حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في الدوامة...

النوايا الحسنة لا تكفي

القاهرة – نيرمين سامي

 

بعد تأجيله العام الماضي ضمن تأجيل نشاطات ثقافية وفنية أخرى في مصر بسبب الاضطراب الأمني مع اندلاع ثورة كانون الثاني (يناير)، قرر وزير الثقافة المصري محمد صابر عرب عودة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي واستكمال الفنان عزت أبو عوف رئاسته المهرجان في دورته الـ35 في الفترة من 27 تشرين الثاني (نوفمبر) و6 كانون الأول (ديسمبر) المقبلين. وأوضح وزير الثقافة في بيان أن الوزارة ستنظم المهرجان وترعاه بالاتفاق مع غرفة صناعة السينما، مع تأكيد الاستعانة بشخصيات لها خبرة سابقة في إدارة أعمال المهرجان هذا العام نظراً إلى ضيق الوقت.

وشهدت إدارة المهرجان نزاعاً عندما قرر وزير الثقافة الأسبق عماد أبو غازي إلغاء دورة العام الماضي، ما جعل اسم المهرجان تحت التهديد بسحب الشارة الدولية منه، إذ تنص قوانين الاتحاد الدولي للمنتجين والسينمائيين، على سحب شارة أي مهرجان، في حال إلغاء دورتين متتابعتين منه، ولذلك تقرر عودة المهرجان للانعقاد هذا العام. وبعد مشاورات مع الجهاز القومي، اتفق الرئيس السابق للمركز القومي للسينما المخرج مجدي أحمد علي، مع الوزير، على طرح مناقصة بين الجمعيات والمؤسسات الفنية، لتنظيم المهرجان، وحينها تقدم رئيس جمعية مهرجان القاهرة الناقد يوسف شريف رزق الله، بتنظيم المهرجان، وكانت المؤسسة في ذلك الوقت، لا تزال تحت التأسيس. وبالفعل تم إرساء المناقصة على يوسف شريف رزق الله، لتنظيم المهرجان. ولكن وبمجرد الإعلان عن نتيجة المناقصة، قام ممدوح الليثي، بصفته رئيس جمعية نقاد وكتاب السينما، برفع دعوى قضائية على وزارة الثقافة، لإبطال نتيجة المناقصة، مستنداً إلى أن مؤسسة مهرجان القاهرة التي يترأسها يوسف شريف رزق الله، لا تزال تحت التأسيس. وصدر الحكم لمصلحة ممدوح الليثي بأحقيته في تنظيم المهرجان. إلا أن قرار الاتحاد الدولي للمنتجين والسينمائيين، المنوط بهذه القرارات، قرر في اجتماعه على هامش الدورة الأخيرة من مهرجان «كان» إسناد مسؤولية تنظيم المهرجان إلى يوسف شريف رزق الله، ليقرر وزير الثقافة تشكيل لجنة، للتنظيم، من داخل وزارة الثقافة، مثلما كان يحدث في عهد وزير الثقافة السابق فاروق حسني.

مؤهلون

وأوضح يوسف شريف رزق الله في مؤتمر صحافي للرد على قرار وزارة الثقافة الحالي، أن وزير الثقافة السابق عماد أبو غازي أصدر قراراً بأحقية أي مؤسسة في إدارة المهرجانات وتنظيمه وذلك عبر تقديم ملفاتها وانطباق شروط التنظيم عليها ونحن كمؤسسة قدمنا كل المستندات والملفات التي تثبت جدارتنا بتنظيم هذا الحدث وحتى بعد ظهور بعض المشكلات وفتح باب التقديم مرة أخرى كنا نحن الوحيدين المؤهلين للتنظيم بلا منافس. وأضاف: «المهرجان يتطلب 12 مليون جنيه تمويلاً، لم نجد مما تبقى من الموازنات السابقة الخاصة بالمهرجان في صندوق التنمية الثقافية سوى 2 مليون جنيه فقط، بينما تم صرف البقية كمرتبات ومكافآت، ونحن في الواقع لدينا عجز 7 ملايين جنيه، لذلك نحاول طلب الدعم من وكالات الدعاية والإعلان العالمية». وأوضح رزق الله أنه تم إنجاز ما نسبته 70 في المئة تقريباً من أعمال المهرجان، وجرى الاتفاق مع دول العالم التي تشارك بأفلامها. وأوضحت المخرجة هالة خليل أحد أعضاء مؤسسة جمعية «مهرجان القاهرة»، قائلة: «عندما عرض الناقد يوسف شريف رزق الله عليّ العمل في المؤسسة، وافقت على الفور حيث عملنا على مدار 14 شهراً لتقديم نموذج مشرف للدورة الـ35 للمهرجان. ولقد صدمت بعد قرارات الوزير».

واقترح المخرج مجدي أحمد علي أن تنظم المؤسسة مهرجانات بدعم من منظمات المجتمع المدنى. وكانت نقابة السينمائيين المصرية برئاسة مسعد فودة أصدرت بيانا‏ً أوضحت فيه أن هناك محاولات مستميتة لإبعاد مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائي عن تنظيم المهرجان في دورته التي تنطلق 27 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، مؤكداً دعم النقابة الكامل للمؤسسة التي أنهت أكثر من 85 في المئة من فاعليات تلك الدورة، وطالب البيان وزير الثقافة باتخاذ الإجراءات القانونية والمادية والأدبية التي تتيح للمؤسسة إقامة المهرجان وتنظيمه، ورفض الدعوات التي تطالب باستمرار احتكار الدولة الأنشطة الثقافية بعد الثورة، مطالبين بدعم مؤسسات المجتمع المدني لتؤدي دورها الثقافي محلياً ودولياً.

إنقاذ ما...

وكان وزير الثقافة أوضح أن الوزارة تدخلت لإنقاذ المهرجان بسبب النزاع بين المؤسسة برئاسة يوسف شريف رزق الله والجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما برئاسة ممدوح الليثي، والتي وصلت بهما إلى القضاء. من جهة أخرى، كان الرئيس الأسبق للمركز القومي للسينما المخرج مجدي أحمد علي، أعرب أيضاً عن غضبه من موقف وزارة الثقافة تجاه أزمة مهرجان القاهرة السينمائي والقضية التي رفعها ممدوح الليثي، إذ أكد أن الوزارة رضخت لمحاولات الابتزاز، وأنه بعد اجتماعه بوزير الثقافة أصبح يشعر بالقلق على المهرجان. وقال مجدي أحمد علي: «فوجئت بموقف وزارة الثقافة وعدم مساندتها المركز القومي للسينما وجمعية مهرجان القاهرة التي كان تم إسناد إدارة الدورة المقبلة لها، حين اجتمعت بوزير الثقافة، وفوجئت أن الوزارة تعتزم إدارة المهرجان بنفسها، وأنها تراجعت عن إسناد المهرجان لجمعية القاهرة السينمائي التي يترأسها يوسف شريف رزق الله».

وأكد أحمد علي أنه كان يجب على وزارة الثقافة أن تساند الجمعية، موضحاً أن ممدوح الليثي حاول الترويج في وسائل الإعلام أنه كسب القضية التي رفعها ضد الوزارة، وهو غير صحيح، إذ إنه كان يطلب في القضية أن تتولى جمعية كتاب ونقاد السينما إدارة المهرجان، ولكن منطوق الحكم يؤكد أنه لم يتم ذلك، بل طلبت المحكمة أن يتم إصدار إعلان لكي تتقدم الجمعيات الأهلية لتنظيم المهرجان.

وأكد الفنان عمرو واكد في حسابه على «تويتر»، أن النزاع المحلي حول تنظيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يضر بمصلحة مصر، ويطيح مركز المهرجان العالمي وسط منافسيه، وأمل بالوصول إلى موقف يتراضى فيه الجميع «من أجل مصر وفنها»، محذراً من إلغاء دورة هذا العام مرة أخرى. وأشار إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هو المهرجان العربي الوحيد، المصنف درجة أولى، وهي درجة فنية ذات قيمة عالمية، مشيراً إلى أن ما يحدث حالياً سيضر هذا التصنيف، خصوصاً أن المهرجانات العالمية المصنفة بالتصنيف ذاته، لا تتعدى ١٢ مهرجاناً.

وبدأ مهرجان القاهرة فاعلياته بعد حرب أكتوبر بثلاث سنوات، في 16 آب (أغسطس) 1976 على أيدي الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين برئاسة كمال الملاخ، الذي نجح في إدارة المهرجان لمدة سبع سنوات حتى عام 1983، ثم شكلت بعد ذلك بعامين، لجنة مشتركة من وزارة الثقافة ضمت أعضاء الجمعية واتحاد نقابات الفنانين للإشراف على المهرجان، الذي تولى مسؤوليته الأديب سعد الدين وهبة، واحتل مهرجان القاهرة خلال هذه الفترة مكانة عالمية. وأورد تقرير الاتحاد الدولي لجمعيات المنتجين السينمائيين عام 1990 أهم ثلاثة مهرجانات للعواصم، فجاء مهرجان القاهرة السينمائي في المركز الثاني بعد مهرجان لندن السينمائي، بينما جاء مهرجان ستوكهولم في المركز الثالث. وبعد رحيل سعد الدين وهبة تولى الفنان حسين فهمي رئاسة المهرجان لمدة أربع سنوات من عام 1998 حتى عام 2001، إلى أن تولى إدارته شريف الشوباشي حتى عام 2005 ليرأسه بعد ذلك الفنان الدكتور عزت أبو عوف والفنان عمر الشريف كرئيس شرف خلال الدورتين الماضيتين.

الحياة اللندنية في

07/09/2012

 

مهرجان مونتريال مخزون ثقافي - اجتماعي لـ 80 بلداً

مونتريال - علي حويلي 

شهدت الدورة السادسة والثلاثون لمهرجان السينما الدولي في مونتريال، والتي اختتمت فعالياتها قبل يومين، تظاهرة سينمائية كبرى هي واحدة من الأضخم في الشمال الاميركي. وشارك فيها 542 فيلماً، منها 212 فيلما طويلاً، و126 فيلماً عُرضت لأول مرة في صالات مونتريال، و144 فيلماً قصيراً، و60 فيلماً لطلاب السينما الكنديين. وقد بدا واضحاً ان مجمل هذه الافلام تعكس مخزوناً ثقافياً اجتماعياً انسانياً عائداً لـ80 بلداً في القارات الخمس.

عن هذه المشاركة العالمية الواسعة، قال مسؤول المهرجان سيرج لوزيك اثناء الافتتاح: «نحن نسعى الى تشجيع التنوع الثقافي واكتشاف المواهب الشابة وتوفير المناخات المثالية للقاء صنّاع الفن السابع من مخرجين ومنتجين».

ويتميز المهرجان عن غيره باستقلالية تامة، لجهة عدم تبعيته لأي حكومة او منظمة او جمعية، وعرضه عشرات الافلام في الهواء الطلق ونقلها الى الجمهور على شاشات عملاقة نصبت في شارع سان كاترين، قلب مونتريال السياحي والتجاري. فضلاً عن انه يشكل سوقاً سينمائياً عالمياً تجري فيه عمليات التمويل والتبادل بين المنتجين والموزعين للأعمال الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية والتلفزيونية، وإتاحة المجال للجمهور فرصة اختيار الفيلم الاكثر شعبية عن كل فئة.

الحضور العربي

يلاحظ ان الحضور السينمائي العربي في مهرجان مونتريال يتفاوت بين سنة واخرى. ففي عام 2010 كانت المشاركة العربية هزيلة لا تتعدى خمسة افلام، في حين قفزت العام المنصرم الى عشرين، وتراجعت هذا العام الى ثمانية، ستة مشرقية واثنين للمغرب العربي، وجميعها ناطق بالعربية.

واللافت ان مصر، واجهة العرب في المهرجانات العالمية، غابت هذا العام عن حلبة التنافس الدولي، اذ اقتصرت مشاركتها على ثلاثة افلام تتناول جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية، بما فيها من آلام وآمال: ففي فيلم «أسماء» (درامي، 94 دقيقة)، يستعرض المخرج عمرو سلامة مجمل الاحداث التي تدور حول شخصية البطلة هند صبري (أسماء) المصابة بمرض نقص المناعة–الايدز. ويطرح إشكالية الإصابة بهذا الداء «المشين» الذي ينكره المجتمع ويعتبره وصمة عار، في حين تصر المريضة به على حقها في العلاج وتقاوم المعتقدات البالية وتصارع من اجل البقاء، ليس لشفائها وحسب وانما لتجعل من الايدز حالة انسانية تبعث الامل بالحياة.

وفي سياق متصل بدور المرأة المصرية، تكشف المخرجة حنان عبدالله («في ظل رجل» فيلم وثائقي 65 دقيقة) عن صور سيدات مصريات يقدن التظاهرات ويتصدّين بشجاعة لعنف رجال الشرطة ويهتفن لإسقاط النظام. في الفيلم تتحدث اربع نساء منهن عما يمكن ان يكون عليه مستقبل المرأة في اعقاب الثورة المصرية ودورها في عملية التغيير من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. أما «بحري» (فيلم قصير –13 دقيقة– للمخرج احمد غنيمي)، فيتحدث عن مجتمع مهمش في بعض أحياء الإسكندرية، يشهد اضطرابات اجتماعية مستمرة نتيجة الفوارق الطبقية التي تحول دون تواصل الناس بعضهم مع بعض وتفاعلهم في ما بينهم.

اما سورية ولبنان وفلسطين، فتَمَثَّلَ كلٌّ منها بفيلم واحد: «اوتيل كندا» (وثائقي 30 دقيقة) للمخرجة السورية عليا خاشوق، ويطرح مسألة الهوية والانتماء، من خلال ثلاثة اصدقاء مهاجرين من ثلاثة بلدان عربية. وهو يتمحور حول فكرة هل أصبحت كندا لهؤلاء المهاجرين وغيرهم «اوتيلاً» او وطناً بديلاً؟ اما الفيلم اللبناني الروائي «الوقت ثانية» (92 دقيقة للمخرجة اللبنانية لارا سابا)، فيسلط الضوء على مفهوم القدر كقوة تتحكم بمصائر البشر، وذلك من خلال الحديث عن ثلاث شخصيات بيروتية لكل منها قصة مختلفة، فيما القاسم المشترك هو التساؤل عما يحصل لكل منها وربطه بفعل القدر او بمشيئة الله او بقرار انساني او غير ذلك؟

ويختتم المخرج رامي عليان العروض المشرقية بفيلم فلسطيني («عزلة تحت الشمس» مدته 25 دقيقة) يروي قصة مريم، التي تشكو من نقص فيتامين «دي» الذي يسبب لها مرضاً في العظام، وهي تأخذ، وفقاً لنصيحة الطبيب، حمام شمس يعوض لها هذا النقص. إلا ان قيامها بهذا العمل أثار حفيظة الاهل والجيران، لمخالفته الأعراف والتقاليد الاجتماعية.

سينما من المغرب

اما من المغرب العربي، فيسلط فيلم «التائب» (78 دقيقة) للمخرج الجزائري مرزاق علوش، الضوء على مفارقات ميثاق «السلم والمصالحة الوطنية «الذي اقرته السلطة الجزائرية، وذلك من خلال حكاية بطل الفيلم رشيد، الذي لم يلق ترحيباً من اهل القرية، اذ ما زال في نظرهم ارهابياً رغم اطلاق سراحه. بعد فترة قصيرة، يغادر رشيد القرية للبحث عن حياة جديدة، لكن الماضي يكون له بالمرصاد. ويركز الفيلم على ظاهرة «الصمت» الذي ما زال مرتبطاً بالماضي ومفتوحاً على الحاضر من خلال استمرار الازمات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.

ويبدو ان حظ تونس كان أوفر، إذ أتى فيلم «انطلق» للمخرج احمد زرن، ليبيِّن ارادة الناس البسطاء في صنع ثورة الياسمين، اولى ثورات الربيع العربي، على خلفية ازمات اجتماعية اقتصادية، علماً ان الفيلم يلوِّح الى اختطاف الاسلاميين للثورة.

اما أبرزالاعمال السينمائية ذات الانتاج العربي الاجنبي المشترك، فتمثَّلَ بفيلم «اسمي ليس علي»، او ما يُعرف بـ «جنة علي» (مدته 93 دقيقة)، وهو إنتاج مصري ألماني للمخرجة فيولا شفيق. الفيلم يبحث في العلاقة الشائكة بين ثقافة الغرب والشرق من خلال البحث عن الممثل العربي الذي كان قبل عقود قد قام ببطولة فيلم شهير للمخرج الألماني الراحل فاسبندر وكان حينها يقيم في ألمانيا. ويندرج الفيلم في إطارالمواقف المناهضة للعنصرية والاضطهاد الاجتماعي وبقايا النزعة النازية المعادية للعرب.

ومهما يكن من أمر، تبقى المشاركة العربية، على تواضعها ، في المهرجانات العالمية مؤشراً إيجابياً على مستقبل الفيلم العربي، على أمل أن يرتقي إلى درجة متقدمة من الإبداع الفني والثقافي والفكري.

الحياة اللندنية في

07/09/2012

 

«خلفي شجر الزيتون» وعمالة أبدية

بيروت - محمد غندور 

دخلت مريم بنت العميل الإسرائيلي أديب منصور إلى معصرة زيتون في جنوب لبنان لتطلب عملاً يعيلها مع أخيها. حين علم صاحب المعصرة أنها إبنة منصور تغيّرت ملامح وجهه وارتبك، وقال: «لن يُسامحني أهل الضيعة إذا علموا أنني ساعدتك، فالناس لا ينسون الغدر والخيانة إلا بالموت».

بعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، فرّ آلاف المتعاملين مع اسرائيل، مع عائلاتهم الى الأراضي المحتلة، منهم من بقي فيها، ومنهم من غادرها إلى دول أوروبية، وبعضهم عاد الى لبنان ليمضي فترة في السجن، ومن ثم يعاود الاندماج في مجتمع نبذه وتبرأ منه.

عايشت المخرجة اللبنانية الشابة باسكال أبو جمرة هذه الأحداث، وسمعت كثيراً من الروايات حول الموضوع. لكنها اختارت أن تعرض ما يعانيه أطفال الفارين إلى اسرائيل، وكيف يتعامل المجتمع معهم؟

في فيلمها القصير «خلفي شجر الزيتون»، الذي عرض في الدورة الأخيرة من مهرجان «كان»، وفاز بعد ذلك بجائزة مهرجان الفيلم اللبناني، تجول كاميرا أبو جمرة في الجنوب، باحثة عن التفاصيل، وعن حكايا لم ترْو بعد. تلك النظرة الغائرة التي بدت على أخي مريم، حين عاد من المدرسة مطروداً لضربه صبياً قال له: «يا إبن العميل»، تظهر حالة الارتباك النفسي التي مر بها كثيرون أمثاله لدى عودتهم من إسرائيل. فالعودة بسيارات الصليب الأحمر، ولّدت لدى الأطفال حالة من الانكسار من دون أن يعوا ذلك، إضافة إلى التباس في الهوية، كان الأهل كفيلين بولادتها.

يظهر الفيلم مـدى القسوة التي يتعامل بها أبناء القرى التي كانت محتلة، مع «العملاء وعائلاتهم»، فالخيانة التي ارتكبـها الآباء، ستلاحق الأبـناء مدى الحياة، على غرار المثل الشعبي «الآبـــاء يــــأكلون الحصرم والأبناء يضرسون»، وكل محاولات محو هذه الصفة ستبوء بالفشل.

يعكس الفيلم وجهة النظر الاجتماعية في موضوع العملاء، واللافت في باسكال أبو جمرة التي تميّزت بجرأة طرحها وموضوعيته، وقوفها على الحياد وعدم إبداء رأيها من خلال أفكارها السينمائية، بل هي قاربت موضوعاً شائكاً ومعقداً من زاوية انسانية.

المثير في أمر الجيل السينمائي الجديد الذي تنتمي اليه ابو جمرة، انه بدأ يتحرر نسبياً من قيود الحرب الأهلية، مبتعداً عن القتل والدمار والعنف في عرض الأفكار. فالجوانب الحياتية والاجتماعية والاقتصادية خلال الأزمات، هي حروب أيضاً إنما بلا معارك طاحنة، وهذا ما أقدمت عليه أبو جمرة.

ويشكل «خلفي شجر الزيتون» إضافة إلى الكثير من الأعمال المنتجة حديثاً، حلقة جديدة في السينما اللبنانية الشابة، الباحثة عن هوية لها خارج إطار الدخان الأسود أو البنايات المتصدعة. أدركت أبو جمرة أن تطرقها الى الشق السياسي من الموضوع سيوقعها في مشاكل جمّة، نظراً إلى حساسية الموضوع، لذا بدت ذكية في عدم تحميلها العمل وجهة نظر معيّنة. ومن الصعوبات التي واجهت باسكال عدم إيجادها ممثلة تقبل لعب دور مريم بنت العميل أديب منصور، ما دفعها الى تمثيل الدور بكل طاقة وحيوية وقوة تعبيرية في بعض المشاهد.

الشابة التي كتبت الفيلم وأخرجته، تظهر في عملها ان الأطفال كانوا مجبرين على مغادرة لبنان الى اسرائيل، وأن الأهل هم من يجب أن يُحاسب، لا الأطفال الذين سيحملون صفة عملاء في نظر المجتمع، وخصوصاً منه ذاك الذي يعتبر نفسه مقاوماً، الى الأبد.

تميّزت باسكال التي أنجزت فيلمها كمشروع للتخرج في الجامعة، بكادراتها الجميلة واعتمادها على المشاهد الخارجية، والبساطة في ترتيب الأشياء، وعدم الاعتماد على التصنع في إعداد الكادر. ويتحضر الفيلم للمشاركة في الكثير من المهرجانات العربية والأوروبية.

ويبقى السؤال: هل المعالجة السينمائية كافية لملف الفارين أو العائدين من إسرائيل، ومتى يغفر المجتمع أخطاءً لا تُغتفر؟

الحياة اللندنية في

07/09/2012

 

الربيع العربي في شكل مختلف

خريبكة (المغرب) - مبارك حسني 

لم يعد لهذه المدينة مهرجان كبير وحيد عن السينما الأفريقية، بل أضيف إليه لقاء احتفالي ثان ذا صبغة دولية يهتم بالمجال الوثائقي الذي صار راسخاً في الذهنية السينمائية العالمية. وبالتالي فالمدينة المنجمية الداخلية هاته تؤكد النزوع السينفلي المميز الذي اكتسبته عبر ثلة من مثقفيها منذ أكثر من عقود ثلاثة. وما وصول هذا المهرجان الفتي إلى دورته الرابعة من دون توقف سوى دليل على تجديد محبذ في الثيمات والاهتمامات. وهو اختيار محترم للنوع الوثائقي كإطار لعرض الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية أو المساهمة في إغناء المشاهدة أو للنقاش والمداولة الفكرية، مع ما يستتبع ذلك من أجواء لقاء وتعارف تقربّ بين الأفكار والآراء والاهتمامات.

وهذا ما حدث في الأيام الأربعة حيث كان «الربيع» العربي أو ما يسمّى كذلك، محور جلّ الأفلام والنقاشات الحادة ما بين المشاركين. بخاصة مع مشاركة أفلام شبابية من دولتي هذا الربيع الأساسيتين. فمن مصر جاء المخرج الشاب عادل الجمال بفيلم «سيدة الميدان» وفيه أظهر حركية ميدان التحرير من وجهة نظر نساء مشاركات قبل وإبان وبعد الثورة. نساء غير محجبات ونشيطات في مجال الحقوق. الشريط هو تعاقب سلسلة من الأحاديث المقدمة، وصور من الميدان للقمع وللاحتجاج وللحشود المجتمعة أو الجارية أو المندلقة في كل حارة وشارع. بيد أن الشريط لم يخرج عن صفة الريبورتاج وافتقد خاصية الوثائقي كوجهة نظر وكتصور قبلي مبني على شكل متفرد، بل كان مجرّد التقاط للحظات ساخنة وشهادة لنساء نزلن الميدان بحق. ومع ذلك فالشريط تمتع بخاصية الموقف الصارخ والحيّ بإعطائه الكلمة لوجهة نظر مغايرة للسائد والمسيطر حالياً، كأنه يقول بأن الثورة هي من صنع الكل المتنوع والمختلف والمتعدد، مركّزاً على عنصر المرأة فاعلة وحرة.

إنهم هنا

وذات الروح تسكن الفيلم التونسي «نحن هنا» للمخرج الشاب يحي عبدالله. وهو عمل يستحق صفة الوثائقي بامتياز لأنه ارتكز في منحاه العام على تقنية السرد أولاً من خلال رؤية طفل يركب دراجة هوائية ويجوب بها الأحياء الشعبية المنسية. وفيها يتحول السرد إلى شهادة صارخة وقوية على الواقع المأسوي والقاسي للشباب المتروك لحاله من دون رعاية ولا اهتمام، وبالتالي فهو يتدبر العيش بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة. ولم يكن مفاجئاً كثيراً أن يفوز هذا الفيلم بجائزة النقد والجائزة الكبرى على رغم وجود فيلمين أجنبيين من عيار كبير هما الإسباني «الإنسان الآلة» عن العمل القاسي وغير الإنساني في بنغلاديش، والأميركي «خطف العروس في قرخيزستان»، وهما اللذان اتصفا بقدرة فائقة على الأثر العاطفي والنفسي اعتماداً على الفن السينمائي الحقيقي المستند إلى توظيف الصورة انطلاقاً من وجهة نظر فنية متعمدة. وكان لافتاً أن يكون الفيلمان يتحدثان عن واقع مجتمع لبلدين إسلاميين لا تبدو الأمور فيهما مفرحة. وبهذين الفيلمين على الأقلّ حضرت في خريبكة موضوعات من صميم مجتمعاتنا التي تعيش التخلف والظلام نتيجة الاستبداد بكل أصنافه وأيديولوجياته، وتحاول أن تنهض وتنمو في الربيع أو غيره من الفصول، من دون أن تبين الآفاق في شكل واضح للكل.

في المقابل لم تفعل الأشرطة القادمة من البحرين والمملكة العربية السعودية والمغرب سوى تأكيد فرضية الاستمرار في البحث والدراسة وإتقان محددات ومخصصات الفن السينمائي قبل التطرق إلى الحديث عن قضايا الشعوب والأمة الكبرى. فالنوايا الحسنة الجميلة في الفيلمين الخليجيين كانت محمودة، وجعلتنا نكتشف دولتين، بصرياً وفيلمياً، من خلال حواري مملكة البحرين بعيون شابتين حلوتين - وعنوان الفيلم هو بالضبط «قولي يا حلو» لمحمد جناحي -، وعبر إحدى جنان المملكة العربية السعودية الجبلية الخضراء في فيلم «الحصن» لفيصل شديد العتيبي الذي سعى بعمله هذا إلى محو الصورة النمطية التي يحملها الكل عن البلد المقدس. أما الفيلم المغربي «الأقصى يسكن الأقصى» فحاول تقصّي وجود المغاربة في القدس وبجوار المسجد الأقصى منذ أزمان، لكنه اكتفى بحوارات وصور قديمة ومشاهد تظاهرات احتجاجية ذات لون معروف.

فلسطين وصورتها

واستمر المعطى السياسي حاضراً في الندوة الرئيسية للمهرجان والتي تناولت «صورة فلسطين في الفيلم الوثائقي»، وعرفت مداخلات وسجالات ونقاشاً مهماً. المداخلات وعلى غرار الأفلام قاربت الموضوع في شكله المحدّد من بعيد، لأنها استفاضت في الأرقام والجرد التاريخي للأفلام التي تناولت فلسطين والقضية الفلسطينية، متناسية لا شعورياً استحضار قوة الصورة والسينما في الطرح. السينما كانت ستخدم القضية في شكل أفضل لو منحت الجانب الإنساني الأولوية عوض التركيز على المعتقد وعلى لغة الاحتجاج والتنديد فقط. لكن أجواء الندوة جعلت الضيوف العرب بخاصة يكتشفون قاعة ندوات معروفة بخريبكة باحتضانها لندوات كبيرة ومؤثرة مغربياً وأفريقيا وعربياً. ليس كفضاء فقط، لكن كمكان للتعلم والتزود والاكتشاف.

والأهم في كل هذا، وكتأكيد رمزي قوي على أن الحدث السياسي العربي لا يمكن التغاضي عنه في برمجة مهرجان فني سينمائي كيفما كان الحال، كانت جلسة الاختتام متفردة بحضور ضيف لافت هو الموسيقي اللبناني الملتزم مارسيل خليفة الذي غنى للثورة والحرية والحب، لمحمود درويش النضال والقضية والإيقاع الشعري الجارف. لم يتمالك المناضلون القدامى من اليسار ومن المثقفين الحاضرين أنفسهم من الدهشة. زيارة أولى كانت بمثابة مفاجأة من عيار كبير. صاحب الشعر واللحية الفضيين أدى أشهر أغانيه، «ريتا» و «خبز أمي» و «منتصب القامة أمشي»، تجاوبت القاعة بكاملها وانتفضت في القلوب أناشيد الثورة الأخرى التي تنتصر للإنسان، وكان لافتاً أن يصدح الجميع بـ «العيون العسلية» و «نبيذ الشفتين» في القصيدة الرائعة «ريتا والبندقية». لقد كان الحدث إعادة توازن قوية للطروحات الثورية كما جاءت في الأفلام المعروضة وفي النقاشات الصباحية وفي الندوة، توازن في الرؤى المختلفة، فالثورة تتحقق بالاختلاف والمشاركة والربيع يزهر بمختلف الألوان والنسائم.

والحق أن هذا المهرجان استطاع أن يؤكد حضوره وتميزه في خريطة المهرجانات على رغم إمكاناته المتواضعة. ناهيك بأن مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الضايل وعد بالوقوف إلى جانبه ودعمه في الدورات المقبلة، وذلك في كلمته في جلسة الافتتاح التي شكلت درساً سينمائياً حول الوثائقي والريبورتاج وعن قدرة السينما التسجيلية على الشهادة على الواقع شريطة الالتزام الابداعي.

الحياة اللندنية في

07/09/2012

 

كتاب - رأس الممحاة حين يعمل متأخراً

دمشق – فجر يعقوب 

يتنقل الناقد السينمائي الأردني عدنان مدانات في كتابه الجديد «السينما التسجيلية – الدراما والشعر» - الصادر في عمان عن مؤسسة عبدالحميد شومان - بين تيمات مختلفة تتناول هموم وطبيعة الفيلم التسجيلي الذي يرنو إليه نظرياً وعملياً، وإن كان يحاول تجاهل الإعلان عن هذا. ذلك أن الكاتب يتعامل بنوع من القسوة الدفينة مع تجربة إخراجية لم تكتمل انتهت بثلاثة أفلام تسجيلية، فيما لم يكتمل الرابع بسبب أوضاع «حزبية» صرفة جرت يوماً على هامش الحرب الأهلية اللبنانية ليس مجال ذكرها هنا الآن. لن يكون صعباً الإيغال مع مدانات من البوابة الجمالية التي اختارها للكتاب. فثمة ما يوحي بأن التجربة غير المكتملة للمخرج انتهت إلى تجربة الناقد، وهو يعاين أفلاماً لها طبيعة خاصة، ويمكن أن تدلل على اتجاه كان ممكناً لمدانات أن يوغل فيه عملياً كمخرج من طينة درامية مختلفة، حين قبل في المعهد السينمائي السوفياتي الحكومي «فكيك» طالباً في فرع سينما الخيال العلمي. لم يقبل الطالب مدانات نوع دراسته ولم يستسلم، فدراسته كانت أدبية أساساً، ومن نافل القول إنه كان بعيداً تماماً من التحصيل العلمي الذي يستند إلى معادلات صعبة. مهما يكن، فإن انتقال مدانات إلى جامعة موسكو لدراسة الفيلم التسجيلي غيّر مجرى حياته في ذلك الحين. لم يكن ممكناً التعرف إلى هذا النوع السينمائي المستقل إلا على يد البروفيسور سيرغي دروباشنكو. والنوع المستقل في طبيعة الحال لم يكن ممكناً التعرّف اليه إلا من خلال «الرجل ذو الكاميرا السينمائية»، دزيغا فيرتوف. دروباشنكو نفسه من سعى طوال حياته إلى العمل على تجميع كل ما كتبه هذا السينمائي التسجيلي الروسي الكبير. لا ينسى مدانات أن ينهي كتابه بفصل خاص عنه مستعيداً سيرته كرائد مبدع في حقل التسجيل السينمائي حين يمكن فهمه من بوابة أن «السينما لا تكون فناً إلا عندما تكون الكاميرا في عين شاعر»، كما يذهب كاتب فرنسي.

«رأس الممحاة» هو عنوان الفصل الملهم في ذكريات المخرج «الغامض» ديفيد لينش، ويستعيده في كتابه. وربما هو من يدفع بالناقد الأردني، وهو على أبواب عقده السابع كما نعتقد، إلى الانطلاق من تجربة اخراجية لم تكتمل باتجاه أفلام طبعت مسار السينما التسجيلية العربية، أو غيّرت في مسارها جزئياً كما هو الحال لحظة ظهور فيلم «صور من ذكريات خصبة» للسينمائي الفلسطيني المقيم في بلجيكا ميشيل خليفي. يعيد مدانات هنا تصوير الأمر على أنه فصل خاص بالمختبر الابداعي الذي انطلق يوماً في تسجيله نقدياً، فعمل على لقاء مخرجين عرب من طينة السوري نبيل المالح، والتونسي محمود بن محمود. ولكن طبيعة الكتاب أو هويته سمحت باجتزاء «الذكريات الخصبة» فقط من هذا المختبر الابداعي ليرسم مدانات من خلالها هوية كتابه... وإن ظل بعضها يتأرجح ما بين الروائي والتسجيلي، فذلك لأن بعض الأفلام الصامتة كانت تحمل همّاً جمالياً متأرجحاً وقلقاً أيقظ الكثير من المواهب على نوعين سيسيران دائماً على طرفي نقيض، ويكملان بعضهما بعضاً في تآلف منقطع النظير. فبعض أهم الأفلام الروائية لم يكن ممكناً لها أن تتألق لولا هذا الحس التسجيلي الذي تحكّم في الكثير من اللقطات التفصيلية وأعطاها أبعاداً لم تكن ممكنة من دونه.

تعبير عن الندم

يبدو لافتاً هنا أن ينحني عدنان مدانات على أفلام ربما اقتربت في شكل من الأشكال من سينما الخيال العلمي. ربما لا يكون الأمر كذلك. في فيلم «انطباعات من تحت الماء» للسينمائية الألمانية ليني ريفنشتال، ثمة ما يوحي بالتماس مع ذلك العالم الغريب الذي رفضه الناقد الأردني يوماً. ليس فيلم ريفنشتال تعبيراً عن ندم. لم تكن صاحبة فيلم «انتصار الارادة» الذي أخرجته عام 1934 وحقق لها شهرة عالمية تحيد عن تمجيد النازية الهتلرية فيه. ولكن «تحت الماء» يجيء كتحفة بصرية ليعيد لها سكينة مفقودة، فهي تخرجه وقد بلغت المئة من عمرها. ولدت عام 1902 وأخرجته عام 2002. إنه أقرب إلى سيمفونية عن الوئام بين مخلوقات الطبيعة المختلفة، وهي تفند من خلاله في عالم الأسماك نظرية شائعة «السمكة الكبير يأكل السمك الصغير». ليس هناك أثر في فيلم ريفنشتال لهذه النظرية التي تأسست عليها الحروب بين البشر. ثمة سمكة ضخمة وبشعة تفتح فمها وينتظر المشاهد أن تدخل السمكة الصغيرة فيه، ولكن هذه الأخيرة تدخل وتخرج أكثر من مرة من دون أن تحدث النهاية المتوقعة. بالطبع هناك فيلمان ينتميان إلى الطائفة نفسها. الأول فرنسي وهو عن عراك غير منتهٍ بين شبل أسد وضفدع لمخرج فرنسي نسي مدانات اسمه، وهذا الفيلم عرض أثناء دراسته الجامعية، ولكن ما يلفته هو تيمته وطريقة عمل المخرج عليه وقد استغرق تصويره شهوراً، بطريقة أفلام سينما الخيال العلمي نفسها. وسيجيء فيلم المخرج اللبناني برهان علوية «مازن والنملة» ليكمل هذا الميل في الاستنتاج. ربما يكمن، في تصوير النملة ومحاولتها نقل حبة القمح مراراً إلى بيتها، السبب الرئيس وراء نوع من الرصد الطويل والمتأني بالكاميرا، لتصبح قصة تأخر مازن عن مدرسته بسبب معاونة النملة على الوصول سالمة بغذائها إلى البيت، ذريعة في إكمال النقص الذي يمكن أن يسببه «رأس الممحاة» أحياناً حين يجرى التنبه إلى مسألة في غاية الأهمية، ولكن بعد فوات الأوان، اذ لا يعود مهماً معرفة الكيفية التي صورت فيها النملة، وهل كان الأمر مبرمجاً، أو فيه نوعية من المراوغة العلمية التي تبحث في الدقة ونوعية المراقبة غير الحرة أحياناً.

«السينما التسجيلية – الدراما والشعر» اعتراف من ناقد مثابر، بأن الممحاة بدأت عملها ربما قبل ذلك بكثير، حين رفض تلك الانعطافة، وقام هو بعد ذلك بالكتابة عن السينما والسينمائيين، ولم يلق بالاً للأفلام التسجيلية التي صنعها إلا متأخراً، وظلت العناوين هي التي تجذب، كما هي حال المقارنات هنا بين فطور الصبي للأخوين لوميير، أو ذلك الفيديو المنزلي لمخرجة مجهولة من قرغيزستان بعنوان «مهد السعادة». حتى الأفلام العربية هنا لم تخلص من تلك المقارنات، وإن ظلت في بؤرة أضيق، فذلك أن السينما العربية لا تزال مقصرة أحياناً في دراسة السلوك البشري نفسه، كما قد يرى الناقد عدنان مدانات في بعض هذه المقارنات.

الحياة اللندنية في

07/09/2012

 

كلاسيكيّات عربية للجمهور البريطاني

لندن – «الحياة» 

في الفترة من 21 إلى 27 الشهر الجاري، سيكون الجمهور البريطاني على موعد مع مهرجان للسينما العربية ينظمه «المركز العربي البريطاني» بالتعاون مع كل من «مؤسسة الفنون المعاصرة» في لندن و «مهرجان السينما العالمية» في دبي. ويشرف عليه الكاتب والمنتج المصري المقيم في لندن عمر خليف.

المهرجان الذي يقام تحت اسم «سفر: رحلة في السينما العربية الشعبية» سيكون الأكثر طموحاً في نوعه، إذ سيُعرَض للمرة الأولى عدد من الأفلام العربية المميزة في مركز واحد في العاصمة البريطانية، وخلال أسبوع واحد ما يتيح لأجيال مختلفة من البريطانيين والعرب المقيمين في بريطانيا فرصة نادرة لمشاهدة أفلام تغطي مراحل زمنية متنوعة.

الأفلام التي تم اختيارها للمهرجان تشمل نتاجات كلاسيكية وأخرى معاصرة، بعضها لم يعرض سابقاً في بريطانيا في حين أن بعضها الآخر أعيد مونتاجه ليتناسب مع التقنيات الحديثة. كما أن مواضيع الأفلام تتراوح بين الكوميديا والدراما والميلودراما.

تغطي هذه الأفلام مرحلة تمتد على أكثر من خمسين سنة. ومع أن غالبية العروض السينمائية أتت من مصر إلا أن منظمي المهرجان ضمّنوا الفعاليات أفلاماً من لبنان والأردن. ولم يتردد هؤلاء في اختيار أعمال أثارت جدلاً واسعاً عند عرضها للمرة الأولى، وهم يعتبرون أن من حق الجمهور مشاهدة هذه الأفلام والحكم عليها من دون مواقف مسبقة.

يتضمن البرنامج الأفلام الآتية: «بوسطة» لفيليب عرقتنجي، «خلي بالك من زوزو» لحسن الإمام، «رصاصة طائشة» لجورج هاشم، «بداية ونهاية» لصلاح أبو سيف، «الإسكندرية ليه؟» ليوسف شاهين، «الكابتن أبو رائد» لأمين مطالقة، «الإرهاب والكباب» لشريف عرفة، «واحد صفر» لكاملة أبو زكري، «بناية يعقوبيان» لمروان حامد.

وقبل عرض كل فيلم، سيكون هناك تقديم وتعريف بالفيلم والمخرج والممثلين. وستكون هناك أيضاً ندوات للنقاش يشارك فيها بعض المخرجين والممثلين منهم: خالد أبو النجا ونديم صوالحة وحسين فهمي ومروان حامد.

الحياة اللندنية في

07/09/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)