حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

معاناة المرأة جزء من القصة

"وراء الهضاب" هجوم جديد على الكنيسة

محمد رضا

 

لم يكن فيلم “وراء الهضاب”، جديد المخرج الروماني كرستيان مونجو الذي انطلق الأسبوع الماضي لعروضه العالمية وقد لا يجد اهتماماً توزيعياً في السوق العربية، أول فيلم ينتقد الكنيسة الكاثوليكية بالطبع، فهي غدت موضع نقد صارم من بعد أن خمدت نار الحرب العالمية الثانية . ما يفعله “وراء الهضاب” هو استمراره في توطيد علاقة نقدية ضد الكنيسة آتية هذه المرّة من دولة أوروبية شرقية كانت محكومة بنظام صارم اعتبر الكنيسة حليفاً لكنه لم يؤمن بدورها الديني بل أبقاها على مسافة من القرار الفردي أو الجماعي .

“وراء الهضاب” يحكي قصّة فتاتين تصادقتا من أيام دار الأيتام (في الفترة الشيوعية) قبل أن تهاجر إحداهما إلى ألمانيا وتنضم الثانية إلى كنيسة تكمن في بلدة تقع، حسب العنوان، وراء الهضاب . حين تعود الفتاة الأولى بحثاً عن صديقتها لتشجيعها على المجيء معها إلى حيث هاجرت، ترفض تلك وتجد الفتاة المهاجرة نفسها محصورة في مكان لا تألفه ولا تريده . صداقتها كانت وبالاً عليها من حيث إن رئيس الدير وراهباته أخذوا ينظرون إليها كما لو كانت فتاة تلبّسها الشيطان وما ساعد على هذا الاعتبار دخول الفتاة في حالات هستيرية متعاقبة واضعة الدير نفسه في ورطة .

طوال ساعتين سيرصد المخرج لنا توابع هذه الأزمة العاطفية على الفتاتين والبيئة الدينية ذاتها . الأمور تخرج عن نطاق العقل عندما يأمر رئيس الدير الراهبات بربط الفتاة التي اعتبرت خارجة عن الدين، إلى عمود على شكل صليب لإخراج الشيطان الذي يعتقدون أنه في داخلها . في صبيحة اليوم التالي تموت ويُساق الرئيس وراهباته إلى التحقيق .

السؤال الذي يطرحه الفيلم هو إذا ما كان بالفعل عملاً معادياً لممارسات الكنيسة او مجرد حكاية حول التناقض بينها وبين الحرية الفردية . وحتى هذا المستوى الثاني (المخفف) هو نقد يمتد لثلاثة أفلام شوهدت هذا العام في مهرجان برلين السينمائي، اثنان منهما فرنسيان أحدهما هو “الراهبة” لجويليم نيكولوس والثاني “كاميلا كلوديل 1919” لبرونو دومونت . الثالث هو الفيلم البولندي “باسم  . . .” (والنقاط من أصل العنوان) لمخرجته مالغوسكا سيلوموفسكا .

الفيلمان الفرنسيان يتطرّقان، كما الحال مع “وراء الهضاب” إلى معاناة المرأة . في “الراهبة” حكاية فتاة في الدير تتمنّى الخروج إلى الحياة المدنية لكن أمنيتها تلك لا تلقى تجاوباً لدى رئاسة الدير وما تلبث الفتاة أن تتعرض لكل صنوف الإضطهاد والقمع . “كاميلا كلوديل” يحاول سرد حكاية السنوات العصيبة التي قضتها كاميلا منذ إدخالها المصحّة وحتى مواجهتها لأخيها طالبة منه المساعدة على إخلاء سبيلها وكيف ماتت بعد ذلك بسنوات بعدما رفض شقيقها ذلك الطلب .

الفيلمان ينتقدان الكنيسة الكاثوليكية لموقفها من الحريّات لكن قوّة “وراء الهضاب” فيدور في زمن حاضر، بينما يعود الفيلمان الفرنسيان إلى مرحلتين غابرتين .

في الزمن الحاضر أيضاً “بإسم  . . .” التي تقع أحداثه في بولندا ويتولّى حكاية راهب يكتم ميوله الجسدية إلى أن يجد السبيل لإطلاقها ولو خسر موقعه في الكنيسة .

علاقة خفية

كل هذه الأفلام تنتقد على نحو مغاير الأفلام الأمريكية وهي، على نحو معيّن، سبقت زميلتها الأوروبية في محاولات النيل من الكنيسة الكاثوليكية تحديداً . وإذ يتابع المرء أفلاماً من الستينات من القرن العشرين، مثل “طفل روزماري” (1968) مروراً بأفلام رعب أخرى من تلك الآونة و”اعتراف حقيقي” (1981) وصولاً إلى “شيفرة ديفنشي” (2006) و”ملائكة وشياطين” (2009) لا يمكن له إلا أن يلاحظ أن نبرة النقد هجومية في المقام الأول، وأن قوامها متعلّق برغبة تسخيف الكنيسة الكاثوليكية ومعاداتها وأن هذا التسخيف والمعاداة مرتبطان بالموقف الصهيوني منها عموماً . ولا يخفى بالطبع أن العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية تحديداً واليهود كانت مضطربة ثم متوترة منذ عصور وأنها زادت حدّة بسبب الاتهام الذي وجهّته الصهيونية إلى الكنيسة من أنها أيّدت حلول هتلر والنازية الإبادية ولم تأخذ موقفاً مضاداً لها.

هذا المنحى من النقد جديد نسبياً، فالأفلام التي تلت الحرب العالمية الثانية لم تضع الكنيسة ضمن دائرة المتعاونين مع العدو النازي . يكفي أن روبرتو روسيلليني، على سبيل المثال، سار مباشرة بعد هزيمة الفاشية الإيطالية لتصوير “روما مدينة مفتوحة” (1945) الذي يصوّر نضال الكنيسة (عبر شخصية راهب أدّاها ألدو فابريزي) يتعاون مع المعادين للفاشية والنازية .

البريطاني ألفرد هيتشكوك، الذي عانى من عقد ذنب كاثوليكية، لم يسعه إلا أن يقدّم الراهب في “أنا أعترف” (1953) إلا على نحو إيجابي (قام به مونتغمري كليفت) .

والثابت أنه من حين لآخر يرتفع صوت الكنيسة الكاثوليكية للتحذير من فيلم معاد لها أو للدعوة إلى مناهضته . هذه السياسة الدفاعية فشلت في “شيفرة دافنشي” ونجحت في الجزء الثاني منه “ملائكة وشياطين”، كما نجحت في تجريد فيلم “البوصلة الذهبية” من دفاعاته متّهمة إياه بمهاجمة الكنيسة والدعوة إلى الإلحاد (كلا التهمتان صحيحتان) وأدّى ذلك الهجوم إلى الإسهام في فشل الفيلم تجارياً بالفعل .

طبعاً ما ساعد على انتشار النقد أو تعزيز قبوله، خصوصاً في الولايات المتحدة وبريطانيا، انتشار قضايا قيام الرهبان بالاعتداء على الأولاد . وهذا يتّضح في فيلم تسجيلي يفتح العين (بصعوبة وقلق) على هذه الحالات عنوانه مأخوذ من اللاتينية وهو “ميا ماكسيما غولبا” . على الرغم من ذلك، فإن غالب النقد موجّه للمفهوم الديني أساساً .

أسماء في تاريخ الفن السابع

ستيف ماكوين

هناك عشرات ألوف الممثلين، لكن ليس هناك ستيف ماكوين آخر . ولد في مثل هذا الشهر سنة 1930 وتوفي في نوفمبر/تشرين الثاني 1980 وعمد إلى التمثيل بعد سنوات من المتاعب الشخصية وهو مراهق . وهو ظهر في ثلاثين فيلماً من سنة 1953 أول ثلاثة منها في أدوار صغيرة . سنة 1956 لعب بطولة فيلم رعب كلاسيكي باسم “القطرة” ونجاحه أدّى به إلى سلسلة من الأفلام المهمّة . ماكوين كان ذكياً في اختيار ما يلائمه، ما ساعده على تحقيق نجاحات متوالية في أفلام مثل “الهروب الكبير” و”نيفادا سميث” و”قضية توماس كراون” ثم “بوليت” و”الهروب” و”فراشة” (مع دستين هوفمان) وصولاً إلى “عدو الشعب” وانتهاء ب”الصياد” .

شاشة الناقد

نيويورك حسب مخرج دنماركي

كان من سوء حظ فيلم “سقوط ميّت” أنه عُرض في الأسبوع ذاته الذي تشهد فيه صالات العالم، وبينها صالات الإمارات والكويت، عروض فيلم “أوز القوي والعظيم” . والفيلم الفانتازي الثاني شهد انتشاراً سريعاً وناجحاً، على عكس الفيلم البوليسي “سقوط ميّت” الذي انتهى إلى المركز الرابع في عروضه . المكان هو مدينة نيويورك التي تبدو هنا قذرة كما بدت قذرة في أفلام السبعينات من القرن الماضي مثلاً، قبل أن يعيد إليها مخرجون آخرون، مثل وودي ألن، نضارتها المفقودة . طبعاً يعتمد مظهر نيويورك، أو أي مدينة أخرى على أي حي اختيرت فيه مواقع التصوير . وهي هنا الحي الشرقي حيث تعيش عصابات شرسة يوفّرها الفيلم عبر شخصيات لا تتمنّى أن تلتقي بأي منها خارج الفيلم .

مخرج هذا الفيلم هو الدنماركي نيلز أردن أوبليف وهذا هو فيلمه الأمريكي الأول بعد أن كان شق طريقه إلى العروض العالمية بفيلم “الفتاة ذات الوشم التنين”، ليس النسخة الثانية التي حققها ديفيد فينشر، بل النسخة الأصلية التي وردت سنة 2007 من بطولة نوومي راباس التي تظهر في الفيلم الجديد لاعبة شخصية امرأة تطلب من رجل العصابة كولين فارل الانتقام لها من سائق أرعن تسبب في حادثة شوّهت وجهها .

من ناحيته، فإن “أوز القوي العظيم” يتبع وضعاً مختلفاً للغاية كونه فيلماً فانتازياً يستلهم شخصيات وأحداثاً وضعها ل . فرانك بوم وفيلماً كلاسيكياً معروفاً للصغار إلى اليوم بتعاقب الأجيال وبقائه واحداً من الأفلام القليلة التي أنتجت في الثلاثينات ومازالت معروفة لدى الصغار وهو “ساحر أوز” . الحكاية الجديدة تحكي قصّة ساحر مخادع يهرب من بعض أعدائه ليجد نفسه معلّقاً في منطاد طائر لا يلبث المنطاد أن يحط، بعد عاصفة هوجاء، في أرض جديدة يعيش فوقها صالحون وأشرار تمتلك زمام أمورهم ساحرة مخيفة . على هذا الساحر الذي يريد أن يستقيم ويكون نافعاً، التصدّي للساحرة الشريرة والانتصار للأخيار طمعاً بجائزة هي كناية عن أطنان من الذهب .

أوراق ومشاهد

حين تخلّص شاهين من عوائقه

(1982) **** حدوتة مصرية

كل ما يحدث في “حدوتة مصرية” قريب للغاية من حقيقة المخرج الراحل يوسف شاهين، فهو من مواليد عائلة متوسطة، عاش في ظروف حياتها وتحت سلطاتها وعاصر المظاهرات السياسية، وهو وضع لنفسه حين كان لا يزال في مطلع العشرينات هدف أن يصبح مخرجاً وأن يتعلّم السينما ويصير مخرجاً . شاهين كان صبياً مختلفاً لا يشارك الآخرين عموميات حياتهم، وصار شاباً ثم رجلاً وبقي مختلفاً في أفكاره وشخصياته وبعض هذا الاختلاف هو الذي صنع شاهين مخرجاً ليس كغيره من المخرجين العرب .

قصّ شاهين في “حدوتة مصرية” قصّة حياته وهو عرض جوانب مهمّة من حياته العملية والشخصية قبل هذا الفيلم وبعده، لكنه لم يكن صادقاً وملتصقاً بذاته الداخلية وأوضاعه وعواطفه الشخصية كما الحال مع بطل “حدوتة مصرية” . صحيح أنه غيّر من اسمه (أصبح يحيى ولعبه نور الشريف) إلا أنه التزم بأحداث مستقاة من حياته الخاصّة .

يبدأ بالمخرج يحيى وهو يصور مشهداً من “العصفور” ثم به وقد انتقل إلى لندن لإجراء العملية إثر نوبة قلبية . هنا يبدأ عقله الباطن بمحاسبته على حياته السابقة . إنها لحظة مختارة بدقة (سبقه إليها بوب فوسي في “كل ذلك الجاز” لكن الفيلمين يختلفان في معظم المضامين الأخرى)، لكونها الفاصل الدقيق بين الحياة والموت . هذا الفاصل نراه على شكل تمثيلية  مسرحية تدور في ذهن المخرج إذ يقف الطفل الذي فيه ليطالب بإعدامه نتيجة كونه خان ذاته واستكان لتأثيرات خارجية وأمضى جزءاً كبيراً من حياته راضخاً لمتطلبات الغير .

الرحلة ذاتها تستمر  خارج إطار المحكمة  لنتعرف إلى جوانب المرحلة اللاحقة من حياته . مرحلة بدء ممارسته الإخراج، وسفره إلى المهرجانات، وزواجه، وتحقيقه لفيلمين مهمين في حياته هما “باب الحديد” و”جميلة الجزائرية” ثم يحيط شاهين جانب الحياة الزوجية بعناية خاصة ليظهرها امتداداً للسلطات التي مورست عليه من قبل الأم والشقيقة قبل الزوجة . سلطات لم ينجح في الاستقلال عنها .

إنه الفيلم الثاني له بعد “الإسكندرية . . ليه” الذي يسرد فيه جوانب حياته، ولعل الفيلم يبقى حياً على أساس أنه شريط جيد التقنية والإخراج في الوقت ذاته . أفضل من “الإسكندرية كمان وكمان” اللاحق . 

م .ر

Merci4404@earthlink.net

الخليج الإماراتية في

17/03/2013

 

حول كتاب أمير العمري "سينما الخوف والقلق"

أحمد شوقي 

أعترف بأني لم أكن شديد الحماس لكتاب "سينما الخوف والقلق" للناقد الكبير أمير العمري، والصادر حديثا في سلسلة آفاق السينما التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة التي يرأس تحريرها ناقد كبير آخر هو د.وليد سيف.

عدم حماسي كان نابعا من سببين، الأول هي أن الكتاب عبارة عن تجميع لمقالات كتبها العمري بين عامي 2004 و2009، والثاني أنني قد قرأت معظم المقالات التي يتضمنها الكتاب من قبل، بل أنني استخدمت بعضها كنافذة لاختبار زاوية طرح خلال مناقشة بعض الأفلام في الندوات (وكان آخرها مقال أمير العمري عن فيلم جعفر بناهي تسلل، والذي كان مرجعا مهما لندوة أدرتها في جمعية نقاد السينما المصرية عن المخرج الإيراني الشهير).

ولكن بمجرد البدء في الإطلاع على أول مقالين بالكتاب اكتشفت خطأ هذا القرار، لأقوم بتصويبه عبر التهام الكتاب في ظرف يومين ظللت خلالهما أفكر في كوني أتعامل مع النموذج المثالي لجمع المقالات النقدية في كتاب.

لماذا نجمع المقالات؟

والحقيقة المخزية أن ممارسات بعض الكُتاب المصريين الذي يسميهم البعض نقادا حولت فكرة جمع المقالات النقدية في كتاب إلى فكرة سيئة السمعة، توحي دائما بأن صاحبها يريد أن يصدر كتابا يحمل اسمه دون أن يدرك الفارق الواضح بين المقال والكتاب كوسيطين مختلفين لكل منهما خصائصه وجمهوره وأهدافه المستقلة تماما عن الآخر. وأذكر أنني حضرت من عدة أشهر مناقشة لكتاب من هذه النوعية تم الاحتفاء به وطبعه مرتين بالرغم من أنه يحمل "كل" ما كتبه صاحبه عن السينما، أي أنه صاحب خبرة من الكتابة لا تتجاوز مائتي صفحة لكنه يمتلك من الجرأة ما يمكنه من اعتبار مقاله الأول جديرا بالجمع في كتاب!

هذا الواقع المثير للشفقة جعل البعض يتخذ موقفا معاديا لفكرة جمع المقالات في كتاب، وهو الموقف الذي يشاركني فيه د.وليد سيف نفسه الذي أكد قبل ذلك أنه لن ينشر في السلسلة التي يرأسها كتاب يجمع مقالات صاحبه. ولكنه رجل يمتلك من التفتح وحب السينما ما يجعله يدرك أن فكرة جمع الكتابات ليست مرفوضة في حد ذاتها، ولكنها مقبولة في ثلاث حالات فقط.

الحالة الأولى هي حالة جمع الكتابات الكاملة لناقد كبير على شاكله المجلدت الأربعة الممتعة التي تضم أعمال الراحل سامي السلاموني، والتي تمنح القارئ نظرة بانورامية على إنتاج ناقد مؤثر وتعطيه نظرة عامة على حال السينما وقت نشاط هذا الناقد. الحالة الثانية هي جمع الكتابات النقدية لكاتب متميز تخصصه الأساسي ليس السينما، كجمع كتابات يوسف السباعي النقدية مثلا في كتاب، مع التأكيد على أن أهمية الكتاب في هذه الحالة لن تكون في قيمته السينمائية بقدر كونها تلقي الضوء على جانب مجهول من حياة كاتب معروف.

الحالة الثالثة هي حالتنا هنا وهي الأكثر ارتباطا بتعريف وسيط الكتاب، وأقصد بذلك جمع المقالات ذات الصلة بموضوع معين، والتي تمت كتابتها خلال فترة زمنية محددة، بحيث تصير أقرب ما يكون لفكرة البحث الموضوعي الذي يجريه الناقد بشكل مستمر خلال عمله، ويقوم من خلاله بطرح رؤاه السينمائية والاجتماعية المرتبطة بموضوع البحث، وهو الشكل الذي نجده جليّا في كتاب "سينما الخوف والقلق" الذي يجمع كتابات أمير العمري عن الأفلام ذات النزعة السياسية، ولا أقول الأفلام السياسية لأن الأمر أكثر اتساعا من حصره في هذا التصنيف، ولكنه يرتبط بشكل أوثق بصراع الإنسان مع العالم حوله، وهو صراع مرده دائما السياسة وتحكماتها وما تثيره من قضايا وأفكار.

الكتاب وسبب الخوف والقلق

الكتاب يضم 41 مقالا تم اختيارها بعناية لتلقي الضوء على نوعية السينما المختارة في أكثر من منطقة حول العالم، وقد تم ترتيب المقالات طبقا لهذا التوزيع الجغرافي بحيث يبدأ الكتاب بستة مقالات عن أفلام إيرانية تليها ستة مقالات عن أفلام إسرائيلية وهكذا. اختيار الترتيب جزء لا يتجزأ من العرض المتماسك لرؤية الكاتب الخاصة بكل قضية تطرحها الأفلام محل الدراسة، والخاصة كذلك ـ وهو الأهم ـ بطريقة معالجتها داخل الأفلام، فالكتاب سينمائي بالأساس قبل أن يكون سياسي أو اجتماعي.

طبيعة الكتاب السينمائية وخبرة كاتبه الضخمة جعلته من البداية يختار أن تكون الأعمال المطروحة للنقاش أعمالا تنتمي للنوعية التي اختار لها وصفا هو عنوان الكتاب "سينما الخوف والقلق"، والمقصود بالمصطلح طبقا لما كتبه أمير العمري في المقدمة هي أن الأفلام برغم من كون معظمها يتعامل مع قضايا سياسية واجتماعية واضحة، إلا أن موقفها من نفس القضايا لا يمتلك نفس الوضوح، فلا ينخرط صناعها في تبني موقف والدعاية له أو في أشكال الشجب والاستنكار التي تصنع سينما عتيقة بعيدة عن طبيعة الفن المعاصر، بل يحركهم خوفهم وقلقهم مما يحدث في العالم حولهم، ورغبتهم في رصد وتسجيل الأحداث من زاويتهم الفنية الخاصة.

وبنفس المنهج يقوم العمري بالتعامل مع الأفلام نقديا، فيبتعد عن أشكال النقد الأيديولوجي العتيقة التي تحركها دوافع مماثلة لأفلام الشجب والاستنكار والبروباجندا. ليقوم بتحليل الأفلام بشكل موضوعي يجمع بين تحليل محتواها الفكري وأساليبها السردية وأبرز ما فيها من توظيف لجماليات الصورة واللغة السينمائية. ليرى الناقد الأفلام هو الآخر بعين الخوف والقلق محاولا فهم كل فيلم باعتباره حالة فنية مستقلة تستحق الدراسة بحياد، مع عقد المقارنة في حالة توافرها مع أعمال المخرجين السابقة ومع أشهر الأفلام التي تناولت نفس القضية، ولكن دون أن يتورط في فرض أي وصاية فكرية أو سياسية على صناع الأفلام، وهذا هو جوهر النقد السينمائي الحقيقي البعيد عن الانحيازات.

تنوع الاختيار لتكامل الصورة

ومن أفضل الاختيارات التي اتخدها المؤلف عدم الاقتصار على الأفلام التي كان رأيه النقدي فيها إيجابيا، فقام بإلحاق عدد لا بأس به من الأفلام التي لم يعجب بها أو كانت لديه ملاحظات قاسية عليها. وتواجد هذه النوعية من المقالات كان أمرا ضروريا لاستكمال الصورة وإعطاء نوع من الإطار المرجعي الذي يرتكز عليه الناقد في قراءته للأفلام. فالقاعدة العامة تقول أن الأفلام الجيدة تسمو بأفكارنا ومشاعرنا والأفلام السيئة تجعلنا نعرف الأخطاء التي لا يجب أن نقع فيها، أما في النقد فالأفلام الجيدة تطرح في أذهاننا سؤالا أو فكرة، بينما تجعلنا الأفلام السيئة نفهم سر نجاح الفيلم الجيد في مهمته.

كتاب "سينما الخوف والقلق" للناقد الكبير أمير العمري تجربة نقدية تستحق الاحترام، تلقي الضوء على أفلام مهمة تجمعها فكرة تمس كل إنسان، وتعطي درسا في فن جمع المقالات النقدية بصورة تجعلها كتابا حقيقيا وليس مجرد وسيلة لتلميع كاتب لا يملك ما يقوله في مساحة الكتاب.

حين نزع المخرج القناع من وجه "بات مان" ووضعه على وجوهنا

حازم سويلم 

نقسم مخرجى السينما بشكل عام،الى قسمين رئيسيين:من يخرج أعماله كيفما أتفق،ومن يعمل تحت راية مشروع فكرى ما يطوع له السينما كأداة لخدمة وترويج أهدافه.. "كريستوفر نولان" المخرج البريطانى من النوع الأخير.

النوع الذى تشغله قضايا انسانيه كبرى،تتمحور عن الحق،الخير والعدل،فيعبر ويدافع عنها عن طريق أفلامه آياكان محتوى الفيلم. ما نتحدث عنه هنا،هو ما أصطلح على تسميته (سينما المخرج) الذى يتحكم بمسار العمل وكل عناصره ويسيرها فى مجرى واحد يخدم أفكاره ويعززها.

"نهوض فارس الظلام" هو ختام ثلاثيه - كان الجزء الثانى أمتعها – أخرجها لنا "كريس" متتبعا فيها ونحن معه البطل المقنع "بات مان" الذى لا تعنيه الأساليب الممارسه لتطبيق العداله، ويدرك ككل مثقف اليوم انها لا تثمن ولا تغن من جوع. فيتجاهلها ويهملها ليطبق  عدالته المنفرده بأرادته وقبضته. ففعل الشئ الصحيح ليس معناه دوما, فعل الشئ الصواب.

قد تظن أننى أحمل احدى شخصيات الكوميكس الهزليه كـ "بات مان" أكبر مما يحتمل،فأعلم أنك مخطئ. فبراعه "نولان" قد حولت هذه الشخصيه الكاريكاتوريه - اذا جاز التعبير – الى ما هو أكبر منها, للدفاع عن قيم بعينها, للتمسك بالأمل دوما وأبدا عكس كل الظروف, بالخوف من الموت واتخاذه ذريعه لحب الحياة والدفاع عنها مقابل ما هو عبثى وبلا فائدة وضرره أكثر من نفعه.

مزج المخرج هنا ضفيرة رائعه من العديد من الخيوط،توازت كلها فى عمل فنى رائع وان حافظ كل منها على استقلاله..

فيما يخص الشكل الكاريكاتيرى للقصه عامه،لا يفوتك بدله "بات مان" التى تتجسد عليها عضلات الفارس بشكل فاضح. ايضا وقفه "بات مان" أعلى الجسر وحرملته تتطاير من حوله،من العلامات المميزة الأيقونيه لـ "بات مان"،رغم انه كان بطريقه للأنفاق لمقابله "القطة" فما حاجته للوقوف أعلى الجسر. مشهد استعراضى بحت. بعض شخصيات الفيلم مثل "فولى" مات ميته كاريكاتوريه جدا.

لا دماء على الشاشه رغم كثرة عدد القتلى والضحايا فى صراع الخير والشر الأبدى،وهى سمه عامه فى كل الأفلام التى أخرجها "نولان" فالفن لا يلتزم بالنقل من الحياة كما هى،إنه شئ آخر يختلف عنها.

أداء الممثلين معزوفه حقيقيه للأمتاع

بداية من مايكل كين أبرع وأعمق من قدم دور "ألفريد" على مدار السلسله بالكامل, فعلى يد "نولان" خطت هذه الشخصيه الى أكثر من مجرد خادم مؤتمن ومحل ثقه الى نوع أعلى من الوعى والأدراك فات "بات مان" نفسه.

كين أستاذ من أساتذه الأداء يعرف جيدا كيف يدمغ الشخصيه ببصمته الخاصه فتستحيل معه الى شئ آخر مغاير كليا. وأعتقد ان وجوده سد فراغ الأب والناصح لـ بات مان و بروس وين على الدوام. لاحظ كيف استجاب "بات مان" لنصائحه حرفيا فى النهايه..

مفتش الشرطة "جوردون" من أداء المتمكن "جارى أولدمان" أصبح دوره يتجاوز ان يطلق الأشاره من فوق سطح مبنى الشرطه الى ان يكون "بات مان" آخر بدون قناع بل بشارة رسميه ومسدس انه يدرك ان القوانين تتحول بأهمال الناس اليها ومع الوقت وتفريغها من مضمونها, الى أغلال قاسيه تعوق تطبيق العداله نفسها. لذا فهو منحاز الى "بات مان" طوال الوقت رغم انه رسميا مجرم مطارد من قبل الشرطه.

يخبرك "نولان" طوال الوقت بشتى الطرق بالشئ ونقيضه معا تأكيدا لمقوله ( فعل الشئ الصحيح لا يعنى فعل الشئ الصواب) فقارن ما بين اتباع "جوردون" لرجل يعمل بصورة وأساليب غير قانونيه لتحقيق العدل وبين ضابط الأستخبارات فى بدايه الفيلم والذى يعمل بطرق غير قانونيه, فيهدد المحتجزين بالموت والالقاء من الطائره.. بل ان "جوردون" هو من يطلب من "بات مان" العوده بعد اعتزاله لأن القوانين الموجوده لم تحل بين انهيار المنظومه الأخلاقيه, ومن بعدها المجتمع ككل. فالقوانيين السائده تحمى الجريمه ولا تقمعها،وتنجو بالمجرمين من العقاب فينخروا فى المجتمع كالسرطان.

اللصه "سيلينا كايل" جاءت كأكثر شخصيات العمل دراميه،فهى الوحيده التى تتأرجح ما بين الخير والشر طوال الوقت، مما يعطيها بعدا أكثر انسانيه من شخصيات مسطحه أحاديه الجانب كـ "بات مان" منحاز للخير على الدوام،فى مقابل "باين" وعصابته الذين يريدون تدمير واحراق المدينه كلها كعقاب للناس على رذائلهم. أدت شخصية اللصة ببراعه متناهيه النجمه آن هاثاواى فى أداء متميز جدا ومتفهم لأبعاد الشخصيه وصل الى حد التماهى فى بعض المشاهد. برغم كل سيائاتها،انتصر جانب الخير فيها فى النهايه مصداقا لقول "بات مان" نفسه لها: بداخلك أكثر من هذا.

سيناريو الفيلم الذى كتبه كريستوفر نولان  نفسه بمشاركه شقيقه وهى علامه أكيده من علامات سينما المخرج التى سبق الإشارة اليها.. جاء كما ينبغى ان يكون كعمود فقرى للعمل ككل ومناسب للدفاع عن القيم العظيمه فى وقت اختلطت فيه الألوان.

تمسك السيناريو بالأمل كسلاح مهما أسودت الأمور،فالمحقق الشاب – الذى سيخلف بات مان فى العمل- يدفع الشبان الأيتام الى الحافله للأحتماء من التفجير النووى،وعندما يذكره رجل الدين بهذا،يكون رده: أتريدهم ان يذهبوا بغير أمل؟

لا يطالبنا الفيلم بأن يتحول كل منا الى نسخةمن "بات مان" فقد سخر من هذه الفكرة فى الجزء السابق عليه حيث ستعم الفوضى أنحاء المدينه،من جراء تطبيق كل فرد لمفهومه الخاص من العداله.. بينما البطوله الحقه قد تكون فى أفعال نراها صغيرة وهى عظيمه،مثل وضع معطف على كتفى طفل صغير لأشعاره ان العالم لم ينته بعد. فالمخرج بهذا ينزع القناع من وجه "بات مان" ويضعه على وجوهنا جميعا.

عين على السينما في

17/03/2013

 

فيلم يعيد إلى الأذهان ما يحدث حالياً في سورية ومصر

«البداية».. نهاية واحدة للديكتاتوريـــة

علا الشيخ - دبي 

عبارة «ممنوع من العرض»، خصوصاً في بلد مثل سورية ومصر، كانت تثير تساؤلات لم تظهر أجوبة عليها إلا أخيراً، او عند الافراج عن تلك الأفلام لظروف تتلاءم ومحاولة سياسية جديدة تفرضها تلك الأنظمة تتلاءم مع اجندة جديدة لها. اليوم وفي الذكرى الثانية لانطلاق شرارة الثورة السورية التي خطها أطفال درعا على جدران مدارسهم مطالبين بالحرية والكرامة، تعود أفلام كثيرة إلى الذاكرة تناولت الديكتاتور وفساد السلطة، وصفت بالجريئة لتعديها المحظور، خصوصاً في ما يتعلق بنقد مباشر لسياسة حكم، مثل فيلم «البريء» لعاطف الطيب، وفيلم «الكرنك» لعلي بدرخان، و«العصفور» ليوسف شاهين، ما يفرض التساؤل، اذا ما كانت هذه النوعية من الأفلام تعتبر فناً تنفيسياً في ذلك الوقت؟

البداية

فيلم مثل «البداية» الذي أنتج في عام 1986 للمخرج صلاح ابوسيف وبطولة أحمد زكي، ويسرى، وجميل راتب، وصفية العمري، وغيرهم كان يدور حول فكرة التسلط حتى لو بأدوات بسيطة، لكنها متاحة. بداية الفيلم كانت عبارة عن نص قصير بقلم المخرج الذي «كان هدفي أن اقدم لكم فيلماً ليس له علاقة بالواقع، لكن الطبع يغلب التطبع، فاذا بالفيلم يصبح واحداً من أفلامي الواقعية»، فهو يدور حول مجموعة تسقط بهم طائرة في صحراء في مصر، بينهم المثقف والفلاح والعامل ورجل الأعمال الذي وجد فرصته ليفرض سلطته ويعيش دور الرئيس، ولو في مكان معزول عن اي نوع من الاتصالات.

شخصيات المجتمع

بين مضيفة الطيران آمال والصحافية شهيرة كامل، ورجل الأعمال نبيه بيه الأرابوطلي الذي لا يخاف سوى من الفلاح سليم سلمان سليم والفنان التشكيلي كمثقف عادل صادق كميزانين يهددان طمعه الذي يهدف اليه، تظهر أيضاً الراقصة عدولة، والملاكم صالح محمود، ودكتورة الكيمياء سميحة طاهر، وقائد الطائرة، ومساعديه، والطفل ياسر فهمي بطل الجمهورية في سباحة الاطفال.

شخصيات صنع منها لينين الرملي في الحوار الذي كتبه أعمدة أي مجتمع انساني، وعلى الرغم من وجودهم في صحراء قاحلة إلا أنهم يعلمون من خلال قائد الطائرة ان ثمة واحة قريبة من الصحراء من الممكن ان يقصدوها لتخفف عنهم حرارة الشمس.

وفي مشهد يخص كل واحد فيهم عن الحال الذي سيصل إليه اذا ما جاءت طائرة لإنقاذهم، نرى الفنان التشكيلي المثقف يحاول ضبط نفس المجموعة، في حين رجل الأعمال الذي يمثل المال لا يفكر الا بالصفقة التي ذهبت منه نتيجة هذا التعطيل، والفلاح الشهم الذي يبادر في قطف البلح من الواحة كي يسد جوع الناس، والراقصة التي كُسرت قدمها وكيف ستعيش اذا لم يُجبر هذا الكسر، والكثير من الحوارات الفردية والثنائية التي تمثل كل شريحة تعيش في أي مجتمع كان.

نبيهاليا

مع فقد الثقة باقتراب طائرة لإنقاذهم، تبدأ الفكرة في ضرورة ايجاد مخرج مؤقت لاستمرار عيشهم، عن طريق القبول بالواقع الى أن يتغير، ليظهر نبيه بيه هذه الشخصية التي تمثل التوق إلى التسلط والتحكم، يبدا الحكاية بلعبة «ورقة وكتابة» في المساومة بأشياء يملكها اخرون كبيض مسلوق مع الفلاح أو قطعة قماش ترتديها إحدى النساء، وهكذا، وفي كل مرة يكسب، الى أن يأتي الرهان على الواحة نفسها، كل هذا في اطار اللعب، فيقف أمامه الفلاح الذي يعترف بمفهومية نبيه بيه الأرابوطلي عليه، عندما يقرر عدم اللعب ومساومته ببيع نصف الواحة بـ50 دولاراً، فيقبل على الرغم من أن الحظ حالفه بتملك الواحة، لكن دهاء رجل الأعمال جعله يسبق الكشف عن هذا الحظ ومساومته، لكن اللعبة تتحول إلى حقيقة ومرة ايضاً، عندما يبدأ نبيه بيه بالتعامل صدقاً وكأن الواحة ملكه، والانصياع التام من قبل معظم المجموعة له، مع وجود بعض الآراء المعارضة التي لا يسمع صوتها، هكذا وفي لمح البصر يصبح نبيه بيه الأرابوطلي ملك الواحة ويطلق عليها مملكة «نبيهاليا» تيمّناً باسمه، ويصبح البلح هو مصدر الرزق والعيش، فيتحكم بتوزيعه على المجموعة مقابل عملهم لا يفرق بين مريض وطفل وعاجز، يعطيهم اقل من تعبهم، الى ان يقرر الفنان التشكيلي عادل ان يثور من خلال المطالبة بانتخابات نزيهة.

بداية الثورة

يستعين نبيه بيه الأرابوطلي بشخصيات في الفيلم كي تواليه ضد أي متمرد، يبدأ بالبحث عن نقاط ضعف كل واحد منهم على حدة، فالدكتورة في علم الكيمياء تتمنى الزواج، فيلعب على هذا الوتر بإيهامها بحبه، والصحافية شهيرة يهمها أن تحصل على مركز كبير في صحيفتها، ويعدها بذلك، والملاكم الذي لا يفكر الا بالفوز يقنعه نبيه بيه أنه يعمل لصالح الجميع كي لا تسود الواحة الفوضى، فيستغل قوته وعضلاته في البطش بالمجموعة، لكن أحداث الفيلم تكشف مدى الزيف حول شخصية نبيه بيه، بطرق تراجيدية مؤلمة، الى أن يذهب الجميع الى الفنان التشكيلي الملم ثقافياً بكل الأمور التي من شأنها صناعة دولة، فيقترح اجراء انتخابات نزيهة لاختيار ملك الواحة، ليرد قائد الطائرة هذه هي الديمقراطية التي يقف على فهمها الملاكم والفلاح والطفل، فيعطى المايكرفون لكل شخص في المجموعة في شرح الديمقراطية التي تتلخص بحرية الرأي وصون الكرامة وتوفير سبل العيش الكريم من خلال تقسيم الثروات بعدل.

الديمقراطية تهمة

يفزع الملك من مطالبة أهالي الواحة بانتخابات ديمقراطية نزيهة، ومع الضغط يخضع لهذه الرغبة وفي عقله خطة تخريبية، حيث يدعوهم بعد صناعة الخمر من البلح الى جلسة يقول كل واحد فيهم برنامجه في مشهد اجمل واهم المشاهد التي مرت على صناعة السينما المصرية ويقول: «في صحة الانتخابات والعدالة وحق الإنسان، في صحة الديمقراطية» يرفع نبيه بيه الأرابوطلي كأسه في الهواء، ثم يهبط به ليستقر على شفتيه من دون أن يرتشف منه رشفة واحدة، بينما تتسلل نظراته من خلف الكأس لتستعرض الوجوه كلها، وآثار الشرب بدت واضحة على سلوكهم، هي الوجوه نفسها التي كانت تطالبه بالديمقراطية فقدت الوعي ولم يعد لهم القدرة على التفاوض، فينتصر نبيه بيه مرة أخرى، ولكن إلى حين.

الثورة مستمرة

فور استيقاظهم يجدون أنفسهم في مشاهد يخجلون منها، فيعلو صوت «راحت فين الثورة يا زعيم، مش كانت بين ايديك؟» ليرد أحدهم «لازم اتنشلت»، فيرد قائد الثورة الفنان التشكيلي «الثورة مستمرة، وإذا كنا غلطنا أو انضحك علينا مرة، فده مش معناه إننا نيأس».

تعود المجموعة الى اللحمة مرة ثانية ويتنبه نبيه بيه الى ذلك الخطر فيقرر حرق الواحة هو أو حرق البلد، مشهد يذكرنا بما كتب على جدران دمشق «الأسد أو نحرق البلد»، وبالفعل تنحرق الواحة، لكن ثمة صوت طائرة قريب يظهر في ظل كل هذا الدخان والصمت، وصلت طائرة النجاة أخيراً، تقرر المجموعة ترك الواحة لملكها الذي حرقها، لأنها بالنهاية ليست الا وهماً فالوطن مازال موجوداً.

لمشاهدة المزيد من المواضيع عن الفن السابع، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

17/03/2013

 

محمد رجب الطرف الثالث فى «ضرب نار»

كتبت ــ منة عصام 

بعد نجاحه فى أداء دور ضابط الشرطة فى فيلم «الحفلة» بمشاركة أحمد عز وبشكل لافت لأنظار الجمهور، قرر الفنان محمد رجب العودة إلى الدراما من خلال مسلسل «ضرب نار» تأليف محمد الباسوسى وإخراج محمد النجار.

«محمد رجب هو الطرف الثالث فى المسلسل».. هكذا بادرنا مؤلفه الباسوسى عندما تحدث عن قصة العمل، قائلا: «أردت أن أتناول فكرة الصراع المجتمعى فى فترة معينة، ولذلك بنيت القصة على حياة عائلتين كبار من الأثرياء، وكيف يتصارعان مع بعضهما من أجل البقاء للأقوى، ويدخل فى سياق هذا الصراع أمور سياسية واقتصادية واجتماعية، ومحمد رجب يظهر فى المسلسل شخصية غريبة للغاية يعلم بدقة ما يريده ولكن الأشخاص المحيطين به يجهلون تماما الشىء الذى يريده ويتعاملون معه بصفته شخصا غريب التصرفات لأنهم يجهلونه، وهو شاب جامعى يلقى الشعر فى المحافل الثقافية، وبسبب حدث يطرأ على حياته فيصبح الطرف الثالث بالإضافة إلى تلك العائلتين».

وواصل: «عندما شارفت على الانتهاء من كتابة العمل، فإنى مع المخرج محمد النجار تحدثنا مع محمد رجب لترشيحه للدور، وعندما قرأ الحلقات أعجب بها جدا وشعر أنه الدور المناسب له»، ونفى الباسوسى أن يكون الاتفاق مع رجب كان بسبب نجاحه فى فيلم الحفلة، فالحديث حول المسلسل جاء قبل الفيلم، ومن المقرر بدء التصوير خلال الشهر الحالى، وستكون مدينة الإنتاج الإعلامى منتجا مشاركا فى العمل.

وحول تعرضه لقضايا فساد مثلما حدث مع مسلسل «نور مريم»، قال الباسوسى: «المسلسل يتعرض لفساد اجتماعى من نوع آخر غير الذى عرض فى نور مريم أو العنكبوت، فالفساد موجود فى أشياء كثيرة حولنا، ولن يقترب بأى شكل من الأشكال لثورة يناير».

وحول العرض فى رمضان، أكد الباسوسى أنه مع العرض فى رمضان «أصبح لدى الناس إحساس تلقائى أن المسلسل الذى يعرض فى رمضان أقوى وأكثر جذبا لهم، وكأن رمضان بالنسبة لهم هو علامة الجودة، وبالطبع أرغب فى عرض مسلسلى به، وبالرغم من ذلك فإنى أؤيد العرض خارج رمضان أيضا حتى يكون هناك رواج للصناعة أكثر وعدد أكبر من المسلسلات».  يذكر أن آخر مسلسلات الفنان محمد رجب كان مسلسل «أدهم الشرقاوى» بمشاركة دوللى شاهين، ومن إخراج باسل الخطيب، وكذلك فيلم «الحفلة» بمشاركة أحمد عز وجومانا مراد وروبى.  

السينما والتدخلات الأمنية.. متى تبدأ وأين تنتهى؟

محمد خان يحمّل الرقابة المسئولية.. ويسرى نصرالله يعتبر المنع ضد الأمن الوطنى

وليد أبوالسعود وإياد إبراهيم 

أثار تأجيل عرض فيلم «عن يهود مصر» جماهيريا لأسباب أمنية، جدلا واسعا فى الوسط السينمائى خشية أن تكون بداية لموجة جديدة من التدخلات الأمنية فى صناعة السينما.

تلك الأزمة طرحت تساؤلا مهما، ما حدود تدخل الجهات الأمنية فى العمل السينمائى؟ ومتى تبدأ؟ وأين تنتهى

«الشروق» هنا تحاول فتح ملف هذه العلاقة الشائكة التى تتحرك دوما فى الخفاء وإن كانت فى أحيان أخرى تتحرك علنا لتمنع عرض أفلام مثلما حدث من من قبل بتأجيل عرض فيلم «العصفور» ليوسف شاهين أربعة أعوام أو حذف أجزاء من هذه الأفلام، كما حدث مع «البرىء» لعاطف الطيب وغير الآمن نهايته، وأيضا فيلم «هى فوضى»، وكيف شاهد وزير الداخلية وقتها حبيب العادلى الفيلم وحذف منه 4 مشاهد بعد العرض الخاص:

فى البداية يؤكد المخرج محمد خان أن هذا التدخل مرفوض شكلا وموضوعا وإن كان فى الوقت ذاته يوضح أن هذا التدخل من قبل الأجهزة الأمنية كان موجودا طوال الأوقات السابقة ولكن بشكل آخر، وبطريقة مختلفة بمعنى أن هناك سيناريوهات معينة كانت تذهب لبعض الأجهزة الأمنية لتوافق عليه، لكنها هنا فى فيلم «عن يهود مصر» تحدث بشكل فج ومباشر، ويظهر علاقة الأمن بالرقابة فمثلا فى فيلمى «زوجة رجل مهم» تم عرض السيناريو والفيلم نفسه على جهات أمنية لأن بطله ضابط شرطة ولكن ما يزعجنى هنا هو أن الرقابة هى التى قامت بعرضه على الأمن الوطنى

أما المخرج يسرى نصر الله فبادرنا، قائلا إنه وبشكل شخصى ضد أن يشاهد الأمن أيا كانت الجهة التى ينتمى لها هذا الأمن الأفلام ويسمح أو يمنع عرضها. وتساءل نصر الله ماذا يريدون أن يخفوه؟ خصوصا أن كل الأمور أصبحت معروفة الآن؟ ولماذا التكتيم على أية شىء. وأشار إلى أنه يتحدث فى العموم ولا يقصد فيلم أمير رمسيس فقط وإن هذا شىء غير مقبول وضد أمن الدولة، فأمن الدولة مرتبط بأننا نتكلم عن المكاشفة والوضوح ولا يرتبط بعقيدة المطار السرى الذى لم يكن سريا. ونفى يسرى أن يكون قد تعرض لهذه التجربة، وتساءل مستنكرا: هل نستطيع فصل هذا الموقف عن تصريحات عصام العريان القيادى بجماعة الإخوان المسلمين؟ ويقول إنه لو عاد لفيلم أمير رمسيس سيجده يحكى قصة خروج اليهود من مصر ودور عبدالناصر والإخوان المسلمين فى خروجهم من مصر، وأكد يسرى أنه يعتقد أنهم لا يريدون أن يعرف الناس حقيقة ما حدث.

وأكد أنه ضد كل هذا موجها تساؤله للأمن لماذا يتدخلون فى مثل هذه الأشياء؟

عبدالستار فتحى رئيس الرقابة على المصنفات الفنية قال إنه شخصيا ضد التدخلات الأمنية بل وعانى منها كثيرا كسيناريست ويتذكر أنه وأثناء تصوير مسلسله «زمن عماد الدين» عانى كثيرا من التدخلات الأمنية وخصوصا فى ما يتعلق باليهود، وهو شخصيا من أجاز فيلم أمير رمسيس، وتحمس له منذ كان مديرا عاما بالرقابة، ولكنه فوجئ يوم 11 مارس عندما طلب منه هيثم الخميسى منتج الفيلم أن يعطيه تصريحا بالعرض العام أن الرقيب الأسبق سيد خطاب قد أحال الفيلم على الأمن الوطنى منذ عامين، وبوجود ملحوظة داخل الملف تستوجب موافقة الأمن الوطنى قبل العرض وهو ما يحاول تحقيقه الأن.وأكد أن الأمن لم يمنع العرض ولكنهم لم يرسلوا التصريح حتى الآن.. وأصر الرقيب على التأكيد أن الشركة المنتجة حددت موعد العرض العام قبل أن تحصل على ترخيص العرض ولم تتوجه للرقابة سوى قبل الموعد بيومين.

أما منتج الفيلم هيثم الخميسى فأكد أولا احترامه للرقيب والتأكيد على تعاونه ولكنه نفى أن يكون قد توجه للرقابة فقط يوم 11 مارس، وقال إنه قد حصل من قبل على تصريحين بالعرض العام، وهو هنا يطلب تجديدا للتصريح وأنه كان قد توجه منذ أسبوعين للرقابة، وطلبوا منه إنهاء إجراءات النقابات الفنية وتصريحاتها، وهو ما قام به بالفعل وأضاف أن تصريح العرض العام لا يأخذ وقتا بل ينتهى فى أقل من نصف ساعة أو عدة ساعات على أقصى تقدير.

أما الرقيب السابق د. سيد خطاب والذى حصل الفيلم على رخصته فى عهد رئاسته لجهاز الرقابة علق على الأمر، قائلا: لو صح ما قيل عن منع الفيلم من الأمن الوطنى فهى كارثة بكل المقاييس، أولا على الجانب القانونى والذى ينص على عدم القدرة على منع أى فيلم إلا بحكم قضائى مادام حصل على ترخيص الرقابة طبقا للقانون رقم 430 لسنة 55، وحتى الترخيص لا يجوز بأى شكل سحبه من صناع الفيلم إلا إذا خالف صناع الفيلم القانون، وقاموا بتغيير فى المادة، وهو ما لم يحدث عن مع الفيلم.

وأضاف خطاب: الأمر الثانى الذى أتعجب بسببه عند منع الفيلم أن هذا العمل يوجه رسالة إيجابية جدا عن مصر واليهود المصريين، ويبرز كيف عارض معظمهم المشروع الصهيونى، وتركوا مصر ولم يذهب معظمهم لإسرائيل بل ذهب فقط الفقراء منهم، والفيلم نفسه أثار ضجة واستياء كبيرا منه فى إسرائيل.

وأشار خطاب إلى مدى علاقة الأجهزة الأمنية بالأفلام والرقابة خاصة فى الفترة التى قضاها فى رئاسة الرقابة، وقال: لا أذكر تدخل بالمعنى المعروف، لكن هناك أشكالا طبيعية من التدخل منها مثلا عندما يصنع أحد فيلما عن المخابرات، فمن الضرورى أن يحصل على موافقة المخابرات نفسها طبقا للقانون المنظم لعملهم، ومثلا عندما يحتاج فريق العمل تدخل من بعض الأجهزة الأمنية أو مساعدتها فى التصوير.. إلخ، فكل هذه أشكال طبيعية للتدخل، ولكن لا يوجد أى قانون يسمح للأمن الوطنى بمنع الأفلام حتى لو كانت تمس الأمن القومى لأن المسئول هنا عن منعها هى الرقابة وليس الأمن

الشروق المصرية في

17/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)