اعترف مشاهدون بأن الدافع الأول لمتابعتهم فيلم «المرأة الحديدية» هو
الفضول لمعرفة تفاصيل حياة مارغريت تاتشر، مشيرين إلى أن الدقة التاريخية
قد اختفت، إلى حد كبير، عن الفيلم الذي يعرض حالياً في دور السينما
المحلية، ويحكي السيرة الذاتية لأول رئيسة وزراء في بريطانيا التي مازالت
على قيد الحياة.
ويدور «المرأة الحديدية» حول السلطة، والتغيير، والوحدة كذلك، فيلم
جدلي لا يمكن اعتباره سياسياً خالصاً، إذ لا يمكن التغاضي فيه عن حياة
شخصية كانت صاحبة قرارات مهمة في مرحلة تاريخية مهمة، اختلف البعض أو اتفق
مع سياستها، وأيام القوة في حياتها، وكذلك لحظات الضعف لدرجة العجز عن رفع
فنجان شاي بعد شيخوختها. الفيلم الذي ادت دور تاتشر فيه ميريل ستريب وقدمته
بطريقة ابداعية كعادتها منحه مشاهدوه علامة تراوحت بين سبع الى 10 درحات،
وهو من اخراج فيلدا لويد وشارك ستريب البطولة كل من جيمس برودبنت وأوليفيا
كولمن.
بداية صادمة
في بداية الفيلم تظهر تاتشر امرأة عجوزا، كما حالها اليوم، تشتري
الحليب، ويمر بجانبها شخص يدفعها بقوة، ومراهق على دراجته يسخر منها، فتعود
أدراجها الى منزلها لتتناول القهوة والفطور، وتطلب من زوجها ألا يكثر في
تناول الطعام، وتشكو له زيادة الأسعار في البقالة، ليدرك المشاهد فوراً أن
تاتشر تتحدث مع نفسها لأن زوجها اللورد دينيش تاتشر ميت أساساً، وكأن
الفيلم اراد أن يظهر الحالة التي وصلت اليها تاتشر من الوحدة.
سونا محمد (26 عاماً) قررت أن تشاهد الفيلم لأنها قرأت كثيراً عن
تاتشر التي لقبت بـ«المرأة الحديدية»، وهو اللقب الذي منحها إياه رئيس
الاتحاد السوفييتي السابق غورباتشوف عن دورها في الحرب الباردة، مضيفة «أنا
لم اشهد على حقبتها، لكنني من الأشخاص الذين يدركون تماماً أنها لعبت دوراً
سيئاً في السياسة، وتأثيرها في منطقة الشرق الأوسط.. ليست تاتشر نموذج
امراة نحتذي بها، فيداها ملطختان بالدماء»، مانحة الفيلم سبع درجات «لأن
ستريب أبدعت في تجسيد الشخصية».
«من الألقاب التي حصلت عليها تاتشر هو خاطفة الحليب».. هذا ما قاله
مصطفى البغدادي (55 عاماً)، مضيفاً «لا استطيع أن اصف مشاعري في أول مشهد
لها وهي تقول لزوجها الذي توفي اصلاً أن سعر الحليب مرتفع جداً، وهي التي
الغت تقديم الحليب المجاني للأطفال في المدارس في بداية السبعينات من القرن
الماضي، عندما كانت تشغل منصب وزيرة التعليم، فأطلقو عليها خاطفة الحليب».
ووصف البغدادي الفيلم بـ«غير الدقيق تاريخياً، إذ اغفل الكثير من
المحطات الرئيسة في حياة تاتشر، لكن قصته بشكل عام مفيدة، ولا اخفيكم أنني
شعرت بالشماتة قليلاً»، وأعطى الفيلم العلامة الكاملة.
بينما قال أبوالهيثم (44 عاماً) «عندما كانت تتمتع تاتشر بالقوة
والسلطة كانت امرأة قاسية ودموية، واعتقد أنها حالياً تقترب من انسانيتها
وهي تفقد ذاكرتها رويدا رويدا»، مضيفاً «تاتشر كانت في مرحلة تاريخية مهمة
بالنسبة للعالم كله، نجحت حيناً، وأخفقت احياناً كثيرة، وتحولت في النهاية
الى سلطوية حتى في سلوكها ومعاملتها للموظفين لديها» مانحاً الفيلم 10
درجات.
الرجوع إلى الوراء
بعد تلقي الصدمة من مشهد تاتشر وهي تهلوس وتتخيل تبدأ حبكة الفيلم
فيرى المشاهد تاتشر الثمانينية وهي تزور ابنتها كارول لتطلب منها مساعدتها
على التخلص من ملابس والدها، في هذا المشهد تبدأ تاتشر بالرجوع لسرد
حكايتها، وتأثير الأشخاص فيها منذ معرفتها بزوجها الذي كان من أكثر من
أثروا في حياتها، بالإضافة إلى والدها الذي كان السبب في تحويل دراستها من
العلوم الى القانون، فتعود تاتشر مراهقة ثم طالبة جامعية وكيفية اللقاء
بزوج المستقبل رجل الأعمال الناجح، وبشكل مفاجئ يرى المشاهد نفسه في عام
1970 في قمة تألق تاتشر السياسية وأغلبية قراراتها التي غيرت العالم.
«المرأة الحديدية» من وجهة نظر فراس محمد (35 عاماً) «ليس سياسياً، بل
هو محاولة للفت الانتباه لصناع القرار في حياتنا على أن السلطة نهايتها غير
محمود، خصوصاً اذا كانت مملوءة بالدم.. وأرى أن الفيلم تغاضى كثيراً عن
حقبات سياسية مهمة وركز على اشياء غريبة، الأهم ان تاتشر اصبحت عجوزاً
مثلها مثل أي شخص قد يتعرض في كبره لفقدان الذاكرة»، مانحاً الفيلم ثماني
درجات.
في المقابل، قالت ميسرة داوود (50 عاماً) «عندما يأتي شخص لمشاهدة
فيلم يحكي عن تاتشر فهو آت لرؤية تاتشر وماذا حل بها.. وأنا لم اشعر بأنني
شاهدت تاتشر، أنا لا يهمني اذا اصبحت امرأة عجوزاً، أو انها فاقدة للذاكرة،
انا كمشاهدة ومتابعة للسياسة اريد أن ارى تاتشر وهي تحكي سيرة حياتها
السياسية لا الخاصة التي لا تهمني اطلاقاً»، وأعطت الفيلم سبع درجات.
ميريل المبدعة
في النهاية تظهر تاتشر الشابة الجميلة، وبعدها وبشكل مفاجئ تظهر صاحبة
نفوذ وسلطة، وأخيراً عجوزا لا تستطيع تدبر شؤون نفسها.. حكاية سياسياً لا
يمكن ان تشبه تاتشر.
حمزة علي (22 عاماً) الذي دفعه الفضول إلى مشاهدة الفيلم قال «اداء
ميريل ستريب اهم شيء في الفيلم، وكل الحكاية لم تعنيني لأن فيها محاولة
بائسة للاستعطاف» مانحاً اياه 10 درجات.
واثنى زيدان الابراهيمي (39 عاماً) على أداء ستريب، واصفاً إياها
بالأسطورة «لم تنجب السينماالعالمية مثلها، كان اداؤها هو الحلقة التي جمعت
كل التفاصيل التي قد تكون مغيبة او غائبة اصلاً» ومنح الفيلم 10 درجات.
وأشادت شهد قاسم (40 عاماً) بأداء ستريب «هذه الفنانة اليسارية
استطاعت ان تجسد اشد الشخصيات اليمينية المتطرفة في التاريخ، وهذا في حد
ذاته إبداع»، مانحة الفيلم 10 درجات.
جوائز
حصدت ميريل ستريب جائزة «الغولدن غلوب» أحسن ممثلة في الدراما عن
دورها في فيلم «المرأة الحديدية»، الذي جسدت فيه شخصية رئيسة الوزراء
البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، وبذلك فقد أضافت جائزة جديدة إلى سجلها
الحافل بالجوائز، وتعتبر جوائز «الغولدن غلوب» الترشيح غير الرسمي لجوائز
الأوسكار.
دفاع «التاتشرية»
أثار فيلم «المرأة الحديدية» الكثير من الجدل بسبب غضب «التاتشرية»،
خصوصاً المشاهد التي أظهرت أثر خرف الشيخوخة وأعراض مرض الزهايمر على رئيسة
الوزراء السابقة تحديداً في المشهد الذي ظهرت فيه في مطبخها، وهي تظن أنها
تتحدث إلى زوجها المتوفى دينيس.
ودافعت ميريل ستريب عن الفيلم، وأكدت أنه اتسم بالموضوعية، خصوصاً في
ما يتعلق بنهاية مشوار تاتشر السياسي، وما فعلته بها الشيخوخة من تراجع في
قوتها. وأوضحت ستريب في تعليق لها أدلت به لـ(بي. بي. سي) انه «يجب على
كبار السن ألا يخافوا من الشيخوخة، فالهرم لا يجب أن يرتبط بأي وصمة عار
فهذه هي الحياة وهي الحقيقة»، مشيرة إلى انها ترددت في قبول الدور لأسباب
سياسية، لأنها أقرب إلى الفكر اليساري على عكس المرأة الحديدية.
مؤامرة روسية
تزامن العرض الأول لفيلم «المرأة الحديدية» مع ملفات سرية بريطانية
أذنت بنشرها دائرة المحفوظات الوطنية، كشفت أن تاتشر كانت هدفاً لمؤامرة
اغتيال على أيدي القوات الروسية الخاصة في ذروة الحرب الباردة. ونقلت
«صنداي ميرور» عن الملفات أن القوات المعروفة باسم «سبيتسناز» أرادت قتل
تاتشر قبل أن تتمكن من توجيه ضربة نووية في حال اندلاع مواجهة بين لندن
وموسكو. وأضافت أن رئيس الاستخبارات وقتها أنطوني أكلاند، حذّر تاتشر في
تقرير أعده عام ،1981 بعد حصوله على معلومات من ضابط منشق من الجيش الروسي
هرّبه جهاز الأمن الخارجي البريطاني (أم آي 6)، وأشار إلى أن الضابط ابلغ
أكلاند أن وحدة روسية موجودة على الأراضي البريطانية بمهمة استطلاعية وتخطط
لشن هجمات على شبكات السكك الحديدية والطرق ومحطات الطاقة، فضلاً عن إطلاق
أسلحة كيميائية أو جرثومية قبل أن تنفذ هدفها الرئيس، اغتيال تاتشر.
تعاطف
لطالما لعن الأرجنتينيون رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت
تاتشر لقيادتها بريطانيا لخوض حرب جزر فوكلاند ضد بلادهم، لكن الصورة تغيرت
بفضل فيلم سينمائي.. فقد تولد شعور جديد بالتعاطف معها عندما شاهدها رواد
السينما في الارجنتين في صورة المرأة الضعيفة والعجوز التي تعاني خرف
الشيخوخة في الفيلم الجديد.
يذكر أن مارغريت تاتشر كانت أول امرأة بريطانية تتسلم منصب رئيسة
وزراء، ومدة حكمها هي الأطول منذ عهد روبرت جنكنسون الذي انتهى عهده عام
1827 واختيرت تاتشر رئيسة لحزب المحافظين سنة ،1975 وأصبحت رئيسة للوزراء
بعد أن تمكن حزبها من هزيمة حزب العمال في الانتخابات العامة التي جرت سنة
.1979
أبطال العمل
ميريل ستريب
ولدت ميريل ستريب عام ،1949 درست الدراما في جامعة يال، وتخرجت فيها
عام ،1971 وتعد الممثلة الأكثر ترشيحاً في تاريخ جوائز الأوسكار بـ 17
ترشيحاً، فازت باثنين منها. الأولى جائزة أفضل ممثلة ثانوية عام 1979 عن
دورها في فيلم «كرامر ضد كرامر»، والثانية جائزة أفضل ممثلة رئيسة عام 1982
عن دورها في فيلم اختيار صوفي. تعتبر ميريل ستريب واحدة من أفضل الممثلات
على قيد الحياة حاليا، تعرف بقدرتها العجيبة على اتقان جميع اللهجات وإن
كانت تكرر دائماً أنها تقوم بذلك بفضل مساعدة مدربي اللغات الذين تتعامل
معهم. تميزها في العديد من الأدوار جعلها تستحق لقب الأسطورة الحية.
جيمس برودبنت
ولد جيمس برودبنت عام 1949 في بلينكولن لينكولنشاير في انجلترا، وهو
الابن الاصغر لصانع اثاث، درس جيمس في مدرسة داخلية كويكرز لتعلم القراءة
قبل التحاقه بمدرسة الفنون ومع تعلق قلبه بالتمثيل التحق بأكاديمية لندن
للموسيقى والفنون المسرحية وعقب تخرجه عام .1972 بدأ حياته الفنية على
المسرح الوطني وعمل بشركة شكسبير الملكية ثم عمل بالتلفزيون وقدم اول
أعماله في عام ،1978 وأصبح معروفاً لجمهور السينما العالمية عام 1990 عندما
قام ببطولة فيلم الحياة «لييز»، تزوج باناستازيا لويس عام .1987
أوليفيا كولمن
ولدت أوليفيا كولمن عام ،1974 وهي خريجة جامعة (كامبريدج). بدأت
مشوارها الفني عام 2000 بمسلسل «الملاكم»، وظلت تتألق في العديد من
المسلسلات حتى قدمت أول أفلامها عام 2005 تحت اسم «زيمانوفا لود» في حين
كان أشهر أفلامها «تيرانوصور» عام .2011
ريتشارد جرانت
ولد ريتشارد جرانت عام ،1957 درس ريتشارد اللغة الإنجليزية والدراما
في جامعة كيب تاون بجنوب افريقيا، فوالده وزير التربية والتعليم بمستعمرة
بريطانية بسوازيلاند قبل الاستقلال عام ،1968 تنوعت أدوار ريتشارد الفنية
وقد حصل على لقب سير، تزوج بجوان واشنطن عام 1986 ولديهما طفلان.
قالوا عن الفيلم
«الفيلم رائع من ناحية التمثيل، لكن ما كان يجب إنتاجه الآن». يعني
أنه كان يتعين إنتاج الفيلم بعد وفاة تاتشر. إن ميريل ستريب قامت بعمل فني
رائع، وأضاف كاميرون «فيلم يركز أكثر على الشيخوخة - والخرف بدلاً من أن
يكون عن رئيسة وزراء مذهلة». رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون
- «من المحتمل أن تحصل ميريل ستريب على جائزة الأوسكار على أدائها
الرائع، لكن هناك مزيداً من التركيز على خرف السيدة تاتشر، ولا يوجد تركيز
كافٍ على قصة حياتها وإنجازاتها». عضوة البرلمان عن حزب المحافظين لويز
مينش
- إن «الخلاف الحقيقي هو في طريقة تصوير هوليوود لتاتشر، وما لم
نشاهده في الفيلم حصل فعلاً في مبنى البرلمان، والفيلم لا يعكس التاريخ
ويجب ألا ننسى هذا». الناقد السينمائي نيل شون
- «رغم أداء ستريب الرائع شعرت بعدم الارتياح إزاء المشاهد التي صوّرت
مرضها، لكنه بلا شك عمل فني ضخم، ومثير للجدل». وزيرالدفاع البريطاني
الأسبق والحليف المقرب من تاتشر مايكل بورتيلو
-«قصة خيالية من نسج خيال اليسار». مارك وكارول نجلا تاتشر التوأمان:
الإمارات اليوم في
13/02/2012
زوم
تعميم البعد الثالث قبل حضور الروائح على الشاشة...
بقلم محمد حجازي
حرب النجوم، التايتانيك، وأكثر من شريط كرتوني لامع، يعاد إنجازها
للعرض لكن بنظام البعد الثالث (3D).
لا نقاش في أهمية التقنية وتطوّرها جنباً إلى جنب مع الفن السابع، لكن
السؤال البديهي لماذا لا تترك الأفلام التي نفذت بتقنية عصر معين، وعام
معين على حالها ونظل نواكب الجديد مع تقنيات جديدة، وإلا تحول هذا الجانب
إلى موضوع جدل كما حصل مع تلوين الأفلام القديمة والتي كانت صوّرت بالأبيض
والأسود حيث قامت حملات مضادة ورافضة لكل هذا المناخ من مخرجين عريقين
طالبوا بالحفاظ على الإرث الأول، يتقدمهم مارتن سكورسيزي الذي لم يكتف
بالدفاع بل هو صوّر شريطاً بالأبيض والأسود بعنوان (Hugo) من بين أبرز المرشحين لنيل الأوسكار وهو
يحكي عن حقبة حياة وسينما جون ميلوس أوائل القرن الماضي.
إنه إستفهام بسيط: لماذا لا تبقى الأفلام التي صورت سابقاً على حالها
لكي نأخذ منها العبرة في كل شيء من عصرها، وتفاصيل ما كان معتمداً في العمل
السينمائي في حينه، ولا بد هنا من إيراد موقف لــ جيمس كاميرون في هذا
الإطار حين قال:
هناك مشاهد أردتها أقوى في التايتانيك ولو كان نظام البعد الثالث
متوفراً عندها لأدهشت المشاهدين أكثر، وهذا من سيرونه في النسخة الجديدة،
فالسينما مادة غير محدودة بشيء وعلينا أن نتصالح مع أنفسنا ونعترف أنه في
كل يوم يوجد ما هو جديد في هذا العالم الساحر.
على كل حال لم يغب مثل هذا الموقف عند سبيلبرغ وهو يتحدث عن عمله (Tintin) فهذا المبدع في مجال الفانتازيا إعترف هو الآخر بأن التقنية الجديدة
تجيء لفتح أسبار جديدة في مسار هذا الفن الجميل والذي لن يكف يوماً عن
الإدهاش، بدليل السعي الحثيث منذ سنوات لإيجاد أماكن لفاقدي البصر في
الصالات العالمية كي يشاهدوا بالسمع والشرح والمؤثرات المرافقة أي فيلم
يريدون، وهذه الخدمة دخلت الدول الغربية من الباب المغربي حيث بوشر
اعتمادها في صالات كازابلانكا وسط فرحة عارمة لدى العميان الذي باتت تتوفر
لهم مقاعد خاصة لكي يتابعوا الأفلام كما أي شخص عادي.
لا ننكر على البعد الثالث إقتحامه الفن السينمائي بقوة، كما لا ننسى
أن أول فيلم من هذا النوع شاهدناه، كان لــ بروس ويليس في إحدى صالات سينما
سيتي، وما إن وضعنا النظارات السوداء الخاصة بالمشاهدة حتى رحنا نحمي
عيوننا ورؤوسنا من الرصاص المباشر الذي بدا وكأنه موجّه إلينا بشكل شخصي
جداً.
كما نشير إلى إعتبار زملاء ومشاهدين عاديين لهذه النظارات جزءاً من
لعبة للصغار يفترض ألا يهتم لها الكبار، وهناك كثيرون ممن ينتزعونها خلال
المشاهدة حيناً لمعرفة الفارق بين وضعها وعدمه، وحيناً أخرى لتحديد الفارق
بين النموذجين.
إنها تقنية إضافية وحسب، ولا شك أن نقاء الصورة يذكرنا بنقاء الصوت
والمؤثرات في الدولبي ثم الديجيتال، وهي محسِّنات مشكورة يفترض بنا أن
نباركها ونواكبها ونعمل على تعزيزها، فهي التي ستدلنا على جديد مختلف في
المستقبل القريب أيضاً، فالحكايات كثيرة ولا تتوقف عندما قيل عن أن المشاهد
في الصالة لاحقا ستتاح له فرصة أن يشم الروائح من الفيلم، فإذا كانت هناك
زهور، أو أشجار، أو معامل سيارات، أو شحوم أو حيوانات فإن هذا المناخ سيزكم
أنوف الحاضرين في الصالات من دون مراعاة من عندهم حساسية معينة لمثل هذه
الروائح أو لبعضها.
ألم نقل لكم إن الوافد إلينا من الابتكارات يحتاج إلى أعصاب متينة
ورحابة صدر وإستيعاب..
عروض
تصفيات بالجملة لعملاء الـ «سي آي إي» في
شوارع «كيب تاون»
(Safe
House)
مع الثنائي واشنطن - رينولدز يديرهما السويدي أسبينوزا...
إنتاج أميركي صوّر في جنوب أفريقيا، بإدارة المخرج السويدي دانيال
آسبينوزا مع عدة نجوم يتقدمهم دانزل واشنطن في دور توين فروست، وريان
رينولدز في شخصية مات واستون، وكلاهما في الـ «سي آي إي»، لكن في كيب تاون
- جنوب أفريقيا التي يبدو أنها تعج بالعملاء، وهذه المرة أكثر من كل مرة،
فهناك لائحة مفصلة تتضمن أسماء جميع الحضور، وكل واحد ما هي التهمة الموجهة
إليه ما بين فساد، ومعالجة سلبية سيئة لبعض المشاكل التي يواجهونها.
هذا يعني جواسيس يطاردون جواسيس آخرين.
(Safe House)
هو عنوان الشريط المليء بالحركة، وعمليات القتل والمواجهات المدمرة بين
رجال لا يرحمون أبداً، وكل ما يفعلونه مفاجئ تماماً وحاسم جداً جداً كيف
لا، وهم مدربون على ذلك..
عميل شاب هو مات يكلف بإعتقال زميل مخضرم له يدعى فروست في محاولة
لطي صفحة سوداء قادرة على خراب بيوت الجميع في الوكالة لأن معظمهم مؤرخون
في صفقات مختلفة، وعمليات غير شرعية، وكل هذا موثق بالصوت والصورة والتاريخ
والمرجعيات، فإلى أين سيتمكن المعنيون من الهرب؟
إذن يتحول فروست إلى مطلب عام يريده الجميع في المقر العام بــ لانغلي
- فرجينيا، كما في كيب تاون حيث تجري عملية تطويقه واخضاعه لكي تنتهي مسألة
تخويفه الجميع بلائحته المرعبة التي جعلت مسؤولين كبيرين من الوكالة (ميرا
فارميغا) و(سام شيبارد) يفاوضان على حياتهما ثم قتلا كل بطريقة مختلفة.
ينقلب مات ضد الوكالة بعدما وجد أن في لائحة فروست ما هو جدير
بالإعلان، لكي يتم تنظيف هذه المؤسسة الكبرى من كل الأدران ومنع تراجع
سمعتها في الخارج.
كل متضرر من اللائحة أرسل أو كلف من يثق به لكي يحاول الاقتصاص من
الرجل واستعادة الثقة بالنفس. لذا كانت المشاهد فجائية على الدوام، أينما
تواجد فروست وجد من يطبق عليه، ويوقع قتلى، ثم ينجو، وضمن هذا الإطار خسر
الرجل صديقاً له مع عائلته في كيب تاون عندما قصده لكي يؤمّن له جواز سفر
مزوراً يقدر معه على مغادرة البلاد من دون أن يؤذيه أحد.
عين مات كانت معه وعليه أينما حل، لذا كان دائما يؤمّن له وسيلة
النجاة إلى أن علق وسط دوامة نارية، وكثرة من المسلحين المدججين عندها سقط
فروست ونجا مات مع اللائحة التي حملها وحاول المفاوضة عليها مع المسؤول
البارز (شيبارد) لكنه لم يطلعه سوى على بعض ما جاء فيها فحاول إقناعه بأن
يكون اتفاق على نشر بعض الأسماء وترك أخرى لأن هناك أمناً قومياً وما شابه
في هذا الإطار.
عندها عرف مات أن الأمور تحتاج إلى قرار فأرسل كامل اللائحة إلى الصحف
والمحطات التلفزيونية الرئيسية لكي يثبتوا كامل المعلومات ولكي تقوم
السلطات المختصة بأخذ دورها في إعتقال المتورطين في جرائم وصفقات واضحة مع
كامل التفاصيل المطلوبة.
إيقاع الشريط جيد.
إنه لاهث من أول لقطة إلى آخر واحدة على امتداد الفيلم، تماماً مثل
حال المخابرات وصورتها عند الناس كعمل سري مدته 115 دقيقة، توزعه يونيفرسال
وهو صوّر بالكامل في كيب تاون - جنوب افريقيا، مع 13 مساعد مخرج وخبيري
مؤثرات خاصة ومشهدية: كورديل ماكوين، وسيمون هوغز على رأس فريق كبير من
التقنيين جعلوا اللقطات الصعبة، حقيقية جداً.
شارك في أداء باقي الأدوار: بريندان غليسون، روبرت باتريك، ليام
كوننيغهام، جويل كينامان، فارس فارس.
حدث
«فندق بيروت» على شاشاتنا في 16 الجاري
سبقته حملة دعائية تخدمه على الشبَّاك...
خلال أيام.. في السادس عشر من الجاري يعرض شريط: فندق بيروت، للمخرجة
دانييل عربيد، على الشاشات اللبنانية، بعدما سبقته حملة دعائية خدمت
الترويج لمشاهدته على خلفية أن بطل الفيلم الفرنسي شارلز بيرلنغ يعرف من
شاب لبناني (يلعب دوره فادي أبي سمرا) بأنه يملك معلومات عن جريمة إغتيال
الرئيس الشهيد في 14 شباط/ فبراير عام 2005.
هذه العبارة رفضتها الرقابة، فكان نقاش أحياناً مباشر، وأحياناً أخرى
عبر وسائل الإعلام رفضاً لاقتطاع أي مشهد أو عبارة من الشريط، وخصوصاً أنه
سبق وعرض في العديد من المهرجانات السينمائية الاقليمية والعالمية، لا بل
هو عرض على شاشة (ARTe) (الالمانية - الفرنسية) في نسخة كاملة، ومع ذلك فإن محبي السينما
وفاهمي طبيعتها أرادوا إنتظار عرضه على الشاشات العربية لكي يصلهم بكامل
قوته، وخصوصيته كعمل سينمائي.
وظل التركيز على هذا الجانب من الشريط إعلامياً، بينما أثيرت قضية
أخرى ضد بطلة الفيلم اللبنانية دارين حمزة، وهي ممثلة مجتهدة وحاضرة بقوة
على الشاشتين، وقد أمضت عدة سنوات تعمل في مسلسلات سورية، وشاركت في أفلام
إيرانية عديدة، ثم عادت إلى لبنان وشاركت في العديد من الأعمال آخرها حلقات
كوميدية بإدارة المخرجة رندلى قديح، مع كريستينا صوايا وآنجو ريحان.
ولسنا هنا في معرض معرفة من تنازل للآخر، الفيلم أم الرقابة، فالأجدى
معرفة أن الفيلم حافظ عى هيكليته لكي يقدم كما هو، خصوصاً ما أثير عن مشاهد
عاطفية حارة بين دارين وشارلز، ولا ندري لماذا تثار مثل هذه القضية دائماً
كلما شاركت ممثلة لبنانية ممثلاً أجنبياً البطولة..
ما يجري مجرد تمثيل، ومن هذا المنطلق لا يحق لأحد أن يحاسب أو ينتقد
الممثلة، وإلا لكنا أعدمنا معظم الممثلين والممثلات على شخصيات سلبية
لعبوها على الشاشة.
مناسبة
عيد الحب... بلا حب على الشاشة:
مشكلة عصر.. أم مزاجية إنتاج..
إن لنا ذكرى أليمة، موجعة جداً، لا يُمحى أثرها من القلب والوجدان
بتاريخ الرابع عشر من شباط/فبراير.. وهي إغتيال الأمل الذي لاح في سمائنا
الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
لكن رمزية أخرى حاضرة في السياق وتتعلق بمناخ سان فالنتاين، وموضوع
الرومانسية، وهو الغائب تماماً عن نتاجنا الفني عموماً والسينمائي خصوصاً
ربما لأن مزاج الناس ليس جاهزاً لتقبّل هذا النمط حالياً، مفضّلاً
الكوميديا لكي ينسى أو الأكشن إنسجاماً مع عصر السرعة الذي نعيشه.
المشكلة هي في انعدام وجود هذا النمط في يومياتنا، يعني هناك كل أنواع
الصداقات، والخيانات، واللهو والعبث، من دون أي ذكر للحالة العاطفية
الراقية التي تنبع من القلب فقط، غابت حتى الثنائيات التي تقرب القلب من
القلب، واستعيض عنها بمشاهد تقرب الفم من الفم، دائماً هناك الغريزة، ولا
وجود أبداً لعامل الروح.
لقد نسينا العهود المتعاقبة على الشاشات، مع النمط القديم والحب
الخالص لــ فاتن حمامة مع عمر الشريف أو عماد حمدي أو حليم أو أي فنان كبير
آخر عشنا حقبة من اللمعان الروحي لم نعد نواكب مثيلاً لها في أي نتاج يطلع
علينا من وقت لآخر.
ولاحقاً جاءت حقبة الثلاثة من فرسان الشاشة: محمود عبد العزيز، نور
الشريف، وحسين فهمي، وهم حكموا السينما لسنوات وكل منهم أسهم برصيد معين في
هذا المناخ أثمر لاحقاً ما عرفته السينما من مودة وتواصل مع الجمهور الذي
راح يتذكر العصر الذهبي، وما كان يبث للناس حتى يجيدا أكثر هذا النمط من
التعاطي الراقي.
ووصلت الأمور حالياً إلى مرحلة العبث واللامسؤولية في صياغة العلاقات
العاطفية بين الجنسين تحت مسمى: واقعية العصر والعلاقة الحرة بين الطرفين،
فغابت الروحانية في السياق المادي لمثل هذا التواصل.
يعني يحل عيد الحب.. ولا حب على الشاشة.
اللواء اللبنانية في
13/02/2012 |