حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"هي دي مصر؟ دي مش مصر"، تقول هالة لطفي!

هوفيك حبشيان

 

"الخروج للنهار" هو الفيلم الذي برزت به المخرجة المصرية هالة لطفي هذه السنة، وحازت عنه جوائز في مهرجانات ابو ظبي وقرطاج ووهران، وسيُعرض في برلين خلال شباط المقبل. هذا الشريط الحميمي، النابع من تجربة شخصية مؤلمة، الذي يصوّر آخر أيام سقوط ابّ، يعتمد نهجاً معاكساً لنموذج سينمائي سائد روّج للرخص والانحطاط في السينما المصرية على مدار عقود من الزمن

هذا أول فيلم روائي طويل لكِ: من أين جئتِ الى السينما؟

- درستُ الاقتصاد والعلوم السياسية في الكلية التي كانت رمزاً للسياسة المصرية على مدار سنوات طويلة (ضحك). كل السياسيين التابعين لحسني مبارك كانوا اساتذة عندنا في الكلية. كانوا مهندسي عملية التوريث. ثم دخلتُ معهد السينما، قسم الاخراج، وتخرجتُ عام 1999 وعملتُ لثلاث سنوات مساعدة مخرج في السوق التجارية، واشتغلتُ كذلك لمصلحة عدد من الاساتذة في المعهد، منهم مجدي احمد علي. وكانت الأوضاع لطيفة لأنهم اناس يمكن اقامة حوار محترم معهم. بعد تجارب عدة، قررتُ ان اقطع علاقتي بالسوق التجارية كونها مضرة إضراراً فظيعاً. العمل فيها يُدخل في مجموعة تصورات عن المهنة وعن النحو الذي تعبّر فيه عن نفسك بأدوات معينة. مع الوقت تنهزم هذه التصورات، عندما ترى كيف يعمل الناس بطريقة واحدة ويقلد بعضهم بعضاً. هناك استثمارات كبيرة، لكن كان عندي شعور دائم كأن من المقصود أن يكون لنا في مصر صناعة رديئة. وكان هذا جزءاً من حلقة المهانة السياسية والاذلال الذي تعرض له الانسان المصري. كأنه كان عليه دائماً ان يعمل ويتعلم بشكل "وحش" وأن يرى افلاماً "وحشة". ليس هناك شرح غير هذا، وخصوصاً ان استثمارات خليجية كثيرة كانت تهدف الى اعتناق المواهب الرديئة فقط. كان هناك رغبة متواصلة في تكريس أسوأ النجوم

كثر اعجبوا بفيلمك، لكن قالوا عنه بعد خروجهم من الصالة: هذا لا يشبه السينما المصرية الحالية...

- السينما المصرية الحالية لا تشبه مصر. هل هذه الأفلام هي مصر؟ هل الأفلام التي يظهر فيها أحمد السقا وأمثاله من النجوم ببدلاتهم الفارهة ومسدساتهم الغبية والمطاردات الأميركية والحوارات الكاذبة، هل هي دي مصر؟ دي مش مصر! هذا هو الشكل المصطنع للسينما الذي يريدون تصديره واعتماده

ما الذي يزعجك؟

- تزعجني القطيعة مع موضوعاتنا الحقيقية التي من المفترض ان نعمل عليها. صناعة السينما في مصر قطعت شوطاً كبيراً حتى ثمانينات القرن الماضي مع جيل مغامر جداً. ومن العار ان نقول الآن انه لدينا صناعة وليس لدينا فنّ

على رغم اهتمامك بالواقع المصري، فإنت فضلتِِ التصوير الداخلي، ولا نرى الشارع المصري الا في الجزء الأخير...

- في وقت من الأوقات، وعندما بدأنا بمرحلة الكتابة، كنت غارقة في اليأس التام. تطوعتُ في صناعة الأفلام التسجيلية لحركات مقاومة ضد الفساد. لم يكن هناك بصيص أمل. كنتُ اشعر اننا سجناء في مكان ما، وهذا المكان تنعدم فيه الفرص والاحتمالات. حتى التواصل بين "السجناء" لم يكن ممكنا. كان سجناً مزدوجاً. اتكلم على الصعيدين الشخصي والجماعي. لم يكن هناك مشروع يجعلنا نتحمل هذا المصير غير الشريف. الاستثمارات الخليجية المكرسة لصناعة فنّ هابط، كانت تريد اذلال المشاهد. بالنسبة إلى فيلمي، جوابي انك تكون مهموماً بظرف جغرافي أو محلي معين عندما تشعر بأنك مضطر إلى اظهار شيء ما، لكنني لم أكن مضطرة إلى اظهار أي شي. "الخروج للنهار" يتكلم عن هموم بسيطة لمواطنين مصريين، ولم يكن هناك ضرورة كي أخرج بالكاميرا الى الخارج

واضح هذا الاحساس بالانغلاق والسجن في الفيلم. السؤال الأخير الذي نسمعه "أين سنقبر الأب؟" يثير فيّ سؤالاً آخر: ألم تكن الشخصيات مقبورة اصلاً؟

- عندي صديق سويسري عاش 12 سنة في مصر، فاستاء كثيراً مني عندما شاهد الفيلم، وقال: "هذه ليست مصر، هذه ليست القاهرة". وتابع: "أنا أحبّ القاهرة وانت جعلتِها مدينة قبيحة" (ضحك). في البدء، كنتُ اريد فيلماً تسجيلياً لكنني خجلت، لأنه من غير الجائز أن تصور أحداً وأنت تعلم انه يموت، هذا كان يتطلب شجاعة كبيرة لا أملكها. كان هذا موضوعاً يشغل بالي كثيراً كونه أكثر المواضيع شخصية، لكني كنتُ اريد التعبير عنه بمادة روائية. كانت الشخصيات موجودة وكل واحد من طاقم العمل اضاف اليها شيئاً، قطعة أكسسوار أو كآبة ما. على مدار اربع سنوات، الزمن الذي استغرقه انجاز الفيلم، فقدنا اناساً مقربين جراء الموت، فلم يعد الموضوع "ميتافوراً" بل أصبح واقعاً مجسدا. لكن الامل الحقيقي كان في اعتبار هذا الشيء منطلقاً وليس وضعاً نهائياً. كنتُ اريد ان يدخل الأمل الى الفيلم من مكان ما، لكني كنتُ اعرف مدى صعوبة تحقيق هذا الشيء. شخصياً، لستُ على قدر من التفاؤل والأمل، لكني ظللتُ أؤمن بفكرة الخروج بالمعنى الفرعوني القديم، اي الخروج الى حياة جديدة

كيف تأثر الفيلم بالحوادث التي هزت مصر على مدى السنتين الماضيتين؟

- لم يكن للثورة أي تأثير فيه. باستثناء ان الفيلم كان اسمه "الجلطة"، فصار "الخروج للنهار". "الجلطة"، كان ابن اليأس المطلق. الظرف الذي كنا نمر فيه يشبه الجلطة، يعني التوقف التام لكل مظاهر الحياة. كنتُ اعيش هذا بمنتهى العنف. قبل الثورة كنا كلنا في انتظار معجزة. فكرة الخروج الى النهار جاءت من الرغبة في اقتناص بعض الأمل

هل يمكن اعتبار كل من الأب والأم تجسيداً لمصر التي تنهار امام الابنة التي هي تجسيد لجيل لا يستطيع ان يفعل الا القليل؟

- الأب هنا هو العمود الفقري غير الموجود. هو يجبرك على أن تبحث عن حياة اخرى في الخارج. يمكن اعتباره رمزاً الى حدّ ما، ولكن في المقابل، ما يمنعني من اعتباره رمزاً، انه لا يعكس ايّ سلطة أبوية.

خيار عدم الإذعان الى حبكة قصصية معينة، هل فرض نفسه منذ البداية؟

- أحبّ ان تشبه أفلامي الدنيا التي نعيش فيها (...). ظللتُ انتظر فترة طويلة لأجد لحظة تنوير عند البطلة في مشهد المقام، لكن لا جدوى. على الصعيد الشخصي، عندما دخلتُ لحظة محنة لم اجد لحظة تنوير. "ما فيش لمبة نوّرت في دماغي"، في الدراما العنيفة التي حصلت في حياتي

السينما المصرية في زمن الثورة:

متى يسقط شعار "الجمهور عاوز كدة"؟

هوفيك حبشيان 

لنصارح أنفسنا قبل ان يصارحنا العالم: ما يحصل في مصر على هامش الثورة، يعيد ترتيب الأوراق في مجال السينما وقد يفرز في قريب عاجل عقلية جديدة في التعامل مع الشاشة. جغرافياً، هذه المستجدات تعيد موضعة مراكز الثقل في سينمات العالم العربي، لمزيد من الدمقرطة في توزيع الأصوات والمواهب والأولويات الجمالية. صناعة الصورة لن تبقى في يد طرف واحد بعد اليوم. اعترفنا بذلك أم لا، خطفت مصر صورة العرب على مدار عصور، واستمرت حكاية الغرام تلك بين العرب والسينما المصرية من أيام الأفلام الغنائية وصولاً الى حقبة الافلاس الفني الكبير. استعار العرب من تلك الأفلام فانتاسماتهم، وأعجبوا بحسن هندام الأبطال وتمايلوا على ايقاع الراقصات. أدبيات تلك السينما، الأفكار التي تناقلتها واللغة التي نطقت بها، صارت الى حدّ كبير اللغة المشتركة بين سائر الناطقين بلغة الضاد. اذا تعذّر على اللبناني ان يفهم ما يقوله المغربي، لجأ الأخير الى لغة المسلسلات والأفلام المصرية. قلة انتبهت الى أن هذه السينما لا تعبّر عن الواقع المصري. لا هي هرب مجدي من مرارة الأيام وقرف السياسة، ولا هي انعكاس لبيئة عربية معقدة. عام 2011، حصل ما لم يكن في الحسبان: انهار الخوف في مصر، صعد إلى السلطة، ما كان راكداً الى الآن في الخفاء، في عتمة الأديان والتطرف. دقّ الفنّ ناقوس الخطر. انجلى الغبار عن حقائق كثيرة كانت تنتظر النقاش منذ زمن بعيد، وبتنا فجأة أمام الحقيقة العارية. في المقابل، أزمة كبيرة في مواكبة الواقع أطلت برأسها. تعبّر هذه الصفحة التي أمامكم عن بعضها. بالرغم من هذا كله، هناك شيء يتأكد يوماً بعد يوم، ان السينما لن تعود في بلاد الاهرامات الى ما كانت الحال عليه قبل "ثورة يناير". لم تعد مصر مركز الكون سينمائياً. تملّق الشعب في الفنّ لم يعد مجدياً. لم يعد في الامكان الاستمرار بمنطق "الجمهور عاوز كدة". السينما المصرية في حاجة الى نفضة شاملة تبدأ على يد ألمع مخرجيها الشباب، وتقفز فوف الاعتبارات التاريخية وشوفينية ملوك الكومبينات، ليس بهدف اعادة تلك السينما الى المكانة التي كانت تشغلها في قلوب الناس، بل لأجل ادخالها الى عقل القرن الحادي والعشرين.  

hauvick.habechian@annahar.com.lb

محمد خان:

الرقابة الدينية أكثر تخلفاً...

"بالطبع، عندي قلق تجاه المستقبل. لكن، حتى لو حاولوا محو افلامي الماضية، فهي في النهاية أفلام عُرضت والناس شاهدوا هذه الافلام. لحسن الحظّ هناك التكنولوجيا التي تحتفظ بذاكرتنا الى الأبد. في مصر، الرقابة كانت دائماً موجودة، ولكن كنا نعرف كيف نتحايل عليها. هذه الرقابة نمّت فينا رقيباً داخلياً. لكن الرقابة الدينية أكثر تخلفاً من الرقابة المدنية. نحن في صدد العودة الى الوراء مئات السنوات! الرقابة الدينية مبنية على غسل الدماغ. وهي تتبنى قاعدة "تولدت كده وتبقى كده"، وليس عندك الحقّ في أن تفكر. يعني أنا مثلاً، الذي ولدتُ مسلماً، لطالما اردتُ أن يتم حرق جثتي عندما أموت. لكن في الاسلام، هذا ممنوع. "يعني ايه ممنوع؟" هذا جسمي انا يا أخي.

كي يقدر الفنّ، ينبغي للمشاهد أن يكون شبعاناً. لم تقم ثورات في العالم بسبب أفلام. ليس هناك من فيلم واحد صنع ثورة. الأفلام تنقل حالات معينة وتعبّر عنها. أما التغيير فقد يأتي نتيجة التراكمات. الفيلم يثير قضية لكنه لا يغيّر واقعاً. في لحظات مماثلة، لا افكر. لا أفكر اذا كنتُ فناناً أو مواطناً. اعيش اللحظة. استمتع بصناعة الفيلم. مثل الرسام الذي يستمتع برسم لوحته. أنا لستُ ضدّ أفلام وثائقية عن الثورة، لكني ضدّ أفلام تبدي رأياً ما في قضية ما، وخصوصاً في مرحلة مبكرة. أعتقد أن هذه الثورة لم تكتمل. لذا، لا نستطيع أن نخرج بأحكام بهذه السرعة. يجب الانتظار والتأني، كي تستطيع السينما أن تهضم الحدث وتعبّر عنه بشكل صحّ". 

النهار اللبنانية في

27/12/2012

محاكم وخوف على حرية التعبير

شريف الرملي * 

في العام الثاني لـ"ثورة 25 يناير"، شهدت الحياة السينمائية في مصر العديد من المفارقات والصراعات والأحكام القضائية، حيناً تدين الفنانين وحيناً آخر تدين الهجوم عليهم وعلى حرية الفنّ والخلق الجمالي

أبرز تلك القضايا هي التي أقامها محامٍ متأسلم ضد عادل إمام، بدعوى إزدراء الأديان. ففي خضم الصراع بين الدولة الدينية التي يؤسس لها "الإخوان المسلمون" في مصر، وحرية التعبير التي يناضل من أجلها الفنانون المصريون، جاءت هذه القضية لتزيد مخاوف السينمائيين من أن تمتد يد الذين احترفوا الدين والسياسة، إلى المجال الفني. في النهاية، وبعد إدانة إمام مرتين والحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وتغريمه عشرة آلاف جنيه مصري (ما يقارب ألفي دولار)، تمت تبرئته أمام محكمة الإستئناف. ثمة ظاهرة اخرى برزت أيضاً في مصر. للمرة الأولى في التاريخ، رأينا تلاسناً وشتماً علنياً وتشهيراً وتحقيراً للممثلات، حتى وصل الأمر مرة أخرى إلى أروقة المحاكم. لم يجد عبدالله بدر، أحد مدّعي التدين، سبيلاً للشهرة سوى الشتم العلني لإلهام شاهين، بل كرر ذلك مع ليلى علوي. لكن القضاء المصري انتصر لشاهين وأدان الرجل

سيشهد التاريخ أيضاً أنه في بداية عصر الدولة الثيوقراطية، في 2012، وقعت الطامة الكبرى حين أحرق عدد من الغوغاء تمثال أول عميد لمعهد السينما وأحد روادها العرب، المخرج محمد كريم (1896-1972). حامت الشبهات حول بعض المتزمتين الذين احرقوا التمثال بعدما طالبوا بنقله وهددوا بتكسيره. الغريب أن تقرير المعمل الجنائي جاء ليقول بأن حرارة الشمس هي المسؤولة الوحيدة عن حرق التمثال المحاط بكم هائل من الخيش والشمع!

من مفارقات 2012 أيضاً، أن يكون القائمون على ما عُرف بـ"الفيلم المسيء للرسول" من المصريين المهاجرين في أميركا. وهو الفيديو الذي أثار بعض المسلمين في مناطق عدة من العالم. بغض النظر عن هذا الفيلم وهو ليس بفيلم في الأساس، وبعد تلك الإحتجاجات، يبقى السؤال: هل كانت السينما أداة في يد بعض المتطرفين أم الضحية؟ في الأثناء، انتصر أحد مشايخ السلفية، الشيخ أسامة القوصي (صهر خالد الإسلامبولي وعبد الحميد عبد السلام قاتلي الرئيس أنور السادات)، للفنّ السابع، حين أفتى بأن الإستعانة بمشاهد الرقص في الأعمال الدرامية ليست حراماً. بل ذهب أيضاً إلى إباحة القبلات وتلامس جسدي المرأة والرجل في السينما. ودعا الله بأن يحشره مع يسرا في الجنة، كما صرح بأن لا مانع لديه بأن تمتهن إبنته الرقص! في الحقيقة، كان الشيخ القوصي أول سلفي يشيد بالسينما بل ويجيز مهنة الرقص في بلد يحاربها ويعتبر الراقصة مرادفاً للعاهرة!

من المؤكد علمياً أن السينما كوسيلة إتصال، تأخذ دائماً صبغة المجتمعات التي تنتجها، وهذا ما يجعل لكل بلد خصائصه السينمائية. في ظل أجواء سياسية متقلبة ومتشنجة، من الطبيعي أن تتطبع السينما بتلك الأجواء، فتعبّر عن الجوّ العام وتعكس طموح الجماهير. لكن يبدو أن السينما المصرية لم تختر بعد طريقها، فتبدو تارة ثائرة وطوراً فاقدة الوعي. لذا، فإن تراجع الجمهور عن دور العرض وتردّي بعض الأعمال السينمائية وافتقار غالبها إلى الخلق، كان له عظيم الأثر في تراجع الإنتاج السينمائي المصري، تالياً ضعف المبيعات واحتجاب الجمهور عن اقتحام الصالات المظلمة. هذا بالإضافة إلى الأحداث السياسية اللاحقة التي أطاحت حسني مبارك وحكومته وحال عدم الإستقرار في المجتمع، ناهيك بالإحباط العام... 

وفقاً لتقرير "غرفة صناعة السينما"، أنتج القطاع السينمائي في مصر هذه السنة 24 فيلماً بأرباح فاقت الـ90 مليون جنيه. نلحظ الزيادة الطفيفة في الإنتاج من حيث عدد الأفلام مقارنةً بعام الثورة (2011)، بـ102 مليون جنيه أي بزيادة 12 مليوناً عن السنة الحالية. أيضاً في 2012، منعت "غرفة صناعة السينما" عرض الأفلام الأجنبية في موسم عيد الأضحى، تلبية لرغبة صنّاع السينما الذين أقلقهم غزو الدراما التركية للتلفزيون، والترويج لأفلام سينمائية تركية على حساب الأفلام المحلية، ما دعا إدارة الغرفة الى اصدار هذا القرار وهو يُعدّ نوعاً من دعم تلك الصناعة من جانب المهنيين القائمين على شأنها.

في الخاتمة، عشية انتهاء سنة حافلة بالاحتفاء الدولي بسينما مصر تخللتها جوائز وتقدير لصنّاعها (عُرضت أفلام مصرية في اهم ثلاثة مهرجانات، كانّ وبرلين والبندقية)، نلفت الى ان الأمر المبهج في سينمانا في العامين الآفلين، هو التعددية في المطروح في السوق الفني، وخصوصاً الإنتعاش الجزئي للسينما الوثائقية التي عادت بقوة إلى الواجهة بفضل "الربيع العربي". 

* باحث في تاريخ السينما المصرية، جامعة السوربون

النهار اللبنانية في

27/12/2012

 

سينما 2012 اللبنانية..

النوعية ذاتها والمحلي يصبح إنسانياً

نديم جرجورة 

عشية انتهاء العام 2012، يُمكن التوقّف عند الحركة الإنتاجية السينمائية اللبنانية، داخل البلد وخارجه. حركة يزداد عدد إنتاجاتها، في مقابل ثبات شبه كامل للنوعية إزاء الكَمّ. ارتفاع عدد الأفلام «اللبنانية» المنجزة في لبنان وخارجه لا يعني ارتفاعاً في النوعية. هذا واقع. أضع تعبير «اللبنانية» بين مزدوجين للإشارة إلى أن أفلاماً عديدة أنجزها لبنانيون مهاجرون، بأموال أجنبية أو عربية. جنسية الفيلم مرتبطة بمصادر الإنتاج. المشاركة في إنتاج هذا المشروع أو ذاك تمنح الفيلم جنسيته. لكن المضمون والمعالجة يمنحاه هويته

لبنانيون عديدون مقيمون في المهاجر حقّقوا أفلاماً عن بلدهم. أو عن حكايات لبنانية هنا وهناك. أو عن مواضيع أعمّ وأشمل. أبرز هؤلاء، حالياً، زياد دويري. اختار رواية للجزائريّ ياسمينا خضرا بعنوان «الصدمة»، جاعلاً منها فيلماً سينمائياً (بالعنوان نفسه) مرتكزاً على سؤال الهوية والانتماء في فلسطين المحتلّة. يوسف الديب قدّم فيلماً روائياً طويلاً بعنوان «تقاسيم الحب»، اشتركت في إنتاجه مؤسّسات عربية وأجنبية في كندا ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدّة. تعاون مع ممثلين لبنانيين هما دارين الخطيب ونيكولا معوّض. اللهجة لبنانية. لكن الموضوع إنساني عام: قصّة حب بين شابين، وتفاصيل من حياتهما اليومية المفتوحة على أسئلة الانفعال والتفكير والعلاقات والاهتمامات. ماريان زحيل وُلدت في لبنان في العام 1969. بعد ثمانية وعشرين عاماً، انتقلت إلى كندا. حقّقت أفلاماً وثائقية. عملت في المجالين الإعلامي والصحافي. أنجزت «وادي الدموع» في العام 2012، بتمويل كندي بحت. تناولت موضوعاً إنسانياً أيضاً: علاقة صحافية كندية بشاب فلسطيني مولود في مخيم فلسطيني في لبنان.

هذه نماذج حديثة الإنتاج، يُقابلها إنتاج لبناني صرف، تمويلاً ومواضيع واشتغالات، وإن شاركت مؤسّسات وصناديق دعم عربية وأجنبية في صنعه: «عصفوري» لفؤاد عليوان و«قصّة ثواني» للارا سابا مثلاً. في الجانب الوثائقي، هناك «ليال بلا نوم» (إنتاج مشترك بين لبنان والإمارات العربية المتحدّة وقطر وفلسطين وفرنسا) لإليان الراهب، و«أبي يُشبه عبد الناصر» (إنتاج لبناني بحت) لفرح قاسم، و«عندما يأتي الظلام» (إنتاج لبناني لحساب «الجزيرة الوثائقية») لسينتيا شقير، و«رجل خطير جداً» لمازن خالد، و«إيقاع الفصل الثالث» لماريا عبد الكريم، و«خلفي شجر الزيتون» لباسكال أبو جمرة. الأفلام الثلاثة الأخيرة روائية قصيرة، ذات إنتاج لبناني. هذا تنويع إنتاجي يترافق وتنويعاً درامياً وجمالياً. الروائيان الطويلان لعليوان وسابا غائصان في حكايات محلية. المحليّ قادرٌ على أن يكون أعمّ، لأنه إنسانيّ. الذاكرة والحرب الأهلية والراهن ركائز «عصفوري». البؤس والفقر المدقع والثراء الناقص ولقاء الأقدار ركائز «قصّة ثواني». الحكايات المروية في فيلم فؤاد عليوان متشعّبة. لكن أبطالها مرتبطون بعضهم مع البعض الآخر بطريقة أو بأخرى. الحكايات المروية في فيلم لارا سابا منطلقة من ارتباط كهذا. المحليّ الفاقع بمحليّته سمة «عندما يأتي الظلام». وثائقي تلفزيوني سلّط الضوء على أزمة الكهرباء في لبنان. «خلفي شجر الزيتون» محليّ هو الآخر. لكن محلّيته منطلقة من سؤال الارتباط/ الصدام بين شريحة من اللبنانيين وإسرائيل. إسرائيل حاضرة في «الصدمة» لزياد دويري أيضاً. لكن، من وجهة فلسطينية. الفيلم القصير لأبي جمرة طرح سؤال «العمالة» اللبنانية لصالح دولة عدوّة، انطلاقاً من راهن لا يزال عاجزاً عن وضع أسس جذرية لحلّ هذه المعضلة. الفيلم الطويل لدويري سار في «حقل ألغام». لكنه برع في عبوره من دون انفجارات. طرح سؤال الهوية. ناقش مسألة الانقطاع عن الأصل. قرأ تداعيات التداخل المعقّد والصعب والملتبس بين «كيانين» عدوين. لا أحكام قاطعة في «الصدمة». إنه مسار طبيب جرّاح، فلسطيني إسرائيلي، وجد نفسه فجأة أمام مأزق: انقطع عن فلسطينه، وبات إسرائيلياً. لكن زوجته الفلسطينية ظلّت فلسطينية. تنفيذها عملية استشهادية/ انتحارية في تل أبيب وضعه أمام هذا السؤال/ المأزق

الشابة فرح قاسم اختارت إحدى أبرز سمات الفيلم الوثائقي اللبناني الحديث شكلاً لعملها «أبي يُشبه عبد الناصر»: العلاقة بأحد أفراد العائلة، والذهاب معه، عبر الكاميرا وبفضلها، إلى أمكنة حميمة في الذاكرة والحاضر. في المكان والزمان. في الحياة والموت. لم يكن فيلماً عن الأب فقط. الأب أساسي في الفيلم الوثائقي القصير هذا. الكاميرا رافقته. لكن فضاءات أخرى شكّلت منعطفات وحكايات. هناك الأم. هناك طيف الأم بالأحرى. هناك العلاقة بالخادمة. بالجيران. بالمدينة (طرابلس). فرح قاسم ظلّت في طرابلس. مثلها فعل مازن خالد. اختار بيروت ليروي شيئاً من مناخاتها، في الراهن اليوميّ. مدينة مشغولة بنفسها ربما. أو منشغلة عن نفسها بهوامش عديدة. مازن خالد رسم ملامح معروفة لمدينة معروفة. لشارع في المدينة (الحمرا). لتفاصيل متنوّعة: أناس منشغلين بعيشهم. ناشط سياسي مُلاحَق. حقيبة. مقهى. المجهول. هذا كلّه مختلف عن مناخ «إيقاع الفصل الثالث». ماريا عبد الكريم أنجزت عملاً أول: عن شابّة في العشرين من عمرها. عن حلم ورغبات ووقائع.

لا يُمكن لهذه النماذج أن تختزل واقع الحركة السينمائية الحالية في لبنان. هناك عناوين عديدة. هناك مشاريع أيضاً. الأفلام الروائية الطويلة الثلاثة («الصدمة» و«عصفوري» و«قصّة ثواني») تبدأ عروضها التجارية المحلية في الأسابيع الأولى من العام المقبل. القراءات النقدية مهمّة. لكن «الاستقبال الشعبيّ» لثلاثة مواضيع كهذه لا يقلّ أهمية. مأزق الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة لا يزال كما هو: صعوبة واضحة في الوصول إلى المُشاهدين السينمائيين. الوثائقيّ يُعرض، أحياناً، على الشاشة الصغيرة. الروائي القصير وجد له منفذاً عبر تجربة لا تزال تخوضها المحطة التلفزيونية اللبنانية «أم. تي. في.»، متمثّلة بعرض بعض النتاجات مساء كل أحد

هذه نماذج. جزء من صورة أكبر وأوسع أيضاً

«رؤية سينمائية»..

مجلة إماراتية للنقد ومواكبة المهرجانات

نديم جرجورة 

إنها مغامرة. إصدار مجلة سينمائية مغامرة محفوفة بتحدّيات ومخاطر، في بلاد عربية لا تقيم وزناً لكلمة، أو لحماسة إبداعية. مغامرة كهذه هي، فعلاً، ثلاث مغامرات في آن واحد: إصدار مجلة سينمائية في دولة عربية، بحدّ ذاته، مغامرة أولى. إصدارها بنسخة ورقية، في زمن الانتشار الكثيف لمواقع التواصل الاجتماعي، مغامرة ثانية. إصدارها في بلد لا يزال يعاني نقصاً فادحاً في البناء السينمائي المتكامل، مغامرة ثالثة

شباب إماراتيون التقوا في إطار الحماسة الواضحة لصناعة سينمائية في بلدهم. أسّسوا، ذات مرّة، «الرؤية السينمائية للإنتاج الفني والتوزيع». محاولة لحشد طاقات فردية في كيان جماعي، بحثاً عن وسائل متنوّعة للإنتاج السينمائي. لا ادّعاءات ولا تصنّع. يُدركون المآزق الجمّة التي تواجه ولادة حقيقية لسينما لا حدود لها إلاّ الإبداع، ولا قوانين تحدّد مساراتها إلاّ الجماليات المفتوحة على الأسئلة كلّها. هذا صعبٌ. هذه مغامرة أيضاً. لكنهم مثابرون. يتدرّبون على أنفسهم. يُشاهدون ويتواصلون. يسمعون ويقولون ويناقشون. يدأبون على تثبيت مكانة لهم في المشهد السينمائي المحلي والخليجي أولاً. في المشهد السينمائي العربي ثانياً.

الإنتاج والإخراج والاشتغالات السينمائية المتفرّقة هاجسهم. بعضهم انتقل إلى الكتابة. أصدر مجلة أسماها «رؤية سينمائية». عنوانها: «مجلة إماراتية شهرية تُعنى بشؤون السينما». أي أن ركيزتها الأولى كامنةٌ في تحويل النص النقدي إلى حيّز لمزيد من النقاش والتواصل. أي أن نواتها جامعةٌ العمل الصحافي بالسجال النقدي. العدد الثاني (كانون الأول 2012) يُساهم في توضيح الـ«رؤية» التي يريدون. تزامن صدور هذا العدد مع إقامة الدورة التاسعة (9 ـ 16 كانون الأول 2012) لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي». تماماً كتزامن العدد الأول مع إقامة الدورة السادسة (11 ـ 20 تشرين الأول 2012) لـ«مهرجان أبوظبي السينمائي». هذا عمل صحافي. تخصيص حيّز بالمهرجان ضرورة ثقافية. المهرجان بات في عمر يتيح نقاشاً جذرياً حول بناه وأهدافه وهويته. حول واقعه وتطلّعاته. لكن العدد لا يقف عند هذا. المجموعة المعنية بإصدار المجلة (رئيس التحرير: عامر سالمين المري. المدير العام: سعيد سالمين المري. سكرتير التحرير: محمد علي أحمد. هيئة التحرير: حاتم يعقوب وعبد الله خميس) منفتحة على الحراك السينمائي الإماراتي أيضاً. الخليجي والعربي يترافق وانفتاحاً كهذا. إنهم جزء من العالم. لهذا، يعثر القارئ على شيء من سينماه. التنويع أساسيّ. التعاون مع صحافيين ونقاد عرب رسالة مبطّنة إلى الرغبة الحقيقية في الانفتاح على أصوات مختلفة، لا بأس إذا كانت متناقضة أيضاً. لا بأس إذا تحوّلت الصفحات الـ 116 إلى حلبة مناقشات. الحوار موجود. الملفات. الترجمات. التعليقات

هذا كلّه مهمّ. المغامرة مهمّة. الأخطاء الطباعية واللغوية موجودة أيضاً. لكنها لا تمنع إقامة علاقة بمجلة همّها السينما. الطباعة أنيقة. الورق المستخدم والألوان. التصميم محتاج إلى أشكال أخرى في بعض المواضع. لكن الـ«أناقة» تعبيرٌ يتلاءم والمجلة. يتلاءم وطموحاتها المتواضعة. عباس كياروستامي إلى جانب ألكسندر سوخوروف، ومعهما أفلام من الإمارات والسعودية والجزائر والبحرين. حوارات وقراءات تطاول التقنيات (السيناريو مثلاً) والمواضيع (مهرجانا الدوحة ودبي).

المغامرة في بدايتها. محتاجة هي إلى وقت كي تكتمل صورتها الأولى. محتاجة إلى مواكبة نقدية، لتكون جزءاً من العمل السينمائي، الصحافي والنقدي، داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.

السفير اللبنانية في

27/12/2012

 

أناند غاندي الهندي وعايدة كمال المصرية

«سفينة ثيسيوس» للهندي أناند غاندي.. الكون المقدس والرزايا الأزلية

زياد الخزاعي (لندن) 

دينامكي. تحريضي. مُغرق بالإدانات: هذه بعض صفات باكورة المخرج الهندي الشاب أناند غاندي «سفينة ثيسيوس» (139 د.)، الذي استُقبل بحفاوة نقدية عند عرضه في «مهرجان تورنتو»، قبل أن يضيء شاشات «مهرجان دبي السينمائي» في دورته الأخيرة. صفات تكرِّسه مرجعية سينمائية باهرة الصنعة، عن الكائن الشرير الذي ينهب حيوات جماعية من دون وازع قانوني أو أخلاقي. عماده قول فلسفي، سبق أن ساجل فيه هيراقليطس وبلوتارخ وسقراط وأفلاطون، ولاحقاً الإنكليزي توماس هوبز: «إذا استُبدل خشب سفينة بآخر جديد، هل تبقى السفينة على حالها؟». بيد أن غاندي، الذي درس الفلسفة، وسّع من جدله حول هذه المفارقة، ووصل به إلى تساؤل سينمائي مجازيّ: «كيف لنا أن نعرف مآلاتنا (كبشر)، في مقابل (وعينا) بمنطق بيئتنا؟». عليه، تأتي القصص الثلاث المتداخلة لتمتحن السؤال الأثير: أيّ بشر أصلح لفردوسنا الأرضي؟ مَنْ هم المثاليون الذين يستحقون الحياة ومواضعاتها وتعلاتها؟ كيف نحصّنهم ضد أوغادها؟

على هذه الأرض، في مدينة مومباي التي تتعجّل حداثاتها وتنافساتها مع حاضرات غربية مرفّهة، نلتقي بالمصوِّرة الشابة المصرية عالية كمال (عايدة الكاشف ابنة المخرج الراحل رضوان الكاشف، الحائزة جائزة أفضل ممثلة في دبي الأخير)، التي لم تمنعها عاهتها كضريرة من تصوير موارات الحياة من حولها. ترى الأشياء عبر سمعها وقوة إرادتها. تؤرّخ بشر المدينة وضجيجها ومعارك قاطنيها. تناكف حبيبها الهندي بـ«لا تصنّفني على هواك». تنتظر عمليتها الجراحية بصبر. المدهش، بالنسبة إليها، ليس رؤية العالم وحسب، بل الاقتناع بمعانيه الجديدة، والتفرّس في مكوّناته المادية التي أُجبرت، لفترة طويلة، على تخيّلها عبر الإصاخة الى أصواته. تشكّل ولادة الرؤية الجديدة للبطلة الشابة إرغاماً على تقديس هذا الكون. وتشعّ الحكمة السينمائية في ثنايا المَشَاهد، التي صوّر فيها غاندي (مواليد العام 1980) بطلته المُبصِرة وسط طبيعة خاطفة بفتنتها (تصوير قدير بكاميرا «ديجيتال» لبانكاج كومار).

في مكان آخر، نلتقي ناسكاً هندوسياً يذود عن حقوق الحيوانات، ويكافح باستماتة ضد تعذيبها تحت عنوان البحث العلمي. حينما يكتشف إصابته بتليف كبده، يرفض العلاج لأن «كل دواء خلفه تعنيف لحيوان». يرتضي هذا الرجل الزاهد، الذي يتماهى مع شخصية المهاتما غاندي، ميتته جوعاً، لأن «حرية الاختيار وحقّ القبول هما جوهر عالمنا». تنقلب معاني هذا الإعلان في الحكاية الثالثة، مع ظنون المصرفي الشاب نافين (سوهوم شاه) بشأن الكلية التي يحملها. يتجلّى مسعاه في الوصول إلى رجل فقير سُرقت كليته، ككفّارة عن الخداع الذي يعمّ بيئتنا، قبل أن يسافر إلى أوروبا، ويتّهم مواطناً اسكندنافياً مرعوباً بالتواطؤ في الاستيلاء على غدة الهندي المخدوع. وبما أن مفارقة الاستبدال تحتّم «تغيير منطق العالم وأشيائه»، يتحوّل الفقير إلى وحش كاسر ضد الشاب النبيل، لأن «فعل الإحسان» هذا يقسره على خسارة عشرات آلاف الروبيات، ثمن العضو المسروق غفلة، التي تعين عائلته، وتدفع عن أفرادها الفاقة إلى حين.

يرى «سفينة ثيسيوس»، بخطابه الفلسفي، أن الرزايا التي تحيط بنا شائعة وأزلية. البشر لن يتغيّروا، حتى وإن استُبدلت أعضاؤهم بأخرى منتزعة من أجساد ملائكة. ذلك أن الإنسان يسعى إلى خساراته ولؤمه وكَبَده ومعاصيه وانتكاساته، حالما يفقد إيمانه، أو يغّل في تعصّبه. إن البصيرة الإنسانية لأناند غاندي تقارب، إلى حدٍ لافت، مُنجز زميله النمسوي ألدريش سيدال، الذي يرصف أعماله بكَمٍّ من شخصيات مكلومة. مشاهد سيدال ـ غاندي يُدهش لشراكتها في الإيمان بحقيقة أن السينما الخلاّقة قادرة على وضع إداناتها على نحو مدهش وفاعل. كتب الناقد البريطاني ديريك مالكوم، في العدد الأخير من مجلة «سايت أند ساوند»، حينما وضع فيلم «سفينة ثيسيوس» ضمن اختياراته لأفضل خمسة عناوين لعام 2012، أنه عمل يدفع للإيمان بأن «من المفيد أحيانا أن يكون المرء ناقداً سينمائياً».

السفير اللبنانية في

27/12/2012

 

فيلم يحمل بصمات نادية عودة وخالد الغويري وأصيل منصور

«على مد البصـر».. خيارات الحيــاة مطروحة

علا الشيخ - دبي 

على الإنسان أن يتحمل تبعات خياراته مهما كانت.. رسالة يود المخرج الأردني الفلسطيني أصيل منصور، في فيلمه الروائي الأول «على مد البصر»، ايصالها الى المشاهد، ضمن قصة لا تخلو من المغامرة والتشويق والبعد عن العيش في دور الضحية، وهي عوامل توضع للمرة الأولى في فيلم سينمائي أردني.

على «مد البصر» الذي عرض ضمن مسابقة المهر في مهرجان دبي السينمائي الذي اختتمت فعالياته أخيراً، وأدى دور البطولة فيه كل من خالد الغويري ونادية عودة، تكمن أهميته في خلق شعور الترقب، ومحاولة لربط التفاصيل المتداخلة مع بعضها بعضا، كي تصل الى نهاية على الأغلب لم تكن متوقعة لكثيرين، وتجاوز أخطاء من البديهي أن يقع فيها مخرجون في تجربتهم الأولى لصناعة فيلم طويل.

بداية

يبدأ الفيلم مع (ليلى) التي تقود سيارتها متجهة الى منطقة شبه معزولة، تصل الى منزلها الفخم الساكن من كل شيء، سوى صوت معاتبة من ليلى عبر الهاتف الى زوجها الذي لم ينتظرها كي تودعه قبل سفره، وهي العروس الجديدة، فجأة ينطلق صوت انذار السيارة، تخرج ليلى الى الشرفة لتجد لصين أحدهما هرب بالسيارة، والآخر ظل ساكناً (سامي) اذ وجد نفسه أمام سيدة تحمل مسدساً وتصوّبه نحوه، لكن يبدو على معالمها ضعفاً، رغم إصرارها على استعادة سيارتـها.

تبدأ المواجهة بين ليلى وسامي تأخذ مجرى آخر، في كل هذا الهدوء، كي تتفجر كل الحكايات التي أدت الى ايصالهما الى هذه النقطة تحديداً، نقطة البوح غير المتفق عليه، بين امرأة عشرينية متزوجة حديثاً زواجاً عقلانياً، على الرغم من وجود علاقة حب في حياتها عاشت كل تفاصيلها في الجامعة، لكنها حيّدت قلبها مقابل عقلها، وبين لص دفعته ظروف موت ابنه وضرورة اخراجه من المستشفى ودفنه، التي تتطلب أموالاً لا يملكها، إلى السرقة. هكذا تبدو قصته، يبدآ بالحديث معاً، تحكي له ويحكي لها، عبر مشاهد اعتمدت على عناصر الفلاش باك والتنقل بين الفترات الزمنية المتباينة، يقنعها بعد مهاتفتها لزوجها ان صوت رنة هاتفه داخلية، ولا تنم على أنه خارج البلاد، زوجها الذي اكتفى بقوله «سأشتري لك سيارة جديدة لا تقلقي» لكنها تريد سيارتها، ليس تمسكا بها بل لما تركته داخلها، يصل ليلى وسامي الى نقطـة اتفاق بعد كم كبير مـن الحكايات، كل يحاول تبرير تصرفه الذي أدى الى قرار فيه خيارات عدة، هنا تبدأ مشاعر التعاطف تختفي، بالفعل لكل واحد منهم خيار، فهي كان بمقدورها، خصوصاً بعد تشجيـع والدتها على عدم التسرع، وأن تظل مع حبيبها الذي لم يفارق تفكيرها، وهو كان بمقدوره انقاذ ابنه من الموت لو أنه لم يستجب لمديره في «ورشة تصليح السيارات» بالبقاء مقابل 100 دينار اذا انهى عملاً مستعجلاً، هكذا يصلان الى نقطة اتفاق، أن يعيد لها سيارتها، وتعطيه ما يكفي لدفن ابنه.

لمشاهدة تفاصيل أوفر عن الموضوع يرجي، الضغط علي هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

27/12/2012

 

سوسن بدر..

سيدة المهرجانات هذا العام

كتبت- دينا دياب:  

رغم ابتعادها عن الساحة السياسية وتعمدها الاختفاء عن الأنظار، تظل سوسن بدر هى سيدة المهرجانات، وأصبحت هى الفرس الرابح في كل مهرجانات، خلال السنوات القليلة الماضية استطاعت بدر أن تستحوذ على تورتة المهرجانات الدولية والعربية، مؤخراً فازت بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان وهران السينمائى في دورته السادسة عن دورها في فيلم «الشوق» وهى الجائزة السابعة عن نفس الفيلم بعد فوزها بأفضل ممثلة في الدورة الـ 34 لمهرجان القاهرة السينمائي، وجائزة افضل ممثلة في الدورة السابعة لمهرجان مسقط السينمائى وتم ترشيحها كأفضل ممثلة في مهرجان الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي في نفس العام وغيرها من الجوائز عن نفس الفيلم.

كما حصلت على جائزة «انجاز العمر» في الدورة الأخيرة لمهرجان ابو ظبي السينمائي السادس وهى أول ممثلة عربية تحصل على هذه الجائزة منذ إنشاء المهرجان، وتقاسمت معها الجائزة كلوديا كاردينالي وهى جائزة عن مجمل أعمالها والتي وصفتها سوسن بزنها أغلى جوائز عمرها، لأنها عن مجمل الأعمال التي قدمتها في السينما المصرية، وقالت: إنها بهذه الجائزة تستشعر أهمية عملها الذي لم تحصل على إجازة منه على مدار الـ 7 سنوات الماضية.

سوسن بدر فنانة استثنائية بدأت مشوارها مع التمثيل منذ 34 عاماً واستكملت مشوارها الفني بمجموعة من الافلام والمسلسلات، واختارها المخرج شادي عبد السلام لتجسيد عمله الثاني اخناتون باعتبارها أكثر فنانة مصرية تتوافر فيها المواصفات الشكلية للفراعنة لكن لم يحالفه الحظ لأن يستكمل مشواره معها، ووافته المنية وقتها وأطلق عليها نفرتيتي السينما المصرية، قدمت العديد من الأعمال السينمائية كان منها «حبيبي دائما» و«شمس الزناتي» و«سلام يا صاحبي» و«الحرافيش» و«العملاق» و«لا تسألني من أنا» و«اسرار البنات» و«ابن موت» و«خريف آدم» والتليفزيونية مثل أدوارها في «أحلام الفتي الطائر» و«زيزينيا» و«دولت فهمي» و«ضمير أبلة حكمت» و«هي والمستحيل» و«إمام الدعاة» و«سارة» و«الدالي» و«الرحايا» و«الحارة».

تتميز سوسن بقدرتها المتميزة على تقمص أكثر من شخصية في الموسم الواحد فنراها في كل رمضان تظهر بـ 6 أدوار على الأقل، ورغم أن بعض الفنانين يتعاملون مع ذلك على أنها حرق للشخصية، وأن تركيزها في العمل الواحد أكثر أهمية الا انها تتعامل مع الشخصية بالخبرة، وتقول أفنيت عمري في العمل الفني واكتسبت خبرات تجعلني قادرة على تجسيد كل الأدوار لانني أعيشها دوما، بالاضافة الى أنني لا أتمكن من مقاومة الدور الجيد وفي كل عام أقرر أن ألعب دوراً واحداً لكن الدور الجيد يغريني.

وصفها النقاد بأنها فنانة الأداء الخارق للعادة، ولديها صدق وتفان في أداء الشخصية وهي واحدة من كبار ممثلات جيلها، وتقارن بكبار الممثلات في العالم.

الوفد المصرية في

27/12/2012

 

في ختام موسم الفنون المستقلة الاول‏:

‏4‏ جــوائــز دعــم لمخرجـي أفلام الـثورة  و‏6‏ فـرق تحـصــل عـلـي جـــوائــز المــســرح

مني شديد 

حصل فيلم مولود في‏25‏ يناير للمخرج أحمد رشوان علي جائزة دعم موسم الفنون المستقلة الاول المقدمة من قطاع الانتاج الثقافي وتقدر بحوالي‏15‏ الف جنية‏,‏ وحصل علي نفس الجائزة فيلم غضب البحر والنهر للمخرج أحمد صيام‏,‏ وبرد يناير للمخرج روماني سعد‏,‏ والدكتور للمخرج حمدي حسن‏,‏ وهي منح دعم للمخرجين الاربعة لانتاج افلامهم الجديدة‏.‏

أعلنت الجوائز مساء أمس الاربعاء في ختام موسم الفنون المستقلة الاول المسرحي الرابع علي مسرح مركز الهناجر للفنون بدار الاوبرا المصرية‏,‏ والذي نظمته مؤسسة شباب الفنانين المستقلين‏,‏ بدعم من قطاع الانتاج الثقافي‏.‏

ومنحت لجنة تحكيم مسابقة الافلام المستقلة ايضا شهادات تقدير للمخرج إبراهيم عبد الحميد عن فيلم في البدء كان والمخرج محمد إبراهيم عن فيلم حساب‏,‏ وللمونتيرة نادية حسن عن مونتاج فيلم مولود في‏25‏ يناير وضمت لجنة التحكيم في عضويتها المخرج سعد هنداوي‏,‏ والمونتيرة رباب عبداللطيف‏,‏ والسيناريست ياسر جراب‏.‏

بينما حصلت‏6‏ فرق مسرحية علي جوائز دعم المسرح المستقل وقيمتها‏5‏ الاف جنيه لكل فرقة وهي أنا الحكاية وكيان ماريونيت وبحارة وملامح وأتيليه المسرح الصغير وجوع وغنا‏,‏ وفي الفن التشكيلي فاز كل من حمدي الكيال وحورية السيد وأحمد مجدي وداليا رفعت وإيناس ضاحي‏.‏

بدأ حفل الختام بافتتاح معرض فوتوغرافيا لاهم اعمال الفنان الراحل محمد زهير من الثورة‏,‏ والفن ميدان‏,‏ ومئوية نجيب محفوظ‏,‏ والدورة الاولي لمهرجان الاقصر للسينما الافريقية‏,‏ واعقبه عرض لحصاد موسم الفنون المستقلة الذي استمر علي مدار خمسة أشهر‏,‏ ثم فقرات من نتاج الورش الفنية المختلفة‏,‏ وتوزيع شهادات المشاركة علي مديري الفرق المسرحية والمتدربين في الورش‏.‏

قدمت الحفل الفنانة سلوي محمد علي وشهد تكريم الفنانين خالد الصاوي محمد عبلة وكذلك تكريم فرقة اسكندريلا‏,‏ واعقبه تقديم مشهد بعنوان علامة استفهام اعداد الراحل محمد زهير ورؤية فنية مشتركة مع نجلاء يونس‏.‏

واعلنت الفنانة عزة الحسيني مدير الموسم المستقل خلال الحفل عن اعداد بروتوكول تعاون بين المستقلين ود‏.‏خالد عبد الجليل رئيس قطاع الانتاج الثقافي وتخصيص أسبوع في كل شهر علي مسرح الهناجر لعروض المسرح المستقل‏.‏

قدم الموسم خلال الخمسة أشهر الماضية‏37‏ فرقة مسرحية مستقلة و‏6‏ معارض للفنانين التشكيليين من الشباب و‏7‏ ورش فنية لتنمية المهارات‏,‏ ومسابقة للأفلام المستقلة شارك فيها‏24‏ فيلم من بين‏80‏ فيلما تقدموا للمسابقة‏,‏ بالاضافة الي إصدار كتابين ثورة في مسرح ومسرح في ثورة و وكتاب توثيق موسم الفنون المستقلة‏2012‏ بالإضافة لكتاب الجانب المجهول من أدب نجيب محفوظ الذي لم يصدر بعد‏.‏

واختتم الحفل بعرض مسرحية الريحاني بديع تكريما للفنان نجيب الريحاني الذي تحمل الدورة الاولي من الموسم اسمه وهي من إخراج لطارق سعيد وبطولة محمد عبد الخالق‏.‏

الأهرام المسائي في

27/12/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)