"دولوريس " أو "لوليتا".. كتبها فلاديمير نابوكوف فى روايته التى تحمل
اسمها عام 1955، إنها المراهقة الطفلة التى أسرت رجلا أربعينيا يدعى "هامبرت"
انتقل بمحض المصادفة للإقامة وقتا فى منزلها هى وأمها، لتتغير حياة ثلاثتهم
إلى الأبد إثر هذه المشيئة القدرية التى عبثت بقلب "هامبرت" دافعة إياه
لعشق "لوليتا" بمشاعر شبه مخبولة تقوده لفعل أى شىء يمكنه من التقرب منها.
الرواية أحدثت ضجة كبيرة ورفض عدد من دور النشر التعاطى معها نظرا
لموضوعها الشائك وفرط جرأة كاتبها.
"نابوكوف" استلهم روايته من وريقات ارسلها له بطل الحادثة الحقيقى وهو
فى سجنه يقص له فيها عنه وعن فتاته "لوليتا" التى تسربت إلى كيانه وفى
اللحظة التى هُيأ له فيها أنها ملكه إكتشف أنها تعلقت بغيره مفضلة اياه
لتهرب معه، وما كان من الرجل المغدور به إلا أن أودى بغريمه المزعوم قتيلا
وارتضى أن ينتقم منها ومن نفسه على مذبح جثة العشيق ويحيا البقية الباقية
من حياته سجينا.
كتب "نابوكوف" شخصية هذا الرجل بمنتهى الجرأة.. كتب إحساسه وخيالاته
ومعاناته النفسية.. كتب دقائقه وتفاصيله ليخرج به إلى العالم غير مبال
بتأففه ورفضه لحادثة واقعية نأبى كمجتمعات انسانية أن نعترف حتى بوجودها.
"لوليتا" فى السينما
تناولت السينما "لوليتا" فى عملين أحدهما لستانلى كوبريك عام 1962
والآخر لأدريان لين"عام 1997، والنظرة الأقرب للأشياء ستدعو بالطبع
للإنحياز إلى نسخة كوبريك والتهافت على التعرض لها أولا على أساس من الثقة
فى اسم وتاريخ مخرج كهذا، ولكن الغريب أن نسخة أدريان لين تفوق ما أعده
كوبريك من "لوليتا" للسينما بمراحل ولدرجة لا يمكنك فيها التفكير قليلا قبل
الاقرار بهذا.
البداية قوية فى النسختين.. إختار كوبريك أن يرسمها فى لوحة طويلة
نسبيا ولكنها مشحونة بالتوتر والغموض تملأك ترقبا وتغذى بصريتك بتأمل
مكونات الكادر.. منزل فخم تعمه الفوضى تتبعثر محتوياته هنا وهناك يخطو
بينها رجلا ستعلم فيما بعد أنه "هامبرت" تتقافز عيناه بحثا عن شىء غير
مفهوم ومن ثم ينادي باسم "كويلتى" فيتحرك كيان ما تحت ملاءة تغطى أحد
المقاعد ويظهر رجل آخر من تحتها تتضح عليه علامات السكر وعدمية الوعى
بالعالم من حوله. يحدث بينهما حوار ينتهى بمقتل الثانى وهو مختبأ خلف لوحة
لفتاة جميلة القسمات يتناقض فيها الهدوء والسلام الذى تبثه ملامحها مع صراخ
"كويلتى" وهو يحتضر.
افتتاحية غاية فى القوة والجمالية ستظل هى الأبقى فى ذهنك من نسخة
كوبريك ولكن كم الانفعالية التى خلقتها لم تكن لتتسق فيما بعد مع برودة
وعادية ما تلاها من مشاهد لم تتماشى بدورها أيضا مع ما يفرضه أسلوب حميمية
سرد الراوى الذى يظهر بصوت "هامبرت" ليقص عليك الحكاية من أولها قبل ثلاث
سنوات، وهنا نقطة تُحسب لصالح نسخة "لين" الذى إختار أن يستبقى مشهد قتل "هامبرت"
لـ "كويلتى" فى نهاية الفيلم وأن يكتفى منه فى الإفتتاحية بلقطة ترتخى يد "هامبرت"
فيها على مسدسه المُلطخ بالدماء.. يقود سيارته بعينين نائمتين وكيان تائه
متشبثا بـ"بنسة شعر " تخص فتاته "لوليتا"، يطل صوته فى الخلفية وهو يُمهد
لسرد كل شىء بالتفصيل مصاحبا للموسيقى الملائكية التى تُسرب الفيلم إلى
قلبك بدون أدنى جهد، لتنسل إليك التصالحية التى عقدها بين موسيقاه وكادراته
وايقاعه وشاعريته.
لقاء "هامبرت" الأول بـ"لوليتا"
تتوالى عادية "كوبريك" فى توصيف أول لقاء يجمع بين "هامبرت"
و"لوليتا"،تقع عيناه عليها وهى تجلس نصف جلسة فى حديقة منزلها تحجب عينيها
نظارة لا تلبث إلا أن تنظر من تحتها صوبه فى فضول، ولم يكن منه إذن سوى أن
ينبهر بها.
فى نسجه لتفاصيل اللقاء اختار كوبريك اقرب تجسيد لمفهوم الغواية عندما
قرر أن تتبدى "لوليتا" لـ"هامبرت" بالبكينى، بينما أضفى لين فى نسخته
الأحدث رونقا جديدا إلى توصيف نابوكوف الأصلى لـ"لوليتا" فى عينى "هامبرت"
للمرة الأولى.
لم يبتذل الكاتب الروسى فى رسمه لصورة الفتاة ولم تقم كلماته بتعريتها
من ملابسها على قدر دفع حواسك للإحساس مع "هامبرت" بمدى نضارة وجمال وغواية
جسدها، وهذا ما التقطه لين من بين سطور الرواية وأعد له بدرجة تفوق ما خطه
نابوكوف نفسه، لتظهر لوليتا فى نسخة "لين" وهى ممددة على بطنها فى الحديقة
تشاهد بانهماك صورا فى مجلة ما، تحرك ساقيها لأعلى من الخلف ويشف ملبسها عن
جسدها البض الذى يترائى فى وضوح خفى بعدما طالته زخات مياه صنبور الرش فى
الحديقة.. لوحة تستحق الوقوف والتملى وتدفعك دفعا للإعتراف بحجم موهبة هذا
المخرج فى حياكة معنى مذهل بتفاصيل صغيرة لا تبدو فى عينى الكثيرين مهمة
وإنما هو يعمل جاهدا على إعادة تدويرها لتخلق شىء لم ولن يجاريه فيه أحد.
لقطات متتابعة خالية الوفاض جسّد فيها كوبريك إحساس هابمرت فيما بعد
بـ "لوليتا" ، تارة وهى تلف طوقا حول وسطها بينما يرقبها من الخلف وأخرى
يحتفظ بكفها فوق كفه أثناء مشاهدتهما فيلما فى السينما، كلها أتت باردة
خاوية من انفعالات الرجل الحقيقية والتى نقلها لنا بوعى المخرج لين فى
النسخة النظيرة متمثلة فى أشياء يطول الوقت اذا تناولناها تفصيلا من فرط
ابداعه فى صياغتها بمشاعر واعية كأنها تلبست "هامبرت" نفسه وأضحت هو.
"لوليتا" فى نسخة "لين" جسدها ينطق أنوثة.. لغة الغواية تُختزل
بأكملها فى كل حركة من حركاته.. كل هذا وهو ينضح براءة فى آن واحد، يتجلى
ما أتحدث عنه فى مشهد جلست "لوليتا" أمام البراد عارية الساقين تتناول
الطعام بشهية.. تُلبس أصابعها الخمس حبات الكرز ومن ثم تأكلها فى بساطة
و"هامبرت" يتأملها مرتعش الكيان. مشهد آخر يُنحى فيه الأرجوخة فى عكس
الاتجاه ليطالها من مكانه بنظرات مُتلهفة إلى الداخل وهى تتراقص فى سذاجة
طفولية، وآخر تأتي فيه إلى غرفته تجلس على ساقيه ومن ثم يميل هو فى حركة
شبه مُغيبة على كتفيها ليشّتمها، بعدها يأتى مشهد الذروة الذى تودعه فيه
قبل ذهابها إلى معسكر أرسلتها إليه أمها خالقة فرصة لأن تنأى بنفسها وبـ
"هامبرت" وحديهما، ترمى "لوليتا" بجسدها كله فى حضن "هامبرت" تحكم قبضة
ساقيها عليه ومن ثم تُنبت فى فمه قبلة عذراوية ينتابك بعدها شعور بأن
"هامبرت" لم يملك أمام كل هذا الإقتحام إلا أن يتحول إلى مخبول "لوليتا"..
وعلى الرغم من مغايرة أدريان لين لنص نابوكوف الأصلى الذى يبدأ فيه "هامبرت"
أولا التحرش بلوليتا فى مشهد قاسى يتلمس فيه جسدها على غير وعى منها مُدعيا
مداعبتها، إلا أن لين قدم فى تصوره المُستقل إلى حد ما لـ "هامبرت" نموذجا
مقبولا وجذابا للغاية يتفق مع ما عبر عنه نابوكوف وإن كنت أفضل أن يتعرض
بشكل أو بآخر لميوله غير السوية والتى تطرق لها نابوكوف فى أكثر من موضع
منها تفكيره فى وقت من الأوقات في أن يقتل والدة لوليتا لكى يحظها بابنتها
كاملة له. أما إن عدنا إلى نسخة كوبريك سنجدها مُلتزمة بنفس الحيادية التى
تدعو للتململ فى التعرض لأساسيات المشاعر التى جمعت "هامبرت" وفتاته حتى فى
مشهد وداعها له الذى جاء باهتا بشكل مُلفت.
"هامبرت" و"لوليتا"
فى الوقت الذى يحوز "هامبرت" على فرصته كاملة مع فتاته بعد وفاة أمها
تأتى مشاهد الفندق الذى أخذها فيه بعيدا عن المنزل، ولأن "هامبرت" بات
مدعيا أن لوليتا ابنته أعطى نفسه الحق لأن يتشاركا غرفة واحدة وفراشا
واحدا، فى نسخة "كوبريك " تجد نفسك بصدد مشهد نصف كوميديا لأحد العاملين
بالفندق وهو يحاول تثبيت فراش اضافى صغير إلى جانب فراش لوليتا الذى حاول
أن يقاسمها فيه وباءت محاولته بالفشل، فى مرحلة حرجة ينفرد فيها رجل عجوز
بمعشوقته الطفلة يُفضّل "كوبريك" أن يطل عليك بلقطة هزلية كهذه بينما
يُبهرك أدريان لين بحساسيته المفرطة فى تمثيل مشاعر هذا الكهل وهو يقتطع
على مهل من جسد فتاته بينما تنام إلى جواره، يتملاها من تحت الفراش بعيون
الكاميرا وهى تنقل لك حرارة الضجيج الذى يُحدثه هذا الجسد فى تكوينه ومن ثم
تستيقظ الفتاة فجأة وتطلب كوبا من الماء وبعدما تنتهى من الشرب تمسح
بشفتيها على كتفه بهدوء كاف لأن يقتله، ومن ثم تنام، دقائق كهذه يُفصّلها
مخرج واع مُلم بالأدوات القادرة على خلق "هامبرت" الكامن فى سطور نابوكوف
إلى دما ولحم.
من أكثر ما قلب الدنيا رأسا على عقب فيما يخص رواية نابوكوف العلاقة
الجسدية التى أقامها الأربعينى "هامبرت" مع فتاته "لوليتا" والتى تطرق لها
الكاتب بقوة وجرأة لم يستسيغها كوبريك لدرجة لم تعد تعرف معها حتى آخر
الفيلم إلى أى مدى تعامل "هامبرت" مع جسد لوليتا وهذا كفيل بأن يضع أكثر من
علامة استفهام حول سببية تطرق كوبريك من الأساس لقصة مثل هذه وإن لم يتعامل
معها بالقدر المطلوب من الجدية والمراعاة لطبيعتها الخاصة.
لين اجتاز مرحلة الارتياب وبطريقة غير مباشرة نلّمس العلاقة الجسدية
الصريحة بين "هامبرت" و"لوليتا" مرورا بالإحساس الموجع الذى ألّم بالفتاة
بعد المرة الأولى التى قاما فيها بذلك.. دموعها التى صرخت بالغرابة والنفور
رغم جرأتها وطبيعتها التى تبدو غير مبالية بشىء، حتى اعتيادها على الأمر
بعد وقتتنقل الكاميرا فيه جسدها العارى وهى تشارك "هامبرت" الفراش غير آبهة
بوجوده مُتهافتة على أمواله التى تفترش نسبيا المساحة حولهما ينتزعها هو من
بين يديها بينما هى تنهل منها بقوة وكأن سلطة المال من الأسباب الكُبرى
التى تعينها على قبول مثل هذه العلاقة.
مشهد آخر نرى فيه أنها باتت قادرة على مزاولة "هامبرت" والتلاعب
بانفعالاته تجاهها لصالح تلبية مطالبها.. يتضح لك كم أدركت الفتاة ضعفه
أمام حضورها وفطنتها فى استغلال ذلك فتبدو المُتحكمة فيه بسهولة من مجرد
لمساتها، أمام كل ذلك وكوبريك على الصعيد الآخر يقولب العلاقة ويُدخلها فى
ثلاجة ليُقدمها باردة خالية من ذروة دراميتها الحقيقية التى تقتضيها سيّمها
الغير اعتيادية.
"كويلتى"
"كويلتى" هو الرجل الشبح الذى يتتبع خطوات "لوليتا" وهى مع "هامبرت"
ويحرضها فى النهاية على الهروب معه، فى النسختين تتوفر نفس الرغبة فى
الحفاظ على غموض شخصية "كويلتى" وطبيعة احتكاكه بـ"لوليتا" ولكن "لين" كان
أكثر مجازفة فى الإفصاح عن آثار وجود "كويلتى" فى حياة الفتاة فرمى لك
بأطراف بعض الخيوط فى مشهد يشك "هامبرت" بعد عودته من الخارج بوجود فتاته
قبلها بوقت مع رجل آخر ليصرخ فى هيستيرية "من هو.. من هو؟" ملقيا بأصابع
الموز التي طلبتها منه قبل خروجه في رمز جنسى قصدت أن تلاعبه به، هارسا
الموز بنصف عقل فى رمزية هائلة لعدم اتزانه وإمكانية سحقه لذاته إن لزم
الأمر وفقدان "لوليتا".
فى نسخة "لين" بعدما أيقنت الفتاة أنها ستهرب مع رجلها الخفى وحددت
ميعاد ذلك على الأغلب، تعود إلى المنزل مع "هامبرت" هادئة لتمنحه نفسها
وتطلب منه بعدما فكت أزرار بلوزتها أن يأخذها إلى الفراش، فى تفصيلة تفوق
كتابة نابوكوف ذاته للمرة الثانية.. إنها تلك العلاقة الانسانية التى لا
قواعد لها.. لا حسابات ولا شكليات تلك القاعدة التى لا تفيد بأنه ليس ثمة
أى قاعدة تحكم مشاعرنا.. "لوليتا" كرهت "هامبرت" وأحبته، كنّت له مشاعر
أبوة فى الوقت الذى شاركته فيه الفراش فضلا عن فضولها الجنسى تجاهه كلا
يأتى فى آن واحد، ذلك المزيج المربك الكامن فى علاقة ينسطر تحتها ألف خط،
استطاع "لين" ان يشعر به ويترجمه باحساس ثرى يُمّكنه أحيانا من التفوق على
كاتب الرواية الذى اطلع بنفسه على اوراق "هامبرت" الحقيقية، على الجهة
الأخرى يقبع "كوبريك" فى المنطقة الرمادية الباهتة التى تُلقنك الحدث وكفى.
حتى المشهد الذى يرى فيه "هامبرت" فتاته وهى حامل بعد ثلاث سنوات من
هروبها مع كوليتى وارتباطها بالزواج من رجل ثالث غيرهما، يستمر فيه "كوبريك"
على نفس المنوال الجاف وفى نهاية اللقاء تنادي "لوليتا" ببساطة على "هامبرت":
"عد مجددا للزيارة" بعدما خرج فى هلع من دون أن ينظر لفتاته ولو مرة وهو
على علم أنه لن يراها ثانية لأنه اتخذ القرار بقتل "كويلتى".
من غير المنطقي أن يقنعنا كوبريك بأن فعلا كهذا لا يتماشى أبدا مع
نفسية هذا الرجل العاشق الذى أوقف حياته بأكملها على هذه الفتاة وقرر فى
سبيلها أن يُصبح مجرما، ألا آن له بعد كل هذا أن يتوقف ليتأملها قليلا؟
فكرت فى سذاجة مثل هذا الطرح قبلما أشاهد نسخة أدريان لين الذى لم يخذل
توقعى ولا ثقتى فى إلمامه باحساس "هامبرت" وتفاصيله وعينيه التى ودّعت
فتاته كما ينبغى وهو يراها فى حُلتها الطفولية القديمة.
الخلاصة أن "كوبريك" تعامل مع قصة "نابوكوف " باستهانة مُلفتة..
فأكتفى بالتقاف تفاصيلها من على السطح ولم يخدش سنتيمترا واحدا من مستويات
تكثيفها وخصوبتها الدرامية والانسانية ،على العكس من "لين" الذى صنع نسخته
الخاصة من "لوليتا" نابوكوف والتى تفننت فى تشّرب احساس شخصيتى الرواية
وتركيبتهما الانسانية وملابسات تواجدهما معا ليخلق دنياهم بصورة سينمائية
مليئة بالشغف الذى يليق بحكايتهما.
آخر كلمتين:
"كوبريك" تجاهل أساسا مهما من أساسيات الرواية، وهى المشاعر التى جمعت
"هامبرت" فى صِغره قبلا بفتاة من عمر "لوليتا"، بالرغم من أن "نابوكوف"
أقام على هذه الحكاية جزءا كبيرا من شغف "هامبرت" بـ"لوليتا" لأن تعلقه
بفتاة الماضى التى توفيت فى ربيع عمرها دفعه للإنجذاب بشكل عام للفتيات من
نفس السن حتى التقى بـ "لوليتا"،.. ولم أعلم بالضبط مقصد كوبريك من تجاهل
أساس مهم كهذا ولكن أرى أن له كل الحق في أن يضفى نوعا من الخصوصية على
علاقة "هامبرت" بـ"لوليتا" ولا يُضمنها أى سابقات مؤثرة فى رؤية تخصه هو.
جيمس ماسون وسوليون من جسدا "هامبرت" و"لوليتا" فى نسخة كوبريك لا
يمكن أبدا مقارنتهما بـجيرمى آيرونز ودومنيك سوين .. فى نسخة "لين".
موسيقى نسخة لين لن تفارق أذنيك طالما تذكرت الفيلم دوما. إنها تلك
الحالة التى يُترجم لك اللحن فيها خبايا الأنفس، مع ملاحظة ان كوبريك لم
يستخدم الموسيقى الا فى مواضع معينة غير محدثة أى تأثير سواء فى غيابها أو
حضورها.
عين على السينما في
28/03/2013
رحلة باهرة في ماضي السينما التسجيلية وحاضرها
تسالونيكي ـ قيس قاسم
"تنظيم
رحلة باهرة" لأهم ما عرضه المهرجان من أفلام وثائقية خلال خمسة عشر عاماً
هي أفضل طريقة للاحتفال بالمناسبة، لأنه من المستحيل إيجاز كل الذكريات
الجميلة التي صاحبت المسيرة في برنامج واحد، كما ظهر أمامنا ونحن نراجع
شريط ذكرياتنا منذ انطلاق المهرجان حتى اللحظة. فخلالها حدثت الكثير
والكثير من الأشياء الحلوة، كما يقول رئيسه ديمتري إيبيدس، وتركت أثرها في
نفوسنا وتستحق دون شك الذكر والاستعادة. ولكن كيف يمكن الحديث عنها كلها؟
كيف يمكن سرد تلك العلاقات الإنسانية التي تكونت بين العاملين فيه، كم من
اللحظات النادرة تركها حضور "معلمين كبار" وبقيت محاضراتهم وأحاديثهم عالقة
طويلاً في ذاكرة الجمهور، وأخرى فيها ما يشجع على التقديم دون تردد، وكم
وكم من الأفلام التي نحتاج لإعادة عرضها اليوم؟ حتى هذا الخيار الأخير
وجدناه مستحيل التلبية ولكننا رأيناه الأنسب في حدود المكان والمساحة
الزمنية الممكن استقطاعها من الدورة.
حاولنا اختيار أفلاماً بعينها، خلقت نقاشا مفعما بالحيوية لصلتها
بحياتنا اليومية وثانية أعطت بمضامينها وأسلوب انجازها جزءا من شخصية
المهرجان على مستوى موقفه الفكري وخياراته الفنية، أو تلك التي حفزت فينا
تفكيراً بما يعني أن يكون الفيلم وثائقياً؟" يقينا لن تكفي زهاء أربعين
فيلماً لتوصيل كل الذي أراده منها منظمو "الرحلة الباهرة" ولكنهم سيوفرون
لجمهورهم فرصة نادرة لمشاهدة "درر" وثائقية من بينها على سبيل الذكر،
الأمريكي "أي الطرق نختار" للمخرجة ربيكا كاميزا والدنماركي السويدي
المشترك "الابتسامة في منطقة الحرب ـ وفن الطيران فوق كابول" و"نستالوجيا
الضوء" تحفة التشيلي باتريسيو غوزمان، الذي تحتفي به الدورة الحالية، كونه
واحداً من أهم مخرجي الأفلام الوثائقية ومديراً لمهرجان سانتياغو للأفلام
الوثائقية والحائز على عشرات الجوائز العالمية لأفلام تميزت بعمق
موضوعاتها، وأغلبيتها سياسية، اشتغلها بأسلوبه الخاص الخارج عن النمطية الى
محاولة المزج بين الجمالية والعمق الفلسفي وغزارة المادة التسجيلية، ونجد
كل هذا جلياً في "نستالوجيا الضوء" الذي تناول قضية ضحايا الفاشية من منظور
تاريخي وبعدين فلسفي وفيزيائي وذهب فيه لبحث العلاقة بين التاريخ البشري
لسكان صحراء أتاكاما الأوائل وبين علم الفلك. ففي هذه المنطقة، بنى الألمان
واحداً من أكبر المراصد الفلكية في العالم. من هناك، يحصلون على رؤية ذات
صفاء مذهل، يرى الإنسان الجالس خلف مناظير المراصد تلك صوراً غريبة عن
المجرات والكواكب التي تحيطنا. والتعليق المصاحب للصورة المسجلة بكاميرا
"ساحرة" ربط بين العلم والفلك من جهة والفلسفة من جهة ثانية، وكيف ان هذا
العلم الذي يبدو علماً مستقبلياً، قُدم بهذه العدسات على انه علم فيه قرب
شديد بل يكاد ان يكون علما "تنقيبياً" في الماضي البشري كما الأنثروبولوجي.
علاقات كان يريد عبرها البحث في معنى أو مفهوم الإبادة البشرية وتناقضها مع
الماضي والمستقبل. فالمجازر لا تقتل البشر فقط بل تسعى الى محو ذاكرة الناس
حتى يظلوا عالقين في فراغ، يشبه فراغ الكون السرمدي وصحراء أتاكاما. وعن
مجازر الجنرال "بينوشيت" أنجز ثلاثيته المشهورة "معركة شيلي" كبحث بصري،
زادت مدته عن أربعة ساعات، في تاريخ ثورة الشعب التشيلي بقيادة الزعيم
الليندي وكيف تعاملت عوامل خارجية كثيرة من أجل إفشالها الى جانب العوامل
الداخلية التي يمضي عميقاً في عرضها برؤية تستند الى فلسفة التاريخ كما
حاول في عمله السابق عام "سلفادور الليندي" متجاوزاً القراءة السطحية الى
الأعمق في فهم الرجل بعلاقته مع الشعب وكيف رأى، حتى في نهايته، بداية
لتاريخ جديد ما بعد الفاشية. المؤسف أن ثمة أخبار تقول أن غوزمان وبسبب صحي
قد يعتذر عن حضور الاحتفالية وما نظمت له فيها من محاضرات ومقابلات مع
الجمهور ومؤتمرات للصحفيين.
سوق الوثائقي الذي أفتتح قبل (12) عاماً بالتعاون مع "تلفزيون اليونان
الشعبي" وبدعم من مساهمين عالميين يشرع أبوابه هذا العام أيضاً أمام مشاريع
منجزة أو أخرى قيد الانجاز يساعد عرضها خلال الدورة على إمكانية حصول
أصحابها على دعم إضافي وتُسهل في ذات الوقت مهمة توزيعها والترويج لها
لاحقاً. سيعرض منها حوالي خمسمئة فيلم في قاعة الفيديو التي يمكن للصحفيين
مشاهدة الكثير منها، خاصة وأن بعضها أدرج ضمن عروض الدورة الحالية التي
بدأت، في الخامس عشر من هذا الشهر وتنتهي في الرابع والعشرين منه، كما
سيخصص السوق ثلاثة أيام لل"ملتقى الخطابي" وفيه يتحدث كل مشترك عن مشروعه
المقدم لمدة ثلاثين دقيقة بما يكفي لنقل جزء من خبرته العملية الى مستمعيه
وعرض أفكاره أمامهم.
قد يكون البرنامج اليوناني الأكبر بين الدورات لتضمنه أكثر من خمسين
فيلماً بين قصير وطويل عدد منها أُدرج في خانات عالمية ثانية يتناول الكثير
منها المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد، دون أن ينسى بعضها
جوانب أكثر تأصلاً بالإنسان وعلاقته بالبيئة وبحثه الدائم عما هو ممتع
ومؤثر في الحياة نفسها كما هي الأفلام المدرجة في خانتيّ "الموسيقى والرقص"
و"تسجيلات الذاكرة".
على عكس المشاركة المحلية الدورة 15 هي الأقل على المستوى العربي
باستثناء عروض السوق، اللافت اختيار الناقد المصري ياقوت الديب لعضوية لجنة
تحكيم جائزة اتحاد النقاد العالمي "فبريسي" برئاسة الكندي بيتر ونتونيكي،
أما الأفلام التي تمس عالمنا العربي فهي كثيرة من بينها، "عودة الى
التحرير" للكندي بيتر لوم الذي يعود الى الساحة ليسجل نظرة الناس الى
المتغيرات التي أعقبت انطلاق الثورة من وسطها الى اللحظة الراهنة حيث
النتائج أخذت اتجاهاً مختلفاً والى جانبه فيلم الايطالي أندريه باكو
مارياني "وطن الغد" عن الحياة اليومية لقرية فلسطينية قرب الخليل ووثائقي
الإسرائيلية أريت غال "ليلة بيضاء" حول مجموعة نساء فلسطينيات يزحفن ليلة
بعد أخرى ليفتحن ثغرة في الجدار العازل في محاولة للوصول الى الجهة
الثانية منه وكسر الحصار الجائز ضدهن. أما "الوضع الأول" للأمريكية بيس
كارغمان فاختير كفيلم افتتاح، وينتظر كما حدث قبل سنتين إدهاش مشاهديه
مجدداً لغوره عميقاً في تفاصيل حياة راقصي البالية وتقديمه عالماً مختلفاً
عما نعرفه عنهم، عن بُعد.
"آل
كرود" .. فيلم الرسوم المتحرّكة و حبّ المغامرة
ترجمة / عادل العامل
احتل فيلم ( آل كرود
The Croods)، و هو من أفلام الرسوم المتحركة ذات الأبعاد
الثلاثة، مكانه في القمة في شباك التذاكر، بالولايات المتحدة، في الأسبوع
الأخير من شهر آذار، بحوالي 45 مليون دولار. وهو عبارة عن كوميديا مغامرات
من إنتاج شركة (دريم وركز أنيمَشِن ) و توزيع شركة فوكس القرن العشرين.
وتدور أحداث الفيلم في فترة ما قبل التاريخ، حين تتعرض مكانة الإنسان
باعتباره " زعيم الصيد " للخطر بوصول عبقري يأتي باختراعات جديدة ثورية مثل
النار، و هم يتنقلون ببطء في أرض خطرة لكن غريبة بحثاً عن موطن جديد. و
الفيلم من تأليف جون كليس و إخراج كيرك ديميكو و كريس ساندرز، و إنتاج
كريستين بيلسون و جين هارتويل.
يبدأ الفيلم بإيب
Eep، و هي فتاة في أسرة من سكنة الكهوف النياندرتال
في زمن ما قبل التاريخ، تتحدث حول كيف أن أسرتها واحدة من أسر قليلة بقيت
على قيد الحياة في الجوار بفضل القواعد الصارمة لأبيها الفائق الحماية
غرَاغ Grug،
الذي كان قد قام بحكاية قصةً لبقية الأسرة التي تتضمن زوجته أغا، و ابنته
ساندي، و ابنه ثَنك، و حماته، مع مخلوق يعكس طبيعة إيب المحبة للاستطلاع. و
هو يستخدم هذه القصة لتحذير الأسرة من أن الاستكشاف و " الأشياء الجديدة "
تضع تهديداً بالخطر على استمرارهم أحياءً. و هذا ما يثير إيب الضجِرة و
المحبة للمغامرة، و حين تنام الأسرة بعد هبوط الظلام، تتجاهل هي نصيحة
أبيها، و تغادر الكهف.
ثم تقابل صبياً ذكياً يدعى غاي
Guy
و تغدو مفتونة بالنار التي يفلح في إحداثها و تتشوق إلى المزيد.
ويخبرها بنظريته عن أن العالم يصل إلى نهايته، قبل أن يعطيها بوقاً
لمناداته إذا ما شعرت بالحاجة إلى مساعدته. و يهجرها، لتقع في قبضة أبيها
الباحث عنها بجنون. و يأخذها إلى البيت ليجدا أن الكهف قد انهار بفعل هزة
أرضية. و تمضي الأسرة كلها لتكتشف أرضاً من عالم آخر مختلفة كثيراً عن
بيئتهم المألوفة المكونة من منطقة صخرية.
وفي أثناء تعرّفها على بيئتها الجديدة، تتعرض الأسرة لهجوم
طيور ذات فرو أحمر. فتنادي إيب بالبوق الصبي غاي، الذي يندفع لمساعدتها
حاملاً معه مشعلاً، فأخاف بذلك الطيور و أبعدها. فتُعجَب بقية الأسرة
بالمشعل و تسرقه، و تندلع النار مصادفةً في الأرض المحيطة بهم. و يأسر غراغ
الصبي غاي ويحمله معهم إلى مكان في جبل يذكره لهم غاي. و يساير الصبي
الأسرة في طريقة عيشها، و يقوم مع إيب و حيوانه الكسلان sloth
بإنشاء دمية لخداع الحيوانات، و يصطاد عدداً منها، لكن الأسرة تأكلها كلها،
و تنتبه أخيراً إلى جشعها، فتتوقف عن ذلك.
ويحكي لهم غاي قصة عن فردوسٍ يسميه " الغد
Tomorrow ".
فينطلق الجميع إليه في طريق صخري صعب. و يصنع غاي أشياء تسهّل
عليهم مواصلة الرحلة، منها يصنع شيئا يسمى حذاء لكل فرد من أفراد الأسرة،
الأمر الذي يُكسبه احترامهم، عدا غراغ، الذي يشعر بالغيرة من ذكاء الصبي. و
بعد مغامرات عديدة، يصلون إلى " الغد "، و قد أصبحوا مخاطرين محبّين
للمغامرة، و هو ما يجعلهم سعداء جميعاً.
المهرجانات السينمائية والاستعداد المبكّر
كاظم مرشد السلوم
أن تعمل على إقامة مهرجان سينمائي ينافس المهرجانات العالمية، ويرتقي
الى مصاف المهرجانات الدولية، فذلك يتطلب استعداداً مبكراً، وتحضيراً
تتكاتف فيه جهود جميع القائمين عليه، وان تتحول هذه الجهود الى أفعال
حقيقية ، بغية الوصول الى المبتغى المراد للمهرجان أن يصل إليه
.
الاستعداد المبكر لإقامة مهرجان سينمائي يمكن ومن خلال الفترة الزمنية
الطويلة التي تسبق انطلاقه، أن يقلل من نسبة الأخطاء ، وكذلك الإرباك الذي
قد يرافق العمل ، والمشارك في المهرجان ربما لا يعذر، بل ينتقد، فمن يتصدى
لإقامة مهرجان سينمائي عليه أن يخرجه بصورة تثير الإعجاب ، وان يدخله في
دائرة المقارنة مع باقي المهرجانات التي تقام في مختلف أرجاء العالم
.
ويأتي إعلان القائمين على مهرجان أبو ظبي السينمائي عن موعد انطلاق
مهرجانهم السنوي قبل ثمانية أشهر "في الرابع والعشرين من أكتوبر القادم"،
كدليل على عمق الاهتمام والاستعداد المبكر الذي يمكن أن يجعل القائمين عليه
من وضع كل التفاصيل قيد التنفيذ، واضعين في حساباتهم حجم المنافسة التي
يشتركون فيها مع باقي المهرجانات وحتى المحلية منها ، رغم انها جميعا تصب
في صالح تطور المشهد السينمائي الإماراتي والاهتمام الكبير الذي يوليه
القائمون على السينما للنهوض بالواقع السينمائي
.
المهرجان في دورته السادسة ولأول مرة يشرف على إدارته، مدير عربي محلي
هو الأستاذ علي الجابري، الذي استطاع ان يقود المهرجان وبنجاح لا يقل عن
نجاحات المهرجانات السابقة التي كانت إدارتها إدارة غير عربية، الجابري
مهتم ليس بتطور السينما الإماراتية فقط بل هو مهتم بتطور ودعم السينما
العربية بشكل عام ، وقد عرض في المهرجان العديد من الأفلام العربية المهمة
، ويقول عن الإعلان المبكر لموعد المهرجان " يفتتح مهرجاننا موسم
المهرجانات السينمائية بالمنطقة، الأمر الذي يمنحه موقعاً متميزاً بينها.
كما ان مهرجان أبو ظبي السينمائي هو الوحيد من نوعه إقليمياً الذي تتنافس
فيه الأفلام العربية جنباً الى جنب مع الأفلام العالمية، الأمر الذي سمح
للمهرجان باستقطاب أفضل الأفلام العربية
المنتجة. وستستمر دورة هذا العام على هذا النهج."
ختاما ما أردت قوله، هو ضرورة التخطيط المسبق المبكر، والدعم الكبير
الذي يفترض أن تكون عليه المهرجانات السينمائية العراقية، والتي مازال
اغلبها، لايحمل من صفات المهرجان سوى الاسم ، إما التفاصيل، فلا أحد يهتم
بها، وبالتالي غالبا ما نشاهد مهرجانات سينمائية ، لايمكن ان تضيف شيئا
سواء لصناع الأفلام أو لجمهور المشاهدين .
مزارع فلسطيني يترشح لجائزة الأوسكار
ترجمة عبد الخالق علي
عماد بورناط ، المزارع الفلسطيني الذي نجا من الرصاص ، يحتجز في
مطار لوس أنجلوس. لقد مر برحلة صعبة من أجل صناعة فيلمه و أخيرا يرشح لنيل
جائزة الأوسكار. يوم التقيناه كانت هناك ضجة خارج منزله، حيث سيسافر عصرا
الى الأردن ثم بالطائرة الى إسطنبول و من بعدها الى لوس انجلوس لحضور
مراسيم توزيع جوائز الأوسكار يوم الأحد بعد ترشيح فيلمه " خمس كاميرات
معطوبة " لنيل الجائزة في فئة الأفلام الوثائقية . إنه أمر رائع بالنسبة
الى مزارع من فلسطين .
لكن رحلته لم تكن سعيدة، ففي يوم الأربعاء ، عندما وصل بورناط و زوجته
و ابنه جبرائيل ذو السنوات الثمانية – اللذان يشاركان في بطولة الفيلم –
الى مطار لوس انجلوس الدولي بعد رحلة دامت 16 ساعة ، تم احتجازهم في المطار
من قبل السلطات، حيث ادعى موظفو الهجرة بأنه لا يحمل دعوة رسمية لحضور
المراسيم . يقول بورناط " بعد 40 دقيقة من الاستفسارات و التحقيق، سألني
جبرائيل عن سبب انتظارنا في تلك الغرفة الصغيرة، أخبرته بالحقيقة بكل بساطة
و قلت له ربما علينا العودة. كنت أشعر بقلبه يعتصر.
رغم انها كانت تجربة مزعجة، الا ان الفلسطينيين اعتادوا المرور بها
كل يوم في الضفة الغربية
".
تم السماح لهم بالدخول هذه المرة، الا إن بورناط كانت له تجارب مماثلة بل و
أكثر سوءا على مدى الثمان سنوات التي قضاها في تصوير الاحتجاجات الأسبوعية
في قريته ( بلعين ) احتجاجا على قيام إسرائيل ببناء حاجز أمني. هذا الحاجز
يقطع أرض القرويين الى نصفين و يمنع الدخول الى أشجار الزيتون التي يمتلكها
بورناط و غيره من المزارعين، و كما يبين الفيلم ، فان الحاجز يؤجج الكثير
من المواجهات العنيفة بين القرويين و الجيش الإسرائيلي
.
يشير عنوان الفيلم الى عدد كاميرات بورناط التي تعرضت للعطب خلال
تصوير فيلمه الوثائقي و تسبب في قطع الكثير من اللقطات. بعض الكاميرات
أصيبت بالرصاص و الغاز المسيل للدموع، و بعضها الآخر تضررت كثيرا بحيث لا
يمكن إصلاحها، خلال قتال بالأيدي مع الجنود و المستوطنين اليهود بالقرب من
مستوطنة " موديعين عيليت". الكاميرا السادسة نجت من العطب و الحمد لله ، و
هي موضوعة على أريكة في غرفة الجلوس، و على المنضدة وضعت الكاميرات الخمسة
الشهيرة التي تحمل أضرارا مختلفة. يقول بورناط و هو يشير الى إحداها"
عدسات هذه الكاميرا أصيبت برصاصة عندما كنت احملها و أصور، ربما كانت سببا
في إنقاذ حياتي". ان تسجيل كفاح بلعين كان عملا ينطوي على الكثير من
الخطورة. اعتقل بورناط و أصيب كحال الآخرين خلال صراع بين القرويين و قوات
الأمن الإسرائيلية، مات فيه أحد أصدقاء بورناط المقربين عام 2009
.
يضيف بورناط " اعتقد ان الكاميرا يمكن ان توفر لك بعض الحماية و يمكن
استخدام اللقطات كدليل، كما ان الجنود ربما يقللون من العنف عندما يرون
الكاميرا. لكنها يمكن أيضا ان تكون سببا لقتلك. لقد تعرضت للرصاص في مرات
كثيرة، و لدي خمس كاميرات معطوبة بسبب الرصاص و الغاز المسيل للدموع ".
لقد تصادفت فكرة تصوير احتجاجات بلعين مع ولادة ابنه جبرائيل، يقول
بورناط انه أراد توثيق حياة ولده المبكرة و كيف أنها ستتأثر بالصراع ، " لم
أكن أنوي صناعة فيلم، لكني شعرت ان تسجيل ما حدث هنا كان أمرا مهما. أردت
ان أحكي قصة شخصية، و كيف ان الاحتلال قد أثر على قريتي و عائلتي وأصدقائي".
بلغت كلفة إنتاج الفيلم 350 ألف دولار ، و قد ساعد فيه الإسرائيلي
غاي دافيدي كمنتج مشارك
.
يقول بورناط ان الفيلم لا يدر عليه الكثير من المال رغم عرضه في
الولايات المتحدة و أميركا اللاتينية وأوربا و إسرائيل و لقي ترحيبا
ايجابيا . لقد غيّر هذا الفيلم حياته ، كما ان أهالي بلعين استفادوا من ذلك
أيضا، حيث تم إرجاع الحاجز الى الخلف بعد صدور قرار من محكمة إسرائيلية . و
رغم ان الحاجز لايزال يقطع أرضا محتلة، فانه يعتبر واحدا من الانتصارات
القانونية القليلة للفلسطينيين ضد بناء الحواجز. لا يوعز بورناط الفضل الى
القرار ، بل ان الفضل يعود الى ما كشفه الفيلم من لقطات استخدمها محامو
القرية في دفاعهم .
جبرائيل هو أكثر المتحمسين لمراسيم جوائز يوم الأحد. لقد استحصل إذنا
من مدرسته من أجل حضور مراسيم توزيع جوائز الأوسكار . يقول بورناط " يعتقد
جبرائيل انه أصبح الآن نجما سينمائيا
".
في الواقع ان جبرائيل هو نجم سينمائي فعلا ، مع غيره من أهالي قرية
بلعين الذين قتل بعضهم وأصيب البعض الآخر منهم خلال صناعة الفيلم،. لكن
سواء أفاز الفيلم أم لم يفز، فان العائلة ستعود الى الواقع بعد انتهاء
مراسيم توزيع جوائز الأوسكار – الى بلعين، الى أشجار الزيتون و إلى
الاحتلال .
المدى العراقية في
28/03/2013
فى الذكرى 36 لرحيل العندليب..حليم "حكاية شعب"..اعترف
بمذكراته بحبه للسندريلا.. ورفاقه يتحدثون..
نادية لطفى: الشباب تعلموا الحب من "الخطايا"..
وفاتن حمامة: صدقه سر خلوده.. ويوسف شعبان: صالحنى قبل وفاته
كتبت علا الشافعى
36 عاما مرت على رحيل العندليب
الأسمر، ظهرت أجيال وأجيال وتطورت الموسيقى، ولا يزال عبدالحليم حافظ واحدا
من أهم وألمع مطربى جيله ليس فى مصر فقط بل فى المنطقة العربية، ولم يحتل
تلك المكانة لجمال ودفء صوته فقط، ولا للنقلة والتطور الذى أحدثه فى
الموسيقى على مستوى اللحن والكلمة والتوزيع والتى حققها مع رفاق دربه -
محمد الموجى وكمال الطويل وصلاح جاهين ومرسى جميل عزيز وبليغ حمدى
وعبدالرحمن الأبنودى وغيرهم - من الكتاب والملحنين ولكن لذكائه الشديد
وقدرته على تطوير نفسه وأدواته الفنية وإدارته لموهبته من خلال علاقته
بكبار الكتاب والصحفيين كان حليم يملك ملكات خاصة وأعطى لفنه الكثير ولم
يبخل بشىء حتى صحته كان يعمل وهو فى أشد حالات المرض، يرفض الاستكانة
والاستسلام ودائما ما كان يرفض أن يقهره المرض أو الموت.. خصوصا أنه كان
يعرف أن عمره قصير لذلك كان عليه أن يعمل بجهد ودأب ليحى بيننا من خلال فنه
وما تركه لنا من تراث غنائى شديد الثراء والتنوع، أدرك ابن الحلوات اليتيم
صاحب الجسد النحيل الذى أنهكه المرض أن الإنسان ليس بعدد السنوات التى
يعيشها ولكن العمر الحقيقى يقاس بما تركه للإنسانية، على مستوى الفكر
والثقافة والإبداع وفى مجال العلم، بحسه الفطرى أدرك ذلك.
حليم ليس فقط مطرب الأغانى العاطفية، والذى غير مقاييس المطرب النجم،
وولدت نجوميته مع ثورة سياسية كان هو أحد أبنائها المخلصين صدق فيها وآمن
بمبادئها، لذلك غنى لها من روحه وصار صوته مرادفا للثورة وإنجازاتها وحتى
نكستها فى 67.. عندما شدا بواحدة من أجمل أغنياته «عدى النهار».. والتى
غناها بروح مذبوحة معبرا عن حال كل المصريين الذين كسرت أرواحهم بعد
الهزيمة.. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن حليم أرخ لثورة 23 يوليو وما تلاها من
أحداث تاريخية هامة بصوته وبكلمات صلاح جاهين وكمال الطويل وبليغ حمدى..
وحكوا معا حكاية شعب كان يحلم ويتمنى وانكسر وعاد للانتصار.
كثيرون هم من حاولوا رسم تفاصيل من حياة حليم الخاصة، البعض منهم يؤكد
دوما أنهم يملكون الحقيقة المطلقة فيما يتعلق بقصص حبه وأوجاعه، ورغم كل
ذلك فالباقى أكثر هو فن حليم وعطاؤه وكأنه لايزال يعيش هنا رغم مرور كل هذه
السنوات على رحيله.. ويبقى أيضا ما يذكره أصدقاؤه المقربون عن مواقفه
الإنسانية معهم وأذكر فى هذا السياق ما رواه لى مصوره الراحل فاروق إبراهيم
فى حوار أجريته معه فى 2008 حيث كان حليم فى رحلة غنائية ببيروت.
وأمام مسرح «بن حمدون» حملت الجماهير عبدالحليم حافظ على الأعناق،
ولما تجمهر كثيرون اضطرت الشرطة اللبنانية إلى تفريق الناس، وضرب بعضهم
وكان بينهم مصوره الخاص فاروق إبراهيم، فما كان من «حليم» إلا أن ألقى
بجسده فوق مصوره ليحميه من العصا الغليظة.. هذا التصرف التلقائى من
العندليب الأسمر يعكس كم كان يحمل من الشهامة والمجدعة -على حد تعبير
فاروق- وكانت صداقتهما عميقة ومخلصة.. وكم كان يحب مصوره ويأتمنه على أدق
أسراره الخاصة حتى انكشف أمامه وتعرى وسمح له بأن يصوره فى لحظات ضعفه
ومرضه، وما أكثرها ويروى فاروق أن آخر ما قاله له حليم قبل سفره لإجراء
العملية الأخيرة بلندن «عارف يا فاروق أنا مش خايف من العملية.. خايف على
صوتى ليتجرح من الحقن».. ثم سكت لحظة وقال وهو يبتسم: «فاروق.. لما أموت لو
لقيتنى وحش أوعى تصورنى»!.. وهو ما يؤكد كيف كان العندليب يخشى على صوته،
سر بقائه بيننا حتى الآن، وسيظل حليم حكاية حب.. وظاهرة لم تتكرر.
العندليب يعترف فى مذكراته بعشقه للسندريلا ويتساءل عن مجيئه للحياة يتيمًا
كتب العباس السكرى
فى شتاء 1973 قرر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ أن يحكى للأوراق
حكايته، أثناء تواجده بأحد مستشفيات أكسفورد للعلاج من نزيف المعدة، بعد أن
حاصره الألم، حيث كان كبده يعمل بنسبة %10 فقط، واعتبر عبدالحليم نفسه
وقتها أنه خدع الموت وهرب منه، وأراد أن يصرخ بكل ما حدث فى عمره من وفاء
وخيانة وحب وصداقة أمام الأوراق.
حياة عبدالحليم حافظ رحلة رائعة بكل ما فيها من آلام، اكتسب خلالها من
التجارب حد المعرفة بطبيعة النفس البشرية، وأسرار الحياة، وأعطى لشباب
العالم درسا فى كيفية البحث عن الذات، منذ أن انطلق فى دروب التيه يبحث عن
مستقبل مفقود بعد أن وصفته لجنة الاستماع فى الإذاعة بـ«الخواجة»، لكونه لم
يقلد أحدا من كبار الطرب، وقتها «عبدالوهاب» و«أم كلثوم»، واختار أسلوبا
جديدا سلكه فى الأداء، حيث كان يؤمن العندليب بأن البساطة هى أصعب أنواع
الأداء، كما ذكر فى كتابه «حياتى» الذى أصدرته مؤسسة «روز اليوسف» فى عهد
الراحلين جمال كامل ومصطفى محمود.
سعاد حسنى..
بحبها وفـ قلبى ساكن حبها،
واعترف الموعود بالعذاب بخط يده قبل وفاته عن طبيعة العلاقة التى تجمعه
بالسندريلا سعاد حسنى، حيث كتب فى مذكراته «نعم أحببت سعاد حسنى، والذى جمع
بيننا هو الحنان لأنها عاشت مثلى طفولة قاسية، وعلمّتها كيف تختار حياتها،
وعندما تمردت على صداقتى أحسست أنها نضجت، وسعاد كانت تتصرف بتلقائية مع
الناس وتلقائيتها تسىء إليها، لكن فيها ميزة رائعة وهى الوفاء لأسرتها،
واستطاعت أن تعوضهم الحنان المفقود، وقد فكرت فى الزواج منها لكن مستقبلها
الفنى وقف حائلا بينى وبين الفكرة»، وتكشف مذكرات العندليب أن سعاد حسنى
فقدت بساطتها المعهودة، وأصبح يشوبها شىء من التكلف، عقب نجاح فيلمها
الشهير «خلى بالك من زوزو».
بتلومونى ليه..
ويقسم عبدالحليم فى مذكراته أن الفتاة ذات العينين الجميلتين هى أنبل
قصة حب فى حياته، وتغنى لها بأغنيته «بتلومونى ليه لو شفتم عينيه»، وكانت
تغار عليه من سعاد حسنى من فرط حبها له، وعندما اقترب منها الموت أوصت
عبدالحليم بأن يتزوج السندريلا، وعقب وفاتها خيم الحزن على عبدالحليم، وكتب
«لم أنجح فى اختيار شريكة عمرى لأن الموت تدخل، وتساءلت كثيرا هل من العدل
أن تموت حبيبتى دون أن نحقق حلمنا، كما كنت أسأل الأرض والسماء لماذا جئت
إلى هذه الحياة دون أب أو أم».
ظلموه .. القلب الخالى ظلموه
ودافع عبدالحليم حافظ عن نفسه فى اتهامه بأنه يعترض طريق المطربين
الناشئين، حيث كتب قائلا: «الكثيرون يقولون إننى أعترض طريقهم، وأنا أقول
لا أحد يستطيع أن يعترض طريق موهبة حقيقية، وأنا لم أعترض طريق أحد فى
حياتى، أصدقائى يقولون عنى إننى إنسان ذكى، وأنا أعتقد أننى إنسان حساس
وتركيزى دائما فى عملى».
على خريطة حياة عبدالحليم الكثير من الأصدقاء الذين وضعهم فى مكانة
الإعزاز من نفسه، على رأسهم الشاعر الكبير كامل الشناوى، وإحسان عبدالقدوس،
ومحمد عبدالوهاب، وكمال الطويل، ومحمد الموجى، وبليغ حمدى، ومجدى العمروسى،
ولعله تعلم كيف يتعامل مع الناس بفضل كامل الشناوى، وعرف طريق الإتقان من
خلال إحسان عبدالقدوس، ومعنى الوفاء بمصادقة مجدى العمروسى، وبدأ يفهم أى
كلمة تقال أمامه بذكاء محمد عبدالوهاب الذى كتب عنه فى مذكراته «حذرونى من
عبدالوهاب لأنه ناعم يغرق الإنسان فى الإعجاب، فلا يعرف رأسه من قدمه، لكنى
خضت فى بحر عبدالوهاب وأجدت السباحة دون أن أغرق».
ويظهر ولاء عبدالحليم لأصدقائه حينما رفض أن تختار له شركة عبدالوهاب
بعد أن تعاقد معها مطلع حياته كلمات أغانيه وألحانه، وأصر على ترشيح الموجى
والطويل لتلحين أغنياته، وربما يأتى نجاح العندليب بسبب ذكائه الاجتماعى فى
تكوين ثروة صداقة كبرى فى جميع المجالات الفنية والثقافية والصحفية، وكان
يردد: «يحسبون دائما ثروتى بالملايين، وأنا أحسب ثروتى بحب الناس لى، وأقول
رصيدى كم مليون إنسان».
يوسف شعبان: حليم صالحنى قبل وفاته بعد أن رفض تمثيلى فى "معبودة الجماهير"
كتب العباس السكرى
اعتبر النجم القدير يوسف شعبان، احتفاء العالم بذكرى رحيل العندليب
الأسمر عبدالحليم حافظ سنويا رغم مرور 36 عاما على رحيله، تأكيداً على أن
الفن الصادق ليس له عمر محدد بل يظل مستمرا طالما هناك امتداد زمنى للحياة،
ويستكمل يوسف قائلا: «أسمى صفة تتجلى فى عبدالحليم حافظ هى الإحساس، حيث
كان حريصا على ألا يغضب منه أى فرد فى المجتمع وطلب ذات مرة من مدير
التصوير وحيد فريد أن يصطحبنى إلى منزله، أثناء معاناته من المرض فى أيامه
الأخيرة قبل سفره للعلاج بالخارج، وذهبت مع وحيد فريد لمنزل عبدالحليم
بالفعل، ووجدته طريحا على الفراش واحتضنته وقبلته، وقال لى أوعى تكون زعلان
يا يوسف، وقلت له أبدا على الإطلاق لم أحمل أى غضب تجاهك طوال عمرى».
ويحكى الفنان القدير لـ«اليوم السابع» عن كواليس رفض العندليب مشاركته
فى فيلم «معبودة الجماهير» الذى جمع بينه وبين حليم والنجمة الكبيرة شادية،
قائلا: «رشحنى المخرج حلمى رفلة للمشاركة فى بطولة الفيلم لتقديم شخصية
مدير الفرقة المسرحية، وعارض عبدالحليم وقتها بشدة وطلب من المخرج استبدالى
بفنان آخر، وتدخّلت شادية فى الأمر وأصرت على أن أقوم بتجسيد الدور، ووصلت
الخلافات فيما بينهما إلى حد تعطيل التصوير بديكور العمل أسبوعين بسبب هذه
الأزمة، وعقب هذه الحيرة اضطر المخرج حلمى رفلة لأن يحتكم لمؤلف قصة الفيلم
الكاتب الكبير مصطفى أمين، والذى أكد على أننى أجدر من يقوم بتجسيد شخصية
مدير الفرقة المسرحية فى الفيلم، ووافق عبدالحليم وبدأنا التصوير واستشعر
الخجل منى وقتها بسبب هذا الموقف، ولم أغضب منه وذهبت إليه وأشعرته بأن
الأمر عادى».
نادية لطفى: الشباب والبنات تعلموا الحب من «الخطايا»
كتب العباس السكرى
ارتبطت النجمة الكبيرة نادية لطفى، بأواصر صداقة قوية مع العندليب
الأسمر عبد الحليم حافظ، قبل دخولهما المجال السينمائى، واستمرت الصداقة
بينهما حتى رحيل العندليب فى ربيع مارس 1977، بعد أن قدم معها آخر أعماله
السينمائية «أبى فوق الشجرة».
وتتحدث النجمة الكبيرة لـ«اليوم السابع» عن فيلمهما الخطايا، قائلة
«أصبح هذا العمل رمزا للحب، وهناك الكثير من الشباب والفتيات تعلموا الحب
على أغنيات ومشاهد الفيلم، والذى أجاد مخرجه حسن الإمام الرؤية الإخراجية
له، وتم تصنيفه من أروع الأفلام الكلاسيكية فى السينما المصرية».
وتستكمل نادية حديث الذكريات عن الخطايا بقولها «برع المصور الكبير
الراحل وحيد فريد فى تصوير مشاهد الفيلم، حيث تركت مشاهد أغنية «قولى
حاجة»، أثرا كبيرا فى الجماهير لاعتمادنا فيها على التعبيرات الفنية للوجه».
وتضيف الفنانة الكبيرة قائلة «يصعب علّى تحديد أغنية واحدة أستمع
إليها للعندليب، فجميع الأغنيات التى تغنى بها عبد الحليم، تحمل عمقا وحسا
موسيقيا يحلق بالإنسان فى أفق للخيال، وأشبهها بنسمات الهواء الرطبة، التى
تأتى برومانسيتها لتجعلنا نسمو بها، ونغوص فى أبجديات كلماتها ومفرداتها
لكونها تلامس القلب بسهولة».
وتتذكر نادية لطفى رحلاتها مع العندليب خارج مصر قائلة «عندما ذهبنا
للسودان فى رحلة جمعتنى بالعندليب، ووفد من الفنانين الإعلاميين، وجدنا
استقبالا حافلا جدا من أهلها، وكان عبدالحليم طوال الوقت «يهندس» العلاقات
بين الشعوب، هو والإذاعى الكبير الراحل جلال معوض، وحدث هذا فى جميع
رحلاتنا فى سوريا ولبنان».
وأشارت نادية لطفى إلى أن أغنيات العندليب، أجادت التعبير العاطفى عن
جميع الأجيال المختلفة، برغم اختلاف عوامل العصر، ويكمن هذا السر فى إحساس
عبدالحليم وصدق أغانيه وكلماته وألحانه التى غيرت مجرى الموسيقى.
فاتن حمامة: سر بقاء العندليب على القمة حتى الآن «صدقه»
كتب العباس السكرى
أرجعت سيدة الشاشة العربية، فاتن حمامة، سر بقاء العندليب الأسمر
عبدالحليم حافظ على قمة الطرب والغناء حتى الآن، إلى صدق صوته، وإحساسه
بمعنى الكلمة التى ينطقها واختياره لشكل اللحن الذى يتناسب مع أغانيه.
وأضافت سيدة القصر فى تصريحاتها لـ«اليوم السابع» بمناسبة احتفال
العالم العربى بذكرى وفاة العندليب الـ36 قائلة «عبدالحليم كان من أعز
الأصدقاء على المستوى الشخصى، ومن أعز الزملاء أيضا على المستوى الفنى، وسط
الحقبة الزمنية الجميلة التى طالما تميزت بالإبداع، وجذبت نحوهم عيون
الدهشة».
والمعروف أن سيدة الشاشة العربية شاركت العندليب بطولة «أيامنا
الحلوة» مع النجمين عمر الشريف وأحمد رمزى وأخرجه حلمى حليم و«موعد غرام».
ماجدة: عندما يأتى الربيع أقرأ الفاتحة على روح عبدالحليم
كتب العباس السكرى
تستقبل النجمة الكبيرة ماجدة الصباحى، حلول ذكرى العندليب الأسمر
عبدالحليم حافظ، بقراءة الفاتحة على روحه، معتبرة أن هذه هى أفضل هدية
تبعثها له فى الدار الآخرة، لتنير قبره.
وتؤكد الفنانة فى تصريحاتها لـ«اليوم السابع»، أن الراحل الكبير
عبدالحليم حافظ حقق جماهيرية ضخمة فى حياته وبعد مماته، لافتة إلى أن هناك
ملايين من البشر، يدعون له بالرحمة بقدر ما أسعدهم بأغانيه العاطفية
الكثيرة. وذكرت بطلة فيلم «بنات اليوم»، أن أداء العندليب أثناء تصويرهم
أحداث الفيلم، كان يمتاز بالسلاسة، وكانت هناك لغة تفاهم تجمع بينهما،
بجانب الود والبساطة فى التعامل دون أى تكليف. يشار إلى أن ماجدة قدمت فيلم
«بنات اليوم» مع عبدالحليم حافظ، وشاركهما البطولة النجم الراحل أحمد رمزى،
وأخرجه بركات عام 1957، وتغنى خلاله العندليب بأجمل الأغنيات.
اليوم السابع المصرية في
29/03/2013
العندليب.. والنجم الأسمر
وجدى الحكيم
دائما أسعد بظهور عبدالحليم حافظ على الشاشة سينمائيا أو غنائيا أو من
خلال المسلسل التليفزيونى الذى تناول مسيرة حياته الإنسانية والفنية والتى
تقاربت بعض تفصيلاتها مع مسيرة حياة النجم الأسمر أحمد زكى فالاثنان
ينتميان لمحافظة الشرقية وعاصمتها مدينة الزقازيق.. وكلاهما شق طريقه إلى
عالم الفن والشهرة عبر طريق الورد والشوك باصرار على بلوغ القمة كل فى
مجاله.. عبدالحليم فى الغناء... وأحمد زكى فى التمثيل.. هما لم يلتقيا
إنسانيا لكن عشق أحمد زكى لحليم استحوذ عليه منذ بداياته الأولى فى عالم
التمثيل فقد كان حلمه الدائم تشخيص وتجسيد حياة العندليب وكان دائم التردد
على مكتبى لسماع تسجيلات عبدالحليم ومعرفة كيفية مواجهته لآلام المرض
ولحظات النجاح والفشل فى رحلة عمره التى تشابهت فى كثير من صعوباتها
وقسوتها معه شخصيا.. فكلاهمنا عاشا حياة الغربة عن الأهل والوحدة بعيدا عن
دفء الأسرة وكثيرا ما لجأ احمد زكى الى فنان الماكياج محمد عشوب والى محمود
لبيب كوافير عبدالحليم ليحققا له بعضا من ملامح حليم قبل التفكير بسنوات
لفيلم أو مسلسل تليفزيوني.
ولسوء الحظ جاءت الفرصة لأحمد زكى فى اصعب مراحل حياته مع حماس
الاعلامى الكبير عماد اديب واحتضانه له فترة مرضه الشديد ليحقق له حلم عمره
فى تجسيد شخصية حليم عشقه الفنى منذ بداية الرحلة... وبإعجاز فنى حققه
المخرج الكبير شريف عرفة.. خرج إلى الوجود فيلم حليم فى اصعب ظروف انتاجية
مع قسوة المرض على احمد زكى ليؤرخ له هذا الفيلم حالة عشق نجم السينما
المصرية احمد زكى لنجم الغناء والأفلام الاستعراضية والغنائية حليم الذى
غادر دنيانا فى مثل هذه الأيام منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما عشنا خلالها
على شدوه الغنائى الباقى لنا فى كل الألوان الرومانسية والشعبية والدينية
والقصائد العربية والموشحات برصيد هائل من الحان عباقرة زمانه من الشعراء
مرسى جميل عزيز- مأمون الشناوي- كامل الشناوي- نزار قباني- حسين السيد-
صلاح جاهين -عبدالرحمن الأبنودي- محمد حمزة- عبدالفتاح مصطفي- ومن أنغام
وألحان محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى ومحمود الشريف ومنير مراد ومحمد
الموجى وكمال الطويل وبليغ حمدى وحسين جنيد وعلى اسماعيل.. قائمة طويلة من
عمالقة النغم والكلمة الراقية التقت فى صوت الشاب الأسمر القادم من اعماق
ريف مصر الى القاهرة التى احتضنته وزهت باغانيه.. كل اغانيه العاطفية
والوطنية التى لازالت تؤرخ لأهم إحداث حياتنا وانتصاراتنا الى اليوم..
أقول اليوم لأحمد زكي
احترم عشقك لابن بلدك الشرقية حليم بفيلم سينمائى اختتمت به حياتك
بنفس الحب الذى نازعك دائما وسط العديد من الأفلام لتجسيد هذه الشخصية رغم
سابق تجسيدك لرؤساء وزعماء مصر.. ايمانا منك بان لحليم مكانة ودور هام فى
تاريخنا المعاصر لايقل عن زعماء وحكام المحروسة.
وأقول لحليم.. صديق العمر..
اهنأ حيث أنت فى جنات الخلد فثورة يناير اعادتك إلى دنيانا بعد طول
غياب فى الزمن الماضى بكل جحوده على المبدعين من امثالك ولازال الغناء حتى
يومنا هذا هو غناء حليم ولازلت فى صدارة قائمة عشاق الفن الراقى فى كل ما
ابدعت من غناء وأفلام حاضرا وغائبا على الشاشتين الفضية والصغيرة.
حليم..
شباب مصر بعد ثورة 25 يناير يعيشون ويرددون معك.. اللى حايخرج م
الميدان عمره ما حيبان فى الصورة.
والى المتلقى يا عندليب
أخبار النجوم المصرية في
28/03/2013 |