حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بعد ظهوره في لقاء مع زاهي وهبي على قناة الميادين

كتّاب ومثقفون سوريون يسخرون من دموع غسان مسعود

حسن آل قريش

 

لمن تدق أجراس مهرجانات السينما المصرية؟

محمود قاسم*

 

كنا ننظر بعيون الغبطة إلى النقاد الذين فى امكانهم السفر على نفقة المؤسسات الصحفية إلى مهرجانات السينما العالمية، ويعودوا ليكتبوا عن الأفلام التى شاهدوها، والنجوم والمخرجين الذين التقوا بهم، وكان المثقفون الشباب، أو هواة السينما غير الصحفيين يتعرفون على الأسماء البارزة من صناع السينما العالمية من خلال المراكز الثقافية الأوروبية والأمريكية التى تعرض الأفلام القديمة والشهيرة فى كل من المركز الثقافى الفرنسى، والايطالى، والروسى، والألمانى “جوته” والاسبانى والأمريكى والمجرى، وغيرها..

كانت هناك محاولات لعمل أسابيع لأفلام هذه الدول، أى أن الصادرات كانت تأتى من الإدارات الثقافية للدول، وفى بعض الأحيان تقام هذه الأسابيع فى دور العرض، وكان العائدون من حضور المهرجانات بمثابة “جيجى لاموروزو” Gigi L’amoroso فى أغنية داليدا.. ولم تكن هناك محاولات جادة من المؤسسة الثقافية الرسمية لتنظيم مهرجان، فالروتين يلف المكاتب والمسئولين، حتى جاءت المبادرة الكبرى من الصحفيين الذين يعملون بالصفحات الفنية، وتم تأسيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما بواسطة أبرز الصحفيين الفنيين فى تلك الآونة، وعلى رأسهم كمال الملاخ، وعبدالمنعم سعد، ومارى غضبان، ويوسف جوهر, وإيريس نظمى، ومفيد فوزى، وغيرهم، كانوا جميعاً من رجال الصحافة الفنية، أما النقاد الصحفيون فقد كانت لهم جمعية أخرى تحمل اسم النقاد السينمائيين، كانت تقيم أسابيع للأفلام المتميزة، أو ما يسمى بمهرجانات صغيرة، مثل أسبوع الفيلم الجزائرى عام 1973.

أولاً: مهرجان القاهرة السينمائى الدولى

أما الجمعية الوليدة، فقد كان لأفرادها سطوة فى الصحافة، بحيث أمكنوا تدبير ميزانيات لأول مهرجان سينمائى أقيم فى القاهرة فى 16 – 22 أغسطس عام 1976، أى أنهم حصلوا على دعم مادى من وزارة الثقافة، ومن الدولة بشكل عام، حيث أن رئيس الوزراء فى السنوات الأولى شارك فى افتتاح المهرجان الذى أقيم بالقاهرة، وأيضاً بالاسكندرية.

كان حدثاً ضخماً، ومبهراً، أفرد له الصحفيون أعضاء الجمعية صفحاتهم للكتابة عن الحدث، وقيست قيمة المهرجان بالنجوم العالميين الذين تمت دعوتهم من كل أنحاء العالم، ومن أبرزهم كلوديا كاردينال Claudia cardinal، وراج كومار raj kumar بطل فيلم “سانجام” sangam، وقد اشترك فى فعاليات المهرجان خمس وثلاثون دولة، وتكونت لجنة التحكيم برئاسة كوين كيرتس “الولايات المتحدة”، وكان من أعضائها المخرج شادى عبدالسلام من مصر، وهاجير درابوش “إيران” haggir darbouche، ودافيد روبنسون david robinson “بريطانيا” وستياجيت راى setyagait ray “الهند”، وفازت مصر فى هذه المسابقة بجائزة أحسن ممثل لعماد حمدى عن دوره فى فيلم “المذنبون” لسعيد مرزوق, لم يكن هذا يتم إلا بدعم حكومى ورسمى للمهرجان، فقد أعلن أن يوسف السباعى “وزير الثقافة آنذاك”، رئيساً فخرياً للجمعية، وسط مشاكل مرتبطة بسوء دور العرض التى استقبلت مئات الآلاف من المشاهدين، وقد لعبت المؤسسات السياحية دوراً بارزاً فى دعم المهرجان، خاصة الفنادق، وشركات السياحة، وشركة الطيران القومية.

كانت دور العرض فرصة لعرض أفلام من ثقافات متعددة على جمع كبير من المشاهدين، خاصة الذين يكادوا ألا يعرفوا أن كافة دول العالم تنتج أفلاماً، وليست هوليوود، أو أوروبا فقط، فقد شاهدوا أفلاماً قادمة من البرازيل، وتونس، والجزائر، وهى دول ليست لها مراكز ثقافية بالقاهرة.

ومنذ العام الأول للمهرجان لعبت شركات التوزيع الأمريكية فى القاهرة، دوراً فى عرض أكبر عدد من الأفلام الجديدة التى تنتظر العرض التجارى، وهى مترجمة إلى اللغة العربية، حيث أن الجمهور العادى الذى ملأ القاعات لا يجيد اللغتين الأساسيتين اللتين تترجم إليهما الأفلام وهى الفرنسية والإنجليزية، ومن الأفلام الأمريكية التى عرضت فى المهرجان، خارج المسابقة “سواق التاكسى” لمارتن سكورسيزى.

كان المهرجان بمثابة فرصة للاحتكاك المباشر بصناع السينما فى العالم، حيث جاء الكثيرون منهم إلى القاهرة، يحاورهم النقاد والصحفيون، ويتواجدون فى المؤتمرات الصحفية، ويحضرون الحفلات، ويشاهدون الأفلام، والحفل الختامى الغنائى الذى حرصت الجمعية على اقامته لدورات عديدة.

وبالروح نفسها أقامت الجمعية الدورة الثانية من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى الفترة من 26 سبتمبر وحتى 5 أكتوبر عام 1977، برئاسة كمال الملاخ، وشارك فى الفعاليات سبعون فيلماً جاءت من خمس وعشرين دولة، من بينها 25 فيلماً داخل المسابقة الرسمية، وجاءت أهمية توقيت المهرجان أن هناك فرصة لاستجلاب الأعمال الفائزة والمرموقة فى المهرجانات الأخرى التى أقيمت خلال العام، مثل برلين، وكان، وفينسيا، وغيرها، وتشكلت لجنة التحكيم من النجم البريطانى تريفور هيوارد، وارسولا اندرس،   ومايكل يورك، وايرين باباس، وبيتراستينوف، والمخرج كاكوييانيس وجميعهم يعرفه المشاهد العادى فى مصر، واهتم المهرجان بدعوة نجوم من العالم، وهو أمر مهم تقاس من خلاله درجة نجاح المهرجانات، وجاءت أفلام من آسيا، والبانيا والاتحاد السوفيتى، وشاهد المصريون نجمهم محمود مرسى يقوم ببطولة فيلم تونسى هولندى هو “شمس الضباع”، وملأت الغبطة عشاق الأفلام فى مصر، واستطاعوا رؤية كل ما هو ممنوع من الرقيب، وقد سمح به بشكل خاص فى المهرجان فقط، لذا ازدحمت القاعات بالمشاهدين لرؤية المحرم عليهم، وليعرفوا كيف يفكر الأوروبيون ويتصرفون اجتماعياً، لقد حدث تحول ملحوظ فى أفكار الناس، وهم يرون مشاهد جريئة، وعلاقات غير مألوفة، وفى هذا العام بدأ مصطلح مهرجانى فى الظهور، فيما بعد حول إن كان الفيلم قصة أم مناظر؟

كانت هناك أفلام صارت فيما بعد علامات بارزة، تركت آثارها على من شاهدها، مثل الفيلم البريطانى “الإنجليزية الرومانسية”، لجوزيف لوزى، وفيلم “المتبارزان” أول أفلام ريدلى سكوت، أما شركات التوزيع الأمريكية، فاختارت أن تعرض فى المهرجان عدداً من الأفلام منها “كارى” اخراج بريان دوبالما، و”الأعماق” وكلاهما مأخوذ من نص أدبى، كما قدم روبرت التمان فيلمه “ثلاث نساء”، وهو المخرج الذى لا يميل الجمهور المصرى لرؤية أجواء أفلامه ذات الإيقاع البطىء، أما مصر فقد عرض لها ثلاثة أفلام هى “أفواه وأرانب” لبركات، و”ثالثهم الشيطان” لكمال الشيخ، ثم “قطة على نار”، لسمير سيف.

دفع النجاح الذى حققته الدورة الأولى للمهرجان، أن تم عرض أفلام الدورة الثانية فى قاعات العرض التجارية بالاسكندرية، وحققت ايرادات هائلة، وسوف نرى أن هذا الأمر سوف يسبب حرجاً لإدارة المهرجان، لكنه حرج إيجابى، سيتولد عنه ميلاد أكثر من مهرجان فى مدن عديدة أخرى، مثل مهرجان الاسكندرية الأول عام 1979، ومهرجان الأقصر الدولى عام 1983، وكان الحلم هو اقامة مهرجان فى كل مدينة مثل السويس، وأسوان، والغردقة.

كان أبرز ما فى الدورات التالية، هو استقطاب أفلام جيدة، ونجوم مشاهير، ففى الدورة الثالثة عام 1978، جاء الكاتب البرتو مورافيا، وألقى محاضرة فى المركز الثقافى الإيطالى، وعرض الفيلم الإيرانى “رحلة الحجر” اخراج مسعود كيميالى، وجاءت أفلام من تشيكوسلوفاكيا، ويوغسلافيا، وسرى لانكا، وغيرها..

إلا أن الدورة الرابعة للمهرجانات أثارت المزيد من الجدل عام 1979، فقد عقدت فى العام نفسه الذى تم فيه توقيع اتفاقية كامب دافيد بين مصر وإسرائيل، حيث بدا كأن المهرجان يستضيف أكثر من وجه كان ممنوعاً بسبب مساندته لإسرائيل، ومنهم اليزابيث تايلور، كيرك دوجلاس، والمطرب الفرنسى انريكو ماسياس، وهنا تم النظر إلى المهرجان منظوراً سياسياً، كأنه يشجع التطبيع بين مصر وأنصار إسرائيل.

ومن أبرز علامات هذه الدورة عرض فيلم “الطبلة” لشولندورف، الذى فاز فى نفس السنة بالسعفة الذهبية، فى مهرجان كان ، وبدأت محاولات لضرب المهرجان، وقامت الرقابة بقص مشاهد من بعض الأفلام، مما اضطر بعض الدول إلى الانسحاب من المسابقة، ومنها سويسرا، صاحبة فيلم “صانعة الدانتيلا”، وأيضاً يوغسلافيا صاحبة فيلم “الاحتلال فى 26 صورة”، وأرسلت الدول احتجاجاً على ما أصاب اثنى عشر فيلماً من أضرار فنية لقص بعض أجزائها من قبل الرقابة، ومن هنا بدأ المهرجان فى دوراته يخصص عروضاً كاملة من أفلام بعينها للصحفيين والنقاد، ويمنع عرضها فى دور السينما التى يرتادها الجمهور، وبسبب هذه الاحتجاجات وأيضاً بسبب عدم التنظيم فى حفل استقبال اليزابيث تايلور، فإن وزارة الثقافة قررت ايقاف المهرجان عام 1980 وحدث ذلك فى مهرجان الاسكندرية، وفى عام 1981، وبسبب اغتيال الرئيس السادات أقيمت الدورة الخامسة للمهرجان فى اطار ضيق أقرب إلى الحداد، ولم تكن هناك مسابقة رسمية، وقد أعلن وزير الثقافة الجديدة آنذاك محمد عبدالحميد رضوان عن عزمه لاقامة المهرجان، وهو المسئول الذى سيطيح، فيما بعد برئاسة الملاخ للمهرجان، كما سنرى، ورغم ذلك، فإن دور العرض شهدت مجموعة من الأفلام الجيدة منها “الأشقاء الثلاثة” لفرانشيسكو روزى، و”رباعى” ليجمس ايفورى، و”الموت على الهواء” لبرتران تافرنييه، وقد أقيمت الدورة بلا مسابقة، رغم وجود المزيد من الأفلام المهمة، ومنها بانوراما لأفلام جون هيوستن، وبانوراما السينما الهندية.

وعاماً وراء آخر بدأ موعد اقامة المهرجان فى التحرك نحو نهاية العام، خاصة فى الأسبوع الأخير من نوفمبر، ولمدة عشرة أيام، وهو الموعد الثابت الذى تقام فيه الدورات حتى الآن، ابتداء من المهرجان السادس عام 1982 الذى حضره من النجوم عمر الشريف، ودومنيك ساندا، والمخرج الايطالى ماورو بولونينى الذى عرض له تسعة أفلام، ومثلما شاركت فرنسا فى مهرجان الاسكندرية بقوة، فإنها شاركت فى مهرجان القاهرة بستة أفلام مهمة منها “عودة مارتن جير” اخراج دانييل فينى، الذى اقتبسه المصريون فيما بعد فى فيلم “الأب الثائر” عام 1986، وجاءت أفلام لأول مرة من فنلندا، بالإضافة إلى الدول التى تشارك كل عام، وخاصة البلاد العربية، مثل تونس التى قدمت فيلم “ظل الأرض”، وقد أقيمت لأول مرة بانوراما السينما المصرية، على غرار ما يحدث فى مهرجان الاسكندرية، وعرض 28 فيلماً جديداً، عرض بعضها فى الاسكندرية مثل “سواق الأوتوبيس” لعاطف الطيب و”العذراء والشعر الأبيض” لحسين كمال.

ومن بين الأفلام التى شاركت فى هذه الدورة “حنا…ك” لكوستاجافراس حيث بدت أفلام بعينها وكأنها تصبغ المهرجان بالسياسة، مثل فيلم “الحرب الخامسة” عن أطفال فلسطين، اخراج فانيسا روجراف، وقد أثار فيلم “حنا….ك” الكثير من الجدل بين النقاد، وفى الكواليس كانت هناك خصومة حادة قد ولدت فى الاسكندرية عام 1984، بين وزير الثقافة، وبين رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما، حيث تم استبعاد كمال الملاخ، وصار المخرج كمال الشيخ رئيساً للمهرجان بالإضافة إلى أعضاء من الجمعية، وغرفة صناعة السينما، ومن هذه الدورة تسلطت الوزارة على المهرجان حتى الآن، فهى التى تمول وهى التى تعين اسم رئيس المهرجان وانتقل المهرجان فيما بعد إلى مقر اتحاد الفنانين العرب، تمهيداً لسيطرة سعد الدين وهبة عليه، ليصبح فيما بعد مهرجاناً ينفرد به، ويحوله إلى مشروعه الخاص، يعين فيه من يشاء، ويحاول تنمية موارده، من خلال عرض أكبر قدر من الأفلام التى لا تمسها أيدى الرقباء، وقام وهبة بتعيين طاقم من النقاد لادارة الدورة التاسعة، ثم ما لبث أن تخلص منهم ليأتى برجاله فى الدورة العاشرة ومنهم سهير عبدالقادر التى ظلت فى ادارة المهرجان حتى عام 2012، وأقيم المهرجان تحت مظلة الاتحاد العام للنقابات الفنية الذى يرأسه سعد الدين وهبة، وكان مقر الاتحاد هو مركز ادارة المهرجان، وقد سعى وهبة إلى إعادة الاعتراف الدولى بالمهرجان من الاتحاد الدولى للمنتجين Fiape فى عام 1986، فصار من العام التالى مهرجاناً معترفاً به دولياً، وحمل اسم اتحاد النقابات الفنية بعيدا عن وزارة الثقافة، وصار للمهرجان شبكة مراسلين فى أهم عواصم العالم السينمائية، وصارت للمهرجان أقسام فنية واحتفالية تتجدد من عام لآخر، وتحسنت مطبوعات المهرجان بشكل ملحوظ من كتالوج، ونشرات تتابع أحداث المهرجان ووقائعه، ومن بين أقسام المهرجان مجموعة أفلام للأطفال، دفعت رئيس المهرجان الى اقامة أول مهرجان لسينما الأطفال عام 1991، وهو المهرجان الذى أضاف واحداً من المهرجانات العالمية إلى النشاط السينمائى الدولى فى مصر، وكان صناع المهرجان فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى يفخرون بالعدد الكبير من الأفلام المشاركة، كان جزء كبير منها بمثابة أفلام لتكريم أعلام السينما العالمية والعربية والمصرية، وتم تكوين لجنة عليا للمهرجان من أبرز الفنانين والصحفيين كانت بمثابة أداة فى يدى رئيس المهرجان الذى كانت له سطوته، وقد اعتمد المهرجان دوماً على استجلاب النجوم المشاهير فى عالم التمثيل والاخراج، ورؤساء المهرجانات الأخرى، وفى عام 1989، تم تكريم الكاتب نجيب محفوظ “نوبل 1988″، وتم القاء الضوء على السينما السورية، وفى هذا العام تم الغاء بانوراما السينما المصرية لأول مرة، وفى الأعوام التالية، كان على المهرجان أن يستمر رغم حرب العراق الكويت، وأقيمت فى عام 1989 ندوة حول تأثير البروستريكا على السينما فى أوروبا الشرقية، وتم تكريم أسماء عديدة من أبرزها عمر الشريف، وأيضاً السينما الهندية وبدأت المشاركات تزداد فى فعاليات المهرجان عاماً وراء آخر، سواء من حيث عدد الدول، أو عدد الأفلام.

وعاشت القاهرة أزهى عصورها كصانعة مهرجانات سينمائية فى التسعينيات، تحت ادارة سعد الدين وهبة الذى انفرد بالمهرجان كسلطة عليا، يعمل الآخرون معه، حيث سعى للتصالح مع الجميع خاصة بعد أزمته فى النقابات الفنية ضد الفنانين، وسعى رئيس المهرجان من خلال علاقاته مع الصحافة الفنية أن يكسب ارضا جديدة، ففى عام 1992، تم تكريم ليلى مراد، وماجدة، ويحيى حقى، وأيضاً كريستوفر لى، وبدت الدورات متشابهة، يعلوها النجاح إلى أن وافت المنية سعد وهبة عام 1997، الذى احتفى بمئوية السينما العالمية عام 1996 كأفضل ما يكون الاحتفال بمناسبة الدورة العشرين للمهرجان، وايضا مع مناسبة اختيار القاهرة كعاصمة ثقافية للعالم العربى.

كان رحيل سعد وهبة بمثابة اشارة لعودة وزارة الثقافة للسيطرة على المهرجان، وبدأ اسمها يقترن بصناعة المهرجان ونشاطه، فالوزارة هى التى تدفع وتمول، بالإضافة إلى جهات أخرى، وتم اختيار الممثل حسين فهمى لادارة المهرجان، وهو وجه مقبول، مثقف، استعان بنفس الطاقم الذى أسسه وهبة خاصة سهير عبدالقادر، التى ظلت تعمل بالمهرجان حتى عام 2012، وبدلا من اتحاد الفنانين العرب، أو “سعد وهبة يدعوكم”، اقترن المهرجان باسم وزارة الثقافة وتم تكوين هيكل جديد للمهرجان لم يختلف كثيراً عن الهيكل القديم، وأقيمت أول دورة لحسين فهمى عام 1998، ورغم ذلك فإن آلية المهرجان لم تتغير، من حيث النشاط، والاهتمام باستحضار الأفلام البارزة التى عرضت فى المهرجانات العالمية طوال السنة، مع اختيار أفلام جديدة لتشارك فى المسابقة الرسمية، والعروض، والندوات، والتكريمات، والتركيز على بانوراما السينما العربية، وعمل مسابقة نجيب محفوظ للأفلام الأولى لأصحابها، ففى عام 1998، تم تكريم جينا لولوبرجيدا، ومصطفى العقاد، وجون مالكوفتش، وكريستوفر لى، وفى عام 1999 كان المحور الأساسى هو الكوميديا، وتم تكريم أبرز صناع الفكاهة القدامى فى مصر والعالم ولم تكن أفلام الافتتاح تشكل عقبة فى اختيارها، ففى عام 1999 كان الفيلم الأمريكى حلل هذا، وقد كانت القاهرة تزخر بالفنانين، والعروض، والأضواء والبهجة فى أثناء أيام المهرجان وبدا حسين فهمى وجهاً مقبولاً حيث ترأس المهرجان لأربع دورات حتى عام 2001، وبدا كأنه فى حاجة إلى المزيد من التمويل، حيث كان البذخ واضحاً فى ميزانية المهرجان، فى الوقت الذى بدأ يتقلص الاقبال الشبابى والشعبى على الأفلام، باعتبار أن موضوع “قصة” أم “مناظر” قد فقد أهميته، فالمشاهد المخففة من العرى صارت شبحا بلا قيمة قياسا إلى ما امتلأت به مواقع النت الإباحية، ولم يعد يهم الشباب المحرومين الذهاب إلى السينما، أما هواة الأفلام والسينما، فلم يكن عددهم كبيراً، لدرجة أنه مع مرور السنوات صار كل من يمتلك بطاقة المهرجان فى امكانه مشاهدة العروض، التى انحصرت من دور العرض المتهالكة، إلى دار الأوبرا المصرية، وقاعات سينما جديدة محدودة، وفى عام 2002، تولى رئاسة المهرجان شريف الشوباشى، الصحفى بجريدة الأهرام الذى راح يدير كافة المؤسسات الثقافية بتمويلها، ومنها المهرجانات المحلية، والدولية، باشراف من وزير الثقافة الذى يمنح، ويمول، ويهب، ويقوم بحضور الافتتاح، ويشارك فى حفلات توزيع الجوائز، كان الوزير هو الأبرز مثلما كان سعد الدين وهبة، واختفت أسماء عديدة إلا اسم الوزير بالإضافة إلى اسم رئيس المهرجان، ففى بعض الدورات تم اختيار اسم عمر الشريف كرئيس شرف، بسبب شهرته، وعلاقاته الدولية، وفى عام 2006، تولى الممثل عز أبو عوف رئاسة المهرجان، وذلك حتى دورة عام 2012.

فى السنوات الأخيرة، كانت هناك ثلاث مسابقات هى: المسابقة الرسمية الدولية ومسابقة الافلام العربية، ومسابقة أفلام الديجيتال، وتقلص اسم نجيب محفوظ من الجائزة الدولية، أما أهم الجوائز التى تمنح من قبل لجان التحكيم، فهى أفضل فيلم “الهرم الذهبى”، جائزة لجنة التحكيم “الهرم الفضى”، جائزة أفضل ممثلة – أفضل ممثل – أفضل مخرج – أفضل سيناريو – أفضل عمل أول، جائزة أفضل ابداع فنى، جائزة أفضل فيلم عربى، وهى تمنح من وزارة الثقافة بما يعادل 16 ألف دولار أمريكى.

ثانياً: مهرجان الاسكندرية لسينما البحر المتوسط

اعترض الاتحاد العالمى للمهرجانات على عرض أفلام مهرجان القاهرة خارج العاصمة، باعتبار أنه ابتداء من الدورة الثانية للمهرجان عام 1977، تم عرض أفلام المهرجان فى صالات العرض بمدينة الاسكندرية وقد شهدت هذه العروض اقبالا جماهيرياً ضخما، ارتبط برفع اسعار التذاكر، وقد حدثت تجاوزات ملحوظة من الجمعية، حيث لوحظ أن الأفلام التى تتضمن مشاهد عرى يتكرر عرضها فى دور السينما التجارية ومنها فيلم “البداية” الهولندى.

بدا المهرجان عملاً تجارياً بحتاً، يجلب الكثير من الايرادات، بالنسبة لصناعه، كما أنه بالنسبة للمشاهدين من كل الأعمار، فهو بمثابة خروج عن المألوف، ومشاهد الأفلام كاملة دون أن يمسها مقص الرقيب، وقد أحدث ذلك دوياً فى الشارع المصرى، ليس فى القاهرة والاسكندرية فقط، حيث شاهدنا الكثير من الشباب يأتون من الأقاليم، وقد جلبوا معهم مبالغ من المال وفروها طوال العام، من أجل صرفها فى مشاهدة الأفلام، فهى فرصة نادرة لرؤية كل ما كان ممنوعاً، وصار مباحاً فقط فى أيام المهرجان.. وعليه، فإن الجمعية فكرت فى اقامة مهرجان منفصل بالاسكندرية، بالتعاون مع محافظة الاسكندرية، وتشارك وزارة الثقافة أيضاً فى تمويله.

وهكذا جاءت فعاليات أول مهرجان تمت اقامته فى فندق سان ستيفانو القديم، ومن اللحظة الأولى بدا كم يختلف المهرجان الذى يقام فى الثغر، عن المهرجان الأم، فى القاهرة، فهو يقام فى مدينة أخرى، ولابد من اشراك بعض أبناء المدينة من هواة السينما خاصة مجموعة الفن السابع، التى تأسست عام 1977، وقد اشترك بعضهم فى أنشطة المهرجان وخاصة فى تحرير المطبوعات، وقامت هيئة تنشيط السياحة بدور بارز فى أنشطة المهرجان، من حيث تدبير قاعات العروض، وحفلات الافتتاح.. والختام، وبدا المهرجان مختلفاً منذ الدورة الأولى، فلاشك أنه يحتاج تكاليف أكبر، من حيث أن فريق المهرجان بأكمله لابد له من الاقامة فى الفنادق الفخمة، وقد حدث ذلك فى السنوات الأولى فى فنادق الحرم، حتى تمت فعالياته فى فندق شيراتون حيث كانت ترى هذه الفنادق أن نزول كبار النجوم وطاقم المهرجان أفضل دعاية لها، فكانت تقدم للجمعية تخفيضات ملحوظة، وكم امتلأت قاعات الفنادق بوسائل الإعلام خاصة القنوات التليفزيونية المحلية.

الاقامة الكاملة للضيوف، لعبت عبئاً على المهرجان منذ دورته الأولى، وحتى الآن، وبسبب العديد من التجاوزات والأخطاء، تم النظر دوماً إلى المهرجان على أنه نشاط فنى ملىء بالأخطاء، فالكثيرون يريدون المزيد من الاهتمام، وكوبونات الطعام، واقامة مريحة، وقد لوحظ دوماً أن أغلبهم لا يشاهدون عروض الأفلام الأجنبية، بينما تمتلىء القاعة بالمشاهدين للأفلام المصرية، باعتبار أن تعرض قبل العرض التجارى، كما أن الفنانين المشاركين فى هذه الأفلام كانوا حريصين دوماً على المشاركة فى العروض، والندوات التى تعقد حول الفيلم.

انتقلت عدوى المصطلح الشهير “قصة” والا “مناظر”، من المشاهدين فى القاهرة إلى الاسكندرية، فلم تكن المهرجانات ظاهرة فنية بالمرة، بل هى فرصة اجتماعية للجماهير أن تشاهد الممنوع مباحاً فى الصالات، وظهر نوع جديد من المشاهدين، يرون الفيلم لأول مرة، فإذا كانت به مشاهد عرى، فإن العروض التالية للفيلم نفسه تزدحم بالمشاهدين الذين يخرجون من القاعرة عندما تنتهى عروض هذه الافلام.

جاءت هذه المهرجانات فى القاهرة والاسكندرية لفترج كبتاً استبد بالشباب فى المقام الأول، الذين كانوا يملأون القاعات صخباً، حتى غذا حان عرض المشهد الجرىء، فإن الصمت يسود فى القاعة ولا تكاد تسمع حتى لهاث المتفرجين، حتى إذا انتهى المشهدد، تفجرت الحناجر بالتنهيدات وينتظر الجميع المشهد الجرىء التالى.

هكذا جاءت الدورة الأولى لمهرجان الاسكندرية السينمائى الدولى فى منتصف صيف عام 1979، بين 16 إلى 22 يوليو، وتم النظر إلى أنه مهرجان لافلام حوض البحر المتوسط، وقد عرض فى اطار بانوراما السينما الفرنسية ستة أفلام جديدة، منها La femme qui jleure، coup de etet، L’amour en fuite، وقد شاهد السكندريون أفلاما لفرانسوا تريفو، كما عرض بالمهرجان خمسة افلام من اخراج الايطالى فيتوريو دى سيكا وتم الالتزام بأن تكون أفلام المسابقة من انتاج دول تقع على حوض البحر المتوسط، وقد اشتركت فى المسابقة أفلام من أسبانيا، ويوغسلافيا، وتركيا، وفرنسا، واليونان وتولى الناقد الايطالى جيوفانى جران سيدنى رئاسة لجنة التحكيم التى ضمت أيضاً الناقد الفرنسى كلود ميشيل كلونى، والناقدة الايطالية شتاتا كاجودنيس، والكاتب الاسبانى بيجوين انجيل ديار، والمخرج اليونانى كوستاس فاريس، والمخرجين المصريين كمال الشيخ ويوسف فرنسيس.

وعلى هامش المسابقة الرسمية عرضت سبعة افلام مصرية، فيما يسمى بليالى السينما المصرية، منها فيلم “ضربة شمس”، لمحمد خان، و”لايزال التحقيق مستمراً”، لأشرف فهمى، و”البؤساء” لعاطف سالم، و”خائفة من شىء ما” ليحيى العلمى، أما طاقم ادارة المهرجان فقد تكون من كمال الملاخ رئيساً للمهرجان، ومحمد الدسوقى نائباً له، وأحمد الحضرى مديراً للمهرجان، وفوزى سليمان سكرتيراً عاماً للمهرجان، وحسن عبدالرسول مسئولاً عن المركز الصحفى.

بدا كل شىء مبهجاً، وجاداً، وعاش السينمائيون معاً سبعة أيام مليئة بالدفء، تجمعهم فى النهار المشاهدة، والنقاش، والندوات، وقراءة النشرات، وفى الليل، فإن حفلات السمر، والجدل تأخذهم حتى الصباح، انها أجواء لا تحدث بالمرة فى مهرجان القاهرة، وهذا فارق ملحوظ.

وعندما أعلنت الجوائز، كان هناك شعوراً عاماً بالارتياح، فقد فازت أفلام وفنون يمثلون الدول التى جاءوا منها، عاصمة الدولة المضيفة، ومنحت جوائز لأفلام قصيرة، وعندما غادر الجميع المدينة كانوا قد تواعدوا أو تمنوا أن يلتقوا فى الاسكندرية فى العام التالى..

لكنهم لم يلتقوا فى عام 1981، بل جاءت الدورة الثانية للمهرجان فى العشرين من سبتمبر عام 1982، ولمدة سبعة أيام، وجاء حفل الافتتاح بسينما مترو بفيلم “حدوتة مصرية”، ليوسف شاهين، وحسب كتالوج المهرجان، فإن الجهات والشخصيات التى دعمت المهرجان مالياً، وبالجوائز كانت كثيرة العدد، وللمرة الثانية على التوالى شاركت فرنسا بمجموعة جديدة من أفلامها فى اطار البانوراما، وعلى هامش المهرجان اقيمت بانوراما للأفلام المصرية الجديدة، كانت بالنسبة للجمهور بمثابة عضد المشاهدة، ومن هذه الأفلام “الطاووس”، لكمال الشيخ، و”العذراء والشعر الأبيض”، لحسين كمال، و”أرزاق يا دنيا” لنادر جلال، أما الأفلام الفرنسية فمنها I comme I care اخراج henri eroneinel، و revanche اخراج piere hary، eaux jrofondes اخراج ميشيل دوفيل Michel deville، وعرضت ايضا مجموعات من الأفلام التركية، واليوغسلافية والمغربية والاسبانية.

وهكذا سارت الأمور فى الأعوام التالية، حيث بدا كمال الملاخ، رئيس المهرجان شخصاً متزناً، يحترمه الجميع، حتى خصومه، وهذا مفتاح انهيار الأمور عندما سيشتد الخلاف بين الرجل وبين وزير الثقافة آنذاك محمد عبدالحميد رضوان، حيث اقيمت الدورة الثالثة فى الخامس من سبتمبر 1983، وحتى الحادى عشر منه، إلى جانب نشاط المهرجان، عرض فى بانوراما السينما المصرية ستة عشر فيلماً جلبت المزيد من المال للجمعية، وأيضاً الأضواء، وصارت هذه البانوراما هى القبلة التى اهتم بها نقاد السينما فى الدورة الرابعة، حيث عرض تسعة عشر فيلماً، حصل أغلب العاملين بها على جوائز الجمعية، وشهادات تقدير، أما دول البحر الأبيض فقد شاركت بافلامها، وكانت هناك أفلام متميزة لمخرجين من طراز برتران تافرنيه، وفرانسيس فيبير، وشاركت لبنان لأول مرة فى المهرجان.

فى كواليس المهرجان، حدثت خلافات حادة بين وزير الثقافقة، وبين رئيس الجمعية، هدمت المعبد على من بداخله، حيث تم ابعاد الملاخ عن الصفحة الأخيرة بجريدة الأهرام، وهى الصفحة التى تعطى لمحررها قوة إعلامية، تجعله يؤثر على مؤسسات رسمية عديدة، وقد أدى هذا الخلاف إلى سحب مهرجان القاهرة من الجمعية، واسناده إلى سعد الدين وهبة، وتوقف مهرجان الاسكندرية عن نشاطه، وتخبطت الجمعية فى أنشطتها، وتولى فوميل لبيب رئاسة الجمعية، إلا أن الموت ما لبث أن طارده، كى يتولى أحمد الحضرى ادارة المهرجان عام 1988، ويأتى فى ملصقاته أنه تحت رعاية وزير الثقافة، الجديد آنذاك فاروق حسنى، وللمرة الأولى يخرج المهرجان عن كونه لسينما البحر المتوسط، وعرض فى الافتتاح الفيلم البريطانى cri of freedom وفى عام 1989، كان الفيلم المصرى “الأراجوز” هو فيلم الافتتاح، كما عرض الفيلم التونسى le memoire tatouee اخراج رضا الباهى، كما عرضت أفلام فرنسية جيدة منها “رجل عاشق” لديانى كيريس، حول حياة الروائى الايطالى بافيزى، وكانت الافلام اليونانية أقرب إلى ذوق أهل الاسكندرية، وقد اعتبرت السينما المصرية، ركيزة أساسية فى دورتى عام 1988، و 1989 مما يعنى أننا أمام مهرجان محلى، تتخلله عروض عالمية.

برحيل كمال الملاخ، دخلت جمعية كتاب ونقاد السينما مرحلة من الضعف الملحوظ، وبدأ رجال أقل شكيمة فى قيادة الجمعية، فرئيس الجمعية الجديد كان عليه أن يستعين بمذيعة تليفزيونية من أجل تدبير لقاء مع محافظ الاسكندرية، وصار عليه أن يقلص العاملين فى المهرجان، وكان تقريباً يقوم بإعداد المهرجان وحده طوال أكثر من عشر سنوات، وأضيفت جوائز جديدة، مثل جائزة العمل الأول باسم كمال الملاخ بالإضافة إلى الجوائز الإعلامية التى تمنحها وزارة الإعلام للأفلام المصرية بجائزة المهرجان، وارتكز الاهتمام على بانوراما السينما المصرية عام 1989، حيث عرض أحد عشر فيلماً، وبدأ موسم التكريمات لأول مرة فى المهرجان، وتم تكريم المخرج صلاح أبو سيف بمناسبة حصوله على جائزة الدولة التقديرية، وأيضاً كمال الشناوى، ومن بعده صارت التكريمات تقليداً تتبعه أغلب مهرجانات مصر المحلية والعالمية، وعام وراء آخر كانت دول البحر المتوسط تشارك فى فعاليات المهرجان، ففى عام 1989، شاركت الجزائر بفيلمين هما “ورد الرمال”، اخراج رشيد بن حاج، و”القلعة” لمحمد شويخ، بما يعنى أن الدول العربية كانت تغيب أحياناً، لتظهر دولة أخرى، أما فرنسا وايطاليا واليونان وتركيا فقد كانت دائمة المشاركة فى المهرجان.

وفى عام 1991، تخلى المهرجان من جديد أن يكون للبحر المتوسط فقط، حيث شاركت فى العروض أفلام جاءت من بريطانيا والنمسا، والولايات المتحدة، وفى عام 1992، تم افتتاح الدورة الثامنة للمهرجان بفيلم “ايما الحلوة وبيب العزيزة” للمجرى ستيفان زابو وأطلق على المهرجان اسم “مهرجان الاسكندرية السينمائى الدولى الثامن”، وظل التركيز على بانوراما الأفلام المصرية وعلى جوائزها، وعلى الحضور المكثف لنجوم هذه السينما من القاهرة، ورغم عدد الأفلام الذى جاء من الأرجنتين، والصين، وألمانيا، والهند، وبولندا، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول من البحر المتوسط، حيث بدت الجمعية، كأن عليها أن تسير فى ركاب مهرجان القاهرة الذى كان يحقق نجاحاً ومكانة بفضل العقلية الادارية اللامعة لسعد الدين وهبة، ومع عام 1993، بدأت الاستعانة بأسماء بارزة من نجوم الأدب، حيث ترأس الدكتور عبدالقادر القط رئاسة لجنة التحكيم الخاصة بالافلام المصرية، أما المسابقة الدولية فقد تولى رئاستها مخرج مصرى هو صلاح أبو سيف، وتم تكريم نادية لطفى، وماجدة، ويوسف شاهين، وانطونيوتى، والمصور يوهان.

لم تتغير الآلية كثيراً، طوال السنوات، هناك محاولة لتجميع الأفلام واستحضارها من المهرجانات أياً كانت هويتها، وفى كواليس المهرجان كان هناك خلاف ادارى بين النقاد والمهرجان حول الاقامة المجانية من قبل الصحفيين، والنقاد، ولم يكن هناك تجديد فى الرؤية، فهو مهرجان محدود الرؤية، ينظر إليه محاضرومن على أنه مصيف فى أحد فنادق الاسكندرية مع نهاية كل صيف، وفى عام 1996، شاركت دول عديدة فى المسابقة الرسمية، كلها من دول البحر المتوسط، أما مسابقة العمل الأول فقد شاركت فيها آلاف من استونيا، وهولندا بالاضافة إلى أذربيجان، واليابان.

فى عام 1998، تولى الناقد السينمائى رؤوف توفيق ادارة المهرجان، وتغيرت الآلية، وكانت دورة هادئة وتم الاحتفاء بالشاعر الاسبانى جارسيا لوركا بمناسبة مرور ميلاده، وفى عام 1999 تم تكريم محمود ياسين، ونيللى والمخرج سعيد مرزوق، وتولى رئاسة المهرجان محمد صالح الذى استطاع أن يدبر اعتمادات مالية جيدة، وأصدر المهرجان مطبوعات متميزة على الأقل فى الطباعة، وفى كل عام كان هناك رئيس جديد للمهرجان، ومنهم محمد كامل القليوبى وعندما تولى السيناريست ممدوح الليثى رئاسة الجمعية، كان يقوم أحياناً برئاسة المهرجان، وفى أحيان أخرى يترك آخرين يقودون المسيرة، ومنهم ايريس نظمى، وتم الاحتفال بمناسبة مرور ربع قرن على المهرجان عام 2009، وتباينت الدورات فى أهميتها، الا انها عادت للاهتمام بسينما البحر المتوسط ابتداء من عام 2008.

ثالثاً: مهرجانات دولية

فتح نجاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى تحت رئاسة سعد الدين وهبة الباب له، ولوزارة الثقافة أن يتم ضخ المزيد من المهرجانات فى مصر، سواء على المستوى الدولى أو على المستوى المحلى، فاقامة مهرجان جديد أيا كان اسمه أو مكانه، يعنى تدبير ميزانية من المؤسسات العديدة وعلى رأسها وزارة الثقافة لعمل نشاط سينمائى فى اطار المهرجان.

ومن هذه المهرجانات: مهرجان سينما الأطفال الدولى، ومهرجان الاسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، وهو بمثابة امتداد أو نشاط مجدد، لاحتفاليات سنوية خاصة بالأفلام التسجيلية كان يقيمها المركز القومى للسينما، كما أقيم أيضاً مهرجان محلى باسم المهرجان القومى للسينما المصرية، على غرار ما قدمن دوما طوال خمسين عاما جمعية الفيلم، وبدت وزارة الثقافة كأنها تحولت فجأة إلى نشاط مهرجانى، حيث توافق الأمر مع هوى المسئولين على التواجد الإعلامى، والحصول على مكافآت عن هذه الأنشطة، لذا فإن رجال الوزير هم الذين تولوا دوماً رئاسة هذه المهرجانات، هذا الوزير الذى ظل فى منصبه قرابة ربع قرن منذ عام 1987، وحتى ثورة يناير 2011، وهو أمر لم يحدث قط سوى فى الدول المركزية مثل سوريا.

واذا كان سعد وهبة هو الذى أسس المهرجان الدولى لسينما الأطفال، وتولى رئاسته وامتلاكه ست سنوات تقريبا، فإن رئاسة المهرجان فيما بعد قد أسندت إلى فوزى فهمى أحد رجال الوزير الذى تولى رئاسته قرابة خمسة عشر عاما، وهو واحد من أصحاب المناصب الثقافية المتعددة فى مصر لأكثر من عقد من الزمن.

اقيم مهرجان سينما الطفل لأول مرة عام 1991، بالطاقم نفسه الذى كان يدير مهرجان القاهرة، ومن مقر اتحاد الفنانين العرب، وباسم سعد وهبة، وكان أفراد الطاقم يشرعون فى الإعداد لدورة مهرجان الأطفال عقب انتهاء مهرجان القاهرة مباشرة، وقد أقيم المهرجان دوماً فى بداية شهر مارس، أى فى بداية الفيلم الدراسى الثانى، والغريب هو اقامة مهرجان لسينما الأطفال فى بلد لم يعرف انتاج هذا النوع من الأفلام، وكان السؤال الذى يطرح نفسه دوماً هو لماذا تقيم مصر مهرجاناً لسينما الأطفال، دون أن تنتج فيلماً واحداً ولو من أجل المهرجان، ولم يكن هذا الأمر يعنى المسئولين عن المهرجان، فالمهم هو اقامة النشاط وكأن ما يحدث بمثابة “سبوبة” لصناع المهرجان، ففى كتالوج المهرجان كانت تنشر صور لأنشطة الدورة الأسبق، تبرز الوزير، ورئيس المهرجان، كأنهم النشاط.

أقيم مهرجان القاهرة لسينما الطفل، كأنه صورة مصغرة مما يسمى بالمهرجان الكبير، مسابقات رسميتان، الأولى فى الأفلام الروائية، سواء الأفلام الكارتون أو اللايف، والمسابقة الثانية للأفلام القصيرة، والتى كانت مصر تشترك فيها بقوة، من خلال افلام يتم انتاجها فى القنوات التليفزيونية الرسمية، أو لدى بعض الشركات، وهناك لجنتان تحكيم أعضاؤها من مصر، ودول العالم، وفى كل دورة هناك مكرمون، يعملون فى مجال ثقافة الطفل، وليس فى مجال سينما الأطفال بمصر وهناك كتالوج بلغ أقصى حد من الفخامة فى عام 2010، وكان الافتتاح والخيام يتم فى دار الأوبرا التابعة لوزارة الثقافة، أما العروض فتقام فى المسرح الصغير التابع لدار الأوبرا، كما تم دوماً تشكيل لجنة تحكيم دولية من الأطفال، ومن أبرز أقسام المهرجان “اضواء على”، و”بانوراما”، وقد تعرض المهرجان لهزة حقيقية عقب يناير 2011، فتم الغاؤه فى السنة نفسها، وفى العام التالى تولى ادارته من ليست لديهم خبرة فى هذا المجال، فقيل ان الاطفال لم يذهبوا إلى مهرجانهم، مما أدى إلى الغاء دورة عام 2013.

أما مهرجان الاسماعيلية الدولى للافلام التسجيلية والقصيرة، فقد اقيم بمدينة الاسماعيلية لأول مرة عام 1992، بالاتفاق بين محافظة الاسماعيلية، وصندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة، وهو مهرجان اقامه على غرار مهرجان الاسكندرية، أى أنه يتم انتقال كافة الطاقم الادارى، والضيوف للاقامة لمدة أسبوع فى الاسماعيلية، يقيمون فى المكان نفسه، فى البداية كانت الاقامة فى فنادق ضخمة ثم صار كل الضيوف يقيمون فى بيت الشباب، وقد تولى رئاسة المهرجان فى الدورات الخمس الأولى سمير غريب رئيس صندوق التنمية الثقافية، ثم تولى على أبو شادى رئاسة المهرجان لأكثر من خمسة عشر عاما، بالاضافة إلى رئاسته لمهرجان الأفلام الروائية، ومناصب أخرى عديدة فى الوزارة، وقد اتبع المهرجان نفس السياسى التى سارت عليها المهرجانات الأخرى، سواء الدولية، أو المحلية فهناك مطبوعات فخمة سنوياً، خاصة الكتالوج، وقد أعلن المهرجان فى مطبوعاته أن هدفه هو تشجيع المبدعين من العاملين فى حقل الافلام التسجيلية، والقصيرة، لذا تم تكريم العديد من صناع السينما التسجيلية على مدى عشرين عاما، منهم العراقى قيس الزبيدى، والمصرى فؤاد التهامى وآخرين، ومثل كل مهرجان، فإن هناك مسابقة رسمية، ولجان تحكيم، وجوائز، وقد احتشدت دورات المهرجان بالكثير من الأفلام التسجيلية، وافلام التحريك العالمية والمصرية والعربية الطولية والقصيرة، وقد توقف المهرجان بعد عام 1995، وحتى عام 2001 حيث تولى ادارته أمير العمرى، ثم أسند المهرجان إلى على أبو شادى، وفى عام 2012، تولى العمرى إدارة المهرجان، وفى عام 2013 تولى الادارة كاتب السيناريو على حفظى، وقد تغير موعد اقامة المهرجان اكثر من مرة، من شهر سبتمبر أى بعد نهاية فصل الصيف، إلى شهر يونيه، وقد خصصت جوائز مالية تدفعها وزارة الثقافة تصل إلى ثلاثين ألف دولار.

امتلأت مدن مصر بالمهرجانات، وبدا أن المستفيد الأكبر هم المشرفون على هذه الأنشطة، نفس الوجوه، يتم تبادلهم فى الأنشطة والتكريمات، ولجان التحكيم، وبدت السينما المصرية كأنها تخص فصيل دون غيرهم، بدا هو بكل وضوح فى المهرجان القومى للسينما المصرية، الذى أقيم لأول مرة عام 1994، برئاسة سمير غريب، مدير صندوق التنمية الثقافية، ثم تولى ادارته الناقد على أبو شادى لأكثر من خمسة عشر عاماً، وقد جاء المهرجان ليحاكى أنشطة جمعية الفيلم، فى مسابقاتها السنوية، لكن بفخامة، وميزانيات ضخمة، ومطبوعات، وجوائز مالية، لم تكن تمنح لأى مهرجان قبل، وقد جاء فى لائحة المهرجان أن من أهدافه دفع عملية تنمية وتطوير السينما المصرية كجزء من عملية التنمية الثقافية عن طريق تدعيم الانتاج الجيد، إلا أن رئيس المهرجان فى العام العاشر اعترف أن السينما المصرية شهدت تراجعا ملحوظا فى انتاج الافلام الروائية، ورغم ذلك تم الاستمرار فى عقده، رغم ان الوزير لم يكن راضيا عنه فى دورته الأخيرة عام 2010، وتوقف المهرجان بعد يناير 2011 ولم تكن هناك آلية حقيقية لاختيار أفلام المسابقة، مثلما كان يحدث فى مسابقة جمعية الفيلم حيث أنه يتم اختيار المسابقة عن طريق استمارة يحررها النقاد، واعضاء الجمعية، اما فى المهرجان القومى، فكانت أغلب الأفلام المنتجة فى العام الأسبق تشارك فى المسابقة أيا كانت قيمتها، علما أن السينما المصرية شهدت انهياراً ملحوظاً فى تلك السنوات، وتم انتاج أفلام كوميدية تافهة، كانت تجد طريقها إلى المسابقة، والغريب أن المهرجان اختار أدباء ونقاد أدب ليست لهم أى علاقة بالسينما، لرئاسة لجان التحكيم، منهم عبدالقادر القط، ومحمود أمين العالم وبهاء طاهر، وأحمد عبدالمعطى حجازى، والسيد ياسين، ولا نعرف هل قام الأدباء باسناد رئاسة مؤتمراتهم الكثيرة إلى أى من السينمائيين علىك ل فهذه الظاهرة ما لبثت أن تقلصت، وتم التمرد عليها، وهى تعكس بأى كيفية يفكر المسئولون عن المهرجانات السينمائية، بصرف النظر عن الجوائز فبأى حق يشارك فى المهرجان أفلام من طراز “فتاة المافيا” لشريف يحيى، أو “امبراطورية الشر” لاسماعيل جمال عام 1999، و”فل الفل” لمدحت السباعى عام 20000، والأمثلة كثيرة، كما أن هناك أفلاماً تليفزيونية تم ادراجها ضمن المهرجان، منها “حبيبتى من تكون” عام 2001.

فى عام 2012، عقدت الدورة الأولى من مهرجان الاقصر للسينما الاغريقية، من خلال مجهودات خاصة ووسط ظروف قاسية ثم عقدت الدورة الثانية من المهرجان عام 2013.

*ناقد وروائي من مصر، رائد في أدب الأطفال، تولى مسئوليات صحفية عديدة في مؤسسة دار الهلال، كتب عشرات الموسوعات السينمائية والأدبية، فضلا عن ترجمته لعدد من روائع الأدب الفرنسي.

موقع "آسيا إن" في

18/03/2013

 

بعد ظهوره في لقاء مع زاهي وهبي على قناة الميادين

كتّاب ومثقفون سوريون يسخرون من دموع غسان مسعود

حسن آل قريش

شنّ كتّاب ومثقفون وفنانون سوريون هجوماً لاذعاً على الفنان السوري غسان مسعود بعد ذرفه الدموع خلال برنامج "بيت القصيد"، الذي يقدمه الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي على شاشة قناة الميادين الفضائية.

الدماماتهم عدد من الفنانين السوريين، زميلهم الممثل غسان مسعود بأنه كان يمثل ولم يذرف دموعاً حقيقية خلال ظهوره ببرنامج "بيت القصيد"، الذي يقدمه الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي على شاشة قناة الميادين الفضائية، منتقدين في الوقت ذاته موقفه من الثورة السورية، وإنحيازه للنظام في الفترة الأولى ثم تفضيله الصمت لاحقاً.

وبكى مسعود خلال الحلقة التي ضمت أيضًا مداخلة للمسرحي العراقي المعروف جواد الأسدي، بعد توجيه الأخير سؤالاً له عن مستقبل عائلته، وأطفاله، وبلده، فذرف الفنان السوري بعض الدموع، وكشف عن الخوف الذي يتملكه، فما كان من وهبي إلا أن أمر بالتوقف بفاصل قبل متابعة الحلقة.

أداء تمثيلي ضعيف

وكتبت الممثلة السورية أمل عمران على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": " عندما شاهدت غسان مسعود ضحكت لأنه يمثل افضل من ذلك ياحيف أو حسافه هذا بالنسبة للأداء أما الموقف من الثورة فيا عيب الشوم".

الشعوب هي الأبقى والطغاة الى زوال

وأعربت الشاعرة السورية رشا عمران عن أسفها على "دور كان يمكن لغسان مسعود ولغيره من نخب العلويين أن يلعبوه في خلاص سوريا وحريتها وإعادة بناء مجتمعها الوطني".

وأضافت عمران: "كان يكفي منهم زيارة السوريين المنكوبين في درعا وريف دمشق لرؤية الحقيقة، كان يكفي منهم الالتفات قليلاً إلى الحدس الإنساني وإلى منطق التاريخ القائل إن الشعوب هي الأبقى والطغاة إلى زوال، كان يكفي منهم الانحياز إلى الهوية الكبرى لا الضيقة والصغرى المبنية بجزء منها على وهم الخوف ووهم المصلحة، كان يكفي منهم ارتباطهم بشعبهم لا بمافيات النظام، لو فعلوا ذلك كان ثمة ما تغيّر".

وتابعت الشاعرة السورية: "أثق بهذا الآن، ولكنهم للأسف لم يفعلوا، وها هم اليوم يبكون بلداً كانوا جزءاً من خرابه، ويبكون مستقبل أبنائهم في وطنهم سوريا، نعم، أنا أيضا اسأل غسان مسعود ومن مثله أين سيذهبون بأولادهم؟".

وختمت عمران: " لن تطهرك دموعك حتى ولو كانت صادقة، دموع ملايين الأمهات السوريات ستظل تحرقك طوال حياتك".

ممثل رديء 

من جانبه وصف الممثل والمخرج السوري عروة نيربية مسعود بأنه "ممثل رديء لا يمتلك إلا الإستعراضية والإفتعال.. حتى لحظة الألم الكبير يتم تجييرها لصالح الأنا الإستعراضية الرديئة، أحياناً، تظل المعرفة، والثقافة، قاصرتين عن تجاوز الفقر النفسي والروحي الشديد".

رموز ورقية

بدوره كتب الشاعر السوري تمام هنيدي: "فشلت يا غسان.. فشلتَ في إقناع سوريا ورئيس سلطة الأمر الواقع فيها، وفشلت في إقناعنا بأنك لا تمثل.. وفشلت حتى في التمثيل.. الثورة السورية تستحق التقديس لإسقاطِها رموزاً ورقية كنا غافلين عن هشاشتها".

ومسعود من مواليد عام 1958 عمل أستاذًا في المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا لمدة عشر سنوات، وهو ممثل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني قدم العديد من الأعمال الناجحة في المسرح وفي التلفزيون وفي السينما السورية والسينما العالمية وقدم أعمالاً متنوعة، ومن أهم أدواره في السينما دور صلاح الدين في فيلم مملكة السماء للمخرج ريدلي سكوت.

موقع "إيلاف" في

17/03/2013

انسحب بعد تعرّضه لحملات تخوينية

غسان مسعود: هدّدني الإسلاميون الذين دافعت عنهم

جوزيف ناصر 

عبّر الفنّان السوري غسان مسعود لـ إيلاف عن شديد ألمه من التّهديدات التي وجهها إليه الإسلاميون، وهو كان من أشد الفنانين حرصًا على نقل صورة إيجابيّة عن الإسلام في أعماله.

دبي: "إنكفأت على نفسي عندما أدركت بأن لا صوت يعلو على صوت الكراهية في بلدي"، بهذه الكلمات بدأ الفنان غسان مسعود حديثه لـ"إيلاف"، بعدما اتصلنا به لنعرف سبب غيابه وعدم ردّه على الإنتقادات التي تطاله، ولماذا الإنكفاء على نفسه وما الذي يؤلمه من التهديدات التي وصلته، وهل هو داخل سوريا أم غادرها كما فعل الكثير من الفنانين السوريين.

الإنسحاب بعد التّخوين 

أكد غسان مسعود لـ"إيلاف" أنه انسحب وانكفأ على نفسه منذ سنتين، أي منذ بداية الثورة، لأنه شعر بأن لا صوت يعلو على صوت الكراهية في بلده في هذه الأوقات، لذلك آثر الإنسحاب والتفرّغ لتربية أولاده، فكل من نادى إلى الحوار والحفاظ على البلد تعرّض لحملات من التخوين والتحريض على الكراهية بغض النظر عن تاريخه وما قدّمه لبلده.

صفحات كاذبة باسمه

وأشار مسعود إلى أنه ابتعد عن كافة مواقع التواصل الإجتماعي وأغلق صفحته الخاصّة منذ سنتين ليفاجأ بعدها بعشرات الصّفحات الناطقة باسمه، والتي تنسب إليه تصريحات هو برّاء منها سواء كانت لمصلحة هذا الطّرف أو ذاك، ووصل الأمر الى أن تتناقل بعض المواقع الإلكترونية ما يكتب على هذه الصفحات.

وأكد مسعود لم أظهر مع أي وسيلة إعلامية منذ سنتين سوى مع الإعلامي زاهي وهبي منذ عدة أشهر، وكل ما يكتب خلاف ذلك لا علاقة لي فيه من قريب أو بعيد.

التهديدات والألم 

وأعرب غسان مسعود عن ألمه من التهديدات التي تأتيه من التكفيريين، كما أسماهم، لأنه ساهم أكثر من أي فنان آخر بنشر الصورة الإيجابيّة عن الإسلام بداية من هوليوود ودور القائد الإسلامي الكبير صلاح الدين الأيوبي، وصولاً الى الشام وأدواره الكثيرة التي جسّدت شخصيات إسلامية كبيرة، معبّرًا عن ألمه من أن تأتي التهديدات ممن يدّعون بأنهم إسلاميون.

ترك الوطن لحماية الأولاد

وأعلن مسعود أنه خارج سوريا في هذا الوقت ويعيش في مكان ما من هذا العالم بعدما قرّر التفرغ لتربية أولاده، مبدياً ألمه لخروجه من وطنه ولكنه اتخذ هذا القرار الصعب بعد تفكير طويل حتى يجنّب أولاده التشرّب من ثقافة الكراهية التي أصبحت منتشرة في سوريا.

موقع "إيلاف" في

18/03/2013

 

فلسطين «نجمة» الدورة السابعة: «أيام بيروت» على هوى العالم العربي

حروب وانتفاضات... ومراجعات كثيرة

روي ديب 

إنّها إحدى أقوى دورات مهرجان «أيام بيروت السينمائية». الموعد الذي افتتحته السعودية هيفاء المنصور، يحفل بأعمال تتعلّق بفلسطين، ويقيم مراجعة لـ «ربيع مصر»، فيما ينغمس لبنان في جراحه المزمنة وحربه التي لا شفاء منها... كل ذلك من خلال مجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية والقصيرة

إذا ألقينا نظرة سريعة على لائحة الأفلام التي يقدّمها مهرجان «أيام بيروت السينمائية» في دورته السابعة، فسنلاحظ حتماً ذلك الكمّ من الحروب والأحداث، وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تسكن معظم الأفلام، عاكسةً بذلك أحوال العالم العربي وراهنه. الدورة السابعة التي تنظمها كل من سينتيا شقير (مديرة إدارية) وزينا صفير (مديرة فنية)، تضمّ أكثر من 50 عملاً بين روائي طويل ووثائقي وقصير، إضافةً إلى ندوات وجلسات تواصل وندوات مختصة.

في الأيام القادمة، نحن على موعد مع أفلام تعد بالكثير في «متروبوليس أمبير صوفيل». من لبنان، يقدم المخرجان الأخوان رانيا ورائد الرافعي مشروعهما الوثائقي «٧٤ ــ استعادة لنضال» (18/3 ـ س:7:30). انطلق المشروع عام ٢٠١١، مع أولى شرارات الربيع العربي آنذاك. وسط سبات الساحة اللبنانية، قرر المخرجان العودة الى مرحلة السبعينيات في لبنان، المفعمة بالنضال، وتعاونا مع مجموعة من النشطاء السياسيين الشباب لإعادة تمثيل حادثة احتلال الجامعة الأميركية عام 1974. يومها كان لبنان يعيش حالة من الغليان الفكري الثقافي والسياسي. وبين آذار (مارس) ونيسان (أبريل) من ذلك العام، احتل عدد من طلاب الجامعة في بيروت مباني الجامعة احتجاجاً على ارتفاع رسوم التسجيل. أما المخرجة اللبنانية إليان الراهب، فتقدم فيلمها الوثائقي «ليال بلا نوم» (23/3 ــ س:٧:٠٠). إنها جروح الحرب الأهلية اللبنانية التي لم تندمل بعد، طالما هناك مفقودون، وأهل يبحثون عن أولادهم.

وإذا كانت البلدان التي عانت الحروب الأهلية قد لجأت إلى سَنّ قوانين واعتماد العدالة الانتقالية سبيلاً إلى طيّ الصفحة، فإن الراهب قررت أداء دور الدولة اللبنانية، ألا وهو مجابهة الضحية بالجلاد. ماهر فتى قاتل في صفوف «الحزب الشيوعي اللبناني» واختفى سنة ١٩٨٢ إثر معركة دارت في أحد مباني الجامعة اللبنانية في بيروت. في تلك المعركة، كان هناك أيضاً مسؤول الاستخبارات السابق في «القوّات اللبنانية» أسعد شفتري، الذي يبحث عن سبيل للتطهر من الماضي الدموي الذي انخرط فيه إبّان الحرب الأهليّة، فما الذي سيحصل عندما يلتقي أسعد شفتري والدة ماهر، مريم سعيدي التي لا تزال تبحث عن ابنها. في الحقبة ذاتها وانعكاساتها اللاحقة، مشاكل من نوع آخر تعني أسرة بيروتية يضيء عليها المخرج اللبناني فؤاد عليوان في فيلمه الروائي الطويل «عصفوري» (٢٣/3 ـ س: ١٠:٠٠). تفصل الحرب الأهلية بين محاولة مالكي بناية بيروتية قديمة دهنها، ومحاولة كريم أحد قاطنيها في التسعينيات ــ بعد عودته من المهجر ــ استعادة مشروع دهن وترميم بنايته للحفاظ على إرثها وذكرياته فيها، لكن إذا كانت الحرب قد عرقلت المشروع في السبعينيات، فكريم وعائلته سيصطدمان اليوم بمشروع شركة عقارية تريد إنشاء برج تجاري.

وبعيداً عن الحرب الأهلية وبيروت، تخيّم فلسطين على الدورة السابعة. المخرج الفلسطيني مهدي فليفل يقدّم وثائقياً بعنوان «عالمٌ ليس لنا» (24/3 ـ خاص بالدعوات). يرصد العمل سيرة ثلاثة أجيال عاشت المنفى في مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان) بحميمية والكثير من الدعابة. يعتمد الفيلم على تسجيلات شخصية، ومحفوظات عائلية ولقطات تاريخية، كما يلقي الضوء على معاني الانتماء، والصداقة والعائلة. أما من الأراضي الفلسطينية، فيعرض وثائقي «غزة ٣٦ ملم» (١٩ / ٦:٠٠) للمخرج خليل المزيّن. يعكس الشريط حالة التخريب والدمار التي لحقت بصالات السينما بتأثير من حركة «حماس». يتناول مساحة كانت في ما مضى دار سينما تجذب الزوار. كذلك، يصوّر وثائقي «متسللون» (٢٤/3 ــ س: ٤:٠٠) للفلسطيني خالد جرار أفراداً أثناء بحثهم عن ثُغر في جدار الفصل العنصري. وبعد «ملح هذا البحر» الذي قدم في الدورة الأخيرة من المهرجان، تعود الفلسطينية آن ماري جاسر بفيلم روائي هو «لمّا شفتك» (١٨/3 ــ س: ٩:٣٠). تأخذنا جاسر إلى عام ١٩٦٧ حين يلجأ طارق البالغ ١١ سنة مع والدته الى الأردن للمكوث في مخيم مؤقت للاجئين، لكن فضول طارق وتوقه نحو الحرية يدفعانه إلى اتخاذ قرار العودة إلى الوطن. سيضل الطريق ويصل إلى معسكر للفدائيين.

ومن المواعيد المنتظرة، فيلما «الخروج إلى النهار» و«كما لو أننا نمسك كوبرا»، اللذان سيعرضان بحضور المخرجتين. الفيلم الروائي الأول «الخروج إلى النهار» (١٩/3 ـ س: ٨:٠٠) للمخرجة هالة لطفي، يتناول قصة فتاة في منتصف الثلاثين، تعيش مع أمها الممرضة، وأبيها الذي لم يعد يدرك ما حوله بعد جلطة أصابته في الدماغ، لكن في أحد الأيام، ستقرر مغادرة البيت، هي التي كانت تمضي نهارها كله في المنزل للعناية بالأب المريض. وفي المنحى الحميمي ذاته، يندرج فيلم السوري ميار الرومي «مشوار» (22/3 ـ س:7:30). أما وثائقي السورية هالة العبد الله «كما لو أننا نمسك كوبرا» (٢١/3 ـــ س: ٧:٣٠)، فيتحدّث عن حرية التعبير والرقابة ويحاول أن يتلمس نبض الحرية من خلال فنانين تحدّوا السلطة والديكتاتورية، فيتابع شخصيات رسامي كاريكاتور سوريين ومصريين، أمثال حازم الحموي وعلي فرزات، ووليد طاهر قبل الثورات وأثناءها، كما ترافقنا الكاتبة السورية سمر يزبك بشهادتها طوال الفيلم. «الربيع المصري» يحضر أيضاً من خلال عملين: «نفس طويل» (18/3 ــ س:6:00) لتهاني راشد، التي تضيء على «ثورة يناير» من خلال أساتذة الجامعة، بينما يذهب السينمائي المستقلّ ابراهيم البطوط في شريطه الروائي «الشتا اللي فات» (22/3 ـــ س:9:30) إلى ميدان التحرير. أفلام أخرى من لبنان وسوريا، والأردن ومصر والمغرب العربي تنتظرنا في مهرجان «أيام بيروت السينمائية»، الذي عوّدنا اكتشاف أعمال مهمة، والاحتفاء بسينما عربية نفتخر بها يوماً بعد يوم.

«أيام بيروت السينمائية 7»: حتى 24 آذار (مارس) ــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت) ــ للاستعلام: 03/370972 ــ 01/293212

هيفاء المنصور:

المرأة شريكة في قمع «وجدة»

فريد قمر 

أن تشاهد امرأة سعودية السينما في بلدها ضرب من الخيال. لكن أن تصنع سعودية فيلماً حول حقوق المرأة، فهي المغامرة بذاتها. ليس في فيلم هيفاء المنصور ما يصدم جمهوراً ينتمي إلى مجتمع يعرف الحد الأدنى من التحرر. لكن أن يكون هذا الفيلم في بلاد مثل السعودية حيث تحارب المرأة لنيل حقوق بديهية، فهو أمر كفيل بتقدير الشريط حتى قبل مشاهدته، خصوصاً إذا كان ذا بعد سياسي يمظهر الصراع الخفي بين السلطتين السياسية والدينية في المملكة.

لم يكن «وجدة» ليخرج إلى النور لولا تلقي المخرجة دعماً مستتراً، ولما كان ليعرض في «مهرجان دبي» وينال جائزة لولا الرضى الرسمي عنه. حتى أنّ المخرجة لم تخف استغرابها من عدم عرقلة مشروعها الذي صوّرته في الرياض، إحدى أكثر المدن السعودية تشدداً رغم معاناتها الأمرّين لإيجاد تمويل حظيت به أخيراً لدى شركة «روتانا» وما يمثله صاحبها من خط خاص في المملكة.

اختيار «وجدة» لافتتاح «أيام بيروت السينمائية» يندرج ضمن حرص المهرجان على دعم السينما العربية منذ انطلاقته. يتحدث الشريط عن الطفلة وجدة المتمردة على مجتمعها الصغير والرافضة لإملاءات المجتمع الذكوري من خلال سعيها لامتلاك دراجة. الدراجة هنا تتحوّل مثالاً رمزياً تعرض فيه المنصور واقع المرأة السعودية، حارصةً على المرور بين ألغام الرقابة بحذر. نراها تعرض المشكلات من دون إبداء رأيها، تاركة للجمهور النقد الذي توجهه من خلال حبكة فيلمها. تقدم كل ما يشوب مجتمعها على طبق من سينما من زواج القاصرات وتعدد الزوجات إلى حرمان المرأة من العمل في مجالات كثيرة منعاً للاختلاط وبقائها تحت رحمة سائق رجل لمنعها من التنقل من دون محرم.

إنّه فيلم فيه الكثير من الألم. تلاحق الكاميرا أدق تفاصيل يوميات وجدة ووالدتها، تراقب أحزانها وشجونها ورضوخها مكرهة لاحكام تعتبر صوت المرأة عورة، وانفتاحها جريمة، والتعبير عن عواطفها «شذوذاً أخلاقياً». لكن أبرز ما في الفيلم هو دور المرأة السعودية نفسها الذي يكرّس القمع، لتركز المخرجة على دور المدرسة وطاقمها التعليمي من النساء في فرض إرهاب التمييز على التلميذات، لتقول إنّ صمت المرأة شريك في قمعها.

استطاع الفيلم الأول الذي تخرجه امرأة سعودية أن يقدّم الى السينما مجموعة من الممثلين الواعدين بدءاً من وعد محمد (لعبت دور وجدة) التي قدمت مستوى رفيعاً يؤهلها لادوار أكبر، وكذلك الممثلة ريم عبد الله التي اشتهرت في مسلسل «طاش ما طاش». غطّت الممثلتان الضعف في أدوار باقي الطاقم التمثيلي. واستطاعتا إضفاء نكهة على الشريط أو إغناء السينما الخليجية الفتية. مع ذلك، استطاع الفيلم أن يحوز تمويلاً مهماً ناهز أربعة ملايين دولار لم تظهر قيمتها لا في التصوير ولا في المؤثرات البصرية والصوتية. «وجدة» يستحق المشاهدة، فهو يتخطى دوره الروائي ليؤرخ واقع المرأة السعودية ويستحيل مرجعاً مستقبلياً لقياس مدى تطور هذا المجتمع الذي يحاول عبثاً العودة الى المسار الحقوقي الطبيعي للشعوب... فهل يكون «وجدة» بداية السبحة التي تفتح كوة في جدار الرقابة الرسمية والشعبية على المرأة والسينما؟

السينما المغاربية نزلت إلى القاع

أربعة أعمال عن البؤس والفقر والإرهاب

محمد الخضيري/ الرباط 

تقدّم «أيام بيروت السينمائية» أربعة أفلام من أبرز ما أُنتج خلال العامين الأخيرين. موعدنا مع فوزي بنسعيدي ونبيل عيوش وليلى الكيلاني ومرزاق علواش الذي ما انفك يشعل الحرائق

عشاق السينما اللبنانيون على موعد مع ثلاثة من أبرز الأفلام الروائية الطويلة التي أنتجت في السنتين الأخيرتين في المغرب: «موت للبيع» لفوزي بنسعيدي (20/3 ــ س:7:30)، و«يا خيل الله» لنبيل عيوش (21/3 ــ س:10:00)، إلى جانب «على الحافة» لليلى الكيلاني (19/3 ــ س:10:00).

وإذا اختلفت توجهات المخرجين السينمائية، والتقنيات التي عملوا عليها، إلا أنّ هذه الأعمال تجتمع على ثيمة واحدة: بؤس أبطالها المنضوين تحت راية الفقر والتهميش في المملكة.

آنسات ليلى الكيلاني يعملن في مصانع تصبير السمك في مدينة طنجة. يرغبن في إزالة الرائحة المقرفة التي التصقت بثيابهن وجلدهن. لكن الطريق إلى «عطور» الحياة، يعبر عبر الجريمة. رأى العديد من النقاد المغاربة أنّ «على الحافة» (2011) يعدّ من أبرز الأعمال التي أنتجت في السنوات الأخيرة، وجعل ليلى الكيلاني (1970) أحد أهم الأصوات السينمائية المغربية. يقدّم «على الحافة» مقاربة لحياة البنات اللواتي يثرن على أوضاعهن في المدينة الصناعية الجديدة التي تحمل وجهين: طنجة الأدب والثقافة الوديعة والكوسموبوليتية من جهة، والمدينة العمّالية التي تمتلئ أحياؤها بالهامشية والبؤس والعنف والجريمة.

الجريمة تقفز برشاقة من «على حافة» كي تمارس هوايتها المفضلة أي... «موت للبيع» (2011) في فيلم فوزي بنسعيدي (1967). أبطال سينما بنسعيدي ليسوا سوى شباب منحرفين. براعة المخرج، وعينه التي لا تخطئ الجمال، جعلتا كادر العديد من اللقطات لوحات بليغة تعكس الجمال والقبح في الآن ذاته. يترصّد «موت للبيع» مصائر ثلاثة أصدقاء، همهم الإثراء السريع، ولو مرّ عبر الجريمة. لكن القدر ـــ كما يحدث في كل القصص ــ يفرق بين الأصدقاء. واحد منهم سيتحول إلى عاشق للكراهية، ينضوي تحت لواء جماعة تكفيرية، والثاني يحلم بجمع الثروة عبر ترويج المخدرات، بينما البطل (فهد بنشمسي) يعشق بائعة الهوى دنيا، ويخضع لضغوط محقق الشرطة الذي يؤدي دوره فوزي بنسعيدي. برهن المخرج عن قدرة مميزة في الوقوف أمام الكاميرا كما وراءها. وهذا ليس بغريب عنه، فهو ممثل سبق أن أدى أدواراً في أفلام عدة، آخرها شريط فرنسي نزل إلى الصالات في بداية هذه السنة بعنوان «وداعاً المغرب» الذي يؤدي أحد أدواره الرئيسية. يشتغل فوزي بنسعيدي أيضاً على سيناريو فيلم يسميه «الحائط» كعنوان مبدئي. ويبدو أنه شريط سيكون وفياً لفيلميه الأولين «ألف شهر» و«يا له من عالم رائع».

الشباب المدمن والفقير، والمقبل على الجريمة والجهادية يحضر أيضاً في فيلم «يا خيل الله» (2012) لنبيل عيوش (1969). هنا ننتقل من التخييل إلى الواقع. يريد الفيلم أن يعكس قصص الشباب الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في المغرب عام 2003. عشر سنوات بعد هذا الحادث، يعيد نبيل عيوش سرد قصص أطفال سيصيرون شباباً، همهم الوحيد هو الانتقال إلى الضفة الأخرى بتفجير أجسادهم. يرصد الفيلم أصدقاءً من حي سيدي مومن الفقير، ومسارهم الاجتماعي الذي دفعهم إلى أتون الجماعات التكفيرية. ولو أننا منذ البداية نتوقع كيف ينتهي الفيلم، إلا أنّ نبيل عيوش استطاع الخروج من الوثائقي، وإدهاشنا من خلال تقنيات التصوير المميزة. عمد عيوش إلى ديكور حقيقي بالانتقال إلى الحي، وإلى ممثلين هواة من سكانه. كان أداء الممثلين الشباب مميزاً، واستطاعوا إتقان أدوارهم وتقمّصها. أعاد «يا خيل الله» عيوش إلى ألق البدايات حين قدّم شريطه المرجعي «علي زاوا» (2000) بعد شريطه السياحي «لولا». لقد ألقى «يا خيل الله» نظرة حقيقية ومختلفة عن الأفلام التي غرقت في الكليشيهات حول الفكر الجهادي. ومن المغرب إلى الجزائر، تبقى ثيمة الإرهاب واحدة. يأتي المخرج المخضرم مرزاق علواش (1944) ليقدّم «التائب» (20/3 ــ س:10:00). السينمائي المشاكس استوحى قصته ــ على غرار جميع أفلامه ــ من حادثة واقعية قرأها في الصحف الجزائرية عن «إرهابي تائب» (تسمية تطلق في الجزائر على الإسلاميين المسلحين الذين استفادوا من العفو بموجب «قانون الوئام») تواطأ مع شبكة إجرامية لابتزاز عائلات الضحايا المفقودين في سنوات الإرهاب، من خلال إيهامهم بأنه يعرف قبور ذويهم المفقودين، ويمكن أن يدلهم عليها مقابل فدية. يضيء «التائب» (2012) على الصلات المشبوهة بين أجهزة الاستخبارات والإرهابيين التائبين، ما أثار الجدل حوله في بلد المليون شهيد.

قريباً في الصالات:

كان يا ما كان «أرز 1»

روي ديب 

لا تكاد دورة من «مهرجان أيام بيروت السينمائية» تخلو من مشاركة المخرجين اللبنانيين جونا حاجي توما وخليل جريج. بعد «بدي شوف» الذي عُرض خلال الدورة الأخيرة بحضور الممثلة الفرنسية كاترين دونوف، قدم حاجي توما وجريج ليلة السبت الفائت فيلمهما الوثائقي الجديد «النادي اللبناني للصواريخ». في لبنان الستينيات، قبل أن تمتلك إسرائيل منظومة سلاح صاروخية، وحين كان العالم خلال الحرب الباردة يتسابق على التسلح وتطوير الأسلحة، كانت تصنع الصواريخ الأولى وتجرّب في «جامعة هايكازيان» في بيروت. في مطلع الستينيات، قام مانوغ مانوغيان الأستاذ في «جامعة هايكازيان» مع طلبته بتصميم صواريخ وإطلاقها بهدف دراسة الفضاء واستكشافه. مشروع تلقفه الجنرال في الجيش اللبناني يوسف وهبه، وعاون الأكاديميون في تطوير وتنفيذ تجارب ترجمت في صواريخ «أرز ١» حتى «أرز ٨». علماً أنّ الجيش اللبناني كان يملك مخططاً سريّاً لتطوير تلك الصواريخ لأهداف عسكرية. لم تكن تلك الصواريخ أقلّ شأناً يومها من التجارب العالمية في علم الصواريخ. «أرز ٤» الذي كان من أنجح التجارب، كاد يحدث مشكلة ديبلوماسية إقليمية وصلت تفاعلاتها إلى الأمم المتحدة إثر انطلاقه من منطقة ضبيّة، وسقوطه في المياه الإقليمية القبرصية، قرب بارجة إنكليزية. مشروع الصواريخ الأول في المنطقة الذي رعته الدولة للبنانية أيام الرئيس فؤاد شهاب، وأُنتجت طوابع بريدية تكرس أهميته على صعيد الوطن، أُوقف عام ١٩٦٧.

اكتشف المخرجان ذلك عبر صورة وجداها لصاروخ «أرز ٤» ضمن أرشيف «المؤسسة العربية للصورة». قادهما ذلك إلى مقابلة الأشخاص المعنيين مباشرة بالمشروع مثل مانوغ مانوغيان، والجنرال يوسف وهبه، وجون ماركاشيان، وجوزيف صفير، وغيرهم. جمعا الوثائق والصور الفوتوغرافية والأفلام التي أخذت مكانها في وثائقي «النادي اللبناني للصواريخ». الفيلم الذي شارك في «مهرجان تورنتو»، وحاز أخيراً جائزة أفضل وثائقي في «مهرجان الدوحة السينمائي»، عرض نهار السبت في المهرجان بحضور المخرجين، وسيُعرض في الصالات اللبنانية ابتداءً من ١١ نيسان (أبريل) المقبل.

الأخبار اللبنانية في

18/03/2013

 

زوم 
واقع جيراننا العرب..  وإيقاع أحداثنا المتلاحقة

بقلم محمد حجازي

زحام سينمائي عندنا.. أفلام أولى في صالات لا عدّ لها، وفي مناطق مختلفة، وسينمائيون قَدِمُوا إلى بيروت من عموم العالم العربي، أو من أوروبا وأميركا من إخواننا العرب الذين يشاركون في الدورة السابعة لمهرجان أيام بيروت السينمائية

أفلام ولقاءات، فيما التظاهرات المختلفة تلحظ عرض أفلام، ومناقشة أخرى ومواكبة أجواء تصوير واستعدادات للعرض، خصوصاً ما تَعِدُنا به الأيام الأولى من نيسان/ إبريل المقبل مع عرضين أوّلين لفيلمين لبنانيين «النادي اللبناني للصواريخ» للمخرجين الزوجين جوانا حاجي توما، وخليل جريج، و«عصفوري» لـ فؤاد عليوان.

نعم لقد بات لأفلامنا مكان على الشاشات، هناك إثنان حاضران حالياً: قصة ثواني، لـ لارا سابا، وBetroit لـ عادل سرحان، وفي المدى المنظور - الحادي عشر من نيسان/ إبريل سنكون على موعد مع العملين المختلفين (سابقي الذكر)، والمفاجأة بأنّ الإثنين سيُقدَّمان في صالتين جماهيريتين، بعدما كانا يُحملان إلى المهرجانات وحسب، إضافة إلى خصوصية كل منهما، فالأول أدهشنا بمادته الوثائقية التي تحكي عن عصر ذهبي من الإبداع العلمي عاشه لبنان إبّان عهد الرئيس اللواء فؤاد شهاب، ولو بقينا على مسار الابتكار والاختراع لربما وصلنا إلى الفضاء، ولكنّنا أرسلنا المتحمّسين للقتال والمواجهات مع أسلحتهم إلى كوكب آخر بعيد عنّا كي يُنهي واحدهم الآخر

والثاني لصاحب الأفكار الخاصة والدقيقة والمباشرة وتحديداً عندما يتعلّق الأمر بتداعيات الظروف القاهرة التي يعيشها الوطن. ليس أمنياً فقط. بل المسألة تطال السينما والفنون، فها هو العالم العربي المُنتِج للفنون في حال تعبة جداً وحصراً في مصر وسوريا، لا يوجد نشاط برامجي أو إنتاجي، وخفّت بالتالي أجواء العروض في بلاد وأقطار تعيش مرتاحة أمنياً، لكنها تحتضن رعايا من البلاد التي تشهد اضطرابات ونزاعات وعدم استقرار، فإذا بالأسواق ليست على ما يُرام والأمزجة أيضاً بحيث تتأثر الأجواء بصورة مباشرة ولا تعود الأمور كما يشتهيها الجميع.

نعم هناك محاولات «رمضانية الهوى» حالياً، برامج وحلقات تُنتج هنا وهناك بأي وسيلة، بالاعتماد على منتجين وافدين من الخارج يدركون أنّه بالإمكان اصطياد أفضل الأوقات للتصوير وإنجاز أعمال وبالتالي تأمين إيراد لبعض الفنانين الذين لا مورد لهم إلا التمثيل أو الكتابة أو الإخراج.

حتى لبنان عرف طفرة في الأعمال التي تُصوَّر لكن الكلام عن مضايقات لبعض الفنانين على خلفية مواقفهم السياسية، أو الصور المأخوذة عنهم لا تُمحى، وهو ما واجه الفنان دريد لحام، وما طال بالكلام المنشور باسم ياخور، وما يتردّد عن غيرهما، لكن مع ذلك هناك حالة من التواري خلف الأبواب المغلقة منعاً لحصول انهيار تام.

إنّ الصورة العامة لا تطمئن للخاتمة لكل هذه الأعمال، لكن الجريئين في الاقتحام يربحون الوقت ولا يخسرون من مالهم.

عندنا هدوء لكن هل من الاستغلال للوقت بشكل جيد؟ وهل عرف لبنان كيف يملأ فراغ باقي الأقطار العربية فنياً وسياحياً؟

الجواب لا، لأنّ كثيرين من الفاعلين غارقون في دوامة المصالح، ويدفعون فواتير ليسوا مُجبرين عليها، وعندنا ضجيج وليس هناك طحن كافٍ، لا نتيجة إيجابية سوى بالصدفة، وليس بفعل الجدوى الاقتصادية التي ترفع من الشأن العملي إذا ما كان مدروساً ومخطّطاً له.

الصورة اللبنانية اليوم هي أفضل ممّا تبدو عليه في معظم الأقطار المحيطة بنا.

نعم هي أفضل رغم كل المحاذير التي تخوّفنا أمنياً وسياسياً، فلبنان منذ العام 1975 ما كان يوماً يشعر بالأمان الكامل، ومع ذلك نبدو وقد تآلفنا مع عدم الاستقرار وما عدنا نبالي بالكثير من التوقّعات غير المطمئنة، معتبرين أنّ هذا الوطن لو أرادوا سقوطه لسقط منذ زمن، ولما تُرِكَ يترشّح على هذه الصورة طوال الفترة الممتدة منذ ٣٨ عاماً.

لو ندري كم هو ثمين الواقع الذي نعيشه رغم شوائبه، لكنّا انتبهنا إلى الصورة الأمثل التي تعطينا المجال رغم التطوّرات كي نفعل ما نريد، ونقول ما نحس به، ونقصد أي مكان نختاره وصولاً إلى حصاد هذا التكيّف بما يملأ القلب صوراً من استغلال طيب لهذا المناخ على تبدّله المستمر لكن تحت السيطرة.

عروض

«بارامونت» موّلت فيلماً عن فيلم رفضته قبل ٥٤ عاماً

«هيتشكوك» حيّاً في جلد «هوبكنز» بكل تناقضاته

بعد ٥٤ عاماً على تصوير «Psycho» عام ١٩٥٩ يظهر هذا العام شريط يحمل عنوان: Hitchcock للمخرج ساشا جيرفاري، وضع نصه السينمائي جون ج. ماك لوغلن، استناداً إلى كتاب Alfred Hitchcock and The Making Of Psycho لـ ستيفان ريبيلو، والنتيجة شريط في ٩٨ دقيقة، صُوِّر في استوديوهات بارامونت ٥٥٥٥ ميلروز آفينيو، هوليوود، لوس انجلوس كاليفورنيا، في إنتاج لـ آلان بارنيت وايفان ريتمان.

أنطوني هوبكنز يجسّد دور هيتشكوك في وقت من أوقات ألقه وشعوره بالتفوّق في مهنته عام 1959، رغم أنّه كان مضطراً للصرف على مشروعه السينمائي، كان معه القليل من المال، لكنه وضع كل ثقله لإنجاز الفيلم، الذي استخدم فيه مؤثرات خاصة ومشهدية قاد فريقيهما: جوش هاكيان وايريك كورتناي، ويروي الشريط الطريقة التي كان يعتمدها مع زوجته آلما (هيلين ميرين) التي تحمّلت الكثير في حياتهما معه، لكنّها وفق قولها كانت تعتبره عبقرياً، وتغض الطرف عن نقطة ضعفه الغريبة أمام الشقراوات وتقرّبه منهن، ودعمته إلى حد أنّهما رهنا منزلهما من أجل تمويل الشريط، وظلت آلما في مكان غير منظور كي يبقى الضوء الساطع مركّزاً على هيتشكوك، الذي يقدّمه الفيلم راضخاً لكل ما تقرّره زوجته، وما تقوله أو ترتأيه على مدى ٣٤ عاماً من زواجهما.

ولم يكن مستغرباً أنْ يأتي المخرج جرفازي دسكارليت جوهانسن وجيسيكا بيل لدوري: جانيت لي، وفيرا مايلز، وهو الذي انتظر حتى يقرأ هوبكنز السيناريو، ويتمعّن فيه قبل أنْ يطلب لقاء المخرج لمناقشته في فكرة وأجواء الفيلم حيث تصرّف معه هنا على أساس أنّه مخرج مهم عليه أنْ يستمع إليه جيداً.

وكما قدّم الفيلم هيتشكوك شغوفاً بردّة فعل الجمهور على مشاهد الرعب في Psycho، فإنّه أضاء على نظامه الدماغي الذي صوّر له ما ليس صحيحاً عن خيانة زوجته ألما له مع كاتب سيناريو، بينما عرفنا كامل  تفاصيل حياته كفنان وإنسان من خلال كتابين وضعهما الصحافي ستيفن ريبللو عنه، وحيث كانت مصارحة حول حضوره الجنسي وخياناته ونزاعه مع بارامونت حين اعتذرت عن إنتاج الفيلم لكنها هي نفسها التي موّلت تصوير فيلم عن هذا الشريط عام ٢٠١٢.

ومَنْ يصدّق أنّ لقاء واحداً جمع هيتشكوك وهوبكنز أواخر العام 1979 في مطعم بلوس أنجلوس، وهو ما جعل هوبكنز وتحضيراً للعمل يعود إلى الكثير من المؤلفات عنه، وأعاد مشاهدة معظم أفلامه حتى الصامت منها، واستطاع الولوج إلى شخصية وطريقة تفكيره وهو في عز اندفاعه وعطائه في سن الستين.

شارك في الفيلم الذي سبق وشاهدناه في عرض خاص ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي التاسع: داني هيوستن، تولي كوليت، مايكل ستولبرغ، مايكل وينكوت وجيمس وارسي.

رقابة

١٢ شريطاً البداية

- وداع في الفجر (١٩٦٥) لـ حسن الإمام (كمال الشناوي، شادية).

- المذنبون (٧٦) لـ سعيد مرزوق (سهير رمزي، حسين فهمي).

- البداية (٨٦) لـ صلاح أبو سيف (أحمد زكي، صفية العمري).

- وراء الشمس (٨٧) لـ محمد راضي (نادية لطفي، رشدي أباظة).

- زائر الفجر لـ ممدوح شكري (عزت العلايلي، ماجدة الخطيب).

- ناجي العلي (٩١) لـ عاطف الطيب (نور الشريف، ليلى جبر).

- حائط البطولات (٩٨) لـ محمد راضي (محمود ياسين، نور الشريف).

- لاشين (١٩٣٨).

- أسياد وعبيد (محمود ياسين، حسين فهمي).

- إحنا بتوع الأوتوبيس (عادل إمام، عبد المنعم مدبولي).

- عايز حقي، ظاظا، جواز بقرار جمهوري (هاني رمزي).

١٢ فيلماً ممنوعة من العرض على الشاشات الصغيرة منذ سنوات بعيدة لأسباب سياسية في الغالب، لكنها كانت كذلك أيام عهد الرئيس السابق حسني مبارك، ولم يتبدّل معها شيء في العهد الجديد مع الرئيس محمد مرسي

اللواء اللبنانية في

18/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)