الفترة العروض الأولى لعددٍ من أهمّ الأفلام العربية، التي حصلت بعدها على  تقدير عالمي واسع وجوائز دولية مرموقة، بما فيها الفيلم الوثائقي اللبناني "عالم ليس لنا" للمخرج مهدي فليفل، الحاصل على ثلاث جوائز خلال مهرجان أبوظبي السينمائي 2012، وهي: اللؤلؤة السوداء للأفلام الوثائقية، و"فبريسي" و"نيت باك". بينما حصل الفيلم المصري "الخروج للنهار" للمخرجة هالة لطفي على جائزتي أفضل مخرج من العالم العربي و"فبريسي"  في مسابقة "آفاق جديدة" خلال المهرجان نفسه

وفي تعليق لنورة الكعبي، الرئيس التنفيذي لـtwofour54، بهذا الخصوص، قالت: "شهرة مهرجان أبوظبي السينمائي تزداد عاماً بعد عام، الأمر الذي يعكس سرعة نمو قطاع صناعة الأفلام والترفيه في أبوظبي. ويقدم المهرجان لصنّاع الأفلام والشركات مواقع مثالية للتصوير ومرافق بمستويات عالمية، إضافة إلى برنامج الحوافز الأول من نوعه في المنطقة، وذلك بهدف استقطابهم للعمل في العاصمة أبوظبي."

من جهته قال علي الجابري، مدير مهرجان أبوظبي السينمائي: "لقد شهد المهرجان نمواً كبيراً خلال الأعوام الماضية، من ناحية عدد وجودة الأفلام العربية المنتجة. ولعل أبرز أسباب هذا النمو هو عرض المهرجان لتشكيلة قوية من الأفلام العالمية، ليسهم من خلال هذا التنوع في تعريف السينمائيين المحليين والإقليميين على مجموعة متنوعة من الأساليب والتقنيات السينمائية."

يهدف المهرجان إلى نشر الوعي حول أهمية الفن السينمائي لدى الجمهور من مختلف الخلفيات والثقافات، كما يجذب أكثر الأفلام العالمية تميزاً إلى أبوظبي. ويسهم في تعزيز مكانتها كمركز للإبداع، من خلال تركيزه على الأفلام العربية ذات الجودة العالية، إضافة إلى دعمه ورعايته للمواهب المحلية وصناعة الأفلام التي تشهد ازدهاراً ملحوظاً

أبوظبي السينمائي يمدد مهلة الاستفادة من "سَند"

المدى/ خاص

أعلن مهرجان أبوظبي السينمائي عن تمديد مهلة تقديم الطلبات للاستفادة من صندوق "سَند"، الذي يهدف إلى دعم صنّاع الأفلام الناشئين في العالم العربي. ليصبح موعد تلقي الطلبات النهائي هو يوم 20 أبريل القادم، مع إعلان المهرجان عن فرصة التقديم للحصول على التمويل خلال المرحلة الثانية التي حدد الموعد النهائي لتقديم طلباتها في 1 يوليو القادم.   

يموّل صندوق "سَند" المشاريع السينمائية في مراحل التطوير ومراحل الإنتاج النهائية للأفلام العربية الوثائقية والروائية الطويلة. ويوفر "سَنّد" سنوياً تمويلاً إجمالياً قيمته نصف مليون دولار أميركي لصانعي الأفلام العرب ضمن فئتين، الأولى للمشاريع في مراحل التطوير وتصل قيمة المنحة إلى 20 ألف دولار، بينما تبلغ قيمة الحد الأقصى للفئة الثانية 60 ألف دولار للأعمال في مراحل ما بعد الإنتاج

وقد تمكن "سَنّد" أحد العناصر المهمة في مهرجان أبوظبي السينمائي، الذي تقدمه هيئة المنطقة الإعلامية في أبوظبي، من دعم 60 عملاً سينمائياً، اختيرت من بين المشاريع الـ450 التي تقدمت بطلبات الحصول على مُنّح الصندوق منذ انطلاقته في العام 2010. ويسهم المهرجان في تعزيز موقع إمارة أبوظبي كمركز إقليمي للإبداع من خلال تركيزه على الأعمال السينمائية العربية العالية الجودة

وأبرزت نورة الكعبي، الرئيس التنفيذي لهيئة المنطقة الإعلامية الاهتمام المتزايد بدعم صانعي الأفلام الموهوبين بقولها: "يوفر صندوق سَنّد فرصة رائعة لصنّاع الأفلام الناشئين من اجل إنتاج أعمالهم ومساعدتهم على عرضها أمام الجمهور العالمي. يعزز "سَنّد" من جهود مهرجان أبوظبي السينمائي الهادفة لإنشاء صناعة أفلام مستدامة بالمنطقة عن طريق توفيره الدعم لصنّاع الأفلام العرب الشباب والمبدعين وتطوير أفكارهم ورؤاهم وقصصهم." 

وصرح علي الجابري، مدير مهرجان أبوظبي السينمائي بهذا الشأن قائلاً: "نشجع صنّاع الأفلام الجدد والمتمرسين على حد سواء لتقديم مشاريع أفلامهم الجريئة والمميزة من اجل الحصول على تمويل من سَنّد لإبراز النوعية الممتازة للأفلام العربية. لقد إستقبل "سَنّد" أكثر من 450 مشروعاً منذ انطلاقته قبل ثلاث سنوات، ودعم منها عشرات الأفلام الناجحة والحائزة على عدة جوائز من أبرز المهرجانات العالمية."  

وقد شاركت الأفلام المدعومة من "سَنّد" في عدد من أبرز المهرجانات السينمائية العالمية كمهرجان "كان"، "والبندقية"، "وتورنتو" وغيرها، الأمر الذي يؤكد أهمية فكرة الصندوق وصحة معايير عمله. وقد تكلل هذا النجاح باقتصار اختيارات مهرجان برلين الأخير (البرلينالة) للأفلام العربية الطويلة في دورته الـ63 على الأفلام المدعومة من صندوق "سَنّد"، وهي: "عالم ليس لنا" و"الخروج للنهار" و"لما شفتك". وقد سبق لهذه لأفلام الحصول على جوائز مهمة في مهرجان أبوظبي السينمائي 2012.

"الحدود الأخرى":

يوميات الهجرة السرية للمجهول

طاهر علوان

لعل عالم الهجرة السرية او مايسمى الهجرة غير الشرعية كان ومايزال موضوعا اشكاليا في اية عندما  يسلط الضوء عليه في اية  بقعة من بقاع الأرض ، والمعضلة دائما هي واحدة ، معضلة الأنسان الباحث عن " ملاذ آمن " عن بديل انساني يحقق له جانبا من جوانب الحياة الأنسانية السوية ، وحيث انسان هذا العصر المهدد على الدوام بالعنف والفقر والأستبداد والجريمة ، انسان تطوقه الأنظمة الساسية الفاسدة التي تدفع الأنسان دفعا الى النزوح والأنقطاع عن الجذور وعن الوطن الأم .

ولعل هذه خلاصة مشتركة يلتقي بها مئات الوف المهاجرين من حول العالم لاسيما اذا علمنا ان المعدل العام السنوي للهجرة  قبل عشر سنوات من الآن كان في حدود 150 مليون انسان ليصل اليوم الى قرابة 240 مليون  بحسب احصاءات منظمة الهجرة العالمية التي تقول باختصار شديد ان واحدا من كل 33 شخصا في العالم هو مهاجر ولنا ان نتخيل العدد الضخم للمهاجرين من حول العالم .لكن السؤال هو كيف تجري وقائع حياة وماذا عن التحديات التي تواجه هؤلاء المهاجرين المنخرطين في مجال الهجرة السرية معرضين انفسهم الى انوع لاحصر لها من المخاطر الجسام .

عينة محددة لهذا الواقع التراجيدي يمكن تلمسه في كثير من البقاع لكن مدينة ونهرا يقعان بالقرب من الحدود المكسكية المتاخمة لغواتيمالا يمنحاننا صورة مجمسة لعالم الهجرة بتداعياته ومشكلاته وتفاصيلة السرية والمخبئة ، هنا على تلك الأرض ثمة حياة اخرى منسية لمئات الوف البشر الذين يستللون ليلا ونهارا عبر منافذ وممرات سرية خطرة لبلوغ احلامهم وهو مايناقشه الفيلم الوثائقي (       المكسيك – الحدود الأخرى ) للمخرجة لاورا ولدنبيرج - فرنجز .

هذه هي مدينة ( تيكونومان ) وهذا هو نهر ( سوشيات ) وكلاهما يفصلان بين غواتيملا عن حدود المكسيك ،  نهر يقطعه مئات من سكان هذه البلاد للعبور الى الضفة الأخرى حيث الأراضي المكسيكية وهي الخطوة الأولى للعبور الى العالم الآخر ، اربعة نقاط عبور رسمية على النهر يمكن لمن يمتلك اوراقا رسمية ان يتخذها معبرا آمنا في مقابل اكثر من 300 معبر يمر عبر ادغال وسهوب ومرتفعات هي منافذ الهجرة السرية التي يتخذها اولئك المهاجرون الذين لايتدفقون من غواتيمالا فحسب بل من سائر بلدان امريكا الوسطى مثل ( السلفادور والهوندوراس ونيكاراغوا ) حتى بلغ عدد من تسللوا عبر هذه المنفذ الى قرابة نصف مليون شخص بين الأعوام 2005 و 2009 وبما معدله 100 الف شخص سنويا .

يتابع الفيلم الحياة الواقعية اليومية لأولئك المشردين والفقراء فضلا عن الشباب الطموح وهم يغذون الخطى لأجتياز مدينة جياباس ، آخر نقاط الحدود ومن هناك يبدأ الخوف والترقب.

تلاحق عدسة المصور يوميات هؤلاء العابرين على جناح الخوف ويلتقي رجال شرطة ومنفذي قانون على طرفي الحدود بين العالمين .

ولعل التراجيديا المريرة التي يكشفها الفيلم هي في وقوع اولئك الحالمين بالجنة الموعودة في براثن قطاع الطرق والمهربين وسماسرة الأتجار بالبشر ومحترفي الدعارة المنظمة والأتجار بالمخدرات وهم الذيم يكونون بانتظار هؤلاء المهاجرين السريين بمجرد وصولهم الأراضي المكسيكية .

في وسط هذا الجو المخيف تطل مايعرف بمدينة التضامن وهي مدينة حدودية صغيرة  داخل الأراضي المكسيكية واول مدينة بعد الحدود ، هناك تتجسم مايشبه ( محمية طبيعية لكل شيء) ، هنالك المطاعم والبارات والنوادي الليلية والغرف  الفندقية البائسة رخيصة الثمن وهناك ايضا تجري فصول ابتزاز اولئك المهجرين بطريقة مزرية ، اخذ اوراقهم بحجة ايجاد عمل لهم او لأية حجة اخرى ثم ابتزازهم فأما ان يدفعوا مايطلب منهم وخاصة من النساء او اجبارهن على ممارسة الدعارة وهو ماتتعرض له اغلب النساء العابرات للحدود واللائي كل هدفهن اللحاق بعائلاتهن في الولايات المتحدة او البحث عن حياة افضل لأطفالهن وحيث سواد كبير منهن يكن مصحوبات بهم  وهناك يقعن في مصيدة الأتجار بالبشر والدعارة .

يناقش الفيلم من زوايا متعددة حدود الظاهرة فيلتقي بنساء وجدن انفسهن وسط هذه المحنة وكذلك برجال تحري وقانون ومع اصحاب مقاهي ومطاعم وعلب ليل ويعرض كيف تعيش تلك الكائنات التي وجدت نفسها في هذا المأزق .

ولعل الأوجه الأخرى للمأساة تتمثل في تداخل عناصر كثيرة في محنة هؤلاء المهاجرين السريين ، اجهزة الهجرة المكسكية تطاردهم في السهول والغابات والمناطق الجبلية وفي نفس الوقت وهم يهربون من رجال الشرطة فأنهم يقعون في قبضة عصابات الجريمة المنظمة التي تقوم باختطاف الكثيرين لغرض ابتزازهم واخذ  اموالهم او زج النساء الشابات في اعمال الدعارة او اجبارهم للأنخراط في الأتجار بالمخدرات .

ليل مدينة " هويكستلا" المكسكية مثل نهارها ، هي مدينة تعيش على ايقاع حياة الغرباء القادمين من امريكا الوسطى رجالا ونساء ورحلتهم الشاقة تتدرج قدما لتبلغ نهاياتها .. نهايات هم يحلمون بها وتتدفق من خلالها المعالجة الفيلمية على اكثر من مستوى :

الأفادات الفردية للمهاجرين السريين وهم يروون قصة احلامهم وطموحاتهم وبحثهم عن حياة بديلة خاصة في الولايات المتحدة بعدما يقطعون الأراضي المسكسة بطولها لبلوغ الأرض الموعودة ، هذا اذا بلغوها .

يوميات العيش في مدن الهجرة السرية على التتابع : " " تيكونومان " – " هويكستلا " – " تابجولا " – " ارياجا " حيث المكابدات هي نفسها تفصح عن نفسها من خلال يوميات الهجرة السرية ومشاعر الأحباط والرهبة التي تنتاب هؤلاء المهاجرين والمهاجرات خوفا من اعادتهم عنوة الى بلدانهم

المعايشة الواقعية التي زخر بها الفيلم لدورة الحياة البشرية التي تدب عبر النهر الفاصبل بين غواتيمالا والمكسيك وصولا الى معايشة يوميات النساء المهمشات المنسيات ، ضحايا الهجرة غير الشرعية وعصابات الجريمة المنظمة .

التفاصيل اليومية التي قدمها رجال تطبيق القانون والهجرة وهم يكشفون بوضوح  كيف يتحول الطموح بأرض بديلة وبلاد اخرى  الى مصيدة للطموح ، مصيدة لهؤلاء المهاجرين .

على ان ماهو افدح من كل ذلك هو مابعد دخول الأراضي المكسيكية عندما يكون قطار الشحن والبضائع هو الوسيلة المعتادة لهؤلاء المهاجرين السريين الذي يتسللون اليه ويتدفقون بالمئات الى سطوحه وزواياه لقطع مئات الكيلومترات داخل الأراضي المكسيكية في فصل جديد من فصول العناء والشقاء الذي يتابعه الفيلم بدقة مصاحبا اولئك المهاجرين في رحلتهم المتواصلة .

وخلال وبعد هذه الرحلة سيكون سعيد الحظ من سينجو من فخاخ عصابات الجريمة المنظمة التي تكون بانتظارهم اما لأختطافهم وابتزازهم او تسخيرهم لتجارة المخدرات او استغلال النساء جنسيا.... عرض  مأساوي حقا ومنسي في عوالم مجهولة وبعيدة تماما عنا ولكنها تكشف عن واقع مشترك لعذابات ومكابدات من تركوا ديارهم في اطار الهجرة السرية باحثين عن امل وعن حياة اخرى ولكن الأماني شيء وعذابات الرحلة ومخاطرها الجسام شيء آخر.

المدى العراقية في

01/05/2013

 

"صدمة" زياد الدويري.. تشعل جدل مقاطعة إسرائيل في لبنان

المخرج اللبناني وصف قرار الداخلية منع فيلمه من العرض في بيروت بالغبي

دبي - يارا الأندري

مروحين، قانا، غريفا، صور، حولا وعيتا الشعب.. كلها أسماء لقرى لبنانية جنوبية عاشت مجازر إسرائيل. وسحق أطفالها تحت قنابل الطيران الهمجي.

لعل زياد الدويري السينمائي اللبناني، لم يسمع بكل تلك المجازر التي ارتكبها بلد، قصده بنفسه لتصوير أجزاء من فيلمه "الصدمة". فالمخرج الموهوب سافر إلى تل أبيب واستعان بممثلين إسرائيليين، بحجة أن الفيلم يتحدث عن فلسطينيي الداخل، لذا لابد من تصوير مشاهد هذا العمل، الذي سيلف العالم، في إسرائيل.

كما أن "الفلسطينيين أنفسهم صوروا العديد من أفلامهم في الداخل الإسرائيلي، لا بل بعضهم استعان أيضاً بممثلين وتمويل إسرائيلي"، بحسب زياد، فلِمَ على اللبناني أن يكون ملكياً أكثر من الملك، ولِمَ عليه أن "يرفع الراية والقضية الفلسطينية أعلى من الفلسطينيين أنفسهم".

وقد ذهب السينمائي الشاب أبعد من ذلك، معلناً أنه اختار ممثلين إسرائيليين لأن هذا كان قراره "الفني"، وهو غير نادم على ذلك، كما لا يجد نفسه مضطراً لتقديم أي اعتذار، بحسب تعبيره.

يمكن اعتبار دفاع الدويري هذا الذي نشر في حسابه على "فيسبوك"، وجهة نظر يجوز التوقف عندها، لكن العداوة لإسرائيل في لبنان ليست على الإطلاق وجهة نظر، بل موقفا يتخذه معظم الشعب اللبناني. لعل هذا ما أثار موجة استياء على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر العديد أنه كان حريّ على لبناني بلغ العالمية أو على طريقها أن يتخذ موقفاً، يُسمع من خلاله أنين أطفال الجنوب الذين قضوا تحت نيران الهمجية الاسرائيلية، وخسائر قدرت بملايين الدولارات للبنى التحتية التي سحقت بتوقيع قنابل إسرائيلية.

إلا أن زياد لم يفعل، بل ظن أنه حوّل اللعبة لصالحه عندما نشر على موقع فيسبوك "إجازة العرض" التي نالها من الأمن العام اللبناني، فألقى الكرة في ملعب وزارة الداخلية والدولة اللبنانية. وظهرت الأخيرة متخبطة عاجزة عن معرفة أي قرار تتخذه. فهي واقعة بين سندان الحريات والرقابة، وبين الموقف من مقاطعة إسرائيل. فأتاها الجواب واضحاً من مكتب مقاطعة إسرائيل التابع للجامعة العربية. جواب لم يُرض بالطبع المخرج اللبناني، فما كان منه إلا أن وصفه بالغبي، متسائلاً "إن كان المنع سينهي الاحتلال الإسرائيلي أو سيحسن من ظروف الفلسطينيين". لعله لن يفعل بالتأكيد، لكنه على الأقل سيسجل موقفاً يحسب لصالح المُقاطع.

رواية ياسمينة خضرا

يذكر أن الفيلم مقتبس عن رواية "الهجوم" للكاتب الجزائري ياسمينة خضرا. ويروي قصة طبيب من عرب الداخل أو عرب إسرائيل، يكتشف أن زوجته نفذت عملية "انتحارية" في تل أبيب، فيعيش "صراعاً"، يفصّله الكاتب بتأنٍ في موضوع، يستهوي الغرب عادة، لاسيما وأن خضرا صاغه بطريقة "مرضية"، لما يتوقعه القارئ الغربي، الذي لا يعي كثيراً تفاصيل المأساة الفلسطينية.

وفي حين ولّد المنع جدلاً واسعاً في لبنان بين مؤيد ومعارض له بحجة الحريات والحفاظ عليها، لا سيما بعد امتناع وزير الثقافة من ترشيحه باسم لبنان للأوسكار، فاز "الصدمة" بجائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة في الدورة السابعة عشرة من مهرجان كولكوا للفيلم الفرنسي في هوليوود. فبعد أسبوع على الاعتداء المزدوج في بوسطن الذي ألحق صدمة في الولايات المتحدة، اختار جمهور المهرجان مكافأة هذا الفيلم.

وقد عرض "الصدمة" في إطار فئة مستحدثة في المهرجان بعنوان "سينما العالم من إنتاج فرنسا"، وفاز بثلاث جوائز هي جائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة وجائزة "كامينغ سون" التي استحدثت هذه السنة أيضاً، وتكافئ فيلما اشتراه موزع أميركي.

ومن المتوقع أن يعرض في الصالات الفرنسية اعتبارا من 29 مايو/أيار وفي الولايات المتحدة اعتبارا من 21 حزيران/يونيو.

العربية نت في

01/05/2013

مخرج لبناني يفوز في مهرجان الفيلم الفرنسي بهوليوود

"الهجوم" لزياد الدويري حصد جائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة

لوس أنجلوس – فرانس برس

فاز فيلم "الهجوم" للبناني زياد الدويري بجائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة في الدورة الـ17 من مهرجان "كولكوا" للفيلم الفرنسي في هوليوود، على ما أعلنه المنظمون في ختام المهرجان.

وبعد أسبوع على الاعتداء المزدوج في بوسطن الذي ألحق صدمة في الولايات المتحدة ولا يزال يتصدر الأخبار فيها، اختار جمهور المهرجان مكافأة فيلم "الهجوم" المقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الجزائري ياسمينة خضرا والتي تتبع طبيباً من عرب إسرائيل يكتشف أن زوجته ارتكبت هجوماً انتحارياً في تل أبيب.

والفيلم الذي عُرض في إطار فئة مستحدثة في المهرجان بعنوان "سينما العالم من إنتاج فرنسا"، فاز بثلاث جوائز هي جائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة وجائزة "كامينغ سون" التي استحدثت هذه السنة أيضاً وتكافئ فيلماً اشتراه موزّع أميركي.

وسيُعرض فيلم "الهجوم" في الصالات الفرنسية اعتباراً من نهاية شهر مايو/أيار المقبل وفي الولايات المتحد اعتباراً من 21 يونيو/حزيران.

العربية نت في

23/04/2013

الهجوم يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان مراكش الدولي للفيلم

الفيلم يتناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مقاربة غير تقليدية

مراكش - خديجة الفتحي

حاز الفيلم اللبناني "الهجوم"، للمخرج زياد دويري، على النجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، الذي اختتمت فعاليات دورته الثانية عشرة أمس السبت.

وحصل فيلما "طابور"، للمخرج الإيراني وحيد فاكيليفار و"اختطاف" للمخرج الدنماركي توبياس ليندهولم على جائزة لجنة التحكيم. كما تُوج الفيلم الدنماركي أيضا بجائزة أحسن ممثل، والتي عادت إلى الفنان سورين مالينك. فيما فازت الممثلة الأستونية إلينا رينولد بجائزة أحسن ممثلة في فيلم "جمع الفطر" للمخرج توماس هوسار

ويروي فيلم "الهجوم"، الحائز على النجمة الذهبية لمهرجان مراكش الدولي للفيلم٬ خلفيات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من خلال رؤية فكرية تراهن على تجاوز الخطاب الأخلاقي والكشف عن البعد المأساوي والإنساني لهذا الصراع.

ويحكي الفيلم، الذي يستوحي أحداثه من رواية ياسمينة خضرة٬ وهو من إنتاج فرنسي لبناني قطري مصري وبلجيكي مشترك٬ والقصة لأمين جعفري الجراح الإسرائيلي ذي الأصول الفلسطينية٬ والذي يعيش في تل أبيب مندمجاً في المجتمع الإسرائيلي٬ لديه زوجة محبة ووظيفة، ولكن سرعان ما تنقلب حياته جذريا حينما تخبره الشرطة الإسرائيلية بتورط زوجته سهام في هجوم انتحاري بواسطة قنبلة أودت بحياة 17 شخصاً.

أمين واثق من براءة زوجته، مما جعله يرفض كل هذه الاتهامات، لكن هذه القناعة ستهتز أمام رواية الشرطة التي ستسلمه رسالة كتبتها سهام، قبل تفجيرها الانتحاري، تؤكد فيها مسؤوليتها عن هذه العملية. وفي حالة من الصدمة يقرر أمين جعفري ولوج الأراضي الفلسطينية المحتلة أملاً في لقاء أولئك الذين جندوا زوجته.

ويحمل الفيلم نوعاً من الإثارة النفسية والتحري حول أوضاع جعلت سيدة جميلة ومرحة غير متدينة، تغير رؤيتها للأشياء بعد ما راكمت العديد من مشاهد الجرائم الصادمة والأليمة في حق الشعب الفلسطيني، كان من أبرزها مجزرة جنين الوحشية.

ووظف المخرج تقنية التشويق القائمة على عملية الاسترجاع (فلاش باك)، مع تكثيف اللغة السينمائية، واعتماد اللقطات المكبرة لسبر أغوار الشخصيات، وتمزقاتها ومفارقاتها الدرامية الصادمة، بعيداً عن المباشرة أو الانحياز العاطفي والأخلاقي لأي طرف من أطراف الصراع، محطماً المقاربات الدوغمائية والبراغماتية التي سبق أن تناولت الصراع العربي الإسرائيلي.

وهذه المقاربة أثارت نقاشاً قوياً داخل الأوساط النقدية والإعلامية في فضاءات مهرجان مراكش٬ بين من اعتبر أن المخرج ساوى بين الضحية والجلاد، بينما ذهب البعض الآخر إلى أن زياد دويري تجاوز التصورات النمطية التي لا تخدم القضية الفلسطينية.

يذكر أن دويري أخرج العديد من الأفلام القصيرة٬ وعمل مصوراً مساعداً في عدة أفلام أبرزها الأفلام الثلاثة الأولى لكونتن تارانتينو. وفاز فيلمه الروائي الأول "بيروت الغريبة"، الذي أنجزه سنة 1998، بجائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي.

العربية نت في

09/12/2012

 

فيلم وثائقي عن نعمة النفط ونقمته في إفريقيا يعرض في مهرجان تريبيكا السينمائي

(نيويورك - د ب أ) : عرض فيلم «بيج مين» الوثائقي، أي الرجال الكبار، من إخراج راشيل بوينتون لأول مرة في مهرجان تريبيكا السينمائي في نيويورك، بعد أن استمرت عملية إنتاجه منذ عام 2005، عندما بدأت بوينتون دراسة الموضوع.

ويدور الفيلم حول الصراع بين الجشع والسياسة والأمل في مستقبل أفضل، إذ يتناول الفيلم استغلال حقول النفط في البلدان الافريقية، مبينا كيف يمكن للموارد ذات القيمة أن تجلب الرخاء والدمار للشعب في آن واحد.

ويتطرق إلى عملية استغلال النفط في غانا، بدءا من اكتشاف حقول النفط حتى بدء إنتاج هذه السلعة الثمينة، مع التركيز على المفاوضات الجارية بين الحكومة وشركات النفط الأجنبية المهتمة بذلك.

وما يجعل الفيلم زاخرا بالمكائد بشكل خاص هو أنه يسرد جنبا إلى جنب ازدهار تجارة البترول في غانا وقصة الدمار الناجم عن النفط في نيجيريا، الأمر الذي يعطي قصة تحذر من تغلب شهوة الجشع.

وفي نيجيريا بدأ إنتاج النفط في خمسينيات القرن الماضي، مع اكتشاف النفط في دلتا النيجر، وسرعان ما أدى إلى الاقتتال واستشراء الفساد على نطاق واسع في البلاد.

ولان المخرجة أتيحت لها فرصة غير عادية للوصول إلى الميليشيات في نيجيريا، فإن الفيلم الوثائقي يظهر اليأس حيال النفط الذي أدى إلى أن يدمر الناس هناك عمليات إنتاج الوقود، احتجاجا على الفساد واختلاس الأموال من الموارد الوطنية.

ويعطي عقد مقارنة مع نيجيريا معنى أعمق لعملية التفاوض في غانا، مثلما تتكشف الأحداث في الفيلم، وهو الأمر الذي يجعل المشاهدين يحدوهم الأمل في أن غانا ستتجنب الوقوع فريسة لإغراء الفساد والمال السريع.

ويشرح احد المسلحين النيجيريين «الرجال الكبار»، وهم أصحاب الثروة والسلطة، والذين يأمل الجميع أن يصبحوا مثلهم، غير أن هناك أيضا قلة فاسدة تستفيد من الموارد الطبيعية التي يجب أن تكون مملوكة لجميع المواطنين.

ويعطي الفيلم نظرة عالية الدقة ومتوازنة في مجال النفط في البلدان الافريقية، والتي تحققها المخرجة من خلال معايشتها الفعلية للموضوعات التي تناولها الفيلم.

وبينما انه من الواضح أن المخرجة تؤيد فكرة أن مواطني أي بلد ينبغي أن يستفيدوا من النفط، إلا أن وجهات نظر جميع الأطراف المشاركة يتم شرحها على نحو من التفصيل والإنصاف، لدرجة يستحيل معها تقريبا التحيز لأي طرف.

ويسلط الفيلم الضوء على صعوبة تنفيذ نظريات سياسية واقتصادية معينة على أرض الواقع، الامر الذي يبين في نهاية المطاف أنه في حين أن جشع البشر هو أكبر عقبة أمام السعادة، فإنه في نفس الوقت القوة الدافعة الرئيسية للتنمية الاقتصادية.

الجريدة الكويتية في

01/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)