حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بهمان قبادي لـ"النهار":

الرجل الذي كنته مات، أنا شخصٌ آخر اليوم!

هوفيك حبشيان/ اليونان...

 

·     لم احضّر الكثير من الأسئلة، لأنه لم يتمّ ابلاغي عن حواري معك الا قبل ثلث ساعة. على كل حال، شاهدتُ الفيلم أمس وكان مفعوله كبيراً عليّ. قلتَ خلال تقديم الفيلم إنك لم ترد طريقة كلاسيكية في سرد الحكاية. هناك ايضاً القصائد التي جعلت العمل يتخذ المنحى الذي اتخذه. هل يمكنك قول المزيد في هذا الجانب؟

- كنتُ اريد فيلماً يطرح لغة سينمائية مستحدثة. كان في نيتي بنية درامية اخرى. كنت ارغب بشيء يتضمن لغة الشعر والقصيدة. كان عندي قصة قوية جداً، ولكني لم ارد ان اكون مجرد ناقل لها. كان شرطي الوحيد لأروي هذه الحكاية ان أمزّق البنية القصصية وأن اجعلها اشلاءً. لم أتبنّ التسلسل المنطقي المتّبع في الاخراج، لأن الحياة التي كنت أعيشها كانت تتناسب مع هذا النوع من الخيار السينمائي. فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، انتقلتُ من بلد الى آخر ومن مدينة الى اخرى. التقيتُ اناساً مختلفين في اماكن مختلفة من العالم، ولم يكن في هذه اللقاءات اي منطق. اقصد انه لم يكن هناك اي منطق يجعلني ألتقي هؤلاء. لهذا كله، لم أُرِد معالجة كلاسيكية، لأن الفيلم فرض نفسه عليّ في حقبة عصيبة من حياتي، فأردتُ ان يعكس هذا الشيء. "موسم الخرتيت" فيلم شخصي وأحسه قريباً مني؛ انه انعكاس لباطني وروحي. هذا أقرب الأفلام الى قلبي.

·     أتعتقد أنه كان من الصعب ان تنجزه قبل "لا أحد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية"، وما عشته في بلادك ايران من وضع مشابه لما عاشه الشاعر الذي تنقل حكايته؟

- بالنسبة إلى "القطط الفارسية"، كنا انذاك في طهران وكنت ممتلئاً حيوية ونشاطاً. وكنت كثير الانشغال! أنجزته في 17 يوماً. لكن عندما تركتُ طهران حياتي كلها تغيرت. الرجل الذي كنته عندما كنت اعيش في طهران مات: الذي يحادثك الآن هو بهمان جديد. الأمر بمثابة ثورة، كالثورة التي عاشتها بلادي. لكن هذه ثورة على نطاق فردي وضيق. اعتقد انني انجزتُ ثورة على نفسي. عندما اقول انني تغيرتُ، بعضهم لا يصدّقني، ويعتبر ما أقوله مجرد كلام. لا، الأمر حصل فعلاً معي؛ الآن اعرف ما هو معنى ان يتغير الانسان بعد تجربة مماثلة. انا اعرف ماذا يعني التغيير وأشعر به. اليوم، صرتُ اشعر انني في الثالثة من عمري، وان العالم الذي اعيش فيه عالمٌ حرّ

·        كم في المئة من الفيلم مستند الى خيالك وكم في المئة منه مبني على وقائع؟

- ربما 20 في المئة منه خيالي. لكن هذه النسبة هي ما نراه من احلام في الفيلم. الجانب المتخيل هو حقيقي ايضاً، لأنني لجأتُ من أجل صوغه الى حكايات اعرفها وسمعتها طوال حياتي. اشياء سمعتها هنا وهناك من اقارب واصدقاء. لذلك يمكن الادعاء بأن كل ما نراه في الفيلم حقيقي. مشهد السلحفاة، يأتي من قصيدة للشاعر. كل ما فعلته هو افلمة القصيدة وترجمتها الى متتاليات بصرية. اما لقطة الخيل، فمرتبط بشكل او بآخر بلقطة الجماع بين الشاعر وابنته. عشر دقائق تفصل بين هذين المشهدين. ربما ينبغي لك ان تعيد مشاهدته بعد هذه الإشارة.

·     كلٌّ من السلحفاة والخيل هما ايضا غمزة سينمائية الى عملك. هل يمكن الحديث عن تحية ذاتية؟

- ما يجمعني بالشاعر هو استعماله الكثير من الحيوانات في اشعاره، كما هي الحال في افلامي. عندما اكتشفتُ هذا الشيء أصبتُ بالذهول. حقاً صُدمت.

·        متى اكتشفت قصائده؟

- اكتشفتها قبل بضع سنوات. في الحقيقة هو صديق عمي، لكنني لم أكلّمه كلمة واحدة...

·        ألم تلتقه البتة؟

- لا، لا، لا، البتة.

·        حتى من أجل صناعة الفيلم؟!

- أبداً. هو أعطى عمّي كل شيء، من موافقة إلخ. لكني لم استعمل اشعاره في الفيلم. القصائد التي تسمعها في الفيلم هي من شاعرة أخرى، أريتُ المادة المصورة لهذه الشاعرة وهي كتبت بناء على المشاهد. لم أحصل على موافقة لإدراج قصائده في الفيلم، فقط كانت الموافقة على أن أروي المراحل الثلاث من حياته.

·        ألم يشاهد "موسم الخرتيت"؟

- لا. الجانب الحقيقي الذي أخذته من حياته هو الاغتصاب الذي تكون زوجته عرضة له عندما يكون هو في السجن. وايضاً الفصل الذي نراه فيه وهو ينام مع إبنته، وجرى ذلك من دون أن يعلم انها إبنته. لكن مع الفارق انها لم تكن إبنته في الحقيقة. فهي كانت من الرجل الآخر، لكنه اعتقد انها إبنته.

·        وهذا ما اعتقدناه ايضاً كمشاهدين!

- نعم.

·        ماذا عن مساهمة مارتن سكورسيزي في الفيلم؟

- تعرفتُ إليه ودعاني الى منزله، إلخ. تحدثنا عن السينما وعن أفلامي، وأفصحتُ له عن رغبتي في صناعة فيلم في نيويورك... ثم مضت الأيام والتقينا مجدداً، وكنتُ قد أنجزتُ "موسم الخرتيت"، شاهده واعجب به، فطلبت اليه أن يضع اسمه عليه كنوع من برستيج. هذا كان من شأنه أن يساعدنا على الانتشار في اماكن كثيرة من العالم. سكورسيزي مقدِّم الفيلم وليس منتجه.

لا أحد يعرف شيئاً عن الشاعر الفارسي

هوفيك حبشيان

"موسم الخرتيت" لبهمان قبادي افتتح في تورونتو في ايلول من العام الماضي. لكننا لم نشاهده سوى خلال وجودنا في تسالونيك اثناء الدورة الأخيرة من هذا المهرجان. المدير الفني لمهرجان كانّ، تييري فريمو، لم يضمه الى برمجته، ولا نعرف ما الذي جرى مع الرجل الأول في البندقية، ألبرتو باربيرا، كي يهدي إلى تورونتو فرصة "استملاك" هذه الجوهرة السينمائية التي اعادت واحداً من أهم السينمائيين الايرانيين الى الشاشة، بعد مضيّ ثلاث سنوات طويلة على تقديمه فيلم "لا احد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية" (الحائز جائزة "نظرة ما"، عام 2009)

شريط "القطط" المطعّم بموسيقى الأندرغراوند الايراني، دفعه الى ان يهاجر خارج ايران، بعدما علمت السلطات بالكيفية التي صوّره بها: تحت المعطف. لذا، فإن قبادي أنجز جديده في اسطنبول، مستعيناً بمدير التصوير توراج اصلاني، الذي التقط مشاهد عمله السابق، والذي ضخّ في النسيج البصري للفيلم، شيئاً ما يذكّر بـ"الفيديو آرت"، من دون ان يكون مقصوداً ومتعمداً. هناك شيء قريب من بصريات المخرج التركي نوري بيلغي جيلان، الذي اعتاد التصوير بالفيديو والحصول على نتيجة مبهرة. هذا حتماً لن يكون آخر مشروع لقبادي في تركيا، منفاه القسري، كونه يستعد لإنجاز فيلمين في العاصمة التركية، من بين أشياء أخرى يعمل على بلورتها واخراجها الى النور

"موسم الخرتيت"، يستند الى ثلاثة فصول من حياة شاعر ايراني كردي اسمه صادق كمنغار. لكن قبادي يسميه شيئاً آخر ولا يكشف هوية الشخص الذي استلهم منه السيناريو الا في مقابلاته. الشاعر في الفيلم يدعى ساحل فرزان (الممثل الايراني الكبير بهروز فوسوخي في أول دور له بالفارسية منذ الثورة)، شيوعي يعيش حياة هنيئة مع زوجته، الى أن تأتي الثورة الاسلامية عام 1979 لتجرف الأخضر واليابس. يُزَجّ بساحل وزوجته في السجن، ويساهم في حبسهما سائقه الخائن (يلماظ أردوغان) وهو احد الناشطين في الثورة. وشاية سريعة، في زمن صعود التزمت وتردي الأخلاق، ما يؤدي إلى إفساد حياة ساحل الى الأبد. ذلك ان السائق مهووس بالزوجة السمراء الجميلة (مونيكا بيللوتشي) وسيستغل وجود ساحل في الزنزانة، ليغتصبها (المشهد الأعظم اخراجاً في الفيلم) ويرزق منها بطفلة. عندما تنتهي فترة اعتقالها (عشر سنين)، يقال لها ان زوجها توفى وهو خلف القضبان، فترحل الى اسطنبول، وتبدأ حياة جديدة من هناك، ودائماً يحوم حولها السائق اللعين. لكن ساحل حيّ يُرزق، وسيعود، وإن مضى نحو ثلاثين عاماً على توقيفه الهمجي. لكن، كيف تقوم قيامته، وفي أيّ حال يعود؟ وهل الحياة تبدأ من هذه النقطة، نقطة الشقاء واللوعة؟

من خلال خلط أوراق الواقع والخيال، الشعر والسينما، الكلمة اللامعة والهادئة بالصورة المؤججة بالعنف والقسوة، اراد قبادي الارتقاء بالحكاية الايرانية ليبلغ ما هو أشمل وأوسع. صادف تصوير الفيلم مع مرحلة مؤلمة من حياته، اضطر فيها المخرج إلى ان يترك خلفه اشياء كثيرة، ذكريات واماكن واشخاصا. ذاق فيها طعم الاضطهاد والتعسف المرّ، وبات المهاجر السينمائي، او "آدم" المطرود من الجنة. هذه المرارات التي عاشها قبادي لا يمكننا فصلها عن تجربة فرزان/ كمنغار. فالاثنان يخافان ان "يموت فيهما الشعر، خشية أن تتعفن جثتهما". من قصائد كمنغار التي ألهمت قبادي ليأتينا بهذه الحكاية، يستل اللغة البصرية وروحيتها الشعرية.

لا يسقط قبادي في فخّ الميلودراما السهلة. لا قوة درامية في الفيلم تسيل منها المشاعر. بل معالجة عاقلة لمأساة أسرية لن تنتهي مع خروج ساحل من السجن، بل تبدأ الرحلة القاسية مع القدر من هناك، وصولاً الى لحظة اللقاءات التي لن تكتمل، والكلمات التي تبقى اسراراً حائرة، عالقة في مكان ما بين الحلق واللسان. "موسم الخرتيت" احد هذه الأفلام التي تجرح، وتحب نكء الجرح، مراراً وتكراراً. تصوير قبادي خلاّب، ديكوراته موحشة، سماؤه قاسية الألوان، حتى الضمائر تلبس لون التراب لتنعى الانسانية التي ماتت داخل الشخصيات. عزلة، فراغ، تهميشٌ واستبعاد، قلبٌ يتألم بصمت... هذا كله يصل الى مغزى شعري وسياسي يبقى في دائرة السينما ولا يقترب الى اعلان الموقف. هجائية قبادي لا تزيل عنه صفة الشاعرية، مثلما لن تساهم الحركة الانتقامية لبطلنا المسلوب والمكسور، في ان يستعيد حياته المندثرة خلف جدران الكراهية والحقد. اما الكلمات، فلها القدرة على ان ترنّ في الآذان، اياماً طويلة بعد رحيله. في النهاية، لا أحد يعرف شيئاً عن الشاعر الفارسي!

hauvick.habechian@annahar.com

النهار اللبنانية في

28/02/2013

 

«قصّة ثواني» للارا سابا.. مزج التجاري بالثقافي

نديم جرجورة

تستمرّ العروض التجارية اللبنانية لـ«قصّة ثواني» للارا سابا. اليوم الخميس، تبدأ أسبوعها الثاني. في الأيام الستة الأولى، شاهده 5766 مُشاهداً. أميل إلى الاعتقاد أن رقماً كهذا مفيدٌ. أميل إلى القول إن فيلماً لبنانياً قادراً على جذب عدد كهذا من المشاهدين، جديرٌ بالتأسيس عليه في مقاربة مسألة العلاقة الغامضة بين اللبنانيين والأفلام اللبنانية. «قصّة ثواني» ليس فيلماً تجارياً على طريقة ندين لبكي. ليس فيلماً سينمائياً بأسلوب غسان سلهب. إنه بين نمطين سينمائيين، أولهما يذهب إلى الناس، وثانيهما يحافظ على نضارة الصورة السينمائية وجمالياتها.
بالنسبة إلى فيلم لبناني، فإن 5766 مُشاهداً ليس رقماً صغيراً، خصوصاً أنه جذب هذا العدد في أيام ستة فقط. «قصّة ثواني»، الذي افتتح الدورة الـ12 لـ«مهرجان بيروت الدولي للسينما» في الثالث من تشرين الأول 2012، يعيد طرح سؤال «الجمهور» اللبناني الخاصّ بالفيلم اللبناني. أو على الأقلّ يُفترض به أن يعيد طرح هذا السؤال، وأن يبحث عن جواب حاسم وأكيد عليه، إن وُجد. فهو، من ناحية أولى، متميّز ببساطته السردية، وإن تشعّبت قصصه الثلاث قبل أن تتداخل مع بعضها البعض. وهو، من ناحية ثانية، متحرّر من سطوة المنحى التجاريّ البحت، ومتمكّن من حبكته الدرامية في قراءة وقائع لبنانية إنسانية بحتة. وهو، من ناحية ثالثة، قادرٌ على إعلان قدرة الفيلم اللبناني على مزج التجاريّ بالثقافيّ. هذا نمط سينمائي لا يُلغي أنماطاً أخرى. هذا نمط سينمائي يُضيف على الأنماط الأخرى نوعاً مطلوباً. هذا نمط سينمائي يُمكن أن يؤسّس «جمهوراً».
في مقالة سابقة لي عن «قصّة ثواني» («السفير»، 3 تشرين الأول 2012)، كتبتُ ما يلي: «غاص «قصّة ثواني»، الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة اللبنانية لارا سابا، في قاع بيئة محلية منقسمة على نفسها. بل متناقضة مع نفسها. يُمكن وصفه بكونه معاينة بصرية لطبقات اجتماعية لبنانية متباعدة عن بعضها البعض، في سلوكها وأنماط حياتها ومآزقها المتنوّعة. أو بكونه تصويراً واقعيّاً قاسياً لحالات لبنانية مستلّة من يوميات العيش في مدينة ممزّقة ومهترئة ومشحونة بقهر وخراب فظيعين. أميل إلى التعاطي مع «قصّة ثواني» (أو «حبال الهوا» كما في جينيريك البداية، أو «تقاطعات عمياء» كما العنوان الإنكليزي) انطلاقاً من استجابته شرطاً إبداعياً أساسياً، متمثّلاً بقدرته على جعل الصورة أكثر نطقاً من كل حوار، وعلى منح الحركة قوّة التعبير الحسّي أحياناً. أميل إلى اعتبار الفيلم سرداً لحالات، وقولاً لحكايات معيشة هنا وهناك، داخل هذه المدينة المقيمة في متاهة البحث المضني عن الذات من دون جدوى». 
«
الفيلم، بهذا كلّه، تصوير جميل لشقاء لبناني وبؤس فردي. النماذج المختارة الصدامات والنزاعات: صدامات مبطّنة بين أناس منتمين إلى طبقات اجتماعية مختلفة، ونزاعات داخلية تدفع المرء إلى خيارات قسرية وصعبة. الموت بداية. لكن، هناك رغبة في الحياة. عطشٌ إلى خلاص. سعي إلى اغتسال روحي من تلوّث متنوّع الأشكال، وإن تمّ هذا كلّه من دون جدوى. هناك إرادة عيش مُحاصرة بجنون بيئة أدّى إلى إسقاط الجميع في محنهم القاتلة. هناك تشابه في القلق الذاتيّ بين شخصيات تلتقي صدفة، أو تأخذها الأقدار إلى «تقاطعات» مفاجئة. التقاطعات «عمياء». لكنها جزء من لعبة القدر. اللعبة خبيثة. القدر لعين. شخصيات متناقضة في أنماط عيشها وسلوكها الاجتماعي وارتباطاتها الإنسانية. لكنها شخصيات متشابهة على مستوى الشقاء الفرديّ. التناقض حقيقيّ. التشابه أيضاً. «قصّة ثواني» يقع في تخبّط إنساني درامي: الأغنياء معذّبون كما الفقراء، وإن اختلف شكل العذاب، وأسبابه».

يُعرض الفيلم، حالياً، في ثلاث صالات هي: «سينما سيتي» (الدورة)، و«أمبير دون» (فردان)، و«إسباس» (الذوق).

كلاكيت

فلتان إعلامي

نديم جرجورة

لم يعد أسلوب العمل الإعلامي اللبناني مريحاً. صار خَطَراً على بقايا بلد وناس ومجتمع. تعاطيه مع الشأن العام سيئ. محتاج هو إلى تأهيل جذري. محتاج إلى قانون عصريّ يُحدّد آلية العمل، وأخلاق تُلزمه ممارسة جدّية. لا أقصد أخلاق المهنة فقط، وهذه أساسية ومُلزَمة، بل أخلاق أفراد وجماعات أيضاً. أفراد عاملون في وسائل إعلام، وجماعات مسيطرة عليها. في السياسة والاقتصاد، انعدمت الأخلاق. في شؤون العيش اليومي أيضاً. الإعلام مُصاب بفقدانها لخضوعه الدائم لسياسة واقتصاد فاسدَين. لمال سياسي وطوائف. أسلوب العمل الإعلامي اللبناني خَطَرٌ. استسهال ولامبالاة إزاء أمور ساخنة وجوهرية وحسّاسة. ادّعاء حرفية وهي منعدمة الوجود. تصنّع معرفة وخبرة وهما غائبان. هذا خَطَرٌ أكيد. هذه مصيبة مدمِّرة.
الإعلام اللبناني يتلاعب بمشاعر مشاهدين وعقولهم من دون محاسبة. يتفنّن بالتلاعب من دون رادع. يتحايل عليهم بإعطائهم ما يراه مناسباً له. يخدعهم بتقديمه لهم شيئاً يُشبه الوقائع، وأشياء تتناسى الحقائق وتُلغيها. يُتقن صناعة الخداع، لأنه لا يرغب في التنقيب الجدّي، والمثابرة الفعّالة على ملاحقة دقيقة وجدّية للمسائل. يتجنّب العمق، لعجز عن الفهم، أو لهدف تغييبي، أو لغرض سياسي أو طائفي أو مذهبي أو مالي بحت. الاستسهال سمته. أكاد أقول إن بهتانه وسطحيته ولامبالاته واستسهاله متطابقة كلّها وطبيعة الغالبية الساحقة من الناس والأشياء. متطابقة ومفهوم البلد في العيش. متطابقة واللحظة الراهنة، المتمثّلة بخراب وانهيار عظيمين.
غياب قوانين عصرية رادعة حصانةٌ لما يُمكن وصفه بـ«فلتان» إعلامي. التزام الإعلام طوائف ومذاهب وأحزاب حصانة إضافية له. إسرافه في تسطيح التعامل مع قضايا إنسانية وأخلاقية لا يُحتمَل. خفّة تعاطيه مع قضايا كهذه لا تُحتمَل. ينقضّ على مسألة إنسانية مثلاً فور حصولها. يُقدّمها كيفما كان. يُطارد صنّاعها والمشاركين فيها. ثم تخمد همّته سريعاً، فيتجاهلها وينصرف عنها، وإن ظلّ غليانها حادّاً. يكتفي من المسائل بهوامش، ليُعلن أنه أتمّ واجبه. ينسى أن ما يظنّه واجباً هو، عملياً، وظيفة تُشبه وظائف أخرى. وظيفة لها دوامٌ روتيني. هذا مؤذ. هذا قاتل. هذا فاقدٌ أبسط أصول المهنة. هذا فاقد أبسط مفردات أخلاق المهنة. فقدان هذه الأخيرة في الإعلام مزمن. فقدانها أفضى إلى تخبّط وعشوائية وفوضى وفلتان في أصول العمل الإعلامي. فقدانها انتقص من بقايا قيم وكرامات لدى أناس معلّقين بين فساد وموت وضياع وجنون وغربة. فقدانها دفع إعلاماً مرئياً إلى التهام جراح أناس يريدون حقيقة، فيصطدمون بتجاهل خانق من سلطة وإعلام وثقافة وسياسة. يريدون سلاماً ذاتياً، فتواجههم تنانين القتل والفساد والخراب والتزوير وتمييع الحقائق وتغييب الوقائع. الإعلام متورّط بهذه اللعبة المؤذية، بدلاً من مواجهتها. متورّط بمتاهاتها القاتلة، بدلاً من مقارعتها.
هذا جزء من المشهد. الإعلام اللبناني مرآة بلد غارق في موته، وموته قاتل. هو أيضاً غارق في موته، وموته قاتل.

«بعد أيار» لأوليفييه أساياس.. 

تداخل التوثيق والدراما

نديم جرجورة 

يعود المخرج السينمائي الفرنسي أوليفييه أساياس، في جديده «بعد أيار» (تبدأ عروضه التجارية اللبنانية بعد ظهر اليوم الخميس، في صالة سينما «متروبوليس» في «مركز صوفيل» في الأشرفية)، إلى مرحلة مضطربة في المجتمع الفرنسي. تداعيات الحراك الشعبي في أيار 1968 حاضرة في نفوس جيل شبابي باحث عن منفذ للخروج من طغيان السلطة. السلطة، هنا، متنوّعة: الأهل. العائلة. المدرسة. الإيديولجيا (وإن بالانتقال منها إلى إيديولوجيات أخرى). إلخ. بداية السبعينيات جزءٌ من التداعيات. أسئلة عديدة مطروحة. الشباب مرتبكون. متمرّدون. تائهون. الفن والقراءة والثقافة والسينما: عناوين مفتوحة أمامهم، وهم ذاهبون إليها. الجنس والحب والمخدّرات بأنواعها. الارتباك نابعٌ من غموض اللحظة. من انسداد الأفق. من الحصار المدمِّر. بداية السبعينيات شهدت استمراراً لحالة الغليان المتفتّق عن تحرّر ممتدّ في مناحي الحياة والسلوك والوعي

إحدى سمات «بعد أيار» متمثّلة باقترابه من التوثيق السينمائي المغلَّف بالفعل الدرامي (شارك في المسابقة الرسمية الخاصّة بالدورة الـ69 لـ«مهرجان البندقية السينمائي»، المُقامة بين 29 آب و8 أيلول 2012، وفاز بجائزة السيناريو). الحدّ الفاصل بين النوعين السينمائيين غير مرئي. جماليته واضحة. الشباب يقولون كلاماً مباشراً عن الجنس والفعل السينمائي وارتباط الثقافة والفنون بالنضال العماليّ الأمميّ. يقولون مشاعر ورغبات. يتصرّفون بعفوية مدفوعة من رغبة في التحطيم. من رغبة في جعل التحطيم مدخلاً إلى فرض حضور. أو إلى البوح بالذات وغليانها. التصوير أداة قول أيضاً. لقطات الألم والضياع بديعة بصمتها. بديعة بموسيقاها. الشباب متعطّشون للخروج من الكادرات أيضاً. غضبهم أقوى وأوسع. فوضاهم أيضاً. انغماسهم في ملذّات يظنّوننها خلاصاً. يرسمون ويمزّقون ما يرسمون. يرسمون ويحرقون ما يرسمون. يريدون المزيد. المزيد من كل شيء. الحرية. المعرفة. النضال. المواجهة. التحطيم. المخدّرات. لا ينسون الجسد ومتطلّباته. لا ينسون الروح وحاجاتها. لا ينسون أفق المقبل من الأيام ومتعها. لا ينسون أنهم هنا، في بداية السبعينيات (1971)، يستمدّون قوّتهم من رغباتهم. من أحلامهم. من خيباتهم. من جنونهم.

«بعد أيار» مرآة لحظة تاريخية إنسانية، بعين سينمائية.

السفير اللبنانية في

28/02/2013

 

المهرجانات السينمائية الشابة..

حركة إبداعية فى مواجهة التيارات التقليدية

كتب رانيا يوسف 

التغيير سنة الحياة ، والتغيير لا يتحقق إلا بالحرية ، والحرية  أساس الابداع ، والإبداع يتراكم عند أي فنان من خلال إيمانه بموهبته وتمسكه بحلمه وحماسه لتحقيق هذا الحلم، والحلم من شيم جيل الشباب الذي يطوع كل أدوات عصره ويروضها كي يحقق ما يحلم به.

استقبل البعض خبر إسناد إدارة مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة إلى المنتج محمد حفظي ببعض التحفظ والتوتر والقلق، اعتدنا أن من يتولي تنظيم المهرجانات السينمائية من يكتبون ويدرسون ويشاهدون السينما طوال العام، ومعظمهم كان إما ناقدا او مخرجا أو ممثلا، ولا حرج في تولي منتج شاب لإدارة المهرجان سوى أن يتقاطع عمله كمنتج مع عمله كمدير للمهرجان غن صادف وتم ترشيح فيلم من إنتاجه للمشاركة.

ولكن إن كان مستوي تنظيم المهرجانات السينمائية في مصر قد تراجع في السنوات الأخيرة وحتى قبل الثورة، فلماذا لا نضع القلق جانبا ونبدأ بخوض تجربة جديدة ربما تكون المكاسب فيها أكبر مما خسرناه فى الماضى.

المنتج محمد حفظي من جيل شباب السينمائيين المستقلين، ومن هؤلاء الشباب الذى لم ينتظر مشاريع الدولة في تنظيم الفعاليات الثقافية التي تدار معظمها بواسطة موظفين بيروقراطيين ليس لهم علاقة بصناعة السينما،

ولم ينتظر هذا الإذن أو الدعم ولم يقف في طابور الموظفين ليحصل على منحة من هنا أوهناك، لكنهم فتحوا آفاقا جديدة تناسب عصرهم وثقافتهم الأكثر انفتاحا رافضين مفهوم مركزية الدولة،وسلطة الاب، متخطين حدود الزمان والمكان التي تحاول ديكتاتورية النظم العربية السيطرة عليها وحجبها بما يتناسب مع توجهاتها.

اذكر منذ أكثر من خمس سنوات مع بداية انتعاش صناعة السينما المستقلة في مصر قام بعض الشباب بتدشين الدورة الأولى من مهرجان القاهرة للأفلام المستقلة، واقيم المهرجان وسط احتفال شعبي رائع، وكانت الأفلام المشاركة تقول إننا قادمون رغماً عن أي أحد يحاول أن يحجب أو يهمش هذا التيار.

وقد تفاجأ وقتها المسئولون عن تنظيم مهرجانات السجادة الحمراء بالنجاح والصدي الكبير الذي حققته الدورة الأولى من هذا المهرجان ،لا أتذكر تحديدًا إن كانت الدورة الأولى نظمت وقت انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي مثل الدورة الثانية التي تحدد لها موعد يتزامن مع فعاليات مهرجان القاهرة، مما أثار تخوفات الكثيرين من تجار السينما بخطف الاضواء من السجادة الحمراء.

و تم اغتيال المهرجان بالكامل من الجهات التي من المفترض أنها ترعى الثقافة السينمائية في مصر،والتي كانت ترى أن هذه الأعمال ليست  ذات أهمية ، ولكن أمام إصرار الشباب وتطلعهم لتقديم فن حر يعبر عنهم ولا يخضع لمعايير السوق التجارية ولا معايير الرقابة المنغلقة منذ سنوات، تكسر هذا الزمن الذي لم ير في صناعة السينما سوى الأفلام التجارية و ذيل فستان الفنانات.

بدأت العروض المستقلة تنتشر وتجوب كل محافظات مصر وتبنتها عدد من المراكز الثقافية مثل معهد جوته الالماني والمركز الثقافي الفرنسي ومراكز الجيزويت والساحات المختلفة التي كانت تنظم عروضا بشكل منتظم لهذه النوعية من الأفلام قليلة التكلفة، وطارت مع مخرجيها خارج نطاق المحلية وطافت دولا عدة، وحصدت جوائز متنوعة في مهرجانات سينمائية دولية.

ولم يعد ممكنا إلا أن تعترف الدولة وموظفو السينما الحكومية بوجودها ، ولم ينتظر  شباب المخرجين اعتراف الدولة بها، وطبقا لسياسة الحكومات الديكتاتورية ما لم تسطع قتله حاول ترويضه وإخضاعه لحكمك ومراقبتك وسيطرتك.

وبدأت مطاردة هذه الأعمال التي لم يحصل مخرجوها على تصريح بالتصوير من الرقابة، وكان أكبرها حدوتة فيلم "عين شمس" الذي تعامل بجواز سفره المغربي رغم هويته المصرية مائة في المائة فقط لمناورة الرقابة في مصر، ولم تجد وزارة القهر فائدة من التصدي لهذا الطوفان إلا باحتوائه، فبدأت تقيم عروضا في مراكز الإبداع وقصور الثقافة وتنظم ليالي عرض للأفلام التسجيلية والقصيرة.

بدأ مجموعة من الشباب في العام الماضي تنظيم مهرجان تحت اسم "مهرجان الفيس بوك للأفلام المستقلة"، وقاموا بطرح الأفلام التي تقرر مشاركتها في المسابقة علي موقع الانترنت بالاتفاق مع مخرجيها،وقد أعجبتني فكرة فتح طريق جديد لإقامة مهرجان قليل التكلفة لأفلام قليلة التكلفة أيضا ولمخرجين هواة منهم من يستخدم الكاميرا لأول مرة.

و شاركت في تحكيم بعض الأفلام التي شاهدناها جميعا على الانترنت، وها هي دورة جديدة للمهرجان تبدأ وبدعم أسماء كبيرة في لجنة تحكيم هذا العام، مثل الناقد د. وليد سيف، والمخرج أمير رمسيس،لم يعد مكان العرض معضلة عند هذا الجيل الذي كسر حيز المكان والزمان.

وبالتزامن مع الإعلان عن انعقاد الدورة الثانية من مهرجان الفيس بوك، يطوف مهرجان آخر وليد عدد من المدن المصرية التي لا تزورها السينما كثيراً، وهو مهرجان قبيلة الأول للأفلام الروائية القصيرة، هوأحد الأنشطة الفنية لمؤسسة قبيلة التي أسسها ويديرها شباب يعملون في مجال الإعلام مثل يحيي خالدي وحاتم سعد.

المهرجان ليس مجرد قافلة لعرض الأفلام القصيرة المصرية، لكن الشباب القائمين علي ترتيب المهرجان استحضروا مشاركات عربية وأوربية ، من لبنان والأردن وإسبانيا وألمانيا وغيرها،حيث استقبل المهرجان 244 فيلما، تم اختيار 15 فيلما للمسابقة،وقد عرضت الأفلام في الإسماعيلية والمنصورة والمنيا والإسكندرية ودمنهور والقاهرة،وستمنح لجنة التحكيم جوائز للمخرجين الفائزين تصل إلى 20 ألف جنيه جائزة أولى.

دعاني منظمو المهرجان لحضور العرض في القاهرة وكانت المرة الاولي التي أسمع عن هذا المهرجان رغم تتبعي المتواضع لمعظم الفعاليات السينمائية التي تقام في القاهرة،وكنت قد شاهدت بعض الأفلام المشاركة في الدورة السابقة لمهرجان الاسماعيلية وفي بعض العروض الأخري بالقاهرة، لم أتوقف عند المشاركات التي تباين مستواها الفني.

ولكن عند إمكانية إقامة مهرجان سينمائي، وما هو الغرض من اقامته وهويته وتحديد قيمة الجوائز، المهرجان رغم إنه ثري ماديا إلا أنه فقير تنظيمياً، ليس لديه وجهة محددة ، كما قال أحد منظميه "كنا نريد أن نصنع مهرجانا للأفلام القصيرة، ولم نمتلك الخبرة الكافية ولا الحرفية ولكن حبا في السينما صنعنا أول دورة بكل أخطائها التي سنحاول أن نتعلم منها ونتداركها فيما بعد".

ولماذا لا نصنع مهرجان يكون خاص بأفلام الهواة؟، ولماذا لا تمنح جوائز معنوية تساعد المخرجين على تطوير إبداعهم وعلى التواصل مع مهرجانات الأفلام القصيرة في العالم؟، ولماذا لا نستضيف مخرجا كبيرا ليعطي ورش لشباب المخرجين وينقل لهم خبرته؟، ولماذا لا تثقل عروضه ببرامج أخرى موازية للمسابقة الرسمية طالما الهدف من المهرجان هو عرض الأفلام للجمهور الذي لم يدرك أهمية وجود سينما قصيرة؟، ولماذا لا تقل لوزارة الثقافة أنكم أسستم مهرجانا دوليا للفيلم الروائي القصير دون الحاجة إليها؟.

جميعها أسئلة وجهتها للشباب الذي دشن هذه الفعالية السينمائية التي لو تعاملوا معها باحترافية واهتمام أكبر قد نعترف أنه ولد لدينا مهرجان دولي جديد للأفلام الروائية القصيرة في القاهرة عوضاً عن الذي تم اغتياله منذ خمس سنوات.

"سبيلبرج" رئيسًا للجنة تحكيم دورة "كان" القادمة

كتب رانيا يوسف 

أعلنت ادارة  "كان" اليوم عن اختيارها للمخرج ستيفن سبيلبرج لرئاسة لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة السادسة والستون من المهرجان السينمائي والذي يقام في الفترة من الخامس عشر وحتي السادس والعشرون من مايو المقبل.

وذكر جيل جاكوب رئيس "كان" أن المخرج ستيفن سبيلبرج هو من المشاركين المنتظمين في المهرجان بعدد من أفلامه منها Sugarland Express و Color Purple، مضيفًا : "طلبت من ستيفن عدة مرات تولي رئاسة لجنة التحكيم ولكن في كل مرة كان يجاوبني أنه مشغول بالتصوير، ولكن هذا العام جاوبني انه متفرغ لرئاسة المهرجان".

يشار إلى أن سبيلبرج 27 فيلماً من اشهرها فيلم "إنقاذ الجندي ريان" (Saving Private Ryan، 1998) و تقرير الأقلية (Minority Report 2002) أو "إمسكني إن استطعت" (Catch Me if You Can 2002) و "حرب العوالم" (War of the World 2005) و"مغامرات تانتان: سر وحيد القرن" (The Adventures of Tintin : Secret of the Unicorn، 2011) وهو أول فيلم له بالأبعاد الثلاثة.

البديل المصرية في

28/02/2013

 

فيلم عن الشاعر عبد الوهاب البياتي

عبدالجبار العتابي 

بغدادتجري استعدادات اولية لانتاج فيلم سينمائي وثائقي عن الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية، تأليف الكاتب فاروق محمد، وسيتصدى لاخراجه المخرج نزار شهيد الفدعم، ويعد هذا الفيلم الاول عن الشاعر الذي رحل عن الدنيا في دمشق عام 1999عن 73 عاما، حيث يعد واحدا من أربعة أسهموا في تأسيس مدرسة الشعر العربي الجديد في العراق (رواد الشعر الحر) وهم على التوالي نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وشاذل طاقة.

وقال المؤلف فاروق محمد: عن عبد الوهاب البياتي صدرت كتب ولكن لم ينتج عنه فيلم وثائقي او تسجيلي يؤرخ فيه تاريخ حياة هذا الشاعر الكبير وما قدم من نتاج ادبي، والبياتي يعد شاعرا عالميا لانه دواوينه الشعرية ترجمت الى العديد من اللغات العالمية فضلا عن كون شهرته عالمية فعلا، وهو من جيل السياب ونازك الملائكة، اصحاب التجديد في الشعر، وليس ابتكار الشعر الحر فقط، فهناك تجديد فكري كما نعرف للشعر.

وأضاف: الفيلم فيه تغريب، فيه فنطازيا، كان في ذهني وانا ارسم السيناريو ابو العلاء المعري في رسالة الغفران، هذه الجولة التي عملها على لسان ابن القارح في الجنة والنار والتقائه بالشعراء ومناقشتهم، وفق هذه الاجواء كتبت هذا الفيلم، كما ثبت في الفيلم لقاءات البياتي مع الشعراء القدامي وكيف تأـثر بهم وكيف نافشهم وناقش شعرهم، وذكرت ايضا المرحلة المهمة من حياة البياتي، مرحلة منطقة (باب الشيخ)، التي ولد وعاش فيها،وهذه الاجواء الدينية التي جعلته يكتب عن جلال الدين الرومي وغيره، الفيلم بمجمله يؤرخ لفكر عبد الوهاب البياتي لشعره اكثر من حياته، بدون السرد الذي يشير الى انه ولد في بغداد عام 1926 ودرس في دار المعلمين العالية،وغير ذلك، هذا موجود لكنه مبثوث، يعني انا قدمت سيرة ذاتية فيها تغريب وفنطازيا ولكننا نجد فيه البياتي من خلال شعره التي يحتمل هذا، فمن يقرأ شعره لا يجد فيه هذه النمطية في الفكر ولا النمطية بصياغة القصيدة، فقصائده تجعل القاريء يذهب الى تلك الاجواء، والمخرج نزار الفدعم من الذين سعوا ان يتقدم هذا الفيلم ووقف معي، فله دور كبير، فهو الذي شجعني، كما انه سعى الى تقديمه الى دائرة السينما والمسرح اكثر مني، خاصة انني أصبت بالاحباط وتوقفت عن الكتابة للتلفزيون فأحيانا يشعر الانسان باللاجدوى، صار عندي تعب، ولكن هذا الفيلم ان شاء الله يعيد لي النشاط

وتابع موضحا: الفيلم ما بين الرواية والوثيقة،مدته تتراح ما بين 40 – 45 دقيقة، ذكرت فيه الكثير من قصائده، افترضته يتناقش مع المتنبي وابن الرومي والجواهري ولميعة عباس عمارة فيلقي شيئا من شعره، اوان يكون الشعر خلفية لحدث مر به، ذكرت علاقاته مع المرأة، وقد استفدت من ديوانه (بستان عائشة).

وأكد الكاتب: ليس كل التفاصيل في حياة الشاعر تناولتها، لان حياته طويلة وتنقلاته كثيرة ودواوين شعره عديدة، هو ليس مسلسلا تلفزيونيا كي اذكر به كل التفاصيل، بل تناولت لمحات مهمة وقبسات مؤثرة

وختم حديثه بالقول: وجدت ان الرجل لم يكتب عنه احد بتفصيل، وهو منسي من بعض الجهات، فهناك اجيال من الشباب لا يعرفونه مثلما يعرفون السياب على سبيل المثال، على الرغم من المساحة الزمنية التي عاشها وعلى الرغم من المسافة الابداعية التي قدمها.

- See more at:

http://www.elaph.com/Web/Culture/2013/2/795911.html?entry=cinema#sthash.LQTVTqp0.dpuf

إيلاف في

28/02/2013

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)