لربما حظيت إيميلي بلانت بزفاف من عالم الخيال، بخلاف فيوليت (شخصيتها
في فيلم The Five-Year Engagement).
يُعتبر هذا الفيلم، الذي أعده صناع فيلم
Forgetting Sarah Marshall،
قصة مجنونة تحمل الكثير من العبر. يبدو أن الظروف تعاكس فيوليت وتوم (الذي
شارك المخرج نيكولاس ستولر في كتابة السيناريو) وتمنعهما من عقد قرانهما.
فتشكل المسائل العائلية والمهنية حواجز عدة تعيق زفافهما، فضلاً عن أن كل
الأماكن المناسبة لإقامة الزفاف تكون محجوزة، إلا إذا قررا الزواج في 11
سبتمبر، وهذه بالتأكيد فكرة سيئة. لا شك في أن بلانت لم تعتد هذا النوع من
الأفلام الكوميدية الخارجة عن المألوف، علماً أن هذه الممثلة شاركت في عدد
كبير من الأفلام المتنوعة، منها The Young Victoria،The Adjustment Bureau،
وThe
Devil Wears Prada (كادت في هذا الفيلم أن تسلب ميريل ستريب الأضواء بصفتها
مساعدتها الخرقاء). ماذا عن زفافها الخاص؟ تزوجت بلانت جون كراسينسكي من
فيلم The Office
في منزل جورج كلوني في بحيرة كومو في إيطاليا عام 2010. تحدثت بلانت إلى
صحيفة
Newsday، وكانت هذه مقابلتها الأخيرة في يوم حافل
بالمقابلات.
§
كيف تشعرين الآن؟
ما زلت متماسكة. شارف يومي الطويل على نهايته.
§
هل من سؤال سئمت الإجابة عنه
وتودين ألا نطرحه عليك؟
كانت الأسئلة التي طُرحت عن هذا الفيلم منوعة وممتعة. لكن عندما شاركت
في فيلم Salmon Fishing in the Yemen، سئلت مرات كثيرة: «كيف تحبين تناول سمك
السلمون؟»، حتى رغبت في النهاية في لكم كل مَن يطرح علي هذا السؤال.
§
إذاً لن نطرح هذا السؤال. وسنترك
الإجابة عنه لغزاً.
شكراً جزيلاً.
بعدما شاهدت أداءك في هذا الفيلم، لا بد من أن أقول إن ميريل ستريب
واجهت منافسة حقيقية.
أصبت.
§
تشتهر ستريب بقدرتها على أداء
مختلف اللهجات بإتقان عالٍ، إلا أننا لم نسمعها يوماً تقلد شخصية Cookie Monster.
يا له من مشهد مضحك! قلّدت Cookie Monster
باحتراف.
كان هذا التحدي الأكبر الذي واجهته، وكان علي أن أحرص على ألا تتلف
أوتاري الصوتية بسبب إعادة هذا المشهد مرات عدة. كان مضحكاً فعلاً. لكن
الفيلم يحتوي على كثير من المشاهد المميزة. أدرك أن الحبكة الأساسية
مألوفة، كذلك صور الفيلم التي نشرت. فهو في النهاية فيلم رومانسي فكاهي.
بيد أنه غني بشخصياته الفريدة، وتحفل المشاهد بالمواقف المضحكة، الغريبة،
والمماثلة لما نصادفه في حياتنا. فالأعذار التي تقدمها الشخصيات واهية
ومشاهد الحب غريبة. ينجح هذا الفيلم أكثر من أي فيلم كوميدي آخر في تسليط
الضوء على إخفاقات شخصياته.
§
تصابين بسهم وتصدمك سيارة. لم
يسبق أن رأينا ممثلة رئيسة تتعرض لهذه الحوادث كافة!
هذا ممتع. يحظى الممثلون الرجال عادة بالمشاهد الكوميدية الممتعة
كافة، وتكتفي الممثلات بالوقوف بجانبهم لسبب ما مرتديات ملابس مثيرة ولا
يكففن عن ترداد (تتحدث بلهجة أميركية): «عزيزي، لمَ تبدو غريباً؟». سئمت من
النصوص التي تحول المرأة إلى سلعة أو تصورها بمظهر ممل. ولكن في هذا الفيلم
يبدو دور المرأة أساسياً ومضحكاً بقدر دور الرجل. وقد أثار الفيلم اهتمامي
لأن المشاهد المضحكة تتوزع بالتساوي بين الممثل والممثلة الرئيسين.
§
كيف حال زوجك؟ هل تحظين أنت وجون
بفرصة للاسترخاء هذا الصيف؟
لا أعلم. أود الذهاب إلى أوروبا لبعض الوقت. لكني لا أعرف متى سيتسنى
لنا ذلك. نخطط عادة لعطلنا في اللحظة الأخيرة. نحاول ألا نشغل بالنا بها
مسبقاً.
يخطط بعض المسافرين لكامل تفاصيل رحلتهم، في حين يصل آخرون إلى وجهتهم
ويبدأون البحث عن فندق.
نحن من الفئة الثانية.
§
أما زال بإمكانك التصرف على هذا
النحو بعدما اكتسبت شهرة إضافية؟
يمكنني ذلك في بعض البلدان. أفضل أن أعرف مسبقاً أين سننام ليلاً، إلا
أنني لا أخطط لسائر تفاصيل الرحلة.
§
تحاولين التوصل إلى نوع من
التوازن بين مسيرتك المهنية في بلدك الأم بريطانيا وفي هوليوود. هل يختلف
عالم الأفلام بين هذين البلدين؟
يعطى أهمية أكبر في لوس أنجلس. تشعر أن هذا القطاع يسيطر على كامل
تفاصيل المدينة. أما في إنكلترا، فينظرون إليه بنوع من الاستخفاف، وقلما
يقصد المنتجون مواقع التصوير. لعل هذا أمر إيجابي، أليس كذلك؟
§
تخططين لتنفيذ مشاريع جديدة
قريباً، مثل Arthur Newman, Golf Pro..
سيشاركني كولن فيرث التمثيل في هذا الفيلم. تدور أحداثه حول رحلة
جميلة وغريبة على الطريق. ينتمي هذا العمل إلى الكوميديا السوداء ويتحدث عن
زوجين منبوذين اجتماعياً. أظن أن هذا أصعب دور أديته. فالمرأة معقدة وتعيسة
جداً، تظن أنها ستجن، وأنها تعاني الفصام مثل شقيقتها التوأم وأمها. كنت
أحلم بالعمل مع كولن.
§
ماذا عن
Looper؟
أعتقد أن
Looper
أجمل فيلم تسنت لي فرصة المشاركة فيه.
§
حقا؟
نعم، إنه مميز فعلاً. تدور أحداث فيلم الخيال العلمي هذا في المستقبل
القريب. تقوم الحبكة على فكرة أن السفر عبر الزمن أصبح ممنوعاً وما عاد أحد
يستعمله إلا المنظمات الإجرامية التي ترسل ضحاياها إلى الماضي ليتخلص منها
قتلة مأجورون يدعون loopers.
يؤدي جو غوردون ليفيت دور قاتل، ويضطر ذات يوم إلى مواجهة ذاته من المستقبل
ويكون عليه قتلها.
§
يؤدي بروس ويليس هذا الدور.
لكنه يعجز عن قتل نفسه… هنا تبدأ المشاكل. يُعتبر هذا أحد أكثر
الأفلام تشويقاً وتتوالى خلاله الأحداث بسرعة كبيرة.
§
هل تنتمين إلى إحدى المنظمات
الإجرامية؟
لا يمكنني الإجابة عن هذا السؤال.
§
إذاً، سيبقى هذا السؤال لغزاً،
تماماً مثل مسألة السلمون.
لن أجيب.
الجريدة الكويتية في
06/05/2012
The Raven…
يعيد ابتكار حياة إدغار آلان بو
كتب: أندريا مانديل
بحسب المعلومات الموثوقة، توفي إدغار آلان بو في 7 أكتوبر 1849، عن
عمر أربعين سنة، بعدما وجد تائهاً ومشرداً في شوارع مدينة بلتيمور. وما من
معلومات مؤكدة حول مكان وجوده في الأيام الأخيرة قبل وفاته. وتعزى وفاته
لأسباب عدة غير مؤكدة، منها إدمانه على الكحول، وداء الكلب، وغيرها من
أمراض أخرى.
إلا أن الفيلم الروائي المثير
The Raven
يطرح حلاً مختلفاً لكن أقل بساطة، لهذا اللغز.
يتطرق فيلم
The Raven
إلى أفضل أعمال إدغار آلان بو الروائية، ويصور جانباً مختلفاً كلياً
عن شخصية الفنان الغامضة والمتداولة في سير حياته. يؤدي الممثل جون كوزاك
شخصية بو، ويكشف أداؤه عن شخصية الفنان المليئة بالتناقضات. فهو مغرور
ولكنه لا يشعر بالأمان («إنني أحتقر الاشخاص الذين يحتقرونني»)، مرح ولكن
متذمر (من الأفضل أن أقف، فذلك سيسهّل عليّ الرحيل)، مدمر لذاته ولكن غير
عطوف.
عن تلك الشخصية، يعلق كوزاك قائلاً: «ثمة تناقضات إيجابية وسلبية عدة
في ذلك الرجل. وقد حرصنا على أن نظهر جميع تلك الجوانب المختلفة في شخصيته.
فكان يصف نفسه بالكاتب الاستفزازي والتهكمي. وكان يدرك تماماً أن أعماله لا
تجذب الذوق العام، بل كانت مستفزة وفكاهية في آن. وكان يتمتع بروح المنافسة
ويتعمد التهجم على الكتاب الآخرين. وكان ناقداً لاذعاً وحذقاً. تلك الصفات
كافة جعلته شخصية معاصرة مميزة، على رغم أن الرواية تعود إلى سنة 1849».
يرى كوزاك أن شخصية بو المستفزة والاستثنائية وغير الممتثلة للقيم
والعادات، التي انعكست في قصائده، ورواياته الخيالية وأعماله الأدبية، هي
التي ساهمت في الحفاظ على إنجازاته الموروثة من جيل إلى جيل، حتى يومنا
هذا. اليوم، يعتبر بو أحد عرابي روايات الرعب الحديثة. ولا شك في أن أفلام
الرعب والتشويق المقتبسة من روايات بو، لا سيما فيلمي
The Pit and the Pendulum
وThe Tell-Tale Heart،
تتساوى في الحبكة والرسالة، مع أفلام الرعب المعاصرة، مثل Hostel
وSaw.
بحسب رأي كوزاك، يعتبر بو أحد أهم عرابي الفن المعاصر، أمثال الفنانين
كوورت كوبين أو هانت س. تومبسون اللذين ضحيا أشد تضحية لأجل فنهما.
ويضيف كوزاك: «تميّز بو بشخصية ثائرة ومتمردة في طرق عدة. فقد كان
يدوس على النهج السائد ويبتكر نهجاً مغايراً. ولم يتوان عن كتابة القصائد
مضمرة المعاني، وروايات التشويق والرعب متدنية المستوى، والقصص ذات
النهايات المشوقة، والروايات الشاذة. وتصور إحدى رواياته قرود البابون
الضخمة وهي تتسلل من المدخنة ومعها أداة حادة تزهق بها أرواح الناس. لكنه
تميز أيضاً في كتاباته بشغفه لتجسيد الجمال وكان ريادياً في كتابة الروايات
التي تغوص في غور العقل الباطن. وتميزت روايات الكاتب في تجسيد هواجس العصر
التي لم يخف من التعبير عنها بصراحة». يتابع كوزاك في هذا الخصوص :»يعتبر
كل فنان يصرح، في أيامنا هذه، عن معاناته، كما سبق أن فعل بو في أيامه، أحد
رموز الثقافة الشعبية».
إطار روائي
تم التباحث في تصوير
The Raven
لمدة عقد كامل تقريباً، ويروي الفيلم جوانب عدة من حياة بو في إطار
روائي خيالي يستند إلى أشهر رواياته. وقد تولى بن ليفنغستون وهانا شيكسبير
كتابة سيناريو الفيلم عام 2002، وتم الاتفاق على تصويره بعدما صرح كوزاك
على موقع «تويتر» بقبوله بالدور.
في هذا الصدد، يعلق الكاتب ليفنغستون: «يصور معظم الناس بو على أنه
شخصية تعيسة، كئيبة، وثملة، إلا أنه فنان أعظم شأناً مما يحسبه الناس. فقد
كان يتمتع بجاذبية كبيرة وكان محور اهتمام الآخرين. وهو يتمتع أيضاً بحس
فكاهي، إلا أنه لم يكن محبوباً كثيراً. ولا ننفي أنه كان ثملاً أحياناً.
ونحن حرصنا على أن نبرز جوانب تلك الشخصية المثيرة للاهتمام كافة، من دون
السعي إلى تحسينها».
يتطرق ليفنغستون إلى أحداث عدة في حياة بو تهدف إلى إبراز الجانب المحبب في
شخصية هذا الفنان. فعلى سبيل المثال، بعد انتهاء بو من عمله الفني القصير
الذي عرض بين سنتي 1830 – 1831، في «ويست بوينت»، ينتقل إلى مدينة بوسطن
حيث ينشر بنفسه مجموعة قصائد مولتها تبرعات جمعها زملاؤه الأصغر سناً الذين
أحبوا قصائده الطريفة والساخرة التي تتطرق إلى مديري المدارس.
إلا أن ليفنغستون يستدرك بسرعة ويصرح أن
The Raven
ليس فيلماً خيالياً وتاريخياً، مشدداً على أنه تمت الاستعانة بشخص بو
كإحدى الشخصيات في الرواية».
حبيبة الكاتب
تتمحور قصة
The Raven
حول قاتل يرتكب جرائم عدة مستوحاة من روايات الكاتب بو، ويستهدف في نهاية
المطاف حبيبة الكاتب (تمثل دورها أليس إيف). على مستوى الرواية والجو
العام، يحاكي العمل فيلم Seven
أكثر منه The Masterpiece Theater.
وعلى رغم العناصر الخيالية في الفيلم، سعى المخرج جايمس ماك تيغ» (من أبرز
أعماله: V for VendettaوNinja
Assassin)،
إلى إضفاء لمسة معاصرة من ناحية الإخراج والتصوير السينمائي. وقد عمد
المخرج لإعادة إحياء أبرز سمات القرن التاسع عشر، تحديداً حقبة ما قبل
الحرب الأهلية الأميركية، إلى تصوير الفيلم في بودابيست. يُشار إلى أن ماك
تيغ أخرج أفلاماً كثيرة تعيد إحياء العصر السالف، أهمها فيلم الرعب Mad Love
للروائي بيتر لور، وغيرها من أفلام عرضت في السنوات الأخيرة، كفيلمBarry
Lyndon
وMoulin
Rouge.
حرص المخرج الذي أخرج جميع أجزاء فيلم
The Matrix، على أن تكون المشاهد منطقية ومطابقة مع واقع
اليوم، إذ يرى أن تصوير سيرة حياة الفنان بو لن تستقطب الجمهور الأوسع.
ويضيف المخرج: «لا يروي الفيلم سيرة حياة بو التاريخية، لكنه يجسد
نسخة معاصرة عن حياة بو. ثمة تفاصيل عدة صغيرة قد نضيفها إلى الفيلم كي
تعطيه رونقاً معاصراً، وثمة عناصر مرئية مستعارة من روايات تصويرية. تلك
العناصر كافة تندمج وتصبح جزءاً لا يتجزأ من الفيلم. بالطبع، ساهم أداء
الممثل جون، وهو صديق دميان هيرست وغيره من فنانين سابقين لعصرهم، في إضفاء
الحيوية والحياة على الفيلم».
عن دوره في الفيلم، يعلق الممثل كوزاك أنه بعد أداء شخصية بو والبحث
في تفاصيل حياته، أدرك مدى أهمية تأثير الفنان في جوانب عدة من الثقافة
العامة البعيدة عن الرعب.
ويضيف قائلاً: «يبدو تأثير بو واضحاً في أعمال الروائي ويليام بورو
ونورمان مايلر. ويمكنكم التناقش في جدارة المذيع هاورد ستيرن، لكنه لا يقوم
سوى بالتعبير عن هواجس ومشاكل الناس. وخير دليل على ذلك، موسيقى الروك
الصاخبة (heavy metal،
وdeath metal )
التي تجسد المخاوف والهواجس التي تهيمن على
المجتمع. فماذا يمكنكم القيام به في عالم عصري حيث لا مكان للمصداقية
والمعنى الحقيقي؟ ستكتمون مخاوفكم الكبرى، وهي الموت، والخوف، والجنس،
والانحراف… تلك الأحاسيس كافة والأفكار الغامضة التي يجبركم المجتمع
المتزمت على كتمانها؟ من الجيد الشعور بالسعادة والفرح، لكنه من الجيد
أيضاً التعبير عن مخاوفكم المستورة. وهذا ما فعله بو».
الجريدة الكويتية في
06/05/2012
رغم انتعاش الدراما التلفزيونية.. والمسرح في الطريق
للعام الثاني على التوالي.. السينما المصرية تواصل التراجع
القاهرة - أحمد الجندي
طوال العام الماضي وفي أعقاب قيام ثورة يناير عاشت الساحة الفنية في
مصر على مختلف اتجاهاتها حالة من الارتباك والتخبط والعشوائية أدى إلى
تراجع شديد وخسائر فادحة لآليات الإنتاج الفني ووصل الأمر إلى منحني خطير
كان ينذر بقرب توقف الحركة الفنية في مصر تماماً، ومع مضي وتوالي الأيام
والشهور بدأت الأوضاع تهدأ وبدأت الحياة تدب من جديد في هذه الحركة وبدأ
الأمل يداعب كل العاملين في الساحة الفنية بقرب استعادة الحركة لعافيتها.
وبالفعل مع بداية العام الحالي وخلال الشهور القليلة التي أنقضت منه
بدأت الساحة الدرامية تنتعش وتستعيد كثيراً من عافيتها وأضاءت أضواء
البلاتوهات والاستديوهات بالعديد من المسلسلات التلفزيونية التي يجري
تصويرها وأصبح هناك ما يقرب من 30 مسلسلاً درامياً سوف يشاهدهم الجمهور
العربي خلال شاشة رمضان المقبل، وهناك نصيب كبير من هذه الأعمال لكبار
النجوم الذين عادوا بالفعل إلى الدراما منهم عادل إمام ومحمود عبدالعزيز
وكريم عبدالعزيز وأحمد السقا ويسرا ويحيي الفخراني وغيرهم وهذه المؤشرات
تدل بالقطع على أن الدراما التلفزيونية بدأت تستعيد عافيتها، إضافة إلى ذلك
هناك المسرح الذي بدأ هو الآخر يستعيد جزءاً من عافيته، فبعد أن كانت
المسارح مغلقة ومطفأة أصبحت مسارح الدولة مضاءة بعروضها المتنوعة وتجتذب
جمهورها.
ورغم هذه الحال من الانتعاشة لجوانب الساحة الفنية بقيت السينما تمثل
حالة خاصة فلم يطرأ عليها أي تغير أو انتعاش وبقيت على نفس حالة التخبط
والارتباك والتراجع وما كان موجوداً في العام الماضي أصبح هو نفسه خلال
الشهور الأولى من هذا العام وخاب ظن الكثيرين من أن عام 2012 سيكون هو عام
انطلاقة السينما، ولعل أبرز مثال ودليل على هذا التراجع المستمر من العام
الماضي ما تفرزه الأرقام، ففي عام 2010 أنتجت السينما المصرية 40 فيلماً
وتراجع الرقم إلى 18 فيلماً فقط خلال العام الماضي 2011، ومع الشهور الأولى
من العام الحالي لم يتم إنتاج سوى 4 أفلام فقط نصفهم كان مؤجل تصويره من
العام الماضي، رغم أن العام انقضي ما يقرب من ثلثه أي إذا استمر الأمر على
هذا النحو فسيكون معدل الإنتاج هذا العام
أقل من 15 فيلماً وهذا يعد كارثة وتراجع إنتاجي رهيب وربما غير
مسبوق.
وهنا يبرز السؤال هل ثورة يناير وراء كل هذا التراجع والانهيار؟،
الإجابة من الشكل الظاهري تقول «نعم»، لكن الحقيقة قد تبدو غير ذلك فإذا
نظرنا أبعد قليلاً سنجد تونس التي قامت بها ثورة تماماً مثل مصر لم تتراجع
السينما عندها على الإطلاق بل العكس هو الذي حدث، فرغم أن السينما التونسية
هي في الأصل قليلة الإنتاج والمعدل عندهم يتراوح ما بين «3 5» أفلام إلا
أنهم في العام الماضي «عام الثورة» تضاعف الإنتاج السينمائي هناك ووصل إلى
10 أفلام رغم الظروف العصيبة التي مرت بها تونس مثلما الحال في مصر.
ولا يتوقف الأمر على تونس وحدها فنرى السينما السورية هي الأخرى تقف
كمثال يؤكد على أن ثورة يناير بريئة من الكسل والتراجع السينمائي المصري،
فرغم أن السينما في سوريا ليست سينما كثيفة الإنتاج إلا أنها شهدت خلال
العامين الماضيين صحوة سينمائية جعل معدل إنتاجها يرتفع من فيلمين فقط في
العام إلى 5 أفلام خلال العام الماضي رغم قسوة الأحوال هناك ونيران الثورة
الذي ما زال مشتعلاً.
فما هي أسباب هذا التراجع الذي لا يزال مستمراً على ساحة السينما
المصرية؟، ولماذا لم تستعيد توازنها حتى الآن؟، يقول السيناريست والمنتج
محمد حفظي: بالطبع الحالة التونسية والسورية مقارنة بالحالة المصرية تبعث
على الدهشة، وإذا تخلصنا من الدهشة وبحثنا في الأسباب سنرى أن الظروف
الإنتاجية في مصر مختلفة والتكلفة التي يتكلفها الفيلم في تونس وسوريا
مختلفة تماماً عن مثليتها في مصر التي يعتمد الإنتاج فيها على التمويل
الرئيسي من القنوات التي تشتري الأفلام بنسبة أكثر من 50% من تكلفة الإنتاج
وهذه القنوات قلصت تماماً تمويلها في الفترة الأخيرة بسبب انخفاض عائد
ونسبة الإعلانات التي تعد مصدر دخلها الرئيسي، وذلك يرجع لحالة الاستقرار
التي لا يعرف أحد متى تعود وأصبح مسؤولي القنوات يخشون من أن يدفعوا
أموالاً في شراء أو تمويل أفلام جديدة وهم غير مقتنعين بشكل كامل إذا كانوا
سيعوضون هذه الأموال من الدخل الإعلاني أم سيستمر الوضع متراجعاً.
من جانبه، يرى المنتج والموزع السينمائي محمد حسن رمزي الصورة غير
مبشرة ويقول: أنا متشائم جداً الآن، خاصة أنا أرى الانقسامات تسود بين
مختلف طوائف الشعب المصري والمجتمع في حالة من الارتباك الشديد وهو شيء
يعرض أي صناعة للخطر فما بالك بالسينما وهي في الأصل منتج ترفيهي وصناعة
ثقافية!!
وأضاف: في العام الماضي تكبدنا خسائر فادحة وما زلنا نخسر ولا أحد
يتحرك فمثلاً لم يتحرك أحد في مسالة تعويضات دور العرض الأربع التي أحرقت
في شارع الهرم أثناء الانفلات الأمني وقدرت خسائرها بـ 30 مليون جنيه،
وهناك إيرادات كانت متوقعة لم يتحقق منها شيء وفيلم كريم عبدالعزيز وحده
خسرت بسببه 9 ملايين جنيه في العام الماضي ولا أنا ولا أحد غيري يملك جرأة
الإنتاج والمغامرة في الوقت الحالي.
وأشار رمزي إلى جانب آخر من أسباب الأزمة وقال: المستثمر الذي يستثمر
أمواله في السينما خائف والذي كان يفترض من البنوك وينتج خائف من الخسائر
وعدم السداد والفضائيات التي كانت تشتري الأفلام بالملايين لم تعد تشتري
شيئاً وإن اشترت سوف تشتري بأرقام ومبالغ زهيدة للغاية تحقق الخسائر
والتوزيع الخارجي أصبح معدوماً تقريباً وكل هذه عوامل أوشكت أن تعصف بصناعة
السينما.
وأشار الناقد كمال رمزي إلى أن رؤية المنتجين والموزعين لها جانب ودخل
كبير في أسباب تراجع الإنتاج وقال: يجب أن يتغير المفهوم وتقدم أفلاماً
قليلة التكلفة عالية المستوى ويكون الرهان على جمهور السينما الذي أشك أن
ذوقه تغير للأفضل بعد الثورة، ولابد أن تتغير رؤية شركات الإنتاج والتوزيع
ويبتعدوا عن أفلام كبار النجوم التي تنفق ميزانيات باهظة وفي كثير من
الأحيان يكون مستواها الفني ليس على الشكل الجيد، والجمهور يريد تغيير في
الوجوه والموضوعات.
ويشاركه نفس الرأي تقريباً الناقد والسيناريست د. رفيق الصبان ويقول:
الحل في السينما المستقلة فهي وحدها القادرة على إنقاذ السينما المصرية من
كبوتها من خلال تقديم أفلاماً جيدة وعالية المستوى دون تكلفات عالية ومن
غير الاعتماد على النجوم الكبار الذين تستهلك أجورهم ميزانية الفيلم وتحتاج
تمويلاً خاصاً. وأضاف: لدينا تجارب ناجحة للغاية قامت بها شركة أفلام يوسف
شاهين وأيضاً الأفلام التي يقدمها المخرج إبراهيم البطوط وكذلك الأفلام
التي يقدمها المخرج والمنتج شريف مندور وهي أفلام رائعة المستوى وقليلة
التكلفة وإذا كانت هذه الأفلام لم تحقق الجماهيرية الهائلة عند عرضها سوف
تثبت هذه الأفلام نفسها وتصنع جماهيريتها مع تكرارها وكثرتها وهي أفلاماً
لا تخسر حالياً لأن ميزانياتها محدودة، وفي رأيي هذا هو الحل إذا أردنا أن
ننقذ صناعة السينما في مصر في ظل الأوضاع الحالية. ومن خلال رأي أكثر جرأة
يقول المخرج مجدي أحمد علي: لا يمكن مقارنة الوضع في مصر مع مثيله في تونس
أو سورية، فالفيلم هناك ميزانية إنتاجه لا تتعدي الـ 200 ألف دولار
وميزانية بعض الأفلام عندما تتعدي 10 أضعاف هذا الرقم وهذا ينطبق على أفلام
المغرب وسورية والأردن وغيرها من بعض الدول العربية التي بدأت تنتج سينما.
وأضاف: والحل في رأيي يكمن في ضرورة أن يكون للدولة دور في الإنتاج
السينمائي مثلما كان في الماضي وأنتجت الدولة كماً هائلاً من الأفلام
الرائعة المستوى ولا يجب أن يقتصر دور الدولة على دعم أو إنتاج فيلم واحد
أو اثنين كل عدة سنوات، أيضاً لابد أن تتغير طريقة تفكير شركات الإنتاج
التي تنتج للمكسب والربح المادي فقط بحيث يكون لديها استعداد للمغامرة
وتغير بوصلتها وتقدم أفلاماً يكون المستوى الفني والموضوع العالي القيمة هو
السبب في تقديمها وليس مجرد اسم ورغبة النجم، وهذه الأفلام مع الوقت سوف
تحقق النجاح والجماهيرية ولن تخسر وبهذا يمكن أن تستعيد السينما عافيتها.
النهار الكويتية في
06/05/2012 |